الأدب البرتغالي

عودة للموسوعة

الأدب البرتغالي

پرگامينيوشارر ("مخطوطة شارر")، تحوي أغاني ألـّفها الملك دينس الأول.

الأدب البرتغالي Portuguese literature كانت مملكة البرتغال في العصور الوسطى ضمن مجموعة سياسية مؤسسة ثقافياً على جهود بعض أفراد البلاط الملكي والجامعيين والأساقفة ورجال الدين في الأديرة. من بين اللهجات المتنوعة برزت الكتلانية (لهجة إحدى المقاطعات الإسبانية) لتفرض سيادتها على القسم الأعظم من شبه الجزيرة الإيبيرية، ولتصبح اللهجة التي يتحدث بها العامة من سكان البلاد. غير حتى الإسبانية والبرتغالية كانتا أكثر هذه اللهجات تأثراً بالعربية، فقد ولدتا وتطورتا في ظل الوجود العربي الإسلامي في شبه الجزيرة، ولهذا فقد دخلتهما آلاف من الألفاظ والتعابير العربية، بل إذا البرتغالية ـ بحكم انعزالها وضآلة مالحقها من التطور ـ كانت أشد من الإسبانية احتفاظاً بالصور التي انتقلت بها تلك الألفاظ والتعابير. وقد انعكست هذه الظاهرة على الأدب الذي تلقى في نشأته الأولى من التأثيرات العربية في روحه وموضوعاته وطرق تعبيره ماكان سمة مميزة بارزة لاتخطئها العين. وسوفقد يكون الحديث عن مولد الأدب البرتغالي وبدايته وتطوره إلى العصر الحاضر موزعاً على مختلف إبداعاته وضروبه.

في عام 1153 أسس الملك البرتغالي الأول ألفونسوإنريكس Alfonso Henriques صومعة أدبية أنتجت بداية الثقافة الرهبانية البرتغالية، فقد نظم الملك القشتالي ألفونسوالعاشر الملقب بالحكيم (ت1284) ديوانه المعروف «أغاني السيدة مريم العذراء» Cantigas de Santa Maria باللغة المسماة «الغليقية البرتغالية» Galaico Portuguesa (نسبة إلى إحدى المقاطعات الإسبانية)، وهي مجموعة من القصائد في مريم العذراء ومعجزاتها. وقد كانت نتاجات هذه الصومعة مع القصائد التي كانت تنطق في البلاطات الملكية، باكورة ثمرات الأدب البرتغالي، كذلك تبوأت الثقافة الحرة باللهجة العامية مكانة مهمة في الأدب القومي. وقد ابتكر هذا الأدب الذي كان يتناقل شفاهة بواسطة المنشدين شعراً غنائياً وشعراً ملحمياً يمثله بجدارة سانتا كروز دي كويمبرا Santa Cruz de Coimbra في عمله «تاريخ موجز»، وسيطرت على الشعر الغنائي الغليقي ـ البرتغالي ثلاثة موضوعات هي:

الشعر الغنائي الجليقي

1- أغاني الصداقة ذات الصوت النسائي والمتأثرة بالطابع الشعبي التقليدي، وتتألف في معظمها من مقطوعاتقد يكون مطلع المقطوعة الثانية منها هوآخر أبيات المقطوعة الأولى، وكل مقطوعة تنتهي ببيت تغنيه الجوقة غناءً جماعياً يُدعى دوراً. والموضوع الرئيسي في هذه الأغاني هوما يدور على ألسنة نساء عاشقات يبكين محبيهن، وتحكي فيه الفتاة ماتلاقيه من انتظار الحبيب وهجره والشوق إليه والخوف من خيانته والحزن على فقده والغيرة عليه، ويعبر عن الحبيب دائماً بلفظ «الغزال»، وكثيراً ماتكون هذه الأغاني في صيغة مناجيات ومحاورات هي في الغالب بين الفتاة وأمها، كما تشتمل أيضاً على وصف لمشاهد الطبيعة التي يدور فيها اللقاء، ومن المشاهد المألوفة في هذا الشعر مشهد السفينة التي تحمل الحبيب بعيداً عن عاشقته. وهناك نوع آخر من تلك الأغاني يصاحب الرقصات الجماعية، وآخر يرافق أغاني الحجيج التي تؤديها جماعات الحجاج وهم يحجون إلى مزارات القديسين في مواسم معينة. كما نجد في الأغاني الرعوية الفتاة الريفية أوالراعية تلتقي صدفة بسيد نبيلقد يكون أميراً أوفارساً ويدور بينهما محادثة يفضي فيه الرجل للفتاة بحبه، وتسمى هذه الأغاني أيضاً «الجبليات».

2- والنوع الثاني من هذا الشعر الغنائي يدعى أغاني الحب وهوذوصوت ذكوري، إذ نجد هنا بدلاً من المرأة العاشقة الرجل الذي يتذلل للحبيبة ويضع نفسه في خدمتها، وهي أغان يظهر فيها بجلاء التأثير البروفانسي الفرنسي للشعراء الجوالين (التروبادور) الذين كانوا يفدون على بلاطات الملوك والأمراء في شبه جزيرة إيبرية.

3- أما النوع الثالث فهوالأغاني الهجائية الساخرة والتهكمية التي كانت أيضاً تحاكي قصائد التروبادور ذات الموضوعات المتعلقة بحياة الشعراء الخاصة بما فيها من إسراف وتجاوزات.

ويلاحظ في هذه الأشعار، ولاسيما فيما يعهد بقصائد الصداقة، أنها تكاد تكون محاكاة لشعر الغزل الأندلسي، وبخاصة الموشحات سواء في بنيتها الدورية أم في الموضوعات التي تتناولها أم في تعابيرها وتنطقيدها الشعرية. وجميع هذه القصائد منسوبة لشعراء مجهولي السيرة، منهم شعراء جوالون محترفون، وبعضهم من رجال الكنيسة، ومنهم كان يتولى مناصب رفيعة.

أما بواكير رواية الفروسية فقد كانت في القرن الثاني عشر بصورة ترجمات عن لغات مختلفة. وظهرت أول رواية مكتوبة بالبرتغالية في القرن الرابع عشر بعنوان «أماديس دي گاولا» Amadís de Gaula وهي منسوبة إلى فاسكودي لوبايرا Vasco de Lobeira.

موسيقيون في منمنمة Cancioneiro da Ajuda.

فترة النمو

تُظهر الأعمال الأدبية والثقافية لهذه الفترة التنامي المتزايد للأدب البرتغالي منذ منتصف القرن الرابع عشر، وقد سيطرت على الشعر الغنائي والرواية والمسرح لمدة قرنين تاليين بعض الأشكال والموضوعات المرتبطة بثقافة العصور الوسطى، ولعل تأثره بالروح الإنسانية سمة من أبرز السمات التي لازمته في هذه الفترة، ونجد ذلك مثلاً في «مجموعة أغاني العامة» (1516) لگارسيا دي ريزند (1470-1536) Garcia de Resend الذي تشكل أعماله تألقاً للغنائية البرتغالية في ذلك الوقت.

عهد المسرح انطلاقته الأولى على يد جيل فيسنتي Gil Vicente الذي تناول بقريحته وشاعريته النماذج الاجتماعية والشعبية فوصفها وحللها وأبرز هموم الإنسان ومشكلاته، وقدّم في «ثلاثية المركب» (1516-1519) نقداً لاذعاً للمجتمع والكنيسة. وشهد المسرح الكلاسيكي أيضاً تطوره في هذه الحقبة متأثراً بالنهضة الإيطالية على يد المحرر أنطونيوفريرا (1528-1569) António Ferreira.

