مساواة
المساواة Equality، هي التطابق والمماثلة بين الأفراد في الحقوق والواجبات بمقتضى القاعدة القانونية التي تنظم العلاقات الاجتماعية، وتحتل المساواة مكاناً مرموقاً ضمن المنظومات الحقوقية للدول المعاصرة لأنها تعد شرطاً للحرية، لذلك يعدّ بعض الفقهاء حتى المساواة هي أول الحقوق وأساسها. وهي عنصر أساسي لبناء دولة القانون، لذلك فقد احتلت المساواة مكاناً بارزاً في النظم الدستورية المقارنة.
أنواع المساواة
للمساواة أنواع مختلفة ومتعددة، إذ إنها تتنوع وفقاً لمضمونها وغاياتها، وتتجلى هذه الأنواع وفقاً لما يأتي:
- المساواة أمام القانون: ويتجلى هذا النوع من المساواة من خلال التزام الجهة المختصة بسنِّ قاعدة القانون، بحيث لا ترتكب تمييزاً ومحاباة بين المخاطبين بها، وبوجوب حتى تعامل جميع المراكز المتماثلة بطريقة متطابقة، ومن خلال الالتزام الواقع على عاتق الجهات التي تطبق القاعدة القانونية، بأن لا ترتكب تمييزاً بين الخاضعين للقاعدة القانونية لا تنص عليه هذه الأخيرة.
- المساواة أمام القضاء: تعني المساواة أمام القضاء، وممارسة جميع مواطني الدولة حق التقاضي على قدم المساواة أمام محاكم واحدة، ومن غير تمييز أوتفرقة بينهم، بسبب الأصل أوالجنس واللون أواللغة أوالعقيدة أوالآراء الشخصية، ويتفرع من مبدأ المساواة أمام القضاء النتائج الآتية:
أ- وحدة القضاء: ويقصد بذلك حتىقد يكون التقاضي لجميع المواطنين أمام القضاة أنفسهم الذين هم من الدرجة نفسها، مما يفرض بدوره عدم وجود محاكم خاصة أواستثنائية لأفراد معينين بذواتهم، أولطوائف أوطبقات اجتماعية محددة.
ب- المساواة أمام التشريعات والعقوبات المطبَّقة: ويتمثل ذلك بضرورة تحقيق المساواة بين المتقاضين بالنسبة إلى القوانين التي تُطبّق عليهم فيما يثور بينهم من منازعات، وتوقيع العقوبات ذاتها المقررة للجرائم نفسها على جميع مرتكبيها.
ج- مجانية القضاء: فلكي تتحقق المساواة أمام القضاء، يجب حتىقد يكون اللجوء إليه مجانياً، إلا حتى ذلك يعد حتى اليوم مسألة نظرية؛ لأن وسائل اللجوء الى القضاء مكلفة في كثير من الأحيان، ولاسيما فيما يتعلق بالنفقات القضائية وأتعاب المحاماة.
- المساواة في استخدام المرافق العامة: فما دام المرفق العام نشاطاً تمارسه جهة عامة في سبيل إشباع حاجة من الحاجات التي تحقق المصلحة العامة، وطالما كان المرفق العام بطبيعة وجوده خدمة للمجتمع ولمصلحة الجميع، فمن الطبيعي لذلك حتى يتساوى في استخدامه الجميع من غير تمييز أيّاً كان سببه.
- المساواة في نطاق الوظائف العامة: إذ يجب حتى يتساوى الجميع في الدخول إلى سلك الوظيفة العامة في نطاق الرواتب والأجور والترقيات والعلاوات، طالما كانت مراكزهم القانونية واحدة.
- المساواة في استخدام الأموال العامة: ولأن المال العام مخصص للنفع العام فهويُستخدم حتماً من قبل الجمهور، وهوما يُطلق عليه اصطلاحاً تسمية الاستعمال العام للمال العام، وهويقوم بصفة أساسية على مبدأ مساواة المنتفعين، أي المساواة بين جميع مستخدمي المال العام، ومن ثمّ فإن جميع الأفراد يجب حتى يُعاملوا على قدم المساواة في هذا المجال، ماداموا قد تساووا في مراكزهم القانونية.
- المساواة في التكاليف والأعباء العامة: إذا تعبير التكاليف العامة charges publiques يعني جميع النفقات التي تدفع ضمن مصلحة جميع أفراد المجتمع، ومن ثم فإن نفقات الدولة وأعباءها تأخذ معنى واحداً في هذا النطاق، إذ بحاجة إلى موارد كافية لتغطيتها، وهذه الموارد يجب حتى تُوزع على جميع أفراد المجتمع على قدم المساواة، ما دامت تُدفع في سبيل مصلحتهم جميعاً، لذلك لا يجوز حتى يتحملها بعض الأفراد من دون بعضهم الآخر.
تطور مفهوم المساواة
حين نشأ نظام الحرية الاقتصادية التقليدي كان يفرض حرية المبادلات وحرية التجارة، وأن يقتصر دور الدولة على حماية النظام الحر للمعاملات والمبادلات التي يقوم عليها النظام الاقتصادي، إلا أنّ مبدأ الحرية الاقتصادية على النحوالمذكور، قاد إلى الظلم الاجتماعي لانعدام المساواة الحقيقية بين الأفراد وجعلها فرضية نظرية بحتة، فالمساواة لا تتحقق إلا بتسليح أطراف العلاقات القانونية الاقتصادية بسلاح مماثل، ثم هجرهم يتنافسون في معركة الحياة، بيد حتى الناس في المجتمع الفردي غير متساوين في الظروف أوفي الكفاءات الطبيعية أوفي القوة الاقتصادية؛ لذلك كان لابد من تدخل المجتمع أوالسلطة لتلافي هذه الاختلالات الناشئة من فرضيات الحرية الاقتصادية المطلقة، لذا اتجهت التشريعات المعاصرة الى وضع الحريات الاقتصادية في تنظيم دقيق وقيود عديدة؛ مما أسهم في ايجاد جملة من الحقوق الاجتماعية التي تجد أساسها في الرغبة بتحرير الضعفاء اقتصادياً من سيطرة الملاك وأرباب الأعمال، وإيجاد نمط من المساواة العملية ضمن العلاقات القانونية.
المساواة في القانون الدولي العام
بالرغم من حتى تنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس المساواة في الحقوق فيما بينها يعد مبدأً أساسياً من مبادئ القانون الدولي العام، على نحوما اتى في المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، وعلى الرغم من حتى ديباجة الميثاق المذكور قد أقرت بالمساواة بين الأمم كبيرها وصغيرها، وعلى الرغم من حتى مبدأ المساواة في السيادة بين الدول من المبادئ الرئيسة في إطار العلاقات الدولية، إلا حتى الواقع الدولي، يعكس خلاف ذلك، فالقوة العسكرية والاقتصادية للدول هي الفيصل في تحديد مسار العلاقات الدولية؛ لذلك فإن تنامي القوتين العسكرية والاقتصادية لبعض الدول أوجد خللاً خطيراً في المساواة العملية على صعيد المجتمع الدولي، ويتجلى هذا مثلاً في حتى الميثاق ذاته منح الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حق النقض «الفيتو»، وهويخل بمبدأ المساواة أيما خلل؛ إذ يمكّن أياً من هذه الدول دائمة العضوية حتى ترفض أي مشروع قرار يُعرض على المجلس حتى لونال الأغلبية اللازمة لإقراره، أضف إلى ذلك أنه في السنوات الأخيرة أضحت دولة عظمى واحدة (الولايات المتحدة) قادرة على فرض إرادتها على العالم أجمع ولوعلى حساب مصالح هذا العالم كله أوجلّه.
المصادر
- ^ مهند نوح. "المساواة". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-12-15.
قراءات إضافية
- محمد عزيز شكري، المدخل الى القانون الدولي العام (منشورات جامعة دمشق، 1990).
- عبد الغني بسيوني عبد الله، مبدأ المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي (منشأة المعارف، الإسكندرية 1983).
- محمد عبد اللطيف، الضمانات الدستورية في المجال الضريبي (مطبوعات جامعة الكويت، 1999).
- N.B.FRIER, Le principe d’égalité, (A. J. D. A 1998).
- G.PELLISSIER, Le principe d’égalite en-droit public (L.G.D.J, Paris 1996).
- M.VILLIERS, Dictionnaire de droit constitutionnel (A.Colin, Paris 1999).