عبد الحليم منتصر

عبد الحليم منتصر (2 سبتمبر 1908 - 1992)، عالم نبات مصري

ولد في 1908 في قرية الغوابين، مركز فارسكور، دمياط تخرج من كلية العلوم بجامعة القاهرة في عام 1931

وكانت النشأة الأولي وسط الحقول والأراضي الزراعي التي تمتلكها عائلته من مسببات إتجاهه لدراسة النبات فيما بعد كما يبدو. بدأ دراسته بمدرسة فارسكور الإبتدائية (تزامل فيها مع عالم جليل آخر تحدثنا عنه في منطق سابق هوالدكتور محمود حافظ) ثم أتمَّ دراسته الثانوية فى مدرسة المنصورة الثانوية ومدرسة الجيزة الثانوية.

التحق بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) ليتخرج فيها عام 1931 وقد تتلمذ فيها علي يد عالم النبات الشهير فرانك والز أوليفر (الأستاذ السابق بجامعة لندن) والذي أصبح رئيساً لقسم النبات بكلية العلوم عام 1929 خلفاً للأستاذ جونار تيكهولم السويدي، أريد حتى أتوقف هنا وقفة صغيرة جداً لأشير إلى الأساتذة الأجانب في جامعاتنا المصرية وكيف كان التفاعل معهم يثري الحياة الفهمية آنذاك ويجعل التواصل بيننا وبين الدول المتقدمة فهمياً حافزاً لنا على التقدم فياليت يعود هذا التقليد ولوبطريقة الأستاذ الزائر، هناك كتاب مفيد وجدته بالصدفة (لحسن حظي) أثناء تفقدي لمخطة المجلس الأعلى للثقافة بعنوان "الأجانب في الجامعة المصرية" من تأليف حسن نصر الدين وهوكتاب قيم عملاً ليس فقط لأنه يصف كيف من الممكن أن كانت البيئة الجامعية بيئة كوزموبوليتانية فهمية ولكنه أيضاً يحكي تاريخ نشأة الجامعة وتطورها... لنعد إلى عالمنا الجليل بعد تلك الوقفة.

حصل عبد الحليم منتصرعلى الماجستير سنة 1933 ثم أوفد في بعثة لدراسة الدكتوراه إلى إنجلترا وأتبعها بزيارة لسويسرا ليستزيد من الفهم على يد بعض فهمائها البارزين ثم عاد إلى أرض الوطن حاملاً الدكتوراه سنة 1935 (لاحظ قصر المدة!) وهوأول من حصل على هذه الدرجة الرفيعة في هذا المجال في العالم العربي.

تدرج في السلم الفهمي في جامعة القاهرة حتى نادته جامعة إبراهيم (عين شمس الآن) ليعمل أستاذاً بها سنة 1950 ليصبح عميداً بعد ذلك سنة 1954.

وعالمنا الجليل هومؤسس ورائد أول مدرسة فهمية في تخصص فهم النباتات أخرجت للعالم مئات الحاصلين على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وهذا وحده يجعل بصمته الفهمية ممتدة في عالمنا هذا حتى وإن غادر دنيانا، هذه المدرسة الفهمية تخصصت في النباتات خاصة في البيئة الصحراوية (الشبيهه بالبيئة عندنا في مصر)، من أبحاث الدكتور منتصر الهامة جداً والمفيدة دراسة بيئة بحيرة المنزلة ودراسة التربة والنبات فى مريوط والعلاقة بين عوامل التربة والنموالجذور وأثر الكائنات المجهرية فى التربة على نموالنبات والكثير مما لا تسمح المساحة هنا بذكره كاملاً.

لم يكتف عالمنا الجليل بريادته للفهم بل أضاف لها ريادته للثقافة، فقد جمع بين دراسته الفهمية ودراسته لتاريخ العلوم وخاصة العصر الفهمي المضىي في الدولة الإسلامية ودأب على التعريف بهذا العصر وبفهمائه الكبار وخط في ذلك منطقات عدة وخط مثل كتاب "تاريخ الفهم ودور العرب فى تقدمه" (وقد صدرت منه طبعة من الهيئة المصرية العامة للخط سنة 2013) وكان من كبار النادىة إلى تعريب الفهم في مصر والعالم العربي حتى يصل للجميع لأن من الناس من لا يتقن إلا اللغة العربية وله كتاب قيم صغير الحجم لكنه كبير الأثر بعنوان "الفهم في حياة الإنسان" صدر سنة 1984 من مجلة العربي الكويتية وكتاب " قادة الفهم فى العصر الحديث " ... إلخ

أنشأ جمعية أنصار اللغة العربية بكلية العلوم في مطلع الثلاثينات (صدر العدد الأول سنة 1934 أي وقت حتى كان في بعثته) وأصدرت مجلة "رسالة الفهم" التي رأس تحريرها لمدة تزيد عن أربعين سنة ومن شدة نجاحها جذبت أقلام الكثير من الفهماء ليخطوا فيها، يكفي فقط حتى ننظر إلى عناوين بعض منطقات الدكتور منتصر في تلك المجلة لنعهدة أهميتها حتى في وقتنا هذا: "ثورة الفهم" و"تنظيم البحث الفهمى فى مصر" و"الفهم فى خدمة الاقتصاد القومى" و"البحث الفهمى ومشروعات الإصلاح" و"التخطيط الفهمى للوطن العربى" و"الجامعات بين البحث الفهمى والتعليم" و"السباق الدولى فى البحث الفهمى" و"الموارد الفهمية فى البلاد العربية" و"تطور الفكر الفهمى ومسايرة اللغة العربية" ... ألا تشعر وأنت تقرأ تلك العناوين أنك ترغب حتى تقرأ هذه الموضوعات التي لم تفقد أهميتها لأنها تطرح أسئلة وأفكار مازالت مطروحة على الساحة حتى وإن مر على نشرها أكثر من خمسة عقود؟

هذا العالم الجليل له بخلاف أبحاثه الفهمية مئات الموضوعات والأحاديث والخط الموجهة للعامة قل حتى ينتجها إنسان واحد!

كان لعالمنا الجليل دور كبير في إنشاء الجمعية المصرية لتاريخ العلوم مع عالم جليل آخر هوالدكتور مصطفى نظيف والذي تحدثنا عنه في منطق سابق كما كان نقيباً للفهميين وكان عضواً بالكثير من المؤسسات والهيئات الفهمية مثل مجمع اللغة العربية (أُختير عضواً سنة 1958) والأكاديمية المصرية للعلوم والمجمع الفهمي المصري وجمعية البيئة النباتية البريطانية والأمريكية والجمعية الدولية لفهم البيئة الصحراوية بالهند والكثير من الهيئات التي لن نذكرها كلها هنا.

نال الدكتور منتصر جائزة التفوق الفهمى عن كتابه "حياة النبات" سنة 1938 كما مُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم سنة 1987

إذا كنت تظن حتى إسهامات الدكتور منتصر كانت فقط داخل مصر فأنت مخطئ لأن هذا العالم الجليل من مؤسسي جامعة الكويت وأول رئيس لها ثم عاد إلى أرض الوطن سنة 1964 ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية سنة 1975 حين طلبته مستشاراً لشئون الجامعات بها ثم عاد ليواصل عمله وأبحاثه في جامعة عين شمس.

أريد حتى أختتم هذا الموضوع بمقتطف صغير من أول منطق لهذا العالم العظيم في أول عدد من مجلة رسالة الفهم يقول فيه "بدأت الطلائع الأولى تتخرج فى كلية العلوم حاملة فهم الجهاد فى ميادين الفهم والعهدان مؤدية واجبها نحوالوطن ونحوالفهم، وكان لها حتى تفكر فى إخراج صحيفة عامية تكون أداة اتصال بين الخريجين وترجمانا صادقا لبحوثهم ومختلف ميادين نشاطهم الفهمى " ... أليس الوقت الآن مناسباً ونحن في القرن الواحد والعشرين حتى تصدر جامعاتنا المصرية مجلة فهمية موجهة للعامة تتحدث فيها عن الأبحاث في الجامعة وعن بعض الموضوعات التي تهم رجل الشارع،يا ترى؟ ألم يأت هذا الوقت بعد؟

كانه هدفه تعريب التعليم الجامعي ووضع معجم عربي فهمي عمل معيدا بقسم النبات وحصل علي الماجستير عن رسالة النتح والثغور في النباتات الصحراوية والدكتوراة عام 1928 وموضوعها التربة المصرية كون مع زملائه مجلة رسالة الفهم في سنة 1924 ورأسها 42 سنة وكون جمعية خريجي العلوم واصبح امين للأتحاد الفهمي وعمل مدير لجامعة الكويت منذ أنشأها.