القريشي مدني
الشيخ القريشي مدني
http://3.bp.blogspot.com/-wUz9HA8OSIQ/Us7sujMqOlI/AAAAAAAAAKo/rHj4ASRcYEg/s400/index.jpg
- ولد الشيخ القريشي مدني سنة 1925 بدوار بن اذياب . توفي والده وهوابن عامين، فكفله عمه الشيخ الصحراوي وحرص على تربيته تربية صالحة ونشأة دينية؛ فأودعه عند مفهم القرآن بدوار بن اذياب الشيخ النواري عشاش، فحفظ القرآن الكريم في سن العاشرة من عمره .
وفي سنة 1943 انتقل إلى زاوية قجال ليتلقى أولى دروسه في الفقه والنحومن الشيخ المختاربن الشيخ، وبعد عام من الدراسة التحق بمدينة سطيف ودرس فيها سنتين على يد جميع من الشيخ البشيرالسيحمدي والشيخ رابح بن مدور والشيخ محمد عادل رحمهم الله. ولما توقفت الدراسة بسبب ثورة الثامن من ماي 1945 عاد الشيخ القريشي إلى زاوية قجال للقيام بالتعليم القرآني وإمامة المصلين بمسجد الزاوية خلفا للشيخ الأخضر الحسناوي الذي تقدمت به السن .
لما أنهى الأستاذ الشهيد عبد الحميد حمادوش دراسته بتونس وعاد إلى أرض الوطن وباشر التعليم بالزاوية ، كان الشيخ القريشي من أبرز طلبته ليتفقه في الدين وعلوم اللغة العربية وفهم الحساب والتفسير، وبقدر ما كان حريصا على طلب الفهم كان أكثر حرصا على القيام بدوره في تعليم القرآن؛فتخرج على يده الكثير من حفظة القرآن الكريم وقد قامت بينه وبين أفراد عائلتنا بدءا من شيوخها وانتهاء بأطفالها جميع وشائج المحبة والثقة والاحترام والتقدير فصار الشيخ القريشي كأنه واحد من أفراد العائلة ، يرافق الشيخ محمد الصديق والأستاذ عبد الحميد في الحل والترحال وتعهد على الفهماء وجالس الأعيان فأكسبه ذلك أدبا وفهما وتجربة في الحياة ، ومن الفهماء الذين تشرف بمعهدتهم إمام الحرمين الشيخ محمد العربي التباني ، والشيخ البشير الإبراهيمي والشيخ المسعود بن سالم وغيرهم .
في بداية الثورة الكبرى تعاون الشيخ القريشي مع أستاذه الشيخ عبد الحميد في جمع الأسلحة والتبرعات لفائدة الثورة وفي سنة 1956 هجر التعليم بالزاوية والتحق بالعمل الثوري، فعمل عضوا في لجنة بن ذياب، وألقى عليه الاستعمار القبض يوم 17/03/1960 وقد تعرض للتعذيب الشديد أثناء استنطاقه ،ومكث في سجن الفهمة خمسة أشهر ونصف الشهر.ثم نقل إلى معتقل تيفشون . وفي يوم 15/01/ 1961 أطلق سراحه، فرجع إلى العمل الثوري من حديث بتاريخ 1961/10/24 كمسؤول بدوار بن ذياب إلى يوم الاستقلال .
- أما بعد الاستقلال فنشهد في يوم ذكراك ياشيخنا - وأنت في دار البقاء - أنكم استطعتم أنت ورفاق لك كالشيخ إسماعيل زروق والإخوة الأساتذة من فلسطين تيسير ويعقوب والذيب واللجنة المسيرة المتكونة من شيخ الزاوية حمادوش الصديق وسي البشير قزوط والشيخ لحسن بودرافة والبشير فلاحي وبوزيد هيشور وغيرهم حتى تبعثوا من حديث مشروع الزاوية تحت اسم مدرسة الشهيد عبد الحميد حمادوش التي أدت دورا رائدا في تعليم أبناء المنطقة لتنقذ أجيالا كاملة من هلاك الجهل والأمية وتجعل منهم رجال تربية وتعليم ، ولولا قرار إدماج التعليم الحر في التعليم الرسمي الذي كان نكسة للتعليم في بلادنا لأنه وباختصار شديد جمد العملية التعليمية وقضى على أبرز عنصرين فيها؛ روح الثورة التي ورثها جيلنا عن الثورة المباركة في حتى نحذوحذوالشهداء الذين حرروا البلاد لنحقق نحن بدورنا لبلادنا بمداد القلم الذي يوزن يوم القيامة بدماء الشهداء نهضة معهدية وثقافية وفهمية وإبداعية عملاقة تخرجها من دائرة التخلف إلى قوة ورفاهية الدول المتقدمة . بينما كان التعليم الرسمي يحمل روح الإدارة الاستعمارية في تكريس النظرة الدونية للغة العربية وحاملها الذي كان يمثل في ذهنية أغلبية سدنة الإدارة من وراء الكواليس ذلك الأهلي في العهد الاستعماري أما العنصر الثاني فتمثل في وأد الفاعلية التي كانت تتمتع بها المدرسة الحرة المستندة على قاعدة التنافس بين مؤسساتها لتحقيق تعليم أفضل ونتائج أكثر نجاعة وكفاءة.فرغم حتى المدارس الحرة كانت تفتقر إلى أبسط المقومات في هياكلها ووسائلها إلا أنه بروح الثورة الكامنة في إرادتها وعنفوانها كانت قادرة على تجاوز ذلك من أجل تحقيق جميع آمالها. ولذلك أقول لولا ذلك القرار لكان لمدرسة قجال وغيرها من المدارس الحرة عبر الوطن شأن آخر، ولكان مسار التعليم غير الذي نراه اليوم من تدن للمستوى التعليمي والتربوي وفوضى كبيرة في التسيير وتخبط في عملية الإصلاح التي يتحدثون عنها كثيرا ولانرى منها إلا النتائج الأسوء. - واليوم ونحن نستعيد ذكراك يا شيخنا بكل زخمها وشموخها وما أبديت من استعداد للعطاء بعد تقاعد ك من أجل حتى تبعث الزاوية من حديث لتؤدي دورها في الإرشاد والتوجيه والتعليم ؛فاعتليت منبرها لإقامة أول جمعة في مسجد ها سنة 1982 بعد انقطاعها منذ عهد الشيخ الصديق حمادوش رحمه الله ( 1834/1893 ) وتطوعت لتقديم دروس في اللغة والفقه والتفسير والنحووالشعر العربي لسنوات عدة في أكثر من مسقط للطلبة والإئمة وحتى في بيتك ، ورغم السقم لم تبخل علينا بالتوجيه والنصيحة ، وكان يؤلمك كثيرا ما كانت تتعرض له الزاوية وأهلها من مضايقات ومحاولات التثبيط والتشكيك والهمز واللمز والاستطالة في أعراضنا حتى تساءل أخ مخلص من الذين يعز عليهم المس بكرامة عائلتنا: لما يكرهونكم إلى هذه الدرجة ،يا ترى؟ ولقد زادت الأحوال سوءا بعد رحيلك عنا ، حيث أشهر خصوم الزاوية وأهلها جميع أسلحتهم ؛ فمن محاصرتها في المكان إلى السخرية والاستهزاء من الزاوية ورموزها وتاريخها إلى الإنادىء بالحق التاريخي فيها أوالحق فيما بقي من جدرانها لفلان أوعلان، إلى صد المصلين عن الصلاة فيها لينتهي الأمر إلى السقوط في حمأة التنازع والاستهتار والفضاضة وسلوكات منحطة لا تليق بالمكان ولا بمن يتبوأ العمل في زاوية اومسجد ، يبرأ العاقل بنفسه حتى يشارك فيها .
لقد مرت ذكرى رحيلك لتطرح أكثر من سؤال على جميع من عهدوك ،وطلبتك بصفة خاصة ،تذكرهم بواجب الوفاء ، وحق المفهم على المتفهم ،وحق الفهم الذي اخذوه في حتى يفهموه غيرهم ، وقد قضى الله تعالى على من تفهم شيئا حتى يفهمه .
في يوم ذكراك نسأل الله تعالى لك ولكل الذين كانت لهم المساهمة في زاوية قجال قبل الثورة وبعدها وعبر تاريخها الطويل حتى يتغمدكم الله تعالى برحمته ورضوانه إنه سميع مجيب .
