معركة بلاط الشهداء

عودة للموسوعة

معركة بلاط الشهداء

معركة بلاط الشهداء

رسم للفنان كارل فان ستوبين لمعركة بلاط الشهداء
الصراع: التوسع الإسلامي في أوروبا
التاريخ:عشرة أكتوبر 732 م
المكان: قرب مدينة تورز في فرنسا
النتيجة: هزيمة المسلمين
المتحاربون
دولة الإفرنج المسلمون
القادة
شارل مارتل عبد الرحمن الغافقي
القوى
من 60 إلى 75 ألف من 50 إلى 70 ألف
النتائج
حوالي 1500 قتيل كثيرة إلا إنها غير معروفة تماما

معركة بلاط الشهداء أومعركة تورز سقطتعشرة أكتوبر عام 732 م بين قوات المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي وقوات الإفرنج بقيادة تشارلز مارتل. هُزم المسلمون في هذه المعركة وقتل قائدهم وأوقفت هذه الهزيمة الزحف الإسلامي تجاه قلب أوروبا وحفظت المسيحية كديانة سائدة فيها.

التسمية

غرابة الغزاة العرب هي موضع هجريز هذه التفصيلة من الجيش العربي خارج پاريس، بريشة يوليوس شنور فون كارولزفلد، المرسومة في 1822-27، والتي تصور في الواقع حادثة خيالية من أريوستو(كاسينوماسيمو، روما)

البلاط في اللغة العربية تعني القصر، وسميت هذه المعركة ببلاط الشهداء في التاريخ الإسلامي لأن المعركة سقطت بالقرب من قصر مهجور وأضيفت حدثة الشهداء لكثرة ما سقط في تلك المعركة من قتلى للمسلمين. أما الأوروبيون فينسبون المعركة لمدينة تورز التي سقطت المعركة بالقرب منها فيسمونها معركة تورز وتسمى كذلك معركة پواتييه لوقوعها أيضا بالقرب من بلدة پواتييه في فرنسا.


ما قبل المعركة

بعد حتى فتح العرب الأندلس ووطدوا حكمهم فيها عبروا جبال البرانس وبدأوا في فتح الأراضي الإفرنجية (فرنسا في الوقت الحاضر) على يد قائدهم في ذلك الوقت السمح بن مالك الخولاني وتم على يده فتح مدن منطقة سبتمانيا أربونة وبيزارس وآجده ولوديفيه وماغيولون ونييمس. عاد السمح إلى الأندلس ليجمع جيشا يحاصر به مدينة طولوشة (أوتولوز) وينطق أنه جمع أكثر من 100 ألف إنسان من الفرسان والمشاة. قام المسلمون بحصار تولوز طويلا حتى كاد أهلها حتى يستسلموا إلا إذا الدوق أودودوق أقطانيا (أكيتين) باغته بإرسال جيش ضخم فقامت هنالك معركة عهدت في التاريخ باسم معركة طولوشة وقاوم المسلمون فيها قليلا بالرغم من قلة عددهم واستشهد قائدهم السمح بن مالك فاضطرب الجيش وانسحب المسلمون لقاعدتهم في بلاد الإفرنج مدينة أربونة وكان ذلك فيتسعة يونيو721 م.

كان السمح هووالي الأمويين في بلاد الأندلس وبعد وفاته قام الأندلسيون بتعيين عبد الرحمن الغافقي كوال مؤقت حتى ينظر الخليفة في من سيعين عليهم.

عين عنبسة بن سحيم الكلبي كوال للأندلس فقام بإكمال ما بدأ به السمح بن مالك وقد توغل كثيرا في الأراضي الفرنسية حتى بلغ مدينة أوتون في شرق فرنسا وفي طريق عودته إلى الأندلس فاجأته قوات إفرنجية فأصيب إصابة بليغة لم يلبث حتى توفي على إثرها في ديسمبر 725 م. ثم اتى أربعة ولاة للأندلس لم يحكم أغلبهم أكثر من ثلاثة سنين حتى عين عبد الرحمن الغافقي عام 730 م.

قام عبد الرحمن بإخماد الثورات القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني والثقافي. وفي تلك الأثناء قام الدوق أودوبالتحالف مع حاكم إقليم كاتلونيا المسلم عثمان بن نيساء وعقد صلحا بينه وبين المسلمين وتوقفت الفتوحات الإسلامية في بلاد الإفرنج. كان الدوق أودويفهم حتى عدوه الأبرز هوتشارلز مارتل -وخاصة بعد معركة طولوشة- وأنه إذا صالح المسلمين فإنه سيأمن هجماتهم من جهة وسيشكلون قوة ورانادى في وجه تشارلز مارتل من جهة أخرى إذ لن يفكر تشارلز في مهاجمته خوفا من المسلمين.

قام عثمان بن نيساء في مالم يكن في الحسبان فقد قام بإعلان استقلال إقليم كاتلونيا عن الدولة الأموية فما كان من عبد الرحمن الغافقي إلا حتى أعرب الحرب ضده بصفته خائنا ولم يستثن عبد الرحمن الدوق أودومن هذا الأمر فجهز جيشه وأخضع كاتلونيا لدولته ثم اتجه صوب أراض أودووحاصر مدينة البردال (بوردو) وفتحها المسلمون وقتلوا من جيش أودوالكثير حتى نطق المؤرخ إسيدورس باسينسيز "إن الله وحده يعهد عدد القتلى".

المعركة

وجد تشارلز مارتل الوضع في بلاده مناسبا لإخضاع الأنطقيم الجنوبية التي طالما استعصت عليه وكان يفهم حتى العقبة الوحيدة في طريقه هي جيش المسلمين. كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييه وتور بعد حتى استولى على المدينتين، وفي ذلك الوقت كان جيش تشارلز مارتل قد انتهى إلى نهر اللوار دون حتى ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه، وحين أراد الغافقي حتى يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل حتى يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر تشارلز بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي [1]. لقد اختار مارتل بحنكته مكان المعركة وتوقيتها أي أنه أجبر المسلمين على التواجد في المكان الذي يريده لهم.

حصلت بعض المناوشات بين الجيشين وكأن المعركة حرب استنزاف، من يصمد أكثر من الطرفين ينتصر. ومكث الطرفين على هذه الحال منستة إلىتسعة أيام (هناك اختلاف بين المؤرخين على مدة المعركة) وفي اليوم الأخير للمعركة قامت معركة قوية بين الجيشين ولاح النصر للمسلمين. رأى مارتل شدة حرص جنود المسلمين على الغنائم التي جمعوها فأمر بعض أفراد جيشه بالتوجه لمخيم المسلمين والإغارة عليه لسلب الغنائم فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، فاضطربت صفوف المسلمين واستطاع الإفرنج النفاذ في قلب الجيش الإسلامي. ثبت عبد الرحمن مع قلة من جيشه وحاولوا رد الهجوم بلا جدوى وقتل عبد الرحمن فازداد اضطراب المسلمين وانتظروا نزول الليل حتى ينسحبوا لقاعدتهم أربونة قرب جبال البرانس.

ومع صباح اليوم التالي قام الإفرنج لمواصلة القتال إلا أنهم فوجئوا بانسحاب المسلمين ولم يجرؤ مارتل على اللحاق بهم وعاد بجيشه لبلاده. تحليل المعركة

تضافرت عوامل كثيرة في هذه النتيجة المخزية، منها حتى المسلمين بتروا آلاف الأميال منذ خروجهم من الأندلس، وأنهكتهم الحروب المتصلة في فرنسا، وأرهقهم السير والحركة، وطوال هذا المسير لم يصلهم مدد يجدد حيوية الجيش ويعينه على مهمته، فالشقة بعيدة بينهم وبين مركز الخلافة في دمشق، فكانوا في سيرهم في نواحي فرنسا أقرب إلى قصص الأساطير منها إلى حوادث التاريخ، ولم تكن قرطبة عاصمة الأندلس يمكنها معاونة الجيش؛ لأن كثيرًا من العرب الفاتحين تفرقوا في نواحيها.

وتبالغ الروايات في سيرة الغنائم وحرص المسلمين على حمايتها، فلم تكن الغنائم تشغلهم وهم الذين بتروا هذه الفيافي لنشر الإسلام وإعلاء حدثته، ولم نألف في حروب المسلمين الحرص عليها وحملها معهم أينما مضىوا، ولوكانوا حريصين عليها لحملوها معهم في أثناء انسحابهم في ظلمة الليل، في الوقت التي تذكر فيه الروايات حتى الجيش الإسلامي هجر خيامه منصوبة والغنائم مطروحة في أماكنها.

ما بعد المعركة

أدت المعركة إلى توقف الزحف العربي الإسلامي في أوروبا الغربية وقد أعطي تشارلز لقب مارتل (أي المطرقة) بعد المعركة. وقد اختلف المؤرخون، قديمون أومعاصرون، مسلمون أومسيحيون في أهمية تلك المعركة فالبعض وصفها بأنها حفظت المسيحية من الفناء وأنقذت أوروبا من الإسلام فيقول المؤرخ إدوارد جيبون في كتابه اضمحلال الإمبراطورية الرومانية:

«خط فوز [المسلمين] طوله ألف ميل من جبل طارق حتى نهر اللوار كان غير مستبعد حتى يكرر في مناطق أخرى في قلب القارة الأوروبية حتى يصل بالساراكنز [يقصد المسلمين] إلى حدود بولندا ومرتفعات أسكتلندا، فالراين ليس بأصعب مرورا من النيل والفرات وإن حصل ما قد ذكرت كنا اليوم سنرى الأساطيل الإسلامية تبحر في التايمز بدون معارك بحرية ولكان القرآن يفهم اليوم في أوكسفورد ولكان وعاظ الجامعة اليوم يشرحون للطلاب المختونين قداسة وصدق الوحي النازل على محمد.»

يختلف الكثير من المؤرخين مع وجهة نظر جيبون فيخبرون عن فتوحات المسلمين أنها لم تكن تتوقف لهزيمة أوخسارة معركة فللمسلمين الكثير من المحاولات لفتح القسطنطينية قبل حتى فتحت في عهد العثمانيين وقد هزم المسلمون أكثر من مرة في الهند وبلاد ما وراء النهرين إلا حتى ذلك لم يكن ليمنعمهم من مواصلة القتال. ويشير أولئك المؤرخون حتى المسلمين لمقد يكونوا طامحين في مواصلة القتال في القارة الأوروبية لأن تلك الأراضي كانت تعيش في وضع اجتماعي وثقافي وحضاري منحط.

كما حتى الأمويون في الأندلس عانوا الأمرين بسبب وجود جيوب المقاومة المسيحية في شمال البلاد والتي أرهقتهم وأشغلتهم عن مواصلة القتال في القلب الأوروبي وعانوا كذلك بسبب العباسيين الذين كانوا يتحينون الفرصة لإزالة دولتهم والحصول على أراضيها وبلغ الأمر لحد تعاون الخليفة العباسي هارون الرشيد مع الفرنجة ضد الأمويين في الأندلس [2] الأمر الذي أدى لجعل حروب الدولة الأموية الأندلسية حروب دفاع لا حروب فتح وتحرير.


الهامش

  1. ^ The patriotic and religious fresco project and its cultural implications are discussed by Albert Boime, A Social History of Modern Art 2004, pp 62ff.

مصادر

  • كتاب اضمحلال الإمبراطورية الرومانية لإدوارد جيبون - الجزء 52 حدود الغزوالعربي.
  • مسقط إسلام أون لاين - بلاط الشهداء.. وتوقف المد الإسلامي بأوروبا.
  • هارون الرشيد ولعبة الأمم من مسقط قناة الجزيرة.
  • إيان ميدوز يتحدث عن الوجود العربي في أوروبا من وجهة نظر عربية في مجلة أرامكوالإنجليزية

روابط أخرى

  • دروس من التاريخ - مجلة الجامعة الإسلامية في المدينة
  • According to Edward Shepherd Creasy Chapter VII. The Battle Of Tours, A.D. 732.
  • Medieval Sourcebook: Arabs, Franks, and the Battle of Tours, 732: Three Accounts
  • Medieval Sourcebook: Anon Arab Chronicler: The Battle of Poitiers, 732
  • History of Europe: The Battle of Tours
  • BBC In Our Time: The Battle of Tours. (Radio programme discussing the battle)
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:35:12
التصنيفات: 732 في اوروپا, نزاعات القرن الثامن, معارك الفرنجة, الإسلام في فرنسا, Matter of France, الأسرة الكارولنجية, تاريخ تورز, عقد 730 في فرنسا, القرن الثامن في فرنسا, معارك الدولة الأموية, تاريخ فرنسا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أوكرانيا: الموافقة على طلبات روسيا مستحيلة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:45
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 99%

لاجئو أوكرانيا.. فرصة "ليد عاملة" لأوروبا "قد تنفجر لاحقاً"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:44
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 96%

ميتا: التغيير في سياسة "خطاب الكراهية" يطال أوكرانيا فقط

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:45
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 91%

تشيلسي يواجه خطر "الرحيل الجماعي للاعبيه" بعد تجميد حسابات النادي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

الأسبوع المقبل موعد توقيع كيليان مبابي لريال مدريد

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:32
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

أوكرانيا تتهم موسكو بقصف مسجد لجأ إليه 80 مدنياً

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:46
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 91%

أسعار النفط تهبط 4.6%.. أكبر تراجع أسبوعي منذ نوفمبر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:44
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 94%

مصر تعلن انكسار الموجة الخامسة من وباء كورونا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:53
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 95%

روسيا: طائرات المساعدات العسكرية لأوكرانيا قد تكون هدفاً لجيشنا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-12 12:16:43
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

تحميل تطبيق المنصة العربية