أغنية البجعة الأخيرة ولكن النيل نجاشي

عودة للموسوعة

أغنية البجعة الأخيرة ولكن النيل نجاشي

أغـنيـة البجـعـة الأخـيرة ولكن النيل نجاشي

‬نايل الشافعي
shafei@marefa.org
المعصرة بجريدة الشروق ثلاثة يوليو2013


ملس زناوي وزوجته أزب مسفن، في 15 فبراير 2011.

حسب الأساطير اليونانية، لا تغرد البجعة إلا قبل وفاتها أورحيلها، وتكون أغنية شجية طويلة. يبدوحتى مشروع سد النهضة هوأغنية البجعة لحاكمة إثيوبيا العملية "أزِب مسفن". وهذا ليس تقليلاً من أهمية مشروع السد أوانتقاص من قدر القائدة المحنكة. فإثيوبيا جارة هامة لمصر ذات حضارة قديمة تتزامن مع حضارة مصر القديمة. ورباط النيل يحتم علينا حتى نعمل على تنقية العلاقات معها من الأدران التي شابتها على مر القرون. ولكي نعمل ذلك، عملينا فهم الشعب الإثيوبي بكافة عناصره والتواصل مع جميع منها. إذ حتى الدولة الإثيوبية نفسها تعتمد التصنيف العرقي أساساً للتقسيم الاداري.

خلاصة هذا الموضوع هي توضيح الدور المحوري لأزب مسفن على رأس هرم السلطة العملية في إثيوبيا، وأهمية حتى تمد مصر جسور الود والصداقة مع جميع من أعراق إثيوبيا الكبرى "على حدة". وأخيراً، التأكيد على حتى التفاوض حول مياه حوض النيلقد يكون مع واشنطن، ولا أحد غيرها. ففي إثيوبيا، فالقرارات الكبرى، بل والمتوسطة على مستوى المحافظات الإثيوبية، لا تتم بدون توسط لأطراف أمريكية نيابة عن مختلف الأطراف المحلية.

إثيوبيا ذات الأربعة وتسعين مليون نسمة تتألف من تسعة أعراق رئيسية شديدة التمايز عن بعضها البعض، ولذلك سُميت‮ "‬الحبشة" أو"حابشا"، أي "الخليط". وتنقسم إثيوبيا حالياً إلى تسع أنطقيم على أساس عرقي. يهمنا من العروق الأمهرة،‮ ‬في الوسط وهم حكام البلد علي مر التاريخ؛ التگراي في الشمال والعفر في الشرق والهرر والأورومووالصوماليون في الجنوب وبني شنقول في الغرب (حيث سد النهضة).

حكم الأمهرة الهضبة الحبشية منذ عام 900م بتواصل حتى القرن العشرين. وحتى الشيوعيون الذين أطاحوا بالامبراطور هيلاسلاسي في 1974، كانت غالبيتهم أمهرة.

عمل السادات ونميري على مناهضة نظام الدرگ الشيوعي في إثيوبيا. فدعم السادات القيادات الإسلامية في هرر، كما دعم الرئيس الصومالي سياد بري في حرب الأوجادين لضم الإقليم الصومالي (بإثيوبيا) إلى باقي التراب الصومالي. تلك التحرشات لم تكن بسبب النيل، بل كانت ضمن الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي. ومن ضمن تلك العمليات المناهضة لإثيوبيا قيام ضباط المخابرات السودانيون الفاتح عروة وعثمان السيد وعمر الطيب بترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا في عام 1984.

الفاتح عروة

قاد هؤلاء الضباط، أنفسهم، انقلاب‮ "‬الإنقاذ الوطني‮" ‬في 1989، وأتوا بعمر البشير. وبدأت المخابرات السودانية على الفور في تجنيد وتدريب منظمات عسكرية انفصالية في أراتى إثيوبيا الشيوعية. أبرز منظمتين شقيقتين تمركزتا في السودان كانتا للقوميتين الشقيقتين بشمال البلاد، ألا وهما التگراي والتگرينيا، واسما المنظمتين: جبهة تحرير شعب التگراي بقيادة ملس زناوي وزوجته أزب مسفن (اللذين أنجبا "سمهل" كبرى بناتهم في الخرطوم). بينما اتخذ التگرينيا اسم الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، بقيادة أسياس أفورقي، كبديل غير عربي لجبهة التحرير الإرترية المولودة بالقاهرة (1960). الفاتح عروة شخصية فاعلة على مستوى القرن الأفريقي، ومحب لمصر. وقد كان جاراً لي لسنوات. يجب على مصر التواصل معه والكف عن الهجمات الطفولية عليه بالصحف المصرية.

ومع انهيار الاتحاد السوڤيتي في 1991، وقع انقلاب في إثيوبيا أطاح بنظام الدرگ الماركسي واتفقت المنظمتان على الفور على إجراء استفتاء لانفصال إرتريا‮ (‬النافذة البحرية لإثيوبيا)، وتولى حكمها التگرينيا بقيادة إسياس أفورقي. بينما استولى التگراي على الحكم في إثيوپيا، بقيادة ملس زناوي ليكون أول حاكم‮ ‬غير أمهري لإثيوبيا. أحاط زناوي نفسه بأبناء عشيرته التگراي. فانتفض الأمهرة في الوسط والمسلمون في الشرق، أما الجنوب الذي لم يخضع قط لسلطة أديس أبابا فقد تصاعدت فيه حربان انفصاليتان (الأوجادين الصوماليون والأورومو). الخلاصة: لا ينخدعن أحد بروابط العروبة والجوار مع نظام البشير، فما بينه وبين نظام التگراي بأديس أبابا أقوى بكثير مما بينه وبين مصر.

ويتهم أبناء القوميات الأخرى في إثيوبيا "الفاتح عروة" بأنه المخطط لانقلاب 1991. ومنذ منتصف التسعينات تقوم المعارضة الإثيوبية بمظاهرات أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك يتهمون فيها أزب مسفن بأنها الحاكم العملي لإثيوبيا. في حين حتى منصبها الرسمي هوعضوية البرلمان الإثيوبي، إلى أنها تسيطر على شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية التي تتلقى أموالاً هائلة من المعونات الأجنبية، مثل سوزان مبارك.

الطبيعة الجبلية الوعرة لإقليم تگراي، غير الصالحة للزراعة، أثرت على أفكار زناوي للتنمية. فتبنى خطة وطنية شاملة للنهضة،‮ ‬تقوم علي استغلال ما أسماه‮ "‬المضى الأبيض‮" ‬وهوتصدير الكهرباء المولدة من مساقط المياه. وكان مخط استصلاح الأراضي الأمريكي قد اقترح في عام 1964 خطة من أربع مجموعات سدود، إلا حتى إثيوبيا لم تنفذها لارتفاع تكلفتها بالمقارنة بمردودها. إلا حتى النظام الحاكم التگراني الحالي بدأ تطبيق نسخة موسعة من تلك الخطة بنشاط. فكثير من تلك السدود سيكون في تگراي وجارتها الوعرة بني شنقول.

أكبر تلك السدود، سد النهضة، سيتكلف نحوخمسة مليار دولار، لم تجمع منهم إثيوبيا على مر السنوات الثلاث الماضية سوى حوالي 370 مليون دولار، جزء كبير منها من الحكومة السعودية عبر الشيخ محمد العمودي. وما لم يجد حديث في المعطيات الدولية، فلا أرى تمويلاً للسد في السنوات الخمس القادمة، إلا إذا دفعت تصرفات سلبية مصرية دول الخليج لتمويل السد نكاية في النظام الحاكم في مصر. ولكن في جميع الأحوال فإن اتخاذ إثيوبيا قرارً لبناء سد على النيل الأزرق دون توافق مع مصر هوفي حد ذاته إيذان ببدء فترة جديدة في أمن مصر المائي.

برهانونگا

منذ مطلع الألفية دخلت مختلف أعراق إثيوبيا في حالة تمرد شديدة على نظام التگراي. فاضطر زناوي لإنطقة عمدة أديس أبابا برهانونگا، زعيم حزب گنبوتسبعة المعارض الممثل للأكثرية الأمهرية، وحكم عليه غيابياً بالاعدام. واشتعلت مجدداً حرب انفصالية في الاوجادين (الصومالية)؛ ونشطت جبهة تحرير أورومو، مما اضطر زيناوي إلى عدم عقد الانتخابات في إقليم الأورومو(أكبر الأنطقيم سكاناً بزعمهم) وتعيين نواب بدلاً من انتخابهم. الهرر والعفر وبني شنقول (العرب) لمقد يكون أقل ثورةً. ولكن زناوي انتهز فرصة الحرب الأمريكية على الارهاب، فشن حرباً ضروس على المسلمين في البلد، لفرض عقيدة الأحباش، راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف المعتقلين. كما أوفد جيشاً عرمرم إلى الصومال، وهوالأمر الذي تقدره أمريكا. لذا نرى الدبلوماسيون الأمريكان من أجيال مختلفة يلعبون دوراً علنياً كبيراً في التوفيق بين عناصر الأمة، حتى في أمور صغيرة بين الأنطقيم (العرقية). وانهمرت الاستثمارات الخليجية للزراعة والصناعة في إثيوبيا. إلا حتى ذلك لم يقلل من المعارضة الداخلية المسلحة والسلمية. فقد كان إطلاق مشروع السدود في 2003، بمثابة أغنية البجعة الأخيرة للنظام الحاكم ولملس زناوي وزوجته أزب مسفن.

هايله مريم دسالني

برهانه گبره-خريستوس
بركات سيمون

رحيل ملس زناوي في أغسطس 2012، تزايد الغضب الوطني على حكم عرق واحد. وارتفعت الأصوات بحتمية بناء نظام حكم تعددي. إلا حتى سيدة إثيوبيا القوية، أزب مسفن، استولت على منطقيد الأمور، ونقلت المنصب ‬إلي وزير خارجيته الوفي هيلامريم دسالن، المنحدر من قبيلة الولايتا الضئيلة من الأمم الجنوبية‮ (‬المهمشة‮) ‬ولا قاعدة شعبية له وهوقابلة لاستمرار حكم أزب مسفن. وسارعت الولايات المتحدة إلى مباركة رئيس الوزراء الجديد. كما قامت بعملية تطهير داخل صفوف جبهة تحرير شعب التگراي، الحاكمة، فأبعدت برهانه گبره-خريستوس، الذي كان يعتبره جميع المراقبين الشخص الثاني بعد زناوي في الجبهة على مر العشرين سنة الماضية. وتواصل أزب مسفن الاستعانة بوزير الإعلام العجوز بركات سيمون، كممثل صوري لعرق الأمهرة. وهوشخصية مرفوضة من أبناء جلدته، إلا أنه كان زميل دراسة زوجها، ويشبه دوره في النظام الحاكم دور صفوت الشريف في نظام عبد الناصر ثم في نظام مبارك. وتسعى أزب مسفن، في انتخابات 2015، الإعلان عن انتهاء ثورة التگراي وبدء تحالف تعددي (شكلي) تمثل هي فيه التگراي ويمثل بركات سيمون الأمهرة. ولكن دون السماح لزعيم الأمهرة برهانونگا بالمشاركة في الانتخابات.

وفي 27 يونيو2013، ادعى مصدر حكومي في التلفزيون الإثيوبي حتى لديه تسجيلات لبرهانونگا يعترف فيها بتلقيه نصف مليون دولار مؤخراً من المخابرات المصرية عبر المخابرات الإرترية. وهذا الخبر إذا صح سيكون خطأ فادحاً من مصر، يزيد من توتر العلاقات. وكنت قد اقترحت اسم برهانوفي منطقين في أغسطس 2012، بصفته معارض هام محكوم عليه بالإعدام، وشددت على حتى تتواصل معه "علناً" أحزاب معارضة مصرية، لا تقترب منه أي جهة حكومية مصرية. كما حتى التواصل مع إرتريا هوأمر بالغ الأهمية، ولكن حذاري من الاعتماد على نظام الحكم التگريني الحالي في أسمرة، في العمل ضد أبناء عمومتهم التگراي الحاكمين في إثيوپيا. فالعداوة عابرة ووشائج القربى ستنضح بأي تحركات مصرية ضد إثيوبيا في إرتريا.

وأقترح بقوة حتى تقوم مجموعة من سيدات المجتمع البارزات في مصر، عبر المجلس القومي للمرأة مثلاً، بدعوة أزب مسفن، المعروفة بحبها لمباهج الحياة رغم شظف المنشأ، إلى زيارة "شيك" إلى مصر.

ماذا عن سد النهضة؟

يجب التذكير دوماً بأن بناء أي سد على النيل، حتى لولتوليد الكهرباء، يحمل تهديداً جدّياً للدول التي تتقاسم مياهه، نظراً لإمكان تحويل السدّ من وجهة استعمال معيّنة إلى وجهة اخرى. ومثلاً، من المستطاع تحويل سد جرى تشييده لتوليد الكهرباء، إلى سد يخدم الزراعة عبر التصرف في المياه التي يحتجزها وتحويلها الى ترعة تخدم استصلاح الأراضي. واستطراداً، فالأرجح حتى تجد مصر نفسها، عند اكتمال السدود التي تعتزم دول مختلفة تشييدها على النيل، منجرة إلى مفاوضات صعبة حول أنماط استهلاك مصر للمياه وتسعيرة (بدأ الكلام عنها) للمياه الزائدة، بغض النظر عن جدية هذه الدولة أوتلك.

ومع تصاعد أصوات ومصالح المناطق الأخرى في إثيوبيا (عدا التگراي)، خاصة مع انتخابات 2015، ستدفع قوى المعارضة بأن إثيوبيا بحاجة للكثير من السدود الصغيرة لاستصلاح الأراضي وليس لسد كبير لتوليد الكهرباء. وهوالأمر الذي قد يدفع لتفضيل سدود استصلاح الأراضي أوالبحث في استخدام سدود توليد الكهرباء في استصلاح الأراضي. مما يفرغ طمأنة المسؤولين لمصر بأن تلك السدود لن تؤثر على مصر بعد الملء الأول لخزان جميع منها.

بلاي إجيگوبگشاو

مخطط سد النهضة‮ هو"بلاي إجيگوبگاشاو" ‬وزير الزراعة السابق الأمهري. ويعمل حالياً‮ ‬أستاذ بمعهد الأرض، جامعة كلومبيا الأمريكية. ويلعب دوراً‮ ‬محورياً‮ ‬تحت جفري ساكس في قيادة مشروع الألفية بالأمم المتحدة. ‬‬وقد تحدثت معه مطولاً،‮ ‬وحساسيته تجاه مصر بادية ويؤمن بشدة بعدم قانونية معاهدات النيل السابقة المسقطة في زمن الاحتلال الإنجليزي لمصر. الأمهرة بالرغم من أنهم أقل من 24% من السكان إلا أنهم حكام الحبشة التقليديون ويرون أنفسهم حماة للمسيحية الأرثوذكسية في أفريقيا، لذلك فاهتمامهم كبير بمكانة إثيوپيا المعنوية. أنصح حتى يتواصل أساتذة الري والهيدروليكا المصريون معه، ويمكنني تسهيل ذلك. كما ألفت نظر صناع القرار بمصر إلى حتى التخطيط لحوض النيل، أصبح يضطلع به معهد الأرض بجامعة كلومبيا، ضمن برنامج أهداف الألفية للأمم المتحدة.

الاعلام الإثيوبي (صحافة وتلفزيون) دائماً ما يستعين بآراء دبلوماسيين أمريكان (دون غيرهم) حاليين وسابقين في مختلف القضايا الصغيرة بالبلد، مثل تقييم مشاريع القطاع العام، ومشاريع التنمية الصغيرة في مختلف الأنطقيم. ولا غرابة في ذلك إذا ما أخذنا في الاعتبار ما ذكرناه أعلاه من تاريخ نظام الحكم التگراني. لذلك فإنه من السذاجة حتى نظن هذا النظام، وهوفي أضعف حالاته، يُقدِم على اطلاق مشروع له آثار دولية كبيرة، مثل سد النهضة، دون تصريح وموافقة ودعم من واشنطن. لذلك أنصح الرئيس المصري حتى يوجه خطابه مباشرة إلى الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بهذا السد.


علاقات آن لها حتى تنصلح

وسام گوندت هوأعلى وسام عسكري في إثيوبيا المعاصرة ويخلد فوز إثيوبيا على الجيش المصري عام 1875.

بالرغم من أواصر النيل والمسيحية الأرثوذكسية والإسلام،‮ ‬إلا حتى الإثيوبيين يشعرون بمرارة من مسار العلاقات التي تعكرها مشاحنات سخيفة علي مر القرون. المصريون لا يدركون ذلك. لذلك فأول خطوة نحوتنقية الأجواء تكون بتوعية جميع طرف بمآخذ الطرف الآخر. الحبش يدرسون في تاريخهم عدوواحد متكرر، هو"مصر". بدءاً‮ ‬من زعم حتى تحالف الفراعنة مع بلاد بونت الصومالية كان ضدهم. ثم مناوشات مع مصر البطلمية. ثم دعم المماليك لممالك الطراز الحبشية الإسلامية ضد أكسوم الأمهرية في القرون 13-15. ‬وتعمد سلاطين مصر تأخير إرسال أساقفة أقباط ضروريين لترسيم الأباطرة الجدد. تدور السيرة الشعبية "سيف بن ذي يزن" ‬حول حروب مصر مع الحبشة في العصر المملوكي‮. ‬ثم تحالف الحبش مع البرتغاليين في‮ ‬غزوموانئ مصر علي البحر الأحمر في القرن 16. وفي 1832، أوعزت بريطانيا إلى الامبراطور سهله دنگل بالشكوى إليها من توسع محمد علي في السودان وتهديده مدينة گوندر. كما أوعزت له بالمطالبة بدير السلطان في القدس. ثم أوفد سعيد باشا، حاكم مصر، البابا كيرلس الرابع إلى الحبشة، سنة 1856، لتحسين العلاقات، فما كان من الامبراطور توضروس الثاني إلا حتى حبسه قرابة السنة بتهمة أنه جاسوس.

ثم كان الصدام الأكبر في حملة الخديوي إسماعيل علي الحبشة (1874-1877) ‬التي دفعتنا إليها فرنسا لمجابهة احتلال بريطانيا لجزيرة بريم اليمنية في باب المندب،‮ ‬لذا ساندت المدفعية البريطانية يوحنس الرابع في إبادة جيشين مصريين متتاليين، عن بكرة أبيهم، في مرتفعات تگراي.‮ إلا حتى ذلك لم يمنع المصريين من أعطى نفوذهم في الساحل والجنوب الحبشيين. فعمّرنا مدن هرر وزيلع وغيرهم. ويدرس الإثيوبيين معارك الحملة المصرية بتفصيل وفخر شديدين، إذ أنهما كانا أكبر نصر عسكري في تاريخ إثيوبيا. وحتي الآن فإن أحمل وسام عسكري يحمل اسم "گوندت"، المعركة التي أبادوا فيها جيش الخديوي إسماعيل.

وفي 1979، يكسر الزعيم الماركسي منجستوهايله مريم زجاجات مملوءة دماً‮ ‬علي اسمي مصر والسعودية‮. ‬وفي التسعينات‮،‮ ‬نجد حتى الرواية المقررة بالفترة الثانوية،‮ "‬تفري سلاسي"، هي عن ملك خيالي يكافح ضد قس مصري ماكر،‮ ‬وشيخ أزهري هرري‮. ‬ تعليقات القراء في المواقع الشهيرة مثل‮ "‬نظرت‮" ‬تسب الرئيس الإرتري،‮ ‬أفوِرقي،‮ ‬بأن‮ "‬وجهه عربي قذر".

كل تلك الأحداث ليست بالكثير بين أمتين عريقتين متجاورتين. مما يدفعنا للظن حتى أكبر مكامن الغبن هوشعور إثيوبيا بالتجاهل‮. ‬فتواصل الشعبين انحصر في النخب الدينية في أساقفة الكنيسة القبطية وكنيسة التوحيد الإثيوبية التي انشقت عنها في 1959. والمصريون يذكرون الشيخين الأزهريين من الحبشة، الجبرتي الفقيه الأب وابنه المؤرخ الذي شارك في أول حكومة مصرية وضعها ناپليون. ببساطة نحتاج تواصل إعلامي مكثف ومبادرة صداقة بين الشعبين المرحين المحبين للحياة.

أعتقد أنه ليس بالخارجية أوالمخابرات المصريتين إنسان واحد يقرأ الأمهرية، اللغة الرسمية، ناهيك عن اللغات الأصغر.

توصيات

  1. الكلام في تحسين العلاقات يجب حتىقد يكون مع الحاكم العملي لإثيوبيا، أزب مسفن.
  2. الكلام في موضوع سد النهضة وسدود حوض النيل كلها، لاقد يكون إلا مع باراك أوباما.
  3. يجب حتى تسعى مصر لإنشاء "تجمع دول البحر الأحمر"، الذي يقترحه أستاذنا حلمي شعراوي. فالتجمع سيكون ورقة ضغط جيدة.
  4. يجب حتى تفتح مصر قنوات مع قيادات الأعراق الأربع الكبري ومع المعارضة والانفصاليين والدول المحيطة. وأن تفتح السفارة مسقطاً‮ ‬إلكترونياً‮ ‬باللغات الأربع المحلية: الأمهرية، التگراي، الأورومو، والصومالية، بالاضافة للعربية والإنگليزية.
  5. افتقاد الدولة المصرية لمتحدثين باللغات الإثيوبية يشكل خطراً فادحاً. لنتذكر حتى وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية تنشران باستمرار إعلانات توظيف في وسائل الإعلام كلها، خصوصاً لمن يتحدث "اللغات المهمة" التي يجري تحديدها بوضوح في الإعلانات. طالما مصر، يفترض حتى تضمّ "اللغات المهمة": الأمهرية، التجرينية، الأورومو، الصومالية، الدنكا، الشلك، النوير، رواندا-روندي، السواحيلية. ثمة هامش خاص يجدر تخصيصه للغة المندرين الصينية، مع توسع الحضور الصيني في إثيوبيا وفي القارة الأفريقية عموماً. لم تعد هذه اللغات ترفاً أكاديمياً بل حاجة مائية واقتصادية وأمنية ملحة. إذا شخصاً واحداً يتحدث لغة منطقة معينة، هوأكثر فائدة من عشرة يعتمدون على ما يترجمه الأجانب. وعموماً، لا معنى لإرسال أفراد إلى بلدان لا يتحدثون لغاتها.
  6. الفصل الدامي من العلاقات في عهد الخديوي إسماعيل لن يندمل تلقائياً. لابد من رئيس مصري حتى يزور مدينة أكسوم التاريخية، ويلقي فيها بخطاب يعتذر فيه عن حملة الخديوي إسماعيل، بعد حتى يذكر تحرش البلدين ببعضهما البعض وإتاحتهما الفرص لتدخل الدول الأجنبية بينهما. وبعدها مباشرة، يدعوالبلدين لتنقية مناهج التاريخ من العبارات المثيرة للبغضاء بين البلدين.
  7. تبادل الطلاب لا‮ ‬غني عنه. وفتح معهد أزهري في هرر وكلية إكليريكية في بحر دار.
  8. تخصيص 20 منحة سنوياً من الأزهر لأبناء إثيوبيا. وإحياء "رواق الأحباش".
  9. اهداء دير في مصر إلى كنيسة التوحيد الإثيوبية،قد يكون ملاصقاً لدير قبطي. دعماً لأواصر الأخوة بين الكنيستين.
  10. إنشاء قسم للغات والآداب الحبشية في جامعتي القاهرة والأزهر والكلية الإكليريكية، واستقدام أساتذة إثيوبيين للتدريس.
  11. الاهتمام بفهم النفس العرقي، لتعريف سمات شخصيات الثقافات المتنوعة في إثيوبيا وفي حوض النيل. هذا الملف يجب حتى يتزود به أي مفاوض مصري، بالاضافة للمعلومات الاستخباراتية عن أشخاص بعينهم.
  12. تشجيع السياحة بين البلدين. مصر للطيران ينبغي حتى تطرح باقات للإثيوبيين المسافرين من أديس أبابا إلى أمريكا واوروبا حتى يتوقفوا ليوم أوأكثر في القاهرة بأسعار مناسبة.
  13. يجب على مصر حتى توضح للدول الخليجية حتى دعمها لمشروعات في إثيوبيا يجب ألاقد يكون ضغطاً على مصر.

موسوعة الفهم www.marefa.org تضم منطق مشروح عن الأشخاص المذكورين،‮ ‬بالاضافة لعشرات الموضوعات عن إثيوبيا ونحو300 منطق عن النيل‮.‬

تاريخ النشر: 2020-06-04 17:17:59
التصنيفات: مقالات نائل الشافعي, مقالات 2013

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

جازان: القبض على شخصين لترويجهما «الحشيش» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:51
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

"وول ستريت" ترتفع مع تقييم المستثمرين لتصريحات باول

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:13
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 38%

الجنائية الدولية: على إسرائيل الالتزام بسيادة القانون والتوق

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:24
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

مدير مستشفى الشفاء بغزة: مرضى التنفس يموتون بعد دقائق من ان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:53
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

جنوب إفريقيا: استدعاء سفير إسرائيل احتجاجا على سلوكه المرتبط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:31
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

لبنان: قصف إسرائيل مستشفى ميس الجبل جريمة ضد الإنسانية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:15
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

قطر تحذر الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب مجزرة جديدة في مجمع الشف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:38
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

المكتب الفيدرالي لـ "الفاف" قلق بسبب وضعية الخزينة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:29
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

تبوك: القبض على شخص لترويجه «الحشيش» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

نفط : سعر خام برنت يفوق 80 دولارا للبرميل

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

مفوضية اللاجئين تحذر من تصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:24:35
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

نقاط الأستاذ محمود على حروف ابن عربي وأحمد البدوي (طنطا)!!

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:24:38
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

احذروا.. رسالة احتيالية تستهدف الحسابات البنكية للمغاربة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:47
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 75%

انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن المستشفى الإندونيسي بغزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 55%

أكثر من 50 اتفاقية في المؤتمر الاقتصادي السعودي الافريقي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

تعيين لجنة برئاسة خرشي لتسيير منافسة الرابطة الوطنية للهواة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:38
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

صدور "إعلان الرياض" في ختام أعمال ‎القمة السعودية الأفريقية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:25:56
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

سباق مع الزمن لنزع فتيل "غضب الأساتذة" والبداية بحل مشكل "المتعاقدين"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:58
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 82%

الحكومة في غزة: أكذوبة الجنوب الآمن باتت واضحة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-10 18:23:45
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية