جورجي زيدان

عودة للموسوعة

جورجي زيدان

جورجي زيدان

جورجي زيدان (14 ديسمبر 1861 - 21 يوليو1914) صحفي مصري لبناني، ومؤسس مجلة الهلال.

تعد حياة جورجي زيدان نموذجًا للعصامي الذي يشق حياته وسط طريق ملبد بالغيوم مليء بالثغرات، فيجتاز ذلك بالهمة العالية والإرادة الصلبة، والتطلع إلى المعالي، لا يصرفه عن ذلك فقر حل به، أوظروف معاكسة، أوبيئة غير مواتية، يأتي إلى القاهرة فقيرا لا يملك من الدنيا شيئا، فيصنع لنفسه حياة عريضة وشهرة واسعة في ميدان الصحافة والأدب والتاريخ.

المولد والنشأة

ولد جورجي زيدان في بيروت في (10 من جمادى الآخرة 1278هـ = 14 من ديسمبر 1861م) لأسرة مسيحية فقيرة، كان عائلها رجلاً أميا يملك مطعمًا صغيرًا كان يتردد عليه طائفة من رجال الأدب واللغة، وطلاب الكلية الأمريكية. ولما بلغ الخامسة أوفده أبوه إلى مدرسة متواضعة ليتفهم القراءة والكتابة والحساب؛ حتى يستطيع مساعدته في إدارة المطعم وضبط حساباته، ثم التحق بمدرسة الشوام فتفهم بها الفرنسية، ثم هجرها بعد فترة والتحق بمدرسة مسائية تفهم فيها الإنجليزية.

ولم ينتظم جورجي في المدارس، فهجرها وعمل في مطعم والده، غير حتى والدته كرهت له العمل بالمطعم، فاتجه إلى تفهم صناعة الأحذية وهوفي الثانية عشرة ومارسها عامين حتى أوشك على إتقانها لكنه هجرها، لعدم ملاءمتها لصحته.

ولم تشغله هذه الأعمال عن القراءة والاطلاع؛ فقد كان يبدي منذ صغره ميلا قويا إلى الفهم، وشغفا بالأدب على وجه الخصوص، وتوثقت صلته بعدد كبير من المتخرجين في الكلية الأمريكية، ورجال الصحافة وأهل اللغة والأدب من أمثال يعقوب صروف، وفارس نمر، وسليم البستاني وغيرهم، وكان هؤلاء يدعونه إلى المشاركة في احتفالات الكلية، فهفت نفسه إلى الالتحاق بها مهما كلفه الأمر، أوبذل من جهد ومشقة، فهجر العمل نهائيا سنة (1299هـ = 1881م) وانكب على التحصيل والمطالعة، راغبا في الالتحاق بمدرسة الطب، فتحقق له ذلك بعد اجتيازه اختبارا في بعض المواد الفهمية عكف على تفهمها ثلاثة أشهر، وبعد حتى أمضى في مدرسة الطب عاما كاملا هجرها إلى مدرسة الصيدلة.


الهجرة إلى القاهرة

اعتزم جورجي زيدان الهجرة إلى القاهرة ليتم بها دراسة الطب، ولم يكن معه ما يكفي نفقات السفر، فاقترض من جار له ببيروت ستة جنيهات على حتى يردها إليه حينما تتيسر له الأحوال، ولما هبط القاهرة في (ذي الحجة 1300هـ = أكتوبر 1883م) صرف عزمه عن الالتحاق بمدرسة الطب لطول مدة الدراسة، وأخذ يبحث عن عمل يتفق مع ميوله، فعمل محررا في صحيفة "الزمان" اليومية التي كان يملكها ويديرها رجل أرمني الأصل يدعى "علكسان صرافيان".

وكانت صحيفة الزمان الجريدة اليومية الوحيدة في القاهرة بعد حتى عطل الاحتلال الإنجليزي صحافة ذلك العهد، وبعد نحوعام عُيّن مترجما في مخط المخابرات البريطانية بالقاهرة عام (1301هـ = 1884م)، ورافق الحملة الإنجليزية التي توجهت إلى السودان لإنقاذ القائد الإنجليزي "غوردون" من حصار المهدي وجيوشه، ودامت رحلته في السودان عشرة أشهر عاد بعدها إلى بيروت في سنة (1302هـ = 1885م).

العودة إلى بيروت

وفي بيروت انضم إلى المجمع الفهمي الشرقي الذي أنشئ في سنة (1299هـ = 1882م) للبحث في العلوم والصناعات، والإفادة منها بما يعود على البلاد بالنفع والخير، وتفهم اللغتين العبرية والسريانية، وهوما مكّنه من تأليف أول خطه "فلسفة اللغة العربية" سنة (1303هـ = 1886م)، وهويعد أول جهد واضح بُذِل في تطبيق مبادئ فقه اللغة المقارن على اللغة العربية، وإن كان غير عميق التناول، وهوما جعله يعيد فيه النظر مرة أخرى، ويعود إليه منقحا ومعدلا في طبعة جديدة أصدرها بعد ذلك في سنة (1322هـ = 1904م) بعنوان "تاريخ اللغة العربية"، ثم زار جورجي زيدان لندن، وتردد على مخطاتها ومتاحفها، ومجامعها الفهمية، ثم عاد إلى القاهرة.

الاستقرار في القاهرة

استقر جورجي زيدان بالقاهرة، وتولى عقب عودته من لندن إدارة مجلةالمقتطف ، وظل بها عاما ونصف العام، وقد قدم استنطقته من المجلة سنة (1306هـ = 1888م) ليشتغل بتدريس اللغة العربية بالمدرسة "العبيدية الكبرى" لمدة عامين، ثم هجرها ليشهجر سنة (1309هـ = 1891م) مع "نجيب متري" في إنشاء مطبعة، ولم تستمر الشركة بينهما سوى عام، انفضت بعده واحتفظ جورجي زيدان بالمطبعة لنفسه، وأسماها مطبعة الهلال، على حين قام نجيب متري بإنشاء مطبعة مستقلة باسم مطبعة المعارف، ثم أصدر جورجي زيدان في سنة (1304هـ = 1892م) مجلة الهلال، وكان يقوم بتحريرها بنفسه، إلى حتى كبر ولده "إميل" وصار مساعده في تحريرها.

نشاطه الفكري

كان جورجي زيدان متمكنا من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية، واسع الاطلاع بهما، وبخاصة فيما يتصل بالتاريخ والأدب العربيين، واتجهت مؤلفاته الأولى نحوهذا المضمار، وإن مالت نحوالدراسات التاريخية؛ فأصدر في سنة (1307هـ = 1889م) كتاب "تاريخ مصر الحديثة" في مجلدين، و"تاريخ الماسونية والتاريخ العام"، وهوموجز في تاريخ قارتي آسيا وأفريقيا، ثم توالت خطه: تاريخ إنجلترا، تاريخ اليونان والرومان، جغرافية مصر وطبقات الأمم وغيرها، غير حتى هذه الخط لم تلفت إليه الأنظار، ولم تلق نجاحا يذكر، إلى حتى أنشأ مجلة الهلال التي ارتبطت حياته بها ارتباطا وثيقا.

مجلة الهلال

غلاف مجلة الهلال

وقد صدر العدد الأول من المجلة في (ربيع أول 1310هـ = 1892م) يحمل افتتاحية بقلم جورجي زيدان أوضح فيها خطته، وغايته من إصدارها، وقد عكف على تحريرها بنشاط لفت إليه الأنظار، وكان ينشر فيها خطه على هيئة فصول متفرقة، وقد لقيت المجلة قبولا من الناس حتى لم يكد يمضي على صدورها خمس سنوات حتى أصبحت من أوسع المجلات انتشارا، وقد أعطى الله في عمرها حتى تجاوزت قرنا من الزمان، وكان يخط فيها عمالقة الفكر والأدب في مصر والعالم العربي، ورأس تحريرها على مدى حياتها المديدة كبار الكتاب والأدباء، من أمثال: الدكتور أحمد زكي، والدكتور حسين مؤنس، والدكتور علي الراعي، والشاعر صالح جودت وغيرهم.


الروايات التاريخية

اشتهر جورجي زيدان برواياته التاريخية الشهيرة التي بدأها برواية "المملوك الشارد" التي صدرت في سنة (1309 = 1891م)، ثم تتابعت رواياته حتى بلغت اثنتين وعشرين رواية تاريخية، منها سبع عشرة رواية تعالج فترات من التاريخ الإسلامي، تمتد من الفتح الإسلامي إلى دولة المماليك، مثل: أرمانوسة المصرية، غادة كربلاء، فتح الأندلس، العباسة أخت الرشيد، الأمين والمأمون، شجرة الدر، استبداد المماليك.

وقد لقيت هذه الروايات رواجا واسعًا وإقبالاً هائلاً، وتُرجمت إلى الفارسية والهجرية، والأذربيجانية، وغيرها من اللغات، وتنحصر أهمية هذه الروايات في أنها قدمت التاريخ في صورة سهلة ومشوقة، وبلغة جذابة تحمل القراء على متابعة تاريخهم دون مشقة أوملل.

ومع ذلك فإن تلك الروايات لم تسلم من النقد فيما يتصل بالشكل والمضمون: أما من ناحية الشكل والمعالجة فإن الأحداث تقوم على علاقة غرامية بين بطلي السيرة، وتحول الدسائس دون التقائهما واجتماعهما، وشخصيات رواياته متشابهة ونمطية فهولا يهتم برسم شخصياته.

أما من حيث المضمون فلم يلجأ جورجي زيدان إلى الفترات المشرقة من التاريخ الإسلامي، بل اتجه إلى الفترات التي تمثل صراعًا بين ممضىين سياسييَن أوكتلتين متصارعتين على السلطة والنفوذ، ولم يتجه إلى التاريخ الإسلامي لإبراز أمجاده، وكان متأثرًا في ذلك بنظرة المؤرخين الغربيين إلى العالم الإسلامي، ويأتي في روايته ذكر "الدير" بصورة مفتعلة. وعلى الرغم من ذلك فإنه يعد المؤسس لهذا اللون من الروايات التي تجمع بين التعليم والتسلية والتاريخ.

أهم خطه

يعد كتاب "تاريخ التمدن الإسلامي" الذي صدر في خمسة أجزاء في الفترة من (1320 – 1324هـ = 1902 – 1906م) أبرز مصنفاته، وقد أفاد الرجل من قراءاته ودراساته في المؤلفات الغربية، ومناهج التأليف في التاريخ والحضارة، فضلاً عن مطالعاته الواسعة في المصادر العربية، وكان من يخطون في تاريخ الإسلام يجرون على منهج رواة المسلمين القدامى مع شيء من التحسين، مثلما هوالحال في كتابات الشيخ "محمد الخضري"، ولم يكن لهم صلة بعالم الاستشراق أووقوف على المناهج الحديثة.

وقد أثار الكتاب عند ظهور أجزائه الأولى نشاطًا واسع المدى في أبحاث التاريخ الإسلامي، وأقبل عليه الناس، وكانت الجامعة المصرية قد قامت وامتلأت قاعاتها بالطلاب، فانتبهت إلى مكانة جورجي زيدان وسعة فهمه، فدعته إلى إلقاء سلسلة من المحاضرات في التاريخ الإسلامي، لكن حالت الظروف دون القيام بهذا العمل في الجامعة. وقد ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات شرقية، كما ترجم المستشرق الإنجليزي "مارجليوث" الجزء الرابع منه إلى الإنجليزية، وعده عملاً أصيلاً غير مسبوق.

ويعد كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية" الذي صدر في أربعة أجزاء في الفترة (1329هـ – 1332 هـ = 1911 = 1914م) من أبرز المراجع للمشتغلين بتاريخ الأدب العربي في عصوره المتنوعة، وكانت فكرة تأليف هذا الكتاب قد شغلته منذ وقت مبكر، فنشر فصولاً في مجلة الهلال سنة (1312هـ = 1894م) تحت هذا العنوان، ثم وسّع هذه الفصول حتى جعل منها كتابًا مستقلاً، ويعد جورجي زيدان رائد هذا الميدان، وإن سبقته محاولات محددة لم يكن لها مثل تأثير كتابه.

وتأثر جورجي زيدان بمنهج المستشرقين في دراسة تاريخ الآداب العربية، وبخاصة كتاب بروحدثان المستشرق الألماني في كتاب "الأدب العربي" وغيره من مؤلفات المستشرقين، وقد وضع في الصفحات الأولى من كتابه أسماء المراجع الفرنسية والإنجليزية والألمانية التي عاد إليها ونهل منها.

ويعد كتابه "تراجم مشاهير الشرق" من أبرز المراجع التي يستأنس بها جميع باحث ومحرر يبحث عن الترجمة لفهم من أعلام الشرق في القرن التاسع عشر، والكتاب لا يختص بطائفة معينة من الناس، وإنما يجمع بين أعلام السياسة والأدب والإدارة والحكم وغيرهم.

وفاته

كان جورجي زيدان يعمل بانتظام شديد، وبعزيمة قوية، ينكب على القراءة والتدوين الرقمي ست عشرة ساعة متوالية في اليوم، مكتفيًا من النوم بأربع ساعات في أخريات حياته، يسابق الزمن في إنجاز أعماله الضخمة، ووافته المنية وهوبين خطه وأوراقه في مساء يوم الثلاثاء الموافق (27 من شعبان 1332هـ = 21 من يوليو1914م)، وقد رثاه كبار الشعراء من أمثال أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران بقصائد مبكية.

مؤلفاته

في التاريخ

1- العرب قبل الإسلام –الجزء الأول، طُبع في مصر سنة 1908.

2- تاريخ التمدّن الإسلامي- خمسة أجزاء –طبع في مصر 1902-1906.

3- تاريخ مصر الحديث –جزآن- طُبع في مصر 1889.

===في اللغة وآدابها:

1- الألفاظ العربية والفلسفة اللغوية –بيروت 1889.

2- تاريخ آداب اللغة العربية –أربعة أجزاء- مصر 1911.


القصص التاريخي

عشرون رواية تستعرض التاريخ الإسلامي في مختلف أطواره، هي: فتاة غسان – أرمانوسة المصرية- عذراء قريش- 17 رمضان- غادة كربلاء- الحجاج بن يوسف- فتح الأندلس- شارل وعبدالرحمن- أبومسلم الخراساني- العباسة أخت الرشيد –عروس فرغانة- أحمد بن طولون- عبد الرحمن الناصر- الانقلاب العثماني- صلاح الدين – شجرة الدر- أسير المتمهدي- المملوك الشارد- استبداد المماليك- جهاد المحبين.

اسم الرواية تتحدث عن أبطال الرواية
فتاة غسان ١ تشرح حال الإسلام في أول ظهوره إلى فتوح العراق والشام جبلة بن الأيهم (من ملوك غسان) - الحارث بن أبي شمر (من ملوك غسان) - عبد الله (من أمراء العراق) - هند (ابنة جبلة) - ثعلبة (ابن الحارث) - حماد (ابن الأمير عبد الله) - سعدي (أم هند) - سلمان (خادم حماد)
فتاة غسان ٢ تشرح حال الإسلام في أول ظهوره إلى فتوح العراق والشام أبطال القسم الأول مضافاً إليهم خالد بن الوليد وأبوعبيدة بن الجراح
أرمانوسة المصرية هرقل (إمبراطور الرومانيين) - عمروبن العاص (فاتح مصر) - المقوقس (والي مصر عندما فتحها العرب) - أرمانوسة (ابنة المقوقس) - قسطنطين (ابن هرقل وخاطب أرمانوسة) - بربارة المصرية (مربية أرمانوسة) - أركاديوس (ابن الأعيرج القائد الروماني) - أرسطوليس (ابن المقوقس) - زياد العربي (صاحب يحيى النحوي) - مروان (مولى عمروبن العاص) - عبادة بن الصامت (أحد قواد العرب) - المندقور الأعيرج (قائد جند الروم بمصر)
عذراء قريش تتضمن تفصيل مقتل الخليفة عثمان بن عفان وخلافة الإمام علي، وما نجم عن ذلك من الفتنة وواقعتي الجمل وصفين إلى تحكيم الحكمين وخروج مصر من خلافة الإمام علي عثمان بن عفان (ثالث الخلفاء الراشدين) - علي بن أبي طالب (رابع الخلفاء الراشدين) - عائشة أم المؤمنين (زوجة النبي صلى الله عليه وسلم) - نائلة بنت القرافصة (زوجة الخليفة عثمان) - محمد بن أبي بكر الصديق (أخوعائشة) - عذراء قريش (أسماء بنت مريم) - مريم أم أسماء (من سبايا فتح مصر) - مروان بن الحكم (ابن عم عثمان بن عفان) - عمروبن العاص وأبوموسى الأشعري (الحكمان في الخلاف بين علي ومعاوية)
١٧ رمضان تتضمن تفصيل مقتل الإمام علي، وبسط حال الخوارج، وتتمة الفتنة التي حدثت بسبب مقتل الخليفة عثمان، واستئثار بني أمية بالخلافة وخروجها من أهل البيت علي بن أبي طالب (رابع الخلفاء الراشدين) - معاوية بن أبي سفيان (أول ملوك الدولة الأموية) - عمروبن العاص (والي مصر) - قطام بنت عدي (غادة الكوفة) - العجوز لبابة (مربية قطام) - سعيد الأموي (عاشق قطام) - عبد الرحمن بن ملجم (قاتل الإمام علي) - الحسن والحسين (ابنا علي) - عمروبن بكر (المتآمر لقتل عمروبن العاص) - البرك بن عبد الله التميمي (المتآمر لقتل معاوية)
غادة كربلاء الإمام الحسين (ابن علي بن أبي طالب) - يزيد بن معاوية (ثاني ملوك الأمويين) - حجر بن عدي الكندي (من شيعة علي) - غادة كربلاء (سلمى بنت حجر بن عدي) - عبد الرحمن الكندي (ابن عم سلمى) - عامر الكندي (كفيل سلمى) - شمر بن ذي الجوشن (قاتل الحسين) - عبيد الله بن زياد (ابن عم يزيد) - مسلم بن عقيل (ابن عم الحسين) - عبد الله بن الزبير (ابن الزبير بن العوام) - زينب بنت علي (أخت الحسين)
الحجاج بن يوسف تتضمن حصار مكة على عهد عبد الله بن الزبير إلى فتحها، ومقتله وخلوص الخلافة لعبد الملك بن مروان، مع ما يتخلل ذلك من وصف مكة والمدينة عبد الله بن الزبير (ابن الزبير بن العوام) - عبد الملك بن مروان (أحد ملوك بني أمية) - الحجاج بن يوسف الثقفي (عامل عبد الملك على العراق) - سكينة بنت الحسين (بنت الحسين بن علي) - ليلى الأخيلية (الشاعرة المشهورة) - عزة الميلاء (زعيمة الغناء بالمدينة) - سمية بنت عهدجة الثقفي (من فتيات المدينة) - حسن خطيب سمية (من أهل العراق) - محمد بن الحنفية (أخوالحسين بن علي) - عبد الله بن صفوان (من أتباع ابن الزبير)
فتح الأندلس تتضمن تاريخ إسبانيا قبيل الفتح الإسلامي، ووصف أحوالها، وفتحها على يد طارق بن زياد، ومقتل رودريك ملك القوط رودريك (ملك القوط) - ألفونس (خطيب فلورندا وابن غيطشة ملك الإسبان) - فلورندا (خطيب ألفونس وابنة الكونت يوليان حاكم سبتة) - الكونت يوليان (حاكم سبتة ووالد فلورندا) - طارق بن زياد (والي طنجة وقائد الجيوش الإسلامية) - الأب مرتين (أحد أتباع الملك رودريك) - الميتروبوليت أوباس (عم ألفونس) - يعقوب (خادم ألفونس) - سليمان (من أتباع الكونت يوليان) - بربارة (خالة فلورندا ومربيتها)
شارل وعبد الرحمن عبد الرحمن الغافقي (قائد الجيوش الإسلامية) - هانئ (قائد فرسان المسلمين) - شارل (قائد جيوش الافرنج وحاكم أوستراسيا) - بسطام (قائد البربر) - مريم (حبيبة هانئ) - سالمة أجيلا (والدة مريم وزوجة رودريك ملك الإسبان) - لمباجة (بنت الدوق أودووزوجة لقائد بربري سابقاً) - أُدو(حاكم أكيتانيا ووالد لمباجة)
أبومسلم الخراساني تشتمل على سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، وسعي أبي مسلم الخراساني في تأييدها، إلى قتله في خلافة المنصور، مع وصف عادات الخراسانيين وأخلاقهم وغير ذلك إبراهيم الإمام (صاحب الدعوة العباسية) - أبومسلم الخراساني (عبد الرحمن بن مسلم) - أبوالعباس عبد الله بن محمد (أول الخلفاء العباسيين) - أبوجعفر المنصور (ثاني الخلفاء العباسيين) - نصر بن سيار (أمير خراسان) - دهقان مرو(أحد الأمراء الفرس) - جلنار (ابنة دهقان مرو) - مروان بن محمد (آخر الخلفاء الأمويين) - خالد بن برمك (قائد عباسي) - أبوسلمة الخلال (ممول الدعوة العباسية)
العباسة أخت الرشيد تشتمل على نكبة الرامكة وأسبابها، وما يتخلل ذلك من وصف مجالس الخلفاء العباسيين، ومواكبهم، وحضارة دولتهم في عصر الرشيد هرون الرشيد (الخليفة العباسي) - جعفر البرمكي (وزير الرشيد) - العباسة (أخت الرشيد) - زبيدة (زوجة الرشيد) - أبوالعتاهية (شاعر الرشيد) - الأمين (ابن هرون الرشيد) - عتبة (جارية العباسة) - الفضل بن الربيع (وزير الأمين) - مسرور الفرغاني (الجلاد)
الأمين والمأمون تشتمل على ما سقط بين الأمين والمأمون من خلاف بعد وفاة الرشيد، وقيام الفرس لنصرة المأمون حتى فتحوا بغداد وقتلوا الأمين الأمين (ابن هرون الرشيد) - المأمون (ابن هرون الرشيد) - الفضل بن الربيع (وزير الأمين) - الفضل بن سهل (وزير المأمون) - زبيدة (زوجة الرشيد) - زينب (بنت المأمون) - دنانير (مربية زينب) - عبادة بنت محمد (أم جعفر البرمكي) - ميمونة (بنت جعفر البرمكي) - بهزاد (حفيد أبي مسلم الخراساني) - طاهر بن الحسين (قائد المأمون)
عروس فرغانة تتضمن وصف الدولة العباسية وعاصمتها سامرّا في عهد المعتصم بالله، وطمع الفرس في إرجاع دولتهم، ونهوض الروم لاكتساح المملكة الإسلامية المرزبان طهماز (من سراة فرغانة) - عروس فرغانة (جهان بنت طهماز) - القهرمانة خيزران (مربية جهان) - سامان (شقيق جهان) - ضرغام (رئيس حرس المعتصم) - الافشين حيدر (قائد جند بغداد) - آفتاب (والدة ضرغام) - أحمد بن أبي دؤاد (قاضي القضاة) - بابك الخرمي (صاحب أردبيل)
أحمد بن طولون تتضمن وصف مصر وبلاد النوبة في أواسط القرن الثالث للهجرة، على عهد أحمد بن طولون، ويتخلل ذلك وصف أحوالهما السياسية والإجتماعية والأدبية أحمد بن طولون (أمير مصر) - أبوالحسن البغدادي (من الشيعة العلوية) - دميانة بنت مرقص (من سراة الأقباط) - سعيد الفرغاني (مهندس مسيحي) - أحمد المارداني (متولي الخراج) - أسطفانوس بن يوحنا (محرر الخراج) - زكريا (خادم دميانة) - البطريرك ميخائيل (بطريرك الأقباط) - أبوحرملة (أمير قبيلة البجة)
عبد الرحمن الناصر تشتمل على وصف بلاد الأندلس وحضارتها وعادات أهلها في زمن الخليفة عبد الرحمن الناصر الأموي، مع وصف ما بناه من القصور الفخمة، واستقباله وفود ملوك أوربة، وغير ذلك عبد الرحمن الناصر (الخليفة الأموي بالأندلس) - الزهراء (محظية الخليفة) - الحكم (ولي العهد) - عبد الله (الابن الثاني للخليفة) - ابن عبد البر الكسيباني (من كبار الفقهاء قرطبة) - سعيد (جاسوس للخليفة الفاطمي في القيروان) - ياسر (خادم أمير المؤمنين) - ساهر (خادم للأمير عبد الله) - عابدة (جارية من مولدات بغداد) - سالم (شقيق الزهراء)
فتاة القيروان تتضمن ظهور دولة العبيديين أوالفاطميين في إفريقية ومناقب المعز لدين الله وقائده جوهر، إلى إخراج مصر من الدولة الإخشيدية سنة ٣٥٨ هـ، مع وصف الإخشيديين وجنودهم المعز لدين الله (الخليفة الفاطمي) - جوهر الصقلي (قائد المعز) - الأمير حمدون (حاكم سجلماسة) - لمياء فتاة القيروان (ابنة حمدون) - أم الأمراء (زوجة المعز) - الحسين (ابن القائد جوهر) - سالم (خطيب لمياء) - أبوحامد (داعية ضد المعز) - كافور الأخشيدي (ملك مصر) - زينب بنت الأخشيد (بنت ملك مصر السابق) - جعفر بن الفرات (وزير كافور) - مسلم بن عبيد الله (شريف شيعي بمصر) - يعقوب بن كلس (يهودي من رجال الدولة)
صلاح الدين الأيوبي تتضمن انتنطق مصر من الفاطميين إلى الأيوبيين على يد السلطان صلاح الدين، مع وصف طائفة الإسماعيلية المعروفة بجماعة الحشاشين الخليفة العاضد (آخر الخلفاء الفاطميين) - ست الملك (أخت العاضد) - السلطان صلاح الدين الأيوبي - نجم الدين (والد صلاح الدين) - بهاء الدين قراقوش (وزير صلاح الدين) - عماد الدين (من خاصة صلاح الدين) - عيسى الهكاري (من خاصة صلاح الدين) - أبوالحسن (محتال طامع في الخلافة) - السلطان نور الدين زنكي (صاحب الشام) - راشد الدين سنان (زعيم الإسماعيلية الحشاشين)
شجرة الدر تتضمن مقتل الملك طوران شاه آخر سلاطين الدولة الأيوبية، ومبايعة شجرة الدر زوجة الملك الصالح وتتويجها ملكة لمصر، وهي أول ملكة في الإسلام شجرة الدر (زوجة الملك الصالح) - شوكار (جارية شجرة الدر) - عز الدين إيبك الهجرماني (قائد الجيش) - ركن الدين بيبرس (أحد أمراء الجيش) - سلافة الهجرية (جارية الملك الصالح) - سحبان (تاجر أقمشة من بغداد) - الأمير أحمد أبوبكر (ولي عهد المستعصم بالله) - هولاكوالتتري (حفيد جنكيز خان) - مؤيد الدين بن العلقمي (وزير المستعصم بالله)
استبداد المماليك تشرح أحوال مصر وسورية في آواخر القرن الماضي، وحكم علي بك الكبير ومعاصريه من مماليك مصر وأمراء الشام، والحرب بين هجريا وروسيا، وغير ذلك من الأمور السياسية والإجتماعية علي بك الكبير (شيخ البلد في مصر) - عثمان باشا (والي مصر الهجري) - محمد بك أبوالمضى (خليفة علي بك وصهره) - الأمير يوسف شهاب (حاكم لبنان) - الشيخ ضاهر الزيداني (حاكم عكا) - الأميرال أورلوف (قائد الأسطول الروسي) - السيدة نفيسة المملوكية (زوجة علي بك) - السيد المحروقي (من السادة الأشراف بمصر) - السيد عبد الرحمن (تاجر مصري كبير) - حسن (ابن السيد عبد الرحمن) - سالمة (زوجة السيد عبد الرحمن) - علي (خادم الأسرة) - عماد الدين (رسول الشيخ ضاهر)
المملوك الشارد تتضمن حوادث مصر وسورية وأحوالهما في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ومن أبطالها بشير الشهابي ومحمد علي باشا الكبير، وإبراهيم باشا، وأمين بك محمد علي باشا الكبير (والي مصر) - إبراهيم باشا (ابن محمد علي وخليفته) - إسماعيل باشا (ابن محمد علي) - الملك نمر (ملك شندي في السودان) - الأمير بشير الشهابي (حاكم لبنان) - أمين بك (من أمراء المماليك) - غريب (ابن أمين بك) - الأميران أمين وخليل (ابنا الأمير بشير) - عبد الله باشا الجزار (والي عكا) - جميلة (زوجة أمين بك) - سالم آغا (من ضباط جيش إبراهيم) - سعيد (خادم أمين بك)
أسير المتمهدي تتضمن وصف مصر والسودان في الربع الأخير من القرن الماضي، ودسائس الدول الأجنبية التي أدت إلى الثورة العرابية في مصر والثورة المهدية في السودان، والإحتلال البريطاني لوادي النيل الخديومحمد توفيق (خديومصر) - أحمد عرابي باشا (قائد الثورة العرابية) - محمد أحمد المهدي (الخليفة المتمهدي) - هيكس باشا (قائد الحملة المصرية) - غوردون باشا (حكمدار السودان) - الأمير عبد الحليم (قائد جند المتمهدي) - إبراهيم (موظف بالقنصلية الإنجليزية) - سعدي (زوجة إبراهيم) - الكابتن شفيق (أسير المتمهدي) - فدوى (بنت أحد الباشوات الموراليين) - عزيز (من أبناء الذوات) - بخيت (خادم شفيق) - أحمد (خادم فدوى)
الإنقلاب العثماني تتضمن وصف أحوال الأحرار العثمانيين وجمعياتهم السرية، وما قاسوه في طلب الدستور .. ووصف يلدز وقصورها وحدائقها، وعبد الحميد وجواسيسه وأعوانه، وسائر أحواله إلى فوز جمعية الإتحاد والترقي بنيل الدستور في ٢٣ يوليوسنة ١٩٠٨ عبد الحميد خان (السلطان العثماني) - أحمد نور الدين (ابن السلطان عبد الحميد) - نيازي بك (من زعماء الأحرار) - أنور باشا (من زعماء جمعية الإتحاد والترقي) - ناظم بك (قائد جند سلانيك) - نادر آغا (رئيس أغوات يلدز) - شيرين (فتاة هجرية) - طهماز (والد شيرين) - توحيدة (والدة شيرين) - رامز (من زعماء جمعية الإتحاد والترقي) - صائب (جاسوس عثماني) - سر خفية (رئيس جواسيس السلطان) - القادين ج (من جواري السلطان) - والدة سلطانة (رئيسة دور الحريم) - سعيد بك (من زعماء جمعية الإتحاد والترقي) - فوزي بك (أحد قواد الحرس الألباني)
جهاد المحبين رواية أدبية غرامية تصور مأساة من مآسي، وما يقاسونه في سبيل الحب، ثم كيف من الممكن أن يجزون على صبرهم ووفائهم، وتدور الدوائر على أهل البغي والعدوان سليم (محام شاب بالقاهرة) - حبيب (موظف حكومي بالقاهرة ومقيم بحلوان) - سلمى (خطيبة سليم) - أدما (خطيبة حبيب) - شفيقة (أخت حبيب) - سليمان (والد سلمى) - سعيد (والد أدما) - فؤاد (شقيق سليم ومقيم بالإسكندرية مع أمهما) - داود (تاجر إسكندري بالقاهرة) - وردة (أرملة غنية بالإسكندرية) - اميلي (ابنة وردة)

ترجمت رواياته إلى الفارسية والهجرية والأذربيجانية ومع ذلك لم تسلم هذه الروايات من النقد في الشكل والمضمون . ومن ذلك أيضا حتى جرجي زيدان لم يلجأ إلى الفترات المشرقة من التاريخ الإسلامي وإبراز أمجاده ولكن إتجه إلى الفترات التي تمثل صراعاً على السلطة والنفوذ. وكان متأثراً بنظرة الغربيين للعالم الإسلامي.

نقد

2- يصدق فيه ما نطقه الدكتور محمد السيد الوكيل في تقديمه لرسالة (نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان) بأنه : "من أشهر من افترى وزيَّف التاريخ الإسلامي في العصر الحديث… الذي استتر برداء العروبة وتوارى خلف شعارات القومية، ومهّد له الإعلام الغربي ليلعب دوره الطبيعي في كتابه التاريخ الإسلامي مشوَّهاً ومبتوراً يزينه بأسلوب رقيق ممتع، ويغلفه بعناوين زاهية براقة، ويقدمه في صورة سيرة غرامية أخاذة" (ص6).

3- لقد توجهت حدثات الفهماء والناصحين إلى خط وروايات هذا القبطى محذرةً منها، ومبينة انحرافاتها، ومن ذلك:

I- تحذير الشيخ الهندي شبلي النعماني من كتاب (تاريخ التمدن الإسلامي) لزيدان، حيث فند أخطاءه، وكشف انحرافاته، وأبان عن تزويره وتلبيساته، وذلك في كتابه (انتقاد كتاب تاريخ التمدن الإسلامي) الذي لخص في مقدمته أبرز انحرافات زيدان قائلاً:

"إني أيها الفاضل! المؤلف غير جاحد لمنبتك فإنك قد نوهت باسمي في تأليفك هذا وجعلتني موضع الثقة منك، واستشهدت بأقوالي ونصوصي، ووصفتني بكوني من أشهر فهماء الهند، مع أني أقلهم بضاعة، وأقصرهم باعاً، وأخملهم ذكراً، ولكن مع جميع ذلك هل كنت أرضى حتى تمدحني وتهجوالعرب، فتجعلهم غرضاً لسهامك، ودربة لرمحك، ترميهم بكل معيبة وشين، وتعزوإليهم جميع دنية وشر، حتى تبترهم إرباً إرباً، وتمزقهم جميع ممزق،يا ترى؟ وهل كنت أرضى بأن تجعل بني أمية لكونهم عرباً بحتاً من أشر خلق الله وأسوئهم، يفتكون بالناس، ويسومونهم سوء العذاب، ويهلكون الحرث والنسل، ويقتلون الذرية وينهبون الأموال، وينتهكون الحرمات، ويهدمون الكعبة ويستخفون بالقرآن؟!

أوهل كنت أرضى بأن تنسب حريق الخزانة الإسكندرية إلى عمر بن الخطاب، الذي قامت بعدله الأرض والسماء، وهل كنت أرضى بأن تمدح بني العباس فتعد من مفاخرهم أنهم نـزلوا العرب منـزلة الكلب، حتى ضرب بذلك المثل، وأن المنصور بني القبة الخضراء إرغاماً للكعبة، وبتر الميرة عن الحرمين استهانة بهما، وأن المأمون كان ينكر نزول القرآن، وأن المعتصم بالله أنشأ كعبة في (سامرا) وجعل حولها مطافاً واتخذ منى وعهدات؟!

وهب أني عدمت الغيرة على الملة والدين، وافتخرت كصنيع بعض الأجانب بأني فلسفي بحت عادم لكل عاطفة ووجدان، فلا أرضى ولا أغضب ولا أسر ولا اغتاظ ولا أفرح ولا أتألم، وهب أني حملت نفسي على احتمال الضيم، وقبول المكروه، والصمم عن البذاء، ومجازاة السيئة بالحسنة، ومكافأة الخبيث بالطيب، فهل كنت أرضى بأن تشوه وجه التاريخ، وتدمغ الحق، وتروج الكذب، وتفسد الرواية، وتقلب الحقيقة، وتنفق الهم، وتعود الناس الخرافة،يا ترى؟ بئس ما زعمت أيها الفاضل، فإن في الناس بقايا وأن الحق لا يعدم أنصاراً.

إن الغاية التي توخاها المؤلف ليست إلا تحقير الأمة العربية وإبداء مساويها، ولكن لما كان يخاف ثورة الفتنة غير مجرى القول، ولبس الباطل بالحق. بيان ذلك أنه جعل لعصر الإسلام ثلاثة أدوار: دور الخلفاء الراشدين، ودور بني أمية، ودور بني العباس، مدح الدور الأول وكذلك الثالث (ظاهراً لا باطناً كما سيجيء) ولما غر الناس بمدحه الخلفاء الراشدين، وهم سادتنا وقدوتنا في الدين، وبمدحه لبني العباس وهم أبناء عم النبي صلى الله عليه وسلم، وبهم فخارنا في بث التمدن وأبهة الملك، ورأى حتى بني أمية ليست لهم وجهة دينية فلا ناصر لهم، ولا مدافع عنهم، تفرغ لهم، وحمل عليهم حملة شنعاء، فما هجر سيئة إلا وعزاها إليهم، وما خلى حسنة إلا وابتزها منهم…الخ" (ص2 ،3)

التاريخ

أما انحرافاته في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية) فقد أبان عنها الشيخ أحمد عمر الإسكندري –رحمه الله-. في منطقة له نشرت في ذيل رسالة النعماني السابقة. اتى فيها : "الأمور التي تؤخذ على الكتاب: "يكفي القارئ حتى أذكر بغاية الاختصار بعض هذه الأمور فإذا شاء أوشاء المؤلف فضل إيضاح لبعض المباحث فصلته تفصيلاً ويمكن توزيع هذه الأمور إلى الأنواع الآتية:

1- الخطأ في الحكم الفني: أي تقرير غير الحقيقة الفهمية سواء كان ذلك بقصد من المؤلف أم بغير قصد.

2- الخطأ في الاستنتاج: وهوما يعذر فيه المؤلف لأنه اجتهاد من عند نفسه فإن أصاب فله الشكر وإن أخطأ فمن ذا الذي ما ساء قط.

3- الدعوى بلا دليل: وهوما يقرره المؤلف من غير تدليل عليه وقد يحدث في ذاته سليماً ولكن في سوقه ساذجاً مجالاً للشك.

4- الخطأ في النقل: وهوآت من تصرف المؤلف في عبارات المؤلفين بقصد اختصارها أومن تسرعه في الجمع وقلة مراجعة الأصول .

5- قلة تحري الحقيقة: بمراجعة الخط المعتبرة والتواريخ الصادقة ووزن جميع تعبير بميزان العقل والأنصاف وقياس الأمور بأشباهها بل كثيراً ما تروج عند المؤلف أقوال الخصوم في خصومهم وأقوال الخط الموضوعة لأخبار المجان أولذكر عجائب الأمور وغرائبها.

6- تناقض بعض أقوال الكتاب.

7- الاختصار في كثير من التراجم والمباحث وإهمال ما ليس من شأنه حتى يهمل .

8- إدخال ما ليس من موضوع الفن فيه لغير مناسبة أولمناسبة ضعيفة جداً.

9- الاستدلال بجزئية واحدة على الأمر الكلي وهوكثير الحصول في جميع خط المؤلف وفي أكثر استنتاجاته ونادىواه .

10- تقليد المستشرقين في مزاعمهم أونقلها عنهم من غير تمحيص .

11- اضطراب المباحث وصعوبة استخراج فائدة منها لاختلال عبارتها أولعدم صفاء الموضوع للمؤلف.

12- اضطراب التقسيم والتبويب إما بذكر المباحث في غير موضعها وإما بعدّ رجال عصر في عداد رجال عصر آخر، وربما زاد المؤلف عن ذلك بعد رجال فن في رجال فن آخر.

13- التحريف واللحن وهما كثيرا الشيوع في جميع خط المؤلف مع سهولة الاحتراز عنهما بمراجعة الأصول عند التأليف والطبع واستئجار أحد المصححين العالمين بقواعد العربية.

14- تهافت المؤلف على تطبيق قانون النشوء والارتقاء حتى في الأمور التي فيها تدن وانحطاط لا نشوء ولا ارتقاء" (ص 8-81).

V- أما كتابه (تاريخ مصر الحديث) فقد تولى كشف زيفه الشيخ أمين بن حسن الحلواني المدني في كتابه (نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان) خطّأ فيه زيدان في (101) موضع.

الروايات

أما رواياته التاريخية فقد خصص الأستاذ شوقي أبوخليل كتابه (جرجي زيدان في الميزان) لبيان ما فيها من إفساد. ولخّص في خاتمته أبرز انحرافات زيدان في رواياته قائلاً:

(إلى غير ذلك.. قدمنا ملاحظاتنا حول روايات جرجي زيدان، التي تعمد فيها التخريب والكذب لأجل تحقير العرب، عن سوء قصد، لا عن جهل، فلا ينقص جرجي الفهم بعد حتى أوهم قرّاءه أنه عاد إلى مصادر ومراجع عربية.. لكنه تعمّد التحريف، وتعمد الدس والتشويه، وتعمد فساد الاستنباط مع الطعن المدروس.. لعمالته الأجنبية، ولتعصبه الديني، الذي جعله ينظر إلى تاريخنا العربي الإسلامي، وآداب اللغة العربية، بعين السخط والحقد.

ونحن في نقدنا الذي دوّناه فيما سبق.. لم نكن في موقف من يتصيد الأخطاء ويغمض عينه عن الصواب.. ولكننا كنا نبحث عن الصواب فلم نجده، فاخترنا من الأخطاء بعضها وأهمها.. ونحن لا نقول إذا ما سجلناه هوجميع ما ينطق عن روايات جرجي، لا.. فمن يفتش يجد طعنات وأخطاء بقدر ما خطناه وأكثر.. ولكننا أردناها لقيمات تتذوقها من "طبخة" كبيرة طبخها جرجي من تاريخنا، وقدمها للأجيال..

وخاتمة لدراستنا هذه .. يمكننا حتى نستخلص من مجموع الروايات، ما أراده جرجي، وما هي الملاحظات الرئيسة التي توجه إلى هذه الروايات:

1-شوه جرجي سيرة أبطال الإسلام

ففي "فتاة غسان".. سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ورجالات الصدر الأول.. ووصفهم بالبطش، والفتك والنهب..

وفي "أرمانوسة المصرية" شوه حياة عمروبن العاص.. وأظهر المسلمين سذجاً بسطاء أغبياء..

وفي "عذراء قريش" .. شوه سيرة عثمان وعلي وعائشة.. رضي الله عنهم.

وفي "17 رمضان" .. شوه سيرة خلفاء بني أمية.

وفي "فتح الأندلس" .. شوه سيرة طارق بن زياد وموسى بن نصير.

وفي "شارل وعبد الرحمن".. شوه سيرة عبد الرحمن الغافقي.

وفي "أبي مسلم الخراساني".. شوه سيرة المنصور.

وفي "العباسة أخت الرشيد".. شوه سيرة الرشيد.

إلى غير ذلك شوه جرجي أيضاً سيرة المعتصم، وأحمد بن طولون ، و عبدالرحمن الناصر ، والظاهر بيبرس وقطز ، ومحمد أحمد المهدي.

2-طمس جرجي بطولات وفتوحات المسلمين، وأثار الشكوك حولها.. تارة بالنهب والسلب، وتارة بالبطش والفتك.. وتارة بالظلم "جزية خراج، أتاوة..".

3-جعل جرجي الجزئية كلية، واستدل بجزئية واحدة على الأمر الكلي.. وهذا حاصل في جميع استنتاجاته ونادىواه، يجعل الواقعة الجزئية قضية كلية وقاعدة عامة.. يضاف إلى هذا.. إغفال الأحداث الرئيسة في تاريخ الإسلام..

مثال ذلك.. أشار جرجي إلى نكتة ذكرها صاحب الأغاني لحسين بن الضحاك، فأنزلها منـزلة الأمور العمومية في ذلك العصر، فهذا ليس بتاريخ، بل مسخ التاريخ، ونطق جرجي "ومن ثمار الحضارة في ذلك العصر تكاثر الغلمان، وصاروا يحجبونهم كما يحجبون النساء" .. هذا ما رآه جرجي من ثمار الحضارة، ومن مميزات عصر النهضة المضىي في تاريخنا !!.

4-جعل مسرح أحداث رواياته في الأديرة والكنائس، وجعل للرهبان والقسس دور التوجيه حيث الأمن والأمان والاحترام والطمأنينة، والرأي القويم السليم .. عندهم.

كما أضفى هالات مثالية على جميع ما (مسيحي).. وسلط الأضواء على صور الصلبان والقديسين ومياه المعمودية المقدس.. وزيت مصباح الدير.. "الشفاء التام ببركة الماء المقدس وزيت المصباح وبركة صاحب الدير".

5-تلاعب بالمصادر والمراجع .. وإن أشار إلى مرجع ونقل فقرة، نقلها مشوهة ودون ذكر الجزء أوالصفحة أوالطبعة.. وما ذلك إلا لإيهام القارئ بموضوعيته..

كما وأنه يضع كلاماً بين قوسين، وكأنه ينقل حرفياً بأمانة.. مع أنه كلام من أفكار جرجي.. يدسه ويرويه على ألسنة أعلام مشهورين. وبخاصة محادثة كبار الصحابة مع بطلاته الوهميات !!

6-ركز جرجي على فترات القلق السياسي، فكانت له أحداث الفتنة الكبرى، وأبومسلم الخراساني، الأمين والمأمون، وشجرة الدر.. مرتعاً خصباً للخوض في غمار هذه الأحداث مجسماً الخلاف، مظهراً العيوب..

7-كما أكثر جرجي من "الدعوى بلا دليل"..

كاستهانة عبد الملك بن مروان بالقرآن الكريم : "هذا فراق بيني وبينك!" وكقوله إذا معاوية أوفد بسر بن أرطأة، وأوفد معه جيشاً، أوصاهم حتى يسيروا في الأرض ويقتلوا جميع من وجدوه من شيعة علي، ولا يكفوا أيديهم عن النساء والصبيان !!

وكقول جرجي حتى المنصور والمعتصم، بنيا كعبتين في بغداد وسامراء!!

وكقوله بكره المنصور للعرب.. وهوالعربي وابن عم النبي العربي صلى الله عليه وسلم .

وقوله إذا "دائرة للمنجمين" في قصر الخلافة العباسية في بغداد.

وقوله: ذبح الخليفة أهل الكرخ بسبب جارية.

وقوله: إذا للبطل الفاتح عبد الرحمن الغافقي "خباء من النساء"!!

8-أظهر شعوبية وحقداً على العرب..

لقد حقر جرجي –في ذهنه فقط- أمتنا، وأظهر مساوئها.. بل ما هجر سيئة إلا وعزاها لأمتنا، وابتز منها جميع مكرمة.. واستغل الطورانيون، أعداء العرب، مؤلفات جرجي، فترجمت إلى اللغة الهجرية، للاستعانة بما خطه في تحقير العرب، وانتقاص مدنيتهم، وغمط حضارتهم، وتفضيل الأعاجم، عليهم، فكادوا يولدون بذم العرب عصبية جديدة..

لقد جعل جرجي العرب غرضاً لسهامه، ودربة لنباله.. يرميهم بكل نقيصة، ومعيبة وشر..

9-أثار الأحقاد التي يرجوجميع عاقل إطفاء نيرانها بين السنة والشيعة.. وبخاصة في رواياته: عذراء قريش. 17 رمضان. غادة كربلاء. أبومسلم الخراساني. العباسة أخت الرشيد. الأمين والمأمون. عروس فرغانة . فتاة القيروان..

اتى في "فتاة القيروان" : "إن شيعتنا في ضنك شديد، إذا هؤلاء الظالمين يسومونهم سوء العذاب من الإهانة والضرب والحبس بسبب وبلا سبب".

"إن شيعتنا مغلوبون على أمرهم يذوقون العذاب ألواناً من الحبس والقتل.." .

"إنهم يسومون شيعتنا ذلك لأنها تجل أبناء الرسول، لوقصصت عليك بعض الخبر لبكيت على حالنا"..

10-أثار غريزة الشباب، وحرك شهوات المراهقين، مستغلاً ضعف ثقافة الكثيرين منهم، وحاول إيصالهم إلى الغاية التي يرمي إليها في جميع رواية، مع لواعج الغرام، اصطكاك الركب، خفقان القلوب، رعشات الحب، سريان الكهرباء عند تلامس الأيدي..

11-كما جعل جرجي تاريخنا العربي (مع الغرام والحب).. دسائس، جواسيس، لصوص، ظالمين، قطاع طرق، ثارات، طاغين، وشايات.. ولقد ذكرنا في جميع رواية ما ورد من مثل هذه العبارات..

12-وجعل جرجي وراء سير الأحداث غانيات فاتنات، ملكات جمال ممشوقات القوام، ممتلئات الجسم، مستديرات الوجه كالبدر.. جمعن بين لطف النساء وحزم الرجال وشجاعتهم، يتنقلن بخفة متناهية بين بلد وبلد، وبين فئة وأخرى ليسيرن الأحداث في تاريخنا العربي الإسلامي.

فقطام في "17 رمضان" فتاة الكوفة الفتانة، التي ذاع صيتها في الآفاق، وسمع بجمالها القاصي والداني، حتى أصبحت فتنة الكوفيين ومضرب أمثالهم، وشخصت إليها الأبصار، وحامت حولها القلوب، فباتت معجبة بجمالها.

وسلمى في "غادة كربلاء" عند النظر إليها أحب الحبيب بها فلم ير جمالاً مثل جمالها في فتاة قبلها، طول عمره الذي قضاه في دمشق وضواحيها، مع كثرة ما شهد من بنات الروم والعرب والنبط والسريان واليهود، فلم تقع عيناه قبل تلك الساعة على فتاة في وجهها من الجمال والهيبة مثل ما في هذا الوجه، وقد أدهشه منها بنوع خاص جمال عينيها..

وجلنار في "أبي مسلم الخراساني" مضرب الأمثال بالجمال والتعقُّل والأنفة.. وهي على جانب عظيم من الجمال، مستديرة الوجه، ممتلئة الجسم، طويلة القامة معتدلتها، بيضاء البشرة مع حمرة تتلألأ تحت البياض، سوداء الشعر مسترسلته، نجلاء العينين كحلاءهما، تفيض جاذبية وحلاوة، وكان لها في مقدم الذقن فحص، وإذا ابتسمت ظهر على جانبي فمها فحصتان هما "الغمازتان" .

إلى غير ذلك .. في جميع رواية .. حدثا أزيح لثام، ظهر وجه كالبدر، ليكون وراء الأحداث بتعقل وحنكة.. وهذا تفسير فرويدي جنسي لتاريخنا العربي الإسلامي!!

13-عود الناس تصديق الخرافة والخيال. فسيرة الحب التي ينسجها بين حبيبين يباعد الفتح أوتباعد الأحداث بينهما، يعودان إلى اللقاء في نهاية السيرة.. مع تنجيم، وسحر، وكهان، ورمل، ومندل وودع..

كل هذا في "روايات تاريخ الإسلام"

14-عدم استخراج فائدة، أوروح معنوية سامية من هذه الروايات.. مع حتى المحرر الكبير هوالذي يوجه قراءه إلى هدف كبير، وأول خطوة تجاه الهدف الكبير البعد عن الكذب والدس والتشويه والحذلقة والطعن والشعوبية.

المحرر العظيم.. من يجعل فيما يخطه مغزى عظيماً رفيعاً، ولن تكون العظمة فيما يُخط إلا إذا التزم المحرر الصدق، والأمانة، والموضوعية.. ولن يصل إلى المستوى الرفيع إلا إذا جعل ما يخط للسموبالجيل فكراً ونفساً وروحاً ومنهجاً.

15-كما قلد جرجي المستشرقين في شبهاتهم.. الرهبان فهموا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، سطوالعرب وحبهم للغنيمة، لا يشجع الإسلام حرية الفكر والفلسفة، إدانة الرشيد في نكبة البرامكة..

16-وكان جرجي يختصر في ما ينبغي الإطناب فيه، والإطناب فيما ينبغي الاختصار.. كوصف دير، أوبستان، أوغرفة، أوجارية.. صفحات ذكرناها فيما سبق.. بينما يذكر عين جالوت في سطرين دون ذكر اسمها، ولا يذكر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً، حتى أنه في كتابه "تاريخ آداب اللغة

العربية" خصص اثنتي عشر صفحة لموضع أجنبي بعيد عن آداب اللغة العربية وهوآداب اللغة اليونانية وأطوارها، وتراجم مستقلة بصور كبيرة لفلاسفة اليونان، وآداب اللغة الفارسية وأطوارها، وآداب اللغة السريانية وأطوارها، وآداب اللغة الهندي.. نقل هذه المباحث من دوائر المعارف، نقلها هنا بلا مناسبة وكان الأولى به حتى يحل محلها كتاب الدولة العباسية، وهم فحول البلاغة، وقادة الكلام.

ومما يذكر هنا.. التطويل والتكرار في موضوعين أوثلاثة لغير موجب، مثل: وصف جمال الغانيات والجواري، والتهتك والخلاعة، وإثارة الأحقاد بين المسلمين، ثم إعادة ذلك بعينه في جميع رواية!!

17-يتضح من مراجع (جرجي) أنه لم يطلع مطلقاً على "منهج البحث التاريخي".. ويتجلى ذلك في اعتماده على خط شك المؤرخون بصحتها، بل وعهدوا كذبها ومجونها.. مثل الأغاني الذي جعله مرجعاً رئيساً في معظم رواياته..

18-كما دون جرجي في رواياته: تصورات أبطال هذه الروايات، وما نطقوه في أنفسهم، وما سمعوه من هواتف، وما مر على خواطرهم من ذكريات.. حتى أحلامهم سجلها جرجي..

وليس بمثل هذه الخيالات يخط تاريخ على وجه البسيطة!!) انتهى كلام الدكتور شوقي أبوخليل –وفقه الله-. (ص307-315).

أما الأستاذ أنور الجندي فقد نطق عن روايات زيدان: (أما المجال الذي استطاع جرجي زيدان حتى ينفث سمومه فيه بحرية؛ فهومجال القصص، فقد ألف عدداً من القصص تحت اسم "روايات الإسلام"، دس فيها كثيراً من الدسائس والمؤامرات والأهواء، وحاول إفساد مفهوم الشخصية الإسلامية والبطولة الإسلامية، حيث أساء إساءة بالغة إلى أعلام من أمثال صلاح الدين الأيوبي، هارون الرشيد، السلطان عبد الحميد، عبد الرحمن الناصر، أحمد بن طولون، الأمين والمأمون، عبد الرحمن الداخل، شجرة الدر، وقد أقام تصوره على أساس خطير:

أولاً: تصوره للخلفاء والصحابة والتابعين بصورة الوصوليين الذي يريدون الوصول إلى الحكم بأي وسيلة، ولوكان على حساب الدين والخلق القويم مع تجريحهم واتهام بعضهم بالحقد وتدبير المؤامرات.

ثانياً: تزييف النصوص التي نقلها عن المؤرخين القدامى وحولها عن هدفها تحويلاً أراد به السخرية والاستخفاف بالمسلمين وبنى عليها قصصا غرامية باطلة.

ثالثاً: استهدف من حشد القصص الغرامية ذات المواقف المسفة داخل روايات "تاريخ الإسلام" إثارة غريزة الشباب وتحريك شهوة المراهقين، مستغلاً ضعف ثقافة الكثيرين منهم وجهلهم بالغاية التي يرمي إليها في الروايات، مع الاستشهاد بالأبيات الشعرية المكشوفة الساقطة التي تحرك الغرائز الدنيا.

رابعاً: تبين من البحث الذي قدمه عالم أزهري تفهم باستفاضة روايات جرجي زيدان حتى معظم الأحداث التاريخية في رواياته قد حرفت وبنيت على أساس فاسد.

فقد ظل جرجي على حد تعبير الباحث الدكتور… ينقب وينقر ويجهد نفسه في مزج الحق بالباطل، وتقديمه في أسلوب براق جذاب معتمداً على فن أدبي ذي أثر بالغ، وذلك هوفن السيرة والرواية، حيث لم يكن حريصاً على تحري الحقائق التاريخية قدر حرصه على الحبكة القصصية وخلق الحوادث المثيرة خلقاً، وقد عمل جاهداً على طمس التاريخ الإسلامي وتشويه معالمه بغية تنفير أبناء العرب والمسلمين من ماضي آبائهم المجيد.

خامساً: من أخطر شبهاته أنه نطق ببشرية القرآن وشك في مصادر العربية الأولى، ومدح بني العباس لأنهم أنـزلوا العرب منـزلة الكلب (على حد قوله)، ونسب إحراق مخطة الإسكندرية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وقد طبع اللبنانيون روايات جرجي زيدان مزدانة بالصور الملونة والألوان الصارخة بقصد استهواء الشباب وحملهم على قراءة هذه الخط التي لا تعطيهم إلا صوراً مشوهة لتاريخ أمتهم وأخباراً ملفقة بغية التشكيك في ذلك التاريخ.

سادساً: منح نفسه الحرية المطلقة في تفسير أحداث التاريخ في معظم رواياته استناداً إلى موقف الأديب من التاريخ، وكانت تفسيراته متعسفة متكلفة في محاولة لإثارة مشاعر السخط في نفوس المسلمين.

سابعاً: تفسيره لتصرفات هارون الرشيد مع أخته العباسة وجعفر البرمكي بما لا يتفق مع ما عهد عن الرشيد من أنه كان يحج عاماً ويغزوعاماً، وبما لا يتفق مع أيسر قواعد التفكير والمنطق السليم، وفي رواية أرمانوسة المصرية حاول حتى يقول: إذا الحب بين أرمانوسة وأركاديوس قائد حصن الروم هوالسبب في هزيمة الروم وفوز المسلمين، واتهم المسلمين بأنهم دخلوا البيوت ينهبون ويسلبون عندما فتحوا بلبيس، وهومناقض تماماً لما أورده المؤرخون المنصفون.

ثامناً: في رواية "فتاة غسان"؛ أورد شبهة بأن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم أخذ تعاليمه عن الرهبان، وتأثر بتوجيهات الراهب بحيرا، واتسمت كتابته بالسخرية والاستخفاف بوثائق العهد النبوي، ووصف حادثة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم بالغرابة، وادعى حتى هناك خصومة بين خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح، وأخذ مصادره في هذا من خط المستشرقين.

تاسعاً: في رواية "عذراء قريش"؛ أقام منطقه على تجريح الصحابة واتهام بعضهم بالحقد وتدبير المؤامرات، واتهم السيدة عائشة بالميل إلى سفك الدماء والنـزوع إلى الشر، ووصف الخليفة عثمان بأنه رجل إمعة وذليل ومستسلم لابن عمه، وافترى على علي بن أبي طالب وفسر الفتنة تفسيراً مغرضاً، واتهم علياً بالتهاون في المطالبة بدم عثمان.

العاشر: وفي رواية "العباسة"؛ اتهم الرشيد بالاستهتار والمجون والاستبداد والظلم، وقدم تفسيراً خاطئاً ومغرضاً لقتل بني برمك، وشوه شخصية العباسة أخت الرشيد.

الحادي عشر: في روايات "شارل" و"عبدالرحمن"؛ زعم بأن القواد وأمراء الجند من المسلمين كانوا مشغولين بحب فتيات النصارى وقد فتنوا بجمالهن، وأن هذا الحب قد صرفهم عن أمر الفتح؛ فهجروا جنودهم في ساحة القتال وادعى أنهم كانوا يهتمون بالغنائم أكثر من اهتمامهم بما عداها، وجرى على تصوير حروب الإسلام على أنها حروب غنائم.

الثاني عشر: أجرى على لسان أبي مسلم الخراساني من الافتراء ما نطق من حتى العرب كانوا يحتقرون غير العرب ويسومونهم سوء العذاب، ثم يفتخرون عليهم بالنبوة، وطمس معالم التاريخ الإسلامي في هذه الرواية بالدس والافتراء، وقدم صوراً باهرة للكنيسة ورهبانها، وأشاد بالأديرة والرهبان حيث جعلها ملجأ الضعفاء وملاذ التائهين والخائفين.

وفي رواية "الأمين والمأمون"؛ كان واضح التحامل على العرب، واصفاً إياهم بالاستبداد وسوء التصرف مع الأجناس الأخرى التي تربطهم بهم رابطة الإسلام قبل جميع شيء.

الثالث عشر: في رواية "فتاة القيروان"؛ حاول التشكيك في أنساب الكثيرين من حكام المسلمين، …، واعتمد في قصصه الغرامية على الخيال؛ إذ لا يوجد ذكر لكل هذه المواقف في جميع خط التاريخ، وخاصة حاكم سلجماسة الأمير حمدون، بل حتى صاحب سلجماسة في خط التاريخ يختلف تماماً عما اتى في رواية زيدان مما يؤكد ميل زيدان إلى التزوير والتحريف.

بل إذا صاحب سلجماسة هومحمد بن داسول وليس الأمير حمدان، ولم يقل ابن الأثير حتى له بنتاً شغلت القائد جوهر؛ فخطبها لابنه، وقد منح زيدان اليهود في روايته دوراً إيجابياً وجعلهم أصحاب الفضل الأول في إزالة الدولة الإخشيدية وإقامة دولة الفاطميين([2]) مقامها.

الرابع عشر: في رواية "صلاح الدين" تلفيق وتزوير وإفساد للمجتمع؛ فقد مضى إلى حتى الخليفة العاضد لما ضعف أمره استدعى صلاح الدين وأوصاه بأهله خيراً، وأن صلاح الدين نقض هذا العهد بعد سويعات وحاصر قصر الخليفة وأخذ جميع ما فيه ومن فيه، ولا ذكر في خط التاريخ لتلك الوصية، ولا إشارة في خط التاريخ إلى سيرة الملك هذه، وهذه الوصية التي ذكرها زيدان لم ترد في "الكامل" لابن الأثير ولا غيره؛ فهي ملفقة مزورة، كذلك؛ فقد زيف زيدان النصوص التي نقلها من ابن الأثير وحولها تحويلاً أراد به السخرية والاستخفاف بالمسلمين، وبنى عليها قصصاً غرامية باطلة.

ولم يعن المؤلف بالتصوير الحي لشخصية صلاح الدين ولم يسجل مواقفه الحاسمة، وصرف الشباب عن الحديث عن الدور المهم الذي قام به صلاح الدين بالحديث عن مكائد الحشاشين، وتهديدهم لصلاح الدين، واعتمد على روايات طائفة الحشاشين تلك الجماعة الضالة المنحرفة، وحاول حتى ينسب إلى صلاح الدين قصصاً غرامية كاذبة.

الخامس عشر: وفي رواية "شجرة الدر"؛ حاول حتى يصور نساء السلطان الصالح نجم الدين أيوب بصورة النساء اللاتي يتاجرن بأعراضهن في سبيل الحصول على ما يتطلعن إليه، وليس معه أي مرشد من التاريخ، وهذه النادىوى التي أوردها حول شجرة الدر تختلف عن الحقائق الواردة في الخط التي أرخت لهذه الفترة.

السادس عشر: وخلاصة ما يصل إليه البحث حول روايات جرجي زيدان:

1- تحويل مواقف الشخصيات التاريخية .

2- إثارة الشكوك حول البطولات الإسلامية.

3- تعمد إغفال الحوادث التاريخية المهمة.

4- إضفاء هالات مثالية على الأديرة والرهبان.

5- التلاعب بالمصادر والمراجع). انتهى كلام الأستاذ أنور الجندي –رحمه الله- من كتابه (إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام، ص 174-178).


المصادر

([1]) الموجز في الأدب العربي وتاريخه، لحنا الفاخوري (4/226 – 232). وانظر : أعلام العرب المبدعين! في القرن العشرين، للدكتور خليل أحمد خليل.

([2]) الصواب حتى تسمى دولة العبيديين الرافضة الذين تستروا بمحبة آل البيت زوراً، وسموا دولتهم بالفاطمية.

محمد عبد الغني حسن: جورجي زيدان – الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر – القاهرة – 1970م.

أنور الجندي: النثر العربي في مائة عام – القاهرة – بدون تاريخ.

سيد مؤنس: مقدمة تحقيقه لكتاب تاريخ التمدن الإسلامي – مؤسسة دار الهلال – القاهرة –1968م.

إلياس زاخورة: مرآة العصر في تاريخ ورسم أكابر العصر – القاهرة – 1897م.

زكي فهمي: صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال العصر – طبعة مصورة لمخطة مدبولي – القاهرة – 1995م.


إسلام أون لاين: جورجي زيدان.. كفاح ونجاح       تصريح

تاريخ النشر: 2020-06-04 18:04:42
التصنيفات: مواليد 1861, وفيات 1914, أشخاص من بيروت, مهاجرون لبنانيون إلى مصر, صحفيون مصريون, روائيون مصريون, كتاب مصريون, مؤسسو مجلات مصريون, سوريون, شوام مصر, أتباع في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس, عن إسلام أون لاين.نت

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بالفيديو.. عادل تاعرابت يعود للواجهة من جديد بأسيست “ساحر” وهدف

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:08:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 83%

كتائب القسام: نتصدى لتوغل بري إسرائيلي واشتباكات عنيفة على الأرض

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:08:51
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 83%

"فرق الإنقاذ عاجزة عن أداء عملها".. منظمة حقوقية تطالب بإعاد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:22:56
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

فصائل عراقية تستهدف قاعدة عسكرية تضم قوات أمريكية على الحد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:22:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

تحديد التكلفة المالية لإصلاح “دونور”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:08:44
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 75%

يُرى فى مصر.. الكرة الأرضية تشهد اليوم خسوفا جزئيا للقمر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:22:15
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 46%

قيادي في حماس: الاحتلال فشل في توغله البري ويحاول تحقيق نصر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-28 03:22:51
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية