السلطنات الإسلامية في الهند

عودة للموسوعة

السلطنات الإسلامية في الهند



تاريخ جنوب آسيا

(شبه القارة الهندية)

العصر الحجري 70,000–3300 ق.م.
• ثقافة مهرگره • 7000–3300 ق.م.
حضارة وادي الإندوس 3300–1700 ق.م.
ثقافة هرپـّان المتأخرة 1700–1300 ق.م.
الفترة الڤيدية 1500–500 ق.م.
العصر الحديدي 1200–300 ق.م.
• مهاجناپادا • 700–300 ق.م.
• امبراطورية ماگادا • 545 ق.م. - 550
• امبراطورية موريا • 321–184 ق.م.
الممالك الوسيطة 250 ق.م.–1279 م
• امبراطورية چولا • 250 ق.م.–1070 م
• ساتاڤاهانا • 230 ق.م.–220 م
• امبراطورية كوشان • 60–240
• امبراطورية گوپتا • 280–550
• امبراطورية پالا • 750–1174
• أسرة چالوكيا • 543–753
• راشتراكوتا • 753–982
• امبراطورية چالوكيا الغربية • 973–1189
• امبراطورية هويسالا 1040–1346
• امبراطورية كاكاتيا 1083–1323
السلطنات الإسلامية 1206–1596
• سلطنة دلهي • 1206–1526
• سلطنات الدكن • 1490–1596
مملكة أهوم 1228–1826
امبراطورية ڤيجايانگرا 1336–1646
سلطنة المغول 1526–1858
امبراطورية ماراثا 1674–1818
سلطنة دراني 1747–1823
اتحاد السيخ 1716–1799
امبراطورية السيخ 1801–1849
شركة الهند الشرقية البريطانية 1757–1858
الراج البريطاني 1858–1947
الدول المعاصرة 1947–الحاضر
تواريخ الأمم
بنگلادشبوتانجمهورية الهند
المالديڤنيپالپاكستانسري لانكا
تواريخ إقليمية
أسام • بلوشستان • البنغال
هيماچال پرادش • اوريسا • المناطق الپاكستانية
شمال الهند • جنوب الهند • التبت
تآريخ متخصصة
العملات • الأسرات • الاقتصاد
فهم الهنديات • اللغة • الأدب • البحري
العسكري • الفهم والتكنولوجيا • خط زمني
     

لم يكن اسم الهند بعيداً يوماً عن العرب، فقد تعاملوا مع شبه القارة الهندية قبل الإسلام وبعده تجارة وعلاقات، وكان أول دخول للإسلام إلى شبه القارة الهندية بمبادرة من الحجاج ابن يوسف الثقفي والي العراقين والمشرق الذي أوفد قائده محمد بن القاسم الثقفي سنة 89هـ إليها، فوصل إلى حوض نهر السند واستولى على الدّيبُل (كراتشي) وأنهى حكم صاحبها الملك «داهر»، ثم سار شمالاً حتى وصل إلى الملتان وسيطر عليها، وكانت النتيجة إنشاء أول ولاية هندية تنضم إلى أراضي الخلافة الإسلامية.

على حتى هذه الفتوحات لم تصل إلى أبعد مما وصل إليه محمد بن القاسم الثقفي حتى اتى الغزنويون من شمال غربي أفغانستان، فقد نجح يمين الدولة محمود (387-421هـ) بغزوالهند ما بين سنتي 391-417هـ/1001-1026م أكثر من خمس عشرة مرة إلى حتى استقر في كشمير والبنجاب، ثم استولى على موترة سنة 408هـ/1018م وأضاف إليها سومنات في إقليم كجرات، ومع حلول سنة 417هـ نجح في إطاحة الأسر المحلية الهندية وإضعاف سلطة الراجبوت فجعلهم أتباعاً له، وجعل من البنجاب قاعدة دائمة له.

وحين صارت المنطقة لمحمد الغوري (569 -602هـ) اتخذ من البنجاب قاعدة لعملياته العسكرية فتوسع في سهول نهر الگانج وتوغل في هندستان والبنغال في الشرق حتى دلتا نهرالگانج، وكان جيش محمد الغوري مكوناً بصورة أساسية من مماليكه الذين جعل منهم قادة للجيش، فلما اضطر إلى الذهاب إلى خراسان عيّن مملوكه قطب الدين أيبك مسؤولاً عن جميع مناطق فتوحاته الهندية.

وعندما توفي محمد الغوري سنة 602هـ أعرب مملوكه قطب الدين أيبك نفسه رئيساً للدولة الإسلامية في الهند، إلى غير ذلك تشكلت أول سلطنة إسلامية فيها، وانبترت صلة هذه الدولة بغزنة والأراضي الأفغانية، وحَكَمَ هذه السلطنة التي عهدت في التاريخ باسم سلطنة دهلي ستُّ مجموعات من الحكام: مجموعة الملوك المماليك، أسرة الخلجيين، أسرة التغلقيين، وبنوخضر، وبنولودي، وبنوسور الأفغانيون.

حكم الملوك المماليك (603 ـ 689هـ/1206 ـ 1290م)

أبرز الوجوه وأهمها إيلتتمش مملوك قطب الدين وصهره الذي صرف همه الأول لإخضاع حاكمي البنغال والملتان ثم أخذ في توسيع مملكته على حساب الأمراء الهنود، فاحتل قلعة رانتا مبهور سنة 624هـ/1226م وأخضع السند السفلى، ومنطقة ملوه سنة 632هـ، وقد اعترف خليفة بغداد أول مرة بوجود دولة إسلامية في الهند وأصدر إلى حاكمها إيلتتمش مرسوماً رسمياً ضمنه الاعتراف به سلطاناً عليها، وكانت رضية بنت إيلتتمش أول سيدة تربّعت على عرش دهلي (634-637هـ)، ولكن بعد وفاتها وصل عدد من السلاطين الضعفاء، حتى تولى السلطة بلبان (664-686هـ) صهر إيلتتمش الذي حاول إرساء نادىئم السلطنة على أسس ثابتة، وقضى في مدة حكمه الطويلة على الفتن التي قامت في أنحاء السلطنة شرقاً وغرباً، ثم تعهد طرق المواصلات عبر الأدغال، واستغل خبرته الإدارية في إقامة العدل بين الرعية، وفي المحافظة على وحدة أراضي السلطنة بالقضاء على محاولات من كان يرغب في الانفصال عنها من حكام المقاطعات.

توفي بلبان سنة 686هـ فتولى الحكم حفيده كيقباذ، ولكنه لم يكن أهلاً له فقتل سنة 689هـ/1290م، فكان آخر سلسلة الملوك المماليك.


السلاطين الخلجيون (689 ـ 720هـ/1290 ـ 1320م)

انتقلت السلطنة سنة 689هـ إلى جلال الدين فيروزشاه الخلجي وهومن قبيلة أفغانية كانت تقطن إلى الشرق من بلاد الأفغان، وكان لها دور مهم في الفتوحات أيامقطب الدين أيبك، وعندما اغتال علاء الدين محمد عمه جلال الدين سنة 695هـ استولى على السلطة.

حكم علاء الدين عشرين سنة (695-716هـ) وكان أبرز شخصيات الخلجيين، قضى عهده في بناء دولته، وأخذ يتطلع إلى توحيد شبه القارة الهندية تحت سلطته، فاحتل «ديغار» كبرى مدن الدكن الغربي واحتل سنة 697 انهلوارا عاصمة گجرات، وفي سنة 701 استعاد حصن رانتهامبور Ranthambore Fort التي كانت قد خسرتها السلطنة أيام السلطانة رضية، وفي هذه الأثناء كثف المغول غاراتهم المدمرة على البنغال ووصلوا في بعض هجماتهم إلى دهلي (دلهي فيما بعد)، ولكن قادة علاء الدين هزموا المغول سنة 704هـ بعد صراع عنيف، فكافأ السلطان قائده غياث الدين تغلق بأن عينه حاكماً ومراقباً عاماً لجبهة البنجاب وسمى كافور عبده الأثير نائباً للسلطنة.

توفي علاء الدين سنة 716هـ واضطربت الأمور من بعده ثم مالبثت حتى انقرضت دولة الخلجيين بمقتل مبارك شاه آخر حاكم منهم سنة 720هـ على يد أحد العبيد الأثيرين عنده، وهنا ولج المسرح غياث الدين تغلق الذي سار بجيوشه من البنجاب وهزم المغتصب غير بعيد من دهلي.

التغلقيون (720 ـ 817هـ/1320 ـ 1414م)

كان غياث الدين تغلق (720-725هـ) هجرياً مسلماً حسن الإسلام ولهذا قوبل بالترحيب من كبار رجال الدولة، وكانت سلطته خيراً على البلاد فقد حمى المزارعين، وعدّل الضرائب وأمر الجباة بالإنصاف، وأعاد تنظيم البريد، وتابع في الوقت نفسه سياسة التوسع فأوفد ابنه محمد تغلق لإخضاع مملكة تيلنغانا في الدكن فاحتل عاصمتها لتصبح ولاية من ولايات السلطنة.

تولى محمد ابن السلطان غياث الدين الحكم بعد وفاة والده (725-752هـ) وكانت سنوات حكمه الطويل سنوات تطور وثورة، فهوأديب ضليع في الأدبين الفارسي والعربي بليغ الكتابة وعالم بحاثة وقائد ماهر، ولكنه غريب الأطوار. وقد رأى أنه ليس من الممكن إدارة الدكن كلها من دهلي فاتجه إلى ديوجير التي غير اسمها إلى دولة أباد، فحصَّن قلعتها الشهيرة وأمر بنقل جميع سكان دهلي إليها سنة 730هـ/1329م، وبقيت دهلي خاوية على عروشها حتى جاز بالعودة إلى سكناها بعد ثماني سنوات، ومن أجل حتى يحقق محمد لنفسه بعض الأمجاد فكر بغزوالتيبت والصين ، فعبأ الجيوش وأنفق الأموال التي أثقلت كاهل الدولة فوجدت بعض الولايات فرصتها للتحرك والتحرر من نير دهلي، فتوجه محمد بن تغلق إلى الدكن، ولكنه اضطر قبل إخضاعها حتى يمضى لإخماد ثورة في كجرات، ومات سنة 752هـ وهويطارد الثائرين في السند.

اختار الجيش بعد محمد تغلق ابن عمه فيروز شاه (752-790هـ) الذي كان ديّناً تقياً أراد إصلاح ما أفسده سلفه، وكان عهده الطويل عهدَ عدل وإحسان، فقد حمى الزراعة وحفر الآبار وشق القنوات وبنى الخانات في القرى وأسس عدداً من المدن مثل جوانبور، وفيروز أباد وفتح أباد، وأصلح المباني التذكارية التي بناها أسلافه.

كثرت المؤامرات والفتن في أواخر أيام فيروز شاه، وما إذا توفي حتى دخلت دولة آل تغلق عصر الانحطاط والتدهور الذي استمر عشر سنوات تعّرضت البلاد في نهايته لحملة قادها تيمورلنك، فهدم دهلي وقتل سكانها فتفككت الدولة إلى دويلات، وتحولت دهلي إلى ولاية صغيرة ظل حكامها من السادة (817-847هـ/1414-1451م) يعترفون بالتبعية لتيمورلنك ويدَّعي أفراد هذه الأسرة أنهم من سلالة الرسول ولذلك لقبوا أنفسهم بالسادة، وكان أولهم خضر خان الذي كان مكروهاً من الطبقات العسكرية الهجرية والأفغانية لاعتماده على التيموريين، ولم يبد آخر حكام هذه الدولة فهم شاه (848-855هـ) أي مقاومة في انسحابه من الحكم لمصلحة القائد الأفغاني بهلول لودي سنة 855هـ.

أسرة لودي الأفغانية(855 ـ 933هـ/1451 ـ 1526م)

كان بهلول لودي محارباً نشيطاً، فبعد صراعات طويلة تمكن من الاستيلاء على البنجاب وأنهى سلالة الملوك الشرقيين في جانبور، وعندما توفي بهلول سنة 895هـ أعقبه ابنه اسكندر في دهلي فنقل عاصمته من دهلي إلى أغرا لكي يجعل هجماته على غوالبور في الدكن أشد وأقوى، وفي عهد ابنه إبراهيم لودي تعرضت السلطنة لهجمات بابر سليل تيمورلنك الذي يعد المؤسس لدولة أباطرة المغول، وقد هُزم إبراهيم في معركة بانيبات سنة 933هـ/1526م، وقُتل فيها، فانتهى بذلك حكم آل لودي ليقوم على أنقاضها حكم أسرة آل سور الأفغانية التي استمرت في الحكم حتى سنة 962هـ/1554م، وقد شهدت الهند في أثناء حكم هذه الأسرة قيام دولة أباطرة المغول العظام التي استمرت هي الأخرى حتى سنة 1858.


الإسلام في الهند

بدأ الإسلام ينتشر في الهند منذ حتى فتح محمد القاسم الثقفي السند وبنى جامعاً في الديبل، وعندما أعرب الخليفة عمر بن عبد العزيز حتى جميع من يعتنق الإسلام له الحقوق نفسها التي للعرب اعتنقت بعض القبائل الهندية الإسلام، ولكن معظمها عاد لمعتقداته القديمة بعد سقوط الدولة الأموية.

سجل بروز غزنة في عهد السلطان محمود الغزنوي (388-421هـ/998-1030م) بدء عهد حديث في تاريخ الإسلام في الهند، فقد اعتنق حاكم باران Baran الإسلام مع عشرة آلاف من أتباعه على يد محمود، وساعدت سيطرة الغزنويين على البنجاب على ربط الهند بالمراكز الحضارية في بلاد العجم، ولكن النموالحقيقي للمجتمع الإسلامي في الهند وقع عندما سيطر الغوريون على شمالي الهند، وفي عهد سلاطين دهلي، وعندما بدأ محمد بن تغلق (725-752هـ) بمحاولات للسيطرة على الدكن كان من أهدافه التمهيد لنشر الإسلام فيها فأخذ يشجع الفهماء والأولياء على الانتشار في مناطق مختلفة في الجنوب فاعتنقت الإسلام قبائل كثيرة نتيجة لتأثرهم بالمتصوفة المسلمين، كما حتى تعاليم الإسلام التي تنادي بالمساواة، اجتذبت أعداداً كبيرة من الطبقة الدنيا الهندوسية المنبوذة، ومن العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام في الهند، لجوء أعداد كبيرة من العائلات المسلمة إليها في القرنين السادس والسابع الهجريين نتيجة للأوضاع المضطربة في آسيا الوسطى وفارس ،وكان المسجد والمدرسة والخانقاه بمنزلة مراكز أسهمت من جانبها في انتشار الإسلام وتثقيف المسلمين الهنود. وقد تأثر الفكر الديني الإسلامي في الهند بالمؤلفات الدينية التي دخلتها من الخارج، سواء في التفسير أم الحديث أم الفقه أم التصوف، ولكن عندما دخلت مؤلفات ابن عربي «فصوص الحكم» و«الفتوحات المكية» إلى الهند غدت أفكار ابن عربي وآراؤه شائعة في الأوساط الدينية الإسلامية، وزاد من تأثير فكر ابن عربي بروز الشعر الصوفي في غزنة، وتأليف «المثنوي» لجلال الدين الرومي الذي كان يتلى في الاجتماعات التي كان يعقدها الشيخ ناصر الدين جيراگ Ciragh، فلما دخلت تعاليم ابن تيمية إلى الهند عن طريق أحد تلامذته وهوعبد العزيز الأردبيلي بدأ الفهماء المتمسكون بأصول الدين والسلاطين التغلقيون يحاربون الميول الداعية إلى وحدة الوجود، وظهرت مؤلفات فقهية عديدة في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي تهدف كلها إلى الوقوف في وجه أفكار ابن عربي الداعية إلى وحدة الوجود، وبدا لأول وهلة حتى مدرسة ابن تيمية قد انتصرت، ولكن أفكار ابن عربي التي كانت تساعد على التقاء الإسلام بالهندوسية هجرت أثراً عميقاً في الفكر الديني، وظهرت في القرن التاسع والعاشر الهجريين فرق ومفاهيم وفلسفات جديدة مبنية كلها على أساس فكرة وحدة الوجود كالفرقة البختية، والشطّارية والروشانية، وكانت أفكار ابن عربي هي المسيطرة حين تولى أكبر شاه الحكم، وقد أثارت رغبة أكبر شاه في وضع ديانة جديدة تجمع بين جميع المعتقدات الدينية في الهند مخاوف المسلمين الأصوليين ولاسيما عندما نشر أكبر شاه بعض قواعد الدين الجديد عام 1582 وسماه «دين إلهي»؛ مما أدى إلى ردود عمل عنيفة ظهرت آثارها في مؤلفات الفهماء في الحديث والفقه، وكان الشيخ أحمد سرهندي وهومن أتباع الطريقة النقشبندية من المنتقدين أفكار ابن عربي، لأنه رأى فيها خطراً على المجتمع الإسلامي والدين الإسلامي لأنها تسمح للمسلمين بتقبل أفكار وممارسات تناقض مبادئ التوحيد والإسلام، كما انتقد محاولة أكبر في مزج المعتقدات الإسلامية وغير الإسلامية كالهندوسية والبوذية وغيرها في عقيدة واحدة، واستطاع الشيخ أحمد سرهندي حتى يجتذب أعداداً كبيرة من نبلاء المغول إلى جانبه وتمكن عن طريقهم حتى يحدث تغييراً في جوالبلاط، مما دفع جهانكير (1605-1627م) حتى يتخلى عن سياسة أكبر.

في القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي حاول بعض الفهماء المسلمين إيجاد تسوية أوحل وسط بين الآراء والأفكار المتصارعة المتضاربة التي حدثت في القرن السابق، فخط شاه ولي الله الدهلوي منطقة بعنوان «فيصلة وحدة الوجود والشهود» حاول فيها حتى يبين أنه ليس ثمة اختلاف جوهري بين أفكار ابن عربي والشيخ أحمد سرهندي فكلاهما يعنيان الشيء نفسه، ونجح الجدال الذي احتدم بين الفهماء عدة عقود مع انه وُجد فهماء لم يتفقوا مع وجهة نظره.

كان شاه ولي الله من المفكرين الذين يدركون ضرورة إعادة تفسير الفكر الإسلامي على ضوء العقل والمنطق وأن تأخذ الأحكام الشرعية في الحسبان المتطلبات الخاصة بالمنطقة، وعندما سُئِلَ إلى أي المذاهب الفقهية ينتمي أجاب «أحاول جهدي حتى أجمع بين جميع النقاط التي اتفقت عليها المذاهب الأربعة، فإذا كان هناك اختلاف اعتمدت على ما يبرهن الحديث الشريف على صحته».

وقد ترجم شاه ولي الله القرآن إلى الفارسية وترجم ولداه، شاه عبد القادر، وشاه رافع الدين القرآن إلى الأُردية، إلى غير ذلك غدا القرآن - الذي هوالمصدر الأساسي للدين الإسلامي - في متناول جميع الهنود الذين اعتنقوا الإسلام ، كما أنه وابنيه شجعا على دراسة الحديث، وعملوا في إحياء الدراسات الدينية في الهند والتي كان لها تأثير على العالم الإسلامي.

إن تسرب التأثيرات الغربية إلى المجتمع الإسلامي في الهند وتفوق الغرب في التكنولوجيا والعلوم والصناعة أوجد نوعاً من الصراع لدى المسلمين الهنود، فالهنود المسلمون الذين درسوا اللغة والعلوم الإنگليزية تقبلوا الحكم البريطاني، ورفض فريق آخر تفهم اللغة والآداب الإنكليزية رفضاً باتاً، ورفضوا الحكم البريطاني وعدّوه دخيلاً حل محل حكم المغول في الهند، وهناك فريق ثالث ظهر رأيه بجلاء في الموقف الذي اتخذه شاه عبد العزيز بن شاه ولي الله، فهويمتدح الإنكليز من حيث كفاءاتهم الفهمية ويسمح بدراسة اللغة الإنكليزية ولكنه من جهة أخرى يصدر فتوى يعلن فيها حتى جميع الأراضي التي احتلها الإنكليز هي دار حرب.

من جهة أخرى أوجد نشاط الإرساليات المسيحية الذي بدأ مع تأسيس الحكم البريطاني ردود عمل لدى عدد من الفهماء الهنود المسلمين البارزين أمثال مولانا رحمة الله القيرواني، ومولانا علي حسن، ومولانا محمد قاسم الذين ألفوا ما يسمى بأدب المناظرة للقاءة نادىية الإرساليات المسيحية وتبشيرها، وكان السيد أحمد خان أول من استجاب للتحدي الذي فرضه الفكر الأوربي للفكر الديني الإسلامي في الهند ولكنه رفض في الوقت نفسه التقليد والتمسك الأعمى بالأحكام الشرعية، وطالب بتفسير القرآن على ضوء العقل لكي يتفق مع مجريات الأوضاع الحديثة، وهوأول من عمد إلى دراسة مقارنة بين الإسلام والمسيحية معتمداً على التوراة وفي منطقاته «الخطابات الأحمدية» انتقد التعاليم التي تنشرها الإرساليات المسيحية.

ومن الذين كانويحاولون إعادة توجيه الفكر الديني الإسلامي بكيفية تختلف عن طريقة السيد أحمد خان، محمد إقبال (1876-1938) الفيلسوف والشاعر الذي قدم دراسة مكثفة عن الديانات الشرقية والغربية، وأكد على ضرورة بناء الفكر الديني الإسلامي على ضوء القضايا التي يطرحها العالم الحديث، وكان ينظر إلى الدين على أنه عامل قوي لتطور شخصية الإنسان وتقدمها وتحسين المجتمع الإنساني، وكان يرى حتى المثل الديني الأعلى للإنسان ليس في إنكار ذاته، وإنما في تأكيد ذاته وقد رفض محمد إقبال رأي مولانا حسين أحمد مدني (1879-1957) أستاذ الحديث في ديوبند Deoband والقائل إذا الهندوس والمسلمين هم أمة واحدة في الوطن الهند، وقد تأكدت منطقة إقبال عندما انقسمت الهند الكبرى سنة 1947 إلى دولتين كبيرتين، الهند التي تضم معظم العناصر الهندوسية وباكستان التي تضم معظم العناصر المسلمة، وتكونت باكستان في أول الأمر من قسمين أحدهما يقع في حوض نهر السند ويسمى باكستان الغربية والآخر في الشمال الشرقي من جمهورية الهند ويسمى باكستان الشرقية التي غدت دولة مستقلة سنة 1971 واسمها بنگلادش.

الشيعة في الهند

دخلت الإسماعيلية إلى الهند في وقت مبكر، وفي الربع الأخير من القرن الرابع الهجري تأسست سلطة سياسية فاطمية في الملتان، أطاح بها السلطان محمود الغزنوي سنة 396هـ/1006م ولكن هذا لم يمنع نادىة الإسماعيلية من نشر دعوتهم في السند والبنجاب والكجرات Gujarat وأن يستعيدوا نفوذهم السياسي، فلما ظهر محمد الغوري على مسرح الهند، وجدهم قوة في الملتان فعمل على القضاء عليهم مما أدى إلى اغتياله سنة 602هـ في دامياك Damyak على نهر السند Indus.

وقف سلاطين دهلي موقف العداء من جميع الفرق الإسماعيلية، واتخذوا إجراءات قاسية ضدهم، ويشير فيروز شاه في كتاب «فتوحات شاه فيروز» إلى فئة متطرفة أطلق عليها اسم «الرافضة» لا تعترف بالخلفاء الراشدين الثلاثة الأول ويعدون القرآن من «ملحقات عثمان».

في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي ظهرت دول شيعية في الدكن في بيجابور Bijapur وفي أحمد نغر Ahmadnagar وفي گولكندا Golconda وزاد نفوذ الشيعة في الشمال إثر تأسيس السلطة الصفوية في إيران سنة 907هـ/1502م وخاصة في أعقاب عودة همايون منها سنة 1555م، واستمرت هجرة الشيعة من إيران إلى الهند في عهد أكبر شاه وفي القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي تأسست دول شيعية في مرشد أباد في البنغال وفي اوتربرادش Uttar Pradesh وفي السند، وكان لهذه الدول دور كبير في نشر الممضى الشيعي.

انظر أيضاً

  • تاريخ الهند
  • تاريخ الهند القديم
  • تاريخ الهند الحديث
  • الإسلام في الهند

المصادر

  • الموسوعة العربية
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:30:07
التصنيفات: تاريخ الهند, الإسلام في الهند, سلطنات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ضبط 5 أطنان أعلاف حيوانية مجهولة المصدر في الشرقية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:17
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

«الأرصاد» تكشف موعد انتهاء موجة الصقيع وتحسن حالة الطقس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:19
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

لماذا يفضل مشاهير العالم الرحيل بطريقة مأساوية؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

الإعدام شنقاً لمتهم بقتل عمته وابنتها في 15 مايو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:16
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

محلل اقتصادي يحذر من ادخار الدولار: الدول تسعى للتحرر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:34
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

غدا.. تامر عاشور ضيف إسعاد يونس في«صاحبة السعادة»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:22
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

المكتب الثقافي المصري في لندن ينظم أمسية ثقافية في حب مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:41
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

«رويترز» تكشف حجم استثمارات السيارات الكهربائية بين اليابان والهند

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

«الكهرباء»: 26800 ميجاوات أقصى حمل متوقع مساء اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:33
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 68%

مصادرة 45 طن «سناكس» فاسدة في مصنع بالجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:16
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

60 مبدعا يتنافسون في انتخابات «اتحاد الكتاب».. 25 مارس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

دينا الشربيني: شخصية «ورد» بـ«المشوار» تشبهني في قوتها وإصرارها

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:21
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

مسلسلات رمضان 2022 .. هاني رمزي يواصل تصوير «العائدون»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:20
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

أبرز أغاني عيد الأم 2022.. أوبريت عمر كمال يحقق نجاحا كبيرا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:22
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

الإمارات واسرائيل تبحثان تعزيز التعاون البرلماني

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:28
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

دراسة توضح النشاط الإرهابي في مناطق العالم المختلفة خلال 2021

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:30
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

قادر على العمل عن بعد.. طلاب «هندسة حلوان» يبتكرون ذراعا آلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-20 12:21:18
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية