جواد علي (1907 - 1987) هومفكر ومؤرخ عراقي.

حياته ودراسته

ولد الأستاذ الدكتور جواد علي في الكاظمية ببغداد سنة 1907 ودرس في الأعظمية حيث كلية الإمام الأعظم أبوحنيفة وبعد ذلك أكمل دراسته في دار المفهمين العالية (كلية التربية) وبعد تخرجه فيها سنة 1931 عين مدرسا في إحدى المدارس الثانوية وسرعان ما رشح ليكون ضمن بعثة فهمية إلى ألمانيا وقد حصل على الدكتوراه من جامعة هامبورگ سنة 1939 وذلك عن رسالته الموسومة (المهدي وسفرائه الأربعة) بالالمانية .

عاد إلى العراق وصادفت عودته قيام ثورة مايس 1941 ونشوب الحرب العراقية –البريطانية فانضم إلى الثورة وبعد فشلها اعتقل في معتقل الفاوثم أطلق سراحه وأعيد إلى الوظيفة في وزارة المعارف واختير ليكون أمينا لسر لجنة التأليف والترجمة والنشر التي قدر لها حتى تكون نواة للمجمع الفهمي العراقي سنة 1947 وفي 1956 أصبح عضوا عاملا في المجمع واختير عضوا مراسلا ومؤازرا في مجامع اخرى عربية وعالية .

عمل الدكتور جواد علي مدرسا وأستاذا مساعدا ثم أستاذا في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد منذ الخمسينات من القرن الماضي وفي العام الدراسي 1957 -1958 عمل أستاذا زائرا في جامعة هارفارد الاميركية وقد تقاعد فمنحته جامعة بغداد لقب (أستاذ متمرس) .

نشر الدكتور جواد علي قرابة (50) دراسة في مجلة المجمع الفهمي العراقي كما خط في مجلات أخرى منها (المفهم الجديد) وحصل في حياته على تكريمات وأوسمة منها وسام المعارف اللبناني ووسام المؤرخ العربي وحضر ندوات ومؤتمرات عديدة منها مؤتمرات المستشرقين التي كانت تعقد في ألمانيا

كان مع الشيخ محمد رضا الشبيبي والاستاذ محمد بهجت الأثري قد وضعوا بذرة تاسيسس المجمع الفهمي العراقي سنة 1947، وانتدب سكرتيراً للمجمع الفهمي العراقي عام 1948، وتدرج في الألقاب الفهمية حتى أصبح أستاذاً في كلية التربية في جامعة بغداد عام 1961، وأحيل إلى التقاعد عام 1972. منح وسام المعارف اللبناني عام 1947، انتخب عضوا لمجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1952، اختير أستاذاً زائرا في جامعة هارفرد عام 1957، عضواً في الجمعية الاثارية الألمانية، مثل العراق في عد مؤتمرات عربية ودولية، ولمكانته الفهمية منحته جامعة بغداد درجة أستاذ متمرّس) وهوأعلى لقب فهمي يمنح لمفكّر عراقي، ومنح وسام المؤرخ العربي. نشر الدكتور جواد علي قرابة (50) دراسة في الآثار والتاريخ والاستشراف، يتقن اللغات العربية والألمانية والانكليزية.

منهجه

كان الدكتور جواد علي مؤرخا رانكوياً (نسبة إلى المؤرخ الألماني ليوپولد فون رانكه ) والذي يقول إذا وظيفة المؤرخ حتى يعيد تشكيل الحدث التاريخي كما سقط بالضبط. وبشان منهجه هذا فان صديقنا الأستاذ حميد المطبعي اجرى معه في مجلة أفاق عربية (السنة 3، العدد 1، آذار 1978 ) حوارا نطق فيه إذا ثمة مشاكل تعترض المؤرخ منها معضلة الرجوع إلى المصادر الحقيقية ومشكلة المؤلفات القديمة باللغات المتنوعة ومشكلة تشتت المصادر وتبعثرها. ويعيب الدكتور جواد علي على المؤرخين أخذهم بالعموميات بدلا من اعتماد المنهج الفهمي ويضيف إذا على المؤرخ حتى يفهم التاريخ وفقا للظروف والحوادث التي سقطت وليس كما هوالحاضر ويحذر المؤرخين من تدخل العواطف وتحكم الممضىية واصطباغ التاريخ بصبغة عقائدية ويقول ((يقتضي على المؤرخ ليكون تاريخه فهميا منزها تجنيب نفسه الممضىية المتزمتة وعليه نقد الروايات نقدا فهمياً محايداً ... )). ويضيف (( ثم يقوم بربط الأخبار بعضها ببعض، وشد اجزائها شدا محكما بأسلوب يتناول جميع الوجوه واعتبار التاريخ تاريخ بشر وهوحكم وسياسة والسياسة سياسة في جميع وقت ومكان ولن يختلف فيها إنسان عن إنسان )).

ويرى الدكتور جواد علي، إذا العرب يمتلكون تاريخا ثرا وهم في غنى عن الإضافة إلى تاريخهم وتحميله ما ليس منه. ويدين استخدام الدولة التاريخ أداة بيدها ويقول إذا هذا سقم مزمن في البشرية مما حمل الناس على الشك في صحة التاريخ واعتباره مجرد كذب وتلفيق ويضيف ((لازال التلفيق والتنميق جاريان في التاريخ، ولاسيما في السياسات الممضىية وفي الأمور الشخصية وفي الحروب وفي الجدل بأنواعه، غير إذا بوسع المؤرخ في الوقت الحاضر الكشف عن الواقع بفضل تعدد المصادر والمقارنة بينها واستخلاص الحقائق .

وفيما يتعلق بالدعوات حول إعادة كتابة التاريخ نطق الدكتور جواد علي إذا تلك الدعوات لم تنبع من فلسفة أصيلة مدروسة وإنما من ميول ومحاكاة ومحاباة ونابعة من توجيه البيئة والعصر وإخضاع التاريخ لمنطق الرأي السائد في عصر المؤرخ. وبشان عوامل تفسير التاريخ التي يجب على المؤرخ حتى يتسلح بها يقول الدكتور جواد علي أنها:

1. التاريخ يستمد وحيه من واقع الظروف التي خلق فيها وذلك بعد تحليل وعمل فكر واحاطة بالروايات وبالوثائق الواردة عن الحادث .

2. تدوين التاريخ وفقا للاجتهاد الذي يتوصل إليه وجدان المؤرخ عنه .

3. عدم الرضوخ لمدرسة معينة من المدارس التي تفسر التاريخ وفقا لديانتها وعقيدتها في تفسير التاريخ ،لان التاريخ لرأى معين معناه إننا نزيف ونحور التاريخ ونصوغه وفقا لعقيدتنا الضيقة ،فهنا إخضاع لحكم جامد يتنافى مع ضرورات المنهج الفهمي في تفسير التاريخ .

4. على المؤرخ إذا يشخص جميع جوانب التاريخ، فلا يقتصر على التمجيد والمديح ،وفي الوقت نفسه لا يحاول تسقط العثرات ومواطن الضعف .

5. حتىقد يكون المؤرخ وصافا عالما عادلا أي حتى ينظر إلى منشأ الروايات واتجاه رواتها والزمن الذي عاش فيه صاحب الرواية وناقلها .

6. وإزاء هذه المواصفات، علينا ، يضيف الدكتور جواد علي ،أن نحذر من النظرة القسرية إلى تاريخنا، ويجب التبصر فيما يخط في جميع بيئة معارضة وعلى المؤرخ عدم الاقتصار على الجوانب السياسية وشمول جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية بالاهتمام .

7. ويقدم الدكتور جواد علي وصيته الأخيرة للمؤرخ المعاصر وهي إذا على مؤرخ اليوم حتى يتحدث عن جميع جوانب الحياة ..عن جميع الطبقات .. عن الخاصة والسواد .

يقول الدكتور خلدون درويش لطفي في منطق له عن الدكتور جواد علي نشره في مجلة (المؤرخ العربي) وبالعدد 56 (1998 ) : حتى الدكتور جواد علي يعد من كبار المؤرخين العرب المعاصرين ، وقد اشتهر بمؤلفاته الرصينة وأبحاثه القيمة التي أكسبته هذه الشهرة والمنزلة الرفيعة بين المؤرخين البارزين على الساحتين العربية والعالمية. توفي سنة 1987 وهجر بيننا إرثا يخلده أبد الدهر.

من آرائه

عندما سئل عن " ما حذرك ازاء التاريخ ،يا ترى؟ " أجاب :ما نراه في الموارد الاسلامية عن الجاهليين يجب ان يفحص ويدقق بعناية لاحتمال وجود التحامل فيه على العرب، من قبل اناس ضنوا ان في التشهير بهم قربة وحسبة الى الله، وان محاسن دين الله لاترقى الا بتجريد عباد الاصنام من جميع حسن وجيد، ومن جميع فهم وفهم والاسلام كما نفهم ثورة على الشرك ، فوجهة نظر روات التاريخ الجاهلي نابعة من هذا الاتجاه ، وما نراه عن الخلافة والخلفاء الراشدين "رضي الله عنهم"، يجب دراسته بكل عناية، فما من خليفة منهم الا وله مبغضون ومعادون، فالخلفاء أمراء المؤمنين ساسة وحكام امة ولكل حاكم محب ومبغض، ومن طبيعة الحكم ان يخلق للحاكم معارضة بين الناس ، وقد تكون بغير سبب مباشر وتماس بالحاكم وانما مجرد تسلمه الحكم .

وعندما سئل ، عن مسببات ازدراء بعض المؤرخين للتاريخ.- نحن نفهم، إذا التاريخ هومن اهم المعارف الحساسة التي تحاول الدول استخدامها الة بيدها، بتجنيد إعمالها، وبكتابة التاريخ حسب هواها، وهوسقم قديم مزمن في البشرية، حمل كثيراً من الناس على الشك في صحة التاريخ واعتباره مجرد كذب وتلفيق .. وبين الذين شكوا به عدد من المؤرخين، وقد قيل ان احد المؤرخين الانكليز القى بمؤلفاته في النار حين راى حريقاً وهوفي بيته فلما هبط ليراه وليبحث عن سبب حدوثه وسأل الناس، وجدهم يختلفون في وصفه وفي تفسيره فحنق على التاريخ ونطق: إذا تاريخاً يخط على مثل هذه الروايات لا يكن تاريخاً . وقد الف السنحاوي كتاباً في الرد على من ذم التاريخ ، نادىه : ( الاعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ .. وذم التاريخ هوسبب هذا الذي نسب الى التاريخ .. ) وعندما سئل عن ممضىه الفقهي ، نطق أنه ينأى بنفسه عن هذه التسميات ولا يراها نليق بهذا العصر ، فالمدارس الفقهية التاريخية كلها محترمة ومقدرة وتنتمي لهذا الدين ، ولكني أنتمي للأسلام والحضارة الأسلامية بلا مذاهب .

ويقول عن التفسير الفهمي والتاريخي للقرآن : ان التفسير العصري للقران وللاسلام يقر ، ان جميع جيل يجب ان يفسر الاسلام بعقلية جيله بينما يجب على المؤرخ ان يفسره وفقاً للظروف والحوادث التي سقطت في ايام النبي وادت الى صدور احكامه لمعالجتها وفقا لتلك الظروف .

أهم مؤلفاته

من مؤلفاته المنشورة :

1. التاريخ العام (بغداد 1927 )
2. أصنام العرب (بغداد 1967 )
3. تاريخ العرب قبل الإسلام (ثمانية مجلدات) طبعها المجمع الفهمي العراقي بين سنتي 1956 -1960.
4. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (عشرة مجلدات) طبعت في بيروت بين سنتي 1968 – 1947 .
5. تاريخ الصلاة في الإسلام (بغداد 1968 )
6. تاريخ العرب في الإسلام (بيروت 1969 )
7. المهدي المنتظر عند الشيعة الإثنى عشرية

كما حتى له خطا غير منشورة منها كتابيه (معجم ألفاظ المسند ) و( المفصل في تاريخ العرب في الإسلام )

وقد نشر مع الدكتور أحمد سوسة والأستاذ محمد بهجة الأثري خارطة الإدريسي المعروفة بـ (صورة الأرض ) وطبعت سنة 1951 . وله درس موسع نشر متسلسلا في مجلة المجمع الفهمي العراقي (1950 -1954 ) حول موارد تاريخ الطبري.

المصادر