يمثل فرانسيسكودي ميراندا (1480-1558) Francisco de Miranda تأثر الشعر البرتغالي بشعر عصر النهضة الذي كانت إيطالية مركزه، وكان قد رحل إليها في 1521 حيث عهد الأشكال الشعرية الجديدة، وحينما عاد بعد خمس سنوات أصبح مبشراً بالشعر الجديد على الطريقة الإيطالية مستخدماً البحر ذا الأحد عشر مبتراً. وتعد مقطوعاته وسونيتاته الأمثلة البرتغالية الأولى للنمط الشعري الجديد. وقد استطاع دي ميراندا حتى يسجل حضوراً مميزاً في الشعر البرتغالي بإبداعه أسلوباً جديداً خاصة في القصيدة الريفية والسونيته وكذلك في محافظته على التنطقيد الساخرة. وقد التفت حوله مجموعة من الشعراء أسسوا مدرسة شعرية منفتحة على الأدب الإيطالي، وكان أبرزهم أنطونيوفريرا الذي حمل لواء الدفاع عن الأدب الكلاسيكي واللغة القومية ضد ازدواجية الكتلانية - اللاتينية، وأصبح ممثلاً لنمط رجل النهضة الذي لم يكن شائعاً آنذاك في شبه جزيرة إيبرية. يحكّم فيرّايرا في شعره العقل المتزن الهادىء، ولهذا اتسم بالوضوح إذ كان يخاطب عقل القارئ كما يخاطب مشاعره. ومثله الأعلى في الكتابة فرجيليوس وهوراسيوس، والشكل الذي يرتضيه هوالكلاسيكي في القصيدة ذات الطابع الملحمي وفي الرثاء والمقطوعة الهجائية وفي الرسالة.

لكن يبقى الشاعر لويس دي كامويس (1524-1580) Luis de Camões أبرز شعراء القرن السادس عشر وكان مهتماً بالتجربة الحياتية للإنسان، وعظّم في قصائده الشعب البرتغالي والروح التقليدية والإنسانية.

نشطت خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الكتابات التاريخية بشكل ملحوظ، وذلك بسبب الرغبة في تسجيل التوسع الاستعماري الذي اضطلع به المستكشفون والفاتحون البرتغال في مختلف أراتى العالم، فهذان القرنان هما اللذان ظهرت فيهما البرتغال على ساحة السياسة العالمية بصفتها قوة بحرية كبرى وإحدى أعتى الدول الاستعمارية. استمدت الكتابة التاريخية الأدبية موضوعاتها من التجربة البحرية الواسعة للبرتغاليين ومن غزوهم البحار في جميع الاتجاهات، فقد خط جواودي بارّوس (1496-1570) João de Barros سيرة انطلاقتهم باتجاه آسيا وإفريقيا وأمريكا، كما ظهرت أعمال أخرى تجسد الاكتشافات والرحلات البحرية واتصال البرتغاليين مع شعوب القارة الأوروبية والقارات الأخرى.

تاريخ

شهد القرن السابع عشر سيادة سياسية وثقافية للكتلونيين أدت إلى تراجع الإبداع الوطني البرتغالي، ومع ذلك تجرأ فرانسيسكورودريگس لوبو (1580-1627) Francisco Rodrigues Lobo في أعماله الشعرية، وفراي لويس دي سوسا (1555-1632) Frei Luis de Sousa في أعماله التاريخية على حمل الصوت ضد السيطرة الإسبانية، وتحدث لوبوفي «ساحة القرية وليالي الشتاء» (1619) عما يشغل الإنسان متناولاً جوانب تربوية وشعرية وغزلية وقواعد السلوك الاجتماعي.

