محمد بن جابر بن سنان البتاني (ح. 858 في البنان - ت. 929 في قصر الجص، بالقرب من سامراء)، كان فلكي ومنجم ورياضياتي مسلم. هوأبوعبد الله محمد بن جابر بن سنان البَتّاني الحرّانيّ الصابئ الفلكي المهندس، ويُعهد عند بعض الفرنجة باسم Albategni أوAlbategnius أوBattenius. وُلد في بتّان من نواحي حران في شمالي سورية وتوفي في «الحَضَر»، وهي مدينة قريبة من الموصل ومن تكريت، بين دجلة والفرات. وقد عاش معظم حياته في الرَّقة ببلاد الشام، ولهذا كان يلقب بالرَّقيّ، وقد تخلّى عن عقيدة الصابئة واعتنق الإسلام.

حياته

ولد عام 854، وعاش في عصر ازدهار العلوم في عهد الخليفة المأمون بن الخليفة هارون الرشيد. تنقل بين الرقة وأنطاكية التي أنشء بها مرصد البتاني حيث عكف علي دراسة المؤلفات السابقة خاصة كتاب (السند هند) وكتاب (المجسطي). كان المأمون قد بني مرصد ببغداد – أغلب مهماته تحديد مواقيت الصلاة للمسلمين - تحت إشراف " سند بن علي " الذي كان رئيسا للفلكيين في هذا العصر. ولم يكن هوالمرصد الوحيد فقد كانت هناك عدة مراصد متفرقة في أنحاء بلاد العرب الإسلامية، وقد حرص الخلفاء علي تزويد تلك المراصد بأجهزة فلكية بالغة الدقة. كان من صناع تلك الأجهزة المهندس علي بن عيسي الأسطرلابي – وهولشهرته في صناعة هذا الجهاز، وكان منهم أبوعلي يحيي بن أبي منصور.

الفلك

يعد البتاني من كبار فهم الفلك والرياضيات له مرصد فلكي في الرقة على الفرات قدم من خلاله أرصاد وانجازات هامة.

ذكره القفطي بقوله:أحد المشهورين برصد الكواكب والمتقدمين في فهم الهندسة وهيئة الافلاك وحساب النجوم وصناعة الأحكام وله زيج جليل ضمنه أرصاد النيرين وإصلاح حركاتها المثبتة في كتاب بطليموس المعروف بكتاب المجسطي وذكر فيه حركات الخمسة المحيرة على حسب ما أمكنه من إصلاحها.

وكان أعظم فهماء عصره في هذا الفهم الذي وقف حياته عليه منذ عام 264هـ، إلى حتى وافته المنية وكان يرصد في الرَقَّة، على الضفة اليسرى من الفرات. ونظراً لإسهامه الضخم وتقصّيه البعيد في هذا الفهم، فإن الكثير من مؤرخي العلوم يسمونه بطلميوس العرب، بل إذا بعضهم يعدّونه أسمى منزلة من بطلميوس[ر]، إذ خالفه في الكثير من آرائه، مع بيان الأسباب الموضوعية التي دفعته إلى هذه المخالفة، ويكفي البتّاني فخراً حتى كوبرنيك الذي غيّر النظرة إلى الكون بتفنيده للنظام البطلمي، بعد خمسة قرون استشهد ببحوث البتاني أكثر من 23 مرّة في كتابه الذائع الصيت «حول دوران الأفلاك السماوية» De revolutionibus orbium coelistium.

ومن منجزات البتاني الفلكية الشهيرة تحديد ميل فلك البروج (الدائرة الكسوفية) إذ عثر أنه يساوي 23 درجة و35 دقيقة. وظهر حديثاً حتى خطأه في الحساب أقل من دقيقة واحدة وهذا يشير على حتى آلات الرصد التي استخدمها العرب آنذاك كانت جدّ متقنة، فضلاً عن عظمة الراصدين ودقة حساباتهم. وقد كشف البتّاني السَّمْت والنظير، وحدّد طول السنة الشمسية والفصول، وأصلح زمني الاعتدالين الصيفي والشتوي. وأثبت خلافاً لبطلميوس حتى القطر الزاوي الظاهري للشمس يتغير، وبيّن احتمال حدوث الكسوف الحلقيّ. وتوصل إلى نظرية في بيان الأحوال التي يُرى فيها القمر عند ولادته. وقد انتقد البتاني اعتقاد بطلميوس بثبات أوج الشمس، وذلك قبل البيروني بأكثر من قرن من الزمان، وأقام الدليل على تبعيّته لحركة المبادرة الاعتدالية.

وقد وقف البتاني شطرا كبيراً من حياته الفهمية على رصد الكواكب وأفلاكها، وتوصل نتيجة جهود جبارة إلى تسليم أرصاد القدماء للكثير من النجوم، إما لوقوع سابقيه في أخطاء لدى إجراء هذه الأرصاد، وإما بسبب تغير مواقع النجوم نفسها بالنسبة إلى الأرض. وله أرصاد رائعة في الخسوف والكسوف استند إليها كثير من فلكيي القرن الثامن عشر لدى دراستهم لتسارع القمر.

ومن أشهر مؤلفاته في فهم الفلك زيجه المعروف باسم «زيج الصابىء» الذي يعدّ في أصح الأزياج، وهومحفوظ في مخطة الفاتيكان، وقد ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر للميلاد، وطُبِع في نورمبرغ عام 1537م. وقد عثر «رجيومونتانوس» Regiomontanus حتى هذه الترجمة تعج بالأخطاء فأصلحها، وطُبعت بعد ذلك في مدينة بولونية في إيطالية عام 1646م. كما أمر ألفونسوالعاشر صاحب قشتالة بترجمته من العربية إلى الإسبانية مباشرة في القرن الثالث عشر للميلاد. وهذا المؤلَّفُ يحتوي على جداول توضيحية كاملة لحركات الكثير من الأجرام السماوية، وفيه أثبت البتاني استناداً إلى الأرصاد التي أجراها في الرقة وأنطاكية، وإلى أرصاد من سبقوه، حتى النجوم ليست ثابتة، كما كان الاعتقاد سائداً، بل إنها متحركة، وهذا اكتشاف عظيم الشأن أحدث انعطافاً حاداً في فهم الفلك. وقد اتى في المقدمة التي خطها البتّاني لزيجه ما يلي:

«إن من أشرف العلوم منزلة فهم النجوم، لما في ذلك من جسيم الحظّ وعظيم الانتفاع بفهم مدة السنين والشهور، والمواقيت وفصول الأزمان، وزيادة النهار والليل ونقصانهما، ومواضع النيّرين وكسوفهما، وسير الكواكب في استقامتها ورجوعها، وتبدّل أشكالها ومراتب أفلاكها، وسائر مناسباتها، وإني لمّا أطلت النظر في هذا الفهم، ووقفت على اختلاف الخط الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيّأ على بعض واضعيها من الخلل فيما أوصلوه فيها من الأعمال، وما ابتغوه عليها، وما اجتمع أيضاً في حركات النجوم على طول الزمان لمّا قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة، وما عثر في ميل فلك البروج على فلك معدّل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب، وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول، واتصالات النيّرين، التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها، جريت في تسليم ذلك وإحكامه على ممضى «بطلميوس» في الكتاب المعروف «بالمجسطيَّ»، بعد إنعام النظر وطول الفكر والرويّة مقتفياً أثره متبعاً ما رسمه، إذ كان قد تقصّى ذلك من وجوهه، ودلّ على الأسباب العارضة فيه، كالبرهان الهندسي العددي الذي لا تُدفع صحته ولا يشك في حقيقته، فأمر المحنة والاعتبار بعده، وذكر أنه قد يجوز حتى يستدرك عليه في أرصاده على طول الزمان، كما استدرك هوعلى أبرخس وغيره من نظرائه...».

ومع حتى زيج الصابىء هوأضخم مؤلف للبتاني، فقد كان له مؤلفات قيمة أخرى أهمها: «كتاب فهم مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك» و«رسالة في مقدار الاتصالات» و«رسالة في تحقيق أقدار الاتصالات» و«شرح أربع منطقات لبطلميوس» و«كتاب تعديل الكواكب» وله خط أخرى في الجغرافية، وقد عدّه الفلكي الفرنسي لالند Lalande أحد الفلكيين العشرين الأئمة الذين ظهروا في العالم كله.

الرياضيات

وفضلاً عن طول باعه في فهم الفلك، فإنه، كما يصفه كثير من مؤرخي العلوم، أبوفهم المثلثات المستوية والكروية. وخلافاً لبطلميوس، فقد استخدم البتاني جيوب الزوايا بدلاً من أوتار الأقواس. وقد تمكن من اكتشاف قانون مهم في المثلثات الكروية، وأوجد دساتير جبرية تعطي قيم الزوايا في بعض المعادلات المثلثاتية بعد حتى كان اليونان يحلونها هندسياً.

وفاته

يذكر صاحب الأعلام أنه ارتحل مع بعض أهل الرقة إلي بغداد للشكوي في ظلامات فلما عاد توفي في طريقه بقصر الجص، قرب سامراء. وذلك حوالي سنة 929.

أعماله

• أسهم في مجال فهم الجبر وحساب المثلثات وإليه ينسب الفضل في ابتكار منطقيب النسب المثلثية الأساسية (قا، قتا، ظتا).
• ينطق أيضا حتى البتاني كان من أوائل من اكتشفوا كروية الأرض، وأن جميع كوكب يسير في مسار بيضاوي.
• الأستاذ الزركلي في كتابه الأعلام (لم يفهم في الإسلام بلغ مبلغ بن جابر – البتاني – في تسليم أرصاد الكواكب وامتحات حركاتها).
• في نفس المرجع السابق هو(أول من كشف السمت (azimuth) والنظير (nadir) وحدد نقطتهما في السماء).
• أول من اكتشف حركة الأوج الشمسي وتقدم المدار الشمسي وانحرافه.
• يقول "نيلنو" (إن له رصودا جليلة للكسوف والخسوف اعتمد عليها دنتورن سنة 1749 م في تحديد تسارع القمر في حركته خلال قرن من الزمان).
• يقول لالند الفرنسي : (البتاني أحد الفلكيين العشرين الأئمة الذين ظهروا في العالم كله).
• هوأول من اكتشف هذه الصيغ المثلثية:

  ${\displaystyle b\sin(A)=a\sin(90^{\circ -A)$

• وأيضا:

  ${\displaystyle \tan a={\frac {\sin a {\cos a$

  ${\displaystyle \sec a={\sqrt {1+\tan ^{2 a$

  ${\displaystyle \sin x={\frac {a {\sqrt {1+a^{2$

أهم خطه

كتاب زيج الصابئ، ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، ودرس في الجامعات الأوربية حتى القرن الخامس عشر الميلادي.

تكريمات

• سميت على اسمه فوهة البتاني على سطح القمر.
• رواية دكتور هوليل البشر، ذكرت نظام شمي اسمه البتاني 045.

انظر أيضاً

• مرصد البتاني
• الزيج الصابي (كتاب)
• فوهة البتاني

الهوامش

المصادر

• الأعلام خير الدين الزركلي، جستة ص 68.
• تاريخ الفهم ودور العرب في تقدمه : د / عبد الحليم منتصر، دار المعارف.
• Hartner, Willy (1970–80). "Al-Battānī, Abū ʿAbd Allāh Muḥammad Ibn Jābir Ibn Sinān al-Raqqī al-Ḥarrānī al–Ṣābi". Dictionary of Scientific Biography. New York: Charles Scribner's Sons. ISBN .
• O'Connor, John J.; Robertson, Edmund F., "Abu Abdallah Mohammad ibn Jabir Al-Battani", MacTutor History of Mathematics archive 
• تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.

وصلات خارجية

• Dalen, Benno van (2007). "Battānī: Abū ʿAbd Allāh Muḥammad ibn Jābir ibn Sinān al‐Battānī al‐Ḥarrānī al‐Ṣābiʾ". In Thomas Hockey; et al. (eds.). The Biographical Encyclopedia of Astronomers. New York: Springer. pp. 101–3. ISBN . Explicit use of et al. in: |editor= (help) (PDF version)
• Weisstein, Eric W., Albategnius (ca. 858–929) at ScienceWorld.
• Texts on Wikisource:
  • "al-Battani, Mohammed ibn Jabir ibn Sinan". New International Encyclopedia. 1905. 
  • Chisholm, Hugh, ed. (1911). "Albategnius" . دائرة المعارف البريطانية (eleventh ed.). Cambridge University Press.
  • "al-Battani". New International Encyclopedia. 1920. 

للاستزادة

• قدري حافظ طوقان، تراث العرب الفهمي في الرياضيات والفلك (دار القلم، 1963م).
• محمد عبد الرحمن مرجا، المرجع في تاريخ العلوم عند العرب (دار الفيحاء، 1978م).
• جورج سارتون، تاريخ الفهم (القاهرة 1961م).