جفاف نهر الفرات
في ظل السدود التي أقامتها هجريا في مطلع القرن الحادي والعشرين على منابع نهري الفرات ودجلة، ومع التغيرات المناخية وتأثيراتها المتزايدة على بيئة ومناخ العراق، تأتي سياسات الإهمال والإهدار، وسوء التخطيط للمشاريع المستقبلية في قطاع المياه الذي انتهجته مؤسسات ودوائر الدولة خلال الفترات الماضية لتفجر معضلة جفاف تلقي بظلال مخيفة على المجتمع العراقي.
فقد حذرت وزارة الموارد المائية العراقية خلال بيان صادر عنها مؤخرا من حتى البلاد تعاني من نقص كبير في المياه قد يؤدي إلى حدوث حالة من الجفاف فيها، وعللت ذلك بأنه نتيجة لسياسات الاحتكار للموارد المائية التي تنتهجها الدول المتشاطئة لنهري دجلة والفرات وفروعهما، إضافة إلى حالة انحسار تساقط الأمطار غير المعتادة التي شهدها فصل الشتاء لعام 2008، والتي أدت إلى حدوث معضلة الجفاف. وتوضح الوزارة حتى كمية مياه الأمطار التي هطلت على البلاد خلال فصل الشتاء المنصرم قد قلت بنسبة 30% عما كانت عليه في الأعوام الماضية؛ وهوما أثر بوضوح على مستويات المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما، وأدى إلى انخفاض مناسيب المياه فيهما.
|
|
يقدر مجموع مساحة البحيرات الكبرى في العراق (الثرثار، والحبانية، والرزازة) بـ 373 ألف هكتار، تقلصت مساحتها إلى النصف في الوقت الحاضر؛ بسبب شحة المياه الواردة إلى البلاد، بعد قيام جميع من سوريا وهجريا وإيران ببناء سدود على نهري دجلة والفرات أوتغيير مسار روافدهما المؤدية إلى العراق.
وتقدر كميات المياه المتاحة في العراق بحدود 77 مليار متر مكعب منها 29 مليار متر مكعب من نهر الفرات، لكن الكمية المستغلة عملا هي فقط 25 مليار متر مكعب، ويؤكد الخبراء حتى مجموع كميات المياه المتاحة في العراق ستصل عام 2025 إلى 2.162 مليار متر مكعب.
وتشير بعض الدراسات التي قام بها عدد من الخبراء العراقيين إلى حتى خسارة جميع مليار متر مكعب من مياه الفرات في العراق تؤدي إلى نقصان 26 ألف دونم من الأراضي الصالحة للزراعة، كما يتنبئون بخسارة حوالي 40% من هذه الأراضي الزراعية جراء ازدياد معدلات الملوحة في مياه الفرات.
وتؤكد تلك الدراسات حتى موجة الجفاف وتقلص فترات هطول الأمطار أدى إلى تضاؤل كمية المياه الجارية في الأنهار وجفاف الآبار والعيون، وتحول كثير من المجاري المائية إلى مواضع للنفايات ومراتع للحشرات والقوارض، ومصدرا للروائح الكريهة، أي تحولت إلى مجارٍٍ تعاني من الطفيليات والذباب والبعوض، ومرتع لأوساخ الناس، ومخلفات المطاعم القريبة.
وبحسب مسئولين وخبراء في مجال المياه فإن آثار موجة الجفاف ستظهر جلية للعيان في مجالات الزراعة وصيد الأسماك وتوليد الطاقة وانخفاض المناطق الخضراء في المدن ليهدد الأحزمة الخضراء ويزيد من التغيرات المناخية البيئية المحلية ونفس الأمر على عمل المحطات الكهرومائية وأداء السدود القائمة، إذا ما استمرت الدول المجاورة بنفس سياستها المائية خصوصا في ظل جفاف فصل الشتاء فإن العراق محكوم بفقدان نصف موارده المائية على حد تعبيرهم.
|
|
جفاف النهر في 2040
كشف تقريران أعدتهما منظمات دولية متخصصة حتى العراق سيخسر واردات نهري الفرات ودجلة بالكامل بحلول عام 2040. ونطق مصدر مسؤول في وزارة الموارد المائية العراقية لصحيفة الصباح إذا التقرير المعد من قبل المنظمة الدولية للبحوث تحدث عن تناقص حاد بالحصص المائية الواصلة ضمن حوض نهر الفرات التي ستصل الى 32 مليارا و140 مليون متر مكعب في الثانية بحلول عام 2040 لقاء احتياجات العراق التي ستبلغ حينها 23 مليار متر مكعب. وأضاف حتى حاجة جميع من سورية وهجريا ستصل الى 30 مليار متر مكعب، منوها بأن الواردات النهائية للنهر لن تكفي لتغطية الاحتياجات الكلية لها، الأمر الذي يؤدي الى خسارة العراق موارد النهر بالكامل.
وأشارت الصحيفة الى حتى واردات نهر الفرات الحالية ضمن آخر رصد لمحطة حصيبة أواسط الشهر الماضي بلغتخمسة مليارات و700 مليون متر مكعب وهي تمثل نسبة 42 بالمائة من المعدل العام بعد إكمال سد أتاتورك في هجريا ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول الهادف لتشييد 22 سدا على حوضي دجلة والفرات.
لقاءة الأزمة
ونتيجة لموجة الجفاف فإن وزارتي الموارد المائية والزراعة قررتا السماح بزراعة المحاصيل الإستراتيجية فقط هذا الصيف، مثل الأرز والذرة وعباد الشمس والقطن والخضراوات، كما أصدرت الحكومة تعليمات بتقنين حصص الري لمختلف المحاصيل في مختلف المناطق.
وقد أضر الجفاف الذي شهدته البلاد هذا العام بمحصول الشعير بنسبة أكبر من إضراره بمحصول القمح؛ ونتيجة لذلك قدر بعض خبراء الاقتصاد حتىقد يكون إنتاج هذا المحصول قد انخفض بنسبة 90%، مما انعكس سلبا على قطاع تربية المواشي الذي يعتمد على الشعير بنسبة 60% وقد تسبب ذلك في إفلاس الكثير من المزارعين الصغار، مما دفع دوائر الثروة الحيوانية إلى محاولة إيجاد طرق بديلة لتوفير العلف للماشية مثل التبن المدعم بالمواد المغذية.
|
|
من جهتها اتخذت وزارة الموارد المائية الكثير من الإجراءات للقاءة ظاهرة الجفاف وشح المياه، حيث جعلت إدارة تشغيل السدود كافة في العراق مركزية من قبل وزارة الموارد المائية في الحكومة الفيدرالية.
كما اتفق وزير الموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد خلال زيارته لكل من هجريا وسوريا على زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات للقاءة شح المياه، وحث إيران على ضرورة زيادة الإطلاقات المائية وبشكل عاجل لتخفيف آثار الجفاف.
ودفعت معضلة الجفاف وانخفاض مناسيب المياه في العراق بعض الجهات لتقديم مقترحات تضمن ديمومة جريان المياه بشكل طبيعي في أنهار وبحيرات البلاد من خلال عقد اتفاقات مع دول المنبع، أوتلك المتشاطئة، حيث اقترح ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في كربلاء العمل بمبدأ المصالح المتبادلة بين الدول، وذلك ببيع النفط إلى دول مجاورة بأسعار تفضيلية لقاء تزويد العراق بالماء لحل معضلة المياه في نهري دجلة والفرات، وتجنب الأضرار التي لحقت وتلحق بالزراعة نتيجة موجة الجفاف.
ويقول الكربلائي: "كحل جزئي ولفترة محددة لابد حتى تهجرز اللقاءات مع مسئولي الدول المجاورة على زيادة نسبة مياه نهري دجلة والفرات الواردة إلى العراق والوصول إلى حل توافقي مع تلك الدول لحل هذه المشكلة"، مشيرا إلى حتى الدول تعمل بمبدأ المصالح المتبادلة، وعلى العراق العمل بهذا المبدأ، وتقديم تسهيلات للدول المجاورة.
جفاف الفرات من علامات يوم القيامة
يُروى حديث عن الرسول ، هومن أحاديث الفتن وأشراط الساعة ، ألا وهوحديث انحسار الفرات عن جبل من مضى.
روى البخاري في سليمه في كتاب الفتن (ثمانية / 100 ) باب خروج النار ، ومسلم في كتاب الفتن ( برقم 2894 ) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من مضى، عن أبي هريرة رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يُحْسَر الفرات عن جبل من مضى يقتتل الناس عليه، فيقتل من جميع مائة تسعة وتسعون، فيقول جميع رجل منهم: لعلي أكون أنا أنجو.
وفي رواية نطق : نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك الفرات حتى يحسر عن كنز من مضى فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً . نفس المراجع السابقة، ورواه أيضاً أبوداود ( برقم 4313 ) والترمذي ( برقم 2572 ). وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه نطق: كنت واقفاً مع أبي بن كعب، فنطق: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا،يا ترى؟ قلت: أجل، نطق: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوشك الفرات حتى ينحسر عن جبل من مضى ، فإذا سمع به الناس ساروا إليه ، فيقول من عنده: لئن هجرنا الناس يأخذون منه ليمضىن به كله ، نطق: فيقتتلون عليه ، فيقتل من جميع مائة تسعة وتسعون. مسلم ( برقم 2895 ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمضى الدنيا حتى ينجلي فراتكم عن جزيرة من مضى، فيقتتلون عليه، فيقتل من جميع مائة تسعة وتسعون. رواه حنبل بن إسحاق في كتابه الفتن ( ص 216 ) بسند سليم .
أخرج هذا الحديث بالإضافة إلى الإمامين البخاري ومسلم ، جميع من عبدالرزاق في مصنفه ( 11/ 382 ) عن أبي هريرة، والإمام أحمد في مسنده ( 2 / 306 ) عن معمر ، وفي ( 2 /332 ) من طريق زهير، وكذلك في (خمسة /139 140 ) عن طريق كعب. وأبوداود في سننه ( 4/ 493) والترمذي في سننه ( أربعة / 699 )، وابن ماجة في سننه ( 2 / 1343 ). كما أورده جميع من الإمام أبي عمروالداني في كتابه السنن الواردة في أكثر من موضع. وأيضاً أورده الإمام الحافظ نعيم بن حماد في الفتن في أكثر من موضع، وأورده ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم.
وقد اتىت ألفاظ أخرى شاذة للحديث المذكور، وهي: ليحسرن الفرات عن جبل من مضى حتى يقتتل عليه الناس، فيقتل من جميع عشرة تسعة. أخرجه ابن ماجة في سننه ( 2 / 1343 )، والإمام أحمد في مسنده ( 2 / 261 ، 346 ، 415 ). نطق البوصيري: إسناده سليم ورجاله ثقات: زوائد ابن ماجة ( 2 / 306 ). والحديث أورده الحافظ في الفتح ( 13 / 81 )، ونطق: وهي رواية شاذة، والمحفوظ ما تقدم من حديث أبي هريرة عند مسلم، وشاهد من حديث أبي بن كعب: من جميع مائة تسعة وتسعون. ونطق الألباني عنه: حسن سليم دون قوله: من جميع عشرة تسعة، فإنه شاذ. سليم ابن ماجة ( 2 / 377 ).
وكذلك وردت رواية أخرى عند نعيم بن حماد في الفتن ( برقم 921 ) من طريق آخر عن يحيى بن أبي عمروعن أبي هريرة مرفوعاً، وفيه: من جميع تسعة سبعة، وهومنبتر لأن يحيى روايته عن الصحابة مرسلة ، كما في التقريب ( ص 378 )، وشيخ نعيم مبهم.
انظر أيضا
- نهر الفرات
- مشروع جنوب شرق الأناضول
- جغرافية العراق
المصادر
- ^ CAMPBELL ROBERTSON (2009-07-13). "Iraq Suffers as the Euphrates River Dwindles". New York Times.
- ^ اسلام أونلاين
- ^ وكالة الأنباء الروسية
- ^ "حديث انحسار الفرات عن جبل من مضى". مسقط "صيد الفوائد".