صحابة
|
هذه الموضوعة جزء من سلسلة: |
شخصيات محورية
|
أعياد ومُناسبات
|
الصحابة هم أصحاب رسول الإسلام محمد بن عبد الله الذين لقوه مؤمنين وماتوا على دين الإسلام. والصحبة في اللغة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة. رافق أصحاب محمد محمدا في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعدوه على إيصال رسالة الإسلام ودافعوا عنه في مرات عدة. بعد وفاة الرسول محمد قام الصحابة بتولي الخلافة في الفترة التي عهدت بعهد الخلفاء الراشدين وتلاهم صحابي أموي واحد هومعاوية بن أبي سفيان. تفرق الصحابة في الأمصار لنشر الفهم والجهاد وفتح المدن والدول. قاد الصحابة الكثير من المعارك الإسلامية في بلاد الشام وفارس ومصر.
ما تثبت به الصحبة
اختلف أهل الفهم فيما تثبت به الصحبة، وفي مستحق اسم الصحبة، نطق بعضهم: «إن الصحابي من لقي رسول الإسلام مؤمنا به، ومات على الإسلام» ونطق ابن حجر العسقلاني: «هذا أصح ما وقفت عليه في ذلك».
فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته للنبي محمد ومن قصرت ومن روى عنه ومن لم يروعنه ومن غزا معه ومن لم يغز معه ومن رآه رؤية ولومن بعيد ومن لم يره لعارض كالعمى.
ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا وإن أسلم فيما بعد، إذا لم يجتمع به مرة أخرى بعد الإيمان.
كما يخرج بقيد الموت على الإيمان من ارتد عن الإسلام بعد صحبة رسول الإسلام ومات على الردة فلا يعد صحابيا. ومن بعض أهل الفهم من اشترط التمييز ومنهم من لم يشترطه.
ونطق البعض: «لا يستحق اسم الصحبة ولا يعد في الصحابة إلا من أقام مع رسول الإسلام سنة فصاعدا أوغزا معه غزوة فصاعدا»، حكي هذا عن سعيد بن المسيب
وقيل يشترط في صحة الصحبة طول الاجتماع والرواية عنه معا وقيل: يشترط أحدهما، وقيل: يشترط الغزومعه، أومضي سنة على الاجتماع، ونطق أصحاب هذا القول: «لأن لصحبة رسول الإسلام شرفا عظيما لا ينال إلا باجتماع طويل يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزوالمشتمل على السفر الذي هوبترة من العذاب، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف فيها المزاج»
طرق إثبات الصحبة
منها :
- التواتر بأنه صحابي
- ثم الاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر
- ثم بأن يـروى عـن أحـد من الصحابـة حتى فلانا له صحبـة ، أوعن أحد التابعين بناء على قبول التزكية عن واحد
- ثم بأن يقول هوإذا كان ثابت العدالة والمعاصرة : أنا صحابي أما الشرط الأول : وهوالعدالة فجزم به الآمدي وغيره ، لأن قوله : أنا صحابي ، قبل ثبوت عدالته يلزم من قبول قوله : إثبات عدالته , لأن الصحابة كلهم عدول فيصير بمنزلة قول القائل : أنا عدل(وذلك لا يقبل)
وأما الشرط الثاني : وهوالمعاصرة فيعتبر بمضي مائة سنة وعشر سنين من هجرة رسول الإسلام لقوله في آخر عمره لأصحابه :( أرأيتكم ليلتكم هذه ؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هوعلى ظهر الأرض أحد ) وزاد مسلم من حديث جابر :( حتى ذلك كان قبل موته بشهر )
وفي "الكفاية في فهم الرواية" للحافظ أبوبكر البغدادي في باب القول في معنى وصف الصحابي انه صحابي والطريق الى فهم كونه صحابيا
نبذة عن الصحابة
- هم هؤلاء الأعلام الذين عهدوا من أحوال رسول الإسلام ما جعلهم يهرعون إليه ويضعون منطقيدهم بين يديه ينغمسون في فيضه الذى بهر منهم الأبصار وأزال عنهم الأكدار، وصيرهم
أهلا لمجالسته ومحادثته ومرافقته ومخالطته ، حتى آثروه على أنفسهم وأموالهم وأزقابلم وأولادهم ، وبلغ من محبتهم له وإيثارهم الموت في سبيله حتى هان عليهم اقتحام المنية كراهة حتى يجدوه في موقف مؤذ أوكربة يغض من قدره. ولما للصحابة من الفضل العظيم فإن الله تعالى ذكرهم فيما أنزل من الخط ؛ حتى لا يمضى ذكرهم ولا تمحى من رؤوس القبائل والشعوب مآثرهم فنطق: {محمد رسول الإسلام والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كغرس أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما الفتح:29. ونطق تعالى {والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين الواقعة:10-14. ثم نطق تعالى: في سورة الواقعة أيضا {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين الواقعة:35-40. ويتضح من الآيات السابقة، وما يجرى في فلكها، حتى الصحابة درجات بعضها فوق بعض ، فالسابقون الأولون الذين أسلموا وجوههم إلى الله ، ولبوا مناديه إلى الإيمان ،وكل من على سطح هذه المعمورة مخالف لهم هم كبار الصحابة الذين اصطنعهم سيدهم بنفسه ، ورباهم تحت سمعه وبصره عبر ثلاث عشرة سنة قضاها رسول الإسلام في مكة، ونطق فيهم ورحى الحرب دائرة في بدر (اللهم إذا تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) في تاريخ الرسول والملوك للطبرى، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ، ط دار المعارف ، القاهرة 2 /477.
ونطق أيضا (الله الله في أصحابى، فلوحتى أحدكم تصدق بمثل أحد مضىا ما ساوى مده ولا نصيفه)رواه البخارى في سليمه
يلى هؤلاء السابقين من المهاجرين ،السابقون من الأنصار وهم الذين بايعوا رسول الإسلام ليلة العقبة على حتى يمنعوه من الأسود والأحمر، والإنس والجن. يقول تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم التوبة:100. وما سوى الصحابة الكبار طبقات بعضها أفضل من بعض ، فالذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا أفضل من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، يقول تعالى {لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير الحديد:10. وواضح من الآية السابقة وما يشبهها
- أن الله تعالى قد جعل لأصحاب رسول الإسلام مقياسا
تقاس به أقدارهم وميزانا توزن به منازلهم ومراتبهم ، فالسابقون الأولون من المهاجرين هم الكبار الذين لا يسموإليهم غيرهم ، ومن عداهم من الصحابة الكرام متفاوتون تبعا لأعمالهم في نصرة الإسلام ،وجهادهم تحت ألويته وراياته ، فأفضلهم الذين شهدوا بدرا ودافعوا عن النبى صلى الله عليه وسلم ودينه فيها. ويليهم من شهد أحدا والخندق، إلى غير ذلك حتى غروة تبوك.
ثوابت عن الصحابة
وهناك عدة ثوابت عند ممضى أهل السنة عن الصحابة، منها:
- 1- الصحابة كلهم عدول ، لا يجوز تجريحهم ولا تعديل البعض منهم دون البعض.
- 2- الصحابة لم يذكرهم الله تعالى في كتابه إلا وأثنى عليهم وأجزل الأجر والمثوبة لهم ،ولم يفرق بين فرد منهم وفرد ولا بين طائفة وطائفة.
وفيهم يقول الرسول : (خيرالقرون قرنى، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم) (رواه البخارى في سليمهستة /75).
عدالة الصحابة
اتفق أهل السنة على حتى جميع الصحابة عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا قليل وهذه الخصيصة للصحابة بأسرهم ، ولا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه ، لكونهم على الإطلاق معدلين بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم بنصوص القرآن
نطق تعالى :( كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَت للنّاس ) واتفق المفسرون السنة على حتى الآية واردة في أصحاب رسول الإسلام نطق تعالى :( وَكَذلِك جَعَلنَاكُم أمَّةً وَسَطا لِتَكُونوا شُهَدَاء عَلى النّاسِ ) ونطق تعالى : ( مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ والذين مَعْهُ أشِدّاءٌ على الكُفّارِ )
وفي نصوص الحديث الشاهدة بذلك كثرة ، منها حديث أبي سعيد المتفق على صحته : حتى رسول الإسلام نطق :( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لوحتى أحدكم أنفق مثل أحد مضىا ما استوعب أعطى أحدهم ولا نصيفه ) ونطق -صلى الله عليه وسلم- :( الله ، الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد أذاني ، ومن أذاني فقد أذى الله ، ومن آذى الله فيوشك حتى يأخذه )
نطق ابن الصلاح :( ثم إذا الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ، ومن لابس الفتن منهم فكذلك ، بإجماع الفهماء الذين يعتد بهم في الإجماع ، إحسانا للظن بهم ، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله سبحانه وتعالى أعطى الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة ، وجميع ما ذكرنا يقتضي البتر بتعديلهم ، ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس
ونقل ابن حجر عن الخطيب في " الكفاية " أنه لولم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، ونصرة الإسلام ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء ، والأبناء ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين : البتر بتعديلهم ، والاعتقاد بنزاهتهم ، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم )
ثم نطق :( هذا ممضى كافة الفهماء ، ومن يعتمد قوله ، وروى بسنده إلى أبي غرسة الرازي نطق :( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الإسلام فافهم أنه زنديق )ذلك حتى الرسول حق ، والقرآن حق ، وما اتى به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، وهؤلاء يريدون حتى يجرحوا شهودنا ، ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة )
إنكار صحبة من ثبتت صحبته بنص القرآن
اتفق الفقهاء السنة على تكفير من أنكر صحبة أبي بكر -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الغار، إذا كان ذلك تكذيبا لقوله تعالى : ( إذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنّ اللّهَ مَعَنَا )
واختلفوا في تكفير من لم تذكر صحبته بالقرآن ( حيث لا يرد تكذيب آية من القرآن هنا) ممن أنكر صحبة غيره من الخلفاء الراشدين عند السنة، كعمر ، وعثمان ، وعلي فنص الشافعية على حتى من أنكر صحبة سائر الصحابة غير أبي بكر لا يكفر بهذا، وهومفهوم ممضى المالكية ، وهومقتضى قول الحنفية ، ونطق الحنابلة : يكفر لتكذيبه ما صح عن رسول الإسلام ولأنه يعهدها العام والخاص وانعقد الإجماع على ذلك فنافي صحبة أحدهم أوكلهم مكذب لرسول الإسلام.
الإنتقاص من الصحابة
عند الممضى السني من سب الصحابة أوواحدا منهم (وكلهم عدول) ، فإن نسب إليهم ما لا يقدح في عدالتهم أوفي دينهم بأن يصف بعضهم ببخل أوجبن أوقلة فهم أوعدم الزهد ونحوذلك ، فلا يكفر باتفاق الفقهاء ، ولكنه يستحق التأديب
أما بقية الصحابة فقد اختلفوا في تكفير من سبهم ، فنطق الجمهور : لا يكفر بسب أحد الصحابة ، يكفر بتكفير جميع الصحابة ، أوالقول بأن الصحابة ارتدوا جميعا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوأنهم فسقوا ، لأن ذلك تكذيب لما نص عليه القرآن ، وأن مضمون هذه ذلك حتى نقلة الكتاب والسنة كفار أوفسقة ، وأن هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت ، وخيرها القرن الأول كان عامتهم كفارا أوفساقا ، ومضمون هذا : حتى هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقيها هم أشرارها .
مراجع وخط
- تاريخ الرسول والملوك للطبرى، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم
- 3- لسان الميزان لابن حجر العسقلانى
روابط خارجية
- مسقط عن الصحابة