زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري صحابي جليل ومحرر الوحي.

زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري النجاري. أبوسعيد. أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعمره أحد عشر عاما. لم يشهد بدرا لصغر سنه وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد. كان أحد الناس الذين جمعوا القرآن على عهد أبي بكر, وكان يخط الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره الرسول حتى يتفهم العبرية ونطق: إني لا آمن حتى يبدلوا كتابي. خط لأبي بكر وعمر وعينه عثمان لكتابة المصحف وثوقا بدينه وحسن كتابته, وكان مع غيره ممن عينهم عثمان لهذه الغاية. كان أحد فقهاء المدينة السبعة, واشتهر بالفرائض, وكان ابن عباس على جلالة قدره يأتيه إلى بيته للأخذ عنه ويقول: الفهم يؤتى ولا يأتي. استخدمه عمر بن الخطاب على القضاء وكان يستخلفه في جميع سفر. كان زيد عثمانيا, ولم يشهد مع علي شيئا من حروبه, وكان يظهر فضل علي وتعظيمه. روى عنه الحديث كثير من الصحابة والتابعين.

نسبه

• هو : زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمروبن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة، من المدينة النبوية.
• زوجته : أم العلاء الأنصارية ووالدة ابنه خارجة بن زيد بن ثابت.

إسلامه

يوم قدم رسول الله المدينة كان يتيماً فوالده توفي يوم بعاث وسنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة، وأسلم مع أهله وباركه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالنادىء.

الفهم

كان زيد مثقفا وتفوق في الفهم والحكمة، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال خطه لملوك الأرض وقياصرتها، أمر زيدا حتى يتفهم بعض لغاتهم فتفهمها في وقت وجيز. يقول زيد: «أُتيَ بيَ النبي مَقْدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة. فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فنطق: " تعلّمْ كتاب يهود، فإنّي ما آمنهم على كتابي ". فعملتُ، فما مضى لي نصف شهر حتى حَذِقْتُهُ، فكنت أخط له إليهم، وإذا خطوا إليه قرأتُ له». ثم طلب إليه الرسول حتى يتفهم "السريانية" فتفهمها في سبعة عشر يوماً.

وكان يتابع وحي القرآن حفظا، وكان الرسول جميع مانزل الوحي عليه، بعث إلى زيد فخطه.

ونطق النبي عنه: " أفرض أمتي زيد بن ثابت "

فضله

تألق زيد في المجتمع الأسلامي بفضل فهمه وتبوأ فيه مكانا عاليا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم.

ففي غزوة تبوك حمل عُمارة بن حزم أولا راية بني النجار، فأخذها النبي منه فدفعها لزيد بن ثابت فنطق عُمارة: " يا رسول الله! بلغكَ عنّي شيءٌ،يا ترى؟ " فنطق له الرسول: " لا، ولكن القرآن مقدَّم ".

وذكر ان زيد مضى ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فنطق له زيد: " تنح يا ابن عم رسول الله! " فأجابه ابن عباس : " لا، فهكذا نصنع بفهمائنا ". كما نطق ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت: " ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد ".

وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حجّ على المدينة، وزيد هوالذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهوأحد أصحاب الفَتْوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبوموسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استخدمه عمر على القضاء وفرض له رزقاً.

نطق الزهري : لوهلك عثمان وزيد في بعض الزمان، لهلك فهم الفرائض، لقد أتى على الناس زمان وما يفهمها غيرهما. ونطق جعفر بن برقان : سمعت الزهري يقول : لولا حتى زيد بن ثابت خط الفرائض، لرأيت أنها ستمضى من الناس.

نطق ابن سيرين: " غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض ".

حفظه للقرآن

حسب الخط والإيمان الإسلامي، منذ بدأ الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل، ورسول الله يتلو، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، يحتفظون بالآيات مسطورة، وكان منهم علي بن أبي طالب، أبي بن كعب، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت.

وقد قرأ زيد على رسول الله في العام الذي توفي فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه خطها لرسول الله وقرأها عليه، وشَهِدَ العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات.

بداية جمع القرآن

بعد وفاة رسول الله شُغِل المسلمون بحروب الردة، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبيرا، فما حتى هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبي بكر الصديق راغبا في حتى يجمع القرآن قبل حتى يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ. واستخار الخليفة ربه، وشاور صحبه ثم نادى زيد بن ثابت ونطق له: " إنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تخط الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتَتَبَّع القرآنَ فاجْمَعْهُ ". فقلت : كيف من الممكن أن تعملون شيئا لم يعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم! فنطق : هووالله خير. ونطق زيد بن ثابت، فلم يزل أبوبكر يراجعني، حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر.

ونهض زيد بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها، يقابل ويعارض ويتحرى مكانه، ونطق زيد بن ثابت حدثته المشهورة في جمع القرآن نطق: «والله لوكلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن». كما نطق: «فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال». وأنجز المهمة وجمع القرآن في أكثر من مصحف.

الفترة الثانية في جمع القرآن

وفي خلافة عثمان بن عفان كان الإسلام يستقبل جميع يوم أناسا جددا عليه، فأصبح جليا ما يمكن حتى يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين الأولين، فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف، فنطق عثمان: " مَنْ أخط الناس،يا ترى؟ ". نطقوا: " محرر رسول الله زيد بن ثابت ". نطق: " فأي الناس أعربُ،يا ترى؟ ". نطقوا: " سعيد بن العاص ". وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله، فنطق عثمان: " فليُملِ سعيد وليخط زيدٌ ".

واستنجدوا بزيد بن ثابت، فجمع زيد أصحابه وأعوانه واتىوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر وباشروا مهمتهم الجليلة، وكانوا دوما يجعلون حدثة زيد هي الحجة والفيصل.

الجهاد

خرج مع قوم من الأنصار إلى غزوة بدر، لكن رسول الله رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد مضى مع جماعة من أترابه إلى الرسول محمد يرجون حتى يضمهم للمجاهدين وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم، ونظر إليهم الرسول شاكرا وكأنه يريد الاعتذار، ولكن رافع بن خديج وهوأحدهم تقدم إلى الرسول وهويحمل حربة ويستعرض بها قائلا: " إني كما ترى، أجيد الرمي فأذن لي " فأذن له، وتقدم سمرة بن جندب ونطق بعض أهله للرسول: " إذا سمرة يصرع رافعا ". فحياه الرسول وأذن له.

وبقي ستة من الأشبال منهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وبذلوا جهدهم بالراتى والدمع واستعراض العضلات، لكن أعمارهم صغيرة، وأجسامهم غضة، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة، إلى غير ذلك بدأ زيد مع إخوانه دوره، كما هومسمى في الإسلام، كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة. وشهد أيضاً غزوة تبوك مع الرسول.

يوم السقيفة

بعد وفاة الرسول اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة, اجتمع المهاجرون والأنصار لاختيار خليفة منهما, فقد نطق الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم, ولكن زيد بن ثابت محرر الوحي نطق رأياً سديداً جعل الناس جميعاً ترضى بحكمه, نطق :((إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره, وإني أرى حتىقد يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره)).

وفاته

توفي زيد بن ثابت سنة 45 هـ في عهد معاوية. وعند موته نطق بن عباس: ((لقد دفن اليوم فهم كثير )). ونطق أبوهريرة : توفي حبر الأمة ! ولعل الله حتى يجعل في ابن عباس منه خلفا.

انظر أيضا

• أمراء وحكام المدينة المنورة.

المراجع

• http://history.al-islam.com/names.asp?year=45#n265