يكاترينا الثانية من روسيا

عودة للموسوعة

يكاترينا الثانية من روسيا

كاترين الثانية (العظمى)
Catherine II the Great
امبراطورة جميع الروس
الإمبراطورة كاترين الثانية
العهد 28 يونيو، 1762 – 15 نوفمبر، 1796
سبقه پطرس الثالث من روسيا
پول الأول من روسيا
Burial
كاتدرائية پتير وپول في سان بطرسبرگ
Wife
  • بطرس الثالث من روسيا
Issue پول (شرعي)
آنا پتروڤنا (1757-1759) (شرعية)
ألكسي
Full name
صوفي فردريك أوگست فون أنهال-زربست
الأب كريستيان أوگست، أمير أنهال-زربست
الأم جوانا إليزابث من هولشتاين-گوتورپ

ياكترينا الثانية (بالروسية: Екатерина Алексеевна) أوكاثرين الثانية، وتشتهر أيضاً بكاترين العظيمة (Екатерина II Великая، Yekaterina II Velikaya؛ 2 مايو [ن.ق. 21 أبريل] 1729 – 17 نوفمبر [ن.ق.ستة نوفمبر] 1796)، كان أشهر امرأة حكمت روسيا وأطولنهن عهداً، حكمت من 1762 حتى وفاتها 1796 في سن السابعة والستين. وُلدت في شتتين، پومرانيا، پروسيا باسم صوفي فردريك أوگست فون أنهالت-زربست-دورنبورگ، وتقلدت الحكم في أعقاب انقلاب، عندما أُغتيل زوجها پطرس الثالث. في عهدها شهدت روسيا بعثة جديدة، وأصبحت أكبر وأكثر قوة عما سبق، واشتهرت كواحدة من القوى العظمى في أوروپا.

حياتها المبكرة

كاترين بعد وصولها روسيا، رسم لويس كاراڤاك.

التصقت الفتاة ذات الأربعة عشر عاما بأمها، في المركبة المغطاة بالثلوج. لمقد يكونا في طريقهما إلى حفل عيد ميلاد عادي، وبينما كانت مجموعة الجياد التي تتصب عرقا تقترب من موسكو. أخذت تلف عبر الأبراج والحصون العجيبة الرائعة. ولابد حتى كاترين تساءلت متعجبة، عما عساها تكون هذه الأرض الشاسعة الغامضة التي إدخرهاالغيب لها. وربما كانت تدري من قبل حتى إليزابيث، إمبراطورة روسيا، قد إختارت عروسا لإبنها ووريثها الجراند دوق بطرس. لكنه لم يكن في مقدروها حتى تحدس أنها، صوفيا أوگستا، الأميرة التي تنتمي إلى دولة ألمانية صغيرة، أنها ستكون ذات يوم بإسم كاترين العظمى، إمبراطورة روسيا، كان لابد من بذل أقصى سرعة للوصول الى موسكوفي الموعد المناسب ، للإشتراك في حفل عيد ميلاد الدوق بطرس.


كاترين والعرش

پورتريه لكاترين وقت زقابلا عام 1745، رسم جورج كريستوف گروث.

إن الطموح هومفتاح شخصية كاترين، ولما وصلت الفتاة إلى موسكوفي ربيع 1745، اتضح لها حتى زوجها المقبل دميما، عليلا، غبيا. ولم يكن من ذلك النوع من الرجال الذي قد تختاه. لكن الزيجات الملكية في ذلك الوقت كانت إلى أمور السياسة أقربم نها إلى الحب. وبالعمل ألقت بكل أفكار الحياة العائلية خلف ظهرها. وركزت على ما أسمى. وقد خطت في مذكراتها "لم أكن لأهتم ببطرس أبدا، ولكن اهتمامي كان بالتاج الملكي"".

ولكي يرضى عنها الروس الذين كان أملها حتى تحكمهم في يوم من الأيام ، اتخذت لنفسها إسم كاترين. وكان هذا الإسم من الأسماء المألوفة في روسيا. كما تعملت اللغة الروسية، واعتنقت الممضى الأرثوذكسي. والأهم من ذلك له، أنها راقت للإمبراطورةإليزابيث الأم وأثرت فيها ، فقد كانت تطيعها في جميع أمر. كما كانت الرفيق الدائم المسلي لها. وأحرزت قبولا عظيما لدى البلاط، لحصافتها ولطائف طبعها. وجمعت حولها حلقة من الأصدقاء المعجبين، الذين كانوا على استعداد لتقدم يد العون لها في أي وقت.

وفي يوم عيد الميلاد من عام 1761، توفيت إليزابيث، وأصبح زوج كاترين إمبراطورا. ولكن غباءه خلال شهور حكمه الوجيزة، أكسبه أعداء كثيرين. ولكراهيته زوجته وخوفه منها، كال لها الإتهامات القاسية. وأعرب أنه يود الزواج من غيرها. عندئذ سنحت الفرصة لكاترين ففي يوليومن العام نفسه ، اختطفت بطرس بمعونة أصدقاء لها من البلاط، وأعربت نفسها إمبراطورة رسمية على روسيا ، وفي قسوة سحقت جميع من اعترض طريقها. ولا شك أنها كانت تفهم فهم اليقن بمقتل بطرس بعد ذلك بأيام.

كاترين في الحكم

القيصر پطرس الثالث لم يحكم سوى ستة أشهر؛ توفى في 17 يوليو1762.
رسم للإمبراطورة كاترين العظمى عند بداية زقابلا

لاشك حتى كاترين كانت امرأة تثير الذهول والإعجاب. فقد رعت جميع نشاط ثقافي وشجعته. بعد حتى انتقلت إليها رغبة التعليم، التي اشهجر فيها الكثير من حكام القرن الثامن عشر، كما كان من بين أصدقائها شخصيات فرنسية من كبار الأدباء والفلاسفة، مثل فولتير وديدرو. وكانت تمتلك مجموعة ضخمة من اللوحات المصورة، كما أنها خطت بنفسه مسرحيتين ، وبدأت في تدوين تاريخ روسيا. وبالرغم من ذكائها ، إلا أنها لم تكن بالعقلية المبتكرة الأصيلة. بيد حتى النشاط كان أعظم مواهبها، ولكي توفر لنفسه الوقت اللازم لأنشطتها المتعددة، بما فيها الإشراف على جميع شئون الدولة الروسية، اعتادت حتى تستيقظ في الساعة الخامسة صباحا، وعندما تحس بالتعب كانت تذرع أرض غرفتها الرخامية جيئة وذهابا حافية القدمين ، لتظل مستيقظة.

وكانت أعوام حكمها الأربعة والثلاثون من أعظم الأعوام التي مرت بها روسيا، فلقد ازدهرت الصناعات ونمت ، وخاصة الصناعات المعدنية في جبال الأورال ، وبنيت المدارس والمستشفيات، بينما استولت الدولة عام 1764 على أراضي الكنيسة، التي كانت أكثر كفاءة في ادارتها. وكانت كاترين متفتحة دائما للأفكار الجديدة. ويروى أنها كانت أول من طعمت ضد الجدري في روسيا.

وبالرغم مما أنجزته كاترين، إلا أنها لم تصل إلى حل أكبر مشاكل روسيا، اذ كان 90% من الشعب عبيدا في الأراضي، أوفلاحين فقراء، تحت رحمة ملاك الأراضي. وكثيرا ما كانت كاثرين تعبر عن هلعها ن لما هم عليه من حال مخيفة، لكنه لم يكن في مقدروها خلق الكثير لأن الأشراف الذن تحتاجهم ليشدوا أزرها، كانوا أكبر ملاك للأراضي. وكانوا يعارضون الإصلاح. وفي الواقع ، لقد منحت الاشراف سلطانا كبيرا على عبيد الأرض ، وسمحت لهم بفرض ضرائب فادحة، بعد سحق الثورة العظمى التي قادها پوگاتشيڤ في عام 1775 ، تلك الثورة التي استمرت لمدة عامين.

الحاكمة المطلقة

العربة الملكية الخاصة بالإمبراطورة كاترين العظمى، متحف سان بطرسبرگ

انتصرت كاترين، ولكنها كانت عرضة لكل المخاطر التي ينطوي عليها التغيير الفوضوي. فلكي تكافئ الجنود الذين حرسوها في سعيها إلى السلطة أمرت حانات العاصمة بأن تقدم لهم الجعة والفودكا مجاناً، وكانت النتيجة السكر انتشار بينهم انتشاراً كاد يقوض الأساس الحربي لقوتها. ففي منتصف ليلة 29-30 يونيو، بينما كانت كاترين مستغرقة في أول نوم لها خلال ثمان وأربعين ساعة، أيقظها ضابط ونطق لها، "إن رجالنا مخمورون جداً. وقد صرح فيهم فارس من الهوصار "إلى السلاح! حتى ثلاثين ألف بروسي قادمون لاختطاف أمنا (كاترين)! فتقلدوا سلاحهم وهم قادمون ليطمئنوا عليك". وارتدت كاترين ثيابها، وخرجت، ونفت إشاعة قدوم البروسيين، وأقنعت محاربيها بالمضي إلى فراشهم.

ثم عرضها ابنها بولس للخطر. وقد بلغ السنة الثامنة من عمره وذلك حتى بنين، وأشرافاً كثيرين، ومعظم الاكليروس، أحسوا حتى الشرعية تقتضي تتويج بولس إمبراطوراً وتعيين كاترين وصية عليه، ولكنها خشيت حتى إجراء كهذا يلقي بالحكم في أيدي أولجركيه أرستقراطية ستسعى إلى خلعها أوالتسلط عليها. وأعربت رسمياً حتى بولس وارث للعرش، ولكن مؤيديه واصلوا إثارة المشاعر، وشب الابن على كراهية أمه لأنها سلبته حقه في التاج.

المونگروم الامبراطوري.

وحين ذاع نبأ الانقلاب في أراتى روسيا تبين حتى الرأي العام خارج العاصمة مناوئ لكاترين. ذلك حتى العاصمة عهدت عيوب بطرس مباشرة، وأجمعت عموماً على عدم أهليته للحكم، أما الشعب الروسي خارج سانت بطرسبرج فقد عهده من التدابير السمحة التي أضفت على حكومته شيئاً من السمو. فجماهير موسكو، البعيدة بعداً لا يسمح لها بالإحساس بفتنة كاترين، ظلت معارضة في عناد لتوليها العرش. وحين اصطحبت كاترين بولس إلى موسكو(معقل التنطقيد السنية) صفق له أهلها بحرارة، أما كاترين فكان لقاؤهم لها فاتراً. وندد كثير من أفواج الجيش في الأنطقيم بجنود بطرسبرج غاصبين للسلطة القومية.

ولا فهم لنا إذا كان العطف الواسع على بطرس هوأحد العوامل في موته. ذلك حتى القيصر المخلوع الذي تحطمت روحه راح يرسل الالتماسات الذليلة لزوجته ويقول لها "ارحميني واعطيني سلواي الوحيدة"-يعني خليلته-ويرجوها حتى تسمح له بالعودة إلى أقاربه في هولشتين. ولكنه بدلاً من حتى يلتقي هذا العزاء حبس في حجرة واحدة وفرضت عليه رقابة دائمة. وكان الكسبي أورلوف، رئيس حراسة، يلعب الورق معه ويقرضه النقود. وفيستة يوليو1962 (حسب التقويم الجديد)، ركب الكسبي في عجلة إلى سانت بطرسبرج وأنبأ كثيرين بأن بطرس تشاجر معه ومع غيره من الأتباع ومات في العراك الذي أفضت إليه المشاجرة. أما عن كيفية موته، فالتاريخ لا يعهد غير الشائعات التي لم تثبت صحة واحدة منها: قيل إنه سمم أوخنق، وإنه ضرب حتى مات، وإنه توفي إثر "التهاب الأمعاء والسكتة الدماغية" وينتهي آخر من أرخ هذه الحقبة إلى حتى "تفاصيل القتل لم يمط عنها قط اللثام تماماً، والدور الذي لعبته فيه كاترين يظل غير مؤكد." ومن غير المحتمل حتى تكون كاترين قد أمرت بهذه العملة، ولكنها لم تعاقب أحداً على ارتكابها، وأخفتها عن الجماهير يوماً، وقضت يومين في بكاء ظاهر، ثم سلمت بالأمر الواقع. وقد أدانتها أوربا كلها تقريباً بالقتل، أما فردريك الأكبر الذي خسر الكثير بخلع بطرس فقد برأ ساحتها، "كانت الإمبراطورة جاهلة تماماً بهذه الجريمة، وقد سمعت بها في يأس لم تصطنعه، لأنها تسقطت بحق ذلك الحكم الذي يصدره عليها اليوم في جميع إنسان." ووافق فولتير فردريك. أما بولس ابن كاترين، فبعد حتى قرأ الأوراق الخاصة التي خلفتها أمه عند وفاتها، خلص إلى حتى الكسي اغتال بطرس دون أي أمر أوطلب من كاترين.

كاترين العظمى.

وخلقت الحادثة مشاكل لكاترين كما حلت مشاكل أخرى: فقد أوحت بسلسلة متعاقبة من المؤامرات لخلعها، وهجرتها في انزعاج متصل وخطر داهم وسط فوضى الحكم التي اكتنفتها. خطت عن هذه الحقبة فيما بعد فنطقت: "ظل مجلس الشيوخ متبلداً يصم أذنيه عن شئون الدولة. وبلغت كراسي التشريع درجة من الفساد والتفسخ كادت تطمس معالمها." وكانت روسيا قد خرجت لتوها من حرب انتصرت فيها ولكنها كلفتها ثمناً فادحاً، فكانت الخزانة مدينة بثلاثة عشر مليون روبل، وتشكوا عجزاً بلغ سبعة ملايين روبل في العام، وافتضح حال المالية من رفض كبار المصرفيين الهولنديين إقراض المال لروسيا. وتأخرت رواتب الجند شهوراً كثيرة. وبلغ من سوء نظام الجيش حتى كاترين خشيت حتى يغزوتتار جنوبي روسيا إقليم أوكرانيا في أية لحظة. أما البلاط فقد اضطرب بالمؤامرات وأضدادها، وبالخوف من فقدان مناصب الكسب أوالسلطة، أوالأمل في الظفر بها. وبعد سقوط بطرس بقليل مضى السفير البروسي إلى أنه "من المؤكد حتى حكم الإمبراطورة كاترين لنقد يكون أكثر من فاصل قصير في تاريخ العالم". وكان هذا من قبيل التمني، لأن فردريك حزن على موت حليفه العابد لشخصه. وأخذت كاترين تلغي الأوامر التي أصدرها بطرس لمساعدة فردريك.

وحاولت الإمبراطورة حتى تهدئ معارضة رجال الدين بتأجيل تطبيق المرسوم الذي أصدره بطرس بتأميم أراضي الكنيسة، ثم أدفأت صدور أنصارها بما خلعته عليهم من مكافآت سخية: فنفحت جريجوري أورلوف بخمسين ألف روبل، وفتح الطريق أمامه إلى الفراش الملكي. وأعيد بستوزيف من منفاه، ورد إلى حياة مريحة ولكن دون حتى يرد إلى منصبه.

كاثرين الثانية في شرفة القصر الشتوي في 28 يونيو1762، يوم الانقلاب.

ثم ترفقت بمن عارضوها من قبل. وقدم مونيش فروض الطاعة والولاء فصفحت عنه فوراً وعينته حاكماً على استونيا ولفونيا، وربما أعانتها هذه التدابير على الثبات فوق عرشها المهتز، ولكن أبرز العوامل التي كانت عوناً لها هي شجاعتها وذكاؤها. ذلك حتى سبعة عشر عاماً قضتها زوجة مهملة لوريث العرش فهمتها رغم حيويتها الشابة قدراً من الصبر والحكمة وضبط النفس وخداع الحكم. وقررت الآن، في تحد لنصيحة بانين، وارتياب في ولاء مجلس الشيوخ ونزاهته وكفايته، حتى هجرز الحكم كله في شخصها، وأن تقابل ملوك أوربا المستبدين-باستبدادية تنافس جمع فردريك بين العسكرية والفلسفة. ولم تتخذ لها زوجاً. وإذ كان النبلاء يسيطرون على مجلس الشيوخ، فقد كان الخيار بين أوتقراطية الملكة والاستبدادية المجزأة للسادة الإقطاعيين، وهوبالضبط الخيار الذي قابله ريشلوفي فرنسا للقرن السابع عشر.

وأحاطت كاترين نفسها بالكفاءة من الرجال، واكتسبت ولاءهم، بل حبهم في كثير من الحالات، ألزمتهم للعمل الشاق، ولكنها أجزلت لهم العطاء، ولعلها غالت في مكافآتهم، فقد أصبح بهاء بلاطها وبذخه عبئاً كبيراً على مواردها. وكان بلاطاً غير متجانس، مؤصلاً في البربرية ومصقولاً بالثقافة الفرنسية، ومحكوماً بامرأة ألمانية تفوق مساعديها تعليماً وذكاءاً. وقد أثمرت مكافآتها السخية للخدمات الاستثنائية المنافسة دون حتى تكبح جماح الفساد. فكان الكثيرون من بطانتها يأخذون الرشا من الحكومات الأجنبية، واتخذ بعضهم موقف الحياد بقبول الرشا من طرفين متعارضين. وفي 1762 أذاعت كاترين على الأمة اعترافاً غير عادي، فنطقت:

"أننا نعده واجباً أساسياً وضرورياً حتى نعلن للشعب، بحسرة صادقة، أننا سمعنا منذ زمن مديد، وأننا الآن نرى في أفعال ظاهرة للعيان، إلى أي درجة استشرى الفساد في إمبراطوريتنا، بحيث لا يكاد يوجد منصب في الحكومة.... لا تعدوفيه على العدالة عدوى هذا الوباء. فإذا طلب إنسان وظيفة كان عليه حتى يدفع ثمنها، وإذا شاء إنسان حتى يدفع عن نفسه شر الافتراء، فبالمال، وإذا أراد حتى يتهم جاره زوراً وبهتاناً ففي استطاعته بالهدايا حتى يضمن نجاح خططه الشريرة"(12).

