الصيف ضيعت اللبن
الصيف ضيعت اللبن هومثل عربي شهير يُضرب فيمن ضيع الفرصة وفوت الغنيمة، وهجر المجال الرحب الواسع ولم يكن له من ذكاء عقله ومن شرف نفسه ومن قوة عمله ما يجعله محصلاً لمكاسب دنياه ومدخراً لمآثر أخراه.
هذا المثل خوطبت به امرَأة وهي دَخْتَنُوس بنت لقيط بن زرارة. وكانت زوجة لعمروبن عُدَاس وكان شيخاً كبيراً وشهماً كريماً. فكان يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين. مع حسن معاملة وإجلال وإكرام لكنها كرهتة ولم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها، وانتفاعها منها وحرصها عليها. بل قابلت ذلك بإعراض وتضييع وبجحود وإنكار فكانت العاقبة حتى طلقها، ثم تزوجها غيره وكان جميل الوجة ولكنها لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ولا وجهاً مشرقاً بالسرور، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام.
جْدَبَتْ فبعثت إلى عمروتطلب منه حَلُوبة. فَقَال عمرو"في الصيف ضيعت اللبن"
فلما عاد الرسُولُ وقَال لها ما قَال عمروندمت وتحسرت على ما فات عليها وما ضاع منها.
وإنما خص الصيف لأن طلبها الطلاقَ كان في الصيف. ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة.