سراج الدين البلقيني
سراج الدين البلقيني (724 هـ ـ 11 ذوالقعدة 805 هـ) هوعمر بن رسلان بن نصير بن صالح الكناني، سراج الدين أبوحفص العسقلاني الاَصل، البلقيني المصري، أحد كبار الشافعية.
النشأة
ولد ليلة الجمعه الثاني من عشر من شعبان سنة 724 هجريه، ومات سنة 805 هجريه عن واحد وثمانون عام وشهور. حج بيت الله مرتين سنة 740 هجريه وعام 747 هجريه. حفظ القرأّن الكريم وعمره سبع سنين وهي سن صغيره لم يضارعه فيها إلا أطفال قلائل مثل العلامه ابن حجر العسقلاني كما حفظ البلقينى "المحرر" في الفقه و"الكافيه" في النحولابن مالك ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه و"الشاطبيه" في القراءات, وكل ذلك في بلدته بلقينا. ينطق إذا صالح الجد الثالث لسراج الدين هوأول من سكن بلقينة ولذلك كان لقب البلقيني وهي قرية تابعه لمركز المحلة الكبرى محافظة الغربية بطريق طنطا. ومن المعروف حتى بيت البلقينى بيت فهم وفضل ورياسه وكرم، منهم من دفن بالقرية ومنهم من دفن بعيدا عنها.
في رواية حتى رجل كان على دين يخالف دين الإسلام وكان يريد حتى يتزوج من محرمة عليه فدله الناس على بيت صالح البلقينى فسأله " مسلم أنت يارجل،يا ترى؟ نطق: لا.. فنطق إمضى وإعمل ما شئت فليس بعد الكفر ذنب. كما اتى في كتاب فهماء المحله.
وذكره أيضا العلامه الشيخ عبد الفتاح أبوفهم وهومن نفس القرية التي ولد بها العلامه سراج الدين وكان الشيخ عبد الفتاح أبوفهم يوصى بأهل بلقينا خيرا فهي أرض الفهم والفهماء.
تفهمه
حفظ القرآن وبعض خط النحووعرضها على التقي السُّبكي والجلال القزويني حينما قدم مع أبيه صبياً إلى القاهرة، ثم استوطنها حينما بلغ الحلم. ودرس الفقه على التقي السبكي، والشمس بن القماح، والنجم الاَسواني، والعز بن جماعة.
وأخذ الأصول والعقليات عن: الشمس الاَصبهاني، والعربية والاَدب عن: أبي حيان، والبهاء بن عقيل.
وسمع الحديث عن: الميدومي، وأبي الفرج بن عبد الهادي، وابن القماح، وإبراهيم القطبي، وأبي الحرم القلانسي، وغيرهم.
وأُذن له بالاِفتاء والتدريس، وناب في الحكم عن صهره البهاء بن عقيل، ودرّس بالحجاز وغيرها، وولي إفتاء دار العدل رفيقاً للبهاء السبكي ثم قضاء الشام سنة 769 هـ.
وعاد إلى القاهرة، متصدياً للتدريس والاِفتاء، فذاع صيته، وصار شيخ الشافعية في وقته لا يدانيه أحدٌ في حفظ الممضى.
أخذ عنه: البدر الزركشي، والبرماوي، والاَقفهسي، والتقي الفاسي، والفارسكوري، والولي العراقي، والشمس الشنشي، والسراج قارىَ الهداية وغيرهم.
أولاده
تزوج الشيخ سراج الدين ابنة العلامه الشيخ "ابن عقيل" ولازمته في شبيبته. أما أولاده فقد رزق بعدة منهم أشهر من نبغ في الفهم منهم:
- بدر الدين البلقيني، توفي في حياته سنة 791 هـ
- جلال الدين البلقيني توفي سنة 824 هـ
- فهم الدين البلقيني توفي سنة 868 هـ (تفهم على يديه العلامه جلال الدين السيوطي).
قدومه إلى القاهرة
أتى به أبوه إلى القاهرة وعمره إثنا عشرة سنة. فطلب الفهم ودرس على فهماء عصره من أمثال العلامه "الميدومى" وقرأ الأصول على يد شيخه شمس الدين "الأصفهانى" والنحوعلى يد شيخه "أبى حيان" وقد أذن له بالفتوى وهوابن خمة عشرة سنة.
فاق الأقران والزملاء واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها السليم فقيل إنه "مجدد القرن التاسع الهجرى" وأثنى عليه شيوخه وزملاؤه وهوشاب، وانتهت به دراسة الفهم في أقطار الأرض، وقصده الفهماء والطلاب من جميع صوب، واتته الفتوى من جميع ناحية.
وظائفه
تولى عدة وظائف منها إفتاء دار العدل وسافر إلى دمشق سنة 769 هجريه فباشره مدة قصيره ثم عاد. وفى عام 793 هجريه سافر إلى حلب بصحبة السلطان "برقوق بن أنس العثماني" ودرس بها ثم عاد إلى القاهرة مع السلطان وعظم شأنه، وصار يجلس في مجلس السلطان بجواره وفوق قضاة القضاة، وعكف التدريس والتصنيف وانتفع به عامة الطلبه.
برقوق ابن انس العثمانى هوأول سلاطين دولة المماليك الجراكسة العظماء وهوالذي دافع عن الحضارة الإسلامية ضد الموجه الشرسة الثانية من المغول بعد حتى قتلوا الفهماء والنساء والاطفال في دمشق، فقاد جيشا ضخما وزحف اليهم بالشام، لكنهم فروا خوفا منه وكان خيرا يعطف على الفقراء.
تلاميذه
تتلمذ على يد الشيخ سراج الدين البلقينى تلاميذ كثيرة جدا منهم: حافظ دمشق "ابن ناصر الدين" والحافظ ابن حجر، الذي نطق عنه خرجت له أربعين حديثا عن أربعين شيخا وقع بها مرارا وقرأت عليه دلائل النبوه " للبيهقي فشهد لى بالحفظ في المجلس العام. من تلاميذه أيضا الشيخ "برهان الدين المحدث: الذى نطق عنه رأيته فريد دهره، فلم تر عينى أحفظ منه للفقه ولأحاديث الاحكام.
مدرسته
أنشأ العلامه سراج الدين البلقينى مدرسه بخط "بين السيارج" بحي باب الشعرية الآن بالقاهرة. خرجت ألاف الفهماء وجمع فيها جميع مريديه ومحبيه من نوابغ الطلاب وأوقف عليها الأوقاف الكثيرة مما تفضل الله بها عليه. تفهم في هذه المدرسه أيضا أولاده وأحفاده من فهماء بيت البلقينى وكان ابن حجر أحد طلاب هذه المدرسه ودفن البلقيني بها.
مؤلفاته وحلقاته بالجامع الأزهر
كان لشيخ الإسلام سراج الدين حلقه كبيرة بالجامع الأزهر في الفقه الشافعى وغيره وكان يجلس فيها محبيه وأتباعه. ذلك بالإضافة إلى دروسه في مدرسته المشهوره وله مؤلفات كثيرة منها:
صنف خط لم يتم بعضها مثل:
- "التدريب في الفقه" ،
- تسليم المنهاج ، الموجود منه الجزء الرابع فقط يبتدئ بكتاب الأضحيه وينتهى إلى كتاب الشهادات في مجلد بقلم معتاد قديم في 222 ورقه ويوجد تحت رقم 2132 ورقم 535 28 عام بمخطة الازهر تحت فن "فقه الشافعي".
- "الملمات لرد المهمات" ،
- "الفوائد المحضة للشرح والروضة" ،
- الفتاوى ،
- "محاسن الاصطلاح في تضمين كتاب بن الصلاح" ،
- "الأجوبة السقمية في المسائل المكية".
وفاته
توفى الشيخ عمر سراج الدين البلقينى نهار الجمعه الحادى عشر من ذى القعده وصلى عليه ولده جلال الدين ودفن بمدرسته بعد عمر مديد قضاه في خدمة الإسلام وعلومه عمليه سحائب الرحمة والرضوان. وقد رثاه تلميذه ابن حجر وغيره بقصائد طويله يقول ابن حجر في مطلعها:
يا عين جودى لفقد البحر بالمطر ** وأدرى الدموع ولا تظل ولا تذرى
أقضى نهارى في هم وفي حزن *** وطول ليلى في فكر وفى سهر
وغاص قلبى في بحر الهموم أما *** ترى سقيط دموعى منه كالدرر
فرحمة الله والرضوان يضمه *** سلامة ما بلى باك على عمرى
لقد أقام منار الدين متضحا ** سراجه فأضاء الكون للبشر
من لورأه ابن ادريس الامام اذن ** أقرا وقر عيونا منه بالنظر
فحقق كم له بالفتح من مدد ** تحقيق رجوى نبى الله في عمر
والقصيدة طويلة جدا ولمن يريد مراجعتها فهي في كتاب بدائع الزهور لابن إياس الجزء الأول قسم 2.
الهامش
- ^ كما ورد في حدثة الدكتور / مجاهد توفيق.. في مجلة منبر الإسلام
