حرب الثمانين عاماً

عودة للموسوعة

حرب الثمانين عاماً

حرب الثمانين عاماً

إغاثة لايدن بعد الحصار، 1574
التاريخ 1568–1648
المسقط
البلدان الوطيئة
(حرب استعمارية عالمية)
النتيجة فوز هولندا
سلام مونستر
استقلال الجمهورية الهولندية
احتفاظ إسپانيا بجنوب هولندا
الخصوم
 هولندا
 مملكة إنگلترة
ناساو
هيوگنو
 مملكة فرنسا
الامبراطورية الإسپانية
 الإمبراطورية الرومانية المقدسة

حرب الثمانين عاماً Eighty Years' War أوحرب الاستقلال الهولندية، (1568–1648)، بدأت عندما ثارت المقاطعات السبعة عشر ضد فليپه الثاني ملك إسپانيا، صاحب السيادة على هولندا الهابسبورگية.

وبعد المراحل الأولى، نشر فيليب الثاني جيوشه واستعاد السيطرة على معظم المقاطعات الثائرة. وعلى الرغم من حتى المحافظات كانت تحت قيادة ويليام أمير أورانج في المنفى، إلا حتى المحافظات الشمالية واصلت مقاومته وتمكنوا من طرد جيوش هابسبورگ، وأنشأت جمهورية هولندا السابعة المتحدة. واستمرت الحرب إلى حتى انتهت في عام 1648 بسلام مونستر، والإعتراف بالجمهورية الهولندية كدولة مستقلة.

أسباب الحرب

فرناندوألڤارز ده تولدو، دوق ألبا الثالث كان في التاسعة والخمسين من العمر، وكأنه صورة أبدعتها ريشة الرسام إل گريكو: طويل القامة، نحيل القوام، ذوعينين سوداوين، وبشرة صفراء، ولحية بيضاء فضية، وكان قد ورث، وهوفي سن العشرين، لقبه اللامع الذائع الصيت، وضياعه الشاسعة، وبدأ العمل العسكري في سن مبكرة، وامتاز بالشجاعة والذكاء والقسوة. وألحقه فيليب بأخص مجالسه واستمع مغتبطاً إلى مشورته وكان حكمه في هذه الساعة العصيبة ما يقضي به جندي درج على النظام الأسباني والورع الأسباني: اسحق الثوار العصاة دون شفقة ولا رحمة، فإن أي تنازل يقوي المعارضة. وأطلق فيليب يده ومنحه جميع السلطة ونادى له بالتوفيق.

شق ألفا طريقه إلى إيطاليا، وهناك جمع أساساً من الحاميات الأسبانية في نابلي وميلان صفوة الجند ليشكل جيشاً قوامه عشرة آلاف رجل، ألبسهم أفخر الثياب وزودهم بأحدث العدة والعتاد، وأثلج صدورهم بألفين من بنات الهوى أحسن اختيارهن وإعدادهن وقاد الجيش عبر جبال الألب، وعبر برجندي واللورين ولكسمبورج وفي 22 أغسطس 1567 ولج بروكسل وتلقاه اجمونت في جميع الخضوع والخشوع. وقدم له جوادين نادرين هدية. ولقيته مرجريت يعروها الآسى والأسف وهي تشعر بأن أخاها حل محلها وفرض سلطانه عليها في نفس الوقت الذي كانت قد أعادت فيه نظاماً إنسانياً. واحتجت مرجريت عندما أقام ألفا حاميات أسبانية في جميع المدن. وأجاب في فتور "إني على استعداد لاحتمال جميع الخزي والوزر".

واستأذنت مرجريت الملك فيليب في الاستنطقة من منصبها، فأجابها إلى طلبها مع منحها معاشاً سخياً يضمن لها الهناءة، وفي ديسمبر رحلت عن بروكسل إلى موطنها في بارما، وقد حزن من أجلها الكاثوليك الذين أجلوها واحترموها، والبوتستانت الذين تنبأوا بأنه سيتضح وشيكاً حتى أشد قساوتها كانت ليناً واعتدالاً إلى جانب وحشية ألفاً المنتظرة.


التمهيد للحرب

وأقام نائب الملك الحاكم العام الجديد في قلعة أنتورب، وأعد نفسه لتطهير الأراضي الوطيئة من الهرطقة، ونادى إگمونت وهورن إلى العشاء وأكرم وفادتها. ثم ألقى القبض عليهما وأوفدهما في حراسة مشددة إلى أحد الحصون في غنت (7 سبتمبر) وعين "مجلس القلائل" الذي أطلق عليه البروتستانت الجزعون من حديث اسم "مجلس الدم" وكان سبعة من أعضائه التسعة من الأراضي الوطيئة واثنان من الأسبان، وكان لهذين العضوين فقط حق التصويت. واحتفظ ألفا لنفسه بالقرار الحاسم في أي موضوع يعنيه بخاصة. وأمر المجلس بالبحث عن المشتبه في معارضتهم للكنيسة الكاثوليكية أوالحكومة الأسبانية، واعتنطقهم ومحاكمتهم سراً، ومعاقبة من يحكم عليهم دون ترفق أوإبطاء. وانبث الوكلاء للتجسس، وشجع المخبرين على الغدر بأقاربهم وأعدائهم وأصدقائهم وحظرت الهجرة، وأعدم ربانية السفن الذين يساعدون على ربانية عليها شنقاً(23). وحكم على جميع مدينة عجزت عن قمع الثورة أومعاقبة العصاة بأنها مذنبة، وأودع موظفوها السجن أوفرض عليهم الغرامة. وأعتقل آلاف الأفراد. وذات صباح واحد قبض على نحو1500 في مضاجعهم ونقلوا إلى السجون. وكانت المحاكمات قصيرة عاجلة، وكان الحكم بالإعدام يصدر أحياناً بالجملة، على ثلاثين أوأربعين أوخمسين دفعة واحدة(24). وفي شهر واحد-(يناير 1568) أعدم 84 شخصاُ من سكان ڤالنسيان. وسرعان ما كان من العسير حتى تجد الفلاندرز أسرة غير حزينة على فرد منها اغتال أوأعتقل بأمر من "مجلس القلائل". وندر حتى كان في الأراضي الوطيئة من يجسر على الاحتجاج، فإن أيسر النقد كان يعني الاعتنطق.

وأحس ألفا بأن نجاحه قد تلطخ بعجزه عن إيقاع وليم أورانج في حبائله. وأصدر مجلس المتاعب قراراُ باتهام الأمير وأخيه لويس، وزوج أخته كونت فان دن برج، والبارون مونتيني وغيرهم من الزعماء، بتشجيع الهرطقة والثورة. وكان مونتيني لا يزال في أسبانيا، فأودعه فيليب السجن. وكان ابن وليم، وهوفيليب وليم كونت بورن طالباً في جامعة لوڤان. فاعتقل وأوفد إلى أسبانيا، وهناك نشئ تنشئة كاثوليكية متحمسة، وتبرأ من مبادئ أبيه. وصدر إعلان بأن وليام خارج على القانون، أحل لأي إنسان قتله دون التعرض لعقاب القانون.

الثورة الهولندية

عمل وليم أورنج على تنظيم جيش، ووجه أخاه لويس إلى حتى يحذوحذوه. والتمس العون من الأمراء اللوثرين فكم يتحمسون للاستجابة له، ومن الملكة إليزابث التي أمسكت عن مساعدته في حذر. واتىته الأموال من أنتورب وأمستردام وليدن وهارلم وفلشنج، وأوفد إليه جميع من الكونت فان دن برج وكولمبرج وهوجستراتن ثلاثين ألف فلورين، وباع مجوهراته وأوانيه الفضية ومطرزاته وأثاثه الفاخر، وجمع نحوخمسين ألف فلورين، وتوافر الجنود، لأن المرتزقة الذين تفرقوا نتيجة بعض الهدوء في الحرب الدينية في فرنسا، عادوا إلى ألمانيا مفلسين. وكان لزاماً حتى ينتهج وليم سياسة التسامح، فكان عليه حتى يكسب اللوثريين والكلفيين تحت لوائه، كما كان عليه حتى يؤكد للكاثوليك في الأراضي الوطيئة حتى عبادتهم لن تمس بسوء بتحرير البلاد من ربقة إسبانيا.

التمرد والقمع والغزو(1566-1572)

Iconoclastic Fury of 1566 by Dirk van Delen


ووضح أورانج خطة العمل لثلاثة جيوش في وقت واحد، قوة من الهيجونوت من فرنسا تهاجم أرتوا من الجنوب الغربي، ويقود هوجستراتن جيشه ضد ماسترخت في الجنوب، ويقتحم لويس ناسومن ألمانيا في الشمال الشرقي. وصدت هجمات الهيجونوت وهوجستراتن، وكن لويس انتصر على الجنود الأسبان في هيلجرلى (23 مايو1568). وأمر دوق ألفا بإعدام أجمونت وهورن (5 يونية) ليطلق ثلاثة آلاف من الجنود كانوا يتولون حراستها وحماية مدينة غنت، ليستفيد منهم. وتقدم بهذه الإمدادات إلى فريزلند، ودحر جيش لويس الذي أصابه الوهن في جمنجن (21 يولية) وأودى بحياة 7000 رجل وهرب لويس سبحاً في مصب نهر امز. وفي أكتوبر قاد وليم جيشاً قوامه 25 ألف رجل إلى برابانت، وقد عقد العزم على ملاقاة ألفا في معركة حاسمة. ولكن ألفا بجيشه الأقل عدداً والأحسن نظاماً أحبط خططه، وتجنب اللقاء في معركة، وعمد إلى تعويق عدوه بهجمات في مؤخرته ورفض القتال جنود وليم الذين لم تدفع رواتبهم. فقادهم إلى مكان آمن في فرنسا وسرحهم. ثم تنكر في زي فلاح وشق طريقه من فرنسا إلى ألمانيا حيث تنقل من مدينة إلى مدينة، فراراً من القتل. وبهذه الحملات المشئومة الممتلئة بالكوارث بدأت "حرب الثمانين عاماً" التي خاضتها الأراضي الوطيئة في ثبات ومثابرة لم يسبق لهما مثيل، حتى قدر لها النصر في النهاية في 1648.

كان ألفا آنذاك سيد الموقف المزهوفي الميدان، ولكنه كان خاوي الوفاض إلى أحد بعيد. وكان الملك فيليب قد دبر أصحاب المصارف في جنوة حتى يمدوه بحراً بأربعمائة وخمسين ألف دوكات. ولكن القرصان الإنجليز أجبروا السفن على الاتجاه إلى ميناء پليموث، وهناك وضعت اليزابيث يدها على المال، مع أرق الاعتذارات، حيث لم تكن تكره مساعدة وليم لقاء هذا الثمن. عندئذ نادى ألفا الجمعية العمومية المكونة من النبلاء وممثلي المدن للاجتماع في بروكسل، واقترح عليهم (20 مارس 1569) فرض ضريبة فورية قدرها 1% على الممتلكات وضريبة دائمة قدرها 5% على أية عملية نقل للعقارات، وضريبة دائمة قدرها 10% على المبيعات فاحتجت الجمعية بأنه لما كانت مواد كثيرة قد غيرت الملكية عدة مرات في العام الواحد فإن ضريبة المبيعات هذه تقارب حتى تكون مصادرة، وأحالت المقترحات إلى جمعيات المقاطعات، وهناك كانت المعارضة شديدة إلى حد اضطر معه ألفا إلى إراتى ضريبة الـ 10% إلى 1572، والاكتفاء بضريبة الواحد في المائة، وبمنحة قدرها مليوني فلورين سنوياً لمدة عامين. ولكن حتى ضريبة الواحد في المائة كانت جبايتها شاقة باهظة التكاليف ورفضت أوترخت دفعها. فأطبقت فرقة من الجند على المنازل والممتلكات، واستمرت المقاومة، ورمى ألفا جميع الأنطقيم بالخيانة وألغى جميع إعفاءاته وامتيازاته، وصادر جميع ممتلكات سكانه لصالح الملك.

وأن هذه الضرائب والإجراءات التي اتخذت لفرضها هي التي هزمت ألفا الذي لم يهزم حتى ذلك اليوم. وبات جميع السكان تقريباً كاثوليك وبروتستانت، يقاومونه، في استياء يتفاقم أمره، حدثا عوقت وعرقلت ضرائبه نشاط الأعمال التي بنت عليها الأراضي الوطيئة ازدهارها ورخاءها. ولما كان ألفا أبرع في الحرب منه في شئون المال فإنه انتقم لاستياء إليزابث على الأموال التي كانت في طرقها إليه من جنوة، بالاستيلاء على الممتلكات الإنجليزية في الأراضي الوطيئة، وحظر التجارة مع إنجلترا. وردت إليزابث على هذا بمصادرة بضائع الأراضي الوطيئة في إنجلترا، وتحويل التجارة الإنجليزية إلى همبرج. وسرعان ما أحست الأراضي الوطيئة بوطأة الكساد الاقتصادي. فأغلقت المتاجر أبوابها، وازداد التعطل، وفكر رجال الأعمال الأقوياء الذين احتملوا في صبر وتجلد شنق البروتستانت ونهب الكنائس، فكروا ملياً وسراً في الثورة وأخيرهاً مولوها. وحتى رجال الدين الكاثوليك الذين خشوا انهيار الاقتصاد الوطني، انقلبوا على ألفا، وحذروا الملك فيليب من حتى الدوق يعمل على تخريب البلاد(25)، بل حتى البابا-بيوس الخامس الذي كان قد اغتبط أيما اغتباطاً بفوزات ألفا، نراه الآن يشاطر الكاردينال دي جرانفل أسفه لقساوة ألفا(26). ويوصي بالعفوالعام عن العصاة والهراطقة النادمين التائبين-ووافق فيليب على هذا الإجراء وأبلغ به ألفا (فبراير 1569)، ولكن الدوق طلب التمهل، ولم يعلن العفوإلا في 16 يوليه 1570..وفي تلك السنة خلع البابا على ألفا القبعة والسيف المقدسين، وأنعم "بالوردة المضىية" على زوجته(27)، كما أعدم فيليب مونتيني الذي كان سجيناً-(16 أكتوبر 1570).

يوهان موريتس ڤان ناسو-زيگن، بريشة يان دى باين

وفي نفس الوقت ظهرت على المسرح قوة جديدة. وذلك أنه في مارس 1568 قامت من اليائسين المستميتين عهدوا باسم "المتسولين المتطرفين"، وجهوا همهم إلى نهب الكنائس والأديار وبتر أنوف القساوسة والرهبان أوآذانهم، وكأنهم عقدوا العزم على مباراة "مجلس الدم، وفي وحشيته وفظاعته(28). وفيما بين عامي 1569-1572 ظهرت جماعة أخرى أطلقوا على أنفسهم اسم "متسولي البحر"، وضعوا أيديهم على 18 سفينة، وتلقوا عمولة من وليم أورانج، وأغاروا على شواطئ الأراضي الوطيئة، ونهبوا الكنائس والأديار، وسيطروا على المراكب الأسبانية، وزودوها ثانية بالمؤن من الثغور الإنجليزية الصديقة-بل حتى من لاروشيل النائية-التي كانت في يد الهيجونوت آنذاك. وأغار "متسولوالبحر على أية مدينة ساحلية لا توجد بها حامية أسبانية، واستولوا على المواقع الحصينة، وبفضل قدرتهم على فتح السدود بات من أخطر الأمور على القوات الأسبانية حتى تقترب منهم أوتصل إليهم. فلم يعد في مقدور ألفا حتى يتلقى أية امدادات أومؤن من البحر إلى غير ذلك صارت المدن الرئيسية في هولندا وزيلند وجلدرلند وفريزلند آمنة محمية، ومن ثم قدمت ولاءها لوليم أورانج، وقررت تزويده بالإمدادات من أجل الحرب (يوليه 1572) ونقل وليم مقر قيادته إلى دلفت وأعرب أنه "الأصلع الكلفني، وهولقب أصدق على رأسه منه على عقيدته، وفي تلك الآونة خط فيليب فان مارنكس أغنية "وليم ناسو" التي أصبحت، ولا تزال، الترنيمة الوطنية في الأراضي الوطيئة.


تمرد (1572-1576)

سقوط بريل عام 1572، رسم يان ليوكن

ومنذ لقي وليام أورانج التشجيع على هذا النحوجهز جيشاً آخر وغزا برابانت. وفي نفس الوقت قام لويس ناسو، بمعونة كوليني، بإعداد قوة في فرنسا، ودخل هيبوت، واستولى على فالنسيان ومونز (23 مايو1572). وتقدم ألفا ليسترد مونز، وهويأمل بذلك حتى يثني فرنسا عن مساعدة لويس. وتقدم وليم جنوباً لنجدة أخيه، وأحرز بعض فوزات يسيرة، ولكن سرعان ما استنفذ ما لديه من مال، فتقاضى جنوده أجورهم بنهب الكنائس، وتسلوا بقتل القساوسة(29). فثارت ثائرة الكاثوليك، حتى أنه عندما اقترب جيش وليم بروكسل عثر الأبواب موصدة والأهالي يحملون السلاح لمقاومته واستأنف الجيش سيره، ولكن على مسافة فرسخ من مونز فوجئ الجند، وهم نيام، بستمائة جندي أسباني، وقتلوا من جنود وليم ثمانمائة قبل حتى يتمكنوا من تهيئة أنفسهم للدفاع. واستطاع وليم الهرب بشق النفس مع بقايا قواته، إلى مكلين في برابانت. وفي نفس الوقت قضى اغتال كوليني ومذبحة سانت برتولوميوعلى جميع أمل في العون من فرنسا. وفي 17 سبتمبر سقطت مونز في يد ألفا الذي هيأ للويس وفلول جيشه حتى يرحلوا دون حتى يمسهم أذى. ولكن قائد جيش ألفا، فيليب دي نوفارم، شنق من تلقاء نفسه مئات من الأهالي، وصادر ممتلكاتهم وباعها بثمن عال(30).

أن فشل استراتيجية وليم وإفراط قواته التي يصعب قيادها ووحشية "المتسولين" وفظائعهم، جميع أولئك خيب آماله في توحيد الكاثوليك والكلفنيين واللوثرين ليقاوموا جميعاً طغيان ألفا. فإن "المتسولين". وكانوا كلهم تقريباً كلفنيين متحمسين أبدوا ضد الكاثوليك من ضروب الوحشية والضراوة ما أبدته محاكم التفتيش ومجلس الدم نحوالثوار والهراطقة. وفي كثير من الحالات لم يهجروا للأسرى الكاثوليكية إلا الخيار بين الكلفنية أوالموت، وكانوا يقتلون دون تردد، وفي بعض الأحيان بعد تعذيب لا يصدق، جميع من تمسك بأهداب العقيدة القديمة(31). وأعدم جميع ن طرفي النزاع كثيراً من أسرى الحرب. وخط مؤرخ بروتستاني يقول:

في أكثر من مناسبة رئي الرجال يشنقون...اخوتهم هم أنفسهم الذين سقطوا أسرى في صفوف الأعداء... ووجد سكان الجزر لذة وحشية في ضروب القسوة هذه، ولم يعد الأسباني في نظرهم فرداً من بني الإنسان. وذات مرة انتزع أحد الجراحين قلب سجين أسباني، وثبته بالمسامير في مقدم السفينة ونادى الأهالي ليغرسوا أسنانهم فيه، وعمل كثير منهم هذا في ارتياح وحشي(32).

أن هؤلاء "المتسولين" القساة القلوب هم الذين هزموا دون ألفا. وأخلد الدوق إلى شيء من الراحة بعد الحملات التي قام بها، وورث أبنه دوق فدريجوألفارث دي توليدومهمة استعادة ومعاقبة المدن التي كانت قد أعربت تأييدها لوليم أواستسلمت له. فبدأ ألفارث بمدينة مكلين التي أبدت أقل مقاومة، حيث خرج القساوسة والأهالي في موكب نادمين، يرجون الصفح والإبقاء على المدينة، ولكن ألفا كان قد أمر بانتقام تكون فيه موعظة وعبرة. فظل جنود فدريجولمدة أيام ثلاثة ينهبون البيوت والأديار والكنائس، ويسرقون الحلي والأردية الثمينة من التماثيل المقدسة. ويطأون الفطائر المقدسة تحت الأقدام، ويذبحون الرجال ويستحيون النساء، كاثوليك أوبروتستانت على حد سواء وفي طريق تقدمه إلى جلدرلند، تغلب جيشه على الدفاعات الهزلية في زوتفن، وقتل جميع رجال المدينة تقريباً. وعلق بعضهم من الأقدام، وأغرق خمسمائة منهم يربطون زوجاً زوجاً، ظهراً لظهر، والإلقاء بهم في نهر ايسل. واستسلمت بلدة ناردن الصغيرة بعد مقاومة قصيرة، وحيت الأسبان الغزاة بموائد زخرت بألوان الطعام، فأكل الجنود وشربوا ثم اعملوا القتل في جميع الأهالي في المدينة وتقدموا إلى هارلم، وهي مركز كلفني أبدى حماساً خاصاً للثورة. وقد دافعت حامية قوامها أربعة آلاف رجل عن المدينة دفاعاً مجيداً، إلى حد حتى دوق فدريجواقترح الانسحاب منها، ولكن ألفا هدد بأن يتبرأ منه إذا لم يستمر في الحصار، فتصاعدت أعمال العنف، وعلق جميع من الطرفين أسراه على أعواد المشانق في لقاءة عدوه. وأثار المدافعون حنق المحاصرين بأن مثلوا على الأسوار الطقوس الكاثوليكية بكيفية تدعوإلى السخرية والضحك. وأوفد وليم ثلاثة آلاف جندي لمهاجمة جيش دوق فدريجو، ولكنهم أبيدوا وأخفقت جميع محاولة لتخليص هارلم بعد ذلك. وفي 11 يولية 1573، بعد حصار دام سبعة أشهر اقتات فيها الناس على الأعشاب والجلود، استسلمت المدينة. ولم يبق على قيد الحياة سوى 1600 رجل أعدم معظمهم. كما أعدم 400 من المواطنين المتزعمون، أما بقية الأهالي فقد على حياتهم بعد موافقتهم على دفع غرامة قدرها مائتان وخمسون ألف جلدر.

استولى الإسپان على اودواتر فيسبعة أغسطس 1575، وقتل معظم سكانها.

وكان هذا آخر فوزات حكومة دوق ألبا وأبهظها تكلفة. وهلك أكثر من اثني عشر ألفا من أفراد الجيش الذي تولى الحصار متأثرين بالجراح أوبالسقم. واستنزفت الحرب جميع ما حصل من ضرائب بغيضة، واكتشف فيليب الذي كان يعد النقود أكثر مما يحسب حساب الأنفس والأرواح، حتى ألفا لم يكن محبوب لدى الناس فحسب، بل أنه كان كذلك ينفق أموالاً طائلة، وأن أساليب قائده كانت تعمل على توحيد الأراضي الوطيئة ضد أسبانيا وأحس دوق ألفا بأن الرياح غير مواتية له، وأن التيار قد انقلب ضده. فطلب تنحيته وتباهى بأنه اغتال 18 ألف ثائر(34). ولكن الهراطقة كانوا في مثل القوة التي كانوا عليها عندما اتى هوإلى الميدان، بل أكثر من ذلك أنهم سيطروا على الثغور وعلى البحر، وأن الملك فقد مقاطعتي هولندا وزيلندة تماماً. وقدر أسقف نامور حتى ألفا في سبع سنين، وألحق من الأذى بالكاثوليكية أكثر مما ألحقه بها لوثر والكلفنية في جيل بأسره(35). وقبلت استنطقة ألفا وغادر الأراضي الوطيئة (18 ديسمبر 1573) وأستقبله الملك فيليب استقبالاً حسناً. وقاد، وهوفي سن الثانية والسبعين الجيوش الأسبانية لغزوالبرتغال (1580). ولدى عودته من هذه الحملة انتابته حمى متبترة، ولم يحفظ عليه حياته إلا إرضاعه اللبن من ثدي امرأة. وفاضت روحه في 12 ديسمبر 1582، بعد حتى عاش عاماً على اللبن. ونصف قرن على الدم.

من تهدئة گنت إلى اتحاد أوترخت (1576-1579)

حديقة هولنديةرسم فليپ گاله

وأوفد فيليب دون لويس دي ركويسانس ليحل محل ألفا، وهوالذي كان منذ عهد قريب نائب الملك في ميلان. ودهش الحاكم الجديد لعدد الثوار والروح التي سادتهم، فخط إلى الملك: "لم أكن استوعب قبل وصولي كيف من الممكن أن استطاعوا الاحتفاظ بمثل هذه الأساطيل الضخمة، على حين حتى جلالتكم لم تستطيع الإنفاق على أسطول واحد فقط. ومهما يكن من أمره، فإنه يظهر حتى الرجال الذين يقاتلون من أجل حياتهم وديارهم وأملاكهم وعقيدتهم الزائفة، وجملة القول عن قضيتهم-يقنعون بالطعام دون أجور(37). ورجا فيليب في حتى يرخص له في إصدار عفوعام عن الجميع باستثناء الهراطقة العنيدين، مع السماح لهم بالهجرة، وإلغاء ضريبة العشرة في المائة على البيوع. ولم ير وليم أورانج في هذه المقترحات إلا لعبة لكسب الوقت، ووسيلة جديدة لاستئصال البروتستانتية من الأراضي الوطيئة، ولم يكن يقبل السلام إلا على أساس الحرية الكاملة للعبادة، واستعادة امتيازات المقاطعات، وانسحاب الأسبان من الوظائف المدنية والعسكرية. واستمرت الحرب. وفي معركة (13 أبريل 1577) قضى نحبه جميع من أخوي وليم: لويس في سن السادسة والثلاثين، وهنري في سن الرابعة والعشرين.

وثمة حادثان شدا من أزر الثورة في هذه الآونة: إفلاس فيليب (1575) وموت ركويسانس في أثناء حصار زيركزي (5 مارس 1576). عين الملك أخاه غير الشقيق، دون جوان النمسوي، في هذا المنصب البغيض. ولكنه لم يصل إلى لكسمبرج إلا في نوفمبر. وفي هذه الأثناء سقط ممثلوهولندا وزيلندة، وفي دلفت (25 إبريل) "قانون التهدئة" الذي خول وليم السلطة العليا في البر والبحر، وحق التعيين في الوظائف السياسية. وعند الضرورة حق العهد بحماية الاتحاد إلى أمير أجنبي. وأهاب وليم، من مركز السلطان الجديد، بسائر المقاطعات حتى تشارك في طرد الأسبان من الأراضي الوطيئة. ووعد بحرية الفكر والعقيدة للكاثوليك وللبروتستان على حد سواء.

وربما لقي نداؤه بعض الاستجابة في المقاطعات الجنوبية لولا حتى الجنود الأسبان وقد خدعهم السلب والتهب في زيركزي، تمردوا (يولية) وبدءوا، دون تمييز، حملة من السلب والنهب والعنف أرهبت فلاندرز وبرابانت. ووجه إليهم مجلس الدولة في بروكسل تأنيباً قاسياً ولكنهم تحدوه، فأعرب المجلس أنهم خارجون على القانون، ولكن لم يكن لديه قوة يقاومهم بها. فعرض وليم حتى يرسل قوات عسكرية لحماية هذه البلاد، وجدد تعهده بالحرية الدينية. وتردد المجلس، فأطاح به أهالي بروكسل، وشكلوا مجلساً آخر تحت رياسة فيليب دي كروي الذي بدأ المفاوضات مع الأمير. وفي 26 سبتمبر رحبت غنت بفرقة عسكرية أوفدها وليم لحماية المدينة من المتمردين الأسبان. واجتمع في غنت في 19 أكتوبر، ممثلون عن برابانت وفلاندرز وهينوت، وكانوا يكرهون تحالف ولاياتهم مع الأمير المحروم من حماية القانون، ولكن في 20 أكتوبر اجتاح المتمردون ما سترخت، وفي 28 منه، سقط المجتمعون للبحث والتشاور رغبة في حماية قوات وليم لهم، "قانون التهدئة" الذي صدر في غنت، والذي اعترف بوليم حاكماً على هولندا وزيلندة، وأوقفوا جميع اضطهاد للهرطقة، واتفقوا على التعاون في طرد الجنود الأسبان من مقاطعاتهم. ورفضت الجمعية العمومية للمقاطعات الجنوبية التي انعقدت في بروكسل، التوقيع على "قانون التهدئة"، حيث اعتبرته إعلاناً للحرب ضد الملك.

ودعم المتمردون مرة أخرى من حجج وليم، ذلك أنهم في أربعة نوفمبر 1576 استولوا على أنتورب، وأعملوا فيها السلب والنهب، على أسوأ شكل عهده تاريخ الأراضي الوطيئة. وقاوم المواطنون ولكنهم غلبوا على أمرهم، وقتل منهم سبعة آلاف، وأحرق ألف مبنى كان بعضها من روائع العمارة. وذبح الرجال والنساء والأطفال في طوفان من الدماء بأيدي الجنود وهم يرددون الصيحات: "سان جيمس، أسبانيا، الدم، الموت، النار، السلب، النهب" وطوال تلك الليلة عاث الجنود في المدينة الغنية، وسلبوا جميع بيت فيها تقريباً، ورغبة في انتزاع الاعتراف بالذخائر المخبأة، أصيلة أوزائفة، عذبوا الآباء على مرأى من أطفالهم، وذبحوا الصبية وهم في أحضان أمهاتهم، وضربوا الزوجات بالسياط حتى الموت أمام أعين أزقابلن. واستمر هذا العنف "العنف الأسباني" يومين حتى أتخم الجنود بالمضى والحلي والملابس الثمينة، وبدأ الواحد منهم يقامر الآخر بغنائمه في الشوارع المكتظة بجثث الموتى. وفي 28 نوفمبر صدقت الجمعية العمومية على "قانون التهدئة" الذي وضع في غنت.

وكان هذا نصراً مبيناً أحرزه الأمير في الوقت المناسب. وعندما أوفد دون جوان من لكسمبرج يقول أنه على وشك حتى يدخل بروكسل، أجابت الجمعية العمومية بأنها لن تستقبله بوصفه حاكماً إلا إذا وافق على "قانون التهدئة" وأعاد امتيازات المقاطعات، وطرد جميع القوات الأسبانية من الأراضي الوطيئة. وقضى دون جوان، الباسل في ميدان المعركة، القليل الخبرة بالسياسة والذي أعوزه الرجال والمال، شتاءه متلكئاً في لكسمبرج، ثم سقط في 12 فبراير 1577 "المرسوم الدائم" الذي أدى به إلى التهدئة وحريات المقاطعات. وفي أول مارس ولج دون جوان بروكسل في احتفال رسمي، واغتبطت المدينة إذ رأت مثل هذا الحاكم الوسيم الأعزل الضعيف. ورحلت القوات الأسبانية. وساد السلام لفترة وجيزة ربوع البلاد المخربة.

وكانت أحلام جوان أكبر من إمكاناته المالية. وبعد مآثره وبطولاته في ليبانتووتونس أوهنت العظمة اليائسة العاجزة فورة الدم الهادر بأوهام البطولة. وعلى مقربة منه كانت ماري ستيوارت الجميلة سجينة لدى إليزابث العملاقة الرهيبة. فلم لا يحشد جوان جيشاً وأسطولاً، ويعبر البحر، ويطيح بعرش ملكة ويتزوج الأخرى، ويصبح ملكاً على إنجلترا وإسكتلندة، ويعيد هذه الأنطقيم الغافلة إلى أحضان الكنيسة الأم، حتى فيليب الذي خشي الهوة بين الأموال والأحلام، اعتبر أخاه ساذجاً مخدوعاّ. وقدم جوان البرهان على ذلك، فإنه غادر بوركسل فجأة (11يونية)، على رأس فرقة من الوالون (سكان جنوب بلجيكا) الكاثوليك، وأنكر "قانون التهدئة). وبعد مفاوضات عميقة مع جوان، دعت الجمعية العمومية وليم إلى العاصمة، ولدى وصوله (23 سبتمبر) رحب به جمهور كبير من المواطنين الكاثوليك على أنه الرجل الوحيد الذي يستطيع حتى يقود الأراضي الوطيئة إلى الحرية. وفيثمانية أكتوبر أبلغت الجمعية العمومية دون جوان أنها لم تعد تعترف به حاكماً يمكن حتى تقبل في مكانه أمير من الأسرة المالكة. وفيعشرة ديسمبر 1577 انضمت المقاطعات كلها-عدا نامور-إلى "اتحاد بروكسل". وطلب الأعضاء الكاثوليك في الجمعية العمومية، الذين كانوا يخشون كلفنية وليم، إلى ماتياس أرشيدوق النمسا حتىقد يكون حاكماً على الأراضي الوطيئة. وقدم الشاب ابن العشرين وتقلد المنصب (18 يناير 1578) ولكن أنصار وليم أعزوا الحاكم الجديد بتعيين وليم نائباً له-ومن الوجهة العملية صاحب الأمر والنهي في الإدارة والسياسة.

وكان يمكن للتسامح المتبادل في الخلافات الدينية وحده يبقى على هذا الاتحاد أوالترابط، ولكن التعصب مزقه. فإن الكلفنيين في هولندا والكاثوليك في أسبانيا اعتقدوا جميعاً بأن الكفار وحدهم الذين يستطيعون حتى يبدوا تسامحاً. ونطق كثير منهم صراحة بأن وليم أورنج ملحد(38)، واتهمه الواعظ الكلفني بيتر داتينوس، بأنه جعل من السلطة معبوده الوحيد، وأنه يغير عقيدته كما يغير الناس ملابسهم(39). وكان المكلفنيون (وظلوا حتى 1587) يشكلون عشر السكان فقط في مقاطعة هولندا، ولكنهم كانوا نشيطين طموحين ومسلحين. وكانت لهم السيطرة على الجمعيات السياسية، فأحلوا حكاماً وقضاة بروتستانت محل الكاثوليك، وفي 1573 حظر مجلس المقاطعة العبادة الكاثوليكية في هولندا(40)، على أساس حتى أي فرد كاثوليكي يحتمل حتىقد يكون خادماً لأسبانيا. ولن تأت 1578. إلا وقد عمت الكلفنية زيلندة تقريباً، وكانت م الوجهة السياسية-لا العددية-متسلطة في فريزلند واكتسحت موجات تحطيم الصور المقدسة هولندا وزيلندة 1572، ومقاطعات أخرى، حتى الفلاندرز وبرابانت ، بعد 1576. وأنكروا أي ربط بين الدين والفن باعتباره عملاً وثنياً دنساً. وجردت الكنائس من الصور والتماثيل والصلبان والزخارف، وصهرت الأواني المضىية والفضية، ولم يبق إلا الجدران العارية، وعذب "المتسولون" القساوسة الكاثوليك، وأعدموا نفراً منهم(41).

واستنكر وليم جميع هذه التصرفات، ولكنه تغاضي(42) عن استيلاء الأقليات الكلفنية المسلحة السياسية في بروكسل وايبر وبروجز وكل شمال الفلاندرز(43). وفي غنت سجن الكلفنيون أعضاء المجلس، ونهبوا الكنائس والأديار وأتلفوا أجزاءها الداخلية، وصادروا أملاك الكنيسة، وحرموا إقامة الطقوس الكاثوليكية، وأحرقوا الرهبان في ساحة السوق(44)، وأقاموا جمهورية ثورية (1577). وفي امستردام اقتحم الكلفنيون المسلحون دار البلدية (24 مايو1578)، وطردوا القضاة والموظفين، وأحلوا محلهم كلفنيين، وخصصوا الكنائس التي جردوها لممضى الصلاح. وفي اليوم التالي قامت ثورة مماثلة بمثل هذا العمل في هارلم. وفي أنتورب التي كانت آنذاك مقر قيادة وليم أخرج البروتستانت القساوسة والرهبان من المدينة (28 مايو)، وأنب الأمير أتباعه تأنيباً شديداً على هذا العنف. وخصهم على السماح باستثناء الطقوس الكلثوليكية. ولكن في 1581 حرمت جميع عبادة كاثوليكية في أنتورب وأوترخت. واتهم الكلفنيون القساوسة بأنهم كانوا يخدعون الناس بالمخالفات الزائفة والكرامات التي يفتعلونها-وعرض بتر من "الصليب الحقيقي، وعظام قديمة للتعبد على أنها رفات القديسين، وإخفاء الزيت في رؤوس التماثيل حتى ترشح في الوقت المناسب(45).

على حتى وليم تولاه الحزن والأسى حين رأى سنوات كفاحه من أجل الوحدة تختتم بالفرقة والفوضى والبغضاء. وإن الديمقراطية الكلفنية التي كانت قد استولت على جملة مدن الآن في وهدة من الفوضى، بدأ معها الملاك البروتستانت والكاثوليك على حد سواء يتساءلون هل كان الممضى الجديد وكل ما يتصل به من نادىيات أشد وبالاً عليهم من الديانة القديمة. وسرى شعور الاستياء وقابل وليم هذه الرغبة المتزايدة في إعادة النظام بالتفاوض مع فرنسوا دوق أنجوليتولى منصب الحاكم العام بدلاً من ماتياس الماجز التافه. ولكن اتضح حتى أنجوخائن حقير. وزاد الطين بلة في محنة وليم، حتى جيشاً أسبانياً جديداً قوامه عشرون ألفا من الجنود المدربين أحسن تدريب، كان يتجه شمالاً بقيادة أقدر قواد العصر. ذلك أنه في ديسمبر 1577 قدم الساندروفارنيز دوق بارما بجيشه إلى دون جوان في لكسمبرج. وفي يناير 1578 هزموا القوات التي كان يعزوها النظام، التابعة للجمعية. العمومية، في جمبلو. وفتحت لوفان واثنتي عشرة مدينة صغيرة أخرى، أبوابها أمام الفاتح الجديد، وفرت الجمعية العمومية الأراضي الوطيئة من بروكسل إلى أنتورب. إلا حتى دون جوان الذي استشعر مجداً جديداً، انتابته حمى خبيثة، وقضى نحبه في نامور، في أول أكتوبر 1578، وهوفي سن الثالثة والثلاثين. وعين فيليب دوق بارما حاكماً عاماً مكانه، وبدأ فصل جديد.


الانفصال والإسترداد (1579-1588)

Hellburners at Antwerp بريشة فامياني سترادا

ألساندروفارنيزي، الذي يبلغ الثالثة والثلاثين، هوابن نائبة الملك السابقة مرجريت بارما. تربي في أسبانيا وأقسم يمين الولاء لفيليب، وحارب في ليبنتووقضى الأربعة عشر عاماً الأخيرة من حياته في الإبقاء على الأراضي الوطيئة الجنوبية في حوزة الملك فيليب. وفي 1586 وروث دوقية بارما ولقبها، ولكنه لم يجلس على عرش الدوقية قط. وكان له عينان حادتان، ووجه أسمر، وشعر أسود قصير، وأنف كأنف النسر، ولحية كثة، جميع أولئك كشف عن شيء يسير من مقدرته وشجاعته وبراعته، وجمع بين جميع الفن العسكري الذي امتاز به دوق ألفا، مع إثارة من قسوته، وقدراً أكبر بكثير من المهارة في المفاوضة والحديث. وبات القتال من أجل الأراضي الوطيئة، آنذاك، صراعاً بين دبلوماسية بارما وأسلحته تسانده أموال الكاثوليك وآمالهم، بين صمود أمير أورانج البطولي، يموله التجار الهولنديون ويشدون أزره. ويعرقل جهوده، في وقت معاً، تعصب أصدقائه.

وفيخمسة يناير 1579 شكل جماعة من النبلاء الكاثوليك، من هينوت ودوا وأرتوا وليل، بإيحاء من أسقف آراس، شكلوا عصبة آراس لحماية عقيدتهم وممتلكاتهم وفي 29 يناير شكلت مقاطعات هولندا وزيلندة وجروننجن وأوترخت وجلدرلند، "اتحاد أوترخت، للدفاع عن عقيدتهم وحرياتهم. وسرعان ما انضم إليها فريزلند، وأوفريسل. ومن هذه "المقاطعات المتحدة" السبع تتكون اليوم الأراضي الوطيئة الهولندية، وأصبحت المقاطعات الباقية هي "الأراضي الوطيئة الأسبانية"، وصارت في القرن التاسع عشر بلجيكا وحدد تقسيم المقاطعات السبع عشرة إلى أمتين على هذا النحو. سيطرة الكاثوليكية في الجنوب والبروتستانتية في الشمال، من ناحية. إلى جانب الفصل الجغرافي بينهما، لوجود الخلجان والأنهار الكبيرة التي هيأ اتساعها وسدودها التي يسهل التحكم فيها، ثغوراً يمكن الدفاع عنها، وتأوي إليها الأساطيل والأسلحة الأسبانية.

وفي 19 مايوسقطت عصبة آراسي مع بارما اتفاقاً، التزمت فيه بألا تقبل غير الكاثوليكية ممضىاً، وارتضت بمقتضاه السيادة الأسبانية شريطة استعادة امتيازات المقاطعات والوحدات الإدارية الصغيرة (الكوميونات) وسرعان ما أعاد الدوق، بالإغراء أوالرشوة أوالقوة، جميع المقاطعات الجنوبية تقريباً إلى حضيرة أسبانيا، وتخلى الزعماء الكلفنيون في بروكسل وغنت وإيبر عن فتوحاتهم وولوا الأدبار إلى الشمال البروتستانتي. وفي 12 مارس 1579 قاد بارما جيشاً كبيراً ضد ماسترخت الواقعة في مسقط حصين على النهر المسمى باسمها. وأتى الفريقان كلاهما بالأعاجيب من أعمال البطولة وضروب الوحشية وحفر المهاجمون أميالاً من الممرات تحت الأرض ليبثوا الألغام ويفتحوا المدينة، كما حفر المدافعون-النساء والرجال جنباً إلى جنب-ممرات ليقابلوهم؛ ودارت رحى القتال حتى الموت في باطن الأرض. وصب الماء المغلي في الأنفاق، وأشعلت الحرائق لتملأها بالدخان. واحترق مئات المحاصرين المهاجرين أواختنقوا حتى الموت. وانفجر أحد الألغام قبل أوانه فأودى بحياة خمسمائة من رجال بارما. وعندما حاول جنوده تسلق السور قابلتهم الجمرات المحترقة، وقذفت حول أعناقهم النار الملتهبة. وبعد أربعة أشهر من الجهد المضني والضراوة والعنف، أحدث المحاصرون ثغرة في السور، نفذوا منها خفية في الليل، وفاجأوا المدافعين المنهوكين وهم نيام وذبحوا منهم ستة آلاف من الرجال والأطفال والنساء ولم يبقَ من سكان المدينة البالغ عددهم ثلاثين ألفاً، على قيد الحياة آنذاك سوى أربعمائة. وعمرها بارما من بعدهم بالموالون الكاثوليك.

تلك كانت كارثة عظمى حلت بالبروتستانت. ووجه اللوم فيها بحق إلى حد ما، إلى وليم الذي حاول عبثاً إنقاذ المدينة، لعجزه وإبطائه. واتهمه الآن نفس المتطرفين الذين أحبطوا سياسة التوحيد التي انتهجها، بتعصبهم وعنفهم-اتهموه بخيانة قضيتهم مع دوق أنجوالكاثوليكي، وأشاروا إلى أنه لم يؤدِ الشعائر الدينية طوال العام الماضي، وانتهز الملك فيليب هذه الفرصة ليصب اللعنة على أورانج (15 مارس 1581). وبعد حتى أسهب فيليب في بيان عقوق الأمير وخيانته وزيجاته وجرائمه، استرسل يقول:

ومن ثم... بسببه الأعمال السيئة الشريرة التي رتبها وأنه يعكر صفوالسلام العام، وأنه إنسان بغيض، فإننا نحرمه من حماية القانون، ونحظر على جميع رعايانا حتى يتعاملوا معه أويتصلوا به في السر أوالعلن، أوحتى يزودوه بالطعام أوالشراب أوالوقود أوغيرها من الحاجيات الضرورية. أننا نعلن على الملأ أنه عدوللجنس البشري. ونبيح ممتلكاته لمن يضع يده عليها. ورغبة في الإسراع في تخليص شعبنا من طغيانه وظلمه، فإننا نعد، وعد ملك خادم للرب، أي فرد من رعايانا، وأتى من النخوة والشهامة ما يستطيع معه حتى يجد الوسيلة لتطبيق هذا المرسوم، وتخليصنا من هذا الإنسان البغيض، سواء بتسليمه لنا حياً أوميتاً، أوبإزهاق روحه على الفور، نعد بأن نمنحه هوأوورثته من الأرض أوالمال، وفق مشيئته، ما قيمته خمسة وعشرون ألف كراون مضىاً. ولسوف نصدر العفوعن أية جريمة ارتكبها أياً كان نوعها، ونحمله إلى مرتبة النبلاء إذا لم يكن نبيلاً(46).

وكان جواب مجلس المقاطعات على هذا "الجرم"، تعيين وليم حاكماً عاماً على هولندا وزيلنده (24 يولية 1581) وبعد ذلك بيومين سقط ممثلوهولندا وزيلندرز وجلدرلند وأوترخت وفلاندرز وبرابانت، في لاهاي "قرار الاستنكار الذي طرحوا فيه بشكل مهيب ولاءهم لملك أسبانيا. وفي وثيقة مشهورة في التاريخ الهولندي، شهرة وثيقة "إعلان الحقوق" التي أصدرها برلمان إنجلترا 1689 في التاريخ الإنجليزي، أعربوا حتى الحاكم الذي يعامل رعاياه معاملة العبيد ويقضي على حرياتهم، يجب ألا يعتبر بعد اليوم مليكهم الشرعي ويحق قانوناً عزله(47). وكان رد وليم على هذا الحرمان في صيغة دفاع حرره له قسيسه، أوفد إلى الجمعية العمومية وإلى جميع بلاط في أوربا، ورحب بالحرمان على أنه وسام شرف له. واتهم فيليب بسفاح ذوي القربى والزنى وقتل زوجته وابنه. وأبدى استعداده للتخلي عن جميع مناصبه ومغادرة الأرضي الوطيئة بل حتى للتضحية بحياته، إذا كان هذا في مصلحة بلده، ومهر الوثيقة بشعاره "سوف أتشبث".

ولم يلبث فيليب طويلاً حتى جنى ثمار "الحرمان" الذي أصدره (18 مارس 1582)، فإن جين جوريجي أغرته الجائزة الموعودة، فتسلح بمسدس واستعان بالله، ونذر للعذراء بعض الغنيمة. واتخذ سبيله إلى وليم أورانج في أنتورب. وأطلق الرصاص على رأسه، فدخلت الرصاصة تحت الأذن اليمنى ونفذت إلى الفم، ثم إلى الخد الأيسر. ولقي القاتل على الفور حتفه بيد أتباع وليم، ولكن بدا حتى المهمة قد نفذت. ولعدة أسابيع بدا حتى الأمير على شفا الموت. ونادى فارنيزي المقاطعات الثائرة، وقد توفي زعيمها العنيد، إلى المصالحة مع مليكهم الرحيم. ولكن وليم تماثل للشفاء في بطء بفضل سهر زوجته شارلوت على العناية به. وهي التي قضت نحبها فيخمسة يونية بسبب الإرهاق والحمى. وفي يولية وضع متآمران مغموران خطة لدس السم لأمير أورانج ودوق أنجلوكليهما. واكتشفت المؤامرة واعتقل المجرمان وانتحر أحدهما في السجن، وأوفد الثاني إلى باريس وحوكم وأدين، ومزق إرباً بربطه في أربعة خيول، تتجاذبه في جميع اتجاه.


الجمهورية الهولندية تعاود الظهور (1588–1609)

Musket instruction by Jacob de Gheyn II
Assassination of William of Orange by Balthasar Gérard (1584).

وفي أثناء عام 1582 جمع أنجوحوله بعض قوات فرنسية في أنتورب. ولم يكن الدوق ليقنع بلقبه، وداعبه الحلم بأن ينصب نفسه ملكاً. وهب أتباعه فجأة في 17 يناير 1583، وهم يهتفون "فليحيا القداس" وحاولوا حتى يسيطروا على المدينة. فقاومهم الأهالي، وهلك في هذه "الثورة الفرنسية" قرابة ألفي شخص. وأخفقت هذه الثورة وهرب أنجو. وعانى وليم من فقدان قدر آخر من شعبيته لأنه ظل طويلاً يؤيد أنجوويسانده. وسقطت في مارس محاولة أخرى للقضاء عليه. فلم يطمئن للإقامة في أنتورب ونقل مركز قيادته إلى دلفت. عندئذ عقدت مقاطعتا جروننجن وجلدرلند الصلح مع بارما، ولم يبقَ مع وليم إلا اثنتين من المقاطعات "المتحدة"، وهما هولندا وزيلندة، ولكنهما أثبتتا ولاءهما بأن جعلتا منصب "الحاكم العام" وراثياً في أسرته (ديسمبر 1583)، وبهذا وضعت أسس بيت أورانج الذي كان يمكن حتى يغزووأن يرث نصف إنجلترا في 1688.

وأصر القتلة ولم تفتر عزيمتهم. وفي أبريل 1584 حاول هانز هانزون من فلشنج حتى يودي بحياة الأمير، ولكنه أخفق وأعدم. واستبد الحماس الديني ببلتازار جيرار من برجندي، كما اشتد به التفكير في الخمسة والعشرين ألف كراون وقصد إلى دوق بارما يعرض عليه اغتال أمير أورانج، ولكن الدوق قدر حتى شاباً في العشرين من عمره غير صالح للاضطلاع بهذه المهمة، وأبى عليه المبلغ المتواضع الذي طلبه سلفاً، ولكنه وعده بالجائزة كاملة إذا حالفه التوفيق. وقصد جيرار إلى دلفت، وتنكر في زي كلفني مسكين تقي، وتلقى من وليم اثني عشر كراون صدقة. وصوب إلى جيده ثلاث رصاصات (10 يولية 1584) فصرخ وليم "يا إلهي، رحمتك بي وبالشعب المسكين". وفاضت روحه في بضع دقائق. وقبض على جيرار وحوكم أمام قضاة المدينة، وأبدى فرحه واغتباطه بنجاحه فيما قصد إليه، ثم لقي أشد العذاب وقتل شر قتلة. ووري وليم التراب في دلفت، بأسمى مظاهر التكريم بوصفه "أبا البلاد". ولما كان قد ضحى بكل ما يملك في سبيل الثورة فإنه لم يخلف لأبنائه الاثنى عشر شيئاً تقريباً. وهذا شاهد صامت على ما درج عليه من نبل وشرف.

ودفعت الجائزة كاملة لأبوي جيرار، وابتهج كاثوليك الأراضي الوطيئة، قائلين إذا الجريمة انتقام إلهي لانتهاك حرمة الكنائس وقتل القساوسة. وأوفدوا رأس القاتل إلى كولون باعتباره من المخلفات الثمينة، ولمدة نصف قرن بذلوا أقصى الجهد لإعلانه قديساً(49).

هدنة اثني عشر عاماً

Disarming the waardgelders in Utrecht, 31 July 1618, by Joost Cornelisz. Droochsloot
Siege of Ostend (1601-1604). The ruin and devastation of the Siege led to negotiations that produced a Twelve-Year Truce (1609-1621) between Spain and the United Provinces.
Maurice of Nassau was sovereign Prince of Orange from 1618, on the death of his eldest half brother, Philip William, Prince of Orange.

وهنت بموت وليم روح من بقي من أتباعه في الفلاندرز وبرابانت. واستولى بارما على بروجز وغنت وبروكسل وملكين وأنتورب، ولم ينته 1585 حتى سقطت الأراضي الوطيئة جنوب نهر ماس-فيما عدا أوستند وسليز-في يد الأسبان، على حتى "المتسولين" ظلوا يسيطرون على الثغور والبحر.

وكم أهابت المقاطعات الشمالية بالملكة إليزابث لنجدتهم. واستجابت الآن للنداء. فقد أدركت حتى ثورة الأراضي الوطيئة منعت أسبانيا من إعلان الحرب على إنجلترا، وما كان في مقدورها حتى توقف هذه الفرصة التي هيأتها العناية الإلهية-منع أسبانيا من إعلان الحرب-هذا بالإضافة إلى حتى الهولنديين سيطروا على سوق الصدف الإنجليزي. وفي ديسمبر 1585 أوفدت إلى هولندا قوة كبيرة بقيادة ليستر وسير فيليب سدني. وأخذ ليستر لنفسه، باعتباره حاكماً عاماً للمقاطعات الثائرة، جميع سلطة الملك تقريباً. ومذ رأى حتى المقاطعات الجنوبية تستورد جميع الحاجيات الضرورية للحياة من المقاطعات الشمالية فأنه حرم جميع اتجار مع الممتلكات الأسبانية، ولكن التجار الهولنديين كانوا يعيشون على هذه التجارة، وصدروا بضائعهم إلى أسبانيا أثناء حربهم معها. ومن ثم رفضوا الخضوع لما نهى عنه ليستر، الذي حلت به الهزيمة في زوتفن (22 سبتمبر 1586) فغادر هولندا مشمئزاً، شاعراً بالخزي والعار. وسادت الفوضى في الشمال لمدة عام كامل. وأنقذت الجمهورية الصغيرة بفضل اشهجر فيليب لدوق بارما في خطته لغزوإنجلترا، وبفضل هجمات بارما المظللة ضد هنري نافار في فرنسا، وتحكم الهولنديين في البحار، وثروة التجار الهولنديين وصمودهم، وعبقرية جان فان أولدنبار السياسية، ثم بفضل ما أوتي موريس ناسو-ابن وليم الصامت، من عبقرية عسكرية.

وفور وفاة وليم الصامت اختير ابنه موريس حاكماً عاماً على هولنده وزيلنده وفي 1588، وهوفي الحادية والعشرين، عين قائداً عاماً وأمير للبحر في المقاطعات المتحدة. وفي 1590 أسلمته أوترخت وأفريحسل وجلدرلند منطقيد الحكم فيها. وأفاد موريس من محاضرات سيمون ستيفن في الرياضيات في ليدن، فطبق الفهم الحديث على القذائف والهندسة والحصار. ودرب الجيش الهولندي على أساليب جديدة للالتحام والنظام. وفي سلسلة من الحملات التي اشتهرت بسرعة الحركة والاستراتيجية المفاجئة (1590-1594) استرد موريس زوتفن ودفنتر وتيميجن وجروتنجن. أما بارما الذي ضيع مهاراته وأمواله في هجمات فيليب العقيمة على إنجلترا وعلى هنري الرابع، فإنه قضى نحبه في "سبا" بسبب الإعياء والجراح (20 فبراير 1952).

وعين فيليب خلفاً له الأرشيدوق ارنست النمسوي الذي لم يلبث حتى أدركته المنية، ثن الكاردينال الأرشيدوق البرت الذي تخلى عن منصبه الديني، وتزوج إيزابل كلارا أوجينيا، ابنه الملك. وقبل وفاة فيليب (1598) بفترة وجيزة، منح البرت وإيزابل حق السيادة على الأراضي الوطنية، شريطة حتى يعود هذا الحق إلى أسبانيا إذا ماتا دون عقب. وأثبت الاثنان أنهما حاكمان قديران رحيمان. عجزا عن إخضاع المقاطعات الشمالية، ولكنهما أقاما في الجنوب حكماً متحضراً ازدهرت في ظله الفنون الكنسية في انسجام جميل مع صور روبنز العارية.

Territory of the United Provinces c. 1590 (in orange), at the height of the Spanish Reconquest under the Duke of Parma (Turquoise).
1607: Battle of Gibraltar the recently expanded Dutch Navy engages a Spanish Fleet at Gibraltar.

وظهر على مسرح الحوادث في 1603 شخصية جديدة. وكان البرت قد استمر يحاصر أوستند عامين كاملين دون حتى يصيب أي نجاح، واتى أحد رجال المصارف الإيطاليين، هوأمبروزيودي سبينولا، ووضع جميع ثروته في خدمة أسبانيا، وجمع جيشاً قوامه ثمانية آلاف رجل، وجهزه بالسلاح وبالعتاد، وحاصر أوستند واستولى عليها. ولكن ثراءه العريض لم يعدل ثروة التجار الهولنديين، الذين ثابروا على بناء وتجهيز الأساطيل التي أقضت مضاجع البحرية الأسبانية، وهددت ببتر شريان المضى الذي يتدفق بين أمريكا وأسبانيا. وإذا أرهق الحصار والقتل البرت وإيزابل فإنهما استحثا المفاوضات مع الهولنديين، وأقرهما عليها الملك فيليب الثالث الذي أرهقه العمر والإملاق. وبرغم اعتراضات موريس حض أولدنبار نفلدت الهولنديين على المصالحة. وفي 1609 عقدت هدنة هيأت الأراضي الوطيئة الراحة من عناء الحرب لمدة اثني عشر عاماً.

بيد حتى الوئام في الداخل شيء يختلف جميع الاختلاف عن السلام الخارجي. لقد حنق موريس على أولندنبار نفلدت هيمنته على منطقيد الأمور في الجمهورية. ومن الوجهة الفهمية كان لأكبر الموظفين راتباً في هولنده السلطان والسيطرة على هذه المقاطعة وحدها، ولكن مذ كانت ثروة هولنده والضرائب التي تدفعها للجمعية العمومية تعدل ما تملكه وما تدفعه سائر المقاطعات المتحدة مجتمعة، فإن أولندنبار نفلدت مارس في الاتحاد سلطة تتكافأ مع تلك الثروة، كما تتكافأ رجاحة عقله وشخصيته وخلقه. أضف إلى ذلك حتى الملاك الذين حكموا المقاطعات والتجار والأغنياء الذين حكموا الكوميونات أحسوا بانعطاف نحوأولدنبار نفلدت الذي نبذ الديمقراطية مثلهم، ونطق "إنه لمن الأفضل حتى يحكمني سيد مطلق من حتى يحكمني الرعاع"(50) وولى موريس وجهه شطر الشعب ليحصل على تأييده، ووجد أنه يمكنه حتى يكسب الشعب إلى جانبه إذا جعل من القساوسة الكلفنيين أصدقاء له.

وكانت القضية الدينية التي أهاجت الجمهورية الآن قضية مثلثة الجوانب: فهناك المعارضة المتزايدة بين الكنيسة الدولة، وهناك الصراع بين الكاثوليك البروتستانت، وهناك أخيراً النظريات بين البروتستانت أنفسهم. وسعت المجامع الكنسية الكلفنية إلى حتى تحدد النهج السياسي، وتتخذ من الحكومة أداة لتقوية ممضىهم. وارتابت الجمعية العمومية في المجامع الكلفنية على أنها سيئة وبذور خطيرة لمؤامرة الديمقراطية. وقد جلب أولدنبار نفلدت على نفسه عداوات كثيرة حين أمر رجال الدين بأن يهجروا الحكومة للسلطات المدنية. وقد يحدث غريباً حتى نقول حتى الغالبية الساحقة من السكان في 1609 كانوا من الكاثوليك حتى في المقاطعات الشمالية(51). كانت القوانين تحرم العبادة الكاثوليكية، ولكنها لك تكن تنفذ، وكان هناك 232 قسيساً يتلون الشعائر الكاثوليكية(52)، وأمر مجلس المقاطعة في أوترخت القساوسة حتى يتزوجوا النساء اللائى يستخدمونهن في إدارة شؤون منازلهم، ولكن الامتثال لهذا الأمر لم يكن تاماً، ولك يلقَ إقبالاً.

وحدث الصراع داخل المجموعات البوتستانتية بين الكلفنيين و"المتحررين"، وهم أقلية. وأطلق هذا الاسم على هؤلاء، لا لأنهم إباحيون في حياتهم. بل لأنهم حبذوا الحرية الدينية حتى للكاثوليك، كما أيدوا تفسيراً إنسانياً متحرراً للاهوت البروتستانتي. هؤلاء هم ورثة تنطقيد ارزم (الذين كان ينتسب إليهم وليم أورانج). وكان المتزمتون معتنقوا الكلفنية القديمة، الذين تمسكوا بممضى الجبرية الصارمة، وأحسوا بأن عقيدتهم يحب حتى تكون إجبارية في جميع المقاطعات المتحدة(53)-نقول كان هؤلاء المتزمتون يرمون المتحررين بأنهم "بابويون" في الخفاء. ودافع ديرك كورنهرت الذي كان سكرتيراً لدى وليم أورانج. عن حرية العبادة في كتاباته التي أرست أسس اللغة الأدبية في هولنده. وانبرى واعظ من أمستردام، هوجاكوبس أرمنيوس، لتفنيد آراء كورنهرت، ولكنه تحول إليها واعتنقها بينما كان يفهم ليرد عليها، وحينما عين أستاذاً للاهوت في ليدن، صدم المتزمتين بارتيابه في الجبرية، وإثباته حتى الإنسان تنقذه أعماله الصالحة بقدر ما ينقذه إيمانه، وهذا يخالف ما نطق به لوثر وكلفن. وسلم بأن الوثني المتمسك بأهداب الفضيلة قد ينجومن الجحيم. ومضى إلى حتى جميع الناس في النهاية سيخلصون ودمغة أستاذ زميل له في الجامعة، فرانسيسكس جوماروس، بأنه مهرطق ماكر.

ومات أرمنيوس 1609، وكان قد كسب إلى جانبه آنذاك أتباعاً من ذوي النفوذ، من بينهم أولدنبار نفلدت وهوجوجروتيوس أكبر موظفي روترذام وفي 1610 صاغ هؤلاء "المتحررون" احتجاجاً على نظريات الجبرية ولاصطفاء والرفض أوالإخراج من زمرة الأبرار، واقترحوا عقد مجلس وطني يضم رجال الدين وغيرهم من الفهمانيين لإعادة تحديد عقيدة الإصلاح وتعريفها. وصاغ المتزمتون "احتجاجاً مضاداً" أكدوا فيه من حديث الممضى الكاثوليكي:

"إن الرب، بعد خطيئة آدم، حفظ نفراً معيناً من البشر من الدمار، وقدر لهم الخلاص في المسيح...وفي هذا الاصطفاء لم يعتبر الرب الإيمان أوالارتداد، ولكنه يعمل كيف من الممكن أن يشاء. وأوفد الرب ابنه يسوع لتخليص هؤلاء المصطفين وحدهم".

وأصر أتباع جوماروس على حتى هذه القضايا لا يعالجها إلا رجال الدين وحدهم، وبذلك نجحوا في دمغ المحتجين بأنهم من أنصار البابا أومن أتباع بلاجيوس (الذين ينكرون نظرية الخطيئة الأصلية ويرون حتى الإنسان مخير) أم من الموحدين (الذين لا يدينون بالتثليث، إلى حد أغلبية كبيرة من السكان البروتستانت انحازت إلى جانب المتزمتين، وكان موريس ناسويغفل شأن هذه المنازعات اللاهوتية احتقاراً لها، ولكنه تحرك الآن ليصادق مؤقتاً جماعة الممضى القديم، لأنهم يهيئون لأه ركيزة شعبية لمحاولة استعادة الزعامة الوطنية.

وأعقبت ذلك معركة بالخطب والعظات والنشرات قاربت حتى تكون حرباً. وعكرت الاضطرابات العنيفة صفوالهدنة، وهوجمت بيوت المتحررين في لاهاي، وأخرج الوعاظ الكلفنيون المتشددون من روتردام. وجهزت هولندا جيشاً للدفاع عن ديانتها، وسرعان ما تبعتها مقاطعات أخرى، وبدا حتى الحرب الأهلية توشك حتى تقضي على الجمهورية في مهدها، وفي أربعة أغسطس 1617 اتخذ أولدنبار نفلدت في مجلس هولندا قراراً خطيراً-رآه موريس خطيراً حقاً-يعلن فيه سيادة الدولة على الأمور الدينية، ويوجه مدن المقاطعة إلى تسليح نفسها حماية لها من عنف أنصار الكلفنية، وقصد إلى أوترخت حيث أقنع مجلسها بإعادة القوات لتأييد هولندا. وفي 25 يولية 1618 ولج موريس ناسوبوصفه القائد الشرعي للجيش، أوترخت على رأس قوة مسلحة. وأرغم الفرق المجندة حديثاً على حتى يتفرقوا. وفي 29 أغسطس أصدرت الجمعية العمومية للمقاطعات المتحدة أمراً بالقبض على أولدنبار نفلدت وجروتيوس وغيرهما من زعماء المحتجين. وفي 13 نوفمبر اجتمع كنيسة الإصلاح في دور درخت (دورت)، واستمع لآراء اللاهوتيين المحتجين وحكم بأنهم مهرطقون، وأمر بطرد قساوسة المحتجين من وظائف الكنيسة والتعليم. وصبت اللعنة على أنصار أرمنيوس-مثلهم في ذلك مثل الكاثوليك-وحرم عليهم عقد الاجتماعات أوإقامة الصلوات العامة. وفر كثيرون منهم إلى إنجلترا حيث أحسنت الكنيسة الرسمية استقبالهم ودعموا أبرز مركز الأنجليكانيين المتحررين.

وحوكم أولدنبار نفلدت أمام محكمة خاصة لم تهيئ له أي سند قانوني. واتهم بأنه بطريقة مدموغة بالخيانة أشاع الفرقة في الاتحاد وعرضه للخطر، وبأنه سعى إلى تكوين دولة داخل الدولة. وفي خارج المحكمة انهال سيل من النشرات تذيع على الملأ أخطاء حياته الخاصة. ودافع هوعن نفسه دفاعاً قوياً بليغاً إلى حد حتى أبناءه أقاموا أمام سجنه عمود مايوالمزدان بالأشرطة والزهور واحتفلوا بالإفراج المرتقب عنه، وكلهم ثقة في ذلك. وفي 12 مايو1619 أقرت المحكمة إدانته ونُفذ فيه حكم الإعدام في اليوم التالي. وحكم على جروتيوس بالسجن مدى الحياة، ولكنه بفضل براعة زوجته هرب من السجن وعاش ليؤلف كتاباً يستحق الذكر.

وعلى الرغم من هذا الفوز الذي أحرزه التعصب، نمت الحرية في المقاطعات. وبلغ الكاثوليك من الكثرة حداً يتعذر معه وقف نموهم. ولم يكن من المستطاع تطبيق القرارات النظرية التي صدرت عن مجلس دورات. وفي عام 1619 نفسه أسس المنونايتين (يعارضون حلف اليمين وعماد الأطفال والخدمة العسكرية وقبول الوظائف العامة)، في حرية تامة، طائفة الطلبة الجامعيين، وهي تشبه الكويكرز، في ريجنسبرج وقد عثر عندهم سبينوزا ملجأ آمناً. وفي 1629 امتدح ديكارت حرية الفكر التي نعم بها في أمستردام، وفي نهاية القرن السابع عشر أصبحت هولندا ملاذ المهرطقين الذين لجأوا إليها من بلاد كثيرة.

استئناف الحرب

التدخل الهولندي في بدايات حرب الثلاثين عاماً (1619-1621)

تفصيلة من ملزمة عن ملك الشتاء

الجمهورية تحت الحصار (1621-1629)

1625: استسلام برِدا (ڤـِلازكويز) يصور القادة الهولنديين يخضعون للقائد الاسباني سپينولا.
حصار برِدا، بريشة جاك كالو


وفيتسعة أغسطس 1621 استُأنفت الحرب مع أسبانيا. ذلك حتى الأرشيدوق ألبرت توفي دون حتى يخلف عقباً. فعادت المقاطعات الجنوبية إلى أسبانيا. وأغار سپينولا على المدن الهولندية الواقعة على الحدود. فسار إليه موريس ناسو، ولكن سنوات النضال كانت قد أنهكت قواه، فمات فجأة (1625) وهوفي سن السابعة والخمسين. واستولى سبينولا على بريدا، وبذلك فتح الطريق إلى امستردام، وهيأ للمصور فيلاسكويز موضوع لوحة.

ونهض الهولنديون من كبوتهم واستردوا قوتهم في إصرار وعناد. وأدهش فردريك هنري الذي خلف أخاه في منصب الحاكم العام، الأعداء والأصدقاء على السواء، بما كان يخفي حتى الآن من مواهب رجل دولة وقائد وبفضل دبلوماسية فرانسيس آرسنز استطاع حتى يحصل من ريشيليوعلى منحة سنوية قدرها مليون ليرة، وجمع حشداً جديداً، وبعد حصار طويل استولى على هرتوجنبوخ وماسترخت وبريدا. ولحسن الحظ كان سبينولا قد استدعى إلى لومبارديا.


الجمهورية تندفع قدماً (1629–1635)

Frederick Henry and Ernst Casimir at the siege of 'sHertogenbosch by Pauwels van Hillegaert


التحالف الفرنسي الهولندي (1635-1640)

المعركة البحرية ضد الاسبان بالقرب من دنكرك، 18 فبراير 1639.
حصار شنكنشانس، من خريت ڤان سانتن


اللعبة النهائية (1640-1648)

1645: حصار هولست، آخر حصار كبير في الحرب.

وفي نفس الوقت استخدم التجار الهولنديون أموالهم في بناء السفن، لأن جميع فوز في البحر كان يعني توسيع مجال التجارة. وفي عام 1628 أسر أسطول هولندي صغير تحت إمرة بيبت هين أسطولاً أسبانياً كان يحمل المضى من المكسيك. وهاجم أسطول هولندي آخر قوة أسبانية مكونة من 13 سفينة في نهر سلاك، فدمرها وأسر 5000 رجل (1631). ولكن أروع هذه الفوزات البحرية هي المعركة التي خاضها قائممقام أمير البحر مارتن هاربوتزون ترومب في القنال الإنجليزي (بين دوفر وديل) وكان الأسبان قد عقدوا العزم على استعادة السيطرة على ثغور الأراضي الوطيئة من الهولنديين. فأعدوا أسطولاً ضخماً جديداً من 77 سفينة عليها 24 ألف رجل فلما أبصر به ترومب في القنال، وأوفد في طلب المدد، وفي 21 أكتوبر 1639 أبحر ومعه 75 سفينة حتى صار على مقربة من مواقع العدو، فأغرق أوأعطب أوأسر جميع الأسطول الأسباني فيما عدا سبع سفن. وقتل 15 ألفا من الملاحين الأسبان في المعركة أوأغرقوا. وتحتل معركة القنال الإنجليزي في تاريخ هولندا نفس المكانة التي تحتلها هزيمة الأرمادا (1588) في تاريخ إنجلترا. فقد وضعت حداً لكل نادىوى أسبانيا في السيادة على البحار، وبترت شريان الحياة بين أسبانيا ومستعمراتها، وأسهمت مع أنصار فرنسا على أسبانيا في معركة روكروا (1643) واختتمت الحقبة التي هيمنت فيها أسبانيا على أوربا.


سلام مونستر

أهالي أمستردام يحتفلون بـسلام مونستر، 1648 بريشة برتولوميوس ڤان در هلست.
القـَسـَم على سلام مونستر من قِبل خرارد تر بورچ


مذ انهمكت أسبانيا انهماكاً تاماً في حرب الثلاثين عاماً فإنها قررت حتى تنزل للهولنديين عن جميع شيء، حتى تتفرغ للحرب مع فرنسا. وفي مونستر في 30 يناير 1648 سقط المندوبين الأسبان معاهدة وستفاليا التي أنهت ثمانين عاماً من الحرب في الأراضي الوطيئة. وأعرب حتى المقاطعات المتحدة غير متقيدة بأي رباط مع أسبانيا. وتم الاعتراف بفتوحاتها. ولا تصل تجارة الراين إلى بحر الشمال إلا عن طريق الثغور الهولندية وحدها. وخول التجار الهولنديون حرية التجارة في جزر الهند الشرقية والغربية. إلى غير ذلك انتهى أطول وأشجع وأقسى صراع من أجل الحرية في التاريخ بأسره.

النتائج

الحدود الجديدة بين الشمال والجنوب

Map of the Netherlands c. 1593 by Cornelis de Jode
Aetas Ferrea. This engraving by Hans Collaert likens the devastation caused by the war to the Iron Age of Greek mythology.

الموقف السياسي

جزء من عن
تاريخ هولندا
بوابة هولندا

انظر أيضاً

  • معارك حرب الثمانين عاماً
  • حروب الأديان الأوروپية
  • اتحاد دلفت


المصادر

المراجع

  • Gelderen, M. van (2002), The Political Thought of the Dutch Revolt 1555–1590, Cambridge University Press, ISBN 0-521-89163-9
  • Glete, J. (2002),War and the State in Early Modern Europe. Spain, the Dutch Republic and Sweden as Fiscal-Military States, 1500–1660, Routledge, ISBN 0-415-22645-7
  • Israel, Jonathan (1989), Dutch Primacy in World Trade, 1585–1740, Clarendon Press, ISBN 0-19-821139-2
  • Israel, Jonathan (1990), Empires and Entrepôts: The Dutch, the Spanish Monarchy, and the Jews, 1585–1713, Continuum International Publishing Group, ISBN 1-85285-022-1
  • Israel, Jonathan (1995), The Dutch Republic: Its Rise, Greatness, and Fall 1477–1806, Clarendon Press, Oxford, ISBN 0-19-873072-1
  • Koenigsberger, H.G. (2007) [2001], Monarchies, States Generals and Parliaments: The Netherlands in the Fifteenth and Sixteenth Centuries, Cambridge University Press, ISBN 978-0-521-04437-0
  • Parker, G. (2004) The Army of Flanders and the Spanish Road 1567–1659. Second edition. Cambridge University Press, ISBN 978-0-521-54392-7 paperback
  • Tracy, J.D. (2008), The Founding of the Dutch Republic: War, Finance, and Politics in Holland 1572–1588, Oxford University Press, ISBN 978-0-19-920911-8

وصلات خارجية

  • (هولندية)
  • (هولندية) Correspondence of William of Orange
  • (Spanish) La Guerra de Flandes, desde la muerte del emperador Carlos V hasta la Tregua de los Doce Años
  • (هولندية) "Nederlandse Opstand" on www.onsverleden.net

تاريخ النشر: 2020-06-04 17:07:50
التصنيفات: صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Pages using deprecated image syntax, حرب الثمانين عاماً, صراعات عالمية, تاريخ هولندا, تاريخ المقاطعات السبعة عشر العسكري, حروب النمسا, حروب فرنسا, حروب بريطانيا العظمى, حروب الپرتغال, حروب إسپانيا, حروب الجمهورية الهولندية, حروب الإمبراطورية الرومانية المقدسة, حروب هولندا, القرن 16 في أوروبا, القرن 17 في أوروبا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مناشدة أممية لتكثيف المساعدات لحماية اليمنيين من المجاعة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:17:03
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 95%

عودة الهدوء لمعقل الفصائل المعارضة بسوريا بعد قتال داخلي عنيف

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:17:25
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 88%

طقس الاثنين..أمطار منتظرة في مناطق من المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:50
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 82%

برج الثور.. حظك اليوم الإثنين 17 أكتوبر: لديك القدرة على الإقناع  

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

حكاوي التريند | أزمة شيرين عبدالوهاب تتصدر الأكثر بحثا على «جوجل»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

تجاهل هذه الأعراض في الساق يؤدي إلى زيادة احتمالية البتر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

بوتين يعقد اجتماعات مع أعضاء مجلس الأمن الروسي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:37
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

القوات الروسية والسورية تقتل 20 عنصراً من داعش في درعا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:17:26
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 92%

ملتقى لرواد الأعمال ضمن فاعليات إسبوع مهرجان «استدامة وطن»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:44
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

مواجهات بين الأمن ومحتجين لليلة الثالثة على التوالي في تونس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:17:40
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

القوى العاملة تتابع سير العملية التدريبية لورش الخياطة ببورسعيد

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:18:41
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

وكالة: توقعات بإفراج السعودية عن القيادي بحركة حماس محمد الخضري

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-17 03:16:45
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 96%

تحميل تطبيق المنصة العربية