الجنرال محمد إلكر باشبوغ İlker Başbuğ (و. 1943) كان رئيس الأركان رقم 26، للقوات المسلحة الهجرية، منذ 28 أغسطس 2008، خلفاً ليشار بويوك أنيت. وقد حذر في خطاب توليه رئاسة أركان حرب هجريا بتحذير من تصاعد التدين. ويأتي هذا التحذير في غمار التحقيق في شبكة إرگنقون المكونة من جنرالات متقاعدين وهي متهمة بالعمل على زعزعة الأمن بالقيام والتخطيط بالكثير من التفجيرات والإغتيالات. في أغسطس 2013 حُكم عليه بالسجن المؤبد المشدد أثناء محاكمات إرگنقون.

سيرته

الجنرال إلكر باشبوغ وُلد في محافظة أفيون‌قرةحصار في غرب الأناضول عام 1943. هاجرت أسرته من مقدونيا إلى قلب الأناضول في مدينة أفيون كما ينطق. توفي والده وهوفي السابعة من العمر. كان قد حسم قراره بالالتحاق بالمدرسة الحربية منذ الصغر ليتخرج منها عام 1962. تدرج في المناصب ومراكز الخدمة في هذه المؤسسة ثم خدم كمدرس في المدرسة الحربية وشغل مناصب عدة أهمها عمله في مركز قيادة حلف شمال الأطلسي في بلجيكا.

شارك في أكثر من دورة حربية خارج البلاد، أهمها المدرسة الحربية الملكية في إنجلترا. وتدرج سريعا في المناصب العليا إلى حتى عمل كمساعد لسكرتير مجلس الأمن القومي في مطلع الألفية، حيث سنحت له الفرصة ليتابع عن قرب مسار العلاقات بين العسكريين والسياسيين والملفات الساخنة التي تناقش هناك. أصبح عام 2005 قائد الجيش الأول، وفي العام التالي أصبح قائد القوات البرية. وهواليوم، منذ عام 2008، الرئيس الـ26 لهيئة الأركان الهجرية. بسبب سنه سيكتفى بتولي هذا المنصب لعامين فقط بدل أربعة سنوات وهي المدة القانونية المعمول بها ليحال بعدها على التقاعد.

التمهيد السياسي للارتقاء

تسبب باشبوغ في جدل كبير عندما نشرت جريدة وقت Vakit المحافظة صورة له وهويصلي أمام حائط المبكى بالقدس, مدعية أنه قد يحدث من أصل يهودي. إلا أنه بعد بضعة أيام, نشرت جريدة حريات اليومية الكمالية صورة أخرى له وهويصلي في المسجد الأقصى كذلك.

شبكة إرگنقون

نطق أحد الإعلاميين الأتراك المخضرمين وهويوجز رأيه في مواقف رئيس الأركان الهجري إلكر باشبوغ الأخيرة، إذا باشبوغ أثبت قدرته على مخالفة النكتة الهجرية المعروفة حول جحا هجريا نصر الدين خوجا الذي هدد وتوعد مرة، إذا لم تعد له جبته المفقودة بأسرع ما يمكن. وبعد دقائق وجدت الجبة وتجرأ أحد الحضور في الاستفسار عما كان سيعمله الخوجا لولم يعثر عليها، فنطق: «لا شيء في منزلنا جبة قديمة كنت سأرتديها مكانها». عندما سأل رئيس تحرير جريدة حريت أرتوغرول أوزكوك، باشبوغ، إذا ثبت حتى الوثيقة المزعومة حول وجود مخطط يعد له بعض الضباط للإطاحة بحكومة العدالة والتنمية، ولتفكيك جماعة النور الإسلامية التي يقودها فتح الله گولان التي تعتبر اليوم أبرز وأقوى الحركات الإسلامية الهجرية، التي يرى فيها بعض الفهمانيين المتشددين حليفا للحكومة وشريكا لها في الحكم، مزورة، فما الذي سيعمله، نطق: «ستعهدون وقتها موقفنا وما سنعمله». وهولم يتأخر في الرد عندما اتىت تقارير بعض المختبرات لتكشف حتى نسخة مصورة عن انادىءات في غاية الخطورة من حتى هذا النوع لا قيمة له، فسارع على الفور لجمع كبار القيادات العسكرية وقيادة الأركان والجلوس أمام عدسات الكاميرا، للمطالبة باعتنطق الفاعلين ومقاضاتهم. وهولم يتصرف على طريقة نصر الدين خوجا، بل رجح خيار التفجير والتصعيد، مذكرا حتى هناك حملة منظمة مدروسة تشن ضد القوات المسلحة الهجرية، وأن الجيش لن يسكت ويتجاهل ما يجري.

باشبوغ باختصار، لم ينتظر حتى يتحرك الرئيس رجب طيب إردوغان الغاضب الذي اصدر أوامره بتقديم شكوى لدى المدعي العام الهجري يطالب فيها باتخاذ التدابير اللازمة للكشف عن الواقفين وراء هذا المخطط، بل سارع هوالآخر للمطالبة بإجراء تحقيق عسكري تام من قبل المحكمة العسكرية التي اعتبرت بعد نحوالأسبوعين من التحقيقات وجمع الأدلة حتى الوثيقة المنشورة مجرد ورقة لا قيمة لها طالما حتى النسخة الأصلية غير متوفرة. وقررت عدم ملاحقة الضابط المتهم بتوقيعها ودعوة المدعي العام المدني للعثور على الجهة الحقيقية الواقفة وراء هذا العمل ومقاضاتها.

الشارع الهجري المنقسم منذ البداية حيال هذه القضية، اختلف مرة أخرى بين محذر حتى تكون الوثيقة مزيفة تستهدف وحدة البلاد والمؤسسة العسكرية مباشرة، وبين فريق آخر يطالب بالتعامل مع هذه المعلومات بجدية وحزم لأنها تطال مباشرة مسار حملة الإصلاحات السياسية، وهجريز الديمقراطية في هجريا، وليزيد الطين بلة بعد انفجار ارغنيكون الذي سقط قبل أشهر مشعلا أزمة جديدة بين الجيش والحكومة. وكان ذلك عندما نفذت قوات الأمن الهجرية حملة اعتنطقات ومداهمات واسعة، طالت العشرات من العسكريين والأكاديميين ورجال الأعمال الأتراك بتهمة الإعداد لقلب النظام وإسقاط حكومة رجب طيب أردوغان وإبعاد «العدالة والتنمية» عن الحكم والعثور على عشرات مخازن الأسلحة والذخائر والوثائق بحوزتهم.

الباحث الهجري تام طيار، أبرز المتابعين لملف ارغنيكون، نطق إذا باشبوغ منذ تسلمه لمنصبه قبل عام، كان ومنذ البداية أمام خيارين: إما القبول بمسار اللعبة الديمقراطية في البلاد والتعامل معها على هذا الأساس، أوالتصلب في مواقفه كما عمل أسلافه حتى تنتهي مدة خدمته بعد عام ويحال على التقاعد. لكن باشبوغ لم يشأ التردد في تحديد موقفه ومسقطه في المعادلة الجديدة: لا تساهل في موضوع التعرض للمؤسسة العسكرية من قريب أومن بعيد مهما تردد الحديث عن المقاييس الأوروبية وغيرها. إلى غير ذلك لعب قائد الأركان ورقته الثانية من خلال لقاءات عاجلة عقدها مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وليلزم الجميع بعد ذلك بعقد أطول اجتماع لمجلس الأمن الهجري الذي استمرثمانية ساعات كاملة تحت عنوان «أحداث كبيرة وخطيرة تحيط بنا إقليميا من جميع صوب فيما نمضي نحن في هجريا أسبوعين كاملين وراء ورقة لا تحمل أية قيمة قانونية». من هوباشبوغ، كيف من الممكن أن يفكر ويتصرف، وما الذي يريده ويراهن عليه كقائد للمؤسسة العسكرية الهجرية التي ظلت لسنوات طويلة في قلب المعادلات السياسية الداخلية والخارجية في البلاد؟

إلكر باشبوغ وعد خلال تسلم مهام قيادة الأركان من يشار بيوك انيت، في أغسطس (آب)المنصرم، أنه سيكون مختلفا في أسلوب تعامله مع وسائل الأعلام التي لن يظهر أمامها إلا عند الضرورة، ولن تكون هناك بيانات تحذيرية منتصف الليل. إلا أنه فوجئ بالرياح التي تدفع السفن بعكس ما تشتهيه، ووجد نفسه يقف عشرات المرات أمام الإعلاميين، إما لتوضيح مواقفه أوللدفاع عن المؤسسة التي يمثلها أولتوقيع بيانات ليلية كان لا بد منها برأيه. لا، بل هوتميز عن أسلافه من القادة أنه بتر الطريق بين مقر قيادة الجيش وقصر الرئاسة في شنقايا ليعرج بعد ذلك على مقر رئاسة الوزراء أكثر من مرة لمناقشة مسائل تقلق المؤسسة التي يقودها مؤكدا عدم استعداده للتسليم أوالتراجع.

الصحافي أحمد هاقان يوجز ما يجري بأسلوبه الساخر: «باشبوغ، على الرغم من جميع وعوده حتىقد يكون مختلفا، عودنا منذ البداية على خطبة جميع شهر، التي أصبحت تقليدية، يفجر خلالها غضبه في وجهنا. لا نعهد السبب الحقيقي بعد، هل هي كتابات البعض التي تغضبه، أم هوسلوك حكومة العدالة والتنمية أم هما الأمران معا؟» مما نطقه باشبوغ أخيرا:

• على الرغم من تكرارنا أكثر من مرة أننا لن نحمي أي إنسان يطرح فكرة الانقلاب العسكري في البلاد فإن هناك:

ـ محاولات لتصوير المؤسسة العسكرية على أنها وكر فتنة وأن جميع همها هوالإعداد للانقلابات العسكرية لا أكثر.

ـ أحملوا أيديكم عن المؤسسة العسكرية فإضعافها مسألة تعني وحدة البلاد ومصيرها بالدرجة الأساسية. ـ هناك مخطط مدروس أعد من قبل البعض ويستهدف القوات المسلحة الهجرية لناحية غرس الفتنة والتفرقة في البلاد.

ـ كيف من الممكن أن تسرب تقرير أحد المختبرات التابع لقوى الشرطة حول الوثيقة إلى الصحافة بعد يومين فقط من صدوره على الرغم من سريته الكاملة،يا ترى؟ ـ كيف من الممكن أن حدد تاريخ إعداد هذه الوثيقة على الرغم من أنها لا تحمل أي تاريخ بهذا الشأن،يا ترى؟ ـ المؤسسة العسكرية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما تتعرض له من هجمات ولن تتراجع في استخدام حقها المشروع للدفاع عن نفسها أمام هذه الحملات. ومع حتى الإعلامي في صحيفة «يني شفق» الإسلامية هاقان البيرق يتساءل: «هل نبالغ في انتقاداتنا التي نوجهها إلى قائد الأركان الهجري، وهل يكفي حتى يعلن باشبوغ التزامه بدولة القانون حتى تزال الشبهات كافة حول عدم التخطيط لانقلاب عسكري حديث في هجريا،يا ترى؟ وما الالتزامات والضمانات التي يقدمها،يا ترى؟ هوبدل حتى يعمل ذلك يقول لنا صراحة إذا المؤسسة العسكرية لن تمضى وراء «صيد السحرة»، فإن كثيرا من المتابعين في الداخل الهجري نطقوا إنه على الرغم من قانون منتصف الليل الذي استصدرته حكومة العدالة والتنمية حول السماح بمقاضاة العسكريين أمام المحاكم المدنية الذي أغضب كثيرين في المعارضة، وفي صفوف قيادة الجيش نفسها، خاصة أنها خطوة تأتي وسط سجال حاد يعصف بالبلاد منذ أكثر من عام، يزعج مباشرة المؤسسة العسكرية التي كانت توقف جميع واحد عند حده ما حتى تقول هي ما عندها».

أما اليوم، فهي لم تعد قادرة وبمثل هذه السهولة على التأثير على الرغم من جميع التصريحات والمواقف المتشددة التي تعلنها. لا، بل إذا معظم الصحافة المنتقدة، خاصة الإسلامية، ترى حتى ما يجري في هجريا هذه المرة يختلف عن السنوات السابقة. العسكر يفجر غضبه كلاميا فقط، فالظروف الدولية وخيارات هجريا الإقليمية والدولية لا تسمح بغير ذلك. البير غورموش الذي دفع ثمنا باهظا بسبب كتاباته اللاذعة حول المؤسسة العسكرية، يقول إذا ما يردده رئيس الأركان حول عدم معهدته بتفاصيل ما يدور داخل مؤسسة يقودها غير مقنع، خاصة حتى أحد الضباط المتقاعدين في قيادة الجيش أعرب أنه تجاوز له وحذر باشبوغ من وجود مجموعة داخل الجيش تتحرك على هواها، وأنه مع ذلك لم يصدر حتى الساعة عن قائد الأركان ما يكذب مثل هذا الخبر المهم. لكن روشان شاقير الصحافي في جريدة «وطن»، يقول لـ«الشرق الأوسط» إذا مسقط قائد الأركان في هجريا كان دائما محط الأنظار والانتقادات من قبل كثيرين، وأن المتسلمين لهذا المنصب كانوا وبحسب الأوضاع السياسية في البلاد يمضون فترات صعود وهبوط وهبات ساخنة وباردة، والمؤكد هنا حتى باشبوغ يدفع هوبنفسه جزءا من الثمن نيابة عن سلفه يشار بيوك انيت الذي ولج قبل عامين في لقاءة علنية مع حزب العدالة والتنمية خلال فترة الانتخابات المبكرة في البلاد وانتخاب عبد الله غل رئيسا للجمهورية وتهديداته وتحذيراته النارية.

وفي الاتجاه نفسه، تنتقد أكاديمية «دنيز اولكا اري بوغان» «من يحاولون تضييق الخناق على باشبوغ والمؤسسة العسكرية على هذا النحو». المؤكد حتى عملية تطهير واسعة تجري هذه الأيام في صفوف المؤسسة العسكرية، حيث يتم تبديل مراكز ومهام كثيرين. بعض الأصوات تعالت للمطالبة باستنطقة قائد الأركان داعية إياه إلى تقديم الأجوبة عن كثير من الأسئلة التي يطرحونها في كتاباتهم اليومية، وما حتى يبدأ الكلام لشرح موقفه حتى يسارعون إلى توجيه انتقاداتهم اللاذعة له تحت ذريعة لما يتحدث الجيش،يا ترى؟ أليس مسقطه ودوره ومهامه هي في الثكنات وعلى الحدود؟. وهي توجز لائحة بأسماء الذين يهمهم مطاردة باشبوغ في جميع مكان ويتقدمهم مجموعة ارغنيكون نفسها التي أزعجها مواقفه وتصريحاته منذ البداية، ثم هناك بعض الأقلام الليبرالية التي تجد نفسها دائما في خندق انتقاد الجيش مهما كانت الظروف، هذا، من دون حتى ننسى طبعا الراغبين بتصفية حساباتهم مع «العدالة والتنمية» عبر المؤسسة العسكرية ولعب ورقتها حتى النهاية.

بإيجاز، كثيرون في هجريا يصرون على اعتبار موضوع المؤسسة العسكرية فوق كثير من المسائل الداخلية والخارجية مهما كان حجم خطورتها، فالحل كما يرى يبدأ من الداخل مع تحديد مسقط ودور هذه المؤسسة ضمن السياسات والاستراتيجيات الجديدة التي اختارتها هجريا، فكيف ستقدم نفسها على أنها النموذج الإقليمي الأفضل بينما تتواصل تصفية الحسابات اليومية بين السياسيين وبعض ضباط الجيش. من الممكن مسألة ارغنيكون وما ستحمله لنا من مفاجآت ستكون القشة الفاصلة في هذه اللقاءة.

نادىه البعض للاستنطقة من منصبه بسبب ما ينطق وينشر يوميا حول المؤسسة العسكرية وحملات الاعتنطقات التي طالت كثيرا من الضباط المتقاعدين، فنطق إذا هذه تصريحات لا تستحق حتى التوقف عندها. ومع حتى الصحافي في جريدة «يني شفق» مراد اقصوي يقول لـ«الشرق الأوسط» إذا السجال الدائر حول الوثيقة لا يستهدف المؤسسة العسكرية لا من قريب ولا من بعيد، وأن جميع ما يجري هوإعطاء الفرصة لهجريا لتلعب لعبة الديمقراطية العصرية على أصولها وتبدل ثوبها، فإن أصواتا عديدة ترى حتى لا نهاية قريبة لذلك. ثلاثة انقلابات عسكرية حتى مطلع الثمانينات وأكثر من أربعة مشروعات انقلاب لوح بها خلال السنوات العشر الأخيرة، وما زال النقاش محتدما بين المدنيين والعسكريين حول تقاسم النفوذ والقرار في هجريا.

يتساءل كثيرون: هل كان على حزب العدالة والتنمية بهويته الإسلامية حتى لا يتسلم منطقيد السلطة في البلاد قبلسبعة أعوام،يا ترى؟ لما لم يأخذ الدروس والعبر من عشرات الأحزاب التي تم حظرها حتى الآن،يا ترى؟ ألم يفكر قبل الإقدام على خطوة «عليّ وعلى أعدائي» ويتذكر ما حل بنجم الدين أربكان وكيف تمت تصفيته وعزله سياسيا عندما نطق كلاما لا يعجب البعض داخل هجريا؟

الإعلامي في جريدة «صباح» هنجال اولوج يقول إذا «باشبوغ وجه صفعة عثمانية قوية لمستحقيها وأعطانا دروسا في القانون كان على البعض حتى يعهدها ويقبل بها ويتعامل معها على هذا الأساس قبل حتى يذكرنا بها شخصية عسكرية». وثيقة تتحول إلى مجرد ورقة لا قيمة لها كانت تستغل لمهاجمة المؤسسة العسكرية. الآن اتى دور القضاء المدني للعثور على الفاعلين ومعاقبتهم، فإن الأكاديمي المعروف اسر قرقاش يقول إنه مهما كانت النتيجة، فالدولة بقوتها ومكانتها ومؤسساتها هي التي تخرج متضررة مما جرى، المهم الآن أخذ الدروس والعبر الضرورية. قائد الأركان هاجم في مؤتمره الصحافي أشخاصا ومؤسسات معروفة.

المؤكد حتى الآن، حتى موضوع «دولة العمق» قضية قديمة في هجريا، تعود إلى ما قبل إعلان الجمهورية عام 1923، وهويعني بايجاز وجود قوى تعمل تحت الأرض باسم حماية النظام والتدخل على مزاجها للزود عنه عندما تقرر أنه مهدد. هي حالة رأيناها أكثر من مرة في أكثر من بلد، لكن ما يخيفنا ويقلقنا هنا هوتمسكها بتصوير نفسها على أنها فوق الجميع، وأن من حقها حتى تقرر نيابة عنا معنى مفاهيم التهديد والخطورة ومصلحة البلاد وضرورة التدخل للإنقاذ.

محاكمات إرگنقون

يقابل إلكر باش‌بوغ، رئيس أركان الجيش الهجري السابق تهمة بالإرهاب ضمن مجموعة من الضباط العسكريين الأتراك المتهمين بالسعي لقلب نظام الحكم. كان باش‌بوغ قد قاد حملة الجيش الهجري ضد حزب العمال الكردستاني على مدى سنوات، وكان بين 275 شخصاً يقابلون المحاكمة بتهم تتعلق بالتدبير لإطاحة الحكومة. ويرى المراقبون أنه ليس متشددا، وكان يدافع عن التعامل مع حزب العمال الكردستاني باعتدال حين كان رئيسا لأركان الجيش، وهويميل سياسيا إلى يسار الوسط.

ألقي القبض على باش‌بوغ في يناير 2012 وبقي معتقلاًُ منذ ذلك الوقت بتهمة قيادة مجموعة إرهابية تهدف لإطاحة حكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان. ويقول مراقبون إذا فترة وجود باش‌بوغ على رأس قيادة الجيش (2008-2010) تزامنت مع تهدئة في النزاع الكردي الذي عاد للانفجار بعد تقاعده.

ووصف البروفيسور أحمد إنسل، الذي ألف كتابين عن الجيش الهجري، باش‌بوغ بأنه من الذين حاولوا "إبقاء الجيش الهجري داخل ثكناته"، وأضاف حتى مواقفه السياسية كانت قريبة من حزب الشعب الجمهوري بالرغم من أنه لم يعبر علنا عن ميله له.

وحين عثرت الشرطة الهجرية على أسلحة مدفونة في مكان خارج مدينة إسطانبول نفى باشبوغ حتى تكون عائدة للجيش الهجري، ووصف القذائف المضادة للدبابات التي كانت ضمن الاسلحة أنها "مجرد أنابيب"، مما منح الانطباع بأنه "مستعد لقول أي شيء دفاعا عن الجيش". ودافع عن الضباط الذين اتهموا بتدبير انقلاب عام 2007.

أثناء المحاكمة نطق الانادىء إذا باش‌بوغ وضباطا آخرين كانوا يخططون لإنشاء مسقط على الانترنت يهدف إلى نشر مواد تعمل على زعزعة استقرار البلاد، وهي تهمة ينفيها باش‌بوغ.

فيخمسة أغسطس 2013 حكم على باش‌بوغ و16 آخرين من العسكريين، بالسجن المؤبد المشدد.

الأحكام

فيخمسة أغسطس 2013، عرضت القضية على المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول والتي أصدرت أحكامها وضمت الحكم بالسجن المؤبد على رئيس أركان الجيش الهجري السابق الجنرال إلكر باش‌بوغ بالسجن مدى الحياة. صدر الحكم ليحدد مصير 275 من المشتبه بهم بعد خمس سنوات من بدء نظر القضية، وصدرت أحكام بالسجن مئات السنين على كبار العسكريين، صحفيين وأكاديميين.

قابل المشتبه بهم تهم مختلفة، لكنها تهجرز على إنتمائهم لشبكة إرگنقون، والتي أعربتها المحكمة في النهائة كمنظمة إرهابية حاولت الإطاحة بالحكومة.

بالإضافة لإلكر باش‌بوغ، أبرز الضباط العسكريين في القضية، صدرت أحكام على شخصيات عسكرية بارزة ومدنيين مشتبه بهم مثل الجنرالات المتقاعدين هورشيت طولون، ڤيلي كوچوك وشنر إرويگور والصحفيين تونكاي اوزكان ومصطفى بالبي، الذين حكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة.

في المجمل، تم تبرئة 21 من المشتبهين ال275 وألقي القبض على 17 إنسان عند صدور الحكم، وعلقت قضايا ثلاث متهمين لوفتهم قبل إنعقاد المحاكمة.

وكانت الأحكام الصادرة كالتالي:

• حكم على الجنرال إلكر باش‌بوغ بالسجن المؤبد، بعد إتهامه بمحاولة تدمير الحكومة الهجرية أولمحاولته جزئياً أوكلياً منع عملها، حسب نص الإتهام.
• هورشيت طولون، القائد السابق للجيش الأول حكم عليه أيضاً بالسجن المؤبد بنفس تهم باش‌بوغ.
• حكم على القائد الثاني السابق للأركان جنرال حسن إغزيك بالسجن مدى الحياة.
• حكم على قائد القوات البحرية الكومادور شنر إرويگور بالسجن المؤبد المشدد.
• الجنرال المتقعد ڤلي كوچوك، حكم عليه بعقوبة مزدوجة؛ السجن المؤبد، و99 سنة إضافية وشهر واحد. كان كوچوك من أوائل المشتبه بهم في تحقيقات إرگنقون.
• الجنرال المتقاعد عارف دوغان، كان المؤسس المزعوم لوحدة درك مخابرات مكافحة الإرهاب (JİTEM)، منظمة سرية غامضة دار حولها جدل، عوقب بالسجن 47 عام. اتهم كوچوك ودوغان بتأسيس وقيامة تنظيم إرهابي ومحاولة الإطاحة بالحكومة.
• الجنرال المتقاعد نورست تاشدلر والكولونيل المتقاعد فؤاد سلڤي حكم عليهم أيضاً بالسجن مدى الحياة.
• حكم على جنرال آخر متقاعد وعضوفي وحدة درك مخابرات مكافحة الإرهاب، لڤنت إروز، بالسجن 22 عام وستة أشهر لإتهامه بمحاولة الإنقلاب. كان إروز من المشتبهين الرئيسين في القضية ومتهم بتورطه في اغتال الرئيس السابق تورگوت اوزال.
• حكم على الصحفي تونكاي اوزكان وزعيم حزب العمال دوغوپرينچك بالسجن المؤبد و16 سنة إضافية. اتهم اوزكان "بقيادة تنظيم إرهابي".
• حكم على هايرتين إرتكين وحكمت چيچيك، موظفيين في الحزب، بالسجن 16 و21 سنة. حكم على محامي الحزب إمكت اولكايتوبالسجن 13 سنة وشهرين.
• المحامي ألپ‌أوفدان تعهد عليه كأحد المعتدين على مجلس الدولة الهجري، الهجوم الذي قُتل فيه قاضي، حصل على عقوبة السجن المؤبد لقيامه بتفجير قاتل تورطت فيه شبكة إرگنقون.
• رئيس التحرير السابق لصحيفة الجمهورية اليومية، مصطفى بالباي، حكم عليه بالسجن 34 سنة و8 أشهر. كنت بالباي قد انتخب نائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات 2011. القرائن الرئيسية على بالباي هي علاقاته بإرگنقون والتي ثبتت عن طريق يومياته المنسوخة على إسطوانات وُجدت على حاسوبه الشخصي والتي أظهرت أنه خطط لإنقلاب فيما بين عام 2000 و2005 بالإشتراك مع إلهان سلچق، رئيس التحرير السابق في صحيفة الجمهورية، وصحفيون آخرون وجنود رفيعي المستوى. ومع ذلك فقد أثار اعتنطقه لفترة طويلة ردود عمل قوية فيما يخص بتعامل القضاء مع القضية.
• نائب آخر لحزب الشعب الجمهوري، محمد هابرال، جراح وعميد سابق لجامعة باشكنت الخصة، حكم عليهم لأول مرة بالسجن 12 سنة وستة أشهر ثم أفرج عليه أثناء المحاكمة حيث كان قد أكمل مدة سجنه.
• نائب رئيس الحزب والرئيس السابق للغرفة التجارية في أنقرة سينان يوگون حكم عليه بالسجن 13 عام وستة أشهر.
• الباحث والمحرر يالچين كوچوك حكم عليه بالسجن 22 عام و6 أشهر. وكان كوچوك من المشتبه بهم أيضاً في قضية اوداتي ڤي، وهي بوابة إخبارية اشتهرت بنقدها للحكومة.
• المؤلف إرگون پويراز، اشتهر بعمله على موضوعات الطوائف الدينية، وكان من ضمن المشتبهين الرئيسين في القضية. حكم عليه بالسجن 29 سنة.
• الاقتصادي البارز والمحرر إرول مانيسالي حكم عليه بالسنة عشر سنوات و8 أشهر.
• حكمت المحكمة على رئيس مجلس التعليم العالي في هجريا كمال گوروز بالسجن 13 سنة و11 شهر لإنتمائه للشبكة. كان گوروز رئيس لمجلس التعليم العليثمانية سنوات من 1995 حتى 2003.
• العميد السابق لجامعة سمسون 19 مايوفريت برناي حكم عليهم بالسجنعشرة سنوات.
• عميد جامعة بورصة اولوداغ مصطفى عبس حكم عليهم بالسجنعشرة سنوات.
• الصحفي گولر كوموركو، حوكم بدون اعتنطق، وحكم عليه بالسجنسبعة سنوات و6 أشهر.
• الصحفي عدنان بولوت، حكم عليه بالسجنستة سنوات.
• رئيس الشرطة السابق عادل سردار ساچان حكم عليه بالسجن 14 سنة.
• العمدة السابق گوربوز چاپان حكم عليه بالسجن سنة واحدة.
• حكم على الجنرال مصطفى دونمز بالسجن 49 سنة.
• الكولونيل المتقاعد حسن أتيلة حكم عليه بالسجن 29 سنة و3 أشهر.
• الجنرال المتقاعد إسماعيل حقي پكين حكم عليه بالسجنسبعة سنوات.
• الكومادور السابق لبحر الشمال محمد اوتوزبيرواوغلوحكم عليه بالسجن 20 سنة و6 أشهر، لكنه أفرج عنه بعد تخفيف العقوبة.

إلغاء الحكم عليه

فيستة مارس 2014، ألغت المحكمة الدستورية الهجرية الحكم على باش‌بوغ وأمرت بإطلاق سراحه، وذلك نتيجة نظرها في شكوى قدمها باش‌بوغ بحجة انتهاك حقوقه القانونية. وفي اليوم التالي، فيسبعة مارس، انصاعت محكمة جنايات الدائرة رقم 20 جنايات بإسطنبول لقرار المحكمة العليا وألغت ادانة باش‌بوغ. وقد أفرج عنه لجماهير مؤيدة له لاحقاً في نفس اليوم، وقد صرح الرئيس عبد الله گول أنه يعتبر إلغاء ادانة باش‌بوغ "قراراً ثميناً جداً" وشاركه نائب رئيس الوزراء بولنت آرينچ الرأي.

حديثه بعد ضربة 2016

الجنرال إلكر باش‌بوغ، رئيس الأركان الهجري السابق، يتحدث لأكثر من ثلاثة ساعات لتلفزيون "سي إذا إن تورك". دوناً عن باقي القوات المسلحة، يعطي حديث باش‌بوغ الانطباع بتمتعه بحصانة وتحدي لأردغان، ولعل ذلك يعود للعلاقة الحميمة بينه وبين إسرائيل، ففي الأسبوع بين الإعلان عن توليه رئاسة الأركان في 2008 وتوليه المنصب قام بزيارة إعلامية إلى إسرائيل وأخذ صورته الشهيرة عند حائط المبكى.

بعض ما نطق باش‌بوغ:

اتهم باش‌بوغ وكالة المخابرات المركزية CIA الأمريكية بأنها وراء محاولة الانقلاب، وبدون فهم الرئيس الأمريكي، أوباما. وأن المخابرات الأمريكية تعمدت حتى تكون محاولة الانقلاب فاشلة حتى يتم تحطيم القوات المسلحة الهجرية، وخصوصاً القوات الجوية TAF.

المخابرات الهجرية MIT بعد تفجيرات 17 فبراير 2016 انهارت ولم تعد على تواصل مع القوات المسلحة الهجرية TSK، وكان ذلك أحد مسببات عدم الكشف المبكر عن محاولة الانقلاب. ففي 17 فبراير 2016 في أنقرة، سقط انفجار هائل في رتل حافلات، راح ضحيته 30 ضابط عظيم في القوات المسلحة الهجرية يعملون كضباط اتصال مع المخابرات الهجرية. ونطق حتى حراسة مساكن أولئك الضباط كانت مسئولية المخابرات، التي تقاعست عن القيام بواجبها. وقد نُسب الحادث إلى حزب العمال الكردستاني. ولكن الجنرال باش‌بوغ لأول مرة يشكك في ذلك، ويلمّح لمسئولية أردغان عن الانفجار.

تغلعل جماعة خدمات، التي أسسها فتح الله جولن، في القوات المسلحة بدأ في السبعينيات. وداعمها الحقيقي كان الرئيس الهجري الأسبق "طرغد أوزال" الذي اغتيل في 1993. وقد تعاطف معها رئيسا الوزراء بولنت أجاويد، ثم طانسوتشيلر. وحرصت جماعة خدمات على التباعد عن نجم الدين إربكان. وقد تقرب أردغان لجولن حتى يساعده في انتخابات عمودية اسطنبول (1994). وقد استخدم جولن أردغان ضد أربكان. ودعمت خدمات حزب العدالة والتنمية منذ نشأته. ظلت العلاقات بين الاثنين في تصاعد حتى قبيل الانتخابات البرلمانية في 2012، حين طلب جولن من أردغان حتى يأخذ حصة 80-90 مقعداً في المجلس الوطني الهجري (البرلمان) لجماعة خدمات. فرفض أردغان، وبدأ الشقاق. والآن يعيش جولن في رعاية المخابرات الأمريكية في پنسلڤانيا.

حين قررت الحكومة إلقاء القبض على باشبوغ فيستة يناير 2012، فقد تم اختلاق قضية بيع مباريات أكثر فرق كرة القدم شعبية في هجريا، فريق فناربهچه في نفس اليوم، حتى ينشغل الناس عن إلقاء القبض عليه، إلا حتى مشجعي الفريق قاوموا الدولة.

وبعد شهر من إلقاء القبض على باشبوغ سقط انفجار كبير في مقر المخابرات فيسبعة فبراير 2012، وتزامن ذلك مع بدء الخلاف بين جماعة خدمات وحزب العدالة والتنمية.

وبعد ذلك، في الفترة 2012-2016، أصبحت أردغان وحيداً في معركته ضد جولن. حتى سقطت الضربة (محاولة الانقلاب) التي سعت لتأسيس دولة دينية حسب معتقدات جماعة خدمات.

حياته الخاصة

متزوج من سويل باشبوغ وله اثنان من الأولاد. ويتحدث الإنجليزية بطلاقة.

آراؤه

يعهد باشبوغ كثيرون منذ سنوات عندما كان يتولى منصب النائب الأول لقائد الأركان، فدخل على الخط مباشرة لانتقاد سياسة حكومة «العدالة والتنمية» في إفساح المجال أمام طلبة المدارس الدينية للالتحاق بكليات ومعاهد أخرى طارحا وقتها قلقه حيال ما يجري من حملات تهدد شكل النظام وأسسه.

ويعهد عنه تشدده في مسائل الحجاب منذ البداية، وبالتدقيق منذ كان قائدا للجيش الأول في إسطنبول. فالجنرال باشبوغ من «الصقور» المتمسكين بحماية قيم الجمهورية المبنية على الفهمانية.

يقول ما عنده «حبة حبة» كما يقول المثل الهجري، ويكرر عباراته حدثا عثر ضرورة في ذلك، كما أنه لا يتردد في الضرب على الطاولة لتدعيم كلامه بالأدلة والاستشهادات عند الضرورة. من القيادات النادرة التي تلجأ إلى كبار الفلاسفة وفهماء الاجتماع العالميين للاستعانة بهم في تعزيز مواقفه وطروحاته. هولم يتردد في اتهام بعض المؤسسات الإعلامية وتحميلها مسؤولية الحرب النفسية المنظمة والمدروسة ضد المؤسسة العسكرية لإضعافها، مذكرا حتى الجيش الهجري يستمد قوته ليس من نوعية السلاح الذي يستخدمه، بل من ثقة المواطنين ومحبتهم ووقوفهم إلى جانبه عبر السنين.

هومن المتبنين لنظرية حتى السلام إما حتىقد يكون في جميع مكان أولاقد يكون في أي مكان تدليلا على قناعته بحجم التداخل والتشابك الذي يعيشه العالم اليوم. فخارطة هجريا كما يرى تفرض عليها حتى تكون قوية باقتصادها وجيشها وتاريخها وثقافتها. خدم 47 عاما في الجيش كما يقول، وهي سنوات فهمته الكثير. ما حتى تسلم منصبه الجديد حتى عثر نفسه في بحيرة من الأزمات والمشكلات. لم يتردد في إرسال أحد الضباط لزيارة المعتقلين بتهمة أرغنيكون في سجن «قندره» احتراما للصداقة والخدمات التي قدموها للبلاد على الرغم من الكثير من الانتقادات التي طاردته من جميع صوب.

المصادر