تاريخ أگاثون

صفحة عنوان رواية "تاريخ أگاثون" لڤيلاند، الطبعة الأولى، 1766.

تاريخ أگاثون Geschichte des Agathon هي رواية من جزئين نُشرا في 1766 و1767 من تأليف كريستوف مارتن ڤيلاند بالألمانية. وقد أراد فيلاند (البالغ ثلاثة وثلاثين عاماً) في صفحاتها المطوفة حتى يبسط فلسفته في الحياة، متمثلة في المغامرات الجسدية والعقلية لرجل أثيني من عصر پركليس. وهوأبرز عمل نثري ألفه، الذي وصفه ليسنگ بأنه "الرواية الوحيدة اللائقة بالرجال المفكرين"(6).

وقد جعل رجلاً إغريقياً وهمياً البطل.

الحبكة

يقول في المقدمة "لقد اقتضت خطتنا تصوير بطلنا وهويجتاز شتى المحن"، وهي محن من شأنها حتى تربي الإنسان على الأمانة والحكمة دون الالتاتى إلى الحوافز أوالنادىئم الدينية(7). وأجاثون (أي الطبيب)، الشاب الوسيم، يقاوم محاولة إحدى كاهنات دلفي لإغوائه، وبدلاً من ذلك يشعر نحوالعذراء الساذجة "بسوخي" (النفس) يجب نقي وإن كان مشوباً. ويدخل عالم السياسة، فيشمئز من تعصب الأحزاب، ويندد بالناخبين لافتقارهم بالناخبين لافتقارهم إلى المبدأ، ثم ينفى من أثينا. وفيما هويهيم فيجبال اليونان يقع على لفيف من النسوة التراقيات يحتفلن بعيد باخوس برقصات شهوانية عنيفة؛ فيحسبنه باخوس، ويكدن يخنقنه بعناقهن، ثم تنقذه عصابة من القراصنة، تبيعه عبداً في أزمير لهبياس، وهوأحد سوفسطائيي القرن الخامس ق. م. ويشرح فيلاند فلسفة السوفسطائيين في سخط فيقول:

	"إن الحكمة التي جعل منها السوفسطائيون مهنة لهم كانت من حيث الكيف كما كانت من حيث الأثر النقيض للحكمة التي جهر بها سقراط. فالسوفسطائيون فهموا فن إثارة أهواء الرجال (بالخطابة)؛ بينما غرس سقراط فن سيطرة الإنسان على أهوائه. وقد بينوا كيف من الممكن أن يظهر الإنسان أمام الناس حكيماً فاضلاً، أما هوفقد بين كيف من الممكن أنقد يكون الإنسان كذلك. وهم شجعوا شباب أثينا على محاولة السيطرة على الدولة، أما هوفبين لهم أنهم سينفقون نصف عمرهم ليتفهموا كيف من الممكن أن يحكمون ذواتهم. وكانت فلسفة سقراط تفخر بالحياة مجردة من الغنى، أما فلسفة السوفسطائيين فكانت تعهد كيف من الممكن أن تحقق الغنى. كانت كيسة، خلابة، متقلبة، مجدت العظماء... وعبثت بالنساء، وتملقت جميع إنسان ينقدها ثمن التملق. كانت فيكل مكان لا تحس الغربة، لها الحظوة في البلاط، وفي مخادع النساء، ومع الطبقة الارستقراطية، وحتى مع طبقة الكهان، في حين حتى تعاليم سقراط... يحكم عليها الفضوليون بأنها عديمة النفع، والمتبطلون بأنها عديمة المذاق، والأتقياء بأنها خطرة."
—(8)

وتتمثل في هبياس كما يصوره فيلاند جميع أفكار السوفسطائيين ورذائلهم. فهوفيلسوف، ولكنه حرص على حتىقد يكون مليونيراً أيضاً. وهويعتزم حتى ينشئ أجاثون المستقيم الخلق على أسلوب أبيقوري في التفكير والعيش. ويزعم حتى أحكم سياسة ينتهجها الإنسان حتى يجري وراء الأحاسيس اللذيذة، و"كل اللذات هي في حقيقتها حسية"(9). وهويضحك من أولئك الذين يحرمون أنفسهم من لذات هذه الحياة الدنيا أملاً في مباهج السماء التي قد لا تتحقق أبداً. "فمن ذا الذي رأى مرة أولئك الأرباب، وتلك المخلوقات الروحية، التي يؤكد (الدين) وجودها،يا ترى؟ "فهذا كله حيلة يخادعنا بها الكهنة(10). ويدين أجاثون هذه الفلسفة لأنها تتجاهل العنصر الروحي في الإنسان وحاجات النظام الاجتماعي. ويقدمه هبياس إلى داناي المرأة الغنية الجميلة، ويشجعها على إغوائه، ويخفي عنه ماضي داناي حين كانت محظية. وترقص المرأة وتحمل أجاثون رشاقة جسدها مع سحر حديثها وموسيقى صوتها على حتى يقدم لها حبه الخالص الطاهر. وتفسد داناي على هبياس مؤامراته إذ ترد حب أجاثون بمثله. ذلك أنها بعد حتى تقبلت في أحضان رجال كثيرين تجد تجربة وسعادة جديدتين في حب أجاثون. وهي تتطلع إلى حتى تبدأ مع أجاثون حياة جديدة أكثر طهراً بعد حتى سئمت غرامياتها العديمة العاطفة. فتشتريه مع هبياس، وتعتقه، وتدعوه لمقاسمتها ثروتها؛ ولكن هبياس يبوح لأجاثون بماضي داناي وهي محظية انتقاماً منها. فيركب أجاثون البحر إلى سيراكيوز.

وهناك يكتسب سمعة طيبة بالحكمة والنزاهة، فيصبح الوزير الأول للدكتاتور ديونيسيوس. وقد تخلى الآن عن بعض مثاليته:

	"فلم يعد يحلم كما كان بتلك المثاليات الرفيعة عن طبيعة البشر. أوقل أنه انتهى إلى فهم البون الشاسع بين الإنسان الميتافيزيقي، الذي يفكر فيه المرء أويحلم به في خلوته المتأملة، أوالإنسان الفطري وهوخارج لتوه في بساطته الفجة من يدي الطبيعة الأم، وبين الإنسان الزائف الذي جعله المجتمع والقوانين والآراء والحاجات والتبعية والصراع المتصل بين رغباته وظروفه، وبين مصلحته ومصلحة غيره، وما يترتب على ذلك من ضرورة إخفاء مقاصده الحقيقية وسترها باستمرار-أقول حتى هذا كله جعل الإنسان كاذباً، منحطاً، مشوهاً، متنكراً وراء مئات الصور الخداعة وغير الطبيعية. ولم يعد ذلك المتحمس، الفتى الذي كان يخيل له حتى تطبيق مشروع عظيم سهل يسير كتصوره. وقد تفهم حتى على المرء ألا يتسقط الكثير من الآخرين، وألا يعتمد كثيراً على تعاونهم معه، و(أهم من ذلك كله) ألا يثق كثيراً بنفسه... وتفهم حتى أكثر الخطط كمالاً هي في الغالب أسوأها (وأنه) لا شيء في العالم الأخلاقي، كما في العالم المادي، يتحرك في خط مستقيم، وبالاختصار حتى الحياة أشبه برحلة بحرية يتعين فيها على الربان حتى يكيف مسيره وفق هوى الريح والجو، ولا يطمئن أبداً إلى حتى التيارات المعاكسة لن تعطله أوتجنح بمركبة؛ وأن جميع شيء رهن بهذا: وهوحتى يضع نصب عينيه ميناء الوصول الذي يقصده رغم مئات الانحرافات عن الطريق."
—(11)

ويخلص أجاثون الخدمة لسيراكيوز وينجز بعض الإصلاحات، ولكن مؤامرة في القصر تخلعه، فيعتزل في تارنتوم. وهناك يرحب به صديق قديم لأبيه هوالفيلسوف والعالم الفيثاغوري أرخيتاس (ازدهر 400-365 ق.م.) الذي يحقق حلم أفلاطون بالملك الفيلسوف. وهناك يعثر على حبيبة صباه بسوخي، ولكنها للأسف متزوجة من ابن أرخيتاس، ثم يتبين أنها أخت أجاثون. على حتى داناي يؤتي بها (بعصا الروائي السحرية) من أزمير إلى تارنتوم، وقد هجرت عاداتها الأبيقورية لتحيا حياة العفة والبساطة. ويطلب إليها أجاثون حتى تغفر له بعد حتى استوعب أنه أثم بهجرانه إياها، فتعانقه، ولكنها ترفض الزواج منه، فقد عولت على التفكير عن انحرافات الماضي بحياة الزهد والتعفف في ما بقي لها من أجل. وتختتم السيرة بأجناثون قانعاً قناعة لا تصدق بأن يعد المرأتين أختين له.

نقد

والكتاب تشوبه عشرات المآخذ. فبناؤه مفكك؛ ومصادفاته ذرائع كسولة للتهرب من الصنعة الروائية؛ وأسلوبه لطيف ولكنه شديد الأطناب؛ وفي كثير من الفقرات يبتعد الفاعل عن العمل حتى ينسى؛ وقد هنأ أحد النقاد المؤلف بعيد ميلاده بأن تمنى له حياة طويلة طول جمله.

أثر الرواية

ولكن "تاريخ أجاثون" برغم هذا يعد من أعظم آثار عصر فردريك. وقد دلت استنتاجاته على حتى فيلاند قد اصطلح مع الدنيا، وأن في الاستطاعة الآن حتى يوكل إليه تعليم الشباب المندفع المتوتر وترويضه. فعين في 1769 أستاذاً للفلسفة في إرفورت. ومنها أصدر بعد ثلاث سنين "المرآة المضىية" وهوكتاب بسط فيه آراءه في التربية. وافتتنت به آنا آماليا، فدعته ليجرب نظرياته التربوية مع أبنائها. فمضى، وأنفق ما بقي من عمره في ڤايمار، وفي 1773 أنشأ مجلة (الرائد الألماني)، التي ظلت جيلاً (1773-89) تحت قيادته أعظم المجلات الأدبية نفوذاً في ألمانيا. وكان النجم الفكري لڤايمار حتى أتى گوته، وحين اقتحم المحرر الشاب الجريء المدينة في 1775، رحب به فيلاند دون شعور بالغيرة، وسيظل صديقه مدى ست وثلاثين سنة.