مع نهاية القرن السابع عشر انتهت فترة من تاريخ البرتغال السياسي والثقافي والأدبي، وبشّرت ولادة القرن الثامن عشر بفترة أخرى شهدت دخول الفكر التنويري إلى ثقافتها وأدبها على يد نخبة من المثقفين الذين قدموا إلى لشبونة من مقاطعات مختلفة، من بين هؤلاء الذين أثروا في الحياة الثقافية يُذكر اسم لويس أنطونيوڤرني (1713-1792) Luis António Verney الذي عارض الروح الجامدة السائدة في التعليم آنذاك، وأراد في عمله «المنهج الحقيقي للدراسة» (1746) إصلاحاً ثقافياً كاملاً وأثار حول ذلك جدلاً حيوياً يعد الأهم في هذا القرن، فقد قدم نقداً عنيفاً لكيفية التعليم اليسوعية التي تقوم على البلاغيات الفارغة، ودعوة إلى برنامج تعليمي حديث يقوم على دراسة عقلية للحقائق الواقعة مع استخدام المنهج التجريبي، ولهذا فإنه نادى للاهتمام بالعلوم الطبيعية. وفي ميدان الطب نادى باستخدام التطبيق العملي بدلاً من النظريات التي لم تعد تلائم العصر. كذلك نقد فيرني بشدة ما كان يعمد إليه المربون من تملق للمؤلفين الكلاسيكيين، كما نادى إلى دراسة اللغات الأوربية وآدابها. وأما التراث الأدبي والفني الموروث عن القرن السابع عشر فقد كان فيرني (المنتمي إلى ممضى الباروك عنيفاً في نقده بحكم مهاجمته لكل ضروب الصنعة والتكلف في التعبير الأدبي، حتى إنه أبدى احتقاره للشعر بصفته نوعاً أدبياً. ويعد كتاب فيرني المذكور أبرز عمل فكري أنتجته البرتغال خلال القرن الثامن عشر. وكان لكثير من الآراء التي طرحها تأثير كبير في الحياة التعليمية والثقافية، وقد أخذ بها الدكتاتور المستنير ورئيس الوزراء پومبال Pombal في سنة 1772 حينما اضطلع بتطوير الدراسة في جامعة كويمبرا Coimbra.

كذلك أثر في الحياة الثقافية والفكرية البرتغالية الطبيب ريبيروسانشيس (1699-1783) Ribeiro Sanches، والفارس فرانسيسكوشاڤيير دي اوليڤيرا (1702-1783) Francisco Xavier de Oliveira وغيرهما، وقد أسهموا جميعاً في حركة التجديد والنهضة في البرتغال التي تميزت عام 1759 بتوقف الاعدامات وإبعاد اليسوعيين خارج البلاد، ونشأت مدارس جديدة وتم تحديث الجامعة، وأسس عدد من الكتاب الشباب جمعية أدبية دعت إلى إحياء الاتباعية (الكلاسيكية) وتجديد المسرح وابتكار لغة شعرية جديدة.

على هامش الاتباعية (الكلاسيكية) الجديدة أخذت الإبداعية (الرومنسية) بالظهور في الأعمال الشعرية لنيكولاوتولينتينو(1740-1811) Nicolau Tolentino ولمانويل ماريا بربوسا دوبوكاج (1765-1805) Manuel Maria Barbosa du Bocage ويتسم شعره بالتشاؤم والشكوى، وهومتأثر في فكره بالأديبين الفرنسيين ڤولتير وروسو، لكنها انتشرت بصورة أوسع في أعمال جوزيه كونيا (1744-1787) José Cunha وماركيزة آلورنا (1750-1839) Alorna Marquesa صاحبة صالون لشبونة الأدبي.

في أثناء احتدام الصراع بين التحرريين والاستبداديين حدثت الثورة الإبداعية (الرومنسية) التي كان للكتاب المنفيين سياسياً خارج البرتغال دور في تقديم أفكارها الجديدة، وكان أبرز وجوه الإبداعية ألميدا گارِت Almeida Garret وهوشاعر غنائي ومجدد مسرحي ومحلل نفسي في رواياته، ومن مؤلفاته مجموعة قصائده الإبداعية التي نشرت عام 1843 و«قوس القديسة آنا» (1845) وهي رواية تاريخية. وعمله النثري الذي يعد خير مؤلفاته هو«رحلات في أرض بلادي» (1846) وهولوحات من سيرته الذاتية، كذلك نشر مجموعة من الشعر الغنائي الغزلي «أوراق الشجر المتساقطة» (1853). ومن وجوه الإبداعية أيضاً ألكساندري إركولانو(1810-1877) Alexandre Herculano الشاعر والروائي والمؤرخ والصحفي الذي ناضل من أجل الحرية وتمتع برصيد ثقافي وأخلاقي كبير عند أبناء جيله وكان له دور كبير في نشر جماليات الإبداعية في البرتغال. ثم يأتي الجيل الإبداعي الثاني ليشهد انتنطق الأدب البرتغالي إلى الواقعية مجسدة في أعمال كاميلوكاستلوبرانكو(1825-1890) Camilo Castello Branco القريب من الطبيعة، وجوليودينيس (1839-1871) Júlio Dinis الذي اهتم بالجوانب النفسية لشخوصه وربط بين الواقعية والمثالية الإبداعية.

مع بداية القرن التاسع عشر دخلت البرتغال الأفكار الاجتماعية الجديدة التي كانت قد انتشرت في القارة الأوروبية، وحملت مجموعة من المثقفين الشباب المتصلين بالتيارات الأدبية والفهمية والفلسفية المعاصرة راية الهجوم على القوى المتسلطة ومحاربة الإبداعية التي أصبحت في عداد الماضي، وبرز من بين هؤلاء أنتيرودي كنتال (1842-1891) Anthero de Quental الذي دافع عن الطروحات الجمالية الجديدة ومارسها في كتاباته الشعرية مثل «السونيتات» (1886) و«القصائد الحديثة» التي يتضح فيها تأثير فكتور هوغو، وكانت أعماله أداة للتنوير الاجتماعي وفوزاً للطبقة المثقفة الجديدة المنفتحة على أوروبة ضد الإقليمية الضيقة. ويعد دي كنتال الروح المحركة لما يعهد باسم «جيل 1870» أوجيل «قلمرية» الذي حاول إخراج البرتغال من حياة الجمود والتخلف. وكان هذا الجيل يتألف من مجموعة من الشباب المتفتح في طليعتهم إيسا دي كيروز Eça de Queiroz وأوليڤيرا مارتينس. وقام هؤلاء بتنظيم مادعوه «قراءات ديمقراطية» في كازينولشبونة، وذلك لكي يعرّفوا أبناء وطنهم بالفكر الأوربي المعاصر، وألقى دي كنتال الحديث الأول بعنوان له دلالته «أسباب تخلف شَعبي شبه جزيرة إيبرية».

خرج من جيل سبعينات القرن التاسع عشر مجموعة من الكتاب الذين تأثروا بالحركة الواقعية مثل إيسا دي كيروز الذي انتقد في أعماله أخلاق مجتمعه ونظامه الاجتماعي، ويعود إليه الفضل في إرساء القيم الأساسية للواقعية والطبيعية في الأدب البرتغالي التي أبرزتها معظم أعماله وخاصة «جريمة الأب آمارو» (1875) و«عناكب البحر» (1888) و«المدينة والريف» (1901)، ومن هذه المجموعة أيضاً جواكين بيدرومارتينس (1845-1894) Joaquim Pedro Martins

أبيليوگيّرا جونكيرو(1850-1923) Abílio Guerra Junqueiro المحرر الهجائي وممثل الفكر الثوري في كتاباته، وجوزيه ڤالنتين دي ألميدا (1857-1911) José Valentin de Almeida مؤلف القصص والموضوعات الناقدة للسلطة القائمة، ودوارتي گوميس ليال (1848-1921) Duarte Gomes Leal الذي يقارب خونكيروفي عنف هجومه على الأخلاق الاجتماعية السائدة، وكان في الوقت ذاته مجدداً في القصيدة البرتغالية عبر الصور المبتكرة ومبشراً من خلالها بالرمزية التي دخلت الشعر البرتغالي عملياً على يد الشاعر إيوجينيودي كاسترو(1869-1944) Eugénio de Castro في مجموعته «الحب البريء»، وعبر مجلة «فن» التي أسسها عام (1895)، وازدهرت في أعمال جميع من كاميلوپسانيا (1867-1926) Camilo Pessanha وأنطونيونوبري (1867-1903) António Nobre. ومن الواقعية خرجت الپرناسية، ومثّلها شعراء كثر أهمهم كانديدوكرسبو(1846-1883) Candido Crespo وأنطونيوڤيجو(1860-1917) António Feijo وسزاريوڤردي (1869-1944) Cesário Verde الذي ابتدع تعبيراً جديداً يتوافق مع الواقع الجديد.

في بدايات القرن العشرين أخذت حركة الحداثة بالانتشار وأخذت تعبر عن نفسها على صفحات مجلات ودوريات تستقطب جميع منها مجموعة من الأدباء فأبرزت أسماء مهمة مثل فيرناندوبسوّا Fernardo Pessoa الذي يعد بين أبرز أدباء البرتغال في العصر الحديث، وجوزيه ريجيو(1901-1969) José Régio الذي حاول في أعماله الهجريز على العلاقة بين الفن وشخصية الفنان، وله مجموعات شعرية مهمة منها «لعبة الماعز الأعمى» (1934) و«لكن الله كبير» (1945)، وهناك أيضاً أنطونيوبوتو(1897-1959) Boto António. واستطاع جوليودانتاس (1876-1962) Júlio Dantas وأنطونيوپاتريسيو(1878-1930) António Patrício بمزاوجتهما بين «الحنين» والرمزية، حتى يمثلا، رغم مابينهما من اختلافات، المسرح البرتغالي الحديث. كما برز في مجال النثر الروائي أكيلينوريبيرو(1885-1963) Aquilino Ribeiro الذي تأثر بالأدباء الكلاسيكيين وتجاوز الطبيعية واهتم بالصوت المحلي، وأبرز إنتاجه مجموعتاه القصصيتان «حديقة العواصف» (1913) و«طريق سانتياگو» (1922)، ورواياته الطويلة «الطريق المتعرج» (1918) و«أرض الشيطان» (1919) و«الوحوش تجوب الغابات» (1926) و«ماريا الطيبة» (1933) و«عندما تعوي الذئاب» (1958). كما برز المحرر أنطونيوسيرجيو(1883-1969) António Sérgio الذي دار في فلكه مجموعة كبيرة من المثففين والأدباء.

مع أعمال فريرا دي كاسترو(1898-1974) Ferreira de Castro تجلى اهتمام خاص بالموضوعات الاجتماعية جعله واحداً من رواد الواقعية الجديدة، وكان أول نجاح له في عالم الأدب حينما نشر روايته الاجتماعية «المهاجرون» (1928) التي صور فيها من خلال تجربته الشخصية معاناة المهاجرين البرتغاليين في البرازيل وكان نجاحه الثاني عند نشره رواية «الغابة» (1930) التي أكسبته شهرة عالمية إذ ترجمت إلى سبع عشرة لغة، وهي تصوير لحياة مستخرجي المطاط في الغابات الأمازونية. واستمرت عنايته بتصوير أحوال العمال وما يقاسونه من استغلال الشركات الرأسمالية في رواياته الأربع التالية: «أبد» (1933) و«الأرض الباردة» (1934) و«عاصفة» (1940) و«الصوف والجليد» (1947)، وهذه الأخيرة هي أبرز رواياته، فهي رصد لحياة الرعاة وعمال النسيج في منطقة كوفيليا. تبعه في هذا الاتجاه كتّاب معروفون مثل كارلوس دي أوليڤيرا (1921-1980) Carlos de Oliveira، ومانوِل فونسيكا (1911) Manuel Fonseca، وآلفس ريدول (1911-1969) Alves Redol، وقد ناصر هؤلاء الكتّاب الطبقة العاملة المسحوقة في صراعها ضد البرجوازية والدكتاتورية، خاصة في «نحلة تحت المطر» (1953) لأوليڤيرا و«حصاد الريح» لفونسيكا. عهدت الواقعية الجديدة خلال عقد الخمسينات فترة جديدة شهدت توجه الكتابة الروائية نحوالجدلية والانتقادية وتأثرها بالتيار الوجودي، وبدا ذلك في أعمال فرناندونامورا (1919-1989) Fernando Namora «الرجل المقنّع» (1957) وجوزيه كاردوسوپيرس (1925) José Cardoso Pires «الملاك الثابت» (1958).

بعد هذا الجيل ظهر عدد من الأعلام المهمين مثل الشاعر والقاص ميگل تورگا (1907) Miguel Torga، والمحررة إيرني ليسبوا (1892-1958) Irene Lisboa، والشاعرة الرومنسية المجددة فلوربيلا إسپانكا (1894-1930) Florbela Espanca صاحبة المكانة المرموقة في زمانها. وفي مجال الشعر سجل عدد من الشعراء حضوراً مهماً على الساحة الشعرية البرتغالية وخاصة أدولفومونتيرو(1908-1970) Adolfo Monteiro، جورجي دي سنا (1919-1978) Jorge de Sena، صوفيا برينر أندرسن (1919) Sophia Breyner Andersen، إيوجينيودي أندرادي (1923) Eugénio de Andrade، أما الحركة السريالية التي كانت منتشرة في أوروبة آنذاك فقد تأخرت في الوصول إلى البرتغال، لكنها لاقت صداها وازدهرت على يدي ماريوڤاسكونسلوس (1923) Mário Vasconcelos صاحب «الجسد المرئي» (1950)، وألكساندري اونيل (1924-1986) Alexandre O'Neill في «زمن الفانتازيا» (1951)، وأنطونيوراموس روزا (1923) António Ramos Rosa وأنطونيوليسبوا (1928-1953) António Lisboa.

تلا هذه الفترة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، تجديد للأصول الشعرية الغنائية التقليدية للعصور الوسطى، وتجسد ذلك في أعمال فرناندا بوتليو(1926) Fernanda Botelho وألبرتولاسردا (1928) Alberto Lacerda وبرز أيضاً عند رينالدوفريرا (1922-1959) Reinaldo Ferreira وكريستوڤام دي پاڤيا (1933-1968) Cristovam de Pavia الذي اهتم بسبر النفس الإنسانية. بعد ذلك بدأت القصيدة الحديثة بدخول فترة التجريب مع هربرتوهلدر (1930) Herberto Helder الذي بدأ مع السريالية ثم انتقل إلى الوجودية وجسدها في عمله «حب في زيارة» (1958) وألكسندر اونيل وناتاليا كوريا (1923) Natalia Correia.

بترت الرواية الجديدة خطوة مهمة باتجاه إيجاد أبنية روائية حديثة للقص في بداية الستينات على يدي ألميدا فاريا (1943) Almeida Faria خاصة في رواياته الأولى مثل «كذبة بيضاء» (1962) و«شغف» (1965)، كما زعزعت آگوستينا بسا-لويس (1922) Agustina Bessa-Luis تنطقيد هذا الجنس الأدبي وخلصته من تعلقه بالموروث، بينما استمر آوگوستوأبليرا (1926) Augusto Abelaira وجوزيه كاردوسوپيرس في متابعة تيار الواقعية الجديدة. وقد تلاقت تلك الاتجاهات، رغم اختلافاتها، خلال سنوات السبعينيات في جيل طليعي يقوم على القطيعة مع الماضي البعيد منه والقريب، ولعل أبرز ممثل لذلك ماريا دا كوستا (1938) Maria da Costa، تيوليندا سالما (1947) Teolinda Salema، وأميريكودي سوزا (1942) Américo de Sousa صاحب «هنا حيث يقع الظل» (1983). وفي عام 1998 حصل الروائي جوزيه ساراماگوJosé Saramago على جائزة نوبل للأدب. وقد ترجم له للعربية رواية «سنة موت ريكاردورايس» (1984) O ano da morte de Ricardo Reis ورواية «العمى» (1995) Ensaio sobre a cegueira و«الطوف الحجري».

أما أعلام المسرح البرتغالي المعاصر فهملويس فرانسيسكوربلو(1924) Luis Francisco Rebelo الذي زاوج في أعماله بين الاجتماعية والوجودية، برناردوسانتارينو(1924-1980) Bernardo Santareno المهتم بالموضوعات الشعبية والمتأثر ببريشت (بريخت) خاصة في عمله «جريمة الكفر القديم» (1959)، روميوكوريا (1917) Romeu Correia المتابع لتيار الواقعية الجديدة، ولويس مونتيرو(1926) Luis Monteiro الذي يظهر في أعماله التأثر الواضح ببريشت.

أخيراً في مجال النقد الأدبي المعاصر نجد ظهور تيارات نقدية وأعلام نقّاد، فقد طرح بعضهم قضية التفسير الأدبي على بساط البحث والنقاش خاصة بعد انتشار التيار البنيوي في أوروبة وسعيه إلى تطبيق اللسانيات والسيميائية في تحليل النصوص الأدبية، ويمكننا حتى نذكر هنا إدواردوكويليو(1944- ) Eduardo Coelho ويعتبر واحد من رواد النقد الجديد اتجه نحومفهوم للكتابة متأثر جداً بـرولان بارت ولاكان. كما تصدر النقاش حول الواقعية والواقعية الجديدة والتنظير لهما أبحاث نقاد آخرين مثل أوسكار لوپيس (1917- ) Oscar Lopes، ماريوساكرامنتو(1920-1969) Mario Sacramento، إدواردولورنسو(1923-) Eduardo Lourenço. وكان لتأثيرات الخطاب النقدي الجديد على مختلف الاتجاهات الأيديولوجية والنظرية حضور واسع في الممارسة النقدية وتمثّل ذلك في كتابات نلسون دي ماتوس (1945- ) Nelson de Matos، مانوِل دي گوسماو(1945- ) Manuel de Gusmáo، جوزيه كارمو(1923) José Carmo وڤيرجيليوفريرا (1916) Virgílio Ferreira صاحب التيار الإنساني الوجودي. وقد استطاع هذا التجديد المنهجي في مجال النقد الأدبي إحداث تغيير في وجهات النظر التقليدية تجاه الأدب بأجناسه المتنوعة.


المصادر

  • الموسوعة العربية

انظر أيضاً

  • أدب اللغة البرتغالية
  • اللغة البرتغالية
  • الشعر البرتغالي
  • أدب البرازيل

وصلات خارجية

  • Projecto Vercial A big Portuguese literature database.
  • Portuguese Literature By Joana Dalila in Accessible Portugal Online Magazine
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:27:26
التصنيفات: أدب برتغالي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ننشر مواعيد الصلاة اليوم الأحد 11 يونيو 2023 فى محافظات مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:20:50
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 56%

طقس الأحد.. أجواء حارة وقطرات مطرية رعدية بمناطق من المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:19:07
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 72%

ترامب: دعم أوكرانيا أبقى الولايات المتحدة خاوية من الذخيرة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:16:37
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 86%

السعودية تغرّم وكالات سيارات ألمانية وأمريكية ويابانية وصينية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:16:38
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 100%

مستحقات الفرد فى التموين 2023 وعدد الأرغفة الممنوحة لكل فرد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:20:51
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

مانشستر سيتي بطلًا لدوري أبطال أوروبا بفوزه على إنتر ميلان

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:19:12
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 77%

5 أرقام قياسية حققها مانشستر سيتى في ليلة التتويج بدورى الأبطال

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:02
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

افتتاح أيام قرطاج الكوريغرافية بعرض "آرشيبال"

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:01
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 68%

مسؤول روسي يهدد بضرب دول أوروبية بسبب أوكرانيا

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:06
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

ألوان من الفن والإبداع في « جربة ارض السلام والتسامح «

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:04
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

الركراكي: نحن مرشحون للتتويج بلقب كأس أفريقيا ونحترم جميع الخصوم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:19:09
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 78%

قيس سعيد: تونس لن تكون حارس حدود لأوروبا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:17:52
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 86%

محافظ بورسعيد: بدء دعم صغار التجار من خلال الأسواق الصيفية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:09
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

حظك اليوم.. جميع الأبراج المائية الأحد 11 يونيو 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:20:52
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

جيريليش يمدح جوارديولا بعد التتويج بدورةى الأبطال: إنه عبقرى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:20:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

مدافع ثقيلة.. تعزيزات عسكرية للجيش التركي تدخل لريف حلب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:17:33
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 95%

طبيب الأهلى يؤكد جاهزية اللاعبين لمباراة الوداد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:01
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

ضبط 7 طن و 450 كيلو جرام دقيق مدعم قبل بيعه بالسوق السوداء فى المحلة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-11 03:21:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية