جمال الدين الأفغاني

عودة للموسوعة

جمال الدين الأفغاني

جمال الدين الحسيني الأفغاني

معلومات شخصية
اسم الولادة
الميلاد 1838م - 1254 هـ


أفغانستان

الوفاة الآستانة سبعة مارس 1897م, الموافق ل (1315)هـ


سبب الوفاة
مكان الدفن
قتله
تاريخ الإختفاء
مكان الاعتنطق
الإقامة أفغاني
مواطنة
العرق
نشأ في
لون الشعر
الطول
الوزن
المحيط
استعمال اليد
الديانة
عضوفي
مشكلة صحية
الزوج/الزوجة
الشريك
أبناء
عدد الأولاد
الأب
الأم
أخوة وأخوات
عائلة
مناصب
الحياة العملية
الحقبة 1838 م - 1897 م
المدرسة الأم
تخصص أكاديمي
شهادة جامعية
مشرف الدكتوراه
تفهم لدى
طلاب الدكتوراه
التلامذة المشهورون
المهنة
الحزب
اللغة الأم
اللغات
مجال العمل
الاهتمامات الوحدة الإسلامية، لقاءة الخطر الغربي
موظف في
سبب الشهرة التجديد في العالم الإسلامي
أعمال بارزة
تأثر بـ
الثروة
التيار
الرياضة
بلد الرياضة
تهم
التهم
الخدمة العسكرية
الولاء
الفرع
الرتبة
القيادات
المعارك والحروب
الجوائز
التوقيع
المواقع
المسقط
IMDB

محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني أوالأفغاني أوالأسد آبادي (1838 – 1897)، أحد الأعلام البارزين في النهضة المصرية ومن أعلام الفكر الإسلامي بالنسبة للتجديد.

منشأه

ولد جمال الدین سنة 1839م / 1254 هـ وهناك خلاف في محل ولادته قيل انه ولد في "أسد آباد" (الايرانية) وقيل أنه ولد في أسعد آباد (الافغانية) وهوما تؤكده أسرة الأفغاني نفسه والدراسات الاكاديمية ، ووالده السيد صفتر من السادة الحسينية، ويرتقي نسبه إلى عمر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ومن هنا اتى التعريف عنه بالسيد جمال الدين الافغانی. يؤكد العلامة مصطفى جواد ان جمال الدين الأفغاني يعتبر من أبرز الشخصيات الأفغانية وقد ظهر للمرة الأولى شاباً سواحاً يجعل من الشرق كله وطناً له فيزور بلاد العرب ومصر وهجرية ويقيم في الأفغان وهند وفارس ويسافر إلى كثير من عواصم أوروبا. وقد تربي دينيا ليكون مسلما صوفيا، ولكن عُرف كونه من المسلمين الأصولين، متوافقا مع الأفكار السائدة التي تقف حاجزاً أمام سلطة الفكرة والشخص أمام الجماهير، المنحازة للعاطفة الدينية., وقد وقع خلاف شديد بين الكثير من المؤرخين والكتاب حول الدولة التي ينتمى إليها جمال الدين الافغانى وهوما اثبت المفكر الإسلامي محمد عمارة بالكثير من الاثباتات نفيه لشيعية جمال الدين الافغانى.(مقتبس من مجلة العربى عدد شهر سبتمبر 2012 صفحة 84)

كانت لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان، لنسبها الشريف، ولمقامها الاجتماعي والسياسي إذ كانت لها الإمارة والسيادة على جزء من البلاد الأفغانية، تستقل بالحكم فيه، إلى حتى نزع الإمارة منها دوست محمد خان أمير الأفغان وقتئذ، وأمر بنقل والد السيد جمال الدين وبعض أعمامه إلى مدينة كابل، وانتقل الأفغاني بانتنطق أبيه إليها، وهوبعد في الثامنة من عمره، فعني أبوه بتربيته وتعليمه، على ما جرت به عادة الأمراء والفهماء في بلاده.

كانت مخايل الذكاء، وقوة الفطرة، وتوقد القريحة تبدوعليه منذ صباه، فتفهم اللغة العربية، والأفغانية، وتلقى علوم الدين، والتاريخ، والمنطق، والفلسفة، والرياضيات، فاستوفى حظه من هذه العلوم، على أيدي أساتذة من أهل تلك البلاد، على الطريقة المألوفة في الخط الإسلامية المشهورة، واستكمل الغاية من دروسه وهوبعد في الثامنة عشرة من عمره، ثم سافر إلى الهند، وأقام بها سنة وبضعة أشهر يفهم العلوم الحديثة على الطريقة الأوروبية وتفهم اللغة الإنجليزية، فنضج فكره، واتسعت مداركه. وكان بطبعه ميالاً إلى الرحلات، واستطلاع أحوال الأمم والجماعات، فعرض له وهوفي الهند حتى يؤدي فريضة الحج، فاغتنم هذه الفرصة وقضى سنة ينتقل في البلاد، ويتعهد أحوالها، وعادات أهلها، حتى وافى مكة المكرمة في سنة 1857 م - 1273 هـ، وأدى الفريضة.


بداية حياته العملية

ثم عاد إلى بلاد الأفغان، وانتظم في خدمة الحكومة على عهد الأمير دوست محمد خان المتقدم ذكره وكان أول عمل له مرافقته إياه في حملة حربية جردها لفتح هراة، إحدى مدن الأفغان، وليس يخفى حتى النشأة الحربية تعود صاحبها الشجاعة، واقتحام المخاطر، ومن هنا تبدوصفة من الصفات العالية، التي امتاز بها جمال الدين، وهي الشجاعة، فإن من يخوض غمار القتال في بدء حياته تألف نفسه الجرأة والإقدام، وخاصة إذا كان بفطرته شجاعاً.

ففي نشأة الأفغاني الأولى، وفي الدور الأول من حياته، تستطيع حتى تتعهد على اخلاقه، والعناصر التي تكونت منها شخصيته، فقد نشأ كما رأيت من بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتز بالإمارة، والسيادة، والحكم، زمناً ما، وتربى في مهاد العز، في كنف أبيه ورعايته، فكان للوراثة والنشأة الأولى أثرهما فيما طبع عليه من عزة النفس، التي كانت من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته، وكان للحرب التي خاضها أثرها أيضاً فيم اكتسبه من الأخلاق الحربية، فالوراثة والنشأة، والتربية، والفترة الأولى في الحياة العملية، ترسم لنا جانباً من شخصية جمال الدين الأفغاني.

سار الأفغاني إذن في جيش دوست محمد خان لفتح "هراة"، ولازمه مدة الحصار إلى حتى توفي الأمير، وفتحت المدينة بعد حصار طويل، وتقلد الإمارة من بعده ولى عهده شير علي خان سنة 1864م - 1280 هـ.

ثم سقط الخلاف بين الأمير الجديد واخوته، إذ أراد حتى يكيد لهم ويعتقلهم، فانضم السيد جمال الدين إلى محمد أعظم أحد الأخوة الثلاثة، لما توسمه فيه من الخير. أستعرت نار الحرب الداخلية، فكانت الغلبة لمحمد أعظم، وانتهت إليه إمارة الأفغان، فعظمت منزلة الأفغاني عنده، وأحله محل الوزير الأول، وكان بحسن تدبيره يستتب الأمر للأمير، ولكن الحرب الداخلية، مالبثت حتى تجددت، إذ كان شير علي لا يفتأ يسعى لاسترجاع سلطته، وكان الإنجليز يعضدونه بأموالهم ودسائسهم، فأيدوه ونصروه، ليجعلوه من أوليائهم وصنائعهم، وأغدق شير علي الأموال على الرؤساء الذين كانوا يناصرون الأمير محمد أعظم، فبيعت أمانات ونقضت عهود وجددت خيانات، كما يقول الأستاذ الشيخ محمد عبده وانتهت الحرب بهزيمة محمد أعظم، وغلبه شير علي، وخلص له الملك.

بقي السيد جمال الدين في كابل لم يمسسه الأمير بسوء، احتراماً لعشيرته وخوف انتفاض العامة عليه حمية لآل البيت النبوي، وهنا أيضاً تبدولك مكانة الأفغاني، ومنزلته بين قومه، وهوبعد في الفترة الأولى من حياته العامة، ويتجلى استعداده للإضطلاع بعظائم المهام، والتطلع إلى جلائل الأعمال، فهويناصر أميراً يتوسم فيه الخير، ويعمل على تثبيته في الإمارة، ويشيد دولةقد يكون له فيها مقام الوزير الأول، ثم لاتلبث أعاصير السياسة والدسائس الإنجليزية حتى تعصف بالعرش الذي أقامه، ويغلب على أمر الأمير، ويلوذ بالفرار إلى إيران لكي لايقع في قبضة عدوه، ثم يموت بها، أما الأفغاني فيبقى في عاصمة الإمارة، ولايهاب بطش الأمير المنتصر، ولايتملقه أويسعى إلى نيل رضاه، ولاينقلب على عقبيه كما يعمل الكثيرون من طلاب المنافع، بل بقي عظيماً في محنته، ثابتاً في هزيمته، وتلك ظواهر عظمة النفس، ورباطة الجأش، وقوة الجنان.

وهذه الفترة كان لها أثرها في الإتجاه السياسي للسيد جمال الدين، فقد رأى مابذلته السياسة الإنجليزية لتفريق الحدثة، ودس الدسائس في بلاد الأفغان، وإشعال نار الفتن الداخلية بها، واصطناعها الأولياء من بين أمرائها، ولا مراء في حتى هذه الأحداث قد كشفت له عن مطامع الإنجليز، وأساليبهم في الدس والتفريق، وغرست في فؤاده روح العداء للسياسة البريطانية خاصة، والمطامع الاستعمارية الأوروبية عامة، وقد لازمه هذا الكره طوال حياته، وكان له مبدأ راسخاً يصدر عنه في أعماله وآرائه وحركاته السياسية.

رحيله إلى الهند

لم ينفك الأمير شير علي يدبر المكايد للسيد جمال الدين، ويحتال للغدر به فرأى السيد حتى يفارق بلاد الأفغان، ليجد جواً صالحاً للعمل، فاستأذنه في الحج، فأذن له، فسار إلى الهند سنة 1869م - 1285 هـ، وكانت شهرته قد سبقته إلى تلك الديار، لما عهد عنه من الفهم والحكمة، وماناله من المنزلة العالية بين قومه، ولم يكن يخفى على الحكومة الإنجليزية عداءه لسياستها، ومايحدثه مجيئة إلى الهند من إثارة روح الهياج في النفوس، خاصة لأن الهند كانت لا تزال تضطرم بالفتن على الرغم من إخماد ثورة سنة 1857م، فلما وصل إلى التخوم الهندية تلقته الحكومة بالحفاوة والإكرام، ولكنها لم تسمح له بطول الإقامة في بلادها، واتى أهل الفهم والفضل يهرعون إليه، يقتبسون من نور فهمه وحكمته، ويستمعون إلى أحاديثه ومافيها من غذاء العقل والروح، والحث على الأنفة وعزة النفس، فنقمت الحكومة منه اتصاله بهم، ولم تأذن له بالاجتماع بالفهماء وغيرهم من مريديه وقصاده، إلا على عين من رجالها، فلم يقم هناك طويلاً، ثم أنزلته الحكومة إحدى سفنها فأقلته إلى السويس.

مجيئه مصر لأول مرة

اتى مصر لأول مرة أوائل سنة 1870م - أواخر سنة 1286 هـ، ولم يكن يقصد الإقامة بها طويلا ؛ لأنه إنما اتى ووجهته الحجاز - أى اتى إلى مصر ليسافر منها إلى بلاد الحجاز-، فلما سمع الناس بقدومه، اتجهت إليه أنظار النابهين من أهل الفهم، وحينما وصل إلى مصر زار الأزهر الشريف، واتصل به كثير من الطلبة، فآنسوا فيه روحاً تفيض فهم وحكمة، فأقبلوا عليه يتلقون بعض العلوم الرياضية، والفلسفية، والكلامية، وقرأ لهم شرح "الأظهار" في البيت الذي هبط به بخان الخليلي، وأقام بمصر أربعين يوماً، ثم تحول عزمه عن الحجاز، وسافر إلى الأستانة.


سفره إلى الأستانة ثم رحيله عنها

وصل جمال الدين إلى الأستانة، فلقي من حكومة السلطان عبد العزيز حفاوة وإكراماً، إذ عهد له الصدر الأعظم عالى باشا مكانته، وكان هذا الصدر من ساسة الهجر الأفذاذ، العارفين بأقدار الرجال، فأقبل على الأفغاني يحفه بالاحترام والرعاية، ونزل من الأمراء والوزراء والفهماء منزلة عالية، وتناقلوا الثناء عليه، ورغبت الحكومة حتى تستفيد من فهمه وفضله، فلم تمض ستة أشهر حتى جعلته عضواً في مجلس المعارف، فاضطلع بواجبه، وأشار بإصلاح مناهج التعليم، ولكن آراءه لم تلق تأييداً من زملائه، ولم يكن على وفاق مع شيخ الإسلام حسن فهمي أفندي، وفي رمضان سنة 1287 هـ - ديسمبر سنة 1870م، رغب إليه مدير دار الفنون حتى يلقي فيها خطاباً للحث على الصناعات، فاعتذر باديء ذي بدء بضعفه في اللغة الهجرية، فألح عليه، فأنشأ خطاباً طويلاً خطه قبل إلقائه، وعرضه على نخبة من أصحاب المناصب العالية، فأقروه واستحسنوه.

وألقى الأفغاني خطابه بدار الفنون، في جمع حاشد من ذوي الفهم والمكانة، فنال استحسانهم، لكن خلافًا وقع بينه وبين شيخ الإسلام، وأصدرت الأستانة أمرها إلى الأفغاني بالرحيل عن الأستانة بضعة أشهر، حتى تسكن الخواطر، ويهدأ الاضطراب، ثم يعود إليها إذا شاء، ورغب إليه بعض مريديه حتى يتحول إلى الديار المصرية، فعمل برأيهم وقصد إليها.

عودته إلى مصر وإقامته بها

اتى السيد جمال الدين إلى مصر في أول محرم سنة 1288 هـ - مارس سنة 1871م، لا على نية الإقامة بها، بل على قصد مشاهدة مناظرها، واستطلاع أحوالها، ولكن رياض باشا وزير إسماعيل في ذلك الحين رغب إليه البقاء في مصر، وأجرت عليه الحكومة راتباً مقداره ألف قرش جميع شهر، لا في لقاء عمل، واهتدى إلى الأفغاني كثير من طلبة الفهم، يستورون زنده، ويقتبسون الحكمة من بحر فهمه، فقرأ لهم الخط العالية في فنون الكلام، والحكمة النظرية، من طبيعية وعقلية، وعلوم الفلك، والتصوف، وأصول الفقة، بإسلوب طريف، وطريقة مبتكرة. وكانت مدرسته بيته، ولم يمضى يوماً إلى الأزهر مدرساً، وإنما مضى إليه زائراً، وأغلب مايزوره يوم الجمعة، وكان أسلوبه في التدريس محاورة العقل، وفتح أذهان تلاميذه ومريديه إلى البحث والتفكير، وبث روح الحكمة والفلسفة في نفوسهم، وتوجيه أذهانهم إلى الأدب، والإنشاء، والخطابة، وكتابة الموضوعات الأدبية، والاجتماعية، والسياسية، فظهرت على يده نهضة في العلوم والأفكار أنتجت أطيب الثمرات.

وهنا موضع للتساؤل، عما حمل الخديوي إسماعيل إلى استمالته الأفغاني للإقامة في مصر، وإكرام مثواه، ويبدوهذا العمل غريباً، لأن لجمال الدين ماضياً سياسياً ومجموعة أخلاق ومبادئ، ولاترغب فيه الملوك المستبدين، ولم يكن السيد من أهل التملق والدهان، فينال عطفهم ورعايتهم، ويجرون عليه الأرزاق بلا لقاء، ولكن الأمر لايعسر فهمه إذا عهدنا حتى في إسماعيل جانباً ممدوحاً من صفاته الحسنة، وهوحبه للفهم، ورغبته في نشره ورعايته، وكانت شخصية جمال الدين الفهمية، وشهرته في الفلسفة، أقوى ظهوراً وخاصة في ذلك الحين، من شخصيتة السياسية، فلا غروحتى يكرم فيه إسماعيل العالم المحقق، الذي يفيض على مصر من بحر فهمه وفضله، وفي الحق حتى إسماعيل لم يكن يقصر في اغتنام الفرصة لتنشيط النهضة الفهمية ورعاية الفهماء والأدباء، فترغيبه جمال الدين في البقاء بمصر يشبه حتىقد يكون فتحاً فهمياً، كتأسيس معهد من معاهد الفهم العالية التي أنشئت على يده.

أما آراء الأفغاني السياسية وكراهيته للاستبداد ونزعته الحرة، فلم يكن مثل إسماعيل يخشاها أويحسب لها حساياً كبيراً، لأنه في ذلك الحين سنة 1871م كان قد بلغ أوج سلطته ومجده، فكان يحكم البلاد حكماً مطلقاً، يأمر وينهى ويتصرف في أقدار البلاد ومصاير أهلها، دون رقيب أوحسيب، وكان مجلس شورى النواب آلة مطواعة في يده، والصحافة في بدء عهدها تكيل له عبارات المديح، وتصوغ له عقود الثناء، ولم يكن سلطانه قد استهدف بعد التدخل الأجنبي، لأن هذا التدخل لم يقع إلا في سنة 1875م، كما رأيت في سياق الحديث، فليس ثمة مايخشى منه إسماعيل، على سلطته المطلقة، من الناحية الداخلية أوالخارجية، حين رغب إلى الأفغاني الإقامة والتدريس في مصر. وقد بدأت النهضة التي ظهرت على يد السيد، فهمية، أدبية، ولم تتطور إلى الناحية السياسية إلا حوالي سنة 1876م، على أنها في تطورها السياسي لم تتجه ضد إسماعيل بالذات، بل اتجهت في الجملة ضد التدخل الأجنبي.

وثمة اعتبار آخر لايفوتنا الإلماح إليه، ذلك حتى جمال الدين قد بارح الأستانة، إذ لم يجد فيها جواً صالحاً للنهضة الفهمية، والفكرية، وقصد إلى مصر وقد سبقته إليها أنباؤه، ومالقيه في "دار الخلافة" من العنت والاضطهاد، وكان إسماعيل ينافس حكومة الأستانة في المكانة والنفوذ السياسي، وينظر إليها بعين الزراية، ولايرضى لمصر حتى تكون تابعة لهجريا، ولا حتىقد يكون هوتابعاً للسلطان العثماني، وليس خافياً ما كان يبذله من المساعي للانفصال عن هجريا في ذلك الحين، وظهوره بمظهر العاهل المستقل، في المعرض العالمي في باريس سنة 1867م، وفي إغفاله دعوة السلطان إلى حضور حفلات القناة سنة 1869م، وعزمه على إعلان استقلال مصر التام في تلك الحفلات، لولا العقبات السياسية التي اعترضته، ولايغرب عن الذهن ما كان بين الخديوي والسلطان من مظاهر الفتور والجفاء التي كادت تبتر الروابط بينهما، وأخصها فرمان نوفمبر سنة 1869م الذي أصدره السلطان منتقصا من سلطة الخديوي.

ففي هذا الجوهبط جمال الدين مصر مبعداً من الأستانة، فلم يفت ذكاء إسماعيل حتى يغتنم الفرصة ليحمي الفهم في إنسان الفيلسوف الأفغاني، ولايخفى ما لهذا العمل من حسن الأثر وجميل الأحدوثة، إذ يرى الناس فيه حتى مصر تؤوي الفهماء والحكماء، حين تضيق عنهم "دار الخلافة" وأن عاهل مصر العظيم أحق من السلطان العثماني بالثناء والتقدير لأنه يفسح للفهم رحابه، ويوطئ له في وادي النيل أكنافه. وقد يحدث ل'''رياض باشا''' يد في إكرام وفادة المترجم، ولكن إذا فهمنا حتى وزراء إسماعيل لمقد يكونوا يصدرون إلا عن رأيه وأمره، أدركنا حتى رياض باشا لم يكن الرجل الذي ينفرد بهذا الصنيع نحوجمال الدين، ومهما يكن واقع الأمر فإن ل'رياض باشا]] فضل المشاركة في عمل كان له الأثر البالغ في نهضة مصر الفهمية والفكرية والسياسية.

أثره الفهمي والأدبي

أقام المترجم في مصر، وأخذ يبث تعاليمه في نفوس تلاميذه، فظهرت على يده بيئة، استضاءت بأنوار الفهم والعهدان، وارتوت من ينابيع الأدب والحكمة، وتحررت عقولها من قيود الجمود والأوهام، وبفضله خطا فن الكتابة والخطابة في مصر خطوات واسعة، ولم تقتصر حلقات دروسه ومجالسه على طلبة الفهم، بل كان يؤمها كثير من الفهماء والموظفين والأعيان وغيرهم، وهوفي جميع أحاديثه "لا يسأم" كما يقول عنه محمد عبده، من الكلام فيما ينير العقل، أويطهر العقيدة أويمضى بالنفس إلى معالي الأمور، أويستلفت الفكر إلى النظر في الشؤون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها، وكان طلبة الفهم ينتقلون بمايخطونه من تلك المعارف إلى بلادهم أيام البطالة، والزائرون يمضىون بما ينالونه إلى أحيائهم، فاستيقظت مشاعر وتنبهت عقول، وخف حجاب الغفلة في أطراف متعددة من البلاد خصوصاً في القاهرة.

ونطق محمد عبده في موطن آخر يصف تطور الكتابة على يد الأفغاني: "كان أرباب القلم في الديار المصرية القادرون على الإجادة في المواضيع المتنوعة منحصرين في عدد قليل، وما كنا نعهد منهم إلا عبد الله باشا فكري وخيري باشا، ومحمد باشا سيد أحمد على ضعف فيه، ومصطفى باشا وهبي على اختصاص فيه، ومن عدا هؤلاء فإما ساجعون في المراسلات الخاصة، وإما مصنفون في بعض الفنون العربية أوالفقهية وما شاكلها، ومن عشر سنوات ترى خطة في القطر المصري، لايشق غبارهم ولايوطأ مضمارهم، وأغلبهم أحداث في السن، شيوخ في الصناعة، وما منهم إلا من أخذ عنه، أوعن أحد تلاميذه، أوقلد المتصلين به".

فروح جمال الدين كان لها الأثر البالغ في نهضة العلوم والآداب في مصر، ولايفوتنا القول بأن البيئة التي كانت مستعدة للرقي، صالحة لغرس بذور هذه النهضة، وظهور ثمارها، أوبعبارة أخرى حتى مصر بما فيها جامع الأزهر، والمعاهد الفهمية الحديثة، والتقدم الفهمي الذي ابتدأ منذ عهد محمد علي، كانت على استعداد لتقبل دعوة الحكيم الأفغاني، ولولا هذا الاستعداد لقضي على هذه الدعوة في مهدها، ولأخفق هوفي مصر كما أخفق في الأستانة، حيث عثر أبواب العمل موصدة أمامه، وهذا يبين لنا جانباً من مكانة مصر، وسبقها الأقطار الشرقية في التقدم الفهمي والفكري والسياسي، ويزيد هذه الحقيقة وضوحاً أنك إذا استعرضت حياة جمال الدين العامة، وماهجره من الأثر في مختلف الأقطار الشرقية التي بث فيها دعوته، وجدت أثره في مصر أقوى وأعظم منه في أي بلد من البلدان الأخرى، وفي هذا مايدلك على مبلغ استعداد مصر للنهضة والتقدم، إذا تهيأت لها مسببات العمل ووجدت القادة والحكماء.

حدد الباحثون دوره الهام في إعطاء دفعة قوية للنهضة الأدبية الحديثة في الطرق الأربعة:

  • إِعْدُاد الأجواء المناسبة‌ للنهضة‌ الأدبیة بواسطه الإصلاح الدینی والصحوة الإسلامیة والوعی القومی.
  • کتابة مـنطقات سـیاسیة فـی الصحف والجرائد بلغة سهلة تقل فیها الصنعة‌، والدعـوة‌ إلى تحریر الکتابة من التعقید والتقلید وجعلها في خدمة الفکر لا‌ في خدمة الاسلوب، وبذلک فتح الطریق أمام الکتّاب والأدباء لتـطویر الکـتابة الأدبـیة.
  • إن محمود سامي البارودي کرائد للشعر‌ العربی‌ المعاصر‌ کان من تـلامیذ السید جمال الدین وتأثر بأفکاره تأثیراً شدیداً.
  • إنَّ‌ محمد‌ عبده رائد النثر المعتدل کان من أقرب تلامیذ السید جـمال الدیـن وکـان بدوره قد أثَّر علی‌ المنفلوطي والذی‌ یعد رائد النثر العربي الحدیث.


أثره الأخلاقي والسياسي

اتى جمال الدين الأفغاني إلى مصر يحمل بين جنبيه روحا كبيرة، ونفساً قوية، تزينها صفات وأخلاق عالية، أنبتتها الوراثة والتربية الأولى، وهذبتها الحكمة والفهم، ومحصتها الحياة الحربية التي خاض غمارها في بلاد الأفغان، والتجارب التي مارسها، والشدائد التي عاناها اتى وفيه من الشمم والإباء ما صدفه عن حتى يطأ طأ الرأس أويقيم على الضيم، اتى وفيه من الثبات ما جعله يتغلب على العقبات التي اعترضته في أدوار حياته، فقد رأيت كيف من الممكن أن بقي على ولائه للأمير محمد أعظم، رغم ما أصابه من الهزيمة ولم يخضع لخصمه (شير على)، ورحل إلى الهند، فلم تطق السياسة الاستعمارية بقاءه فيها وأقصته عنها، ومضى إلى الأستانة، فلم يعهد التملق والدهان، وجهر بالحق، واستهدف لعداوة شيخ الإسلام، فلم يتراجع ولم ينكص على عقبيه، وانتهى الخلاف بإقصائه عن الأستانة.

فهذه الأخلاق التي اتى بها جمال الدين كانت بلا مراء أقوى مما عهد عن المجتمع، في ذلك العهد، من خفض الجناح، والصبر على الضيم والخضوع للحكام، وليس يخفى ما للشخصيات الكبيرة من سلطان أدبي على النفوس وما تؤثر فيها من طريق القدوة، فالسيد جمال الدين بما اتصف به من الأخلاق العالية، أخذ يبث في النفوس روح العزة والشهامة، ويحارب روح الذلة والاستكانة، فكان بنفسيته ودروسه وأحاديثه، ومناهجه في الحياة، مدرسة أخلاقية، حملت من مستوى النفوس في مصر، وكانت على الزمن من العوامل الفعالة للتحول الذي بدا على الأمة وانتنطقها من حالة الخضوع والاستكانة إلي التطلع للحرية والتبرم بنظام الحكم القديم ومساوئه، والسخط على تدخل الدول في شؤون البلاد.

اسرفت حكومة إسماعيل في القروض، وبدأت عواقب هذا الإسراف تظهر للعيان رغم ما بذلته الحكومة لإخفائها بمختلف الوسائل، وأخذت النفوس تتطلع إلى إصلاح نظام الحكم بعد إذ أحست مرارة الاستبداد وهالتها فداحة القروض التي كبلت البلاد بقيود تدخل الدول.

ويمكننا حتى نحدد أواخر سنة 1875 م، وأوائل سنة 1876 م كمبدأ للتدخل الأوربي إذ وقع من مظاهره وقتئذ شراء إنجلترا أسهم مصر في القناة ثم قدوم بعثة المستر " كيف من الممكن أن " الإنجليزية لفحص مالية مصر، ثم توقف الحكومة عن أداء أقساط ديونها وما اعقب ذلك من إنشاء صندوق الدين في مايوسنة 1876 م فهذا التدخل كان من الأسباب الجوهرية التي حفزت النفوس إلي التبرم بنظام الحكم، والتخلص من مساوئه، لأن سياسة الحكومة هي التي أفضت إلي تدخل الدول في شؤون مصر وامتهانها كرامة البلاد واستقلالها. ومن هنا اتىت النهضة الوطنية والسياسية، ووجدت مبادئ حكيم الشرق وتعاليمه سبيلاً إلي النفوس، فكانت من العوامل الهامة في ظهور هذه النهضة التي شغلت السنوات الأخيرة من عهد إسماعيل وكانت من أعظم أدوار الحركة القومية.