وكان بعض المؤامرات التي تكاثرت من حولها يستهدف إحلال إيفان السادس محلها. وكان قد قضى الآن رهين السجن إحدى وعشرين سنة بعد حتى خلعه انقلاب ديسمبر 1741. ففي سبتمبر 1762 أفصح فولتير عن خوفه من حتى "إيفان قد يطيح بمن أحسنت إلينا"(13)، وخط يقول: "أخشى حتى تقتل إمبراطورتنا العزيزة."(14) فزارت كاترين إيفان، ووجدته "إنساناً مهملاً مهجوراً تردى في العته نتيجة السجن سنين طويلة"(15) ثم هجرت لحراسه أوامر بأنه لوبذلت أي محاولة لم تصرح بها هي نفسها للإفراج عنه، عمليهم حتى يقتلوا إيفان خيراً من حتى يسلموه. وفي منتصف ليلة 5-6 يوليو1764 ظهر ضابط في الجيش يدعى فاسيلي ميروفتش على باب السجن يحمل ورقة فحواها أنها أمر من مجلس الشيوخ بتسليم إيفان له. ثم مضى يعينه بعض من الجند وطرق باب الزنزانة التي كان حارسان ينامان فيها مع إيفان، وطالب بالدخول. فلما رفض طلبه أمر بإحضار مدفع لتحطيم الباب. فلما سمع الحارسان الأمر قتلا إيفان. وقبض على ميروفتش وأعربت وثيقة عثر عليها في جيبه حتى كاترين خلعت، وإن إيفان السادس أصبح منذ الآن قيصراً لروسيا. ورفض عند محاكمته حتى يفضي بأسماء شركائه. وكان جزاؤه الإعدام. واتهم الرأي العام عموماً كاترين بقتل إيفان.(16) واتصلت المؤامرات. ففي 1768 أكد ضابط يدعى تشوجلوكوف أنه موكل من الله بالانتقام لمقتل بطرس الثالث، فتسلح بخنجر طويل، ووجد طريقة إلى القصر الملكي، واختبأ عند منعطف دهليز ألفت كاترين حتى تمر فيه. وسمع جريجوري أورلوف بخبر المؤامرة، فقبض على تشوجلوكوف، الذي اعترف مفاخراً بأنه ينوي اغتال الإمبراطورة، وكان جزاؤه، النفي إلى سييبريا.


العاشقة

پورتريه فروسية لكاثرين في زي فوج پريوبراژنسكي.

أحاط بكاترين نبلاء لا تستطيع حتى تثق بهم، ولاحقتها الدسائس التي أحدثت الاضطراب في الإدارة، لذلك اخترعت ضرباً جديداً من الحكم جعلت فيه عشاقها المتعاقبين كبار إداري الحكومة. فكان جميع عشيق خلال صعود نجمه كبير وزرائها، وأضافت شخصها إلى مكافأة المنصب، ولكنها اقتضت كفاءة الخدمة نظير ذلك. خط ماسون (ويعتبر واحد من أعداء كاترين الفرنسيين الكثيرين) يقول "لم تكن وظيفة واحدة من وظائف الحكومة كلها لا تؤدي فيها الواجبات بمنتهى التدقيق.. وربما لم يكن هناك أي منصب لم تبد فيه الإمبراطورة اختياراً وتمييزاً أكثر من غيره. وفي اعتقادي أنه لم تقع حالة تبين فيها حتى المنصب شغله إنسان غير كفء له." ومن الخطأ حتى تكون فكرتنا عن كاترين أنها امرأة فاجرة منغمسة في اللذات، فقد راعت جميع مظاهر اللياقة، ولم تسمح لنفسها قط بالدخول في أحاديث نابية، ولا سمحت بها في حضرتها. وقد بذلت لمعظم عشاقها الود الوفي-ولبعضهم الود الرقيق، ورسائلها إلى بوتمكين تم على إخلاص يكادقد يكون صبيانياً، وقد أصابها موت لانسكوي بحزن مدمر.

وكانت تستعين بالفن والفهم معاً في مهمة اختيار صاحب الحظوة الجديد. فهي تنشد رجالاً يجمعون بين القدوة السياسية والجسدية، كانت تدعوالمرشح لتناول العشاء، وتختبر عاداته وعقله، فإذا جاز هذا الامتحان الدقيق فحصه بأمرها طبيب القصر، فإذا خرج من هذا الاختبار سليماً عينته ياوراً لها، وأعطته راتباً مغرياً، وسمحت له بمعاشرتها. وإذ كانت مجردة تماماً من الإيمان الديني، فإنها لم تسمح لأي من الأخلاقيات المسيحية بأن تتدخل في طريقتها الفذة في اختيار الوزراء. وقد وضحت الأمر لنقولا سالتيكوف فنطقت: "إنني أخدم الإمبراطورة بتربيتي الشبان الأكفاء" وكانت الخزانة تتكلف غالياً في مكافأة هؤلاء المحظوظين-وإن كانت التكلفة على الأرجح أقل كثيراً ما كانت تنفقه فرنسا على خليلات لويس الخامس عشر ومحظياته. وفي تقدير كاستيرا حتى الاخوة الخمسة أورلوف تسلموا سبعة عشر مليون روبل، وبوتمكين خمسين مليوناً، ولانسكوي 7.260.000. وقد ارتدت بعض هذه النفقة إلى روسيا بصورة الخدمة الفعالة، فقد أضاف بوتمكين مثلاً، وهوأكثر عشاقها حظوة وتدليلاً، أنطقيم درت على الإمبراطورية الربح الوفير.

ولكن لم كانت تغير وتبدل في عشاقها بهذه الكثرة، حتى أنها اتخذت منهم واحداً وعشرين في أربعين سنة،يا ترى؟ لأن بعضهم أخفق في واجب أوأكثر من واجباتهم المزدوجة، وبعضهم تبين عدم وفائه: وبعضهم مست الحاجة إليه في مواقع بعيدة. من ذلك حتى أحدهم، ويدعى ريمسكي كورساكوف، فاجأته في مسكنها بين ذراعي وصيفة شرفها، فاكتفت كاترين بطرده، وهجرها آخر يدعى مامونوف لأنه آثر عليها رفيقة أكثر شباباً، وأنطقته الإمبراطورة دون حتى تنتقم منه. يقول ماسون، "من الخصائص الشديدة الغرابة في خلق كاترين حتى أحداً من المقربين إليها لم يجلب على رأسه كرهها أوانتقامها، وإن أساء إليها الكثيرون منهم، ولم يكن هجرهم مناصبهم بسببها. ولم ير الناس قط أحدهم ينزل به العقاب... وفي هذا تبدوكاترين أسمى من جميع النساء."

بعد تولي كاترين العرش احتفظ جريجوري أوزلوف بمكانته المرموقة عشر سنوات، وقد أطرته كاترين في حب فنطقت: "إن للكونت جريجوري عقل النسر، فأنا لم ألق في حياتي رجلاً أوتي فهماً أدق وألطف لأي أمر يضطلع به أوحتى يقترح عليه... ونزاهته تعصمه من أي تهجم عليه... ومن أسف حتى التعليم لم يتح له أي فرصة لصقل سجاياه ومواهبه، وهي في الحق فائقة، ولكن حياته العشوائية هجرتها كالأرض المرحة."

ثم خطت في موضع آخر "أن هذا الرجل كان خليقاً بأن يظل (عشيقها وأثيرها) إلى النهاية لولا أنه كان أول من مل صاحبه."

وقد جاهد جريجوري لتحرير الأقنان، واقترح تحرير المسيحيين من ربقة العثمانيين، وأسن البلاء في الحروب، وأغضبت الحاشية بكبريائه وغطرسته وراغ من ذراعي كاترين. وقد أقصى في 1772 إلى حيث الثراء والدعة في ضياعه. أما أخوه ألكسي فقد أصبح أمير البحر الأول، وقاد الأسطول الروسي إلى النصر على الأتراك، وظل محتفظاً بالحظوة طوال العهد، وعمر حتى قاد أفقابل ضد نابليون. وحل محل جريجوري في حظوته فتى فائق الحسن مغمور يدعى ألكسيس فاسيلتشيك، دسه حزب من أحزاب البلاط على كاترين ليصرف فكرها عن أورلوف المنفي، ولكنها وجدته غير كفء لا في السياسة ولا في غير السياسة، فأحلت مكانه (1774) جريجوري ألكسندروفتش بوتمكين، وكان ضابطاً في حرس الخيالة، الذين ارتدت زيهم (1762) لتقودهم ضد بطرس، فلما لاحظ بوتمكين حتى سيفها تنقصه الشرابة التي يعتز بلبسها الحرس، انتزع شرابته من مقبض سيفه وركب في جرأة خارج صفوف الجيش، وقدم لها هذا الوسام، فقبلته، واغتفرت له جرأته، وأعجبت بوجهه الوسيم وجسمه المفتول. وكان أبوه-وهوكولونيل متقاعد من صغار النبلاء-قد قرر حتىقد يكون ابنه قسيساً، وتلقى بوتمكين قدراً لا يستهان به من التعليم في التاريخ والدراسات الكلاسيكية واللاهوت، وأثبت تفوقه في جامعة موسكو. ولكنه عثر حياة الجيش أنسب لمزاجه الجموح الخصب الخيال من المدرسة اللاهوتية. وقد سحره من طبيعة الحال ما اجتمع لكاترين من جمال وسلطان، فنطق عنها أنها إذا دخلت حجرة مظلمة أنارتها".

Burney.Russian empress travelling

وفي حرب 1768 قاد فوج خيالته ببسالة مستهترة حملت كاترين على حتى تبعث إليه بإطراء شخصي. فلما عاد إلى سانت بطرسبرج أكلته الغيرة من الاخوة أورلوف وفاسيلتشيك. وتشاجر مع الاخوة أورلوف، وفي معركة معهم فقد إحدى عينيه. ولكي يخرج الإمبراطورة من عقله-أويدخل نفسها في عقلها-هجر البلاط، واعتزل في ضاحية، ودرس اللاهوت، وأطلق شعره ولحيته، وأعرب أنه سيترهب، فرق له قلب كاترين، وبعثت إليه تقول أنها تقدره تقديراً كبيراً، ودعته ليعود، فحلق لحيته، وهذب شعره، وارتدى بزته العسكرية، وظهر في البلاط، واهتز طرباً لبسمات الإمبراطورة. وحين افتقدت كاترين الكفاية في فاسيلتشيك فتحت ذراعيها لبوتميكن، وكان يومها في الرابعة والعشرين، في أوج عنفوانه وفتنته. وسعان ما هامت به هيامه بها، وراحت تحبوه بوصلها، وتغدق عليه الروبلات، والأراضي، والأقنان، وحين كان يغيب كانت ترسل إليه رسائل غرامية بريئة من مظهر الجلالة. "ما أحب حالي! جميع شيء اعتدت حتى أسخر منه سقط لي الآن، لأن حبي لك أعماني. فالعواطف التي ظننتها بلهاء مفرطة غير طبيعية أمارسها أنا نفسي الآن. إنني لا أقوى على إبعاد عيني الغبيتين عنك...

"لا نستطيع الالتقاء إلا خلال الأيام الثلاثة القادمة، فبعدهايحل أول أسبوع في الصوم الكبير، المخصص للصلاة والصيام. وسيكون اللقاء إثماً كبيراً. إذا مجرد التفكير في هذا البعد يبكيني".

وعرض عليها الزواج، ويعتقد بعض المؤرخين أنهما تزوجا سراً، وفي خطابات عدوه تعدوه "زوجي الحبيب" وتتحدث عن نفسها فتقول "زوجتك"، رغم أننا يجب ألا نستخلص الحقيقة أبداً من مجرد الألفاظ ويبدوأنه ملها، من الممكن لهيامها الجموح به؛ وتبين حتى صوت المغامرة أقوى لديه من الدعوة للهجوم على قلعة فرغ من فتحها. وقد ظل نفوذه عليها عظيماً حتى حتى معظم المقربين الذين خلفوه لم يخلفوه إلا بعد الحصول على موافقته. وهذا ما وقع لبيوتر زافودوفسكي، الذي استدفأ في خدرها من 1776 إلى 1777، ولسيمون زوريتش (1777-1778)، وإيفان رمسكي-كورساكوف (1778-1780). ولم تشعر بغرام يملك عليها لها مرة أخرى إلا حين اتخذت ألكسيس لانسكوي (1780) عشيقاً. فهذا الفتى لم يكن وسيماً كيساً مثقفاً فحسب، بل كان صاحب حس شعري مرهف وحب إنساني للخير، وصديقاً ذكياً للآداب والفنون. "لقد بدا حتى الجميع يشاركون الملكة في ولعها به". وفجأة أصيب بآلام لا تطاق في الأمعاء، واشتبهت الحاشية في حتىقد يكون بوتمكين قد دس له السم، ثم توفي رغم جميع جهود الأطباء ورعاية كاترين المخلصة، ولفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعيها. وقضت ثلاثة أيام في عزلة وحزن. ونحن نسمع المرأة من خلف الحاكمة-والقلب من خلف التاريخ-في رسالة خطتها في 2 يوليو1784.

"خيل إلي أنني هالكة بعد هذه الخسارة التي لا تعوض... لقد عللت نفسي بأن سيكون العون لي في شيخوختي. كان مجاملاً، وتفهم الكثير، واكتسب جميع ميولي... كان فتى أقوم على تربيته، وكان شاكراً، رقيقاً، طيباً"... إذا لانسكوي لم يعد له وجود.. وباتت حجرتي وكراً فارغاً بعد حتى كانت تفيض إشراقاً وبهجة، ولا قدرة لي إلا على جر نفسي إليها كأنني طيف من الأطياف.. لا أستطيع النظر إلى وجه إنسان دون حتى يختنق صوتي... لا أستطيع حتى أذوق النوم ولا الطعام.. ولست أدري ماذاقد يكون مصيري".

وظلت عاماً تحرم نفسها من العشاق، وأخيراً استسلمت لألكسيس أرمولوف، (1785-1786)، الذي ساء بوتمكين كثيراً فاستعيض عنه سريعاً بألكسيس مامونوف. ولكن سرعان ما زهد ألكسيس في خليلته ذات السبعة والخمسين، واستأذن في الزواج منالأميرة شرباتوف، واحتفلت كاترين بالعروسين في زفاف رسمي بالبلاط، ثم صرفتهما محملين بالهدايا (1789). وآخر القائمة هوبلاتون زوبوف (89-1796) وكان ملازماً في حرس الخيالة، مفتول العضل دمث الطباع. وكانت كاترين شاكرة له خدماته، فاضطلعت بالإشراف على تعليمه، وانتهت بمعاملته معاملة الأم لابنها. وقد لازمها حتى مماتها.


الفيلسوفة

كاريكاتير بريطاني من سنة 1791 لمحاولة وساطة بين كاترينا (إلى اليمين، وتسندها النمسا وفرنسا) وهجريا المحتمية بالفارس البريطاني. وعنوان المشهد "ترويض الفويسقة"، على اسم رواية شيكسپير.

بين الحب والحرب، وسياسة الدولة والدبلوماسية، وجدت هذه المرأة المدهشة وقتاً للفلسفة. وقد تكون فكرة عن سموالمكانة التي بلغتها جماعة "الفلاسفة" الفرنسيين حين نرى أكفأ حاكمين من حكام القرن الثامن عشر يعتزان بتبادل الرسائل معهم ويتنافسان على الظفر بثنائهم.

وكانت كاترين قبل ولايتها العرش بزمن طويل تستطيب أسلوب فولتير وفكاهته الذكية وعباراته المجردة من التوقير، وتحلم بأن تكون ذلك الحاكم "المستبد المستنير" الذي راود أحلامه. ولا بد أنها أعجبت بديدروأيضاً، لأنها في سبتمبر 1762 عرضت حتى تطبع الموسوعة في سانت بطرسبورج إذا أمعنت الحكومة الفرنسية في حظرها. ولم يبق من الرسائل التي خطتها لفولتير قبل 1765 إلا واحدة، وقد ردت على أبيات أوفدها لها في أكتوبر 1763:

"لأول مرة آسف على أنني لست شاعرة، وأنقد يكون ردي على أبياتك بالضرورة نثراً لا شعراً. ولكني أود حتى أقول لك أنني منذ 1764 مدينة بأعظم الفضل لك. فقبل تلك الحقبة لم أكن أقرأ شيئاً غير الروايات، ولكن حدق حتى سقطت خطك في يدي مصادفة، وبعدها لم أكف عن قراءتها، ولا رغبت في قراءة خط أقل جودة في الكتابة أوأقل تثقيفاً... إلى غير ذلك لا أفتأ أعود إلى خالق ذوقي عودتي إلى أعمق مسببات تسليتي، وأؤكد لك يا سيدي إذا كنت قد حصلت أي فهم فالفضل فيها لك. وأنا الآن أقرأ منطقك "في التاريخ العام"، وبودي لوحفظت جميع صفحة منه عن ظهر قلب".

وظلت كاترين طيلة حياتها، أوحتى مماتهم، تراسل فولتير وديدروودالمبير ومدام جوفران وجريم وكثيرين غيرهم من وجوه الفرنسيين. وأسهمت في المال الذي جمعه فولتير لقضية كالاس وسيرفانس وقد أسلفنا القول أنها أمرت باستيراد شحنات كبيرة من الساعات من فرنيه، ومن الجوارب التي صنعها عمال فولتير، وأحياناً فولتير نفسه (إن جاز لنا حتى نصدق الثعلب العجوز). وكان من بواعث فخره ن الرؤوس المتوجة أغدقت عليه مسببات التكريم، وقد كافأ كاترين بأن أصبح مندوبها الصحفي في فرنسا. وقد برأ ساحتها من الاشتراك في جريمة اغتال بطرس الثالث، وخط يقول "أفهم حتى كاترين تلومها بعض الشائعات التافهة حول زوجها، ولكن هذه أمور عائلية لا شأن لي بها". وناشد أصحابه حتى يؤيدوه في الدفاع عن كاترين، فخط إلى دارجنتال يقول:

كاثرين الثانية من روسيا، رسم يوهان باپتيست فون لامپي الأكبر.
"هناك صنيع آخر أرجوحتى تسديه إلى، وهويخص كاترين. يجب حتى ندعم سمعتها في باريس بين أفاضل القوم ووجهاؤهم... وعندي مسببات قوية للاعتقاد بأن الدوقين براسلان وشوازيل لا يعتبر أنها أكثر نساء العالم نقاء ضمير، ومع ذلك فأنا عليم... بأنه لم يكن لها يد في موت زوجها السكير.. ثم أنه كان أكبر أحمق تربع على عرش... ونحن مدينون بالفضل لكاترين لأنها أوتيت الشجاعة لخلع زوجها، وهي تسوس ملكة بحكمة واعتزاز، وينبغي حتى نبارك رأساً متوجاً ينشر التسامح الديني في أراتى 135 درجة طولية... إذن أرجوك حتى تذكر كاترين بخير كثير."

أما مدام دودوفان فقد رأت حتى تبرئة الإمبراطورة هذه مخزية جداً، كذلك أدانتها مدام دشوازيل وهوراس ولبول. وما كان يتسقط في براسلان وشوازيل اللذين يوجهان علاقات فرنسا الخارجية حتى يعجبا بإمبراطورة تعارض النفوذ الفرنسي في بولندة وتتحداه في هجريا. وكانت الشكوك تساور فولتير ذاته بين حين وحين. فلما سمع بمصرع إيڤان السادس، سلم في حزن بـ "أن علينا حتى نخفف قليلاً من غلوائنا في التحمس" لكاترين. ولكنه ما لبث حتى أطرى برنامجها التشريعي، ورعايتها للفنون، وحملتها لنسر الحرية الدينية في بولندة، وخلع عليها الآن (18 مايو1767) لقب "سميراميس الشمال". وحين خاضت الحرب ضد هجريا بتر هجومه على الكنيسة الكاثوليكية I'imfame ليمتدح حملتها الصليبية لإنقاذ المسيحيين من المسلمين.

أما ديدروفقد استهواه بالمثل ذلك الجمال المتربع على العرش، وكان له في ذلك مبررات قوية. ذلك حتى كاترين سمعت أنه ينوي بيع مخطته ليجمع مهراً لابنته، فأصدرت تعليماتها لوكيلها الباريسي بأن يشتريها بأي ثمن يطلبه ديدرو، فطلب ستة عشر ألف جنيه وقبضها. ثم رجت ديدروحتى يحتفظ بالخط حتى مماته، وأنقد يكون حارسها على المخطة نظير راتب قدره ألف جنيه في العام، وزادت بأن دفعت راتبه مقدماً عن خمسة وعشرين عاماً. وأصبح ديدروبين عشية وضحاها رجلاً غنياً ومحامياً يدافع عن كاترين. فلما دعته لزيارتها لم يستطع حتى يرفض. نطق "يجب حتى يرى الإنسان امرأة كهذه ولومرة في العمر".

وبعد حتى دبر شئون المال لزوجته وابنته خرج وهوفي الستين (3 يونيو1773) في الرحلة الطويلة الشاقة إلى سانت بطرسبورج. ولبث شهرين في لاهاي يرشف حلاوة الشهرة على مهل، ثم واصل الرحلة بطريق درسدن ولايپزيگ، وحرص على حتى يتجنب برلين وفردريك الذي كان قد أبدى عنه بعض الملاحظات الشائكة. وأصيب مرتين خلال الرحلة بالمغص إصابة عنيفة، ثم وصل إلى سانت بطرسبورج في التاسع من أكتوبر، واستقبلته كاترين في العاشر منه. خط يقول "ليس هناك من يعهد خيراً منها في حمل الكلفة عن محدثها". ودعته للتحدث في صراحة، "كما يتحدث رجل لرجل". فعمل، وأومأ إيماءاته على عادته، وأكد نقاطه بصفع فخذي الإمبراطورة. خطت كاترين لمدام جوفران تقول "إن ديدروهذا رجل غريب الأطوار. فأنا أخرج من لقاءاتي معه بفخذين سقموضتين سوداوين تماماً. وقد اضطررت إلى وضع منضدة بيننا وقاية لنفسي ولأعضائي".

وقد حاول فترة حتى يلعب دور الدبلوماسي كما حاول ڤولتير مع فردريك، وأن يصرف روسياً عن تحالفها مع النمسا وبروسيا إلى تحالف مع فرنسا؛ ولكنها سرعان ما صرفته إلى موضوعات أقرب إلى صناعته. وأبلغها في شيء من التفصيل كيف من الممكن أن يمكن حتى تحول روسيا إلى بلد مثالي، واستمعت إليه جذلة، ولكنها ظلت على تشككها. وقد استعادت فيما بعد هذه الأحاديث في رسالة خطتها للكونت لوي-فليب دسيجور. نطقت:

"تحدثت معه كثيراً ومراراً، ولكن بفضول أكثر من الفائدة. ولوصدقته لانقلب جميع شيء في مملكتي، فالتشريع والإدارة المالية- كلها كانت تنقلب رأساً على عقب لتفسح مجالاً لنظريات غير عملية... ثم نطقت له في صراحة: "يا مسيوديدرو، لقد أصغيت بمنتهى اللذة لكل ما أوحى به فكرك اللماح.. حتى المرء، بكل مبادئك السامية، قد يؤلف خطاً رائعة، ولكنه يخسر في تجارته... أنك تشتغل على الورق، الذي يتحمل جميع شيء.. أما أنا، الإمبراطورة المسكينة، فأشتغل على جلد البشر، وهوجلد سريع التهيج حساس على نحومختلف"... وبعدها قصر كلامه على الأدب. وحين سقطت على مذكرات كان قد خطها "بتعليمات صاحبة الجلالة الإمبراطورة... لوضع القوانين" وصفتها (بعد وفاته) بأنها "محض هذيان، لا أثر فيه لفهم بالحقائق ولا لتدبير ولا لنظر ثاقب."

ومع ذلك استمتعت بحديثه المفعم حيوية، وكانت تبادله الأحاديث جميع يوم تقريباً خلال مقامه الطويل.

وبعد حتى ديدروخمسة أشهر من البهجة الغامرة في صحبتها، والتعب في بلاطها، نوى الرحيل إلى أرض الوطن. فأمرت كاترين بصنع عربة خاصة له يستطيع حتى يتكئ فيها مستريحاً. وسألته حتى الهدايا ترسلها إليه فنطق لا شيء، ولكنه ذكرها بأنها لم تف بوعدها حتى ترد له نفقات رحلته، وقد قدرها بألف وخمسمائة روبل، فنفحته بثلاثة آلاف وبخاتم ثمين، وعينت ضابطاً ليرافقه حتى لاهاي. فلما عاد إلى باريس أثنى عليها ثناء الشكر والعهدان.

ولم تحاول كاترين الاتصال بروسو، الذي كان نقيضها إلى حد مؤلم في الطبع والأفكار، ولكنها صادقت گريم، لأنها عهدت حتى صحيفته "الرسائل الأدبية" تصل إلى أيدي الأوربيين ذوي النفوذ. واتخذ أول خطوة بعرضه (1764) حتى يوافيها برسائله الدورية، فوافقت ونقدته ألفاً وخمسمائة روبل في السنة. وقد رآها أول مرة حين مضى إلى سانت بطرسبورج (1773) في بطانة مير هسي-دارمشتات لحضور زفاف أخت الأمير إلى الگراندوق بولس. وقد وجدته كاترين أكثر واقعية من ديدرو، مطلعاً إطلاعاً مفيداً جداً على جميع مناحي ذلك العام الباريسي الذي سحرها بأدبه وفلسفته وفنه ونسائه وصالوناته. ودعته "للدردشة" معها جميع يوم تقريباً خلال شتاء 1773-1774 وقد خطت إلى فولتير عن هذه اللقاءات: "إن حديث السيد جريم يمتعني، ولكن الأمور التي نود حتى نتبادل الكلام فيها من الكثرة بحيث اتسمت لقاءاتنا إلى الآن بالحماسة أكثر من اتسامها بالنظام أوالتتابع" وفي حرارة هذه الأحاديث كان عليها المرة بعد المرة حتى تذكر نفسها بأن عليها (على حد قولها) حتى تعود إلى "أكل العيش" أكل عيشها بالالتفافات إلى مهمة الحكم. وعاد جريم إلى باريس يطفح تحمساً لكاترين "غذاء روحي، وعزاء قلبي، وفخر عقلي، وبهجة روسيا، وأمل أوربا". وعاد إلى زيارة بطرسبورج في 1776، وكان يلقاها جميع يوم تقريباً على مدى عام. ورجته حتى يمكث ويشرف على التنظيم الجديد للتعليم في روسيا، ولكن حن إلى باريس ومدام ريينيه. ولم تكن كاترين بالمرأة الغيور، فلما سمعت حتى مدام ريينيه تعاني أزمة مالية بعثت إليها بطريق رقيق غير مباشر ما يكفي لتلبية حاجاتها. ومنذ 1777 قام جريم بمهمة الوكيل لكاترين في فرنسا في المشتريات الفنية والمهام السرية. ودامت صداقته لها إلى النهاية دون حتى يكدر صفوها مكدر.

ماذا كان نتائج هذا الغزل بين الأوتقراطية والفلسفة،يا ترى؟ أما من حيث مصادقتها للفلاسفة بوصفهم وكلاؤها الصحفيين في فرنسا، فالأثر السياسي كان صفراً؛ فالسياسة الفرنسية، ومن ثم المؤرخون الفرنسيون، ظلوا خصوماً ألداء لبلد كروسيا يحبط الأهداف الفرنسية في أوربا الشرقية. ولكن إعجابها بأبطال التنوير الفرنسي كان مخلصاً، لأنه بدأ قبل تقلدها السلطة بزمن طويل، ولوكان تظاهراً وانادىءً لما ثبت لللقاءات الطويلة مع ديدرووجريم. وقد أعان اتصالها بالفكر الفرنسي على صبغ روسيا المتفهمة بالصبغة الأوربية، وعلى تعديل الرأي الغربي الذي رأى في روسيا وحشاً هائلاً جباراً. وقد اقتدى روس كثيرون بكاترين، وراسلوا كتاب الفرنسيين، وشعروا بتأثير الثقافة والعادات والفنون الفرنسية. وزار باريس عدد متزايد من الروس، ومع حتى كثيرين منهم أنفقوا وقتهم في المغامرات الجنسية إلا حتى الكثيرين اختلفوا إلى الصالونات والمتاحف والبلاط، وقرأوا الأدب والفلسفة الفرنسيين، وجلبوا معهم أفكاراً شاركت في الإعداد لتفجر الأدب الروسي في القرن التاسع عشر.

الحاكمة القديرة

تمثال من الرخام لكاثرين في مظهر مينرڤا، نحت فدوت شوبين.

لا يتطرق إلينا الشك في صدق نيات كاترين في مطلع حكمها. فقد وجدت هذه القرارات في نسخة "تاليماك" التي كانت تقرؤها:

"عليك بدراسة الإنسان، وبتفهم استخدام الرجال بغير الاستسلام لهم دون تحفظ. وابحثي عن الكفاية الأصيلة وإن وجدت في أقصى الأرض، لأنها تكون عادة متواضعة متوارية.

ولا تسمحي لنفسك بأن تصبحي فريسة للمتملقين، أفهميهم أنك ى تعبأين بالمديح ولا بالتذلل والخنوع. وضعي ثقتك في أولئك الذين لديهم الشجاعة للاعتراض على آرائك... والذين تهمهم سمعتك أكثر مما يهمهم رضاءك.
"كوني مؤدبة، رحيمة، منفتحة، عطوفاً، متحررة العقل. ولا تدعي سمومكانتك بمنعك من النزول في تلطف إلى صغار الناس، ووضع نفسك في موضعهم. واحرصي على ألا يضعف هذا اللطف من سلطانك أوينتقص من احترامهم لك... وانبذي جميع تصنع وافتعال. ولا تسمحي للعالم حتى يلوثك إلى الحد الذي يفقدك مبادئ الشرف والفضيلة القديمة.

أقسم بالسماء حتى أطبع هذه الحدثات على صفحة قلبي".

وكانت تدأب على الإحاطة بدقائق جميع موضوع تتناوله، وقد خطت تعليمات مفصلة عن مئات المواضع من تدريب الجيش والعمليات الصناعية إلى زينة حاشيتها وإخراج الأوبرات والتمثيليات. نطق أحد كتاب سيرتها الأولين وكان من أقلهم تعاطفاً:

"إن الطموح لم يطفئ في روح كاترين تذوقاً حاراً للذة، ولكنها كانت تعهد كيف من الممكن أن تنبذ اللذة، وتنتقل إلى الاضطلاع بأكثر الواجبات خطراً، وإلى الممارسة التي لا تكل لشئون الحكم. فتحضر جميع مداولات المجلس، وتقرأ رسائل سفرائها، وتملي، أوتشير... بالردود التي لا يرد بها. ولا تكل لوزرائها سوى تفاصيل العمل، ولا تفتأ تراقب تطبيقه".

واستحالت أوكادت مهمة حكم رقعة ملكها الشاسعة لكثرة القوانين الموجودة (عشرة آلاف). وتنوعها، وتناقضاتها، وفوضاها. وإذ راودها الأمل في حتى تؤدي لروسيا ما أداه من قبل جستنيان للدولة الرومانية، وفي حتى تدعم سلطتها، فإنها دعت إلى موسكوفي 14 ديسمبر 1766 موظفين إداريين وخبراء قانونيين من جميع ركن من أركان الإمبراطورية، ليقوموا بمراجعة دقيقة شاملة وجمع وتنسيق للقانون الروسي. واستعداداً لمجيئهم أعدت بشخصها تعليمات "Nakaz" تصف المبادئ التي ينبغي حتى يشكل على أساسها القانون الجديد. وقد عكست هذه المبادئ قراءتها لمونتسكيووبكاريا وبلاكستون وفولتير. واستهلت تعليماتها بالتصريح بأنه يتعين التفكير في روسيا على أنها دولة أوربية، ينبغي حتىقد يكون لها دستور قائم على "مبادئ أوربية". وليس معنى هذا في مفهومها "حكومة دستورية" تخضع الملك لهيئة تشريعية يختارها الشعب، فمستوى التعليم في روسيا لن يسمح حتى بحق انتخاب محدود كالموجود آنئذ في بريطانيا. إنما يعني حكومة يحكم فيها الحاكم طبقاً للقانون، وإن كان هوف نهاية الأمر المصدر الوحيد للقانون. وقد أيدت كاترين النظام الإقطاعي-أعني نظام الولاء والخدمات المتبادلة بين الفلاح والمبتر (التابع) وبين المبتر والسيد الإقطاعي، وبين السيد والملك-باعتباره نظاماً لا غنى عنه للاستقرار القتصادي والسياسي والحربي في روسيا عام 1766 (وهي بلد الجماعات التي لا تكاد تنعزل بعضها عن بعض، وعن مركز الحكومة، نتيجة لصعوبات الانتنطق والنقل)، ولكنها ألحت على ضرورة تعريف وتحديد حقوق السادة على أقنانهم قانوناً، وعلى السماح للأقنان بتمالك الأملاك، وعلى نقل محاكمة الأقنان وعقابهم من السيد الإقطاعي إلى قاضي عمومي يسأل محكمة إقليمية مسئولة أمام الملك. وينبغي حتى تكون جميع المحاكمات علنية، وأن يبطل استخدام التعذيب، وأن تلغى عقوبة الإعدام قانوناً وواقعاً. أما العبادة الدينية فينبغي حتى تكون حرة، "فالتعصب هوأضر الكبائر بين هذه الكثرة من مختلف العقائد". ثم قدمت هذه التعليمات قبل طبعها إلى مستشاريها، فنبهوها إلى حتى أي تغيير فجائي من الأحوال المألوفة سيدفع بالروسيا إلى مهاوي الفوضى؛ وقد سمحت لهم بتعديل مقترحاتها، لا سيما ما استهدفت عتق الأرقاء تدريجياً.

وقد دفعت هذه التعليمات التي نشرت في هولندة في 1767 صفوة المفكرين الأوربيين إلى الثناء الحماسي عليها، حتى بعد حتى عدلت على هذا النحو. وأوفدت الإمبراطورة نسخة منها رأساً إلى فولتير، الذي قدم فروض احترامه المعهودة: "سيدتي، تلقيت البارحة ضماناً من ضمانات خلودك-هومجموعة قوانينك في ترجمة ألمانية. وقد شرعت اليوم في ترجمتها إلى الفرنسية. وسوف تظهر في الصينية، وفي جميع لسان، وسوف تكون إنجيلاً للبشر أجمعين. وأضاف في رسائل تالية: "إن المشرعين يحتلون مكان الصدارة في هيكل المجد، أما الفاتحون فيأتوهم من بعدهم... إنني أعد (التعليمات) أجل آثار هذا القرن". ومنعت الحكومة الفرنسية بيع (التعليمات) في فرنسا.

وقدمت "التعليمات" المعدلة إلى "لجنة صياغة القانون الجديد" التي اجتمعت فيعشرة أغسطس 1767. وكانت تتألف من 564 عضواً تنتخبهم جماعات شتى: 161 من النبلاء و208 من المدن، 79 من الفلاحين الأحرار، و54من القوزاق، و34 من القبائل غير الروسية (مسيحيين أوغير مسيحيين) و28 من الحكومة. ولم يمثل الاكليروس بصفتهم طبقة، ولم يمثل الأقنان إطلاقاً. وكانت اللجنة من بعض وجوها نظير لمجلس طبقات الأمة الفرنسي الذي تقرر حتى يجتمع في باريس في 1789، وقد أتى المندوبون للحكومة بقوائم احتوت المظالم ومقترحات الإصلاح من دوائرهم على نحوما سيعمل مندوبوذلك المجلس الأشهر. وحملت هذه الوثائق إلى الإمبراطورة فأتاحت لها ولمساعديها مسحاً قيماً لحالة المملكة.

ولم تخول اللجنة سلطة إصدار القوانين، بل تقديم المشورة للإمبراطورة عن حالة جميع طبقة أوإقليم وحاجاته وتقديم الاقتراحات للتشريع. وكفلت للمندوبين حرية الكلام وعدم المساس بأشخاصهم. واقترح بعض عتق جميع الأقنان وطلب بعضهم مزيداً من التوسع في حق امتلاك الأقنان. وفي ديسمبر 1767-استراحت اللجنة، وفي فبراير 1768 انتقلت إلى سانت بطرسبورج، وبلغ مجموع الجلسات التي عقدتها 203؛ وفي 18 ديسمبر أجلت إلى أجل غير مسمى لأن نشوب الحرب ضد هجريا استدعى وجود مندوبين كثيرين في الجبهة. ووكلت مهمة صياغة التشريع المقترح إلى لجان فرعية، ظل بعضها يجتمع حتى 175، ولكن لم توضع مجموعة قوانين. ولم تسوء كاترين تماماً هذه النتيجة غير الحاسمة، فنطقت "إن اللجنة... أعطتني النور والفهم عن جميع الإمبراطورية، وأنا الآن على بينة مما يلزم، وأعهد بما ينبغي حتى أهتم. وقد فصلت اللجنة جميع أقسام القانون، ووزعت الشئون تحت رؤوس مواضيع، وكنت خليقة بأن أعمل أكثر من هذا لولا الحرب مع هجريا، ولكنا أدخلنا وحدة لم نعهدها إلى الآن في مبادئ النقاش وطرائقه". وقد أظهرت كاترين للنبلاء في الوقت نفسه مبلغ عرض القاعدة التي ترتكز عليها سلطاتها. واقترحت اللجنة قبل انفضاضها حتى تخلع عليها لقب "الكبرى"، فرفضت، ولكنها وافقت على حتى تلقب "أم الوطن".

وأصبحت اثنتان من توصيات كاترين قانوناً: إلغاء التعذيب وإقرار التسامح الديني. وقد توسع في هذا التسامح: فسمح القانون للكنيسة الكاثوليكية الرومانية بأن تنافس اليونانية الأرثوذكسية، وحمى اليسوعيين حتى بعد حتى حل البابا حدثنت الرابع عشر طائفتهم (1773)، وأذن لتتار الڤولگا بأن يعيدوا بناء مساجدهم. وسمحت كاترين لليهود بدخول روسيا، ولكنها أخضعتهم لضرائب خاصة، وقصرت إقامتهم على مناطق معينة (ربما تحقيقاً لسلامتهم). ثم هجرت الراسكولنيكيين-المنشقين الدينيين-أحراراً في ممارسة شعائرهم دون عائق؛ وخطت إلى فولتير تقول "سليم حتى عندنا متعصبين يحرقون أنفسهم لأنهم لم يعودوا مضطهدين من الغير، ولكن لوحذا حذوهم المتعصبون في الدول الأخرى لما نجم عن ذلك ضرر يذكر".

وأبهج جماعة الفلاسفة بصفة خاصة إخضاع كاترين الكنيسة الروسية للدولة. وشكا بعضهم من أنها لا تزال تحضر الخدمات الدينية (وكذلك كان يعمل فولتير)، وأدرك أكبرهم سناً حتى حضورها لا غنى عنه للاحتفاظ بولاء الشعب. وقد غيرت بمرسوم أصدرته في 26 فبراير 1764 جميع أراضي الكنيسة ملكاً للدولة. وبدأت الدولة منذ الآن تدفع رواتب رجال الدين الأرثوذكس-وبهذا ضمنت تأييدهم للحكومة. وأغلق الكثير من أديرة الرهبان والراهبات، ومنع الباقي منها من قبول أكثر من عدد معلوم من المترهبين الجدد، وحملت السن القانونية لنذر الرهبنة. واستخدمت الموارد الفائضة من المؤسسات الكنسية في إنشاء المدارس والملاجئ والمستشفيات.

وعارض رجال الدين والنبلاء التوسع في التعليم الشعبي مخافة حتى يفضي انتشار الفهم بين الجماهير إلى الهرطقة والكفر والتحزب، وأن يعرض النظام الاجتماعي للخطر. هنا بدأت كاترين-كما بدأت في غيره-بتطلعات تحررية، فلجأت إلى جريم:

"أصغوا إليَّ لحظة يا أصدقائي الفلاسفة: ستكونون لطافاً ظرافاً إذا تفضلتم برسم خطة للشباب، من ألف باء إلى الجامعة... ليس عندي-أنا التي لم أدرس في باريس ولم أعش فيها-فهم بهذا الأمر ولا بصر به.. إنني مهتمة جداً بفكرة إنشاء جامعة وإدارتها، ومدرسة ثانوية (جمنازيوم) وأخرى أولية... وإلى حتى تستجيبوا لطلبي سأنقب في "الموسوعة" عما أنشده وبالتأكيد سأستخرج منها ما أنشده".

وقد أثرت فيها أثناء ذلك الحماسة البيداجوجية التي أبداها إيفان بتسكي، الذي جاب السويد وألمانيا وهولندة وإيطاليا وفرنسا، واختلف إلى صالون مدام جوفران ودرس الموسوعة والتقى بروسو. ففي 1763 أنشأت في موسكومدرسة القطاء، خرجت في 1796 أربعين ألف طالب، وفي 1764 فتحت مدرسة للبنين في سانت بطرسبرج، وفي 1765 أخرى للبنات، وفي 1764 حول دير سمولني إلى معهد سمولني لبنات النبلاء- وهذا صدى لمعهد مدام دمانتنون "سان سير"، وكانت كاترين أول حاكم روسي يعمل شيئاً لتعليم النساء. ولما فت في عضدها افتقارها إلى المفهمين المؤهلين، بعثت الطلاب الروس لدراسة التربية في إنجلترة وألمانيا والنمسا وإيطاليا، وأنشئت مدرسة للمفهمين في 1786.

يكاترينا ڤورونتسوڤا-داشكوڤا، أقرب صديقات الامبراطورة يكاترينا وشخصية رئيسية في التنوير الروسي.

وقد أعجبتها إصلاحات يوزف الثاني التعليمية في النمسا، فطلبت إليه حتى يعيرها شخصاً خبيراً بنظامه، فأوفد إليها تيودور يانكوفتش الذي وضع لها خطة نشرتها باسم "قانون المدارس الشعبية" (5 أغسطس 1786). وأنشئت مدرسة أولية في أبرز بلدة في جميع إقليم، ومدرسة ثانوية في جميع مدينة كبرى من مدن ست وعشرين مقاطعة، وفتحت هذه المدارس لجميع الأطفال أياً كان طبقتهم، ولم يسمح فيها بالعقاب البدني؛ وكانت الدولة تمدها بالمدرسين والخط المدرسية. بيد حتى المشروع أحبطه إلى حد كبير عزوف الآباء عن إرسال أبنائهم إلى المدارس بدلاً من استخدامهم للشغل في البيت. وخلال اسنوات العشر التي انقضت منذ تأسيس "المدارس الشعبية" حتى وفاة كاترين، زاد عدد ببطء من أربعين إلى 316 مدرسة، وعدد المفهمين من 136 إلى 744، وعدد التلاميذ من 4.398 إلى 17.341. وفي عام 1796 كانت روسيا لا تزال شديدة التخلف عن الغرب في ميدان التعليم الشعبي.

أما التعليم العالي فكان متاحاً على نطاق ضيق في جامعة موسكووفي المعاهد أوالأكاديميات الخاصة، وأنشئت مدرسة تجارية في 1772، وأكاديمية للمناجم في 1773. ووسعت أكاديمية العلوم القديمة وزودت بالمال الوافر. وفي 1783، بناء على إلحاح الأميرة داشكوفا، وتحت رآستها، أنشئت أكاديمية روسية لتحسين اللغة، وتشجيع الأدب، ودراسة التاريخ، فأصدرت المترجمات، ونشرت الدوريات، وصنفت قاموساً صدر في ستة أجزاء بين 1789، 1799.

وقد روعت كاترين نسبة الوفيات العالية في روسيا، وبدائية وسائل حفظ الصحة العامة والنظافة الشخصية، فاستقدمت الأطباء الأجانب، وأسست كلية للصيدلة في موسكو، ودبرت المال لإنتاج الأدوات الجراحية. وفتحت في موسكوثلاثة مستشفيات جديدة ومستشفى للأمراض العقلية وفي سانت بطرسبورج ثلاثة مستشفيات جديدة بما فيها "مستشفى سري" للأمراض التناسلية. وفي 1768 أدخلت لروسيا التطعيم ضد الجدري، وهدأت مخاوف الشعب بوضعها شخصها وهي في الأربعين ليجري عليها العلاج كثاني إنسان في روسيا، وما لبثت كاترين حتى خطت لفولتير تقول "إن الذين طعموا هناك في شهر واحد أكثر ممن طعموا بفيينا في سنة". (وفي 1772 ولج التطعيم نابلي لأول مرة، وفي 1774 توفي لويس الخامس عشر بالجدري غير مطعم).

الاقتصادية

دار أيتام موسكو
The Smolny Institute, the first Russian Institute for Noble Maidens and the first European state higher education institution for women

من القوانين الأساسية التي أصدرتها كاترين قانون (1765) قضى بأجواء مسح لجميع أراضي روسيا. وقد قوبلت هذه العملية بمقاومة شديدة من الملاك. وحين اختتم العهد كانت قد ضمت عشرين إقليماً من خمسين، ولكنها لم تستكمل حتى منتصف القرن التاسع عشر. وبينما كان المسح جارياً أدركت الإمبراطورة في وضوح مثبط للهمم كيف من الممكن أن يعتمد اقتصاد روسيا على تنظيم الزراعة بواسطة نظام قوامه السادة والأقنان. وفي 1766 أعربت عن جائزة من ألف دوقاتية تمنح لأفضل منطق عن تحرير الأقنان. وفاز بالجائزة بياردي دلابيه إكس لا شابل، الذي رأى حتى "العالم كله يطالب الملوك بتحرير الفلاحين" وتنبأ بأن الإنتاج الزراعي سيزداد زيادة هائلة "إذا ملك الفلاحون الأرض التي يغرسونها". غير حتى الملاك الأشراف حذروا كاترين من حتى الفلاح سيهجر القرى إلى المدن إذا لم يربط بالأرض وبسيده الإقطاعي، أوسيهاجر من قرية إلى قرية في لا مبالاة أكثر، فيخلق بذلك الفوضى، ويمزق الاقتصاد، ويعوق تجنيد أبناء الفلاحين الأشداء للجيش أوالأسطول.

ومضت القيصرة الحائرة في مشروعها على حذر، فالنبلاء يملكون المال والسلاح اللذين يستطيعان الإطاحة بها، وهم في هذه المحاولة يستطيعون الاعتماد على تأييد الاكليروس الذين ساءهم فقدان أراضيهم وأقنانهم. وخافت من الخلل الذي قد تحدثه هجرة جماعية من الفلاحين المحررين إلى مدن غير مستعدة لإسكانهم أوإطعامهم أوتشغيلهم. على أنها قامت بخطوات نحوعتق الأقنان. فجددت مرسوم بطرس الثالث الذي حرم شراء الأقنان لتشغيلهم في المصانع، وفرضت على أرباب العمل حتى يدفعوا أجور عمالهم نقداً وأن يراعوا ظروف العمل التي يقررها موظفوالمدينة أو"المير"؛ ولكن حتى مع هذا ظل وضع الأقنان الصناعيين وضع العبودية القاسية المذهلة. وحرمت كاترين القنية في المدن التي أنشأتها، ثم عتقت الأقنان المشتغلين على الأراضي التي أخذت من الكنيسة نظير دفعهم رسماً صغيراً، على حتى هذه التحسينات طغت عليها منحها المتكررة من أراضي الدولة لمن أخلصوا لها الخدمة كالقواد أورجال الدولة أوالعشاق، وعلى هذا النحوأضحى أكثر من 800.000 من الفلاحين الأحرار أقناناً. وارتفعت نسبة الأقنان في سكان الريف من 52.4% في بداية العهد إلى 55.5% في ختامه، وزاد عدد الأقنان من 7.6700.000 إلى 20.000.000(63). ثم أكملت كاترين استسلامها للنبلاء بـ "خطابات الامتياز للنبلاء" (1785): فقد أكدت فيها من حديث إعفاءهم من ضريبة الرؤوس، والعقوبة البدنية، والخدمة العسكرية، وحقهم في ألا يحاكموا إلا أمام أمرائهم، وفي استخراج المعادن من أرضهم، وفي امتلاك المشروعات الصناعية، وفي السفر إلى خارج البلاد كما يشاءون. وقد حظرت على الملاك حتىقد يكونوا طغاة أوقساة، ولكنها أبطلت مفعول هذا الحظر بمنع الأقنان من حتى يرسلوا إليها شكاواهم.

ولجأ الفلاحون بعد حتى أخمد صوتهم على هذا النحوإلى الفرار أوالتمرد أوالاغتيال. وقد اغتال ثلاثون من السادة الإقطاعيين بأيدي فلاحيهم بين عامي 1760 و1769؛ واندلعت خمسون فتنة بينهم فيما بين عامي 1762 و1773(64). وكانت هذه الفتن تخمد سريعاً حتى قائم زعيم ثائر عهد كيف من الممكن أن يحول السخط نظاماً، وأسلحة اللاحين فوزات. ذلك حتى إمليان بوجاشيف كان قوزاقياً من إقليم الدون، حارب في صفوف الروس ضد البروسيين والأتراك، ثم طلب تسريحه، ولكن طلبه رفض، ففر من الجيش، وقبض عليه، فعاودوا الفرار، وارتضى حياة طريد القانون. وفي نوفمبر 1772، بعد حتى شجعه الرهبان الساخطون، أعرب أنه بطرس الثالث الناجي بأعجوبة من جميع المحاولات التي بذلت لقتله. وجذب الفلاحين وقطاع الطرق للانضواء تحت لوائه، حتى أحس بأن ساعده اشتد، فهجر بعصيان الغاصبة كاترين (سبتمبر 1773). وتوافد عليه قوزاق الأورال والفولجا والدون؛ وآلاف الرجال الذين حكم عليهم بالسخرة في مناجم الأورال ومصاهر المعادن؛ وفئات "المؤمنين القدامى" التواقين إلى الإطاحة بالكنيسة الأرثوذكسية؛ وقبائل التتار والقرغيز والبشكير المحلية الذين لم ينسوا إكراه اليزابث لهم على الدخول في المسيحية؛ ثم أقنان آبقون من سادتهم، ومساجين هربوا من السجون: هؤلاء تقاطروا على لواء بوجاشيف حتى اجتمع له عشرون ألف رجل تحت إمرته. فزحفوا ظافرين من مدينة إلى مدينة، وهزموا القوات التي سيرها ضدهم الحكام المحليون، واستولوا على مدن هامة مثل قازان وساراتوف؛ ثم صادر المؤن، وقتلوا الملاك، وأكرهوا الفلاحين المعارضين على الانضمام إليهم، وزحفوا مصعدين في حوض الفولجا صوب موسكو. وأعرب بوجاشيف حتى لن يرتقي هوالعرش هناك، بل سيبوئة الغراندوق بولس. ولكنه-بمزاح رهيب على الأرجح-لقب زوجته الفلاحة بالملكة، وكبار ضابطه بأسماء ضباط كاترين: الكونت أورلوف، والكونت بانين، والكونت فورونشوف.

وسخرت كاترين أول الأمر من هذا "المركيز بوجاشيف"، ولكنها حين فهمت حتى العصاة استولوا على قازان، جردت قوة كبيرة تحت إمرة الجنرال بيوتر إيفانوفتش بانين لإخماد الفتنة. وخف النبلاء لنجدتها بعد حتى أدركوا حتى الخطر يتهدد هيكل الإقطاع بأسره، وسرعان ما انضم الجنرال الكسندر فاسيليفتش سوفوروف إلى بانين بفرسانه الذين أصبحوا أحراراً في التحرك بعد عقد الصلح مع الأتراك؛ وأسقط الخلل في صفوف العصاة التقاؤهم بجنود مدربين تحت قيادة ضباطهم الإمبراطوريين. فتقهقروا من مسقط إلى آخر، واستنفدوا مؤنهم، وبدأوا يتضورون جوعاً. واعتقل بعض زعمائهم-الطامعين في الخبر واعفو-بوجاشيف وسلموه للمنتصرين. فجيء به إلى موسكوفي قفص من حديد، وحوكم في الكرملين، وبتر رأسه ومزق جسده أرباعاً، وعرض رأسه على عمود في أربعة أقسام من المدينة ليكون "عبرة لغيره" ثم أعدم خمسة من ضباطه، وجلد غيرهم على هذا الجانب من الموت، ونفوا إلى سيبيريا. وكان من نتائج الفتنة دعم التحالف بين الإمبراطورة والنبلاء.

كاثرين الثانية في الزي الوطني الروسي.

على أنها تحدث النبلاء شيئاً ما بتأييدها لنموطبقة قوامها رجال المال والأعمال. ذلك حتى اقتناعها ببراهين الفزيوقراطيين نادىها لإقرار حرية التجارة في المحاصيل الزراعية (1762)، ثم في جميع شيء، وأنهت (1735) الاحتكارات المعتمدة من الحكومة بإصدارها قراراً يبيح لكل إنسان حرية الاضطلاع بأي مشروع صناعي وتطبيقه. وقد أخر نموالطبقة الوسطى غلبة الصناعة التي تقوم في الأكواخ والعزب، ومشاركة النبلاء في المغامرات الصناعية والتجارية. وزادت المصانع من 984 إلى 3.161 في عهد كاترين، ولكن هذه كان أكثرها ورشاً صغيرة لا تستخدم من الصناع إلا القليلين. وزاد سكان المدن من 328.000 في عام 1724 إلى 1.300.000 في عام 1796-ومع ذلك لم يزل أقل من أربعة في المائة من مجموع السكان.

ولم تأل الإمبراطورة الكثيرة الشواغل جهداً في النهوض بالتجارة دون حتى تلقى إلا التأييد الضنين من حاشيتها النبيلة. لقد كانت الطرق غاية في السوء، ولكن الأنهار كثيرة، وقد ربطتها القنوات في شبكة مفيدة. وفي عهد كاترين بدئ شق قناة بين الفولجا والنيفا لربط البلطيق ببحر قزوين، وقد خططت لقناة أخرى تصل بحر قزوين بالبحر الأسود(66). وظفرت بالتفاوض أوبالحرب بحرية مرور التجارة الروسية دون معوق في البحر الأسود ومنه إلى البحر المتوسط. ثم حثت دبلوماسييها على عقد المعاهدات التجارية مع إنجلترة (1766) وبولندة (1775) والدنمرك (1782) وهجريا (1783) والنمسا (1785) وفرنسا (1787). ونمت التجارة الخارجية من 21.000.000 روبل عام 1762 إلى 96.000.000 عام 1796.

في هذه الأرقام يجب حتى نحسب حساب تضخم العملة الذي تدفع به الحكومات نفقات حروبها. وقد اقترضت كاترين من داخل البلاد وخارجها 130.000.000 روبل لتمويل حملاتها على هجريا، وأصدرت نقوداً ورقية تجاوزت كثيراً أي غطاء من المضى. وفقد الروبل أثناء حكمها 32% من قيمته. وفي هذه الفترة ذاتها، ورغم زيادة الإيرادات من 215.000.000. وأكثر هذا الدين نجم عن الحروب التي كسرت شوكة هجريا، ومدت حدود روسيا إلى البحر الأسود.

المحاربة

كاتدرائية القديسة كاثررين في كينگسپ، مثال على عمارة الباروك المتأخرة.

بدأت كاترين بأهداف سلمية كما يبدأ جميع فيلسوف: فأعربت حتى مشاكل الإمبراطورية الداخلية ستستغرق اهتمامها، وأنها ستتجنب جميع صراع مع الدول الأجنبية إذا لم يتحرش بها أحد. فثبتت صلح بطرس الثالث مع بروسيا، وأنهت حربه مع الدنمرك. وفي 1762 رفضت الإغراء بفتح كورلاند أوالتدخل في بولندة، ونطقت "عندي ما يكفي من البشر الذين على إسعادهم، ولن يزيدني رفاهية ذلك الركن الصغير من أركان الأرض". ثم خفضت الجيش، وأهملت ترسانات السلاح، وسعت إلى التفاوض مع هجريا لإبرام معاهدة للصلح الدائم. ولكنها كانت حدثا درست الخريطة وجدت عيباً في حدود روسيا. ففي الشرق كانت الإمبراطورية محمية جيداً بجبال الأورال وبحر قزوين وضعف الصين. وفي الشمال تحميها الثلوج. أما في الغرب فالسويد مستولية على جزء من فنلنده، قد يتسقط منه الهجوم في أي لحظة يشنه شعب ما فتئ يسوؤه ما غصبه منه بطرس الأكبر؛ وكانت بولندة وبروسيا تسدان الطريق إلى "أوروبا" والاصطباغ بحضارتها. أما في الجنوب فقد سد التتار، الخاضعون لخان مسلم يسيطر عليه الهجر، الطريق إلى البحر الأسود. فأي إجهاضات للتاريخ أعطت روسيا جغرافية كهذه، وحدوداً شاذة كهذه،يا ترى؟ وهمس في أذنها القائد القديم مونيش، والقائد الجديد جريجوري أورلوف، بأن الوضعقد يكون معقولاً أكثر لوكان البحر الأسود هوالحد الجنوبي، وبأنهقد يكون جميلاً رائعاً لواستطاعت روسيا الاستيلاء على الآستانة والتسلط على البوسفور. ما نيكيتا بانين، وزير خارجيتها من 1763 إلى 1780. فقد فكر في طرق لإعلاء نفوذ روسيا في بولندة ومنع هذا البلد الأعزل من الوقوع في براثن بروسيا.

العقاب بالسوط

وتأثرت كاترين بحججهم، وأخذت تتحرق شوقاً لأن تبوئ وطنها الثاني مكاناً في السياسة يتفق ومكانها على الخريطة. فلم ينقض عام على تقلدها السلطة حتى انطلقت إلى سياسة خارجية لا ترضى في طموحها بأقل من جعل روسيا الدولة المحورية على القارة. خطت إلى الكونت كيزرلنج، سفيرها في وارسوتقول "أقول لك حتى هدفي حتى أرتبط بروابط الصداقة مع جميع الدول، في تحالف مسلح، حتى أستطيع على الدوام حتى أقف في صف مظلوم، وبهذا أصبح الحكم لأوربا.

وأنت عليها فترات كانت فيها قاب قوسين من هدفها هذا. وآية ذلك أنها سحبت روسيا من حرب السنين السبع فإنها في السقط حسمت ذلك الصراع الذي ضم القارة كلها لصالح فردريك. وفي عام 1764 أبرمت مع فردريك معاهدة كانت نذيراً بتقطيع أوصال بولندة. ثم استغلت حاجة الدنمرك إلى تأييد روسيا لها ضد السويد لتهيمن على سياسة الدنمركيين الخارجية. وفي عام 1779 كانت حكماً بين فردريك ويوزف في معاهدة تشن، وأصبحت حامية الدستور الإمبراطوري الألماني. وفي 1780 ربطت الدنمرك والسويد وبروسيا والنمسا والبرتغال بالروسيا في "عصبة حياد مسلح" لحماية السفن المحايدة في الحرب الدائرة بين إنجلترة ومستعمراتها الأميركية، فتقرر ألا تتعرض السفن المحايدة للهجوم من أي من الطرفين المحاربين ما لم تحمل ذخائر حربية؛ وأن الحصار لكيقد يكون شرعياً ولكي يحترم يجب حتىقد يكون حقيقياً لا مجرد إعلان على الورق.

الكونت گريگوري اورلوڤ، رسم فيدور روكوتوڤ.

وقبل حتى قلبت الأحلاف ذلك القلب الثاني بزمن طويل بدأ الصراع الطاحن على التسلط على البحر الأسود. وقد نشأت أول حروب كاترين الهجرية نتيجة ثانوية غريبة لغزوها بولندة. ذلك أنها كانت قد أوفدت هناك جيشاً لإعانة غير الكاثوليك في كفاحهم لنيل حقوق متساوية من الأغلبية الكاثوليكية؛ وحمل الكاثوليك سفيراً بابوياً على حتى يفهم هجريا أوفرصتها حانت لتهاجم روسيا؛ وأيدت فرنسا الاقتراح، وحرضت السويد وخان القرم على الانضمام للهجوم. وحزن فولتير على إمبراطورته التي أحدق بها الخطر. وخط إليها يقول "إن تجنيد سفير بابوي للأتراك في حربه الصليبية عليك لموضوع جدير برواية هزلية إيطالية عنوانها "مصطفى الحليف الفاضل للبابا!"، فالموقف كاد يغريه بأنقد يكون مسيحياً. لا بل أنه في خطاب أوفده إلى كاترين في نوفمبر 1768 اقترح عليها حرباً مقدسة على الكفار.

"إنك تكرهين البولندين على حتىقد يكونوا متسامحين سعداء على الرغم من سفير البابا، ويبدوأنك تلقين من السماء عنفاً. فإذا شنوا عليك الحرب فربما تبلورت فكرة بطرس الأكبر في جعل الآستانة عاصمة للإمبراطورية الروسية... وفي ظني أنه لوقدر على الأتراك حتى يطردوا من أوربا يوماً فسيكون هذا على أيدي الروس... فليس يكفي لإذلالهم؛ بل يجب ردهم إلى موطنهم إلى الأبد.

ورفضت السويد حتى تشارك في الهجوم على روسيا، ولكن تتار القرم اجتاحوا مستعمرة "الصرب الجديدة" الروسية، الحديثة، (يناير 1769). وزحف جيش هجري عدته 100.000 مقاتل صوب بود وليا لينضم إلى جيش الاتحاد البولندي. ورفضت كاترين حتى تسحب قواتها من بولندة. وجردت ثلاثين ألف مقاتل يقودهم ألكسندر جولتسين وبيوتر روميا نتسيف لهزيمة التتار ورد الهجر؛ فلما قيل لها إذا عدد هؤلاء الهجر هائل أجابت "إن الرومان لمقد يكونوا يعبأون بكثرة إعدامهم، إنما كانوا يسألون، أين هم؟". ورد التتار على أعقابهم، واستولى الروس على آزوف وتاجانروج شمالي الدون؛ وهزم سبعة عشر ألف روسي 150.000 هجري في كاجول (1770) وتقدم روميانتسيف حتى بلغ بوخارست، حيث استقبله السكان الأرثوذكس بمظاهر الفرح والتهليل. وفي 1771 اجتاح فاسيلي ميخايلوفتش دولجوروكي القوم وقضى على الحكم الهجري هناك.

وأكثر حتى من هذا إثارة للعجب والإعجاب جرأة الكرسي أورلف، الذي قاد أسطولاً روسياً مخر به عباب المانش، والأطلنطي، والبحر المتوسط، وهزم الأسطول الهجري تجاه خيوس، وأباده في خزمي (يوليو1770)؛ غير حتى الضرر الذي لحق بمراكبه كان فادحاً فلم يتح له مواصلة فوزاته.

Stanisław August Poniatowski, the last King of Poland-Lithuania

على حتى أحداثاً أخرى لم تبعث مثل هذه البهجة في فؤاد كاترين. من ذلك حتى طاعوناً تفشي في الجيش الروسي على طول الدانوب ثم ارتد إلى موسكوحيث كان يحصد ألف روح جميع يوم في صيف 1770. وكانت عليمة بأن فردريك ينظر باستنكار إلى امتداد ملكها وسلطانها؛ وأن يوزف الثاني يزعجه تقدم روسيا إلى حدود النمسا في البلقان؛ وأن فرنسا لا تهجر حجراً لا تقلبه دعماً لحليفتها هجريا؛ وأن إنجلترة ستقاوم بشدة تسلط روسيا على البوسفور؛ وأن السويد إنما تترب بها الدوائر. فدعت كاترين الهجر إلى مؤتمر، فحضروا، ولكنهم حرنوا لإصرارها على استقلال القرم؛ وفي 1773 استؤنفت الحرب.

وفي يناير 1774 توفي مصطفى الثالث؛ وقرر خلفه حتى هجريا قد بلغت من الفوضى والإرهاق حداً يهدد وجودها كدولة أوربية. فاعترفت هجريا بمقتضى صلح كجوق قينارجي (في رومانيا) 21 يوليو1744 باستقلال القرم (التي ظلت تحت حكم التتار)، ونزلت لروسيا عن آزوف، وكرش وبنيكالي، وكلبورون (على مصب دنيبر). وفتحت البحر الأسود والبوسفور والدردنيل للمراكب الروسية، ودفعت لروسيا تعويض حرب قدره 4.500.000 روبل، ومنحت العفوللمسيحيين الذين شاركوا في ثورات على حكامهم الأتراك، واعترفت بحق روسيا في حماية المسيحيين في هجريا. وكان هذا في جملته من أميز المعاهدات التي أبرمتها روسيا في تاريخها. فقد غدت روسيا الآن من دول البحر الأسود؛ وهجرت القرم وغيرها من أنطقيم التتار في جنوب روسيا مفتوحة أمام الغزوالروسي المبكر، واستطاعت الإمبراطورة الشاكة حتى تظهر بمظهر المدافعة عن الإيمان. وراحت كاترين-بعد حتى أسكرها النصر-تحلم بتحرير اليونان-أعني بفتحها، وبتتويج حفيدها قسطنطين في الآستانة رأساً لإمبراطورية جديدة. وأبهجت فؤاد فولتير الشائخ برؤى الألعاب الأولمبية وقد ردت إلى مجدها التليد؛ فخطت إليه تقول "سوف تجعل ممثلين يونانيين يمثلون التراجيديات اليونانية القديمة في مسرح (ديوينسيوس) بأثينا". فلما تذكرت الجيوش والخزانة التي استنفدت أضافت: "على حتى أمرس الاعتدال، وأقول إذا السلم خير من أروع حروب الدنيا".

وأخذت الآن تحل محل فردريك كأشهر ملوك أوربا، وتعجب الناس جميعاً من سعيها الحثيث لتحقيق أهدافها، ومن الامتداد المرعب لسلطانها، وسافر يوزف الثاني إمبراطور النمسا، الذي طالما انحنى لعبقرية فردريك، إلى موجيليف، ومنها أكمل الرحلة الطويلة إلى سانت بطرسبرج ليلتقي بالقيصرة ويسعى إلى التحالف معها. وفي مايو1781 أبرمت مع يوزف ميثاقاً للعمل الموحد في بولندة وضد هجريا.

وكان بوتمكين في غضون هذا يبني لنفسه الشهرة في الجنوب. ذلك أنه نظم وسلح وأطعم جيشاً جديداً عدته 300.000 مقاتل، وبنى أسطولاً للبحر الأسود، له موانئ في سباستبول وأودسا وترسانة في خرسون، واستعمر أقطار روسيا الجنوبية ذات المستوطنات الضئيلة، وأسس المدن والقرى، وأقام المصانع، وزود المستعمرين بالماشية والآلات والبزار-وكل هذا ليوفر قواعد للتموين في حملة حربية تضيف القرم إلى تاج كاترين، وربما ليظفر بتاج لنفسه. وتشاجر تتار القرم وانقسموا، فألان بوتمكين زعماءهم بالرشا؛ فلما غزا شبه الجزيرة في النهاية (ديسمبر 1782) لم يلق من المقاومة إلا أقلها؛ وفيثمانية أبريل 1783، ورغم احتياجات هجريا عديمة الجدوى، ابتعلت مملكة الروس القرم. ورقى بوتمكين مشيراً، ورئيساً للكلية الحربية، وأميراً لطورس، وحاكماً عاماً للقرم. ونفحته الإمبراطورة فوق هذا كله بمكافأة من 100.000 روبل، أنفقها بوتمكين على الخليلات والشراب والطعام.

Catherine the Great's natural son by Count Orlov -Aleksey Grigorievich Bobrinsky, (11 April 1762 – 20 June 1813 in his estate of Bogoroditsk, near Tula), born three months before the deposition and assassination by the Orlov brothers of her husband Peter III

ورأتن كاترين هي أيضاً حتى الوقت قد حان لشيء من الاسترخاء. فجمعت بين اللهووالعمل بترتيبها "رحلة ملكية" فخمة على اليابس والماء تفتش خلالها على فتوحها وتهجر انطباعاً قوياً في نفوس هذه الأنطقيم-وأوربا كلها-بثراء بلاطها وأبهته. وفي 2 يناير 1787، غادرت القصر الشتوي مدثرة بفرائها وشرعت في رحلتها الطويلة في "برلينيه" أي مركبة مقفلة في الكبر بحيث تحتوي-فضلاً عن شخصها الذي اتسعت أبعاده الآن-عشيقها مامونوف صاحب المستوى آنئذ، وكبيرة وصيفاتها، وكلباً صغيراً، ومخطة صغيرة. وتبعتها أربع عشرة عربة و170 مركبة جليد، تحمل سفراء النمسا، وبريطانيا، وفرنسا-كوبنتزل، وفتزهربرت، والكونت سيجور-مضافاً إليهم الأمير دلين وجيش من الموظفين والبطانة والموسيقيين والخدم. وكان بوتمكين قد سبقها بأيام ليعد لها الطريق، وليضيئه بمئات المشاعل، وليرتب جميع ليلة وجباتها وأماكن لنوم الجميع. وكان الموكب إذا مر بمدينة كبرى استراح يوماً أويومين ريثما تلتقي القيصرة بوجود المدينة، وتستعرض أحوالها، وتوجه أسئلتها، وتوزع اللوم أوالمكافأة. وبدت جميع مدينة على الطريق في أحسن مظهر عملاً بتحذيرات بوتمكين وتعليماته، فاغتسلت وتزينت كما لم تعمل قط من قبل، سعيدة ولوليوم واحد في حياتها.

وفي كييف أشرف بوتمكين على نقل البلاط المتنقل إلى سبع وثمانين سفينة كان قد أعدها وزينها. وعليها أبحر الركب الإمبراطوري هابطاً الدنيبر. وعلى طول النهر شاهدت كاترين "القرى البوتمكينية" التي هيأها أمير طورس الأريب وجلاها ليدخل السرور إلى قلبها، وربما ليهجر في نفوس الدبلوماسيين انطباعاً قوياً عن ثراء روسيا. وبعض هذا الثراء ارتجله بوتمكين، وبعضه كان حقيقياً. "أما أنه شيد القرى الكاذبة على الضفتين، ودرب الفلاحين ليخلقوا وهماً بما هم عليه من تقدم، فذلك من شطحات خيال دبلوماسي سكسوني". فقد قام الأمير دلين بعدة رحلات على الشاطئ ليستكشف ما وراء القابلة، فنطق أنه رغم بوتمكين لجأ إلى بعض الحيلة، فإنه (أي دلين) راعته "المنشآت الفخمة وهي بعد في مهدها، والمصانع النامية، والقرى ذات الشوارع المنتظمة التي تحفها الأشجار". ولعل كاترين نفسها لم تنخدع، ولكنها من الممكن استنتجت كما استنتج سيجور، أنه حتى لوكان نصف ثراء تلك المدن ونظافتها مظهراً زائلاً، فإن حقيقة وجود سباستبول عملاً-المدينة والقلاع والميناء، وكلها بنى على شواطئ القرم في عامين-هذه الحقيقة كفت لجعل بوتمكين جديراً بالثناء. وقد وصفه الأمير دلين الذي كان يعهد تقريباً جميع إنسان ذي شأن في أوربا بأنه "أعجب رجل التقيت به في حياتي".

وفي كانيوف اتى ستانسلاس بونياتوفسكي ملك بولندة، ليقدم فروض الولاء للمرأة التي منحته حبها وعرشه. وفي مسقط أبعد على الدنيبر الأدنى، عند كايداكي، انضم يوزف الثاني إلى الموكب الذي اتخذ طريقه ثم برا إلى خرسون فالقرم. هنالك داعبت الإمبراطورة، والإمبراطور، والحاكم العام، أحلامهم بطرد الهجر من أوربا، فحلمت كاترين بالاستيلاء على الآستانة، ويوزف بابتلاع البلقان، وبوتمكين بتولي عرش داشيا (رومانيا). ونصحت إنجلترة وبروسيا السلطان عبد الحميد بأن يوجه ضربته إلى الروس في غفلة منهم قبل حتى يستكملوا استعداداتهم الحربية. وكان في وقاحة السفير الروسي في الآستانة ما هيأ لهجريا حافزاً إضافياً، فحبسه السلطان، وأعرب الجهاد، وطالب برد القرم ثمناً للصلح. وفي أغسطس 1787 عبر الجيش الهجري الرئيسي الدانوب وزحف على أوكرانيا.

لقد تعجل بوتمكين في الإعلان عن فرحه؛ ذلك حتى روسيا لم تكن مستعدة بعد للامتحان النهائي؛ لذلك نصح الإمبراطورة بالتخلي عن القرم. ولكنها وبخته على جبنه الذي لم تعهده فيه، ثم أمرته هووسوفوروف وروميا نتسيف حتى يعدوا جميع القوات المتاحة لهم وينطلقوا للقاء الغزاة؛ أما هي فقد انسحبت إلى سانت بطرسبرج. ودحر سوفروف الهجر في كلبورون، وحاصر بوتمكين أوشاكوف المشرفة على منافذ دنيبر وبوج. وبينما كان الجهاد والحرب الصليبية يقابل أحدهما الآخر في جنوبي روسيا، قررت السويد حتى الفرصة واتتها أخيراً لاسترداد ما فقدت من أنطقيم. فجدد جوستاف الثالث حلفاً قديماً مع الهجر بعد حتى شجعته إنجلترة وبروسيا، وطالب كاترين برد فنلنده وكاريليا للسويدة القرم لهجريا. وقد نفصل الحديث عن هذه الحرب في موضع لاحق، أما الآن فحسبنا حتى نقول حتى أسطولاً سويدياً أنزل بالروس في البلطيق هزيمة فاصلة فيتسعة يوليو1799، وكان قصف المدفعية السويدية يسمع من القصر الشتوي؛ وفكرت كاترين في إخلاء عاصمتها. على حتى مفوضيها ما لبثوا حتى أقنعوا السويد بأن تبرم الصلح (15 أغسطس 1790).

وغدت كاترين الآن حرة في هجريز قوات ضد الهجر، وانضمت النمسا إلى روسيا في الحرب. وأنهى بوتمكين حصار أوشاكوف بأن أمر رجاله بالهجوم مهما كان الثمن. وكلف النصر الروس ثمانية آلاف قتيل، وختمت المعركة الضارية بمذبحة أتت على الضحايا دون تمييز (17 ديسمبر 1788) وتقدم بوتمكين ليستولي على بندر، واستولى النمساويون على بلغراد، ودحر سوفروف الأتراك في رمنيك (22 سبتمبر 1789). وبدا حتى هجريا مقضي عليها بالفناء. على حتى الدول الغربية أحست حتى الموقف يدعوإلى العمل الموحد ضد كاترين إذا أريد ألا يقع البوسفور-ذلك المعقل الاستراتيجي-في يدها فتصبح روسيا السيد المتسلط على أوربا. وبعد موت فردريك الأكبر (1789) رأى خليفته فردريك وليم الثاني في فزع تحرك روسيا صوب الآستانة، وتحرك النمسا في البلقان؛ وبين روسيا والنمسا وهما بهذه القوة الجديدة ستبيت بروسيا تحت رحمتهما. وعليه ففي 31 يناير 1790 ربط حكومته مع الباب العالي في ميثاق ألزمه بأن يعلن الحرب على روسيا والنمسا جميعاً في الربيع، وبألا يضع السلاح إلا إذا ردت لهجريا جميع إقليمها التي خسرتها.

وبدا حتى المد السياسي يتحول ضد كاترين. فقد أضعف قوة يوزف الثاني نشوب الثورة في الأراضي الواطئة النمساوية وانتشار الفوضى في المجر؛ ثم توفي في 20 فبراير 1790، وأبرم خلفه هدنة مع الأتراك. وحثت إنجلترة وبروسيا كاترين مرة أخرى على عقد الصلح على أساس الاحتفاظ بكل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في الحرب؛ ولكنها أبت؛ ذلك حتى استيلاءها على أوشاكوف كان قد فتح الطريق أمام روسيا إلى البحر الأسود، فهي لا ترغب حتى تتخلى عن هذا الكسب الحيوي. ثم إذا قوادها كانوا يسيرون من نصر إلى نصر، وتوجوا فوزاتهم باستيلاء سوفوروف وبوتمكين على مدينة اسماعيل (22 ديسمبر 1790)؛ وقد خسر الروس في سبيل الاستيلاء على هذا المعقل الهجري الواقع على الدانوب عشرة آلاف مقاتل، وخسر الهجر ثلاثين ألفاً. وبعد هذه الوليمة الدموية انتكس بوتمكين الذي أنهكته الحرب إلى ضرب من الكسل المترف والسفاح المخزمي مع بنات أخيه؛ وفي 15 أكتوبر 1791 توفي على طريق قريب من ياسي. وأغمى على كاترين ثلاث مرات في اليوم الذي سمعت فيه بنبأ موته.

Catherine II and Potemkin on the Millennium Monument in Novgorod

وفي مارس 1791 اقترح وليم بت الابن على البرلمان إرسال إنذار نهائي إلى روسيا يطالبها بأن ترد لهجريا جميع الأنطقيم التي استولت عليها في الحرب الراهنة، واقترح إرسال أسطول بريطاني إلى البلطيق نذيراً بالحرب. ولم تجب كاترين، أما البرلمان فقد ثنى بت عن إنفاذ مشروعه حين سمع التجار البريطانيون يتحسرون على ضياع تجارتهم مع روسيا. وأما هجريا فقد كفت عن الصراع بعد حتى أنهكتها الحرب، فسقطت في جاسي (9 يناير 1792) معاهدة ثبتت سيطرة روسيا على القرم وحوضي دنيبر وبوج. إلى غير ذلك لم تصل كاترين إلى الآستانة، ولكنها بلغت ذروة حياتها كأقوى حاكم في أوربا، وألمع امرأة في قرنها.

المرأة

أكانت امرأة، أم هولة،يا ترى؟ رأينا أنها في مستهل حكمها كانت فاتنة الجسد، وفي عام 1780 كانت قد سمنت، ولكن هذه السمنة لم تعمل بها شيئاً إلا إضافة الثقل إلى العظمة. وقد وصفها الأمير دلين (الذي كان من أوائل من لقبوها "الكبرى" وصفاً مهذباً فنطق:

"كانت في 1780 لا تزال حسنة الصورة، وفي استطاعة الناظر إليها حتى يستنتج أنها كانت فيما مضى رائعة الجمال أكثر منها وسيمة. ولم يكن بالمرء حاجة إلى فراسة ليقرأ على جبينها، كما يقرأ في كتاب، العبقرية والعدالة والشجاعة ةالعمق ورباطة الجأش ولطف الطبع والهدوء والتصميم. وقد اكتسب صدرها الجميل على حساب خصرها الذي كان يوماً ما شديد النحول؛ ولكن الناس عادة يسمنون في روسيا... ولم يلحظ المرء قط أنها قصيرة القامة".

وقد صورها كاستيرا في كتابته عنها عقب موتها بأنها كانت ترتدي ثوباً أخضر في احتشام. "كان شعرها المبدر ببودرة خفيفة، يطفوعلى كتفيها، وتعلوه قلنسوة صغيرة مرصعة بالماس. وفي سنيها الأخيرة ألفت حتى تستعمل قدراً كبيراً من الروج، لأنها كانت لا تزال تطمع في ألا تسمح لآثار الزمن حتى تبدوعلى وجهها، ومن المحتمل حتى هذا الطموح وحده هوالذي نادىها للعيش بمنتهى الاعتدال".

كانت مغرورة، واعية في غير مواربة بثقافتها وسلطتها. نطق يوزوف الثاني لكاونتز "إن الغرور معبودها، وقد أفسدها الحظ وثقافتها المسرفة". وفي رأي فردريك الأكبر حتى كاترين لوكانت تراسل الله لا دعت لنفسها مرتبة مساوية له على الأقل. ومع ذلك كانت تتحدث إلى ديدروكما يتحدث "رجل إلى رجل"، ورجت فالكونيه حتى يسقط من حديثه لها عبارات المجاملة. وكانت "باستثناء بعض جرائم القتل المحتملة ومذابح الحرب المبررة) لا تقل لطفاً وأنساً عن تشارلز الثاني ملك إنجلترة أوهنري الرابع ملك فرنسا. وفي جميع يوم كانت تلقى من نوافذها الخبر لآلاف الطيور التي تجيئها بانتظام لتطعم. وفي سنوات ملكها الأخيرة كانت تطلق العنان بين الحين والحين لنوبات غضب لا تليق بصاحبة السلطان المطلق، ولكنها حرصت على ألا تصدر أمراً أوتسقط ورقة وهي في هذه النوبات البركانية، وسرعان ما أخذت تشعر بالخجل من هذه التفجرات، وأخذت نفسها بالتحكم في أعصابها. أما عن شجاعتها فقد نبذت أوربا جميع شك فيها.

كانت شهوانية بلا مراء ولا مبالاة، ولكن غرامياتها لا تؤذينا بشيء بقدر ما تؤذينا "حديقة ظباء" لويس الخامس عشر. وقد درجت على ما درج عليه جميع حكام زمانها فأخضعت الأخلاق للسياسة، وأخمدت المشاعر الشخصية إذا عرقلت توسيع رقعة دولتها. وحيث انعدم مثل هذا الصراع كان لها جميع حنان المرأة ورقتها، تحب الأطفال، وتلاعبهم وتمرح معهم، وتفهمهم، وتصنع لهم اللعب. وكانت في رحلاتها تحرص دائماً على حتى يطعم السائقون والخدم كما ينبغي حتى يطعموا. وبين الأوراق التي وجدت على منضدتها بعد موتها قبرية خطتها لنفسها، "كانت تغفر في يسر، ولا تبغض أحداً، وإذا كانت متسامحة، متفهمة، ذات طبع مرح، فقد أوتيت روحاً جمهورية وقلباً عطوفاً".

ولم تكن عطوفاً على ولدها البكر، من جهة لأن بولس أخذ منها بعد ولادته بقليل، وقام على تربيته بانن وغيره تحت إشراف اليزابت؛ ومن جهة لأن المؤامرات التي دبرت لخلعها كانت أحياناً تنوي جعله إمبراطوراً تحت الوصاية؛ ومن جهة لأن بولس طالما خامره الظن بأن أمه قاتلة بطرس؛ كذلك لأن بولس "كان يطيل التفكير دائماً في سرقة حقوقه في خلافة أبيه الافتراضية على العرش". ولكن كاترين تعلقت بابني بولس الساحرين ألكسندر وقسطنطين، وأشرفت بشخصها على تعليمها، وحاولت إبعادهما عن تأثير أبيهما، وبيتت حتى يرث تاجها ألكسندر لا بولس. أما بولس الذي سعد بزقابل الثاني فكان ينظر في اشمئزاز واضح إلى سلسلة العشاق الذين أمتعوا أمه واستنزفوا موارد الدولة.

أما من الناحية العقلية فقد بزت كاترين على عشاقها. كانت ترضى جشعهم، ولكن ندر حتى سمحت لهم بتقرير سياستها. وقد أحسنت استيعاب الأدب الفرنسي إلى حد أعطى لها مراسلة أقطابه كما يراسل الواحد من جماعة الفلاسفة صاحبه؛ لا بل إذا خطاباتها لفولتير كانت تنافس خطاباته لها فطنة وتمييزاً، وتضارعها رشاقة وخفة دم. وكانت رسائلها كثيرة العدد كترة رسائل فولتير مع أنها خطتها خلال فواصل دسائس القصر، والثورات الداخلية، والدبلوماسية الحرجة، والحروب التي غيرت خرائط الدول. وكان حديثها يجعل ديدرودائم التنبه والاستعداد، ويحرك مشاعر جريم إلى حد الانتشاء. "كان على المرء في تلك اللحظات حتى يرى هذا الرأس الفذ الذي هومزاج من العبقرية والحسن حتىقد يكون فكرة عن النار التي تحركها، والسهام التي تطلقها، والهجمات التي تلاحق... الهجمة منها الهجمة... ولوكان في طاقتي حتى أدون هذه الأحاديث حدثة حدثة لأتيح للدنيا كلها بترة نفيسة وربما فريدة في تاريخ العقل البشري. على أنه كان يشوب هذا السيل الدافق من أفكارها اضطراب وعدم استقرارا سريعان؛ فكانت تندفع بأسرع مما ينبغي في مشاريع لم تمعن التفكير فيها، وكانت أحياناً يهزمها إلحاح الأحداث وكثرة الواجبات. ولكن النتيجة حتى مع هذا كانت هائلة".

ويبدوأمراً لا يصدق حتى تجد كاترين في حياة اضطربت بمثل هذه الأحداث المثيرة سياسية كانت أم حربية وقتاً تخط فيه قصائد الشعر، والأخبار التاريخية، والمذكرات، والتمثيليات، ونصوص الأوبرات، ومنطقات المجلات، وحكايات الجن، ورسالة فهمية عن سيبيريا، وتاريخاً للأباطرة الرومان، ومذكرات مستفيضة عن "تاريخ روسيا" وفي 1769-1770 رأست تحرير مجلة هجائية دون حتى تعلن عن اسمها، وكانت هي أبرز محرريها. ومن صورها الأدبية صورة وصفت منافقاً في الدين يحضر القداس يومياً، ويشعل الشموع أمام الصور المقدسة، ويتمتم بالصلوات في فترات متبترة، ولكنه يغش التجار، ويفتري على الجيران، ويضرب الخدم، ويندد بالرذيلة الفاشية ويتحسر على الأيام الخالية الطيبة. أما حكاية الجن التي خطتها كاترين، واسمها "الأمير خلور" فتحكي عن شاب خاض مغامرات خطرة بحثاً عن وردة خرافية بلا شوك، ليكشف في النهاية أنه ليس هناك وردة كهذه إلا الفضيلة؛ وقد أصبحت هذه السيرة من عيون القصص في الأدب الروسي، وترجمت إلى لغات كثيرة؛ وكانت اثنتان من مسرحياتها مآسي تاريخية تقلد شكسبير؛ ومعظمها فكاهيات بسيطة تسخر من المشعوذين والمغفلين والبخلاء والمتصوفين والمسرفين، وتهزأ بكاليسترو، والماسون، والمتعصبين الدينيين. هذه التمثيليات كان يعوزها الدقة والصقل، ولكنها أبهجت الجماهير مع حتى كاترين أخفت أنها مؤلفتها، وقد وضعت هذه العبارة على ستار المسرح الذي شيدته في الهرمتاج "إنه يهذب العادات بالضحك"؛ وكان هذا خير تعبير عن هدف كوميدياتها. أما أفضل مسرحياتها، واسمها "أوليج" فكانت تتابعاً رائعاً لمشاهد من تاريخ روسيا، أشاع فيها الحيوية سبعمائة مؤد في الرقصات والباليهات والألعاب الأولمبية. وكانت جل إنتاج كاترين الأدبي يراجعه السكرتيرون، لأنها لم تتمكن قط من الهاتى أوالنحوالروسي، ثم أنها لم تأخذ هوايتها للتأليف مأخذ الجد الشديد؛ ولكن الأدب استمد الشجاعة من قدوتها الإمبراطورية وأضفى على ملكها عظمة نهائية ومجداً تشوبه الشوائب.

الأدب

أخذت روسيا تشعر بعدم نضجها الفكري، فراح جيش من المؤلفين يقلدون في تواضع النماذج الأجنبية، أويترجمون آثاراً حظبت بالشهرة في فرنسا أوإنجلترة أوألمانيا. وجادت كاترين بخمسة آلاف روبل من جيبها الخاص لتشجيع هذا السيل الدخيل، وترجمت هي نفسها سيرة "بليزير" لمارمونتيل. فلما تحمس الروس للمشروعات العريضة ترجم رحمانينوف، أحد ملاك الأراضي في تامبوف، أعمال فولتير؛ وترجم فيريفكين، رئيس كلية قازان، إلى الروسية "موسوعة" ديدرو. وترجم غير هؤلاء شكسبير والكلاسيكيات اليونانية واللاتينية، "وأورشليم المحررة" لتاسو.

گاڤريلا درژاڤين بريشة ڤلاديمير بوروڤيكوڤسكي.

أما أنجح شعراء العهد فهوگاڤريل رومانوڤتش درژاڤين. ولد الأسرة رقيقة الحال في أورنبورج الشرقية، وكان الدم التتاري يجري في عروقه، فخدم في فوج بريوبرازنسكي عشرة أعوام، ورأى كاترين ترقى إلى ذري السلطة، وشارك في إخماد فتنة پوگاشيڤ ضابطاً في الجيش، وشق طريقه صعداً إلى عضوية مجلس الشيوخ، وحين لاحظ درازفين حتى الإمبراطورة أطلقت اسم "فليتسا" على أميرة خيرة في سيرة "الأمير خلور"، أطلق هذا الاسم في قصيدة عاطفية شهيرة (1782) على "الملكة الشبيهة بالآلهة لقبيلة قرغيز-قازاق" وتوسل إلى هذه السلطانة قائلاً "فهميني كيف من الممكن أن أجد الوردة التي لا شوك لها... وكيف أعيش حياة تجمع بين اللذة والاستقامة". وحين ناجى الشاعر فليتسا بأن "من قلمها تفيض السعادة على جميع البشر الفانين" كان يمتدح كاترين على نحوواضح. وحين لام نفسه "على النوم حتى الظهر، وتدخين التبغ، وشرب القهوة... وجعل الدنيا ترتعد لنظراتي... والانغماس في ولائم فاخرة على مائدة تتألق بالفضة والمضى"، عهد البلاط كله حتى هذه غمزة أراد بها بوتمكين. وقد ارتفع درژاڤين إلى قمة النشوة في مديح "الإمبراطورة" فليتسا، التي "تخلق النور من الظلمات، ولا تؤذي أحداً، وتقضي عن الهنات، وتدع الناس يتحدثون كما يشاءون، وتخط القصص الخرافية لتفهم شعبها، وتفهم خور الأبجدية" (أي حفيدها ألكسندر). ويختتم الشاعر بقوله: "أتوسل إلى النبي العظيم حتى يسمح لي بلمس تراب قدميك، وأن أستمتع بذلك الجدول العذب جدول ألفاظك ولحظك. أني أتضرع إلى قوى السماء حتى تنشر أجنحتها الزرقاء وتحرسك في الخفاء... وأن يسطع صيت أعمالك في الأجيال القادمة سطوع النجم في السماء". وأكد درازفين أنه لا يطمع في جزاء على جميع هذا المديح العطر، ولكن كاترين رقته، وما لبث حتى قرب منها قرباً بصره بعيوبها؛ فكف عن كتابة المدائح. واتجه إلى عرش أسمى ونظم "قصيدة غنائية للإله"، مهنئاً إياه تعالى على كونه "ثلاثة-في-واحد" وعلى حفظه السماوات في مثل هذا النظام الجميل. وكان أحياناً يهبط إلى الميتافزيقا، ويردد برهان ديكارت على وجود الله فيقول: "أنا من طبيعة الحال موجود، وإذن فأنت موجود". وقد ظلت هذه القصيدة الغنائية نصف قرن لا ينافسها شعر في شعبيتها حتى اتى بوشكن.

دنيس إيڤانوڤتش فون ڤيزين

وقد فاجأ دنيس إيڤانوڤتش فون ڤيزين العاصمة بكوميديتين رشيقتين هما "اللواء" و"القاصر". ونجحت الثانية نجاحاً كاملاً حتى حتى بوتمكين نصح المؤلف قائلاً "مت الآن، أولا تخط شيئاً بعد اليوم" بمعنى حتى أي شيء يخطه بعد هذا سيضعف من شهرته. وقد فض فيزين النصيحة ورأى تحقيق النبوءة التي احتوتها. وفي سنته الأخيرة جاب غربي أوربا وأوفد إلى وطنه بعض رسائل ممتازة احتوت إحداها نبوءة فيها رنين الافتخار "نحن (الروس) بادئون، أما هم (يقصد الفرنسيين) فمنتهون".

نيقولاي نوڤيكوڤ، بريشة دميتري لڤيتسكي.

وأطرف شخصية في أدب عصر كاترين هونيقولاي إيڤانوڤتش نوڤيكوڤ. فقد تطور هذا الفتى بعد حتى طرد من جامعة موسكولكسله وتخلفه ليصبح رجلاً ذا نشاط ذهني لايني. ففي الخامسة والعشرين (1769)، في سانت بطرسبورج، رأس تحرير مجلة "الدبور" التي أطلق عليها هذا الاسم بخبث شيطاني ليعارض دورية سوماروكوڤ "النحلة النشيطة". وقد هاجم نوڤيكوڤ بأسلوبه المرح الفساد الذي استشرى في الحكومة، وهاجم الإلحاد الفولتيري السائد في الطبقات العليا لأنه مدمر للأخلاق الشخصية؛ وامتدح بالمقارنة ما افترض وجوده من إيمان الروس المسلم وأخلاقهم المثالية قبل بطرس الأكبر. "وكان قدامى الحكام الروس قد تسقطوا حتى إدخال الفنون والعلوم سيقضي قضاءً مبرماً على أثمن كنز يملكه الروس-وهوأخلاقهم"(. هنا أيضاً كان روسويخوض حرباً مع فولتير. وحدجت كاترين "الدبور" بنظرات متجهمة، فحتجبت في 1770. وفي 1775 انضم نوفيكوف إلى الماسون الأحرار، الذين كانوا ينزعون في روسيا إلى الغيبية، والتقوية، والأوهام "الروزكروشية" بينما اخوانهم في فرنسا يداعبون الثورة. وفي 1779 انتقل إلى موسكو، واضطلع بأعمال مطبعة الجامعة، ونشر في ثلاث سنوات من الخط عدداً يفوق ما أخرجته تلك المطبعة في أربع وعشرين سنة. وحصل بمعونة مالية من صديق له على مزيد من المطابع، وكون داراً للنشر، وفتح مخطات لبيع الخط في جميع أراتى روسيا، وأذاع نشر إنجيله في الدين والإصلاح. وأسس المدارس، والمستشفيات، والمستوصفات والبيوت النموذجية للعمال.

فلما أحالت الثورة الفرنسية كاترين من حاكمة مستبدة مستنيرة إلى حاكمة مستبدة مذعورة، خشيت حتىقد يكون نوڤيكوڤ بسبيل قلب النظام القائم. فأمرت پلاتون، مطران موسكو، حتى يفحص أفكار نوڤيكوڤ. وخط الحبر يقول: "أضرع إلى الله الواسع الرحمة حتىقد يكون هناك مسيحيون مثل نوڤيكوڤ، لا في القطيع الذي وكله الله وأنت إلى فحسب، بل في العالم بأسره". ولكن الإمبراطورة التي ظلت على ربيبتها رغم ذلك أمرت بسجن نوڤيكوڤ في قلعة شليسل‌بورگ (1792). هناك ظل حبيساً حتى ماتت كاترين. فلما أفرج عنه پاڤل الأول اعتكف في ضيعته بتخفين، وأنفق سنيه الأخيرة في التقوى وأعمال البر.

ألكسندر راديشيڤ

أما ألكسندر نيقولايفتش راديشيڤ فقد لقي حظاً أشد عثاراً. أوفدته كاترين إلى جامعة لايپزيگ، فتعهد إلى بعض أعمال جماعة الفلاسفة، وأثر فيه بنوع خاص كتاب روسو"العقدالاجتماعي" كما أثر فيه فضح رينال لوحشية الأوربيين في استغلال المستعمرات وتجارة الرقيق. وعاد إلى سانت بطرسبورج وهويضطرم بالمثل الاجتماعية، فلما وكلت إليه إدارة الجمرك تفهم الإنجليزية ليتعامل مع التجار البريطانيين، ودرس الأدب الإنجليزي، وأثر فيه خاصة كتاب ستيرن "رحلة عاطفية". وفي 1790 نشر كتاباً من عيون الأدب الروسي اسمه "رحلة من سانت پطرسبورگ إلى موسكو". وقد أقر الكتاب بالإيمان القويم، ولكنه ندد بخدع القساوسة التي يحتالون بها على سذاجة الشعب؛ وقبل النظام الملكي، ولكنه برر الثورة على الحاكم الذي ينتهك "العقد الاجتماعي" بتجاهله للقانون. ووصف تمزيق نظام التجنيد الإجباري لأوصال السر، وبغي السادة على أقنانهم. ونطق راديشيف أنه أبلغ في أحد الأماكن بنبأ مالك هتك عرض ستين فلاحة عذراء. ثم شهر بالرقابة ودافع عن حرية الصحافة. ولم يكن داعية للثورة، ولكنه طلب التفهم الرحيم لمن يدعون إليها. وناشد النبلاء والحكومة إنهاء القنية. "فلترق قلوبكم أيها القساة؛ حطموا أغلال أخوتكم، وافتحوا سجون الرق. إذا للفلاح الذي يهبنا العافية والحياة الحق في التصرف في الأرض التي يفلحها".

ومن عجب حتى الرقيب أجاز الكتاب. ولكن كاترين خافت في 1790 حتى يحذوشعبها حذوالثورة الفرنسية. فدونت ملاحظة بضرورة عقاب مغتصب العذارى الستين، ولكنها أمرت بمحاكمة راديشيف بتهمة الخيانة. ووجدت في كتابه فقرات عن اقتحام الحصون وثورة الجنود على قيصر قاس، ومدائح للإنجليز لمقاومتهم ملكاً ظالماً. فحكم مجلس الشيوخ على المؤلف بالإعدام؛ وخففت كاترين الحكم إلى النفي عشر سنين في سيبيريا. وسمح الإمبراطور پاڤل الأول لراديشيف بالعودة من المنفى (1796)، ثم نادىه ألكسندر الأول إلى سانت بطرسبورج (1801). وهناك انتحر بعد سنة، لأنه افترض دون مبرر أنه سينفي ثانية. ومصيره ومصير نوفيكوف من الوصمات الكثيرة التي تلطخ عهداً رائعاً.

الفن

افتتاح أكاديمية الفنون، رسم ڤالري جاكوبي.

صنعت كاترين للفن أكثر قليلاً مما صنعته للأدب، لأن الفن لا يستهوي غير الطبقات العليا، ولا يقرع ناقوس الثورة. ولكن الموسيقى الشعبية كانت ثورية دون قصد منها، لأن كلها تقريباً تألف من أغان حزينة في مقام صغير وبمصاحبة شاكية باكية، لا تحكي سيرة القلوب التي انفطرت حباً فحسب، بل الأنفس التي براها الكد والكدح. وندر حتى سمع النبلاء تلك الأغاني، ولكنهم استمتعوا بالأوبرات الإيطالية التي جلبها إلى سانت بطرسبرج جاكوبي، وبايزيلو، وسالبيري وتشيماروزا، الذين كانت الدولة تدفع أجورهم كلهم، أما كاترين نفسها فلم تكون شديدة الحب للأوبرا. نطق "لا أستطيع في الموسيقى حتى أميز نغمات غير نغمات كلابي التسعة، التي يشهجر جميع منها بدوره في شرف الوجود في حجرتي، والتي أستطيع التعهد على صوت جميع كلب منها عن بعد".

ثم اعترفت أيضاً أنها لا تملك القدرة على فهم الفن. وقد بذلت وسعها لتربي هذا الفهم في روسيا. فوفرت المال الذي مكن بتسكي من حتى يدير بالعمل (1764) عجلة أكاديمية الفنون الامبراطورية التي أنشئت أيام اليزابث (1757). واشترت روائع الفن المعترف بقيمتها في الخارج وعرضتها في قاعات تحفها، فدفعت 180.000 روبل ثمناً لمجموعة الكونت فون برول في درسدن، و40.000 جنيه ثمناً لمجموعة السير روبرت ولبول في هوتن هول، و440.000 فرنك لمجموعة شوازيل، و460.000 لمجموعة كروزا. وقد عقدت بهذا كله صفقات رابحة دون حتى تدري، لأن هذه المجموعات التي التقطتها من هنا وهناك ضمت ألفاً ومائة لوحة من أعمال رفائيل، وبوسان، وفانديك، ورمبرانت، وغيرها من التحف الخالدة التي زادت قيمتها مع الزمن وهبوط العملة. واستطاعت من طريق جريم وديدرو(اللذين كانت تتابع نشاط صالونيهما باهتمام) حتى تكلف برسم اللوحات فنانين فرنسيين-أمثال فرنيه، وشاردان، وهودون-ونسخت لها كطلبها بالحجم الطبيعي لوحات جصية من أعمال رفائيل في الفاتيكان وبنيت قاعة خاصة بها في الأرميتاج.

ولم تكلف الفنانين الوطنيين إلا بالقليل، لأن ذوقها الفرنسي لم يجد في فن جيلها الروسي غير القليل مما له قيمة باقية.. على أنها قدمت المال لتعليم وإعالة الطلاب في أكاديمية الفنون وأوفدت عدداً منهم للدراسة في غربي أوربا. وفي تلك الأكاديمية تخرج رسام أحداث التاريخ أنطون لوزنكو، ورساما الأشخاص ديمتري ليفتسكي وفلاديمير بوروفيكوفسكي. أما لوزنكوفقد قضى خمس سنين في باريس وثلاثاً في روما ثم عاد إلى سانت بطرسبرج (1769) ليفهم في الأكاديمية. وقد أثار ضجة بلوحته المساة "فلاديمير أمام روجنيدا"، ولكنه-ربما لفداحة واجباته الأكاديمية-أخفق في حتى ينتج الروائع المنتظرة منه، ثم اختطفه الموت وهوفي السادسة والثلاثين (1773). وأما ليفتسكي فقد استخدمته كاترين ليرسم بعض الشابات اللاتي كن يدرسن بمعهد سمولني؛ والنتيجة شاهد بجمالهن الرائع. وقد سترت اللوحة التي صور فيها كاترين بدانتها تحت أردية فضفاضة. كذلك جلست لتصورها مدام فيجه لبرون، وكانت من بين الفنانات الفرنسيات الكثيرات اللاتي دعتهن كاترين لإضفاء الرشاقة الفرنسية على الفن الروسي.

وأعظم فنانيها الذين استقدمتهم كان فالكونيه. قدم في 1766، وأقام في روسيا اثنتي عشرة سنة. وقد طلبت إليه كاترين حتى يصمم ويصب بالبرونز تمثالاً لبطرس الأكبر ممتطياً جواده. وكان قد جلب معه شابة تدعى ماري-آن-كوللو، كانت النموذج لرأي التمثال الضخم. وتحدى فالكونيه قوانين الفيزياء بتمثيله الحصان يقفز في الهواء، وقائمتاه الخلفيتان فقط تلمسان أرضاً صلبة، وهي صخرة ضخمة جلبت من كاريليا لترمز إلى المقاومة الهائلة التي تغلب عليها بطرس؛ وتحقيقاً للتوازن أظهر فالكونيه حية نحاسية-رمزاً للحسد-تلدغ ذيل الحصان. وقد احتفظت هذه الرائعة الفنية بتوازنها بينما تغيرت سانت بطرسبرج إلى بتر وجراد ثم إلى لننجراد. واستغرق فالكونيه في هذا العمل وقتاً أطول مما تسقطته كاترين؛ ففقد اهتمامها به، وأهملت المثال، فعاد إلى باريس وقد خاب أملها فيه، وفي روسيا، وفي الحياة.

وفي 1758 وفد نيكولا-فرانسوا جييه من فرنسا ليفهم النحت في الأكاديمية. وقد نبغ ثلاثة من تلاميذه في عهد كاترين: تشوين وكوزلوفسكي وشخيدرين. أما تشوين فقط كلفه بوتمكين بنحت تمثال "كاترين الثانية" لقاعة نصر نارويدا المقببة (الروتندا)؛ وقد وصف الخبراء التمثال بأنه "عديم الحياة بارد"، وكذلك يظهر التمثال الذي نحته تشوين لبوتمكين. أما كوزلوفسكي فقد انتهى إلى مثل هذا الجمود في المقبرة التي نحتها للمرشال سوفوروف، وحتى في تمثاله لإله الحب كيوبيد. أما شيخدرين فجل أعماله أنتجها في عهد ألكسندر الأول: فإلى عام 1812 ينتمي تمثاله المسمى "الكرتيدات يسندن الكرة السماوية"-وترى فيه امرأة تحمل الدنيا-وقد تخصص إيفان بتروفتش مارتوس في التماثيل الجنائزية، وحفلت الجبانات في بطرسبرج بتماثيله "الباكية"؛ وقد قيل عنه أنه "أبكى الرخام" وقد تخلف النحت الوطني إلا في تقليده للطرز الأجنبية. وكانت الكنائس الأرثوذكسية تحرم التماثيل وقنع النبلاء بالفنانين الذين يعثرون عليهم بين أقنانهم.

ولكن المعمار ازدهر في عهد كاترين، لأنها صممت على حتى تهجر بصمتها على عاصمتها. نطقت "إن المباني العظيمة تعلن عظمة الحكم ببلاغة لا تقل عن بلاغة الأعمال العظيمة". وخطت في 1779 تقول "أنت تفهم حتى هوس البناء أقوى اليوم عندنا مما كان في أي وقت مضى، ولم يهدم زلزال قط عمائر قدر العمائر التي شيدناها... وهذا الهوس شيء لعين، فهوينضب المال، وحدثا بنينا ازددنا رغبة في البناء، إنه سقم كالسكر بالخمر". ومع أنها نطقت لفالكونيه "إني لا أعهد حتى كيف من الممكن أن أرسم" فقد كان لها رأيها الخاص في الفن، أوقل رأى تأثير بالحفائر الرومانية في هركولانيوم وخط كايلوس وفنحدثان. فولت ظهرها للباروك المزوق والروكوك الزاهي، وهما طرازان سادا في عهد اليزابث، وفضلت عليهما الطراز الكلاسيكي الجديد الأكثر بساط ونقاء. وقد عزا إليها بعض معاصريها فضل إصدار التعليمات الواضحة المحددة والرسوم التخطيطية التمهيدية لمعمارييها.

فلما افتقدت الفنانين الوطنيين الذين يحققون لها أفكارها، ولت وجهها شطر غربي أوربا التماساً لرجال ورثوا التنطقيد الكلاسيكية. إلى غير ذلك قدم جان باتست فالان دلا موت، الذي شيد لها على نهر نيفا قصر أكاديمية الفنون (1765-72) وله قابلة بطراز النهضة منآجر مكسوورواق معمد كلاسيكي، وداخله سلم نصف مستدير فخم يفضي إلى قاعة مستديرة تعلوها قبة. وبنى فلان ملحقاً للقصر الشتوي هي الأرميتاج الشهير، الذي كانت كاترين تراه ملاذاً تحتمي به من مراسيم البلاط، ولكنه أصبح قاعة تحفها، وهواليوم من أبرز متاحف العالم. ونطقت كاترين في وصفه لجريم عام 1790 "أنه خلوتي الصغيرة، في مسقط مناسب بحيث لا يكلفني الذهاب إليه أوالإياب منه إلى حجرتي أكثر من ثلاثة آلاف خطوة.. هناك أجول بين طائفة من الأمور التي أحبها وأزهوبها، وتلك الجولات الشتوية التي تحفظ على عافيتي".

ومن فرنسا أيضاً قدم الاسكتلندي تشارلز كاميرون، الذي تفهم الزخرفة الكلاسيكية في وطنه. وقد ابتهجت كاترين بالإشراق والرقة اللذين كان يزين بهما-بالفضة واللاكيه والزجاج واليشب والعقيق والرخام المتعدد الألوان-الجناح الخاص الذي احتفظت به لنفسها ولعشاقها وكلابها في "القصر العظيم" بتسارسكوسيلو. خطت تقول "لم أر قط ضريباً لهذه الحجرات حديثة الزخرف؛ ولم أمل قط طوال الأسابيع التسعة الأخيرة من تأملها". وحول هذا القصر خططت لها حديقة بالطراز "الطبيعي" و"الإنجليزي"، وصفتها في خطاب إلى فولتير فنطقت: "إنني الآن أهيم حباً بالحدائق الإنجليزية الطراز، بخطوطها القصيرة، والمنحنية، ومنحدراتها المدرجة في رفق، وبركها وبحيراتها... إنني شديدة النفور من الخطوط المستقيمة؛ وباختصار أقول حتى الهوس الإنجليزي (الانجلومانيا) يسيطر على هوسي بالنبات". وقد بنى كاميرون لولدها بولس وزوجته الثانية الفاتنة في بافلوفسك (وهي ضاحية أخرى من ضواحي العاصمة) قصراً بطراز الفيلات الإيطالية؛ هنا حفظ الغراندوق وماريا فيود وروفنا التحف التي جمعاها في رحلاتهما في غرب أوربا.

ومن إيطاليا أقبل أنطونيورينالدي، الذي بنى قصرين باذخين أهدتهما كاترين لجريجوري أورلوف، قصر الرخام على نهر نيفا، وقصر جاتشينا قرب تسارسكوسيلو، الذي أصبح المسكن المفضل عند بولس الأول. ومن اتى جاكوموكورانجين الذي استهوته المعابد اليونانية في باسيتوم وروائع باللاديوفي قتشنتشا. وفي 1780 عرض على كاترين عن طريق جريم تصميمات ونماذج لأبنية شتى كان يؤمل تشييدها. وافتتنت بها كاترين ومنذ ذلك التاريخ حتى 1815 شيد كورانجي في سانت بطرسبرج أوعلى مقربة منها العدد الوفير من المباني بالطراز الكلاسيكي، مسرح الأرميتاج، ومعهد سمولني (الذي ألحقه بدير سمولني في راستريللي)، ومصرف الإمبراطورية، ومصلى الطريق المالطية، والقصرالإنجليزي في بيترهوف، وقصر ألكسندر في تسارسكوسيلو. وقد صمم هذا القصر لحفيد كاترين الذي أصبح فيما بعد ألكسندر الأول، والذي انتقل إليه في 1793، بعد الفراغ من تشييده بعامين. "إنه من روائع معمار القرن الثامن عشر"(108) .

Byrney. Russians

ولكن ألم يكن هناك معماريون روس ينفقون روبلات كاترين،يا ترى؟ بلى. فقد حداها الأمل في هجر أثر يخلد ذكرها في موسكوإلى حتى تكلف فاسيلي بازينيف بتصميم "كرملن" من الحجر ليحل محل كرملن إيفان الأكبر المبني بالآجر. وصمم بازينيف قصراً هائلاً لوقام لتضاءل بالقياس إليه قصر فرساي؛ والذين رأوا نموذجه الخشبي-الذي تكلف ستين ألف روبل-تعجبوا من براعته. غير حتى الأساسات التي أرسيت ليقوم عليها هبطت بهبوط التربة بعمل نهر موسكو، فنكصت كاترين عن المغامرة على أنها دبرت المال الذي أعطى لإيفان ستاروف حتى يبني على ضفة نيفا اليسرى قصر تارويدا، وأهدت هذا القصر المنيف إلى بوتمكين تخليداً لفتحه القرم.

وأياً كانت تكلفة نفقات المباني التي شيدتها كاترين فإنها حققت هدفها. خط ماسون المعاصر لها يقول: "إن الرجل الفرنسي بعد دورانه على شواطئ بروسيا الماحلة وشقه سهول ليفونيا المقفرة التي لم تغرس، تأخذه الدهشة والطرب إذ يعثر مرة أخرى وسط بيداء مترامية على مدينة كبيرة فخمة، تزخر بمجتمع راق وبأسباب الترويح وبالفنون وألوان الترف التي خالها لا توجد إلا في باريس"(109). أما الأمير دلين فبعد حتى شهد أوربا كلها تقريباً خلص إلى أنه "رغم ما في كاترين من عيوب، فإن الصروح التي شيدتها، العامة منها والخاصة، تجعل سانت بطرسبرج أبدع مدينة في العالم"(110) ولا عجب، فقد حول لحم عشرة ملايين من الفلاحين ودمهم إلى طوب وحجر.

أواخر أيامها ووفاتها

تمرد پوگاچيڤ.

لوحتى كاترين سئلت لبينت - كما هودأب الحكام طوال العصور والأزمان- أنه ما دام الموت حقاً على البشر على أية حال، فلم لا يسخر الحكام عبقرية الرجال لتوجيه هؤلاء الأحياء المطاردين والبشر المقضي عليهم لا محال بالموت، لجعل الدولة قوية، وجعل مدنها عظيمة،يا ترى؟ لقد عودتها سنوات السلطان، وتحديات الثورة والحرب، وتقلبات النصر والهزيمة، حتى تطيق آلام الغير دون حتى تجفل، وأن تغضي عن استقلال الأقوياء للضعفاء باعتباره شراً لا قبل لها بعلاجه.

وقد أرهبتها الثورة الفرنسية بعد ما أزعجها الكثير من المؤامرات لخلعها وأخافتها فتنة بوجاشيف. وقد أطاقتها راضية حين تسقطت ألا تكون أكثر من إطاحة بأرستقراطية عاطلة وحكومة عاجزة؛ ولكن حين أكره حشد من رعاع باريس لويس السادس عشر وماري انطوانيت على هجر فرساي وسكنى التويلري وسط جماهير أفل زمامها-وحين أعربت الجمعية التأسيسية أنها صاحبة السلطة العليا، وحين ارتضى لويس حتىقد يكون الأداة المنفذة لأوامرها لا غير-عندها ارتعدت كاترين فرقاً من التشجيع الذي منح بالمثل للذين سعوا إلى حتى يعملوا نظير هذا في روسيا. فسمحت للأكليروس بأن يحظروا نشر أعمال فولتير التي كانت يوماً ما موضع حبها. ثم حرمت هي ذاتها بعد قليل جميع المطبوعات الفرنسية؛ ونقلت تماثيل فولتير النصفية من قاعاتها إلى حجرة لسقط المتاع (1792) ثم نفت المثالي راديشيف (1790)، وسجنت نوفيكوف المشرب بروح خدمة المجتمع (1792)، وفرضت رقابة تفتيشية على الأدب والمسرحيات. فلما بتر رأساً لويس السادس عشر وماري أنطوانيت بالجيلوتين (1793) بترت صلاتها مع الحكومة الفرنسية، وحضت الملكيات الأوربية على تأليف تحالف ضد فرنسا. ولك تنضم هي ذاتها لذلك التحالف، بل استخدمته لتشغل به الدول الغربية ريثما تتم ابتلاعها لبولندة. وقد نطقت لأحد دبلوماسييها "إن كثيراً من مشروعاتي لم يستكمل بعد، ويجب شغل بلاطي برلين وفيينا حتى يهجرانا طلقاء بغير قيود".

پورتريه لكاترين في سن متقدمة، مع عمود چسمه في الخلفية.

على حتى آثاراً ضئيلة تخلفت من تحررها القديم وبقيت حتى 1793. ففي ذلك العام أبلغها أحد الحاشية حتى فردريك-سيزار دلاهارب، الذي كان المفهم الخاص لحفيديها، جمهوري عنيد. فأوفدت في طلبه وأنبأنه بالخبر، فأجاب "إن جلالتك كنت على فهم قبل حتى تكلي إلى تعليم الغراندوقين أنني سويسري، وإذن فجمهوري" ثم رجاها حتى تمتحن تلميذيه، وأن تحكم على عمله من سلوكهما. ولكنها كانت تفهم كم أحسن تعليمهما، فنطقت له "سيدي، لتكن يعقوبياً أوجمهورياً أوما شئت، إنني مؤمنة بأنك رجل أمين، وهذا يكفيني. فابق مع حفيدي واحتفظ بكامل ثقتي، وفهمهما بما عهدته فيك من غيرة".

وفي وسط هذا الضجيج اتخذت آخر عشاقها (1789) وهوپلاتون زوبوڤ. وكان في الخامسة والعشرين، وهي في الحادية والستين. وخطت لعشيقها "الشرفي" بوتمكين تقول: "عدت إلى الحياة كأنني ذبابة خدرها البرد". واقترح "تلميذها" الجديد هجوماً مثلث الشعب على هجريا: جيش روسي بقيادة أخيه فاليران ذي الأربعة والعشرين ربيعاً يعبر القوقاز إلى فارس ويبتر جميع تجارة اليابس بين هجريا والشرق؛ وجيش ثان بقيادة سوڤوروڤ يتغلغل في البلقان ليحاصر الآستانة؛ ثم أسطول البحر الأسود الروسي، تحت إمرة الإمبراطورة نفسها ليتسلط على البوسفور. وبعد سنوات من الإعداد بدئ بتطبيق هذه المغامرة الملحمية (1796) واستولى الروس على دربنت وباكو؛ وتطلعت كاترين إلى فوزات تكمل برنامجها وتتوج حياتها.

وفي صباح 17 نوفمبر 1796 بدت مرحة كالعادة. وبعد الفطور اعتكفت في حجرتها. ومضى وقت ولم تظهر ثانية، فقرعت خادمتها الباب، فلما لم تجب دخلت، فوجدت الإمبراطورة منبطحة على الأرض، صريعة انفجار شريان في الدماغ، وفصدت مرتين، وأفاقت لحظة، ولكنها فقدت النطق. وفي العاشرة من مساء ذلك اليوم لفظت أنفاسها.

وأحس أعداؤها أنها لا تستحق ميتة رحيمة كهذه. ولم يغفروا لها قط تلك التناقضات بين مزاعمها التحررية وحكمها الاستبدادي، وضيقها بالمعارضة، وإخفاقها في تطبيق الإصلاح المقترح للقانون الروسي، واستسلامها للنبلاء في توسيعها للقنية. ولم تحمد لها فوزاتها تلك الأسر التي أفقرتها الضرائب الباهظة، أوالتي ثكلت أبناءها بسبب حروبها. ولكن الشعب في جملته صفق لها لأنها مدت روسيا إلى حدود أرحب وأكثر أمناً. لقد أضافت 200.000 ميل مربع لمساحة روسيا، وفتحت ثغوراً جديدة لتجارة روسيا، وزادت السكان من تسعة عشر إلى ستة وثلاثين مليوناً. وكانت عديمة الضمير في دبلوماسيتها- من الممكن أكثر قليلاً من معظم حكام ذلك العهد في ابتلاعها بولندة.

أما أعظم منجزاتها فهومواصلتها جهود بطرس الأكبر لإدخال روسيا في نطاق الحضارة الغربية. وبينما كان بطرس يفكر في هذا الهدف بلغة التكنولوجيا، كانت كاترين تفكر فيه أولاً بلغة الثقافة، فاستطاعت بقوة شخصيتها وشجاعتها حتى تنتزع الطبقات المتفهمة في روسيا من العصور الوسطى وتدفعها إلى فلك الفكر الحديث في الأدب والفلسفة والعلوم والفنون. وكانت بين أندادها من الحكام المسيحيين (باستثناء فردريك الثاني غير المسيحي) سباقة إلى توطيد التسامح الديني. وقد عقد مؤرخ فرنسي مقارنة فضلها فيها على الملك الأعظم (لويس 14) نطق "إن سماحة كاترين، وبهاء حكمها، وفخامة بلاطها ومنشآتها، وآثارها، وحروبها-هذا كله كان بالنسبة لروسيا بالضبط ما كأنه عصر لويس الرابع عشر بالنسبة لأوربا. غير حتى كاترين إذا نظرنا إليها كفرد وجدناها أعظم من هذا الملك. ذلك حتى الفرنسيين هم الذين بنوا مجد لويس، أما كاترين فهي التي بنت مجد الروس. ولم يتح لها كما أتيح له ميزة حكم شعب مهذب، ولا أحيطت منذ طفولتها بشخصيات عظيمة مثقفة".

وفي تقدير مؤرخ إنجليزي حتى كاترين "هي الحاكمة الوحيدة التي فاقت اليزابث ملكة إنجلترة كفاءة، وهي تعدلها من حيث الأهمية الباقية لأعمالها"(117). ونطق مؤرخ ألماني "كان جميع ما فيها "كائناً سياسياً"، لا ضريب لها من جنس النساء في التاريخ الحديث، ولكنها في الوقت ذاته امرأة خالصة، وسيدة عظيمة"، ويجوز لنا حتى نطبق عليها المبدأ السمح الذي وضعته جوته: كانت عيوبها عدوى انتقلت إليها من جيلها أما فضائلها فكانت من صنعها هي."

تمثال من الرخام لكاترين العظمى

هجر موت كاترين عام 1796 روسيا، وهي مازالت دولة متخلفة شعبها فقير ، لكن حكم كاترين القوي زاد التاج احتراما وأنلها بجدارة لقب العظمى الذي أطلق عليها.

أنجالها

الاسم العمر هوامش
پول الأول پتروڤيتش
امبراطور روسيا
1 أكتوبر 1754 –
23 مارس 1801
Born at the Winter Palace, he married firstly Princess Wilhelmina Louisa of Hesse-Darmstadt in 1773 and had no issue. He married secondly, in 1776, Princess Sophie Dorothea of Württemberg and had issue, including the future Alexander I of Russia and Nicholas I of Russia. He succeeded as Emperor of Russia in 1796 and was murdered at Saint Michael's Castle in 1801.
آنا پتروڤنا
دوقة روسيا العظمى
9 ديسمبر 1757 –
ثمانية مارس 1759
Possibly the offspring of Catherine and Stanisław Poniatowski, Anna was born at the Winter Palace betweenعشرة and 11 o'clock; she was named by Empress Elizabeth after her deceased sister, against Catherine's wishes. On 17 December 1757, Anna was baptized and received the Great Cross of the Order of Saint Catherine. Elizabeth served as godmother; she held Anna above the baptismal font and brought Catherine, who did not witness any of the celebrations, and Peter a gift of 60,000 rubles. Elizabeth took Anna and raised the baby herself, as she had done with Paul. In her memoirs, Catherine makes no mention of Anna's death onثمانية March 1759, though she was inconsolable and entered a state of shock. Anna's funeral took place on 15 March, at Alexander Nevsky Lavra. After the funeral, Catherine never mentioned her dead daughter again, having always preferred male offspring.
ألكسي گريگوريڤيتش بورينسكي
كونت بورينسكي
11 أبريل 1762 –
20 يونيو1813
Born at the Winter Palace, he was brought up at Bobriki; his father was Grigory Grigoryevich Orlov. He married Baroness Anna Dorothea von Ungern-Sternberg and had issue. Created Count Bobrinsky in 1796, he died in 1813.

أنجال أسرة رومانوڤ

پول الأول من روسيا، ابن وخليفة كاترين.

مطالبون ومطالبون محتملون للعرش

  • إيڤان الخامس من روسيا
  • يملان پوگاچـِڤ
  • الأميرة تاراكانوڤا.

ظهور المطالبين

خلفة العرش

ألقاب وأساليب المخاطبة

  • 2 مايو1729 – 21 أغسطس 1745: Her Serene Highness الأميرة صوفيا أنهالت-زربست
  • 21 أغسطس 1745 – 25 ديسمبر 1761: صاحبة السموالامبراطوري الدوقة العظمى كاترين ألكسييڤنا من روسيا
  • 25 ديسمبر 1761 –تسعة يوليو1762: صاحبة الجلالة الامبراطورية امبراطورة جميع الروس (كامبرطورة زوجة)
  • 9 يوليو1762 – 17 نوفمبر 1796: صاحبة الجلالة الامبراطورية الامبراطورة والحاكمة المطلقة لجميع الروس (كامبراطورة حاكمة)

نسبها


قائمة أشهر الكاترينيين

النصب التذكاري لكاترين العظمى في سانت پطرسبورگ، محاطة بمشاهير الشخصيات في عهدها.

من أشهر الشخصيات في روسيا الكاترينية:

  • إيڤان بتسكوي
  • Alexander Bezborodko
  • Yakov Bulgakov
  • گاڤريلا درژاڤن
  • Mikhail Kheraskov
  • Dmitry Levitsky
  • Aleksey Orlov
  • Nikita Panin
  • Grigory Potemkin
  • Nicholas Repnin
  • Peter Rumyantsev
  • Mikhailo Shcherbatov
  • Alexander Suvorov
  • Fyodor Ushakov
  • Catherine Vorontsova
  • John Paul Jones – the American sea captain and admiral served under Catherine in naval actions against the Turks in the Black Sea in 1788.

انظر أيضاً

  • قرى پوتمكن
  • شكرة عئالة قياصر روسيا


معرض الصور


المصادر

  • مجلة الفهم، العدد 117 ، 1973.
  1. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  2. ^ Rounding, Virginia (22 January 2008). Catherine the Great: Love, Sex, and Power. Macmillan. p. 74. ISBN .
  3. ^ Massie, Robert K. (2012). Catherine the Great: Portrait of a Woman. New York: Random House LLC. p. 203. ISBN .
  4. ^ Bantysh-Kamensky, Dmitri (2005). Lists of holders of the Imperial Russian Orders of St. Andrew, St. Catherine, St. Alexander Nevsky and St. Anne [Списки кавалерам российских императорских орденов Св. Андрея Первозванного, Св. Екатерины, Св. Александра Невского и Св. Анны с учреждения до установления в 1797 году орденского капитула]. Moscow: Truten. p. 106. ISBN .
  5. ^ Montefiore, Simon Sebag (2010). Catherine The Great & Potemkin: The Imperial Love Affair. Paris: Hachette UK. p. 40. ISBN .
  6. ^ Catherine the Great; Cruse, Markus; Hoogenboom, Hilde (2006). The Memoirs of Catherine the Great. New York: Random House LLC. p. 214. ISBN .CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  7. ^ Dixon, Simon. Catherine the Great. London: Profile Books. pp. 106–7. ISBN .
  8. ^ Alexander, John T. (1989). Catherine the Great: Life and Legend. Oxford: Oxford University Press. p. 54. ISBN .
  9. ^ "Tarakanova, knyazhna". Malyi entsiklopedicheskii slovar' (in Russian). Brokgaus i Efron. 1890–1906. Retrieved 11 July 2009. Unknown parameter |trans_title= ignored (help)CS1 maint: unrecognized language (link) []
  10. ^ "Tarakanova Elizaveta". Bol'shaya sovetskaya entsikolpediya, 3rd edition (in Russian). Sovetskaya entsiklopediya. 1969–1978. Retrieved 11 July 2009. Unknown parameter |trans_title= ignored (help)CS1 maint: unrecognized language (link) []

وصلات خارجية

  • Catherine the Great @ Chronology World History Database
  • Some of the code of laws mentioned above, along with other information
  • Manifesto of the Empress Catherine II, inviting foreign immigration
  • Information about the Battle of Svenskund and the war
  • Historical Myths: The Death of Catherine the Great
  • Catherine the Great of Russia
  • Briefly about Catherine: The Enlightened Despots
  • (بالروسية) Family tree of the ancestors of Catherine the Great
  • The Princess Who Become Catherine the Great @ the Ursula's History Web
  • Filmography: The Scarlet Empress (1934), Directed by Josef von Sternberg, with Marlene Dietrich as Catherine II of Russia; Catherine the Great (1934)


قراءات اضافية

  • Alexander, John T. Catherine the Great: Life and Legend. New York: Oxford University Press (USA), 1988 (hardcover, ISBN 0-19-505236-6); 1989 (paperback, ISBN 0-19-506162-4).
  • Cronin, Vincent. Catherine, Empress of All the Russias. London: Collins, 1978 (hardcover, ISBN 0-00-216119-2); 1996 (paperback, ISBN 1-86046-091-7).
  • Dixon, Simon. Catherine the Great (Profiles in Power). Harlow, UK: Longman, 2001 (paperback, ISBN 0-582-09803-3).
  • Herman, Eleanor. Sex With the Queen. New York: HarperCollins, 2006 (hardcover, ISBN 0-06-084673-9).
  • Madariaga, Isabel de. Catherine the Great: A Short History. New Haven, CT: Yale University Press, 1990 (hardcover, ISBN 0-300-04845-9); 2002 (paperback, ISBN 0-300-09722-0).
  • The Memoirs of Catherine the Great by Markus Cruse and Hilde Hoogenboom (translators). New York: Modern Library, 2005 (hardcover, ISBN 0-679-64299-4); 2006 (paperback, ISBN 0-8129-6987-1).
  • Montefiore, Simon Sebag. Potemkin: Catherine the Great's Imperial Partner. New York: Vintage, 2005 (paperback, ISBN 1-4000-7717-6).
  • Rounding, Virginia (2006). Catherine the Great: Love, Sex and Power. London: Hutchinson. ISBN .
    • Reviewed by Charlotte Hobson in The Spectator, April 15, 2006.
    • Reviewed by Catriona Kelly in The Guardian, April 1, 2006.
    • Reviewed by Simon Sebag Montefiore in , April 17, 2006.
  • Smith, Douglas, ed. and trans. Love and Conquest: Personal Correspondence of Catherine the Great and Prince Grigory Potemkin. DeKalb, IL: Northern Illinois UP, 2004 (hardcover, ISBN 0-87580-324-5); 2005 (paperback ISBN 0-87580-607-4).
  • Troyat, Henri. Catherine the Great. New York: Dorset Press, 1991 (hardcover, ISBN 0-88029-688-7); London: Orion, 2000 (paperback, ISBN 1-84212-029-8).
  • Troyat, Henri. Terrible Tsarinas. New York: Algora, 2001 (ISBN 1-892941-54-6).
يكاترينا الثانية من روسيا
بيت رومانوڤ
فرع أصغر من بيت أنهالت
وُلِد: 2 مايو1729 توفي:ستة نوفمبر 1796
ألقاب ملكية
سبقه
بطرس الثالث
امبراطورة روسيا
28 يونيو1762 –ستة نوفمبر 1796
تبعه
پاڤل الأول
الملكية الروسية
سبقه
مارتا سكاڤرونسكايا

25 ديسمبر 1761 – 28 يونيو1762
تبعه
صوفي دوروثيا من ڤورتمبرگ
تاريخ النشر: 2020-06-04 17:57:56
التصنيفات: صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, Pages with citations using unsupported parameters, CS1 maint: multiple names: authors list, CS1 maint: unrecognized language, All articles with dead external links, Articles with dead external links from September 2011, Articles with invalid date parameter in template, Pages using deprecated image syntax, Pages using infobox royalty with unknown parameters, Articles containing non-English-language text, مواليد 1729, وفيات 1796, حاكمات من القرن 18, مدفونون في كاتدرائية پطرس وپاڤل, متحولون إلى الأرثوذكسية الشرقية من الپروتستانتية, متحولون إلى الأرثوذكسية الشرقية, وفيات بالسكتة الدماغية, دوقات هولشتاين-گوتورپ, مسيحيون أرثوذكس شرقيون من روسيا, امبراطورات حاكمات, روس-ألمان, روس القرن 18, بيت أسكانيا, بيت هولشتاين-گوتورپ-رومانوڤ, ملوك أرثوذكس, أشخاص من شتشتسن, قصص حب, حائزو وسام القديس أندرو, حائزو وسام القديس جورج من الدرجة الأولى, حائزو مرتبة النسر الأبيض (پولندا), مقتنو الفن الروس, أباطرة روس, Russian grand duchesses by marriage, مسيحيون أرثوذكس شرقيون روس, يكاترينا الثانية من روسيا, أشخاص في الحرب التركية الروسية (1768-1774), أشخاص في الحروب الروسية الفارسية, دني ديدرو, مشاعر مناهضة للأوكرانيين

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بالفيديو .. أهداف مباراة أولمبي الشلف و شبيبة الساورة

المصدر: صوت الشلف - الجزائر التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:28:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

اجتماع "الكاراتيه" يناقش البطولات

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:25:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

اعتراف أعرق مؤسسة قضائية بمغربية الصحراء يصدم الكابرانات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:26:10
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

في تسريب جديد.. ماكرون: المغرب قادر على سحق الجزائر في ظرف قياسي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:26:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

كيسنجر: قد يتحول التوتر بين واشنطن وبكين إلى صراع عسكري بينهما

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:36
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 94%

مصر.. السلطات ترد بحدة على انتقادات بشأن زيادة قيمة رسوم الحفلات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:37
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 99%

أمن أنفا يوقف ثلاثة أشخاص متورطين في قضية السرقة بالسلاح الأبيض

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:26:53
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

كوسوفو: الجيش الصربي في حالة تأهب على الحدود

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:19
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 93%

كيسنجر: اليابان قد تطور أسلحة الدمار الشامل خلال سنوات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:35
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 94%

الخارجية الروسية: أوكرانيا هاجمت الكرملين دون التنسيق مع الغرب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:40
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 93%

مفتي مصر يصدر فتوى بخصوص (DNA)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:38
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 93%

أردوغان يتحدث عن "بشرى قريبة" باكتشافات نفطية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:41
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 95%

التشدد في القول والفعل ليس من الدين

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:25:56
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

مصر..السلطات تتحرك عقب حادث ملاهي الإسكندرية (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 03:16:42
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 88%

بعد إحباطه.. كلوب يوجه رسالة نارية لمحمد صلاح

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:25:43
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت المتنوع

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:25:45
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

أمن أنفا يوقف ثلاثة أشخاص متورطين في قضية السرقة بالسلاح الأبيض

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-27 00:26:48
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية