أيونيون

عودة للموسوعة

أيونيون

هذه الموضوعة هي جزء من سلسلة عن:

تاريخ اليونان

اليونان قبل التاريخ
الحضارة الهلادية
الهجرة الكبرى
الحضارة الكيكلادية
الحضارة المينوية
الحضارة الميسينية
العصور المظلمة اليونانية
اليونان القديمة
اليونان العتيقة
اليونان الكلاسيكية
اليونان الهيلينية
اليونان الرومانية
يونان العصور الوسطى
الامبراطورية البيزنطية
اليونان العثمانية
اليونان الحديثة
حرب استقلال اليونان
مملكة اليونان
احتلال المحور لليونان
الحرب الأهلية اليونانية
الطغمة العسكرية
الجمهورية الهلينية
تاريخ موضوعي
التاريخ الاقتصادي لليونان
التاريخ العسكري لليونان
التاريخ الدستوري لليونان
أسماء اليونانيين
تاريخ الفن اليوناني
     

الأيونيون Ionians (باليونانية: Ἴωνες, Íōnes, singular Ἴων, Íōn) هم مجموعة من اليونانيين القدماء عاشوا في أجزاء مختلفة من بيلوبونيسوس، أي شبه الجزيرة الجنوبي من اليونان، قبل عام 1100 ق.م. وقد غزا يونانيون آخرون، اسمهم الدوريون، بيلوبنيسوس في نهاية سنوات القرن الثاني عشر ق. م. وللنجاة من الغزاة، هرب أيونيون كثيرون إلى الشرق نحوذلك القسم من اليونان الذي يسمى أتيكا. وبعض هؤلاء الأيونيين أصبحوا أجدادًا للشعب الذي عاش في مدينة أثينا حين تطورت إلى دولة قوية في أتيكا. وأبحر أيونيون آخرون في بحر إيجة واحتلوا أيونيا، وهي منطقة ممتدة على الشاطىء الغربي لآسيا الصغرى (أي هجريا اليوم).

وقد نظم شعب أيونيا اتحادًا من 12 مدينة مستقلة. وكانت أشهر مدنها إفسوس، وفيها معبد أرتميس، وميلاتوس، وهي مهد بعض أوائل الفلاسفة اليونان. وقد أصبح الأيونيون الزعماء الثقافيين لليونان في القرنين السادس والسابع قبل الميلاد. ووضعوا أسس ما يعهد اليوم بفلسفة الغرب وأدبه.

مسقط أيونيا القديمة على ساحل هجريا المعاصرة.

وقد قام كريسوس، ملك ليديا بغزوأيونيا في منتصف القرن السادس ق. م، كما غزاها الفرس عام 545 ق.م، وأصبحت جزءًا من الإمبراطورية الفارسية. وغزا الفرس الأراضي اليونانية الأساسية في مستهل القرن الخامس قبل الميلاد، ولكن اليونانيين ردوهم على أعقابهم. وعلى أثر ذلك تحررت أيونيا من الحكم الفارسي وتحالفت مع أثينا. وفي عام 404 ق.م. تمكنت أسبرطة وحلفاؤها من هزيمة أثينا في الحرب البلوبونيزية. وبعد حتى فقدت أيونيا دعم أثينا سقطت ثانية تحت الحكم الفارسي. وقد حرر الإسكندر الأكبر أيونيا في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد. ولكن حلفاءه، ومن بعدهم الرومان، سيطروا على أيونيا سياسيًا.

الحفريات الأثرية

لم تكن المعلومات عن حضارة الإيجيين متيسرة حتى أواخر القرن التاسع عشر حين قام الأثري الألماني المتأمرك هاينريش شليمان Heinrich Schleiman بمحاولة ناجحة كشف بنتيجتها النقاب عن أطلال طروادة لاعتقاده الراسخ بأن ما ذكره هوميروس عنها في إلياذته ليس أسطورة كما كان يعتقد في ذلك الزمن. وقد حفزت نتائج عمل شليمان في مسقط طروادة سنة 1870، وبعد ذلك في مسقط مدينة موكيناي بين عامي 1876-1878، حفزت غيره من الأثريين على استجلاء حقيقة حتى هناك جذوراً عملية وراء الأشعار الهوميرية. وقام عدد منهم، أشهرهم آرثر إيفانس Arther Evans بالتنقيب في مواضع متعددة من مناطق البحر الإيجي. وقد أفلحت جهود إيفانس في المدة من 1900-1905 في الكشف عن قصر كنوسوس Knosos أوقصر اللابورنث Labyrinth في مدينة كنوسوس في جزيرة كريت.

ويتبين من الدراسات الأنتروبولوجية والأثرية التي جرت، منذ مطلع القرن العشرين، على الموجودات التي عُثر عليها في المراكز الثلاثة حتى سكان المناطق الإيجية كانوا من عرق البحر المتوسط ذوي الجماجم المستطيلة، وأن حضارتهم ارتبطت بالعصر الحجري الحديث، وأنها استمرت مزدهرة في كريت حتى نحوسنة 1400ق.م حين قضت عليها غزوة خارجية. كما استمرت مزدهرة في طروادة حتى سنة 1250ق.م تقريباً حين قام الموكينيون من موكيناي وباقي أراتى بلاد اليونان على البرّ الأوربي بالقضاء على هذه المدينة نتيجة الحروب المعروفة باسم حروب طروادة. وأخيراً تعرض الموكينيون وباقي سكان بلاد الإغريق أنفسهم نحوسنة 1000ق.م لغزوة الدوريين التي قضت على آخر ورثة الحضارة الإيجية.


طروادة

وكانت طروادة إحدى أشهر مدن التاريخ، أنشأها مستوطنوها الأوائل في سهل خصب خال من العوائق الجبلية، واشتهرت بتربية أكرم أنواع الخيل المعروفة. وأثبتت أحافير شليمان حتى أهلها مارسوا صناعة النسيج على نطاق واسع، وأنهم قاموا، على الغالب، بتصدير الفائض من إنتاجهم الزراعي والصناعي إلى العالم الإيجي المجاور. ولا شك حتى منافسة طروادة في المجال الصناعي للمدن الموكينية في بلاد اليونان القارية، أوسيطرتها على مضيق الهلسبونت (الدردنيل اليوم) وفرضها إتاوة على تجارة الحبوب العابرة من البحر الأسود إلى بحر إيجة، كما يفترض بعض المؤرخين، إضافة إلى غنى المدينة بوجه عام، قد كانت حافزاً لأعدائها الذين نقموا عليها وتحينوا الفرصة لغزوها والاستيلاء عليها بقيام «باريس» ابن «بريام» ملك طروادة باختطاف «هيلين» زوج «منيلاوس» ملك إسبرطة. ولما سقطت المدينة بعد عشر سنوات من الحرب التي كان الحصار عمودها الفقري، انتهى عصر الحضارة الإيجية في آسيا، ولكنه استمر في كريت وموكيناي.

كريت

جزيرة تقع في القسم الأوسط الشرقي من البحر المتوسط وتكثر على شواطئها الخلجان التي كانت موانئ طبيعية جيدة، وتضم جزيرة كريت عدداً من المراكز الحضارية الممثلة للحضارة الإيجية، التي قامت إبان عصر البرونز بدور حضاري يفوق حجمها بكثير، في لقاءة حضارة سورية الكنعانية وحضارة مصر الفرعونية، مما مكنها من القيام بدور الوسيط بين بلاد الإغريق وسورية ومصر. وقد اقتصرت المعلومات عن كريت القديمة على ما ورد في الأشعار الهوميرية والكتابات الأدبية الكلاسيكية. ولكن اللقى الأثرية، ولاسيما الآثار الكتابية التي كشفها آرثر إيفانس، وضَّحت ما كان خافياً مدة طويلة. وقد أفادت دراسة هذه اللقى والآثار بأن الكريتيين وجدوا حلاً للمعضلة الصعبة، كونهم صناعاً مهرة وتجاراً بارعين في أرض لا تجود عليهم دائماً بكل ما يحتاجون إليه، في البحث الدائم عن المواد الخام ولاسيما المعادن من مضى وفضة وقصدير ونحاس إضافة إلى العاج والأحجار الكريمة وفي إتقانهم فنون الملاحة البحرية. ولذلك كان مجتمع كريت مجتمعاً تجارياً صناعياً مسالماً.

وتشهد أطلال قصر «اللابورنث»، وهوأعظم الأوابد المكتشفة في الجزيرة، وبقايا مدينة كنوسوس وشوارعها المتداخلة والمعبدة تشهد للعمال والمهندسين الكريتيين بالبراعة والمهارة ولاسيما في مجال إقامة القناطر والجسور وأقنية صرف المياه المستعملة وجرّ المياه النظيفة. كما تشهد اللوحات الملونة الرائعة على جدران القصور للفنانين الكريتيين بالذوق الرفيع إضافة إلى مهارة رائعة في صناعة الخزف والفخار.

ويميل إيفانس، بعد موازنة ما عثر عليه بما يماثله في مصر وبلاد الرافدين إلى تقسيم أدوار تاريخ كريت إلى ثلاثة عصور: الباكر (3000-2100ق.م) والمتوسط (2100-1580ق.م) والمتأخر (1580-1200ق.م). ويبدوحتى عصر الجزيرة الباكر شهد ذروة الانتنطق من حضارة العصر الحجري الحديث إلى عصر البرونز التي يحددها المؤرخون بنحو2400ق.م ويربطونها زمنياً بعصر بناة الأهرام. ويغلب على حضارة الجزيرة في ذلك العصر اعتمادها على استيراد معظم حاجياتها لقاء قليل من التصدير، ويرجحون اعتمادها على سكان الساحل السوري في استيراد الحاجيات ونقل المؤثرات الحضارية لكثرة المدن على ساحلها الشرقي في تلك الحقبة. أما العصر الوسيط فقد شهد انتنطق أبرز المراكز الحضارية إلى وسط الجزيرة مع غلبة الترف والرخاء، تدل على ذلك كثرة القصور التي بنيت على نمط قصر اللابورنث، بغرفها الكثيرة ومعابدها الخاصة ومخازنها الواسعة. إضافة إلى ظهور عدد من المدن الكبيرة مثل كنوسوس العاصمة وفايستوس Phaestos وگورتينا Gortyna وغورنية Gournia وبسيرا Pseira وزاكروZakro وغيرها، واحتواء هذه المدن على عدد من دور صناعة الخزف التي بلغت درجة عالية من التقدم.

ولعل أبرز ما يميز العصر المينوي المتأخر هومعاصرته لخروج الهكسوس من مصر وظهور الملوك «التحامسة»، والاتصال المباشر مع مصر. وهذا ما تثبته الصور الجدارية في بعض المعابد المصرية من الحقبة نفسها. ويبدوحتى قوة فراعنة مصر والأمن الذي فرضوه على منطقة شرقي المتوسط مكنت تجار كريت من العمل بحرية أكبر لقاء اعترافهم بسيادة مصر. وهوأمر ساعدهم في مدّ نفوذهم التجاري إلى عدد من مراكز حوض البحر المتوسط مثل رودوس وقبرص وأغاريت وجبيل. وكان من الممكن تحول هذه القوة الاقتصادية إلى امبراطورية لولا حتى القدر كان يمهد لظهور حضارة إيجيّة أخرى على أيدي الموكينيين في بلاد اليونان القارية. بصورة عامة، ينتسب الكريتيون إلى عرق البحر المتوسط، ويتحدثون لغة قريبة من لغة اللوكيين (أهل لوكية في آسيا الصغرى)، وبعيدة عن اللغات الهندية الأوربية أوالسامية، وكان أهل الجزيرة يحرصون بخلاف سكان بلاد اليونان، على ستر أجسامهم وتغطية رؤوسهم في الحرب كما في السلم. وكانت النساء ترتدين أثواباً تشابه الأثواب المعاصرة وتتزيّن بالقبعات والمجوهرات. ويسكن الأهالي عادة في منازل لا تخضع لقاعدة تجميع الغرف حول فناء الدار، بل تتصل غرفها إما بوساطة الأبواب التي تفتح للجهة الخارجية أوالدهاليز. ولكنها تشابه المنازل اليونانية بكونها كثيرة النوافذ التي تسمح بمرور النور والهواء.

وتشير نتائج التنقيب إلى حتى قدماء الكريتيين عاشوا حياة اجتماعية قبلية بكل معانيها، وأن هذه الحياة بدأت بالتفكك منذ بداية العصر الوسيط، وأن العصر المتأخر شهد بداية سيطرة النزعات الفردية في المجتمع وتكوين الأسر الصغيرة. وهوأمر يظهره اكتظاظ الشوارع بالبيوت الصغيرة، وكذلك التصاوير التي يظهر فيها السكان في الأسواق والمسارح. وتدل الصور نفسها على حتى المرأة الكريتية كانت تتمتع بمكانة اجتماعية تداني مكانة الرجل إذا لم تكن أفضل منها. إذ تظهرها التصاوير وهي تحتل المقاعد الأمامية في المسارح ومراكز الرياضة.

والديانة الكريتية مزيج من العقائد البدائية التي تقدس قوى الطبيعة بجميع صورها، وهي بالإضافة إلى أنها كانت تقوم على عبادة الشمس والقمر والرياح والأمطار، كانت تقدس بعض الحيوانات كالثيران والأفاعي. ونتيجة لتصور الكريتيين بأن الأمومة هي سر الطبيعة قدسوا جميع مظاهر الأمومة وعبدوا إلهة أنثى تصوروها أماً لجميع الآلهة والبشر، وعهدوا بأمر عبادتها إلى كاهنات. وكان الكريتيون يكرمون موتاهم وذلك بدفنهم في توابيت فخارية وتزويدهم بالطعام والمستلزمات الأثيرة لدى المتوفى في حياته.

وكانت الألعاب الرياضية هامة جداً في الحياة الاجتماعية الكريتية حتى إذا بعض المؤرخين المعاصرين يعتقدون حتى معظم الحفلات الدينية كانت تصاحب بمباريات رياضية. وتشير التصاوير الجدارية والنقوش إلى حتى أحب الألعاب إلى الكريتيين كانت الجري والمصارعة والصيد وقتال الثيران.

وتشير الدلائل الأثرية من انتشار القصور المحصنة والتصاوير التي تظهر الأشراف مسلحين دائماً، إلى حتى السلطة السياسية كانت في العصرين المينوي الباكر والوسيط في أيدي رؤساء القبائل الذين رأسوا نظاماً إقطاعياً. ويبدوحتى بداية العصر المينوي المتأخر شهد نكبة هؤلاء الأشراف على يدي الملك الذي استطاع حتى يركِّز السلطة في يديه، وألا يدع لهم إلا سيطرة اسمية بتوطيده الأمن وسيطرته على الشواطئ بأساطيل قوية تبعت له شخصياً.

وبغض النظر عما تعنيه حدثة «مينوس» التي حملها ملوك كريت، وعما إذا كانت اسماً أولقباً أوسلطة، فمن المرجح حتى سلطة هذا المينوس كانت مستمدة من الآلهة، وكان الملك ممثل الإله بين رعاياه. وكان ملزماً بتجديد مباركة الآلهة لسلطته مرة جميع تسع سنوات وذلك بالاتصال بها في كهف مقدس.

ويستدل من الوثائق المكتوبة التي عثر عليها أنه كان يساعد الملك في إدارة شؤون البلاد عدد من الموظفين يحمل جميع واحد منهم خاتماً ملكياً للتوقيع على المعاملات الرسمية الصغرى في حين تحمل المعاملات الكبرى خاتم الملك. وتشير كثرة الألواح الفخارية التي عثر عليها في قصر اللابيرنث حتى المركزية في المعاملات ولاسيما المالية منها كانت شديدة. كما تشير الألواح نفسها مع التصاوير الجدارية إلى حتى الملك كان يحتفظ بجيش محترف يرتدي أفراده زياً خاصاً ويتسلحون بالحراب والأقواس، إضافة إلى فرقة للعربات الحربية.

وكانت أرض كريت كغيرها من أراضي حوض البحر المتوسط تصلح لزراعة الحبوب بأنواعها وغرس الكرمة والتين والزيتون. ونتيجة لنجاح زراعة الكرمة والزيتون في كريت اشتهر الكريتيون إضافة إلى كونهم مزارعين ممتازين بكونهم خزّافين مهروا في خلق الدنان والجرار لتعبئة النبيذ والزيت.

ولاشك حتى احتياجات الجيش المحلي من الأسلحة أدت إلى ازدهار صناعة السلاح وهوأمر تثبته أنواع الأسلحة التي عثر عليها في الحفائر وتطورها في العصور المينوية الثلاثة. وقد أدى استتباب الأمن ووفرة الحرفيين والحاجة إلى بعض مواد الصناعات المطلوبة وغير المتوافرة محلياً إلى استيراد هذه المواد من الأقطار المجاورة ولاسيّما من سورية ومصر وآسيا الصغرى. وهذا ما أدى إلى دفع عملية التجارة الخارجية والداخلية لتلبية الحاجات العامة والخاصة للكريتيين. ويختلف المؤرخون في مسببات انهيار الحضارة الكريتية نحوسنة 1400ق.م، فيعزوها بعضهم إلى حدوث هزة أرضية أشعلت حريقاً في القصر الملكي ويدللون على هذا بحدوث دمار في عدد من مدن كريت في المدة نفسها، في حين يعزوها آخرون إلى حدوث غزوة باكرة قامت بها القبائل الدورية التي كانت قد اكتسحت بلاد الإغريق القارية في فترة لاحقة نحوسنة 1100ق.م.


موكيناي

وهي أول حضارة إيجية أنجبتها بلاد اليونان القارية. كشفها هاينريخ شليمان سنة 1876. وتقع موكيناي في إقليم أرگوليس Argolis جنوب شرقي بلاد اليونان المعاصرة. وتشير الدلائل الأثرية إلى استيطان باكر للمدينة يعود إلى عصر البرونز. وفي نحوسنة 1700 ق.م أقيمت، على مسقط المدينة، أول مملكة، ويعد أتريوس Atreos، الذي أحيطت أسرته بلعنات الآلهة، أول ملوكها المشهورين. ومن أسرته انحدر آگاممنون Agamemnon الذي قاد حملة الآخيين المشهورة على طروادة.

وقد عهدت بلاد اليونان القارية إلى جانب موكيناي عدداً من الممالك الموكينية أشهرها مملكة «يولكوي» في تسالية ومملكة «طيبة» في بيئوتية ومملكة أثينة في أتيكا ومملكة «بولوس» في ميسينية. ويفصل جميع مملكة عن الأخرى واد أوجبل. وقد فرضت هذه المقومات الطبيعية على الممالك عزلة لم يكن بالإمكان التغلب عليها إلا بالالتاتى إلى البحر.

وعلى الرغم من تشابه ملامح الحضارتين المينوية والموكينية ولاسيما في فني العمارة والخزف، الذي يعلله المؤرخون بإقامة بعض الموكينيين في كريت أيام ازدهارها فإن المظهر العام للحضارة الموكينية يظهر أكثر بساطة وبدائية وأقل رفاهية من المينوية. وتثبت الأحافير في مناطق الموكينيين أنهم كانوا أكثر ميلاً إلى النظام والنظافة وذلك باعتماد أقنية مغطاة لجلب المياه النظيفة وصرف المستعملة.

ويبدوحتى الزراعة كانت الركيزة الاقتصادية الأولى في الحضارة الموكينية، وقد عمل بها سواد الشعب، وتدل الألواح المكتشفة التي تسجل مقدار المحصول ونوعه وحصص الملك والآلهة منه على دقة في الأعمال الزراعية والحسابية. وكان القمح والشعير والزيتون أبرز المحاصيل. وقد تطلب هذا النوع من النشاط الزراعي نشاطاً مماثلاً في صناعة النسيج والفخار والخزف اللازم لتعبئة الغلال. وتشير الألواح أيضاً إلى حتى الثور، على قدسيته، كان إلى جانب السبائك النحاسية وحدة التعامل الرئيسة في المقايضة. وقد أقام الموكينيون مدنهم على قمم الجبال وأحاطوها بتحصينات دفاعية. وكانت تخرج من هذه المدن شبكة من الطرق المحروسة تؤدي إلى بعض المراكز التجارية (البحرية غالباً) أوالدينية أوالصناعية المهمة. ويدل انتشار القصور والقلاع بالغرب من موكيناي وغيرها من المدن على حتى النظام الاجتماعي الغالب كان إقطاعياً، وأن الملك كان يرأس مجموعة من الإقطاعيين الذين كان لكل منهم جيش خاص يرفد جيش الملك عند الحاجة.

وتشير صور الفخار والتصاوير الجدارية وشواهد القبور إلى تشابه الديانتين الموكينية والمينوية في تقديس إلهة أنثى أحمل مرتبة من بعلها أوشقيقها الذي ربطته بها أسطورة الخلق والموت والبعث التي آمنت بها جميع المجتمعات الزراعية في حوض المتوسط. وتلقي الإلياذة ضوءاً على هيئات الموكينيين والطرواديين وبعض عاداتهم وتنطقيدهم، فقد كانوا يطيلون شعورهم ويربطونها بخيوط من المضى أوالفضة.

وكان الرجال يرتدون في الصيف معاطف ذات أكمام تصل إلى الركب. وفي الشتاء أردية فضفاضة يستخدمونها في الليل أغطية لفرشهم. وكانوا يتزينون بالأقراط والعقود والشرائط والأحزمة. في حين كانت الكاهنات والنساء الثريات يرتدين معاطف طويلة مطرزة. وتذكر الإلياذة حتى الموكينيين عهدوا المناضد والمقاعد لكنهم لم يعهدوا الأطباق، بل كانوا يأكلون على المائدة مباشرةً وينظفونها بعد ذلك بالإسفنج، وكانوا يأكلون لحوم الضأن والماعز والخنزير لكنهم نادراً ما كانوا يأكلون لحم البقر. وكانت هذه الحيوانات، بالإضافة إلى الإوز تربى في المزارع أوداخل البيوت. وكانوا يصطادون الغزلان والأرانب والخنازير البرية، ويستطيبون أكل المحار والأسماك والأجبان، ومزج النبيذ بالعسل، ويربون الكلاب للصيد والحراسة.

ولعل أبرز ما تميز به الموكينيون من غيرهم من الإيجيين كان ميلهم الطبيعي إلى القتال، وهوأمر تثبته مجموعة الأسلحة التي عثر عليها مدفونة في قبور المحاربين، وكذلك التصاوير التي على جدران القصور وأواني الطعام والشراب والتي تحفل بمشاهد القتال. وتؤكد الألواح الكتابية أهمية الجيش في المجتمع الموكيني. ونتيجة لتماس الحضارة الموكينية مع البحر يرجح المؤرخون أنه كان للموكينيين قوة بحرية كبيرة.

انظر أيضاً

  • دوريون
  • أيونيا
  • فيثاغوراس
  • أثينا
  • إيوليون

الهامش

للاستزادة

  • J.A.R Munro. "Pelasgians and Ionians". The Journal of Hellenic Studies, 1934 (JSTOR).
  • R.M. Cook. "Ionia and Greece in the Eighth and Seventh Centuries B.C." The Journal of Hellenic Studies, 1946 (JSTOR).

وصلات خارجية

  • Interactive Map of the Ethnic Groups of Ancient Greece
  • Myres, John Linton (1910–1911). "Ionians". The Encyclopedia Britannica: a Dictionary of Arts, Sciences, Literature and General Information. 14 (11 ed.). Cambridge, England and New York (printed): Cambridge University Press, Online Encyclopedia. pp. Pages 730-731. Retrieved 2008-01-10.CS1 maint: date format (link) Note that the online edition omits the critical bibliography and runs paragraphs and section headings together. The paragraph division is not the one of the article. The reader should be aware that although useful the article necessarily omits all of modern scholarship.
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:40:50
التصنيفات: Articles containing non-English-language text, CS1 maint: date format, اليونان القديمة, شعوب قديمة, أيونيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إنفوجراف| 6 مستندات لاستخراج بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:18:57
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

توقيف رجل فى مطار هيثرو بعد ضبط طرد يحوى اليورانيوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

تعرف على موعد مباراة مصر المقبلة فى بطولة العالم لكرة اليد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

طرح كرتونة البيض بمعرض «أهلا رمضان» بـ80 جنيه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:51
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

مدرب يانج أفريكانز يكشف حقيقة طلب التعاقد مع لويس ميكيسونى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:02
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

شبانة: الزمالك يحسم صفقة إيبوكا بـ30 مليون جنيه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

التضامن: رأس المال البشرى أهم أصول محفظة التنمية المستدامة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:18:58
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

«غسلنا عارنا».. شقيقان يرويان ملابسات قتل شقيقتيهما فى الصف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:14
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

"الصحة" توضح قواعد الحصول على الجرعات التنشيطية من لقاح كورونا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:22:20
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 42%

باريس سان جيرمان يخسر أمام رين بهدف فة الدورة الفرنسى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:04
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 64%

جوجل يحتفل بذكرى ميلاد الفنانة الراحلة كريمة مختار

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:22
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 66%

إصابة 6 أشخاص فى حادثى سير بطريق أبو سمبل بأسوان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:13
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

«القوى العاملة» تعلن عن وظائف وفرص عمل للشباب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:56
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

لينك الاستعلام عن الأسماء الجديدة فى تكافل وكرامة بالرقم القومى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:55
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

زلزال بقوة 6.2 يضرب شمال جزيرة سومطرة الإندونيسية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:30
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

رسميا.. محمود وادى يعلن رحيله عن بيراميدز إلى طلائع الجيش

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:03
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

رئيس سفاجا يعد بتخفيف شروط الإسكان بديل العشوائيات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:11
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

اختبارات دقيقة للمتقدمين.. كل ما تريد معرفته عن وظائف مترو الأنفاق 2023

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:19:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

مقتل أربعة أفراد شرطة غرب مالى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:21:29
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

مسلحون يحرقون قسا كاثوليكيا حيا فى نيجيريا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-16 03:20:51
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية