الحداد يصبح إلكترا
| ||||||||||||||||||||
|
شغل هوس الكثير من كتّاب المسرح الأميركيين - والكتاب الأمريكيين في شكل عام - بالحياة العائلية، دارسين ونقاداً كثراً، لفت أنظارهم حتى ذلك الهوس وصل الى ذروته خلال الربع الثاني من القرن العشرين.
تبدّى ذلك بخاصة في حقب تدور حول الأزمة الاقتصادية الكبرى، التي كانت تكمن في خلفية تلك التطورات التي شهدتها البنية العائلية الأميركية، إذ راحت تفقد استقرارها الذي كان مضموناً، ويتحول الأب الى عاطل من العمل، وبالتالي الى سكير لا يهتم بعائلته. وانطلاقاً من مثل هذه الملاحظات يمكننا ان نلاحظ، بدورنا، كيف من الممكن أن ان الواقعية الاجتماعية راحت تهيمن على الكثير من النتاجات الإبداعية، في شكل لم يكن له مثيل من قبل، وربما - بخاصة - بالتضاد مع «أوهام» الحلم الأمريكي الذي كان، هو، قد هيمن على عقلية تلك الأمة منذ تأسيسها. وفي هذا السياق يجدر بنا ان نلاحظ، أيضاً، كيف من الممكن أن ان كتاباً من الذين كانوا تميزوا بشاعرية، تبعدهم بعض الشيء عن الواقع، وربما أيضاً بتعبيرية ذات مزاج كوني يتجاوز الانحصار في البعد الأميركي الخالص، وجدوا ذات لحظة ان لا مناص لهم من حتى يعبّروا عن أنفسهم، ضمن إطار التعبير عن نظرتهم المباشرة الى الواقع المحيط بهم. وكان في مقدم هؤلاء، يوجين أونيل، الذي نراه بعد عقود من نجاحات مسرحية كبيرة تتحلق من حول توجه رمزي وشاعري - من دون حتىقد يكون بعيداً من تناول القضايا الاجتماعية الجوهرية - نراه متجهاً مباشرة صوب الواقع الاجتماعي ينهل منه في توجه، كان في الحقيقة مؤسساً لما سار عليه «خلفاء» له من أمثال آرثر ميلر، وتنيسي وليامز، وربما أيضاً إدوارد ألبي، ولكن تبعاً لحساسية أكثر حدة.
غير ان اللافت بعض الشيء في توجه يوجين أونيل - في عام 1931 تحديداً، وهوتاريخ مهم، إذ انه العام الذي بدأت تتبلور فيه، في الذهنيات الأمريكية، آثار أزمة 1929 الاقتصادية، إذ تنتقل تلك الآثار من الحيز الاقتصادي، الى الحيز الاجتماعي داقة ناقوس الخطر للحلم الأميركي في شكل جدي هذه المرة - اللافت هوحتى يوجين أونيل، حين أراد حتى يدلي بدلوه في التعاطي مع الواقع الاجتماعي - العائلي مباشرة، رأى حتى أفضل ما يعمله انما هوالعودة الى المسرح الإغريقي القديم، واجداً لديه موضوعه وإلهامه، وذلك على عكس ما عمل وما سيعمل أقرانه وخلفاؤه إذ عادوا الى الواقع الاجتماعي الأميركي نفسه، وفي أحيان كثيرة الى سيرهم الذاتية.
حدث هذا بالنسبة الى يوگين أونيل حين خط مسرحية «الحداد يليق بألكترا»، التي يرى كثر انها أبرز مسرحياته وأشهرها. وهواختار للتعبير عن رؤيته الاجتماعية، انطلاقاً من هنا، تاريخين يستقي منهما: التاريخ الاسطوري المسرحي الاغريقي، كمصدر الهام واقتباس. ثم التاريخ الأميركي نفسه، إذ موضع أحداث «الحداد يليق بألكترا» في حقبة ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية - ستينات القرن التاسع عشر - وفي منطقة نيوإنگلاند، في الشمال الشرقي الأميركي. غير ان اختيار هذين التاريخين (تاريخ الجذور، وتاريخ الأحداث) لم يكن في وسعه حتى يخدع أحداً. ان اونيل يتحدث تحديداً وبكل وضوح عن أميركا ثلاثينات القرن العشرين. أما الرجوع المزدوج الى الوراء فلعبة فنية تستتبع «شاعرية» وهمية دورها حتى تضع المسرحية في الخط الفني العام لإنتاج هذا الكتاب.
جعل يوجين أونيل من مسرحيته هذه ثلاثية، مستقاة مباشرة من ثلاثية «اورسثيا» لإسخيلوس. وبهذا ابتكر واحدة من أطول المسرحيات في الأدب الاميركي: إذ بلغ زمن العرض الإجمالي لهذا العمل ما يقرب من ست ساعات. وهي قدمت للمرة الأولى من جانب فريق «گيلد ثياتر» في السادس والعشرين من عام كتابتها 1931. وقد وزع يوجين أونيل أحداث الثلاثية والساعات الست - أوتقل قليلاً - على ثلاثة عشر فصلاً، أتت على الشكل الآتي: القسم الأول عنوانه «العودة الى الديار» (4 فصول)، القسم الثاني «المطارد» (5 فصول)، والقسم الثالث والأخير «المأخوذ» (4 فصول)... أما المناخ العام الفكري للعمل، فأتى مستقى مباشرة من نظريات فرويد، إذ طبقها يوگين أونيل على المأساة الاغريقية مضفياً عليها راهنية مدهشة، هوالذي رأى حتى بحوث فرويد هي خير ما يمكن الاستعانة به لمعالجة أمور مثل الزنى وتفكك العلاقات بين الأجيال، وحب المحارم، وصولاً الى الانهيار الأسري (انهيار أسرة مانون الذي هوموضوع الثلاثية أصلاً). ورأى أونيل يومذاك، كما هوواضح، حتى التحليل الفرويدي، متضافراً مع الواقع الاجتماعي والتاريخي، هوخير وسيلة تمكننا من فهم الحاضر، من دون أي تطلع الى تغييره إذا عز ذلك.
في القسم الأول، وهوأطول الأقسام وأكثرها أهمية (لأنه يؤسس بصلابة لأحداث وعلاقات رأى النقاد ان بعضها قد ينفع جزءاً من اسطورة كلاسيكية، لكنه لا ينفع كثيراً في التعامل مع الواقع حتى في إطار رمزية سيكولوجية)، إذ في القسم الأول، نجدنا في منزل آل مانون الفخم والمتقشف في آن معاً. الكل هنا في انتظار رب البيت وعميد الأسرة إزرا مانون، الجنرال في الجيش الشمالي، والذي كان اصطحب معه الى الحرب، فإلى الفوز على الجنوبيين، ابنه الشاب أورين. وفي المشهد الأول لدينا كريستين، زوجة الجنرال وابنته لافينيا اللتان تنتظران عودة الجنرال المنتصر... ولكن في خلفية ذلك المناخ العائلي الفوزي، ثمة ظل يخيم، سرعان ما سنفهم فحواه. ان ابراهام، ولد ازرا، كان في الماضي طرد من البيت خادمة - مربية - لأنها حملت من أخيه دافيد الذي كان عاشقاً لها. وقد رحل دافيد يومها مع حبيبته التي وضعت طفلهما آدم، الذي أعطي اسم برانت، ثم ما إذا شب عن الطوق وعهد سر أصله، أقسم على حتى يثأر لأبيه من تزمت آل مانون. أما كريستين التي لم يرضها أبداً حتى يعرض زوجها حياته وحياة ابنهما أورين لخطر الحرب، فإنها في غياب الزوج ارتبطت بعلاقة غرامية مع... آدم برانت نفسه. وذلك تحت سمع ابنتها لافينيا وبصرها، والتي لا تحب أمها أصلاً، بل تغار من اهتمام أبيها بها. وإذ تدرك كريستين ان غرامها بآدم بات لا مفر منه، تقرر حتى تقتل زوجها حتى تتزوج بعشيقها. إلى غير ذلك حين يعود ازرا الى البيت ويصطدم بزوجته ينجم عن ذلك أزمة قلبية... تزيد كريستين من حدتها بإعطائه السم بدلاً من الدواء، ما يقضي عليه. وهوأمر تكتشفه لافينيا فتقرر الانتقام لموت أبيها. وهذا ما ينقلنا الى القسم الثاني (المطارد) الذي يبدأ بوصول الابن اورين لدفن أبيه وتندلع معركة بين كريستين ولافينيا للحصول على تأييد أورين واحدة منهما ومساندتها في معركتها ضد الأخرى. وفي البداية ينتصر حب أورين لأمه على شكوك لافينيا إذ تنقل اليه، لكنه بالتدريج يبدأ بالظن بأمه. ويتحول الظن الى يقين حين يحدث له حتى يصغي - سراً - الى الأم وهي تخطط مع عشيقها برانت للهرب. إلى غير ذلك يشعر أورين بالغيرة قبل أي شيء آخر على أمه، وينتظر ذهابها من المكان حتى يقتل برانت. وبعد حتى يعمل، تلتقي لافينيا بكريستين ويدور بينهما حديث حقد وشماتة، يجعل أورين يدرك خطورة ما عمل، وفقدانه حب أمه فيصاب بالجنون.
في القسم الثالث (المأخوذ) لدينا لافينيا التي تتمكن بعد رحلة بحرية طويلة من إخضاع أورين لسيطرتها العاطفية. أما هو، فإن غيرته تنقلب الآن الى غيرة على اخته وهوس بها. إلى غير ذلك حين تخطب لافينيا لبيتر نيلز وهوابن عم لهما، يهددها أورين بفضح الماضي كله أملاً في الإبقاء عليها. لكن لافينيا لم تعد قادرة على الاحتمال والخضوع لعقدة الذنب، وتقرر حتى موت اورين هوالحل الأفضل، فتدفعه الى الانتحار فيما هوينظف مسدسه... ولكن، إذ يحدث هذا تنفجر عواطف لافينيا، وتكتشف ان ليس في وسعها بعد الآن حتى تتخلص من لعنة آل مانون، فتفسخ خطبتها ببيتر نيلز وتأمر بإغلاق نوافذ الدار كلها، لتعيش بقية أيامها في ظلام اجترار الماضي وسط أشباح أهلها.
حين خط يوجين أونيل (1888 - 1953) هذه المسرحية السوداء، كان أضحى فهماً كبيراً من أعلام المسرح الأميركي والعالمي، وهي تحتل الرقم 37 بين المسرحيات الـ45 التي خطها هذا المحرر الكبير المعتبر أحد كبار مؤسسي المسرح الحديث في الولايات المتحدة. وهوإذا كان استبق هذا العمل بمسرحيات كبيرة صنعت شهرته، مثل «آنا كريستي» و«رغبة تحت شجر الدردار» و«القرد الكثيف الشعر»، فإنه من بعد «الحداد يصبح إلكترا» واصل كتابة أعمال كبيرة من أبرزها: «حجرة رجل الثلج» وبخاصة «رحلة النهار الطويلة الى الليل».
ملخص الحبكة
- الشخصيات الرئيسية
- Captain Adam Brant
- Lavinia Mannon
- Christine Mannon
- Brigadier General Ezra Mannon
- Orin Mannon
- Captain Peter Niles
- Hazel Niles
- Amos Ames - A middle-aged carpenter, Amos and his wife Louisa form part of the chorus in Homecoming and The Haunted
- Louisa Ames - Louisa is the wife of Amos. She appears as part of the chorus of local people in Homecoming and has a taste for vicious gossip.
- Doctor Joseph Blake
- Jed
المصادر
- دار الحياة
قراءات أخرى
- O'Neill, Eugene (1931). Mourning Becomes Electra: A Trilogy (First edition ed.). New York: Liveright. OCLC 7257106.CS1 maint: extra text (link)
وصلات خارجية
- الحداد يصبح إلكترا at the Internet Broadway Database
- الحداد يصبح إلكترا at the Internet off-Broadway Database