كان من مظاهر هذه النهضة نشاط الصحف السياسية، وإقبال الناس عليها، وتحدثهم في شؤون البلاد العامة، وتبرمهم بحالتها السياسية والمالية، ثم ظهور روح المعارضة واليقظة في مجلس الشورى، على يد نواب نفخ فيهم جمال الدين من روحه، وعلى رأسهم عبد السلام بك المويلحي (باشا)، الذي يعد من تلاميذه الأفذاذ، وإنك لتلمس الصلة الروحية بينهما، من الحدثات والعبارات الرائعة التي كان المويلحي يجهر بها في جلسات مجلس شورى النواب مما سنذكره في موضعه، فإن هذه العبارات هي قبس من روح الحكيم الأفغاني.

وقد اتى ذكر النائب المويلحى ضمن تلاميذ جمال الدين ومريديه على لسان سليم بك العنجوري أحد أدباء سورية حين زار مصر ووصف مكانة الأفغاني بقوله: " في خلال سنة 1878 زاد مركزه خطراً وسما مقامه، لأنه تدخل في السياسات وتولى رئاسة جمعية (الماسون) العربية وصار له أصدقاء وأولياء من أصحاب المناصب العالية، مثل محمود سامي البارودي الذي نفي أخيراً مع عرابي إلي جزيرة سيلان، وعبد السلام بك المويلحي النائب المصري في دار الندوة، وأخيه إبراهيم (المويلحي) محرر الضابطة، وكثر سواد الذين يخدمون افكاره، ويعلون بين الناس مناره، من أرباب الأقلام، مثل الشيخ محمد عبده، وإبراهيم اللقاني، وعلى بك مظهر، والشاعر الزرقاني، وأبي الوفاء القوني في مصر، وسليم النقاش، وأديب إسحاق، وعبد الله النديم في الإسكندرية".

جمال الدين والثورة العرابية

لم يكن جمال الدين الأفغاني مناصراً لإسماعيل، بل كان ينقم منه استبداده وإسرافه، وتمكينه الدول الاستعمارية من مرافق البلاد وحقوقها، وكان يتوسم الخير في توفيق، إذ رآه وهوولي للعهد ميالاً إلي الشورى، ينتقد سياسة أبيه وإسرافه، وقد اجتمعا في محفل الماسونية (والتي لم تكن تبدوكمنظمة سيئة في ذلك الوقت)، وتعاهدا على إقامة نادىئم الشورى.

لكن توفيق لم يف بعهده بعد حتى تولى الحكم، فقد بدا عليه الانحراف عن الشورى واستمع لوشايات رسل الاستعمار الأوربي، وفي مقدمتهم قنصل إنجلترا العام في مصر، إذ كانوا ينقمون من جمال الأفغاني روح الثورة والدعوة إلي الحرية والدستور، فغيروا عليه قلب الخديوي، وأوعزوا إليه بإخراجه من مصر، فأصدر أمره بنفيه وكان ذلك بقرار من مجلس النظار منعقداً برآسة الخديوي، وكان نفيه غاية في القسوة والغدر، إذ قبض عليه فجر الأحد الخامس من رمضان سنة 1296 هـ / 24 أغسطس 1879م، وهوذاهب إلي بيته هووخادمه الأمين (أبوتراب)، وحجز في الضبطية، ولم يمكن حتى من أخذ ثيابه، وحمل في الصباح في عربة مقفلة إلي محطة السكة الحديدية، ومنها نقل تحت المراقبة إلى السويس، وانزل منها إلى باخرة اقلته إلى الهند، وسارت به إلي بومباي، ولم تتورع الحكومة عن نشر بلاغ رسمي من إدارة المطبوعات بتاريخثمانية رمضان سنة 1296 (26 أغسطس سنة 1879م) ذكرت فيه نفي الأفغاني بعبارات جارحة ملؤها الكذب والأفتراء، مما لا يجدر بحكومة تشعر بشيء من الكرامة والحياء حتى تسىء إليه، فهي قد نسبت إليه السعي في الأرض بالفساد، وهوالذي لم يكن يسعى إلا إلى يقظة الأمة، وتحريرها من رقة الذل والعبودية، وذكرت عنه أنه "رئيس جمعية سرية من الشبان ذوي الطيش مجتمعة على فساد الدين والدنيا"، وحذرت الناس من الاتصال بهذه الجمعية، ومن المؤلم حقاً حتى يتقرر النفي ويصدر مثل هذا البلاغ من حكومة يرأسها الخديوي توفيق باشا وهوعلى ما تفهم من سابق تقديره للأفغاني، ومن وزرائها محمود باشا سامي البارودي ناظر الأوقاف وقتئذ، وقد كان من اصدق مريديه وانصاره، فتأمل كيف من الممكن أن يتنكر الأنصار والأصدقاء لأستاذهم، وإلى أي حد يضيع الوفاء بين الناس !!، ولا ندري كيف من الممكن أن أساغ البارودي نفي السيد جمال الدين واشهجر في احتماله تبعته، وإذا لم يكن موافقاً على هذا العمل المنكر فَلِمَ لم يستقيل من الوزارة احتجاجاً واستنكاراً ،يا ترى؟ لا ريب حتى موقف البارودي في هذه الحادثة لا يمكن تسويغه أوالدفاع عنه بأي حال.

نفي جمال الدين من مصر، على حتى روحه ومبادئه وتعاليمه هجرت أثرها في المجتمع المصري وبقيت النفوس ثائرة تتطلع إلي نظام الحكم، وإقامته على نادىئم الحرية والشورى فجمال الدين هومن الوجهة الروحية والفكرية أبوالثورة العرابية، وكثير من أقطابها هم من تلاميذه أومريديه، والثورة في ذاتها هي استمرار للحركة السياسية التي كان لجمال الدين الفضل الكبير في ظهورها على عهد إسماعيل، ولوبقي في مصر حين نشوب الثورة لكان جائزاً حتى يمدها بآرائه الحكيمة، وتجاربه الرشيدة، فلا يغلب عليها الخطل والشطط، ولكن شاءت الأقدار، والدسائس الإنجليزية، حتى ينفى الأفغاني من مصر، وهي أحوج ما تكون إلى الانتفاع بحكمته وصدق نظره في الأمور.

أقام الأفغاني بحيدر أباد الدكن، وهناك خط رسالته في الرد على الدهريين، وألزمته الحكومة البريطانية بالبقاء في الهند حتى انقضى أمر الثورة العرابية.

عمله في أوروبا

جريدة العروة الوثقى

اخفقت الثورة العرابية، واحتل الإنجليز مصر، فسمحوا للأفغاني بالذهاب إلي اي بلد فاختار الذهاب إلى أوروبا فقصد إليها سنة 1883، وأول مدينة وردها مدينة لندن، وأقام بها أياماً معدودات، ثم انتقل إلي باريس، وكان تلميذه محمد عبده منفياً في بيروت عقب إخماد الثورة، فاستنادىه إلى باريس، فوافاه إليها، وهناك أصدر جريدة (العروة الوثقى)، وقد سميت باسم الجمعية التي أنشأتها، وهي جمعية تألفت لدعوة الأمم الإسلامية إلى الاتحاد والتضامن والأخذ بأسباب الحياة والنهضة، ومجاهدة الاستعمار، وتحرير مصر والسودان من الاحتلال، وكانت تضم جماعة من أقطاب العالم الإسلامي وكبرائه وهي التي عهدت إلى الأفغاني بإصدار الجريدة لتكون لسان حالها.

اشهجرا معاً في تحريرها، وكانت منطقاتها جامعة بين روح جمال الدين، وقلم محمد عبده، فاتىت آيات بينات سموالمعاني، وقوة الروح وبلاغة العبارة، وهي اشبه ما تكون بالخطب النارية، تستثير الشجاعة في نفوس قارئها، وتداني في روحها وقوة تأثيرها أسلوب الإمام علي كرم الله وجهه في خطبه الحماسية المنشورة في نهج البلاغة، واتخذت العروة شعارها إيقاظ الأمم الإسلامية، والمدافعة عن حقوق الشرقيين كافة، ودعوتهم إلى مقاومة الاستعمار الأوربي والجهاد.

وقد ذاع شأنها في العالم الإسلامي وأقبل عليها الناس في مختلف الأقطار، ولكن الحكومة الإنجليزية أقفلت دونها أبواب مصر والهند، وشددت في مطاردتها واضطهاد من يقرؤها، وبلغ بها السعي في مصادرتها حتى اوعزت إلي الحكومة المصرية بتغريم جميع من توجد عنده العروة الوثقى خمسة جنيهات مصرية إلى خمسة وعشرين جنيهاً، وأقامت الموانع دون استمرارها، فلم يتجاوز ما نشر منها ثمانية عشر عدداً. قضى جمال الدين في باريس ثلاث سنوات، كان لا يفتأ خلالها بنشر المباحث والموضوعات الهامة في مقاومة اعتداء الدول الأوربية على الأمم الإسلامية، ويراسل تلاميذه في مصر.

جمال الدين ورينان

جرت له أبحاث مع الفيلسوف إرنست رينان Renan في العالم الإسلامي وأكبر فيه رينان عبقريته، وسعة فهمه وقوة حجته، ونطق عنه: "قد خُيل إلي من حرية فكره ونبالة شيمه، وصراحته، وأنا أتحدث إليه، أنني أرى وجهاً لوجه أحد من عهدتُهم من القدماء، وأنني أشهد ابن سينا أوابن رشد، أوأحد أولئك الملاحدة العظام اللذين ظلوا خمسة قرون يعملون على تحرير الإنسانية من الإسار."

جمال الدين ورشفور

رآه أيضاً المحرر الفرنسي رشفور، فنطق فيه:السيد جمال الدين من سلالةالنبي، ويكاد هونفسه حتىقد يكون نبياً.

عمله في فارس ثم نفيه منها

ثم أخذ يتنقل بين باريس ولندن إلى أوائل فبراير سنة 1886 (جمادي الأولى سنة 1303 هـ) وفيه مضى إلى بلاد فارس ثم إلى روسيا.

ولما كان معرض باريس سنة 1889، عاد جمال الدين إليها، وفي عودته منها التقى بالشاه في ميونخ عاصمة بافاريا، فنادىه إلى صحبته إذ كان يرغب في الانتفاع بفهمه وتجاربه، فأجاب الدعوة، وسار معه إلى فارس، وأقام في طهران، فحفه فهماء فارس وأمراؤها وأعيانها بالرعاية والإجلال.

استعان به الشاه على إصلاح أحوال المملكة، وسن لها القوانين الكفيلة بإصلاح شئونها، ولكنه استهدف لسخط أصحاب النفوذ في الحكومة، وخاصة الصدر الأعظم، فوشوا به عند الشاه، واسر إليه الصدر الأعظم حتى هذه القوانين تؤول إلى انتزاع السلطة من يده، فأثرت الوشايات في نفس الشاه، وبدأ يتنكر للسيد فاستاذنه في المسير إلى المقام المعروف " بشاه عبد العظيم " على بعد عشرين كيلومتر من طهران، فاذن له، فوافاه به جم غفير من الفهماء والوجهاء من انصاره في دعوة الإصلاح، فازدادت مكانته في البلاد، وتخوف الشاه عاقبة ذلك على سلطانه فاعتزم الإساءة إليه، ووجه إلى " الشاه عبد العظيم " خمسمائة فارس قبضوا عليه وكان مريضاً، فانتزعوه من فراشه واعتقلوه، وساقه خمسون منهم إلى حدود المملكة العثمانية منيفاً، فنزل بالبصرة، فعظم ذلك على مريديه، واشتدت ثورة السخط على الشاه.

دعوة جمال الدين ضد الشاه

أقام السيد بالبصرة زمناً حتى أبل من سقمه، ثم أوفد كتاباً إلى كبير المجتهدين في فارس ميرزا محمد حسن الشيرازي، عدد فيه مساوئ الشاه، وخص بالذكر تخويله إحدى الشركات الإنجليزية حق احتكار التنباك في بلاد فارس، وما يفضي إليه من استئثار الأجانب بأهم حاصلات البلاد، وكان هذا النداء من أعظم الأسباب التي جعلت كبير المجتهدين يفتي بحرمة استعمال التنباك إلى حتى يبطل الامتياز، فاتبعت الامة هذه الفتوى، وامسكت عن تدخينه، واضطر الشاه خوف انتقاض الأمة إلى إلغائه، ودفع للشركة الإنجليزية تعويضاً فخلصت فارس من التدخل الأجنبي.

فدوره في المجتمعات الشرقية ومنها إيران غير مشكوك، حتى قيل: جمال الدين كان المنبه الأول للانقلاب الذي وقع بفارس(ايران) في أواخر القرن الماضي، و...

شخوصه إلى أوروبا

مكث جمال الدين بالبصرة ريثما عادت إليه صحته، ثم رحل إلى لندن، فتلقاه الإنجليز بالإكرام، ودعوه إلى مجتمعاتهم السياسية والفهمية، وحمل على الشاه وسياسته حملات صادقة في مجلة سماها (ضياء الخافقين)، ونادى الأمة الفارسية إلى خلعه، وقويت دعوته الحرية في إيران، وأشتد السخط على الشاه ناصر الدين إلى حتى اغتال سنة 1896م، بيد فارسي أهوج، وقيل حتى للأفغاني دخلاً في التحريض على قتله، وتولى بعده مظهر الدين، وأستمرت دعوة الحرية التي غرسها جمال الدين في إيران تنمووتترعرع حتى آلت إلى إعلان الدستور الفارسي سنة 1906م.

ذهابه إلى الأستانة وإقامته بها

وفيما هوبلندن ورد عليه كتاب آخر بتكرار دعوته فلبى الطلب ومضى إلى الأستانة سنة 1892، وكانت هذه المرة الثانية لوروده هذه المدينة، والمرة الأولى كانت في عهد السلطان عبد العزيز كما تقدم بيانه، حيث نادىه السلطان عبد الحميد الثاني إلى جواره، وأغلب الظن أنه أراد حتى يخدم سياسته في الجامعة الإسلامية باستضافته فيلسوف الإسلام، لكي يظهر للعالم الإسلامي أنه يرعى الفهم والفهماء من الأمم الإسلامية كافة، وقد لبى جمال الدين دعوته، آملاً حتى يرشده إلى إصلاح الدولة العثمانية، لأن مقصده السياسي هوانهاض دولة إسلامية أياً كانت إلى مصاف الدول العزيزة القوية، فسار إلي الأستانه لتحقيق هذا المقصد، وحفه عبد الحميد الثاني بالرعاية والإكرام وانزله منزلاً كريماً في قصر بحي (نشان طاش)، من أفخم أحياء الأستانة، وأجرى عليه راتباً وافراً، قيل أنه خمس وسبعون ليرة عثمانية في الشهر، ومضت مدة وجمال الدين له عند السلطان منزلة عالية ؛ ثم ما لبث حتى تنكر له، وأساء به الظن، واستمع إلى الوشايات والدسائس، وكان الشيخ أبوالهدى الصيادي الذي نال الحظوة الكبرى عند مولاة يكره حتى يظفر أحد بثقته فوشى بالأفغاني عند السلطان وأوغر عليه صدره فاحيط الأفغاني بالجواسيس يحصون عليه غدواته وروحاته، ويرقبون حركاته وسكناته.

ذكر الأمير شكيب أوفدان في هذا الصدد في كتاب (حاضر العالم الإسلامي) حتى الأفغاني كان وعبد الله النديم المحرر والخطيب المشهور في متنزه (الكاغدخانة)، فصادفا الخديوي عباس حلمي وسلم بعضهم على بعض، وتحادثوا نحوربع ساعة تحت شجرة هناك، فقيل حتى الشيخ أبا الهدى قدم تقريرا للسلطان بأن جمال الدين وعبد الله النديم تواعدا مع الخديوي على الاجتماع في (الكاغدخانة)، وهناك عند الاجتماع بايعاه (للخديوي عباس) تحت الشجرة، ويقول الأمير شكيب حتى السلطان بحسب قول جمال الدين لم يحفل بهذه الوشاية، ولكنا نميل إلى الاعتقاد أنها هجرت أثرا في نفسه، وغيرت قلبه على الأفغاني، وذكر حتى الذي أدى إلى وحشة السلطان منه استمراره في مجالسه على القدح في شاه العجم ناصر الدين، مما حمل سفير إيران على الشكوى منه إلى السلطان، فاستنادىه، وطلب إليه الكف عن مهاجمة الشاه فقبل، ولكن وقع حتى اغتال الشاه سنة 1896، فاشتدت الريبة في جمال الدين، واتجهت إليه شبهة التحريض على قتله، فأمر السلطان بتشديد الرقابة عليه، ومنع أي أحد من الاختلاط به إلا بإرادة سلطانية، فأصبح محبوساً في قصره.

سقمه ووفاته

تواترت الروايات بأن جمال الدين توفي شبه مقتول، وتدل الملابسات والقرائن على ترجيح هذه الرواية، فإن اتهامه بالتحريض على اغتال الشاه، وتغيير السلطان عليه، وحبسه في قصره، ووشايات أبي الهدى الصيادي، مما يقرب إلى الذهن فكرة التخلص منه بأية وسيلة، هذا إلى حتى الغدر والأغتيال كانا من الأمور المألوفة في الأستانة.

وما ذكره الأمير شكيب أوفدان في كتاب (حاضر العالم الإسلامي)، نطق ما خلاصته: (أنه لما اشتد التضييق على السيد جمال الدين أوفد إلى مستشار السفارة الإنجليزية يطلب منه إيصاله إلى باخرة يخرج بها من الأستانة، فاتىه المستشار وتعهد له بذلك، فلما بلغ السلطان الخبر أوفد إليه أحد حجابه يستعطفه حتى لا يمس كرامته إلى هذا الحد ولا يتلمس حماية خارجية فثارت في نفسه الحمية والأنفة، وأبلغ مستشار السفارة بأنه عدل عن السفر، ومهما كان فليكن، ولكن الرقابة عليه بقيت كما كانت، وبعد أشهر من هذه الحادثة ظهر في فمه سقم السرطان، فصدرت الإرادة السلطانية باجراء عملية جراحية يتولاها الدكتور قمبور زادة إسكندر باشا كبير جراحي القصر السلطاني، فأجرى له العملية الجراحية فلم تنجح، وما لبث إلا أياماً قلائل حتى فاضت روحه، ومن هنا تقول الناس في سيرة هذا السرطان، وهذه العملية الجراحية، لقرب عهد السقم بتغير السلطان عليه، وما كان معروفاً من وساوس عبد الحميد، فقيل حتى العملية الجراحية لم تعمل على الوجه اللازم لها عمداً، وقيل لم تلحق بالتطهيرات الواجبة فنياً، بحيث انتهت بموت المريض.)

وذكر الأمير شكيب حتى المستشرق المعروف الكونت لاون استروروج حدثه حتى السيد الأفغاني كان صديقه، فنادىه إليه بعد إجراء العملية الجراحية ونطق له إذا السلطان أبى حتى يتولى العملية إلا جراحه الخاص، وإنه هورأي حال المريض ازدادت شدة بعد العملية، ورجا منه حتى يرسل إليه جراحاً فرنساوياً مستقل الفكر طاهر الذمة، لينظر في عقبى العملية، فأوفد إليه الدكتور (لاردي) فوجد حتى العملية لم تجر على وجهها السليم، ولم تعقبها التطهيرات اللزمة، وأن المريض قد أشفى بسبب ذلك، وعاد إلي استروروج، وأنبأه بهذا الأمر المحزن، ولم تمض أيام حتى فارق جمال الدين الحياة.

وذكر واحد ممن كانوا في خدمة عبد الحميد، بعد حتى روى له الأمير هذه السيرة حتى قمبور زاده إسكندر باشا كان أطهر وأشرف من حتى يرتكب مثل تلك الجريمة، وحقيقة الواقعة أنه كان بالأستانة طبيب اسنان عراقي اسمه (جارح) يتردد كثيراً على جمال الدين، ويعالج اسنانه، وكانت نظارة الضابطة (إدارة الأمن العام) قد استمالت (جارح) هذا بالمال، وجعلته جاسوس على السيد، وصار له عدوا في ثياب صديق، ونطق صاحب هذه الرواية أنه أراد مرة حتى يمنع الطبيب المذكور من الاختلاط بجمال الدين، فأشار إليه ناظر الضابطة إشارة خفية بأن يهجره، وفهم من الإشارة حتى يمضى إلي السيد ويعالج اسنانه، بفهم من النظارة، والسيد لا يفهم بشيء من ذلك، ويطمئن إلي (جارح) ويثق به، ولم تمض عدة أشهر على حادثة الشاه حتى ظهر السرطان في فك السيد من الداخل، وأجريت له عملية جراحية فلم تنجح، وجارح هذا ملازم للمريض، وبعد موته كانوا يرونه دائماً حزيناً، يظهر على وجهه الوجوم والخزى، مما جعلهم يشتبهون حتىقد يكون له يد في إفساد الجرح بعد العملية، أوفي توليد السقم نفسه من قبل بوسيلة من الوسائل، ولما توفي السيد بدا الندم على الطبيب الأثيم، وشعر بوغز الضمير يؤنبه على خيانته هذا الرجل العظيم.

وكانت وفاته صبيحة الثلاثاءتسعة مارس سنة 1897م، وما حتى بلغ الحكومة العثمانية نعيه حتى أمرت بضبط أوراقه وكل ما كان باقياً عنده، وأمرت بدفنه من غير رعاية أواحتفال في مقبرة المشايخ بالقرب من نشان طاش فدفن كما يدفن أقل الناس شأنا في هجريا وتحت مراقبة الدولة.

ضريحه

قبر فيلسوف الاسلام ورائد نهضتها جمال الدين الافغاني في وسط جامعة كابل

تم نقل جثمانه من هجريا في عام 1944 في موكب إسلامي مهيب إلى بلده أفغانستان، حيث دفن في مدينة كابل ويقع ضريحه حاليا في وسط جامعة كابول.

مراجع

  1. ^ رائد النهضة بقلم: سهير طاهر - المصدر: الأهرام اليومى
  2. ^ http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.showfahras&ftp=alam&id=1000699
  3. ^ حناالفاخوري،(1986م)، الجامع في تاريخ الأدب العربي؛ الأدب الحديث، دارالجيل، بيروت، ص77.
  4. ^ حوار مع أيمن محمود حفيد جمال الدين الافغاني ، دبي ، BBC عربية .
  5. ^ د. محسن عبدالحميد ، جمال الدين الافغاني المصلح المفترى عليه ، دار دجلة ، بغداد ، 1999 ، ص 123
  6. ^ جمال الدين الأفغاني، العروة الوثقى، تحقيق محمد عمارة، القاهرة، 1994، ص98
  7. ^ مصطفى جواد، أصول التاريخ والادب، مجلد 21، ص87.
  8. ^ AFḠĀNĪ, JAMĀL-AL-DĪN – Encyclopaedia Iranica
  9. ^ Sayyid Jamal al-Din al-Afghani - Islamic Studies - Oxford Bibliographies
  10. ^ Jamal al-Din al-Afghani | Muslim journalist and politician | Britannica.com
  11. ^ میرزایی،فرامرز؛ طاهری نیا،علی باقر؛(ربيع 1384ه.ش)، العلوم الإنسانیة الدولیه الجمهوریه الإسلامیه الإیرانیه، عدد11(2)،ص65.
  12. ^ عمر‌ الدسوقی،(1973م)، فی الأدب الحدیث، الطبعة الثامنة‌، القاهرة‌، دارالفکر، ج 1، ص327.
  13. ^ عمرالدسوقی، محمود سامی البارودی، الطبعة الثالثة‌، دار‌ المعارف بـمصر، ص 16.
  14. ^ جُرجی زیدان، تاریخ آداب اللغة العربیة، دار مکتبة الحـیاة، ج 4، ص 642
  15. ^ عمر‌ الدسوقی، فی الادب الحدیث، الطبعة الثامنة‌، القاهرة‌، دارالفکر، 1973 م، ج 1، ص 336
  16. ^ حنا الفاخوری، الجامع فـی تـاریخ الادب العـربی، الطبعة‌ الاولی‌، بیروت، دارالجیل، 1986، ج 2، ص 81
  17. ^ محمد‌ عبدالمنعم خفاجي دراسة فی‌ الادب‌ العربي الحدیث ومدارسه، الطبعة الأولى، بـیروت‌، دارالجیل، 1992، ج 1 ص 17
  18. ^ محمد‌ عبدالمنعم خفاجي دراسة فی‌ الادب‌ العربي الحدیث ومدارسه، الطبعة الأولى، بـیروت‌، دارالجیل، 1992، ج 1 ص74
  19. ^ عمرالدسوقی، محمود سامی البارودی، الطبعة الثالثة‌، دار‌ المعارف بـمصر، ص 51
  20. ^ شوقی‌ ضـیف‌،(1961)، الادب العـربی المعاصر فی مصر، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار المعارف بمصر، ص 44.
  21. ^ عمرالدسوقی، محمود سامی البارودی، الطبعة الثالثة‌، دار‌ المعارف بـمصر، ص 88
  22. ^ حنا الفاخوری، الجامع فـی تـاریخ الادب العـربی، الطبعة‌ الاولی‌، بیروت، دارالجیل، 1986، ج 2،23
  23. ^ شوقی‌ ضـیف‌،(1961)، الأدب العـربی المعاصر فی مصر، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار المعارف بمصر، ص226
  24. ^ هامیلتو‌ جب، دراسات فی الأدب العربی الحدیث، دمشق، المرکز‌ العربي للکتاب، ص 52
  25. ^ صحيفة عكاظ - جمال الدين الأفغاني .. ما علاقته بالماسونية
  26. ^ حناالفاخوري،(1986م)، الجامع في تاريخ الأدب العربي؛ الأدب الحديث، دارالجيل، بيروت، ص78.
  27. ^ مجلة الكتاب،(1946م)، ص680(منقول)
  28. ^ مجلة الكتاب(1946م)، ص684
  29. ^ علي الوردي ، لمحات اجتماعية ، ج3 ، ص 49.
  30. ^ جمال الكيلاني ، جمال الدين الافغاني بين الفرس والاتراك ، مجلة فكر حر ، بغداد ، العدد 18 .
  31. ^ ^ « جمال الدين الافغاني ر إسلامي علوم كي تحقيق (جمال الافغاني وخدماته في البحوث الفهمية الإسلامية)» د.محمود هاشم قاسمي ، مجلة تحقيقات إسلامي، علي جراه، الهند، يناير-مارس 2014 م، ص. 21.
  32. ^ د.جمال الكيلاني ، ذكرى جمال الدين الأفغاني ، مجلة افاق عربية ، العدد 2351

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بجمال الدين الأفغاني، في فهم الاقتباس.
  • مجلة العروة الوثقى على مسقط أرشيف من مجموعة جامعة كارولينا الشمالية

خطأ لوا في وحدة:Authority_control على السطر 346: attempt to index field 'wikibase' (a nil value).

تاريخ النشر: 2020-06-04 18:03:15
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, خطأ في قوالب ويكي بيانات, صفحات تستخدم قالب معلومات شخص بحاجة لمراجعة, Commons category link is locally defined, أعلام النهضة, أفغان, النهضة العربية, دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية, شخصيات الثورة الدستورية الفارسية, علماء دين سنة, مسلمون إصلاحيون, مواليد 1254 هـ, مواليد 1838, مواليد 1839, ناشطون أفغانيون, ناشطون إيرانيون, هاشميون, وفيات 1897

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هل تنتهي المخاوف الكبرى والانغلاق والتقوقع مع نهاية سنة 2021 ؟

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:30:24
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 55%

وزارة التربية: اللّجنة العلمية لم تقدّم أي مقترح بخصوص نظام الأفواج

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:22
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

مباراة القياد المعهد الملكي للإدارة الترابية 2022

المصدر: مجلة الوظيفة - المغرب التصنيف: وظائف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:31:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

الجامعة العربية تشارك في "قمة مستقبل المعادن" بالرياض

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:29:49
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

باجة : فيضان بعض الأودية وإنقطاع عدد من الطرقات‎‎

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

رئيس منظمة الصحة العالمية يشيد بمنتدى شباب العالم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:29:43
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

تونس: تعيينات جديدة بوزارة النقل

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

3 فتيات يذهبن ضحية خلافات زوجية في باكستان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:29:31
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

Concours IRAT 2022 (200 postes)

المصدر: مجلة الوظيفة - المغرب التصنيف: وظائف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:31:09
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

واشنطن بوست: الخبراء الأمريكيون يعرضون استراتيجية منطقية للت

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:29:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

أمير الكويت يبعث برقية تعزية لبايدن بضحايا حريق مبنى سكني في

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:29:24
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

أنس جابر تبلغ الدور ثمن النهائي من بطولة سيدني المفتوحة للتنس

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:20
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

جندوبة : إيقاف الدروس بكافة المؤسسات التربوية

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:10
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

باجة : انقطاع الماء الصالح للشرب‎‎ بهذه المناطق

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-10 12:33:12
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية