الكونت جوڤاني پيكودلاّ ميراندولا Giovanni Pico della Mirandola (عاش 24 فبراير 1463 - 17 نوفمبر 1494) كان فيلسوفاً إيطاليا في عصر النهضة. اشتهر بأحداث 1486، وكان عمره 23 سنة، حين اقترح الدفاع عن 900 أطروحة في الدين والفلسفة والفلسفة الطبيعية والسحر ضد جميع معارضيها، حيث خط خطبة في كرامة الإنسان الشهيرة، التي سميت "بيان/مانيفستوالنهضة"، وكانت نصاً رئيساً في إنسانية النهضة وفي ما سمي “الإصلاح المُحـْكـَم."

منذ شبابه المبكر، ورث ثروة معتبرة مكنته من الدراسة والسفر كما أراد. كان من تابعي الأفلاطونية الحديثة، من تلاميذ مارسيليوفيچينو، قبل حتى يرجع إلى فلسفة المشائين. حاول حتى يعطي صورة متناسقة لفلسفتي أفلاطون وأرسطومتماشيا مع العقيدة المسيحية، مما أداه اتهامه بالهرطقة من طرف البابا إنوسنت الثامن. هوأيضا من مؤسسي القبالة المسيحية.

سيرته

كان مولد جوڤاني پيكوفي البلدة (القريبة من ميدونا) التي أذاع اسمه شهرتها. كان أصغر ابن لعائلة من النبلاء كانوا يحكمون أراضي في إحدى مناطق إيميليا رومانيا. تفهم منذ طفولته المبكرة اللغة اللاتينية، وربما أيضا اليونانية. بما حتى أمه كانت ترغب حتى يخدم الكنيسة، مضى ليدرس القانون اللاهوتي ببولونيا سنة 1477.

بعد وفاة أمه بسنتين، عزف بيكوعن القانون اللاهوتي ليبدأ دراسة الفلسفة بجامعة فرارا. خلال إقامة قصيرة بمدينة فلورنسا، تعهد على أنجلوپوليزيانووالشاعر جيرولاموبنيڤييني Benivieni، وربما أيضا على الراهب الدومنيكاني ساڤونارولا. سيبقى مدى حياته مرتبط بأصدقائه الثلاث، حتى مع ساڤونارولا، ذوالعقلية المتحجرة المناهضة للفكر العقلاني. يعتقد حتى كانت هناك فيما بين أنجلوبوليزيانووبيكوعلاقة حب تتعدى الصداقة. فيما بين سنتين 1480 و1482، واصل دراسته بجامعة بادوا, المعتبرة آنذاك كمركز رئيسي للفلسفة الأرسطوطاليسية بإيطاليا. بعد حتى أتقن اللاتينية واليونانية، قرر دراسة العبرية والعربية ببادوا تحت إشراف إليا دل مديگو، الفيلسوف اليهودي المتخصص في دراسة فلسفة ابن رشد، الذي سيعهده أيضا بمخطوطات أرامية. دل مديگوسيترجم له بعض المخطوطات اليهودية من العبرية إلى اللاتينية. بپادوا، بيكوسيخط شعرا باللغتين الإيطالية واللاتينية، لكنه سيقوم بحرقه قبيل موته.

وفي سنة 1485 مضى إلى جامعة باريس، التي كانت تعتبر آنذاك أبرز مركز أوروبي لدراسة اللاهوت والفلسفة، ومركز إشعاع لفلسفة ابن رشد. وربما في باريس قرر بيكوكتابة أطروحاته التسعمائة، ثم تقديمها في محاضرة عمومية. وفي 1486 عاد إلى فلورنسا، حيث تعهد على لورنزوده مديتشي ومارسيليوفيچينو، في نفس اليوم الذي أكمل فيه هذا الأخير ترجمته إلى اللاتينية لأعمال أفلاطون تحت رعاية لورنزو. وقد أعجبا بشخصية بيكو. وظل لورنزومسانداً لبيكوطول حياته، خصوصا في المراحل الصعبة التي مر بها. وبدون تلك المساندة، كان من المحتمل حتى تضيع جميع مؤلفات بيكو.

وكان يستقبل بأعظم مظاهر التكريم في بلاط الملوك والأمراء في أوربا كلها تقريباً، حتى أقنعه لورندسوآخر الأمر حتى يتخذ فلورنسا موطناً له. وكان عقله الحريص على الفهم المتحمس له ينتقل من فرع منه إلى فرع- من الشعر، إلى الفلسفة، إلى العمارة، إلى الموسيقى،-وقد وصل في جميع فرع منها إلى درجة غير قليلة من البراعة. حتى نطق عنه بوليتيان إذا الطبيعة قد كملته فجمعت فيه جميع مواهبها: »كان طويل القامة، متناسب الأعضاء، يشع وجهه بشيء من النورانية الإلهية«، نافذ النظرات، لا يمل الدرس، قوي الذاكرة إلى حد الإعجاز، غزير الفهم في جميع فرع من فروع الفهم، فصيح اللسان يجيد عدة لغات، تعجب به النساء ويحبه الفلاسفة، لا يقل جمال خُلقه عن وسامة خَلْقه، بلغ الدرجة العليا في جميع الصفات الذهنية. وكان عقله مفتوحاً لجميع الفلسفات والأديان، لا يسعه ولا يوائمه حتى يرفض أي نظام أوأي إنسان، ومع أنه نبذ التنجيم في السنين الأخيرة من حياته، فإنه رحب بالتصوف وبالسحر ولقيا منه من القبول ما لقيه أفلاطون والمسيح. ولم يظن بحدثة طيبة على الفلاسفة المدرسين، الذين رماهم معظم من عداه من الكتاب الإنسانيين بأنهم قوم همج ينطقون بالسخافات والأباطيل. وكان يجد في التفكير العربي واليهودي كثيراً مما يدعوإلى الإعجاب، وكان من بين أساتذته وأصدقائه المكرمين عدد كبير من اليهود(16). وكان من بين ما درسه أسرار القبالة اليهودية، واعترف في غير مماحكة، ولا تكلف بما يعزى إليها من قدم، وجهر بأنه عثر فيها أدلة تبتر بألوهية المسيح. وإذا كان من ألقابه الإقطاعية أنه «كونت كنكورديا Count of Cpncordia» فقد أخذ على عاتقه ذلك الواجب السامي واجب التوفيق بين ديانات الغرب العظمى -اليهودية، والمسيحية، والإسلام-ثم التوفيق بينها وبين أفلاطون، ثم بين أفلاطون وأرسطو. وكان جميع من عهده يتودد إليه ويتملقه، ولكنه ظل إلى آخر حياته القصيرة يحتفظ بتواضعه الساحر الفنان الذي لا تضارعه إلا ثقته القوية المخلصة بدقة فهمه وبقوة العقل الإنساني.

ولما قدم إلى روما في الرابعة والعشرين من عمره (1486)، أذهل القساوسة. والفهماء بأن نشر مجموعة مكونة من تسعمائة قضية تضم المنطق، وما بعد الطبيعة، واللاهوت، وفهم الأخلاق، والرياضيات، والطبيعة، والسحر، والقبلة، وتضم فوق ذلك البدعة الدينية السمحة القائلة بأنه ما دامت أعظم خطيئة ارتكبها الإنسان محدودة غير أبدية، فإنها لا يمكن حتى تستحق العقاب الأبدي. وجهر بيكوباستعداده للدفاع عن أية قضية من هذه القضايا وعنها جميعاً في أية مناقشة عامة ضد أي إنسان، وعرض حتى يقوم بأداء جميع نفقات السفر لمن يريد حتى يتحداه أيا كان البلد الذي يأتي منه. وقد مهد لهذه المباراة الفلسفية المقترحة بإعداد رسالة ذائعة الصيت عهدت فيما بعد باسم في كرامة الإنسان De hominis dignitale عبر فيها بحماسة الشباب عن آراء الكتاب الإنسانيين في النوع الإنساني وهي الآراء التي تناقض معظم ما يراه أهل العصور الوسطى. وقد خط بيكوفي ذلك يقول:

ثم نطق على لسان الله نفسه تلك العبارة التي نطقها لآدم وعدها دليلا من قبل الله على ما للإنسان من إمكانيات لا حد لها:

وأضاف بيكوإلى هذه تعبير تنم عن الروح العليا الممثلة في النهضة الفنية:

ولم يجرؤ أحد على حتى يقبل تحدي بيكوفيناقشه في قضاياه المتعددة الأنواع، ولكن البابا إنوسنت الثامن وسم ثلاثاً من هذه القضايا بالإلحاد، وإذا لم تكن هذه القضايا الثلاث إلا جزءاً صغيراً من مجموع قضاياه، فإن بيكوكان يسعه حتى ينتظر من البابا الرأفة به، وفي الحق حتى إنوسنت لم يقف من هذه المسألة موقف الإصرار والمعاندة، ولكن بيكوأصدر تصريحاً عاد فيه عن أقواله فيها وإن يكن رجوعاً تكتنفه الحيطة والحذر، وسافر إلى باريس حيث عرضت عليه جامعتها حتى تحميه من البابا. فلما كان عام 1496 أبلغ البابا إسكندر السادس المعروف بظرفه ودماثة خلقه بيكوأنه قد نسي جميع شيء، فعاد بيكومن فوره إلى فلورنسا، وأصبح من أخلص أتباع سفنرولا، وتخلى عن سعيه وراء التبحر في العلوم عامة، وأحرق مجلداته الخمسة في الغزل. وخرج عن ماله لأداء بائنات الفتيات الفقيرات، وعاش هونفسه كما يعيش الرهبان، وفكر يوماً ما في الانضمام إلى طائفة الرهبان الدومنيكان، ولكنه توفي قبل حتى يكوّن رأيه في هذا الموضوع-وكان عند وفاته لا يزال شاباً في الحادية والثلاثين من عمره. ولم يمنح نفوذه بعد انقضاء حياته القصيرة، وكان هوالملهم لرويتشلين Reuchlin حتى يواصل في ألمانيا تلك الدراسات العبرية التي كان يشغف بها بيكوطوال حياته.

وكان بوليتيان يعجب ببيكوإعجابا نبيلا كريماً، ويصحح شعره بعد حتى يقدم لذلك أجمل اعتذار. على حتى نجمه لم يلمع بالقوة والسرعة اللتين لمع بهما نجم بيكو، وإن كان أكثر منه نفاذاً إلى بواطن الأمور، وأعظم منه ثقافة وتهذيباً.

المراجع

• ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

الهامش

وصلات خارجية

• The Pico Project at the University of Bologna and Brown University is a project to make accessible a complete resource for the reading and interpretation of the Dignity of Man.
• Oration on the Dignity of Man, translated by A. Robert Caponigri (Chicago: Regnery Publishing, 1956).
• Disputationes adversus astrologiam divinatricem [1]
• Syncretism in the West Overview of the 900 Theses, with some downloadable texts
• Pico in English: A Bibliography, the works of Giovanni Pico della Mirandola (1463–1494), with a List of Studies and Commentaries.
• Edition of the complete translations by Flavius Mithridates On Flavius Mithridates' Hebrew-Latin Translations of kabbalistic works for Giovanni Pico della Mirandola
• (بالفرنسية) Biography
• Pico della Mirandola by Richard Hooker,ستة June 1999.
•  [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/Giovanni Pico della Mirandola "Giovanni Pico della Mirandola]"] Check value (help). Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. 1913.
• Giovanni Pico della Mirandola entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy
• 999lultimocustode.com

 هذه الموضوعة تضم نصاً من مطبوعة هي الآن مشاع: هربرمان, تشارلز, ed. (1913). "Giovanni Pico della Mirandola" . الموسوعة الكاثوليكية. Robert Appleton Company.