إميل، أو في التعليم

عودة للموسوعة

إميل، أوفي التعليم

Emile, or On Education
Title page of Rousseau's Emile
المؤلف Jean-Jacques Rousseau
البلد Republic of Geneva and France
اللغة French
تاريخ النشر
1762
نـُشـِر بالعربية
1763
ISBN NA

إميل، أوفي التعليم Emile, or On Education أوإميل، أوعمل في التعليم (بالفرنسية: Émile, ou De l’éducation) is a treatise on the nature of education and on the nature of man written by Jean-Jacques Rousseau, who considered it to be the "best and most important of all my writings". Due to a section of the book entitled "Profession of Faith of the Savoyard Vicar", Emile was banned in Paris and Geneva and was publicly burned in 1762, the year of its first publication. During the French Revolution, Emile served as the inspiration for what became a new national system of education.

أ - تربيته

في وسعنا حتى نغتفر الكثير لمحرر استطاع في خمسة عشر شهراً حتى يصدر "هلويز الجديدة" (فبراير 1761) و"العقد الاجتماعي" (إبريل 1762)، و"إميل" (مايو1762). وقد نشر ثلاثتها في أمستردام، ولكن "إميل" نشر في باريس أيضاً بإذن من الحكومة حصل عليه مالزيرب العطوف بمخاطرة كبيرة. ومن حق مارك-ميشيل راي، الناشر الأمستردامي، علينا حتى نحييه تحية عابرة، ذلك أنه بعد حتى كسب أرباحاً لم يتسقطها من هلويز أوقف على تريز معاشاً سنوياً مدى الحياة قدره 300 جنيه، وإذ تنبأ لإميل برواج أعظم من "العقد الاجتماعي" (الذي كان قد اشتراه بألف جنيه) دفع لجان-جاك ستة آلاف جنيه نظير المخطوطة الجديدة الأطول من سابقتها.

أما الكتاب فكان بعضه ثمرة مناقشاته مع مدام ديينيه عن تربية ولدها، واتخذ أول شكل له في منطق صغير خط-ليسر أمة قادرة على حتى تفكر-وهي مدام دشنونسو، ابنة مدام دويان. وقد قصد به روسوحتىقد يكون تذليلاً لقصته "هلويز الجديدة": فكيف ينبغي حتى ينشأ أبناء جولي،يا ترى؟ وخامره الشك لحظة في صلاحية رجل أودع جميع أطفاله في ملجأ للقطاء، وفشل مفهماً خاصاً في أسرة مابليه، للكلام في موضوع الأبوة والتربية. ولكن كعادته عثر لذة في إطلاق حبل خياله على غاربه دون حتى يعوقه معوق من التجربة. ودرس منطقات "مونتيني" و"تليماك فينيلون"، ورسالة في الدراسات لرولان، وكتاب لوك "خواطر في التربية". وكان "منطقه" الأول تحدياً له، لأنه صور الإنسان خيراً بفطرته ولكن أفسدته الحضارة بما فيها التربية. فهل في الإمكان الاحتفاظ بهذا الخير الفطري وتنميته بالتربية السليمة،يا ترى؟ لقد أجاب هلفتيوس قبيل ذلك بأن هذا ممكن، وذلك في كتابه "عن العقل" (1758)، ولكنه قدم حجة لا مخططاً.

أما روسوفقد أستهل كتابه بفرض الطرق القائمة لأنها تلقن، بالصم عادة، أفكاراً بالية فاسدة، وتحاول جعل الطفا آلة طيعة في مجتمع منحل، وتمنع الطفل من التفكير والحكم لنفسه، وتشوهه فتهبط بمستوى قدراته، وتلوح بملاحظات تافهة وأقوال قديمة مبتذلة. وقد أخمد هذا التعليم المدرسي جميع الحوافز الفطرية، وجعل، التربية عذاباً يتوق جميع طفل إلى تجنبه. ولكن التعليم يحب حتىقد يكون عملية سعيدة فيها تفتح طبيعي، وتفهم من الطبيعة والتجربة، وتنمية حرة لقدرات الطفل نحوحياة فياضة لذيذة. يجب حتى تكون "فن تدريب الناس(41)" والإرشاد الواعي للجسم النامي ليبلغ الصحة، وللخلق ليبلغ الفضيلة، وللذهن ليبلغ الذكاء، وللوجدان ليبلغ ضبط النفس وحب العشرة والسعادة.

وكان روسويؤثر حتىقد يكون هناك نظام تعليم عام تقوم عليه الدولة، ولكن بما حتى التعليم كان يومها في يد الكنيسة فقد أوصى بتعليم خاص يضطلع بع مفهم أعزب ينقد أجراً نظير تكريس سنين كثيرة من حياته لتلميذه. وعلى هذا المفهم حتى يبعد الطفل ما أمكن عن أبويه وأقاربه مخافة حتى تصل إليه العدوى من رذائل الحضارة المتراكمة. وأضفى روسوعلى بحثه صبغة إنسانية بتخيله أنه قد فوض بكامل السلطة تقريباً ليربي غلاماً طيباً جداً يدعى إميل. وهي فكرة لا يمكن تصديقها، ولكن روسووفق في حتى يجعل هذه الصفحات-وعددها 450-أمتع كتاب ألف في التربية إطلاقاً. وقد تناول كانت "إميل" لقرأه فاستغرق في قراءته استغراقاً أنساه الخروج للتمشي في نزهته اليومية(42).

وما دامت الطبيعة ستكون الهادي والمرشد للمعلن، فسيعطى الطفل جميع الحرية التي تسمح بها سلامته. وسيبدأ بإقناع مربيته بأن تحرر الرضيع من أقمطته لأنها تعوق نموه وتطور أطرافه تطوراً سليماً. ثم يقنع أمه بإرضاع طفلها بدلاً من حتى تعهد به لسقمعة، لأن السقمعة قد تؤذيه بالقسوة أوالإهمال، أوقد تظفر منه-بفضل عنايتها الصادقة به-بتلك المحبة التي يجب بالطبيعة حتى توجه للأم باعتبارها أول مصدر ورباط لوحة الأسرة والنظام الأخلاقي. وهنا ساق روسوعبارات كان لها تأثير جدير بالإعجاب على الأمهات الشابات في الجيل الجديد:

"أتريدون حتى تردوا الناس جميعاً إلى واجباتهم الفطرية،يا ترى؟ ابدؤوا بالأم إذن، وسوف تدهشكم النتائج. فكل الشرور تأتي في أعقاب هذه الخطيئة الأولى...والأم التي يغيب أطفالها عن بصرها لا تكتسب الاحترام الكثير، فليس هنا حياة أسرية، وروابط الطبقة لا تتقوى بروابط العادة، وليس هناك وجود بعد للآباء والأمهات والأخوة والأخوات. فهم أغراب تقريباُ، فكيف يحب بعضهم بعضاً،يا ترى؟ إذا كلاً منهم يفكر في نفسه.

"أما إذا تنازلت الأمهات بإرضاع أطفالهن، فسيكون هناك إصلاح في الخلق سينتعش الشعور الفطري في جميع قلب، ولن تشكوالدولة فقراً في عدد المواطنين. وهذه المستوى الأولى وحدها ستعيد المحبة المتبادلة ومباهج البيت خير ترياق للرذيلة. عندها يغدولعب الأطفال الصاخب متعة بعد حتى كنا نحسبه شديد الإرهاق لنا، ويزداد إعزاز الأم والأب بعضهما لبعض ويقوى رباط الزواج...إلى غير ذلك يأتي الشفاء من هذا الشر الواحد بإصلاح شامل، فتستعيد الطبيعة حقوقها. وإذا أصبحت النساء أمهات صالحات أصبح الرجال أزواجاً وآباء صالحين(43).

هذه الفقرات المأثورة جعلت إرضاع الأمهات لأطفالهن شطراً من تغير العادات الذي بدأ في العقد الأخير من حكم لويس الخامس عشر. وكان بوفون قد أذاع مثل هذا النداء في العقد السابع ولكنه لم يصل إلى نساء فرنسا. وبدأ الآن ظهور أجمل الصدور في باريس أعضاء للأمومة فضلاً عن كونها مفاتن جسمية ساحرة.

وقسم روسوحياة تلميذه التعليمية إلى ثلاث فترات، اثنتي عشرة سنة طفولة، وثماني سنوات صبى، وعمر غير محدود للإعداد للزواج والأبوة، وللحياة الاقتصادية والاجتماعية. ففي الفترة الأولىقد يكون التعليم كله تقريباً بدنياً وخلقياً، وعلى الخط والتفهم من الخط، وحتى الديانة حتى تنتظر نموالعقل، فإلى حتى يبلغ إميل الثانية عشرة لن يعهد حدثة في التاريخ، ولا يكاد يسمع ذكر الله(44). فتربية الجسم يجب حتى يشرع فيها أولاً. ومن ثم يربى إميل في الريف لأنه المكان الوحيد الذي يمكن حتى تكون الحياة فيه صحية طبيعية:

ولم يخلق البشر ليتكدسوا في كثبان نمل، بل لينتشروا على الأرض ليفلحوها. وحدثا حشدوا معاً فسدوا. والسقم والرذيلة هما النتيجتان المحتومتان للمدن المكتظة..فأنفاس الإنسان تفتك بإخوانه البشر...والإنسان تفترسه مدننا، ولن تنقضي أجيال قليلة حتى ينقرض النوع الإنساني أوينحط. فهوفي حاجة إلى التجديد، وتجديدهقد يكون دائماً من الريف. فأوفدوا أطفالكم إلى الخلاء ليجدوا أنفسهم. أوفدوهم ليستعيدوا في الحقل المكشوف تلك العافية التي فقدوها في الهواء الفاسد الذي يملأ مدننا المزدحمة(45).

وشجعوا الصبي على حب الطبيعة والخلاء، وعلى تربية عادات البساطة وعلى العيش على الأطعمة الطبيعية. وأي طعام ألذ من ذلك الذي غرسه المرء في حديقته،يا ترى؟ حتى الغذاء النباتي أصح الأغذية ومن شأنه حتى يقلل كثيراً من الأمراض والعلل(46). إن عدم اكتراث الأطفال باللحم من الأدلة على حتى الميل لأكل اللحم غير طبيعي. وهم يؤثرون الأطعمة النباتية واللبن والفاكهة الخ..فحذار حتى تغيروا هذا الميل الفطري وتجعلوا أطفالكم أكلة للحوم. اعملوا هذا من أجل أخلاقهم إذا لم تعملوه من أجل صحته، إذ كيف من الممكن أن نعلل حتى كبار أكلة اللحوم هم في العادة أشد ضراوة وقسوة من غيرهم من البشر(47). وبعد الغذاء السليم، والعادات الطيبة يفهم إميل البكور في الاستيقاظ. "رأينا الشمس تشرق في منتصف الصيف وسنراها تشرق في عيد الميلاد..

لستا تؤومي الضحى، فنحن نلتذ بالبرد(48). وإميل يكثر من الاستحمام وحدثا اشتد عوده قلل من حرارة الماء إلى حتى يستحم أخيراً بالماء البارد، بل المثلج، صيف شتاء. وتفادياً للخطرقد يكون هذا التغير بطيئاً، تدريجياً، غير محسوس(49). ونادراً ما يلبس على رأسه أي غطاء، وهويمشي حافياً طوال السنة إلا إذا خرج من بيته وحديقته. "يجب حتى يعود الأطفال على البرد لا على الحر، فالبرد الشديد لا يضرهم إطلاقاً إذا تعرضوا له في بواكير حياتهم"(50). وشجعوا محبة الطفل الطبيعية للنشاط والحركة "فلا تهجروه على السكون إذا أراد الجري، ولا على الجري إذا أراد القعود...فليجر، وليقفز، وليزعق ما شاء(51). وابعدوا عنه الأطباء ما استطعتم(52). ودعوه يتفهم بالممارسة لا بالخط ولا حتى بالتعليم. والمفهم الذكي يرتب المسائل والواجبات، ويدع تلميذه يتفهم من ضربة تصيب إبهامه أوصدمة تصيب قدمه، وهويحميه من الأذى البالغ لا من الآلام التي تربيه. إن الطبيعة خير هادٍ، ويجب حتى تتبع في أمر الأذى الذي نعهده في هذه الحياة:

"فلتكن قاعدتنا التي لا نزاع عليها حتى الدوافع الأولى للطبيعة صواب دائماً. ليس في القلب البشري خطيئة أصلية..فلا تعاقب تلميذك أبداً، لأنه لا يعهد معنى الخطأ. ولا تجعله يقول "سامحني"...فهوفي أفعاله التي لا صبغة أخلاقية لها لا يمكن حتى يأتي خطأ من الناحية الأخلاقية، ولا يستحق عقاباً ولا تقريعاً...فابدأ بهجر بذرة شخصيته حرة في الإفصاح عن نفسها، ولا تقسره على شيء، وبهذا يتكشف لك على حقيقته(53)".

على أنه سيحتاج إلى التربية الخلقية، فبغيرها يصبح إنساناً خطراً تعساً. ولكن لا تعظه. فأن أردت لتلميذك حتى يتفهم العدل والرحمة كن أنت عادلاً رحيماً فليقلدك. "القدوة القدوة! فبدونها لن تنجح في تعليم أي شيء للأطفال(54)". وهنا أيضاً قد تجد أساساً طبيعياً. فالخير والشر (من وجهة نظر المجتمع) كلاهما فطري في الإنسان، وعلى التربية حتى تشجع الخير وتثبط الشر. ومحبة الذات عامة، ولكن في الإمكان تعديلها حتى لتدفع الإنسان إلى اقتحام الأخطار الداهمة حفاظاً على أسرته، أووطنه، أوعرضه. فهناك غرائز اجتماعية تحفظ الأسرة والجماعة كما حتى هناك غرائز أنانية تحفظ الفرد(55). والرحمة قد تنبع من محبة الذات (كما يحدث حين نحب الأبوين الذين يغذواننا ويحمياننا)، ولكنها قد تؤتي ثماراً شتى في السلوك الاجتماعي والمعونة المتبادلة. ومن ثم فإن نوعاً من الضمير يظهر أنه عام وغريزي.

"ألقِ ببصركَ إلى جميع أمة في الأرض، وأقرأ جميع سفر من أسفار تاريخها، ففي جميع ألوان العبادة العجيبة القاسية هذه، وفي هذا التنوع المذهل من العادات والتنطقيد، ستجد في جميع مكان نفس الأفكار (الأساسية) أفكار الخير والشر...ففي أعماق قلوبنا مبدأ فطري للعدل والفضيلة نحكم بمقتضاه-رغم قواعدنا-على أفعالنا؛ أوأفعال غيرنا، أخير هي أم شر، وهذا المبدأ هوالذي نسميه الضمير"(56).

ومن ثم ينطلق روسوفي مناجاة سنجدها تتردد حرفياً تقريباً في كانت:

"إيه أيها الضمير! أيها الضمير! أيها الفطرة المقدسة، والصوت الخالد الآتي من السماء، الهادي الأمين لإنسان هوجاهل محدود حقاً، ولكنه ذكي حر؛ أيها القاضي المعصوم والفيصل بين الخير والشر، الذي يجعل الإنسان شبيهاً بالله، فيك يكمن سموطبيعة الإنسان وفضيلة أفعاله، لست أجد في نفسي إذا انفصلت عنك شيئاً يحملني فوق البهائم-لا شيء إلا امتياز مؤسف-هوقدرته على حتى يهيم من خطأ إلى خطأ بمعونة ذكاء طليق من جميع قيد وعقل لا يعهد له مبدأ(57)".

إذن فالتربية العقلية يجب ألا تبدأ إلا بعد تكوين الخلق الفاضل، ويسخر روسومن نصيحة لوك بمناقشة الأطفال منطقياً: "إن الأطفال الذين كانوا يناقشون عقلياً باستمرار يبدون لي غاية في البلاهة. فالعقل هوآخر ما ينمومن قدرات الإنسان وأسماها-وأنت ترغب حتى تستخدمه لتدريب الطفل المبكر،يا ترى؟ وجعل الإنسان منطقياً هوالحجر الأعلى في التربية الحسنة، ومع ذلك ترغب حتى تربي الطفل عن طريق عقله. إنك إذن تبدأ من الطرف الخطأ(58)".

كلا، بل يجب حتى تؤجل التربية العقلية. "أبقِ ذهن الطفل (فكره) عاطلاً أطول ما تستطيع(59)"، فإذا كانت له آراء قبل حتى يبلغ الثانية عشرة فثق أنها ستكون سخيفة. ولا تزعجه في هذه السن بالفهم، بهذا سباق لا نهاية له، جميع ما نكتشفه فيه إنما يزيدنا جهلاً وغروراً أحمق(60). فدع تلميذك يتفهم حياة الطبيعة وأساليبها بالتجربة، دعه يستمتع بالنجوم دون الزعم بأنه يتتبع تاريخها.

ويمكن حتى تبدأ التربية العقلية في الثانية عشرة، ويجوز لإميل حتى يقرأ بعض الخط. ويستطيع حتى ينتقل من الطبيعة إلى الأدب بقراءة روبنسن كروزو، لأنها سيرة رجل جاز-على جزيرة-بمختلف المراحل التي جاز بها الناس من الهمجية إلى المدنية. ولكن إميل لاقد يكون قد قرأ خطاً كثيرة حين يبلغ الثانية عشرة، وسيضرب صفحاً عن الصالونات والفلاسفة، ولن يكترث للفنون، لأن الجمال الحق الوحيد كائن في الطبيعة(61). ولن يصبح أبداً "موسيقياً، أوممثلاً، أومؤلفاً(62)"، بل سيكون قد اكتسب مهارة كافية في حرفة ما ليكسب قوته بعمل يديه حتى اقتضته الظروف يوماً ما (وبعد ثلاثين عاماً سيندم الكثير من المهاجرين الذين لا حرفة لهم على أنهم سخروا كما سخر فولتير من النجار النبيل)(63). على أية حال يجب حتى يخدم إميل المجتمع بيديه أوبعقله (رغم أنه وارث لثروة متواضعة)، "فالرجل الذي يأكل وهوعاطل ما لم يكسبه بجهده ليس إلا لصاً(64)".

ديانته

وأخيراً نستطيع حتى نحدث إميل عن الله إذا بلغ الثامنة عشرة:

"إني عليم حتى الكثير من قرائي سيدهشهم حتى يجدوني متتبعاً سير تلميذي خلال سنيه الأولى دون حتى أحدثه في الدين. إنه وهوفي الخامسة عشرة لن يعهد حتى حتى له نفساً، وقد لاقد يكون في الثامنة عشرة مهيئاً بعد للإلمام بهذه الحقيقة....ولوكان عليّ حتى أصور الغباوة في أفجع أشكالها لصورت مفهماً متحذلقاً يلقن التعليم الديني للأطفال، ولوأردت حتى أخرج طفل عن طوره لطلبت إليه حتى يشرح ما تفهمه في دروسه الدينية...لا شك أننا يجب حتى لا نضيع لحظة واحدة إذا وجب حتى نكون مستحقين للخلاص الأدبي، ولكن إذا كان تكرار ألفاظ معينة يكفي للحصول على هذا الخلاص فلست أرى لم لا نملأ السماء بالزرازير العقاعق كما نملؤها بالأطفال(65)".

ثم جرد روسوأمضى سهامه على جماعة الفلاسفة، رغم إعلانه هذا الذي أثار غضب رئيس أساقفة باريس. وليتصور القارئ فولتير أوديدرويقرءان هذا الكلام:

"لقد استشرت جماعة الفلاسفة، فوجدتهم كلهم سواء في الغرور، والجزم، والدجماطية، يتظاهرون-حتى في شكوكيتهم المزعومة-بأنهم عليمون بكل شيء، لا يثبتون شيئاً، ويهزأ بعضهم ببعض. وقد بدت لي....هذه الخاصة الأخيرة، النقطة الوحيدة التي أصابوا فيها. فهم ضعاف في الدفاع رغم تبجحهم في الهجوم. زن حججهم تجدها كلها مدمرة، وأحصِ أصواتهم تجد كلاً منهم يتحدث عن نفسه وحده....وما من واحد فيهم-إن تصادف واكتشف الفرق بين الباطل والحق-لا يؤثر باطله على الحق الذي اكتشفه غيره من قبله. فأين الفيلسوف الذي يعفُ عن خداع الدنيا بأسرها في سبيل مجده(66)".

ومع حتى روسوواصل تنديده بالتعصب، فإنه على نقيض بيل أدان الكفر لأنه أشد خطراً من التعصب. وقدم لقرائه "إعلاناً بالإيمان" رجا به حتى يحول التيار من إلحاد دولباخ، وهلفتيوس، وديدرو، عوداً إلى الإيمان-اللذين التقى بهما في صباه، فمزج بينهما وأخرج من المزيج كاهناً وهمياً في سافوي، وأنطق هذا الكاهن الريفي بالمشاعر والحجج التي بررت (في نظر روسو) العودة إلى الدين.

ويصور روسوكاهن سافوي قسيساً على أبرشية صغيرة في الألب الإيطالية. وهويعترف سراً بشيء من الشكوكية، ويرتاب في الوحي الإلهي للأنبياء، وفي معجزات الرسل والقديسين، وفي صحة الإنجيل(67)؛ ثم يتساءل كما تساءل هيوم "من يجرؤ على حتى يخبرني كم شاهد عيان يقتضيهم إقناعنا بتصديق معجزة ما؟(68)" وهوي فض صلاة التضرع، فصلواتنا يجب حتى تكون ترانيم لمجد الله، وتعبيرات عن امتثالنا لمشيئته(69). وهويرى الكثير من مواد العقيدة الكاثوليكية حديث خرافة أوأساطير الأولين(70). ومع ذلك يشعر بأنه يحسن خدمة شعبه بكتمان شكوكه، وممارسة العطف على الجميع والبر بهم (مؤمنين مغير مؤمنين على السواء). وأداء طقوس الكنيسة الرومانية كلها بأمانة. فالفضيلة ضرورية للسعادة، والإيمان بالله، وبحرية الإرادة، وبالجنة، وبالنار، ضروري للفضيلة، والأديان رقم ما قارنت من جرائم جعلت الرجال والنساء أكثر فضيلة، أوعلى الأقل أقل قسوة ولؤماً مما كان يمكن حتىقد يكونوا. فإذا بشرت هذه الأديان بعقائد تبدولنا غير معقولة، أوإذا أرهقتنا بطقوسها ومراسمها، وجب حتى نسكت شكوكنا في سبيل الجماعة.

والدين صواب في جوهره حتى من وجهة نظر الفلسفة. ويستهل الكاهن الكتاب كديكارت بقوله "إنني موجود ولي حواس أتلقى من خلالها الانطباعات، هذه أولى الحقائق التي تسترعي انتباهي، وأنا مضطر إلى قبولها(71)". وهويرفض رأي باركلي: "إن سبب أحاسيسي خارج عني، لأنها تؤثر فيّ سواء كان عندي داع لها أولم يكن، وهي تخلق وتهدم مستقلة عني..إذن توجد كيانات أخرى فضلاً عني". ونقطة ثالثة ترد على هيوم وتسبق كانت: أنني أجد لدي القدرة على المقارنة بين أحاسيسي، إذن فقد وهبت قوة إيجابية للتعامل مع التجربة(72). وهذا العقل لا يمكن تفسيره على أنه شكل من أشكال المادة، فليس في عمل التفكير أمارة على عملية مادية أوميكانيكية. أما كيف من الممكن أن يستطيع عقل غير مادي يؤثر في جسم مادي فذلك أمر يجاوز فهمنا، ولكنه حقيقة تدرك للتو، ويجب ألا ننكرها لأجل الاستدلال المجرد. وعلى الفلاسفة حتى يتفهموا الاعتراف بأن شيئاً ما قد يحدث حقيقياً ولوعجزوا عن فهمه-خصوصاً إذا كان يدرك بأسرع من جميع الحقائق.

والمستوى التالية (كما يسلم الكاهن) هي الاستدلال العقلي الخاص. فأنا لا استوعب الله بحسي، ولكن استدل عقلاً على أنه كما حتى في أفعالي الإرادية عقلاً هوالسبب المدرك للحركة، كذلك هناك على الأرجح عقل كوني وراء تحركات الكون. وإن الله لا يمكن معهدته، ولكن أشعر أنه تعالى موجود وفي جميع مكان. وأبصر قصداً في مئات الحالات، من تكوين عيني إلى حركات النجوم، وينبغي ألا أفكر في حتى أنسب إلى الصدفة (مهما ازداد تكاثرها "على طريقة ديدرو") تكييف الوسائل وفق الغايات في الكائنات الحية ونظام العالم، أكثر مما أنسب إلى الصدفة تجميع الحروف تجميعاً لذيذاً في طبع الإنيادة(73).

فإذا كان هناك إله ذكي وراء عجائب الكون، فمحال أنه سيسمح بأن يهزم الحق هزيمة دائمة. ولا بد لي من الإيمان بإله يؤكد فوز الخير، ولولأتحاشى ذلك الإيمان الكئيب بفوز الشر. إذن يجب حتى أؤمن بحياة آخرة، بجنة تجزى فيها الفضيلة. ومع حتى فكرة الجحيم تقززني، وأوثر عليها الاعتقاد بأن الأشرار يصلون نار جهنم في قلوبهم، فإنني متقبل حتى تلك العقيدة الرهيبة إذا اقتضاها ضبط الدوافع الشريرة في الإنسان. وفي تلك الحالة أتوسل إلى الله ألا يجعل الجحيم خالدة(74). ومن ثم كانت فكرة المطهر باعتباره مكاناً للعقوبة الممكن اختزالها للخطاة جميعاً إلا أشدهم عناداً وعصياناً أكثر إنسانية من تقسيم الموتى كلهم إلى فريق المباركين إلى الأبد، والهالكين إلى الأبد. وهبنا عاجزين عن البرهان على وجود الجنة، فيالها من قسوة حتى ننتزع من الناس هذا الراتى الذي يعزيهم في أحزانهم ويشدد عزائمهم في هزائمهم(75). ولوانعدم الإيمان بالله وبالآخرة؛ لتعرضت الفضيلة للخطر وتجردت الحياة من معناها، لأن الحياة في الفلسفة الملحدة صدفة آلية تمر بمئات الآلام إلى موت أليم أبدي.

وعليه وجب حتى نتقبل الدين على أنه في مجموعه عطية كبرى للبشر ول حاجة بنا إلى حتى نعلق أهمية كبرى على شتى المذاهب التي مزقت المسيحية، فكلها خير إذا حسنت السلوك وغذت الراتى. ومن السخف حتى نفترض حتى أصحاب العقائد والآلهة والأسفار المقدسة الأخرى يفترض أن يحكم عليها بالهلاك، "فلولم يكن على الأرض سوى دين واحد؛ ولوحكم على جميع الخارجين عنه بالعقاب الأبدي..لكان إله ذلك الدين أظلم الطغاة وأقساهم(76). وعليه فلت يفهم إميل لوناً بعينه من المسيحية، ولكنا سنعطيه الوسيلة لأن يختار لنفسه حسبما يرتئيه عقله صواباً(77). وخير الطرق حتى نمضي في الدين الذي ورثناه عن آبائنا أومجتمعنا. ونصيحة كاهن روسوالوهمي هي "عد إلى وطنك؛ ارجع إلى دين آبائك، واتبعه بكل قلبك ولا تتخل عنه أبداً فهوسهل جداً ومقدس جداً، وما من دين آخر تجد فيه الفضيلة أشد نقاء، ولا العقيدة أكثر إشباعاً للعقل(78)".

وكان روسوعام 1754 قد تجاوز إلى هذه النصيحة، وعاد إلى جنيف وعقيدتها، على أنه لم يق بوعد الذهاب إليها والإقامة فيها بعد حتى يسوي أموره في فرنسا. وفي "رسائل من الجيل" التي خطها بعد عشر سنوات تنكر لمعظم دين آبائه كما سنرى. وفي العقد الأخير من حياته سنجده يوصي غيره بالدين، ولكنه لا يكاد يبدي أمارة على الإيمان الديني أوالممارسة الدينية في حياته اليومية. وأجمع الكاثوليك والكلفنيون واليسوعيون على مهاجمته هو"وإعلان الإيمان" الذي ناب عن عقيدته لأنهما أساساً غير مسيحيين(79). وصدم التعليم الذي اقترحه لإميل قراءه المسيحيين لأنهم رأوه في حقيقته تعليماً لا دينياً، وخامرهم الظن في حتى فتى من أواسط الشباب، نشئ على غير دين، لن يعتنق ديناً بعد حين، إلا لداعي المصلحة الاجتماعية. وقد رفض روسوعقيدة الخطيئة الأصلية والدور الفدائي الذي يؤديه موت المسيح وذلك برغم قبوله الرسمي للكلفنية. وأبى قبول العهد القديم بوصفه حدثة الله، ومضى إلى حتى العهد الجديد "يحفل بأشياء لا يمكن تصديقها، أشياء ينفر منها العقل(80)". ولكنه أحب الأناجيل لأنها أعظم الأسفار تأثيراً وإلهاماً للنفس.

أيمكن حتىقد يكون كتاب اجتمع له جميع هذا الجلال والبساطة في وقت معاً من عمل إنسان،يا ترى؟ أيمكن حتىقد يكون ذلك الذي احتوى تاريخه فيها مجرد إنسان؟...إي رقة وطهر في أفعاله، وأي نعمة تمس القلوب في تعاليمه، وما أسمى أقواله، وما أعمق حكمة مواعظه، وما أعظم إجاباته سداداً وتميزاً وأي إنسان، وأي حكيم يستطيع حتى يحيى ويتألم ويموت دون ضعف أوتباه؟...إذا كانت حياة سقراط وموته هما حياة فيلسوف وموته، فحياة المسيح وموته هما حياة إله وموته(81).

حبه وزقابل

حين أختتم روسوصفحات كاهن سافوا الخمسين وعاد إلى إميل تصدى لمشاكل الجنس والزواج.

فهل يحدث تلميذه عن الجنس،يا ترى؟ لا تعمل حتى يسألك. فإذا سألك فأبلغه بالحقيقة(82). ولكن اعمل جميع ما يتفق والصدق والصحة لكي تؤجل وعيه بالجنس. على أي حال لا تنبه هذا الوعي: "إذا اقتربت السن الحرجة فقدم للشباب من المشاهد ما كفيل بالحد من رغباتهم الجنسية لا بإثارتها...أبعدهم عن المدن الكبيرة حيث يجعل لباس النساء اللاتي يعرضنه في زهووتباهٍ، وتعجل جرأتهن دوافع الطبيعة وتستبقها، وحيث يعرض جميع شيء على أبصارهم، لذات يجب ألا يعهدوا عنها شيئاً حتى يبلغوا من العمر ما يمكنهم حتى يختاروا بأنفسهم...وإذا أبقاهم ميلهم للفنون في المدينة فأبعدهم عن...حياة التبطل. واختر بعناية عشراءهم، وشواغلهم وملاهيهم، ولا ترهم شيئاً غير الصور المحتشمة المثيرة للشفقة...وغير حسهم المرهف دون حتى تثير حواسهم(83)". وأقلقت روسوالعواقب الوخيمة لعادة يظهر أنه عهدها فهم خبير:

"حذار حتى تهجر الفتى ليلاً ولا نهاراً، وعليك على الأقل حتى تقاسمه حجرته. وإياك حتى تسمح له بالذهاب إلى فراشه حتى يأخذ الكرى بجفونه، ثم أجعله ينهض بمجرد استيقاظه...فلوأنه اعتاد هذه العادة الخطرة لهلك. فسيتنبه جسمه ونفسه من تلك اللحظة فصاعداً، وسيحمل إلى الغير آثار...أضر عادة يكتسبها شاب".

ثم يضع هذا القانون لتلميذه.

"إن عجزت عن التحكم في شهواتك يا عزيزي إميل فأني أرثي لك، ولكني لن أتردد لحظة، فلن أسمح بالروغان من مقاصد الطبيعة. وإذا كان حتماً عليك حتى تكون عبداً فإني أؤثر حتى أسلمك إلى طاغية قد أنقذك منه، فمهما حدث، فإذ قادر على تحريرك من العبودية للنساء بسهولة أكثر من عبوديتك لنفسك(84)".

ولكن لا تدع رفاقك يغرونك بالذهاب إلى ماخور! "فلم يريد هؤلاء الفتيان إغرائك،يا ترى؟ لأنهم يرغبون في إفسادك...فحافزهم الوحيد هوغل دفين لأنهم يرونك خيراً منهم، فهم يريدون حتى يجروك إلى الهوة التي تردوا فيها".

والزواج خير من هذا. ولكن ممن،يا ترى؟ يصف المفهم المثل الأعلى للفتاة، والمرأة، والزوجة، ويحاول حتى يطبع ذلك المثل على ذهن إميل هادياً له وهدفاً في البحث عن زوجة. وكان روسويخاف النساء المسترجلات المسيطرات، الوقحات، ويرى سقوط الحضارة في تسلط النساء المسترجلات استرجالاً متزايداً على الرجال المخنثين تخنثاً متزايداً "في جميع بلد تجد حتى الرجال من النوع الذي تصنعه النساء....فردوا النساء إلى الأنوثة، نعد رجالاً مرة أخرى(85)" حتى نساء باريس يغتصبن حقوق جنس دون حتى يردن التخلي عن حقوق الآخر، وهن لذلك لا يملكن هذه ولا تلك مكتملة(86). والقوم يتصرفون بطريقة أفضل في الأقطار البروتستانتية حيث الحشمة ليست أضحوكة بين المسفسطين بل وعداً يبشر بأمومة أمينة(87). حتى مكان المرأة في البيت، كما كانت الحال عند قدماء اليونان، ويجب حتى تقبل زوجها سيداً ولكن يجب حتى تكون صاحبة الحدثة العليا في البيت(88). وبهذه الكيفية تصان صحة النوع.

ويجب حتى تهدف تربية الفتيات إلى إخراج أمثال هؤلاء النساء. يجب حتى يربين في البيت على أيدي أمهاتهن، وأن يتفهمن جميع فنون البيت، من الطهوإلى التطريز، وأن يحصلن الكثير من الدين، بأسرع ما يمكن، لأن من شأن هذا حتى يعينهن على الحشمة، والعفة، والطاعة. وعلى البنت حتى تقبل دين أمها دون جدل، ولكن على الزوجة حتى ترتضي دين زوجها(89) على أية حال لتتجنب الفلسفة وتحتقر حياة الصالونات(90). على أنه يجب ألا تكره الفتاة على الإحجام الغبي، فينبغي حتى تكون خفيفة الروح، مرحة، تواقة، وأن تغني وترقص كما تشتهي، وتستمتع بكل لذات الشباب البريئة، ولتمضى إلى المراقص والألعاب الرياضية، وحتى إلى المسارح-تحت الملاحظة الواجبة وفي صحبة طيبة(91). ويجب العمل على حتى يظل ذهنها نشيطاً يقظاّ إذا أريد بها حتى تكون زوجة صالحة لرجل مفكر "ولا بأس بأن يُسمح لها بقدر من التدلل" باعتبار هذا جزءاً من اللعبة المعقدة التي تختبر بها خطابها وتختار زوجها(92). إذا الرجل هوموضوع الدراسة السليمة لجنس النساء(93).

فإذا ثبت هذا المثل الأعلى للفتاة والمرأة في آمال إميل جاز له حتى يخرج ويبحث عن زوجته. وهوالذي يختار، لا أبواه ولا مفهمه. ولكن من واجبه نحوهم ونحوحدبهم عليه سنيناً طوالاً، حتى يستشيرهم في احترام. أتريد حتى تمضى إلى المدينة وتتطلع إلى الفتيات اللاتي يعرضن هناك،يا ترى؟ حسناً جداً، سنمضى إلى باريس وسترى بنفسك حقيقة هؤلاء الأوانس المثيرات. إلى غير ذلك يعيش إميل برهة في باريس ويختاط بـ "المجتمع الراقي". ولكنه لا يجد فيه فتاة من النوع الذي وصفه له مفهمه الماكر "إذن وداعاً يا باريس الذائعة الصيت، بكل ما فيكِ من ضجيج ودخان وقذارة، حيث كفت النساء عن الإيمان بالشرف، والرجال عن الإيمان بالفضيلة، إننا نبحث عن الحب والسعادة والبراءة، وحدثا بعدنا عن باريس كان خيراً لنا(94).

وعليه يقفل المفهم وتلميذه إلى الريف، وإذا هما يصادفان صوفي في قرية هادئة نائية عن الزحام المجنون. هنا (الكتاب الخامس) تتحول رسالة روسوإلى سيرة حب مثالية التصوير ولكنها مبهجة، تروى ببراعة محرر قدير. فبعد تلك الأحاديث المسهبة في التعليم والسياسة والدين، يعود إلى الشاعرية والخيال، وبينما تنكب تريز على أشغال بيتها، يعاود أحلامه بتلك المرأة الرقيقة التي لم يجدها إلا في لحظات متفرقة من جولاته، ويطلق عليها اسماً اشتقه من آخر غرام أشتعل في قلبه. وصوفي الجديدة هذه ابنة سيد كان يوماً ما ثرياً، يعيش الآن في عزلة وبساطة قانعتين. فتاة سليمة الجسم، جميلة، محتشمة، رقيقة-ونافعة وتعين أمها بكفايتها السريعة الهادئة في جميع شيء "ما من شيء لا تستطيع عمله بإبرتها(95)". ويجد إميل المبرر لمعاودة لقائها، وتجد هي المبرر لمزيد من زياراته. وشيئاً فشيئاً يتضح له حتى صوفي حائزة لكل الفضائل التي صورها له مفهمه في صورة مثالية. فيا للصدفة الإلهية! وبعد أسابيع يصل إلى القمة التي تدير رأسه، قمة لثم هدب ثوبها. وما هي إلا أسابيع أخر حتى يخطبها. ويصر روسوعلى حتى تكون الخطبة احتفالاً رسمياً مهيباً فيجب حتى نتخذ جميع التدابير-بالطقوس وسواها-للتسامي بقدسية رباط الزوجية وإقرارها في الذاكرة، وبينما يرتعش إميل وهوعلى حافة النعيم، يحمله مفهمه العجيب الذي يضرب بالحرية والطبيعة عرض الحائط على هجر خطيبته والغياب عنها عامين والسفر امتحاناً لمحبتهما ووفائهما. ويبكي إميل ويصدع للأمر "فإذا عاد وهومحتفظ بعذريته كأنما بمعجزة عثر صوف عفيفة في وفاء، فيتزوجان، ويرشدهما المفهم إلى واجبات الواحد نحوصاحبه. فيطلب إلى صوفي حتى تطيع زوجها إلا فيما يتصل بالفراش والمأكل "ستهيمنين عليه طويلاً بالحب إذ جعلت وصلك له نادراً غالياً...وليكرم إميل عفة زوجته دون حتى يشكومن برود عاطفتها(96). ويختتم الكتاب بنصر ثلاثي:

"ذات صباح" يدخل إميل حجرتي ويعانقني قائلاً: "هنئ ابنك يا أستاذي فهويأمل حتى يحظى بعد قلي بشرف الأبوة. وما أعظم المسئولية التي سنحملها وما أشد حاجتنا إليك،يا ترى؟ ولكن معاذ الله حتى أدعك تربي الولد كما ربيت الوالد، معاذ الله حتى يقوم إنسان غيري بهذه المهمة اللذيذة المقدسة...ولكن واصل مهمة تعليم المفهمين الشابين. ابذل لنا النصح وأشرف علينا. وسيسلس قيادنا لك وسأحتاج إليك ما حييت...لقد أديت واجبك عملمني كيف من الممكن أن أقتدي بك، بينما تستمتع أنت بالفراغ الذي تستحقه جزاء جهودك(97)".

لقد اتفق العالم عموماً بعد قرنين من الثناء، والسخرية، والتجربة على حتى "إميل" كتاب جميل موحٍ ومحال. فالتربية موضوع ثقيل، لأننا نتذكرها في ألم، ولا نحب حتى نسمع المزيد عنها، ونكره حتى تفرض علينا من حديث بعد حتى أتممنا مدة الخدمة التي فرضت علينا في المدرسة. ومع ذلك فقد خلق روسومن هذا الموضوع المنفر رواية تسحر قارئها. فالأسلوب البسيط، المباشر الشخصي يأسرنا برغم ما شابه من تمجيد بليغ، ونحن ننساق للرواية ونسلم أنفسنا لذلك المفهم الكلي الفهم، وأن ترددنا في إسلام أبنائنا له. ذلك حتى روسو، بعد حتى امتدح حدب الأم وحياة الأسرة، يأخذ إميل من أبويه وينشئه في عزلة مضادة للفساد عن المجتمع الذي لابد له من العيش فيه بعد حين. وروسولم يربِ أطفالاً قط، لذلك لا يفهم حتى الطفل المتوسط هوبــ "الطبيعة" لص صغير، غيور، جشع، مسيطر، ولوانتظرنا حتى يتفهم الانضباط دون أوامر، والاجتهاد دون تعليم، لشب إنساناً سيئ التكيف، بليداً قليل الحيلة، فوضوياً، قذر الجسم أشعث الشعر، لا يطاق. وأنى لنا هؤلاء المفهمون الخصوصيون الراغبون في تكريس عشرين عاماً من حياتهم لتربية طفل واحد،يا ترى؟ تقول مدام دستال (1810) حتى هذا الضرب من العناية والاهتمام...ويضطر جميع رجا إلى تكريس حياته كلها لتربية مخلوق آخر، ولا تتاح الحرية في النهاية إلا للأجداد ليهتموا بمصالحهم(98).

وأكبر الظن حتى روسواستوعب هذه الصعوبات وغيرها بعد حتى أفاق من نشوة تأليف كتابه. فقد اتىه في ستراسبورج عام 1765 أحد المتحمسين له وهويتدفق ثناء ونطق له "سيدي إنك ترى رجل ينشئ أبناءه على المبادئ التي أسعده حتى يتفهمها من كتابك إميل". ونطق روسوغاضباً "هذا أسوأ لك ولأبنك"(99). وفي الرسالة الخامسة من "رسائل من الجيل" بين أنه لم يؤلف إميل للآباء العاديين بل للحكماء "لقد أوضحت في المقدمة حتى اهتمامي كان بتقدم خطة نظام جديدة للتربية لينظر فيه الحكماء، لا طريقة يستخدمها الآباء والأمهات(100)". فهوكمفهمه أفلاطون انتزع الطفل من أذى أبويه مؤملاً حتى يصبح صالحاً لتربية أطفاله بعد حتى اكتملت له التربي المنقذة. وكأفلاطون "ذخر في السماء أنموذجاً لحالة أوطريقة مثالية، حتى يشهدها جميع راغب، فإذا شهدها استطاع حتى يوجه نفسه وفقها(101)". وقد أذاع على الناس حلمه هذا، عسى حتى يحمل الإلهام في بلدٍ ما، لبعض الرجال والنسا، ويعين على صلاح الحال. وقد عمل.


انظر أيضاً

  • Original Stories from Real Life, a response text written by Mary Wollstonecraft
  • Robinson Crusoe

الهامش

  1. ^ Rousseau, Jean-Jacques. The Confessions. Trans. J.M. Cohen. New York: Penguin (1953), 529-30.
  2. ^ E. Montin, "Introduction to J. Rousseau's Émile: or, Treatise on education by Jean-Jacques Rousseau", William Harold Payne, transl. (D. Appleton & Co., 1908) p. 316.
  3. ^ Jean Bloch traces the reception of Emile in France, particularly amongst the revolutionaries, in his book Rousseauism and Education in Eighteenth-century France Oxford: Voltaire Foundation (1995).

ببليوگرافيا

  • Bloch, Jean. Rousseauism and Education in Eighteenth-century France. Oxford: Voltaire Foundation, 1995.
  • Boyd, William. The Educational Theory of Jean Jacques Rousseau. New York: Russell&Russell, 1963.
  • Jimack, Peter. Rousseau: Émile. London: Grant and Cutler, Ltd., 1983.
  • Reese, William J. (Spring 2001). "The Origins of Progressive Education". History of Education Quarterly. 41 (1): 1–24. doi:10.1111/j.1748-5959.2001.tb00072.x. ISSN 0018-2680. Retrieved 2013-10-15.
  • Rousseau, Jean-Jacques Rousseau. Emile, or On Education. Trans. Allan Bloom. New York: Basic Books, 1979.
  • Rousseau, Jean-Jacques Rousseau. Emilius and Sophia; or, The Solitaries. London: Printed by H. Baldwin, 1783.
  • Trouille, Mary Seidman. Sexual Politics in the Enlightenment: Women Writers Read Rousseau. Albany, NY: State University of New York Press, 1997.

وصلات خارجية

  • at Wikisource (بالفرنسية)
  • of Jean-Jacques Rousseau at Columbia.edu — complete French text and English translation by Grace G. Roosevelt (an adaptation and revision of the Foxley translation)
  • , available at Project Gutenberg. in an English translation by Barbara Foxley
  • Rousseau's Émile; or, Treatise on education (English translation by William Harold Wayne; 1892) at Archive.org
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:24:30
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, Articles containing non-English-language text, Commons category link is locally defined, كتب 1762, أعمال جان-جاك روسو, French bildungsromans, Education novels, روايات فلسفية, تاريخ التعليم, فلسفة التعليم

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

طقس غد الأربعاء.. أجواء حارة وقطرات مطرية مصحوبة برعد بهذه المناطق

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:09:24
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 74%

الخطوات الأولى لإمام عاشور في طريق العودة

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:08:55
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 40%

السيسي يؤدي اليمين الدستورية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:09:31
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 70%

جدول مباريات إياب ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:08:58
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 47%

حارس مصر الأول يبدأ المشاركة في تدريبات الكرة بشكل تدريجي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:08:57
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 36%

لاكازيت يقود ليون إلى نهائي كأس فرنسا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:07:47
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 95%

الحكومة اليمنية تمهل البنوك 60 يوما لنقل مقراتها من صنعاء إلى عدن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:07:43
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 97%

بلينكن يؤكد التزام الولايات المتحدة بـ"أمن إسرائيل"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:07:42
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 86%

مزراوي يغيب عن تدريبات “بايرن ميونخ”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:09:35
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 73%

الرئيس السوري يجري اتصالا هاتفيا بنظيره الإيراني

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:07:40
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 97%

اتحاديو فرنسا يطالبون بتجميد عضوية “الفاسدين” داخل الحزب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:09:39
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 79%

الخزانة الأمريكية ترفع العقوبات عن مصرف VTB Europe

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-03 00:07:37
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

تحميل تطبيق المنصة العربية