دولة فلسطينية للهنود الحمر
المؤلف | منير العكش |
---|---|
البلد | لبنان |
اللغة | العربية |
الموضوع | القضية الفلسطينية |
الناشر | رياض الريس للخط والنشر |
الإصدار | 2015 |
دولة فلسطينية للهنود الحمر، هوكتاب من تأليف منير العكش صدر عن رياض الريس للخط والنشر، لبنان، 2015.
فكرة الكتاب
عنوان كتاب الباحث والمترجم منير العكش دولة فلسطينية للهنود الحمر يختزل جميع الحكاية. فهوليس مجرد مفارقة متهكمة أوسوداوية هنا، أومقاربة مجازية أوشعرية لمأساتي الهنود الحمر والفلسطينيين، وإنما الإطار العام لما سيكشفه العكش في الكتاب عن قواسم مشهجرة عميقة بين سياستي الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء الشعبين المقهورَين على التوالي، إضافة إلى التشابه المذهل في صناعة الظروف التي أدت إلى جعل أحلام الفلسطينيين والهنود الحمر في إقامة دولة، على مقاس متطابق تقريباً. ما يجعل من أية بترة شعرية مثلاً أوقراءة روائية للمسألة، شأناً مشروعاً جداً. بهذا، لن تعود قصيدة محمود درويش «خطبة الهندي الأحمر» مجرد محاولة لإحالة سيرة الهنود الحمر في الولايات المتحدة إلى مجاز فلسطيني، وإنما واقعاً تاريخياً مريراً حتى وإن عُلِفَ هذا الواقع بالصور الشعرية والغناء. الأمر أيضاً يُذكِّر بما نطقه بول أوستر في إحدى لقاءاته الصحافية، بما معناه، إنه ما دامت حكومة واشنطن بهذا الانحياز الفاضح لإسرائيل فلماذا لا تمنح الإسرائيليين واحدة من ولاياتها الأمريكية، كوطن بدلاً من فلسطين، ويكون ذلك هوالحل.
المأساة الفلسطينية، يمكن اعتبارها تجديداً للمأساة الهندية، الأمر الذي يجعل للكتاب قيمة بحثية، ودلالية في آليات السياسة والتحولات الكبرى في التاريخ وهجرات الشعوب. ظل المفاوضون الأمريكيون يناورون الهنود الحمر، بوهم الدولة. حتى عثر هؤلاء أنفسهم، في معاهدة دفاع عسكرية جنباً إلى جنب مع الغزاة. أخذ الأمريكيون يتمددون في مستوطنة تلوالأخرى، ثم يبنون الحصون والقلاع التي سيستعملونها ضد قبائل أخرى من الهنود، قبل الإنقضاض على حلفائهم في نهاية الأمر. المعاهدة كانت مزورة، وبعد حتى جهد الزعيم الهندي وايت آيز في إتمام المعاهدة وتوقيعها باسم شعب الدولاوير، بل والمناداة بالدخول في دين الرجل الأبيض، تم تسميمه بعد مضي أسبوعين على التوقيع، بأوامر من جورج واشنطن شخصياً. فقد أدى وايت مهمته بوضع الهنود تحت سلطة الغزاة الجدد. لم يستخدم الأمريكيون البولونيوم آنذاك، أوأية ميلليجرامات من أي عنصر مشع آخر، وإنما جراثيم الجدري. واحد من أول الاغتيالات السياسية في التاريخ الحديث باستخدام سلاح بيولوجي.
أي معاهدة لم تكن لتوقف تقدم الإنسان الأبيض، بميليشياته وخططه وشركاته وفكره وعزمه تحويل السكان الأصليين إلى فئة لا تمتلك أية أفضلية ولا تتعادل في الحقوق والمستوطنين الجدد. فنقرأ حتى الفيلسوف توماس هوبس اعتبر حتى طبيعة الأمم والشعوب الهندية لا تسمح لهم بانشاء دولة. وقد جندت الشركة الاستعمارية الإنگليزية فرجينيا التي ساعدت في الترويج لأدب ديني زعم تنصير الهنود، متسلحة برعاية المملكة الإنگليزية لها من جهة وانادىءها التعلل بعناية الله من جهة أخرى. فبهذه العناية وحدها، يصبح الغزاة الإنگليز «شعب الله» الأول. المستوطنات أخذت تنتشر، مبشرة بواقع جيوسياسي وديني جديد، اعتبره الأميركيون واقعاً ديموغرافياً وعمرانياً جديداً ينبغي على الهنود الاعتراف به أولاً ووقف اعتباره مشكلة. رغم إنه واقع أقيم بالغصب على أرضهم. ممارسات لا يمكن إلا حتى تحيلنا على آلية إسرائيل في ضرب الفلسطينيين أثناء اجتماعها بهم على طاولة المفاوضات. المفارقة الكبرى حتى الأمريكيين كانوا قد وعدوا الهنود بإطلاق اسم كنعان على دولتهم الموعودة. في خضم ذلك، وبعد الحرب الأهلية، صارت جموع الوافدين إلى الوطن الجديد تشكل الغالبية المطلقة فطرد الهنود، من موطنهم، وأصبحوا يقيمون في وطن وهمي مكتوب فقط في المعاهدات المسقطة مع الاميركيين ثم المزورة في فترة لاحقاً. وطن ينتظرونه على بقعة جغرافية صغيرة وجديدة في جميع مرة. مفردات كـ «الوطن»، «الدولة الهندية»، «الدولة الخالدة»، «الوطن الأبدي»، «سيادة الشعب الهندي واستقلاله»، ترد، بحسب ما يورد العكش في كتابه، في جميع المعاهدات الخمس والعشرين المسقطة بين الحكومة الأمريكية والهنود. فوق ذلك، فإنك تجد اليوم كتّاباً في الولايات المتحدة، يسمحون لأنفسهم بأن يهزأوا مما تظل من أولئك الهنود. مؤخراً رفض عدد من الممثلين الهنود، أداء أدوار لهم في فيلم بانتاج هوليوودي، يسيء إلى ثقافتهم وعاداتهم ويفرغهم من أي ذكاء أوإرث حضاري.
كتاب العكش، الذي لا يقتصر على مطالعة متبحرة في جميع الأسباب والمبررات السياسية والدينية والفكرية والعسكرية، وكل الإلتواءات والكسور العلنية التي أحدثها المستوطنون الإنكليز من جهة والإسرائيليون من جهة أخرى، في جسد الأخلاق، بل هودراسة أيضاً لفضيحة استعمارية انشغل العالم عنها طويلاً، بل حتى تحضر وللمرة الأولى بهذا الشكل والتفاصيل والمقاربة الفكرية. كتاب ينبغي على جميع سياسي فلسطيني ومفاوض حتى يخصص وقتاً لمطالعته، لأن صورة تاريخه هناك، ولن يجهد كثيراً ليجدها.
المصادر
- ^ "صورة التاريخ الفلسطيني الحديث في مأساة الهنود الحمر". جريدة الحياة اللبنانية. 2015-07-20. Retrieved 2015-07-21.