مفاوضات الكيلو 101

عودة للموسوعة

مفاوضات الكيلو101

خيمة المفاوضات في الكيلو101 على طريق القاهرة السويس. الصورة مهداة للجمسي من جنرال إنزيوسيلاسڤوقائد قوات الطوارئ الدولية.

مفاوضات الكيلو101، هي محادثات ذات طابع عسكري جرت بين مصر وإسرائيل بإشراف الأمم المتحدة للوصول إلى تحديد خطوط وقف إطلاق النار في أعقاب حرب أكتوبر 1973 تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 في هذا الصدد.

كان الاتحاد السوڤيتي والولايات المتحدة قد تقدما بمشروع قرار مشهجر إلى مجلس الأمن تضمن دعوة جميع الأطراف المشاركة في القتال إلى وقف إطلاق النار بصورة كاملة وإنهاء جميع الأعمال العسكرية في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار. وقد وافق مجلس الأمن على القرار في 22 أكتوبر 1973 وصدر تحت رقم 338 فوافقت عليه مصر فور صدوره، ووافقت عليه سوريا بعد يومين (24 أكتوبر) ضمن شروط محددة كانت قد أعربتها، في حين لم تحدد إسرائيل موقفها منه.

ورغم ذلك فقد استمر وقف إطلاق النار عدة ساعات على الجبهة المصرية، ثم عادت إسرائيل إلى مواصلة عدوانها قاصفة مدينة السويس ودافعة بقوات جديدة لتعزيز قواتها في ثغرة الدفرسوار.

أهارون ياريڤ، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق.

ازاء هذا الوضع عقد مجلس الأمن اجتماعاً ثانياً في 23 أكتوبر 1973 وأصدر قراراً جديداً حمل الرقم 339 نادى فيه مجدداً إلى وقف إطلاق النار وعودة الأطراف المتحاربة إلى المواقع التي كانت تحتلها قبل 22 أكتوبر 1973. لم ترضخ إسرائيل لقرار مجلس الأمن الدولي الجديد، واستمرت في إطلاق النار والتقدم داخل الأراضي المصرية بهدف محاصرة مدينة السويس والجيش الثالث الميداني.

عندها اجتمع مجلس الأمن الدولي للمرة الثالثة في 25 أكتوبر، وأصدر قراراً ثالثاً حمل الرقم 340 يردد فيه دعوته لوقف النار فوراً، وقرر إنشاء قوة طوارئ تابعة للأمم المتحدة مؤلفة من أفراد تقدمهم الدول الأعضاء في المنظمة الدولية باستثناء الدول التي تمتتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن.

إثر صدور هذا القرار توقف إطلاق النار على الجبهة المصرية، فنادى الجنرال إنزيوسيلاسڤوقائد قوة الطوارئ الدولية مصر وإسرائيل إلى عقد اجتماع يبحث في الترتيبات اللازمة لوقف إطلاق النار.

عقد الاجتماع الأول في خيمة تابعة للأمم المتحدة نصبت عند الكيلو101 على طريق القاهرة-السويس. وقد تم بإشراف الجنرال أنزيوسيلاسفيوممثلاً للأمم المتحدة، وحضور وفد مصري برئاسة الفريق محمد عبد الغني الجمسي، ووفد إسرائيلي برئاسة الجنرال أهارون ياريف.

هجرزت النقاشات خلال الاجتماع الذي استمر طوال ليلة 28 أكتوبر على المسائل التالية:

  • وضع الأسرى وجرحى الطرفين.
  • تزويد مدينة السويس والجيش المصري الثالث بالمواد الغذائية وماء الشرب.
  • تحديد المواقع التي يمكن حتى ترابط فيها قوات الطوارئ الدولية.
  • رسم خطوط 22 أكتوبر لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي.


