دكامرون

عودة للموسوعة

دكامرون

دِكامـِرون
The Decameron
رسم توضيحي من طبعة ح. 1492 من إل دكامرون المنشورة في البندقية
المؤلف جوڤاني بوكاتشو
العنوان الأصلي إل دكامرون كونگنوميناتوپرنسيپه گاليوتو
المترجم جون پاينه,
ريتشارد ألدينگتون،
جامس ماكمولين ريگ،
مارك موسى،
پيتر بوندانلا
et al.
البلد إيطاليا
اللغة الإيطالية
الصنف Medieval allegory
الناشر فيليپوأند برناردوگينتي
نـُشـِر بالعربية
1886
نوع الوسائط Print
58887280
ديوي العشري
853.1
PQ4267

الدكامرون، وأيضاً تسمى الأمير گاليوتو (بالايطالية: Il Decameron, cognominato Prencipe Galeotto) هي حكاية رمزية من القرن 14 خطها جوڤاني بوكاتشو، وتُحكى كسيرة إطارية تضم 100 حكاية عن عشرة من الشباب.

وأغلب الظن حتى بوكاتشوقد بدأ تأليف العمل في 1350، وانتهى منه في 1351 أو1353. حكايات الحب الفاجرة في الديكاميرون تتراوح من الشبقية إلى المأساوية. حكايات خفة الدم، النكات العملية، ودروس الحياة تساهم في الفسيفساء الأدبية. وبالاضافة للأهمية الأدبية، فإنها توثق الحياة في إيطاليا القرن 14.

وقد بدأ بوكاتشيويخط هذه السلسلة الذائعة الصيت والمتصلة الحلقات من قصص الإغواء بعد طاعون عام 1348 بزمن قليل. وكان وقتئذ في الخامسة والثلاثين من عمره وكانت حرارة الشهوة قد نزلت من الشعر إلى النثر، وشرع يدرك ما في مطاردة النساء الجنونية من فكاهة. ويبدوحتى فيامتا نفسها قد ماتت بالطاعون، وأن بوكاتشيوقد هدأ هدوءاً يكفي لأن يستخدم الاسم الذي أطلقه عليه ليسمى به واحدة من أقل الفتيات الروايات في كتابه. ولم ينشر الكتاب كله إلا في عام 1353 وإن كان بعضه قد نشر من غير شك على أجزاء متبترة، وشاهد ذلك حتى المؤلف يجيب وهويمهد لليوم الرابع عما وجه إلى القصص السابقة من نقد. والكتاب في صورته التي لدينا الآن مؤلف من مائة سيرة، مائة سيرة كاملة. ولم يكن يقصد بها حتى يقرأ عدد كبير منها دفعة واحدة، وما من شك في أنها وقد نشرت متتابعة قد اتخذت موضوعات للسمر في كثير من الأماسي الفلورنسية. وتصف المقدمة ما كان للموت الأسود الذي اجتاح أوربا بأكملها في عام 1348 وما بعدها من آثار في مدينة فلورنس. ويبدوحتى السقم قد نشأ من خصب السكان الآسيويين وقذارتهم وما انتابهم من الفقر بسبب الحرب، والضعف بسبب المجاعة، فامتد الوباء من بلاد العرب إلى مصر، ومن البحر الأسود إلى روسيا وبلاد بيزنطية، ثم نقله تجار البندقية، وسرقوسة، وبيزا، وجنوي، ومرسيليا وسفنها من القسطنطينية والإسكندرية وغيرهما من ثغور الشرق الأدنى بمساعدة البراغيث والفئران إلى إيطاليا وفرنسا. وأكبر الظن حتى سني القحط المتعاقبة التي حلت بأوربا الغربية -1333-1334، 1337، 1342، 1345-1347- قد أوهنت ما كان للفقراء من قوة المقاومة، ثم نقل الوباء إلى سائر الطبقات(39). وانتشر الوباء في صورتين: طاعون رئوي مصحوب بحمى عالية، وبصاق دموي ويؤدي إلى الموت في خلال ثلاثة ايام من بدء الإصابة، ودملي مصحوب بحمى وخراجات وجمرات ويؤدي إلى الموت في خلال خمسة أيام. وقضى الطاعون في هجماته المتعاقبة على نصف سكان إيطاليا بين عامي 1348 و1365 (40) وخط مؤرخ إخباري حوالي عام 354 يصفه فنطق: لم يكن يصحب الجثث إلى قبورها أحد من أهل المتوفى أوأصدقائه القساوسة أوالرهبان، ولم تطن تتلى عليها صلاة الجنازة... وحفرت في كثير من أنحاء المدينة خنادق ألقيت فيها الجثث، وغطيت بطبقة رقيقة من التراب، وتلتها طبقة بعد طبقة حتى امتلأ الخندق ثم بدئ بحفر خندق جديد. وقد دَفَنْتُ أنا أنيولودي تورا Agnolo di Tura... بيدي خمسة من أبنائي في خندق واحد، وعمل هذا بعينه كثيرون غيري. وكانت الطبقة التي غطيت بها جثث بعض الموتى رقيقة إلى حد جعل الكلاب تخرجها وتنهشها، وتنشر أعضاءها في جميع أنحاء المدينة. ولم تدق أجراس، ولم يبك الموتى مهما فدح الخطب لأن جميع أنسان تقريباً كان يترقب الموت... وكان الناس يقولون إذا "هذه هي آخر العالم " يؤمنون بما يقولون(41).

ويقول ماثيوڤلاني إذا ثلاثة من جميع خمسة من سكان فلورنس ماتوا بين شهري إبريل وسبتمبر من عام 1348، وقدر بوكاتشوعدد من توفي من أهل فلورنس بستة وتسعين ألفا(43)، وتلك بلا ريب مغالاة واضحة لأن سكان المدينة لا يكادون يزيدون وقتئذ على مائة الف. ويبدأ بوكاتشوكتاب ديكمرون بوصف مروع للطاعون يقول فيه:

دكامرون، بقلم جوڤاني بوكاتشو. انقر على الصورة لمطالعة الرواية بالكامل.

ولم يكن الاتصال بالسقمى أوالتحدث إليهم وحدهما ينقلان العدوى إلى الأصحاء، بل يظهر حتى مجرد لمس ثياب أولئك السقمى أوأي شئ آخر مسوه أواستخدموه كان يكفي لنقل السقم... وكان أي شئ مما يملكه الموتى أوالمصابون بهذا الوباء إذا أمسه حيوان، ... توفي بعد وقت قليل... وتلك أمور شاهدتها بعيني رأسي. وقذفت هذه المحنة الرعب في قلوب الناس جميعاً... فتخلى الأخ عن أخيه، والعم عن أبن أخيه.. وكثيراً من هذا وما لا يكاد يصدقه العقل، وهوحتى بعض الآباء والأمهات رفضوا حتى يزوروا أبناءهم أنفسهم أويعنوا بهم كأنهم ليسوا منهم... وأفترس السقم في جميع يوم آلافاً من عامة الشعب لأنهم لم يجدوا من يرعاهم أويعمل لإنقاذهم، وماتوا وهم لا يكادون يجدون ملجأ أومعونة. ولفظ الكثيرون منهم آخر أنفاسهم في الطرقات، ومات كثيرون غيرهم في بيوتهم ولم يعهد جيرانهم خبر موتهم إلا من رائحة أجسامهم المتعفنة لا من أية وسيلة أخرى، وامتلأت المدينة بهؤلاء وأولئك وغيرهم من الأموات. وأخرج الجيران جثث الموتى من منازل اصحابها ووضعوها أمام أبوابها مدفوعين إلى ذلك بخوفهم حتى يتعرضوا هم للخطر بسبب تعفن هذه الجثث لا بأي شعور بالرحمة نحوهؤلاء الأموات، ولهذا كان المارة وبخاصة في الصباح يرون من الجثث ما يخطئه الحصر. وكانوا حينئذ يجيئون بالتوابيت فإذا أعوزتهم اتىوا بألواح من الخشب وحملوا عليها. ولم يكن الأمر مقصوراً على حتى يحمل التابوت الواحد جثتين أوثلاث جثث متجمعة، أوحتى يحدث هذا مرة واحدة، بل إنك لتستطيع حتى تجد توابيت كثيرة وقد وضع فيها الزوج وزوجته، وأخوان أوثلاثة أخوة، وأب وابنه، وما إلى هذا وأمثاله... ووصل الأمر إلى حد لم يكن الناس معه يحصون من توفي من الخلائق إلا كما يحصى الناس عدد الماعز في هذه الأيام(43).

جوڤاني بوكاتشووفلورنسيون هربوا من الطاعون.

ويرسم بوكاتشوصورة كتابه ديكمرون من مناظر الخراب السالفة الذكر، وقد وضعت خطة إخراجه في "كنيسة سانتا ماريا نوفلا المعظمة " على أيدي "سبع فتيات ترتبك جميع منهن بالأخريات برباط الصداقة أوالجيرة أوالقرابة، وقد استمعن توا إلى القداس. وتتراوح أعمارهن بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين من العمر ". وكلهن ذوات فطنة، ونبل، وجمال، وآداب عالية، مرحات مرحا يزينه الشرف. "وتقترح إحداهن حتى يقللن من خطر عدوى الطاعون بالرجوع إلى بيوتهن الريفية مجتمعات لا فرادى، وأن يأخذن معهن خدمهن، وأن يتنقلن من بيت ريفي إلى آخر وأن "يستمتعن بالمرح واللهوالذي يتيحه ذلك الفصل من فصول السنة... فهناك نستطيع حتى نستمع إلى تغريد الطير، ونرى التلال والسهول وقد اكتست بحلة سندسية، والحقول وقد امتلأت بالقمح يتماوج فيها تماوج ماء البحر، وفيها نرى آلافا من أنواع الثمر، ونشاهد وجه السماء مبسوطا للناظرين، لا يحجب عنا جماله، وإن كان مغضبا علينا "(44). وتوافق الفتيات على هذا الاقتراح، ولكن فلومينا Filomena تدخل عليه بعض التحسين فتقول : "إننا نحن النساء متقلبات، عنيدات، شديدات الريبة، خوارات العود " ولهذا فقد يحدث من الخير حتىقد يكون معنا بعض الرجال. وساقت إليهن الأقدار في تلك اللحظة ثلاثة رجال "ثلاثة شبان دخلوا عليهن الكنيسة... لم تقوصروف الزمان، أوفقد الأهل والأصدقاء... حتى تنال منهن فتطفئ... نار الحب الملتهبة في قلوبهم ... وكانوا جميعاً ذوي لطف وأدب جم وتربية عالية، وقد خرجوا جميعاً يبحثون عن أعظم سلوى لهم... وهي رؤية عشيقاتهم، واتفق حتى كانت أولئك العشيقات الثلاث من بين السبع الفتيات السالفات الذكر ". وتشير بمبينيا على صاحبتها حتى يدعى أولئك الشبان للانضمام إلى جماعتهن فيخرجوا معهن إلى الريف، وتخشى نيفيلي Neifile حتى يؤدي هذا إلى القيل والنطق، فترد عليها فلومينا بقولها: "ما دمت أحافظ على شرفي، ولا أعمل ما يؤنبني عليه ضميري، فلست أبالي بما يقول الناس غير هذا ".

ويتم الاتفاق وتبدأ الرحلة في يوم الأربعاء التالي يتقدمهم الخدم يحملون الطعام ميممين شطر بيت ريفي على مسيرة يومين من فلورنس "يتوسطه فناء جميل رحب، وأبهاء، وحجرات للاستقبال، وأخرى للنوم، جميع واحدة منها ذات جمال، مزدانة بصور تسر النفس، وتحيط بها خمائل وأرض ذات كلأ، وحدائق عجيبة غناء، وعيون ماء بارد زلال، وسراديب ملأى بالخمر الغالي الثمن "(44). وتنام الفتيات والشبان بعد حتى يمضي من الليل معظمه، ويفطرون على مهل، ويتنزهون في الحدائق، حتى إذا تعشوا آخر الأمر أخذوا يسلون أنفسهم بالقصص التي تتفق مع هذا الأسلوب من الحياة. وتتفق الجماعة على حتى يقص جميع فرد من أفرادها العشرة سيرة في جميع يوم من أيام النزهة، ويقضون في الريف عشرة أيام (ومن ثم اشتق اسم الكتاب من الحدثتين اليونانيتين ديكا همراي Deka hemeral أي عشرة أيام) وتكون النتيجة أنك تجد في مجموعة بوكاتشيوالمرحة سيرة تعارض جميع مقطوعة من مقطوعات دانتي المكتئبة المخزنة. وتضع الجماعة قاعدة تحرم على أي عضومن أعضائها "أن ينقل من الخارج أي خبر غير سار ".

ويندر حتى تكون القصص التي بلغ طول الواحدة منها ست صفحات من ابتكار بوكاتشونفسه، بل أنه جمعها من المصادر اليونانية والرومانية القديمة، ومن كتاب الشرق ومن أقاصيص العصور الوسطى، والقصص والخرافات الفرنسية، والأقاصيص الشعبية المنتشرة في إيطاليا نفسها. وآخر قصص الكتاب وأوسعها شهرة سيرة جريزلدا Griselds الصابرة التي بنى عليها تشوسر Chaucer واحدة من أحسن وأسخف قصص كنتربري Canterbury Tales. أما أجمل قصص بوكاتشوفهي السيرة التاسعة التي تروي في اليوم الخامس -سيرة فدريجوFederigo، وصقره وحبه، والتي تحوي من التضحية ما لا يكاد يقل عن تضحية جريزلدا. أما أكثرها فلسفة فهي سيرة الخواتم الثلاثة (الكتاب الأول -السيرة الثالثة) ومضمونها حتى صلاح الدين "سلطان بابل " يحتاج إلى المال فيدعوملشيزدك Melchisedek اليهودي الثري إلى العشاء معه ويسأله أي الأديان الثلاثة أحسنها-اليهودية أوالمسيحية أوالإسلام،يا ترى؟ ويخشى الشيخ اليهودي الحكيم حتى يقول ما يعتقد فيجيب عن هذا السؤال بسيرة رمزية:

كان يعيش في الأيام الخالية رجل عظيم الشأن كثير المال، وكان من بين ما عنده من الجواهر الثمينة في كنوزه خاتم عظيم غالي الثمن...وأراد حتى يورث هذا الخاتم أبناءه من بعده وأن يبقى عندهم إلى أبد الدهر، فأعرب حتى الذي يوجد منهم عند وفاته ممتلكاً للخاتم تطبيقاً لوصيته يجب حتى يعترف به وارثاله، وأن يقر له سائر الأبناء بالزعامة والرياسة، وأن يعظموه ويوقروه. واتبع من أوصى له بالخاتم هذه الخطة نفسها مع أبنائه هو، فعمل مثل ما عمل والده. وقصارى القول حتى الخاتم أخذ يتنقل من يد إلى يد أجيالاً طوالا حتى وصل آخر الأمر إلى يد رجل له ثلاثة أبناء صالحين فاضلين كلهم مطيعون لأبيهم أحسن إطاعة، ومن أجل هذا كان الأب يسوى بينهم جميعاً في حبه. وكان الأبناء يعهدون قيمة الخاتم وفائدته، ويريد جميع منهم حتىقد يكون هوأعظم الثلاثة قدرا بين قومه... ولهذا أخذ جميع واحد منهم يرجوأباه-وكان قد بلغ الشيخوخة-أن يوصى له بالخاتم... ولم يكن ذلك الرجل الصالح يدري كيف من الممكن أن يختار من بين أبنائه من يفضله على أخويه فيوصى له بالخاتم، ففكر ... في حتى يرضيهم هم الثلاثة وعهد في السر إلى صانع ماهر حتى يصنع له خاتمين آخرين يشبهان الخاتم الأول شبها يكاد يعجز معه هونفسه عن حتى يعهد أيهل الحقيقي وأيها المقلد. فلما قربت منيته منح جميع واحد من أبنائه خاتمه سراً، فلما توفي الأب واراد جميع واحد من الأبناء حتى يرث المال والشرف دون غيره من أخويه أظهر خاتمه يؤيد به حقه. وإذا كانت الخواتم الثلاثة متشابهة جميع الشبه فقد كان من غير المستطاع فهم الخواتم الثلاثة متشابهة جميع الشبه فقد كان من غير المستطاع فهم الخاتم الأصيل. وتأجل من ثم الفصل في أي الثلاثة يرث أباه، ولا يزال ذلك مؤجلا حتى الآن. وكذلك أقول لك يا مولاي: إذا جميع شعب من الشعوب الثلاثة يرى أنه هوالذي يرث من الله شريعته الحقه ووصاياه من بين الشرائع الثلاثة التي أنزلها الله أبوالخلق على هذه الشعوب. أما أي شعب منها هوصاحب هذه الشريعة وتلك الوصايا فإن هذا لم يعهد بعد، وشأن ذلك شأن الخاتم سواء بسواء.

وتوحي هذه السيرة بأن بوكاتشووهوفي السابعة والثلاثين من عمره لم يكن مسيحياً متعصباً لمسيحيته. وخليق بنا حتى نوازن بينه وبين تعصب دانتي وما نطقه عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وفي السيرة الثانية من قصص ديكمرون نرى اليهودي يحنات يعتنق الدين المسيحي بعد اقتناعه بالحجة التي أوردها ڤولتير وهي حتى المسيحية دين منزل من عند الله ما في ذلك شك، لأنها قد بقيت بعدما فشا بين رجال الدين من فساد في الأخلاق، وارتشاء، وبيع للمناصب الدينية. ويسخر بوكاتشيوبالنسك، والطهارة، والاعتراف الديني، والمخلفات المقدسة، والقساوسة، والرهبان، وجماعات الإخوان، والراهبات، وإضفاء صفة القداسة على الصالحين. ويرى حتى الكثرة الغالبة من الرهبان قوم مراءون منافقون، ويسخر من "البلهاء " الذين يقدمون لهم الصدقات (الكتاب السادس، السيرة العاشرة). وتحدثنا واحدة من أكثر قصصه مرحا عن الراهب تشيپالا Cipalla وكيف أراد حتى يجمع مبلغاً كبيراً من المال فوعد مستمعيه حتى يعرض عليهم "أثرا مقدسا أعظم التقديس، وهوريشة من ريش الملاك جبريل بقيت في حجرة مريم العذراء بعد حتى بشرها بمولد المسيح (الكتاب السادس السيرة العاشرة ). أما أكثر هذه القصص بذاءة وفحشا فهي التي تروى كيف من الممكن أن أشبع الشاب ماستوMasetto الشَّبِق شهوة دير للنساء بأكمله (الكتاب الثالث-السيرة الأولى). وفي سيرة أخرى يروى بوكاتشيوكيف من الممكن أن زنى الراهب رينالدوRinaldo بزوجة رجل، ثم يسأل راوي السيرة: "ومَن مِن الرهبان لا يعمل هذا " (الكتاب السابع السيرة الثالثة).

حكاية من دكامرون (1916) بريشة جون وليام واترهاوس.

وتظهر السيدات في كتاب ديكمرون شيئا من الحياء حين يستمعن إلى هذه القصص، ولكنهن يستمتعن بما تحويه من فكاهة شبيهة بفكاهة رابليه Rabelais وتشوسر. وتقص فلومينا، وهي فتاة ذات آداب راقية، سيرة رينالدو، ويقول بوكاتشيوفي أسوأ صورة من صوره إذا "السيدات كن في بعض الأحيان يواصلن الضحك زمنا يكفي لخلع أسنانهن جميعها "(47). ويرجع هذا النحوالذي نحاه بوكاتشيوفي قصصه إلى أنه قد نشأ وسط مرح نابلي الطليق، وأنه إذا ما فكر في الحب كان في أغلب الأحيان يفكر في معناه الشهواني، أما حب الفروسية والشهامة فكان يسخر منه، وكان موقفه من دانتي كموقف سانكوبانزا من دون كيشوت. ويبدوأنه كان يؤمن بالحب الطليق مع أنه قد تزوج مرتين(48). وتراه بعد حتى يقص نحوعشرين سيرة لا يصح حتى يتحدث بها البوم بين جماعة من الذكور ينطق أحد الرجال بعبارة يقولها للسيدات : "لم ألاحظ قط أي عمل، أولفظ، أوحدثة، أوأي شئ ناب صدر منكن أومن الرجال ". ويعترف المؤلف في ختام كتابه بصحة بعض ما يوجه من النقد إلى ما في الكتاب من فحش وخاصة "لأني قلت الحق عن الرهبان في مواضع كثيرة ". وهوفي الوقت ذاته يهنئ نفسه على ما بذله من "جهد طويل أتم فيه عمله على أكمل وجه بمعونة الله".

رسوم بوكاتشو

Since The Decameron was very popular among contemporaries, especially merchants, many manuscripts of it survive. The Italian philologist Vittore Branca did a comprehensive survey of them and identified a few copied under Boccaccio's supervision; some have notes written in Boccaccio's hand. Two in particular have elaborate drawings, probably done by Boccaccio himself. Since these manuscripts were widely circulated, Branca thought that they influenced all subsequent illustrations.

من سيرة الحضارة

كانت فلورنس هي المدينة التي أحرزت فيها الآداب الإيطالية أعظم فوزاتها، ففيها خلع گوندسيلي Guenzelli وكڤلكانتي Cavalcanti في أواخر القرن الثالث عشر على الأغنية صورتها المصقولة، وأوفد دانتي الشاعر الفلورنسي أولى نغمات شعر الملاحم الإيطالي وآخرها في الحنين إلى فلورنس وإن لم ينشد هذه النغمات فيها نفسها، وفيها ألف بوكاتشيوأعظم كتاب في النثر الإيطالي، وخط جوڤاني ڤيلاني Giovanni Villani أكثر تواريخ العصور الوسطى الإخبارية اتفاقاً مع النزعة التاريخية الحديثة.

واستقر بوكاتشيوفي فلورنس عام 1340 وظل يطارد المرأة في الحياة والشعر والنثر. فقد أهدى امورازا فزيوني Amorasa Visioni إل فيامتا Fiametta واسترجع في 4400 بيت ايام صلتهما السعيدة. وينطق بوكاتشيوفيامتا الأميرة غير الشرعية المولد في رواية نفسانية بسيرة انحرافها مع بوكاتشيووتحلل نشوات الحب القوية، وآلام العاطفة، والغيرة، والهجران بتفصيلات وافية، وحين يؤنبها ضميرها على عدم وفائها تتمثل أفرديتي تؤنبها على جنبها وتقول: "لا تجبني وتقولي إذا لي زوجاً وإن القوانين المقدسة والوعود تحرم هذه الأمور عليَّ لأن هذا كله غرور كاذب واعتراضات حمقاء طائشة على قوة الحب. ذلك حتى الحب يفرض قوانينه الأبدية كأنه أمير قوي عظيم، ولا يبالي بغيرها من القوانين التي هي أقل منها شأنا، والتي يراها قواعد منحطة دنيئة(37). ويسيء بوكاتشيواستخدام قلمه فيختم كتابه بأن ينطق فيامتا تمجيداً له وتعظماً بأنه هوالذي هجرها وليست هي التي هجرته. ويعود بوكاتشيوإلى الشعر فينشد في نيفالي فيزولانوحب أحد الرعاة لكاهنة من كاهنات ديانا، ويصف في دقة العاشق الواله ظفره بها بحماسة الذي بنى عليه ديكمرون.

وقد بدأ بوكاتشيويخط هذه السلسلة الذائعة الصيت والمتصلة الحلقات من قصص الإغواء بعد طاعون عام 1348 بزمن قليل. وكان وقتئذ في الخامسة والثلاثين من عمره وكانت حرارة الشهوة قد نزلت من الشعر إلى النثر، وشرع يدرك ما في مطاردة النساء الجنونية من فكاهة. ويبدوحتى فيامتا نفسها قد ماتت بالطاعون، وأن بوكاتشيوقد هدأ هدوءاً يكفي لأن يستخدم الاسم الذي أطلقه عليه ليسمى به واحدة من أقل الفتيات الروايات في كتابه. ولم ينشر الكتاب كله إلا في عام 1353 وإن كان بعضه قد نشر من غير شك على أجزاء متبترة، وشاهد ذلك حتى المؤلف يجيب وهويمهد لليوم الرابع عما وجه إلى القصص السابقة من نقد. والكتاب في صورته التي لدينا الآن مؤلف من مائة سيرة، مائة سيرة كاملة. ولم يكن يقصد بها حتى يقرأ عدد كبير منها دفعة واحدة، وما من شك في أنها وقد نشرت متتابعة قد اتخذت موضوعات للسمر في كثير من الأماسي الفلورنسية. وتصف المقدمة ما كان للموت الأسود الذي اجتاح أوربا بأكملها في عام 1348 وما بعدها من آثار في مدينة فلورنس. ويبدوحتى السقم قد نشأ من خصب السكان الآسيويين وقذارتهم وما انتابهم من الفقر بسبب الحرب، والضعف بسبب المجاعة، فأمتد الوباء من بلاد العرب إلى مصر، ومن البحر الأسود إلى روسيا وبلاد بيزنطية، ثم نقله تجار البندقية، وسرقوسة، وبيزا، وجنوي، ومرسيليا وسفنها من القسطنطينية والإسكندرية وغيرهما من ثغور الشرق الأدنى بمساعدة البراغيث والفئران إلى إيطاليا وفرنسا. وأكبر الظن حتى سني القحط المتعاقبة التي حلت بأوربا الغربية -1333-1334، 1337، 1342، 1345-1347- قد أوهنت ما كان للفقراء من قوة المقاومة، ثم نقل الوباء إلى سائر الطبقات(39). وأنتشر الوباء في صورتين: طاعون رئوي مصحوب بحمى عالية، وبصاق دموي ويؤدي إلى الموت في خلال ثلاثة ايام من بدء الإصابة، ودملي مصحوب بحمى وخراجات وجمرات ويؤدي إلى الموت في خلال خمسة أيام. وقضى الطاعون في هجماته المتعاقبة على نصف سكان إيطاليا بين عامي 1348 و1365 (40) وخط مؤرخ إخباري حوالي عام 354 يصفه فنطق: لم يكن يصحب الجثث إلى قبورها أحد من أهل المتوفى أوأصدقائه القساوسة أوالرهبان، ولم تطن تتلى عليها صلاة الجنازة... وحفرت في كثير من أنحاء المدينة خنادق ألقيت فيها الجثث، وغطيت بطبقة رقيقة من التراب، وتلتها طبقة بعد طبقة حتى امتلأ الخندق ثم بدئ بحفر خندق جديد. وقد دَفَنْتُ أنا أنيولودي تورا Agnolo di Tura... بيدي خمسة من أبنائي في خندق واحد، وعمل هذا بعينه كثيرون غيري. وكانت الطبقة التي غطيت بها جثث بعض الموتى رقيقة إلى حد جعل الكلاب تخرجها وتنهشها، وتنشر أعضاءها في جميع أنحاء المدينة. ولم تدق أجراس، ولم يبك الموتى مهما فدح الخطب لأن جميع أنسان تقريباً كان يترقب الموت... وكان الناس يقولون إذا "هذه هي آخر العالم " يؤمنون بما يقولون(41).

ويقول ماثيوفلاني إذا ثلاثة من جميع خمسة من سكان فلورنسا ماتوا بين شهري إبريل وسبتمبر من عام 1348، وقدر بوكاتشيوعدد من توفي من أهل فلورنس بستة وتسعين ألفا(43)، وتلك بلا ريب مغالاة واضحة لأن سكان المدينة لا يكادون يزيدون وقتئذ على مائة الف. ويبدأ بوكاتشيوكتاب ديكامرون بوصف مروع للطاعون يقول فيه:

ولم يكن الاتصال بالسقمى أوالتحدث إليهم وحدهما ينقلان العدوى إلى الأصحاء، بل يظهر حتى مجرد لمس ثياب أولئك السقمى أوأي شئ آخر مسوه أواستخدموه كان يكفي لنقل السقم... وكان أي شئ مما يملكه الموتى أوالمصابون بهذا الوباء إذا أمسه حيوان,... توفي بعد وقت قليل... وتلك أمور شاهدتها بعيني رأسي. وقذفت هذه المحنة الرعب في قلوب الناس جميعاً... فتخلى الأخ عن أخيه، والعم عن أبن أخيه.. وكثيراً من هذا وما لا يكاد يصدقه العقل، وهوحتى بعض الآباء والأمهات رفضوا حتى يزوروا أبناءهم أنفسهم أويعنوا بهم كأنهم ليسوا منهم... وافترس السقم في جميع يوم آلافاً من عامة الشعب لأنهم لم يجدوا من يرعاهم أويعمل لإنقاذهم، وماتوا وهم لا يكادون يجدون ملجأ أومعونة. ولفظ الكثيرون منهم آخر أنفاسهم في الطرقات، ومات كثيرون غيرهم في بيوتهم ولم يعهد جيرانهم خبر موتهم إلا من رائحة أجسامهم المتعفنة لا من أية وسيلة أخرى، وامتلأت المدينة بهؤلاء وأولئك وغيرهم من الأموات. وأخرج الجيران جثث الموتى من منازل أصحابها ووضعوها أمام أبوابها مدفوعين إلى ذلك بخوفهم حتى يتعرضوا هم للخطر بسبب تعفن هذه الجثث لا بأي شعور بالرحمة نحوهؤلاء الأموات، ولهذا كان المارة وبخاصة في الصباح يرون من الجثث ما يخطئه الحصر. وكانوا حينئذ يجيئون بالتوابيت فإذا أعوزتهم اتىوا بألواح من الخشب وحملوا عليها. ولم يكن الأمر مقصوراً على حتى يحمل التابوت الواحد جثتين أوثلاث جثث متجمعة، أوحتى يحدث هذا مرة واحدة، بل إنك لتستطيع حتى تجد توابيت كثيرة وقد وضع فيها الزوج وزوجته، وأخوان أوثلاثة أخوة، وأب وابنه، وما إلى هذا وأمثاله... ووصل الأمر إلى حد لم يكن الناس معه يحصون من توفي من الخلائق إلا كما يحصى الناس عدد الماعز في هذه الأيام(43).

ويرسم بوكاتشيوصورة كتابه ديكمرون من مناظر الخراب السالفة الذكر، وقد وضعت خطة إخراجه في "كنيسة سانتا ماريا نوفلا المعظمة " على أيدي "سبع فتيات ترتبط جميع منهن بالأخريات برباط الصداقة أوالجيرة أوالقرابة، وقد استمعن توا إلى القداس. وتتراوح أعمارهن بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين من العمر ". وكلهن ذوات فطنة، ونبل، وجمال، وآداب عالية، مرحات مرحا يزينه الشرف. "وتقترح إحداهن حتى يقللن من خطر عدوى الطاعون بالرجوع إلى بيوتهن الريفية مجتمعات لا فرادى، وأن يأخذن معهن خدمهن، وأن يتنقلن من بيت ريفي إلى آخر وأن "يستمتعن بالمرح واللهوالذي يتيحه ذلك الفصل من فصول السنة... فهناك نستطيع حتى نستمع إلى تغريد الطير، ونرى التلال والسهول وقد اكتست بحلة سندسية، والحقول وقد امتلأت بالقمح يتماوج فيها تماوج ماء البحر، وفيها نرى آلافا من أنواع الثمر، ونشاهد وجه السماء مبسوطا للناظرين، لا يحجب عنا جماله، وإن كان مغضبا علينا "(44). وتوافق الفتيات على هذا الاقتراح، ولكن فلومينا Filomena تدخل عليه بعض التحسين فتقول : "إننا نحن النساء متقلبات، عنيدات، شديدات الريبة، خوارات العود " ولهذا فقد يحدث من الخير حتىقد يكون معنا بعض الرجال. وساقت إليهن الأقدار في تلك اللحظة ثلاثة رجال "ثلاثة شبان دخلوا عليهن الكنيسة... لم تقوصروف الزمان، أوفقد الأهل والأصدقاء... حتى تنال منهن فتطفئ... نار الحب الملتهبة في قلوبهم ... وكانوا جميعاً ذوي لطف وأدب جم وتربية عالية، وقد خرجوا جميعاً يبحثون عن أعظم سلوى لهم... وهي رؤية عشيقاتهم، واتفق حتى كانت أولئك العشيقات الثلاث من بين السبع الفتيات السالفات الذكر ". وتشير بمبينيا على صاحبتها حتى يدعى أولئك الشبان للانضمام إلى جماعتهن فيخرجوا معهن إلى الريف، وتخشى نيفيلي Neifile حتى يؤدي هذا إلى القيل والنطق، فترد عليها فلومينا بقولها: "ما دمت أحافظ على شرفي، ولا أعمل ما يؤنبني عليه ضميري، فلست أبالي بما يقول الناس غير هذا ".

ويتم الاتفاق وتبدأ الرحلة في يوم الأربعاء التالي يتقدمهم الخدم يحملون الطعام ميممين شطر بيت ريفي على مسيرة يومين من فلورنس "يتوسطه فناء جميل رحب، وأبهاء، وحجرات للاستقبال، وأخرى للنوم، جميع واحدة منها ذات جمال، مزدانة بصور تسر النفس، وتحيط بها خمائل وأرض ذات كلأ، وحدائق عجيبة غناء، وعيون ماء باردزلال، وسراديب ملأى بالخمر الغالي الثمن "(44). وتنام الفتيات والشبان بعد حتى يمضي من الليل معظمه، ويفطرون على مهل، ويتنزهون في الحدائق، حتى إذا تعشوا آخر الأمر أخذوا يسلون أنفسهم بالقصص التي تتفق مع هذا الأسلوب من الحياة. وتتفق الجماعة على حتى يقص جميع فرد من أفرادها العشرة سيرة في جميع يوم من أيام النزهة، ويقضون في الريف عشرة أيام (ومن ثم اشتق اسم الكتاب من الحدثتين اليونانيتين ديكا همراي Deka hemeral أي عشرة أيام) وتكون النتيجة أنك تجد في مجموعة بوكاتشيوالمرحة سيرة تعارض جميع مقطوعة من مقطوعات دانتي المكتئبة المخزنة. وتضع الجماعة قاعدة تحرم على أي عضومن أعضائها "أن ينقل من الخارج أي خبر غير سار ".

ويندر حتى تكون القصص التي بلغ طول الواحدة منها ست صفحات من ابتكار بوكاتشيونفسه، بل أنه جمعها من المصادر اليونانية والرومانية القديمة، ومن كتاب الشرق ومن أقاصيص العصور الوسطى، والقصص والخرافات الفرنسية، والأقاصيص الشعبية المنتشرة في إيطاليا نفسها. وآخر قصص الكتاب وأوسعها شهرة سيرة جريزلدا Griselds الصابرة التي بنى عليها شوسر Chaucer واحدة من أحسن وأسخف قصص كانتربري Canterbury Tales. أما أجمل قصص بوكاتشيوفهي السيرة التاسعة التي تروي في اليوم الخامس -سيرة فدريجوFederigo، وصقره وحبه، والتي تحوي من التضحية ما لا يكاد يقل عن تضحية جريزلدا. أما أكثرها فلسفة فهي سيرة الخواتم الثلاثة (الكتاب الأول -السيرة الثالثة) ومضمونها حتى صلاح الدين "سلطان بابل " يحتاج إلى المال فيدعو Melchisedek اليهودي الثري إلى العشاء معه ويسأله أي الأديان الثلاثة أحسنها-اليهودية أوالمسيحية أوالإسلام،يا ترى؟ ويخشى الشيخ اليهودي الحكيم حتى يقول ما يعتقد فيجيب عن هذا السؤال بسيرة رمزية:

كان يعيش في الأيام الخالية رجل عظيم الشأن كثير المال، وكان من بين ما عنده من الجواهر الثمينة في كنوزه خاتم عظيم غالي الثمن... وأراد حتى يورث هذا الخاتم أبناءه من بعده وأن يبقى عندهم إلى أبد الدهر، فأعرب حتى الذي يوجد منهم عند وفاته ممتلكاً للخاتم تطبيقاً لوصيته يجب حتى يعترف به وارثاله، وأن يقر له سائر الأبناء بالزعامة والرياسة، وأن يعظموه ويوقروه. واتبع من أوصى له بالخاتم هذه الخطة نفسها مع أبنائه هو، فعمل مثل ما عمل والده. وقصارى القول حتى الخاتم أخذ يتنقل من يد إلى يد أجيالاً طوالا حتى وصل آخر الأمر إلى يد رجل له ثلاثة أبناء صالحين فاضلين كلهم مطيعون لأبيهم أحسن إطاعة، ومن أجل هذا كان الأب يسوى بينهم جميعاً في حبه. وكان الأبناء يعهدون قيمة الخاتم وفائدته، ويريد جميع منهم حتىقد يكون هوأعظم الثلاثة قدرا بين قومه... ولهذا أخذ جميع واحد منهم يرجوأباه-وكان قد بلغ الشيخوخة-أن يوصى له بالخاتم... ولم يكن ذلك الرجل الصالح يدري كيف من الممكن أن يختار من بين أبنائه من يفضله على أخويه فيوصى له بالخاتم، ففكر ... في حتى يرضيهم هم الثلاثة وعهد في السر إلى صانع ماهر حتى يصنع له خاتمين آخرين يشبهان الخاتم الأول شبها يكاد يعجز معه هونفسه عن حتى يعهد أيهم الحقيقي وأيها المقلد. فلما قربت منيته منح جميع واحد من أبنائه خاتمه سراً، فلما توفي الأب وأراد جميع واحد من الأبناء حتى يرث المال والشرف دون غيره من أخويه أظهر خاتمه يؤيد به حقه. وإذا كانت الخواتم الثلاثة متشابهة جميع الشبه فقد كان من غير المستطاع فهم الخواتم الثلاثة متشابهة جميع الشبه فقد كان من غير المستطاع فهم الخاتم الأصيل. وتأجل من ثم الفصل في أي الثلاثة يرث أباه، ولا يزال ذلك مؤجلا حتى الآن. وكذلك أقول لك يا مولاي: إذا جميع شعب من الشعوب الثلاثة يرى أنه هوالذي يرث من الله شريعته الحقه ووصاياه من بين الشرائع الثلاثة التي أنزلها الله أبوالخلق على هذه الشعوب. أما أي شعب منها هوصاحب هذه الشريعة وتلك الوصايا فإن هذا لم يعهد بعد، وشأن ذلك شأن الخاتم سواء بسواء.

وتوحي هذه السيرة بأن بوكاتشيووهوفي السابعة والثلاثين من عمره لم يكن مسيحياً متعصباً لمسيحيته. وخليق بنا حتى نوازن بينه وبين تعصب دانتي وما نطقه عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)(46). وفي السيرة الثانية من قصص ديكامرون نرى اليهودي يوحنات يعتنق الدين المسيحي بعد اقتناعه بالحجة التي أوردها ڤولتير وهي حتى المسيحية دين منزل من عند الله ما في ذلك شك، لأنها قد بقيت بعدما فشا بين رجال الدين من فساد في الأخلاق، وارتشاء، وبيع للمناصب الدينية. ويسخر بوكاتشيوبالنسك، والطهارة، والاعتراف الديني، والمخلفات المقدسة، والقساوسة، والرهبان، وجماعات الإخوان، والراهبات، وإضفاء صفة القداسة على الصالحين. ويرى حتى الكثرة الغالبة من الرهبان قوم مراءون منافقون، ويسخر من "البلهاء " الذين يقدمون لهم الصدقات (الكتاب السادس، السيرة العاشرة). وتحدثنا واحدة من أكثر قصصه مرحا عن الراهب تشيبلا Cipalla وكيف أراد حتى يجمع مبلغاً كبيراً من المال فوعد مستمعيه حتى يعرض عليهم "أثرا مقدسا أعظم التقديس، وهوريشة من ريش الملاك جبريل بقيت في حجرة مريم العذراء بعد حتى بشرها بمولد المسيح (الكتاب السادس السيرة العاشرة ). أما أكثر هذه القصص بذاءة وفحشا فهي التي تروى كيف من الممكن أن أشبع الشاب ماستوMasetto الشَّبِق شهوة دير للنساء بأكمله (الكتاب الثالث-السيرة الأولى). وفي سيرة أخرى يروى بوكاتشيوكيف من الممكن أن زنى الراهب رينالدوRinaldo بزوجة رجل، ثم يسأل راوي السيرة: "ومَن مِن الرهبان لا يعمل هذا " (الكتاب السابع السيرة الثالثة).

وتظهر السيدات في كتاب ديكمرون شيئا من الحياء حين يستمعن إلى هذه القصص، ولكنهن يستمتعن بما تحويه من فكاهة شبيهة بفكاهة رابليه Rabelais وتشوسر. وتقص فلومينا، وهي فتاة ذات آداب راقية، سيرة رينالدو، ويقول بوكاتشيوفي أسوأ صورة من صوره إذا "السيدات كن في بعض الأحيان يواصلن الضحك زمنا يكفي لخلع أسنانهن جميعها "(47). ويرجع هذا النحوالذي نحاه بوكاتشيوفي قصصه إلى أنه قد نشأ وسط مرح نابلي الطليق، وأنه إذا ما فكر في الحب كان في أغلب الأحيان يفكر في معناه الشهواني، أما حب الفروسية والشهامة فكان يسخر منه، وكان موقفه من دانتي كموقف سانشوپانزا من دون كيشوت. ويبدوأنه كان يؤمن بالحب الطليق مع أنه قد تزوج مرتين(48). وتراه بعد حتى يقص نحوعشرين سيرة لا يصح حتى يتحدث بها البوم بين جماعة من الذكور ينطق أحد الرجال بعبارة يقولها للسيدات : "لم ألاحظ قط أي عمل، أولفظ، أوحدثة، أوأي شئ ناب صدر منكن أومن الرجال ". ويعترف المؤلف في ختام كتابه بصحة بعض ما يوجه من النقد إلى ما في الكتاب من فحش وخاصة "لأني قلت الحق عن الرهبان في مواضع كثيرة ". وهوفي الوقت ذاته يهنئ نفسه على ما بذله من "جهد طويل أتم فيه عمله على أكمل وجه بمعونة الله ".

الأثر

ولا يزال ديكامرون من روائع الأدب العالمي، ويرجع سبب شهرته إلى أخلاقه اكثر مما يرجع إلى نفسه، ولكنه حتى لوخلا من ما يجافى الخلق الكريم لكان مع ذلك خليقا بالبقاء. وليس في بناء الكتاب شئ من النقص- وهويسمومن هذه الناحية على كتاب قصص كانتربري. وقد ارتفع نثره بالأدب الإيطالي إلى مستوى لم يسم عليه قط، وهونثر قد يحدث في بعض الأحيان معقداً أومزخرفاً، ولكنه في معظمها بليغ، جذل، لاذع، مطرب، صاف صفاء النبع الجبلي. إنه كتاب في حب الحياة، وقد استطاع بوكاتشوفي غمرة أكبر كارثة حلت بإيطاليا في مدى ثمانين عاما حتى يجد في نفسه من الشجاعة ما يستطيع به حتى يرى الجمال، والفكاهة، والطيبة، والمرح لا تزال تمشي على الأرض، وتراه في بعض الأحيان ساخراً كما تبين ذلك في هجوه الخالي من الشهامة للنساء في الكرباتشيوCorbaccio، لكنه كان في ديكامرون شبيها برابليه في ضحكه العالي ومرحه، يتقبل ما تعطيه الحياة إياه وما تأخذه منه، ويرضى منها ومن الحب بمتاعبها وسقطاتهما. ولقد شهد العالم نَفْسه مصورا في الكتاب رغم ما فيه من مغالاة ومن صور هزلية. ولقد ترجم إلى جميع اللغات الأوربية، ونقل هانز زاكس Hans sachs ولسنج Lessing، وموليير Moliere ولافنتين La Fontaine، وتشوسر Chaucer، وشكسبير نقل هؤلاء كلهم صحفا منع أعجبوا بها جميع الإعجاب. وسيظل الكتاب متعة للقراء بعد حتىقد يكون جميع شعر بترارك قد انطوى في عالم الخط التي يمدحها الناس ولا يقبلون على قراءتها.

انظر أيضاً

  • Cent Nouvelles nouvelles
  • ألف ليلة وليلة

الهامش

وصلات خارجية

اقرأ نصاً ذا علاقة في

The Decameron


  • Decameron Web, from Brown University
  • The Decameron - Introduction, from the Internet Medieval Sourcebook
  • 'The Enchanted Garden', a painting by John William Waterhouse
  • , available at Project Gutenberg. (Rigg translation)
  • , available at Project Gutenberg. (Rigg translation)
  • , available at Project Gutenberg. (Payne translation)
  • Concordances of Decameron
  • Decameron English and Italian text for a direct comparison
  • on audio mp3 – free download (in Italian & English)
  • Complete italian. OGG recording – Creative Commons License
تاريخ النشر: 2020-06-04 19:04:27
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, Pages using deprecated image syntax, Articles containing non-English-language text, Portal templates with all redlinked portals, Commons category link is locally defined, كتب القرن 14, كتب 1353, روايات إيطالية, الثقافة في فلورنسا, الأدب الإيطالي في العصور الوسطى, أعمال جوڤاني بوكاتشو

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هاري: الملك تشارلز كان يخشى أن تسرق ميغان وكيت الأضواء منه

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:20
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 94%

وزارة الصحة تعلن عن مسابقة لتوظيف 4000 ممرض

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:44
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

رئيسة البرلمان الأوروبي تدعو إلى دعم المتظاهرين في إيران

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:35
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 95%

الطارف: توقيف شخص عذب وقتل كلبه ببن مهيدي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:25
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

العراق... موسم شتوي غزير الأمطار ينعش الآمال

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:24
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 87%

«رغم القصف الأوكراني»... الجيش الروسي يؤكد التزامه بوقف إطلاق النار

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:29
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 90%

استلام أول قاطرة بحرية فولاذية جزائرية الصنع بنسبة إدماج 65 بالمائة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:56
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

خامنئي يعين قائداً جديداً للشرطة في خضم الاحتجاجات

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:33
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 87%

حوادث المرور: وفاة 19 شخصا وإصابة 240 آخرين خلال 48 ساعة الأخيرة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:21
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

مذنّب يمرّ قرب الشمس للمرة الأولى منذ 50 ألف سنة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:37
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 88%

السودان: تحذير من ارتفاع إيرادات النيلان الأزرق والأبيض

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:34
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

إنقاذ وإسعاف 30 شخصا نجو من الموت بعد استنشاقهم للغاز

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:27
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

تسليم رخص استيراد السيارات في الأيام القليلة القادمة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:34
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

تسليم أول قاطرة بحرية جزائرية الصنع لنقل المحروقات

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

لصوص يقتحمون مقرّ جمعية الإرشاد والإصلاح ويستولون على عدّة أغراض

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:17
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

تمديد أجال الترشح لتنظيم موسم الحج 2023

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:40
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

تعليم عالي: فتح النقاش حول مشروع "ليسانس مزدوج"

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:58
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

عودة مشكلة نقص حليب الأكياس بسكيكدة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:20
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

مصر: ارتباك يضرب السوق السوداء للدولار - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

خلاف حول الميراث ينتهي بجريمة قتل في عنابة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:23
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

باتنة: فتح تحقيق في ملابسات حادث مروري الذي أودى بحياة عائلة من 08 أفراد

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:02
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

90 بالمائة من إصابات سرطان الرئة لدى الرجال سببها التدخين

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:24:31
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

أمريكا: 50 % انكماش قطاع الخدمات - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-01-07 15:25:50
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

تحميل تطبيق المنصة العربية