بداية المفاوضات

قرر السادات تعيين اللواء عبد الغني الجمسي (رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة) ممثلا لمصر في مفاوضات الكيلو101، وقد أوضح الجمسي أنه لا يرغب في تطبيق هذه المهمة حيث أنه أمضى حياته العسكرية كلها في حرب ضد إسرائيل، إلا حتى كان رأي السادات حتى الجمسي بحكم عمله رئيسا لهيئة العمليات يلم بأوضاع القوات المصرية وقوات العدوفي الجبهة وأنه أنسب من يمثل مصر في هذه المباحثات.


الاجتماع الأول

أقيم أول اجتماع في الساعة 1.30 صباحا يوم 28 مارس 1974، وتم النشر عن هذا الإجتماع في الجرائد وكان هذا أول ظهور أسم الجمسي إعلاميا في الجرائد. كان الوصول إلى مكان الاجتماع مليء بالمخاطر، كان الجنود المصريون في الخطوط الأمامية يعترضون الوفد المصري ويشهرون أسلحتهم ويسألون عن مسببات المرور في اتجاه العدو، وكان الجمسي يصرح لكل حارس في جميع مسقط (حدثة سر الليل) للوحدة وكان يحدد له اسم وحدته واسم قائده، عند وصول الوفد المصري لمكان الإجتماع اصطف الضباط الإسرائيليون برئاسة الجنرال أهارون ياريف وقاموا بتأدية التحية العسكرية وقام الوفد المصري برد التحية للجانب الإسرائيلي، وكانت تعليمات الجمسي لأعضاء الوفد المصري ألا يبدأوا التحية للجانب الإسرائيلي لأنهم في الجانب المنتصر في الحرب. وبدا الرجل مفاوضا صلبا مثلما كان عسكريا صلبا، بعد سبعة إجتماعات مع الجانب الإسرائيلي طلب الجمسي وقف الإجتماعات لأنها لم تعد مجدية ووصلت إلي طريق مسدود ولم تحقق نتائج إيجابية عن فك الاشتباك والفصل بين القوات للخلاف الجوهري بين وجهة النظر المصرية والإسرائيلية، وتوقفت هذه المباحثات.

الاجتماع الثاني

حتى اتىت أصعب لحظات عاشها الفريق في حياته كلها، لحظات دفعته -لأول مرة في حياته العسكرية- لأن يبكي! كان ذلك في يناير 1974 عند أستكمال المباحثات في أسوان عندما جلس أمامه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر ليخبره بموافقة الرئيس السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس وتخفيض القوات المصرية في سيناء الي 7000 رجل و30دبابة!! فرفض الجمسي ذلك بشدة، وسارع بالاتصال بالسادات الذي ما كان منه إلا حتى أكد موافقته؛ ليعود الرجل إلى مائدة التفاوض يقاوم الدموع، ثم لم يتمالك نفسه فلف وجهه ليداري دمعة انطلقت منه حارقة؛ حزنا على نصر عسكري وأرواح آلاف الرجال تضيعها السياسة على موائد المفاوضات. وكانت مفاجأة لهنري كيسنجر حتى يرى دموع الجنرال الذي كثيرا ما أسرّ له القادة الإسرائيليون بأنهم يخشونه أكثر مما يخشون غيره من القادة العسكريين العرب.

ولاحقاً بعد تقاعده أبدى المشير الجمسي ندمه على "اشتراكه في التفاوض مع اليهود".

وبعد اعتزاله للحياة العسكرية ظل مراقبا ومحللا للوضع المشتعل، مؤمنا بأن أكتوبر ليست نهاية الحروب، وأن حربا أخرى قادمة لا محالة؛ لأن لقاءة مصيرية لا بد حتى تقع، وأن الانتفاضة الفلسطينية هي السلاح الأفضل والأنجع حاليا لضرب العدوالصهيوني، ولا بد من تدعيمها بكل ما نملك.

نص الاتفاق

فيما يلي نص الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في مفاوضات الكيلو101، والذي كشفت عنه الخارجية البريطانية في يناير 2005‏:

«أ- ستراعي مصر واسرائيل بدقة وقف اطلاق النار في البر، البحر والجو، الذي نادى إليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وستمتنعان منذ توقيع هذه الوثيقة عن جميع الاعمال العسكرية وشبه العسكرية جميع طرف منهما ضد الآخر.

ب- سيتم فصل القوات العسكرية المصرية والاسرائيلية، بحسب المبادئ التالية:

1- جميع القوات المصرية إلى الجانب الشرقي من القناة سيتم نشرها غربي الخط الذي سيتم تعريفه بالخط أ على الخريطة المرفقة. جميع القوات الإسرائيلية، بما في ذلك تلك الموجودة إلى الغرب من قناة السويس والبحيرات المرة، سيتم نشرها إلى الشرق من الخط الذي سيتم تعريفه باعتباره الخط ب على الخريطة المرفقة.

2- المنطقة بين الخطين المصري والإسرائيلي ستكون منطقة فض اشتباك سيتم حشد قوة الطواريء التابعة للأمم المتحدة فيها. وستستمر هذه القوة في التشكل من وحدات من البلاد التي ليست أعضاء دائمة في مجلس الأمن الدولي.

3- المنطقة بين الخط المصري وقناة السويس ستكون محدودة فيما يتعلق بالأسلحة والقوات.

4- المنطقة الواقعة بين الخط الإسرائيلي (الخط ب على الخريطة المرفقة) والخط الذي سيتم تعريفه بالخط ج على الخريطة المرفقة والذي يمتد على طول قاعدة الجبال، حيث يقع ممرا الجدي ومنلا، ستكون محدودة فيما يتعلق بالأسلحة والقوات.

5- الضوابط المشار إليها في الفقرة ثلاثة والفقرة أربعة سيتم تفقدها من قبل قوة الطواريء التابعة للأمم المتحدة. وسيتم الاستمرار في العمل بالاجراءات القائمة التي درجت عليها قوة الطواريء التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك الحاق ضباط اتصال مصريين وإسرائيليين على قوة الطواريء التابعة للأمم المتحدة.

ج- سيتم التوصل إلى التطبيق التفصيلي للفصل بين القوات من قبل ممثلين لمصر وإسرائيل، والذين سيوافقون على مراحل هذه العملية. وهؤلاء الممثلون في وقت لن يتأخر عن 48 ساعة من توقيع هذا الاتفاق عند الكيلو101 تحت اشراف الأمم المتحدة لهذا الغرض. وسيكملون هذه المهمة في غضون خمسة أيام. وسيبدأ فض الاشتباك خلال 48 ساعة بعد اكمال عمل الممثلين العسكريين، ولن يتأخر بأي حال عن سبعة أيام بعد التوقيع على هذا الاتفاق. وسيتم اكمال عملية فض الاشتباك في وقت لن يتأخر عن 40 يوماً من بدايته.

د- لا تنظر مصر وإسرائيل إلى هذا الاتفاق باعتباره اتفاق سلام نهائياً. وهويشكل خطوة أولى نحوسلام نهائي، عادل ودائم، وفقا لبنود قرار مجلس الأمن رقم 338 وفي اطار مؤتمر جنيف.»

مفاوضات الكيلو101 والاعداد لمؤتمر السلام

العلاقة بين حافظ إسماعيل وإسماعيل فهمي

لفهم أبعاد مفاوضات الكيلو‏101‏ وموضوع الإعداد لمؤتمر السلام في جنيف أجد حتى من الهام التطرق إلي علاقة السيد محمد حافظ إسماعيل كمستشار للأمن القومي مع السيد إسماعيل فهمي وزير الخارجية الجديد الصاعد‏.‏

محمد حافظ إسماعيل
إسماعيل فهمي

فقد كان فهمي يقدر حتى وزير الخارجية هومن ينبغي له حتى يجري الاتصالات مع وزير الخارجية الأمريكية وليس مستشار الأمن القومي المصري‏...‏ كما حتى التطورات السياسية والاقتراب من التحضير لمؤتمر جنيف كان يفرض حتى تتناول الخارجية وليس الأمن القومي هذه التحضيرات‏...‏ وهوما تم عملا وبذا بدأ انزواء السيد حافظ إسماعيل‏...‏ خاصة وقد ابتعد تدريجيا عن الايقاع الذي أنطلق فيه الرئيس السادات في تحركه تجاه الولايات المتحدة تحديدا‏...‏ وكشفت التيارات الدفينة أوالمعلنة داخل القيادة المصرية عن وجود توجهات مختلفة‏...‏ وأخذ بالتالي دور وزير الخارجية يتصاعد في لقاء اضمحلال دور مستشار الأمن القومي‏.‏ ونتذكر جميعا في مخط مستشار الأمن القومي واقعة تكليف وزير الخارجية للدكتور عبد الهادي مخلوف‏،‏ مدير مخط مستشار الأمن القومي بموافاته بصورة كاملة من جميع الممحررات والرسائل التي دارت بين حافظ إسماعيل وكيسنجر خلال فترة أسابيع الحرب وذلك بناء علي تعليمات الرئيس‏.‏ وقد سأله الوزير إسماعيل فهمي‏:‏ لما لم توزعوا صورة من هذه الرسائل علي الخارجية وأجابه الدكتور مخلوف‏...‏ حتى تعليمات الرئيس كانت حظر إطلاع أحد علي هذه الممحررات وأنه عندما وجه بالعكس‏...‏ فقد تم إحاطة الخارجية بكل الملف‏.‏ وهنا لا يجب حتى يفوتني حتى أقول حتى مراسلات حافظ إسماعيل إلي كيسنجر لم تكن تتم باعتبار كسنجر وزيرا للخارجية.‏ بل بكونه مستشارا أيضا للأمن القومي الأمريكي وحتي تخليه عن هذا المنصب للجنرال برنت سكوكروفت في فترة تالية‏.‏

لقد كان هناك بعض التوتر‏...‏ إلا أنه أنزوي تدريجيا بانتهاء مسئوليات حافظ إسماعيل في فبراير‏74‏ وعودتنا جميعا إلي وزارة الخارجية وبقية الأجهزة المصرية التي تم إعارتنا سابقا منها إلي جهاز الأمن القومي المصري برئاسة الجمهورية‏.‏ ويجب حتى اعترف هنا‏...‏ أنه وبرغم عدم تكليفي عندئذ بالعمل في مخط وزير الخارجية والاكتفاء بتعيين المستشار أحمد ماهر السيد‏،‏ صديقي الحميم ومناصري طوال حياتي الوظيفية والشخصية في مخط وزير الخارجية فقد كنت أستشعر حتى الوزير فهمي يحمل مشاعر طيبة للغاية تجاهي‏.‏ كما وافق عندما طلب منه الدكتور عبد الهادي مخلوف تأمين مواقع جيدة لأعضاء مخط مستشار الأمن القومي عند نقلهم بالخارج‏,‏ وتم تعيننا جميعا في مواقع تتيح لنا المزيد من تراكم التجربة والفهم توطئة لمهام أكبر كانت تنتظرنا‏.‏ وأخذ الوزير إسماعيل فهمي يعد لمؤتمر جنيف.‏ وخطت بعض الفقرات في اليوميات وبما يكشف مراحل التقدم في التجهيز والإعداد‏...‏ وكان الحديث يدور حول مشاركات لمصر‏/‏ الأردن‏/‏ سوريا‏/‏ إسرائيل‏...‏ كما قيل حتى وفدا فلسطينيا وآخر لبنانيا سيشاركان في الفترة التالية للمؤتمر‏. وهي فترة لم تتحقق‏...‏ كما لم تشارك سوريا في الفترة الأولي‏...‏ وعقد المؤتمر ليوم واحد وانقضي دون أي تقدم‏. وعاد الهجريز ينصب علي محادثات الكيلو‏101‏ واتصالات كسنجر مع الخارجية المصرية للاتفاق علي فض الاشتباك مثلما استقر عليه الأمر في محادثات الرئيس السادات مع كسنجر يوم ‏7‏ نوفمبر‏.

في يوم 13‏ نوفمبر الثلاثاء سعت 1800 ، تحدث أحمد ماهر ـ من واقع أحاديث له مع المستشار حافظ إسماعيل ـ عن تفاهم مصري‏/‏ أمريكي لم يفتني تسجيله سابقا في اليوميات عن فض اشتباك يأخذ إسرائيل إلي الشرق من القناة ويفتح الطريق أيضا إلي تسوية شاملة للنزاع بترابط محكوم بين المراحل‏,‏ خاصة حتى كسنجر كان قد تحدث مع الرئيس السادات أيضا عن أهمية التوصية إلي تسوية فلسطينية تنهي النزاع‏...‏ وأنه تصور حسب اليوميات المسجلة سعت‏0032‏ من يوم الخميس‏51‏ نوفمبر‏...‏ وجود دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة يحدد العرب لها حدودها؟‏!‏ وقد دار هذا من خلال حديث للرئيس السادات مع وزير خارجية الأردن الذي كان الملك حسين قد أوفده إلي القاهرة في هذا اليوم‏.

وسارت محادثات الجمسي‏/‏ياريف واستمر الجدل بين الجانبين‏...‏ سواء بالنسبة لتفسير اتفاق النقاط الست‏...‏ أومفهوم فض الاشتباك ونقل التسوية إلي فترة سياسية بدلا من التحركات العسكرية‏...‏ وطرح الجنرال ياريف يوم‏51‏ نوفمبر في الاجتماع الحادي عشر للجانبين‏...‏ أفكارا تقوم علي أهمية عدم ظهور غالب أومغلوب نتيجة لهذه المحادثات وتحقيق فض الاشتباك مع أهمية تحرك مصر لإعادة السكان إلي مدن ومناطق القناة واستعادة الحياة المدنية إلي هذه المناطق‏...‏ وأن تنسحب إسرائيل إلي خطوط دفاعية قوية تردع العدوان وتغني عن بناء خطوط جديدة مؤقتة ومع تسكين قوات حفظ سلام دولية بين الجانبين مستقبلا مع تطورالانسحابات‏...‏ كما أكد ياريف أهمية وضرورة تأمين الاتصالات المباشرة بين مصر وإسرائيل‏...‏ وهي نقطة كانت إسرائيل تعطيها هجريزها واهتمامها المحوري‏.‏ واستفسر اللواء الجمسي‏...‏ هل يعني ذلك‏...‏ حتى إسرائيل تعرض الانسحاب إلي الشرق من القناة لمسافة بعيدة مع عدم تأثر أوانسحاب القوات المصرية إلي الغرب‏...‏ فأجابه ياريف بالإيجاب‏.‏ وإن أضاف‏:‏ مع تخفيف للتواجد المصري علي طول القناة نحوالشرق وحتي تستطيع إسرائيل حتى تثق في صدق النوايا المصرية وبالتالي التحرك سويا للمزيد من التسويات والانسحابات في فترة تالية‏.‏ وتساءلت من جانبي في اليوميات المسجلة سعت 2400 ‏ من الجمعة ‏16 نوفمبر‏.

هل نقبل؟‏.‏ وهل نرضي بستارة من القوات‏...‏ أشك‏.‏ وأضفت لعلنا نقبل بفرقة ونصف للتواجد بالشرق‏...‏ وسوف تكشف الأيام التالية حقيقة مواقف الطرفين ونواياهما‏.‏ إلا حتى الأمر الهام الذي ينبغي حتى أوضحه بشأن هذه النقطة‏...‏ حتى القوات المسلحة المصرية كانت تتواجد وبشكل متعاظم وبحشد رئيسي غير مسبوق حول الجيب الإسرائيلي‏...‏ كما كانت دائمة الاستفزاز للإسرائيليين والتعرض لهم‏...‏ وكان الجانب الإسرائيلي يخشي احتمالات عمل مصري مفاجئ‏.‏ إلي الحد أنه أقام مجموعة تحصينات وخندقا واسعا عميقا مضادا للدبابات حول جميع الجيب لتقييد مسارات ومحاور أي هجوم مصري محتمل ضده‏.‏

لقد كشف الانسحاب الإسرائيلي من الجيب بعد توقيع اتفاق فض الاشتباك في أسوان في ‏12‏ يناير‏ عن وجود حجم ضخم للغاية أيضا للجانب الإسرائيلي داخل الجيب‏.‏ وبما يؤشر إلي أنه وإذا ما كان الجانب المصري قد قام بالهجوم لتصفية هذا الجيب لكانت قد دارت معركة هائلة من الممكن تجاوزت كثيرا ما سبقها من صدام في حرب أكتوبر‏...‏ خاصة حتى مساحة الأرض كانت ضيقة ومحصورة من ناحية‏.‏ وبها حجم هائل من القوات من ناحية ثانية‏.‏ لقد احصي الجانب المصري ومع عودة القوات الإسرائيلية إلي الشرق عبر الكباري ـ وكانت تحت نظر قواتنا وفي مدي ضربها‏...‏ أكثر من‏006‏ دبابة إسرائيلية عدا آلاف المركبات الأخري‏.‏ ورغم هذا الحديث من جانب ياريف إلا حتى جلسات المفاوضات التالية‏.‏ كشفت مرة أخري عن تراجع الجانب الإسرائيلي‏,‏ ودار لغط بين الجانبين‏,‏ وبدأ الصبر المصري في النفاد واستشعرت ذلك علي مستوي أحاديث أعضاء المخط أوحتي أحاديث العسكريين المصريين العاملين معنا‏...‏ وأخذت الآراء تتفاوت‏...‏ ونطق البعض‏...‏ فلنتحرك عسكريا‏...‏ ونطق البعض الآخر‏...‏ فلنأخذ إسرائيل إلي مؤتمر جنيف وهي موجودة بالغرب في الجيب حيث حتى أوضاعها العسكرية الضاغطة وطول وامتداد خطوط مواصلاتها واتصالاتها تضعفها كثيرا وتفرض عليها المرونة السياسية في المؤتمر‏...‏ وقد رأي وزير الخارجية إسماعيل فهمي‏...‏ طبقا لليوميات أنه يجب حث كسنجر علي إنهاء مسألة الوجود الإسرائيلي في غرب القناة قبل بدء مؤتمر جنيف حتي تكون المفاوضات ذات توجه إيجابي واستراتيجي‏.‏ وزادت كثافة الرسائل بين فهمي وكسنجر‏...‏ وكنا مازلنا نحصل علي صورة كاملة من جميع التقديرات والمعلومات التي تحمل للرئيس من أي جهة بالدولة‏.‏ وبالذات الدفاع‏/‏ الخارجية‏/‏ الداخلية‏/‏ والمخابرات العامة‏. واستمر كسنجر يضغط بالنسبة لمسألة المرور البريء في باب المندب‏.‏ وقام الجانب الأمريكي بإبلاغنا بأن عددا من السفن المتجهة إلي إيلات ستمر في المضيق خلال أيام‏...‏ حول ‏20‏ نوفمبر أوما بعدها‏...‏ وأجاب الجانب المصري عليكم حتى تبلغونا مقدما باسم جميع سفينة‏.

وكان الهدف بطبيعة الأحوال محاولة الإبقاء علي شكل من أشكال السيطرة علي المضيق رغم حتى القرار المصري عندئذ كان حمل الحصار بهدوء‏.‏ وعقد الاجتماع الثاني عشر بين الجمسي وياريڤ يوم الثلاثاء ‏20 نوفمبر وسجلت لا اتفاق‏...‏ وقد عرض الإسرائيليون انسحابا إلي الشرق في لقاء تخفيف قوات الجيش الثالث وبقاء الجيش الثاني علي ما عليه‏...‏ ولم نوافق‏...‏ وكان الواضح حتى الأطراف استمرت تناور علي بعضها البعض دون التزام بعد بموقف استراتيجي نهائي‏...‏ ووضح حتى الجانب الإسرائيلي يسعي لإضاعة الوقت‏.‏

واتىت رسالة من كسنجر إلي حافظ إسماعيل يوم الأربعاء‏ 12‏ نوفمبر‏...‏ يرد فيها علي ما وصله من وزير الخارجية المصرية حول موضوع فض الاشتباك قبل مؤتمر جنيف‏...‏ وتضمنت الرسالة الأمريكية‏...‏ أنه تقرر تأجيل مؤتمر جنيف لكي يعقد في‏ 17 ديسمبر‏. وفي الحقيقة فقد عقد بعد ذلك بعدة أيام في 21 ديسمبر‏.‏

وطلب كسنجر الحضور إلي مصر قادما من سوريا يوم‏ 14‏ ديسمبر‏...‏ مضيفا حتى من الخطأ تصميم مصر علي تطبيق أومناقشة فض الاشتباك قبل مؤتمر جنيف‏.‏ لقد كشفت الرسالة عن محاولات كسنجر لتطويع مواقف الطرفين بشكل يحقق في النهاية المصالح الأمريكية‏. ومضي الجمسي وياريف في العمل لمحاولة الإسراع بخطوات فض الاشتباك‏.‏ وعقد اجتماعان بينهما يومي ‏23/22‏ نوفمبر‏. وخطت في سعت 1700 من الجمعة 23‏ نوفمبر. افترض حتى الجانبين علي وشك التوصل إلي اتفاق‏...‏ وإن إسرائيل تعرض الآن الانسحاب إلي الشرق وإلي مسافة‏21‏ كم من الحد الأمامي لقواتنا في سيناء مع وجود ستارة رمزية لقواتنا في الشرق‏...‏ وأجاب الجمسي بطرح مصري يقترح انسحاب إسرائيل إلي مسافة 60 كم من الحد الامامي لقواتنا‏...‏ ورفضت إسرائيل‏.‏ وخطت باعتقادي بأننا سنتوصل إلي اتفاق مهم يؤمن الانسحاب الإسرائيلي إلي خط الممرات‏/‏ وبقاء قواتنا في مواقعها الحالية مع تخفيف واضح لها ونشر قوات حفظ سلام دولية بينهما‏...‏ وبدأ مؤتمر السلام‏.‏

وأخذ الجانبان المصري والإسرائيلي يتقاضيان‏...‏ وتصورت من جميع ما قرأته عندئذ‏...‏ أننا عملا نقترب من تفاهم‏...‏ وفجأة تجمد الموقف الإسرائيلي‏...‏ واضطرنا للذهاب إلي جنيف دون نتائج‏...‏ وعاد كسنجر إلي المنطقة مرة ثالثة في يناير‏.47‏ وكشفت الأوراق والخط التي نشرت بعد ذلك في الأعوام التالية حتى كسنجر تدخل مع الإسرائيليين وفرض إبطاء الإيقاع ولكي يقوم هووليس الأطراف بصياغة الاتفاق‏...‏ اتفاق فض الاشتباك الأول المسقط في 21 يناير.‏ وأتذكر قيامنا ـ أي هيئة مخط حافظ إسماعيل ـ بزيارة الجبهة في السويس وإلي الجيش الثالث يوم 25 يناير‏...‏ ورأيت صورة رائعة للجندية والروح النضالية للجيش المصري‏...‏ رأيت قوات رائعة‏...‏ ومعدات مصانة وأفرادا وجيشا لا ينسي‏...‏ ومرة أخري استشعرت جميع ما رائع في الشخصية المصرية عندما تقابل التحدي‏...‏ كان حافظ إسماعيل يتواجد في أسوان‏...‏ ولكن علي هامش اجتماعات الرئيس السادات مع كسنجر‏...‏ وعاد بعد ذلك إلي القاهرة‏...‏ ومضي في طريق آخر لخدمة الوطن‏...‏ وخط في كتابه أمن مصر القومي‏...‏ أنه‏:‏ وكما كان توقيع اتفاقية فض الاشتباك يمثل نهاية للوضع العسكري المعقد علي الجبهة المصرية‏...‏ ونقطة بدء مستقرة لعلاقات مصر الخارجية‏...‏ فقد أصبح أيضا بداية لفترة جديدة‏...‏ ولقد أحسست في هذا الإطار حتى الوقت قد حان لكي أخطوخارج دائرة رئاسة الجمهورية بعد 29 شهرا من العمل مستشار للأمن القومي وذلك تطبيقا لما استقر عليه الأمر في لقاء مع الرئيس السادات‏.‏ وانتهي بالتالي عملنا مع حافظ إسماعيل في مستشارية الأمن القومي‏.


انظر أيضا

  • المحاضر السرية لمفاوضات الكيلو101

الهامش

  1. ^ "محادثات الكيلو101". العرب اليوم. 2009-02-20. Retrieved 2011-10-20.
  2. ^ مسقط إسلام أون لاين. المشير الجمسي.. النحيف المخيف الصفحة شوهدت في 13 مايو2007.
  3. ^ "خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية للعام 1974". مركز الشرق العربي. 2005-05-22. Retrieved 2011-10-20.
  4. ^ أحمد أبوالغيط (2010-09-27). "مصر وسوريا حاربتا معركة رائعة لكنهما لم تمتلكا رؤية للتعاون - شاهد علي الحرب والســلام". جريدة الأهرام. Retrieved 2010-10-13.
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:15:31
التصنيفات: حرب أكتوبر, عملية السلام في الشرق الأوسط

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الجمعة.. الباز فى لقاء مفتوح مع جمهور معرض داندى مول الأول للكتاب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:25
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

وزير الشباب: الملتقي يمثل أحد أهم آليات الوزارة لتمكين الشباب

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:34
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

مسحة طبية للزمالك قبل السفر لأنجولا لمواجهة بترو اتليتكو

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:33
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

مسلسلات رمضان 2022.. عصام السقا يروّج لـ«الاختيار 3»: قريبًا جدًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:12
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

بإشراف «المليونير العاشق».. حكاية تمثال من ذهب لأم كلثوم في لبنان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:26
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

“فيوتشر” يكتسح “سموحة” بالاربعة وناصر ماهر يحرز هاتريك

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:33
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

الأرصاد الجوية تعلن عن موعد بداية فصل الربيع 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:22
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

افتتاح معرض "دوامة" للفنانة آية مصطفي و "مع حبي" لــ نيفين فرغلي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:24
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

«تموين البحيرة» تضبط 23 طن دقيق مُخزنة لرفع الأسعار بدمنهور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:08
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

خبير اقتصادي يوضح أهمية تسعير رغيف الخبز: احتواء التجار والمواطنين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:21
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 66%

زواج عرفى لقاصر وخلافات عقب الزفاف..أسباب مقتل عروس قليوب

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:32
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

الدبيبة يبحث عودة عمل منظمة تجمع دول الساحل والصحراء فى طرابلس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:16
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

“فيريرا” يقود تدريبات الزمالك استعدادا للقاء بترو

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:32
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

إعلامي: كارتيرون يقرر شكوى رئيس الزمالك لـ«فيفا»

المصدر: المصري اليوم - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:36
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

وول ستريت تقفز وستاندرد أند بورز ينهى مسيرة نزول لثلاثة أيام

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

الاتحاد الأوروبى يحظر تصدير السيارات الفارهة والشمبانيا إلى روسيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:17
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

رئيس تونس يبحث مع وزير الدفاع الإيطالى سبل التعاون العسكرى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-16 00:21:16
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية