لماذا يكذب القادة: الحقيقة حول الكذب في السياسة الدولية Why Leaders Lie: The Truth About Lying in International Politics، هوكتاب من عام 2011 للعالم السياسي جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية والمدير المشارك لبرنامج سياسة الأمن الدولي في جامعة شيكاغو.

خلفية

يأخذ الكتاب نظرة على جانب آخر في العلاقات الدولية مثير للجدل كذلك، لكن لم يسبقه إليه أحد هذه المرة، ولم تتطرق له الدراسات من قبل بهذه الدقة والتحديد، وهو"الكذب". إذ يقدم تحليلا شاملا للكذب في الشؤون العالمية، مع حشد كبير من الأمثلة التاريخية المشهجرة. ويميل إلى وجود دوافع محضة لقادة كذّابين.

المحتويات

ويضم جدول المحتويات، إلى جانب المقدمة، ثمانية فصول، هي على الترتيب:

• ما الكذب؟
• جرد الكذب الدولي
• الكذب بين الدول
• ترويج الخوف
• إستراتيجية التكتم
• صنع الأسطورة القومية
• الأكاذيب الليبرالية
• الجانب السلبي للإخبار بالأكاذيب الدولية

في حين تناولت "الخاتمة" استنتاجات دراسة المؤلف لظاهرة الكذب في السياسة الدولية، إضافة إلى المراجع والحواشي والفهرس.

نقد

رغم صغر حجمه (160 صفحة بالطبعة الإنگليزية، و222 بالترجمة العربية)، إلا حتى كتاب ميرشايمر عثر تقريظا حميدا من كثير من الكتاب والمفكرين في الولايات المتحدة الأميركية، التي شكل كذب قادتها مادته الأساسية.

فنطق جاك سنايدر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا "إلى جميع صانعي الأسطورة حذار! إذا جون ميرشايمر، الذي يخط بحيوية واقتضاب، يفتح آفاقا جديدة في الكشف عن هذه القضية الساخنة لمزيد من التدقيق والتحري".

ويتساءل كبير المشاركين بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي رئيس التحرير السابق لمجلة "السياسة الخارجية" مويسيس نعيم "هل الكذب في السياسة الدولية سلوك مشين، أوأداة مفيدة لفن الحكم،يا ترى؟ ومتىقد يكون مناسبا للقادة لكي يكذبوا على شعوبهم،يا ترى؟ هل هناك كذب أكثر من اللازم، أوحتى القليل منه يحدث في السياسة الدولية؟. لقد أجاب جون ميرشايمر على هذه الأسئلة وغيرها من المسائل المتفجرة وبذات الجرأة والأصالة التي عُرف بها."

ويقول عنه جيمس ف. هوج الابن رئيس مجلس إدارة منظمة هيومن رايتس ووتش ورئيس التحرير السابق لمجلة "الشؤون الخارجية"، إذا "هذه الدراسة الرائدة عن الكذب في السياسة الدولية مليئة بالمفاجآت. فزعماء العالم يمكنهم حتى يكذبوا على بعضهم بعضا دون حتى يتحملوا أية عواقب وخيمة، ولكنهم يعملون ذلك أقل بكثير مما كنا قد افترضنا. ومع ذلك، عندما يكذب القادة على شعوبهم حول سلوك السياسة الخارجية، فإنه تنتج عن ذلك أضرار كبيرة، وبخاصة في الديمقراطيات. جون ميرشايمر يصنف أنواعا مختلفة من الأكاذيب، ويزن مخاطر القيام بها في هذا التحليل الثاقب، الذي له صلة وثيقة بعصرنا".

في حين يذكر روبرت سين كيوهين أستاذ الشؤون العامة والدولية، في مدرسة وودروويلسون للشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون، أنه "في هذا الكتاب الصغير الرائع، يحتج جون ميرشايمر بأن الكذب حول السياسة الخارجية هوجزء لا يتجزأ من طريقة الحياة الديمقراطية، وهذه هي الرسالة الهامة بالنسبة لأعضاء الجماهير الديمقراطية الذين يرغبون في تجنب الخدع من قبل قادتهم".

ملخص الكتاب

ما الكذب؟

رصدت المعاجم للكذب معالم وصفات ووصفات عديدة، التي لا تخلوجميعها من معنى حتى يقوم الإنسان بإعطاء أوإظهار دلالات، أومعلومات خاطئة، أوإخفاء دلالات، أومعلومات سليمة, عن من يطلبها من أجل الحماية والتكيف الأفضل مع الظروف المستجدة. فالكذب تزوير للحقيقة كي يخدع بها الشخص الآخرين، من أجل تحقيق أهداف ودوافع ذاتية معينة.

أما كذب القادة فهويضم الكثير من الأشكال, وهوموجود لدى جميع الأمم، إذ تمثل الجاسوسية والخداع في الصراعات والحروب أنواعا شائعة من هذا الكذب. وقد سار العهد حتى الكذب في السياسة كثيراً ماقد يكون مباحا. لهذا أدمنه الساسة، الذين حفل بسيرهم ونماذج كذبهم هذا الكتاب.

لقد كان غزوالعراق المثال الأوضح في نظر ميرشايمر لكذب السياسيين الأميركيين، فما كان منه إلا حتى يقول صراحة إذا أعضاء إدارة الرئيس جورج بوش قد مهدوا طريقهم إلى العراق بالكذب، معتبرين حتى "صدام حسين نطق الحقيقة حول قدراته من أسلحة الدمار الكامل قبل حرب العراق عام 2003، في حين حتى كبار الشخصيات في إدارة بوش كذبوا بشأن ما كانوا يفهمون بشأن تلك الأسلحة".

لكن التفاؤل غير المناسب ليس هونفسه التزوير المتعمد. إذ إنه على الرغم من حتى المسؤولين الأميركيين نشروا المعلومات المضللة عن علاقات العراق الإرهابية، فإنهم لم يخترعوا أدلة عن الأسلحة بقدر ما كانت تهمهم المبالغة في الثقة إزاء ما يعني هذا الدليل الضعيف، بحسب ميرشايمر

وكان صدام بلا شك أكثر مخادعة، إذ قام بحملة منسقة لتضخيم قدراته العسكرية. وبغض النظر عن ذلك، فليس هناك شك في حتى رؤية إدارة بوش المرنة للحقيقة كانت إشكالية، لأنها أدت إلى وقوع كارثة في السياسة الخارجية. كما يقول ميرشايمر، فإن هذا النوع من السلوك يفسد النقاش العام ويولد عدم الثقة. ولكن هل يعتبر الكذب دائما خصلة سيئة بالنسبة للسلطة؟

وبما أنني لن أحاول من خلال هذا الاستعراض الإجابة على هذا السؤال، فإن الاطلاع على السيرة الذاتية لديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش الابن يظهر بعض جوانب هذه الإجابة.

لقد تقلد ديك تشيني مناصب رفيعة خلال ثلاث إدارات في البيت الأبيض، وخدم ست دورات في مجلس النواب، وشغل منصب الرئيس التطبيقي لشركة هاليبرتون، والصورة التي انبثقت من هذه الأدوار جميعها مفزعة ومقنعة على حد سواء، حيث تبرز بوصفها أصدق تمثيل للمكيافيلية الكلاسيكية، ففي حالة تشيني يظهر حتى الغاية التي تبرر الوسيلة هي السلطة، بشكل واضح وبسيط.

لماذا يكذب القادة؟

يوفر ميرشايمر أول تحليل منهجي عن الكذب كأداة من أدوات فن الحكم وتحديد الأصناف والأسباب والتكاليف والفوائد المحتملة. واعتمادا على ثروة من الأمثلة، يحتج حتى القادة يكذبون في كثير من الأحيان لأسباب إستراتيجية جيدة، لذلك فإن إدانة شاملة للكذب تبدوغير واقعية وغير حكيمة. ومع ذلك، هناك أنواع أخرى من الخداع إلى جانب الكذب، بما في ذلك الإخفاء والغزل والمراوغة.

وربما لا يوجد فرق أكثر أهمية بين حتى يكذب الزعيم على دولة أخرى، أوالكذب على شعبه. لكن ميرشايمر اكتشف حتى الخداع الصريح بين الدول صار أمرا غير عادي، مع الأخذ في الاعتبار عدم الثقة بين القوى الكبرى، فوجد حتى الخداع المباشر أمر قاسي وبالتالي نادرا ما يستحق جميع هذا الجهد.

وعلاوة على ذلك، فإنه يرتد أحيانا عندما يحدث. لقد كذب خروشوف بشأن حجم القوة الصاروخية السوفياتية، مما أثار حفيظة أميركا وجعلها تراكم مخزونها. وضُبط أيزنهاور متلبسا بالكذب بشأن طلعات التجسس التي قامت بها "يو2" في عام 1960 والتي ألغت القمة المزمعة مع خروشوف.

إن أنواع الكذب المحلية التي استهدفها ميرشايمر، وقضى معظم الوقت في تفكيكها، هي "ترويج الخوف"، أي تضخيم التهديدات حتى يأخذ الجمهور الأمر على محمل الجد. وقد نُسب إلى وزير خارجية هاري ترومان عبارته الشهيرة عن خطر الشيوعية، التي نطق إنها لا بد من حتى تقدم بمصطلحات "أكثر وضوحا من الحقيقة".

وقد وضع ليندون جونسون هذه العبارة موضع التطبيق، فضلل الكونغرس بشأن هجوم مفترض على المدمرة الأميركية في خليج تونكين حتى يتمكن من تأمين التفويض لحرب فيتنام.

وعلى الرغم من حتى الأسباب قد تكون نبيلة، فإن فرانكلين روزفلت، على سبيل المثال، كذب على الشعب الأميركي بشأن مهاجمة قوارب يوU-)boats) الألمانية المدمرة جرير (USS Greer) في عام 1940، لبناء قضية الحرب ضد هتلر، لأنها كانت ستؤدي بسهولة إلى كارثة، كما هوالحال مع أكاذيب إدارة بوش بشأن أسلحة الدمار الكامل العراقية.

إستراتيجية التستر

أوجد جون ميرشايمر اسمًا لهذا النوع من الكذب، اصطلح عليه "إستراتيجية التستر". وهذا المصطلح ليس بالضرورة تحقيرا، لكنه يحاول حتى يجد من خلاله الإجابة على السؤال: لما يكذب القادة،يا ترى؟ كما أنه يفسر كيف من الممكن أن حتى الحكومة عندما تستخدم هذا النوع من الكذب إنما هي ترغب حتى تتمكن من مواصلة سياسة لا تحظى بشعبية، ولكن من الحكمة السير فيها قُدما.

فبعد أزمة الصواريخ الكوبية، على سبيل المثال، نفى الرئيس جون كينيدي أنه وافق على سحب الصواريخ النووية الأميركية من هجريا في لقاء موافقة السوفيات على سحب الصواريخ من كوبا. وكان كينيدي في واقع الأمر قد قام بهذه المقايضة، لكنه حفظها سرا، لأنه كان يعهد أنها يفترض أن لن تحظى بشعبية لدى الناخبين في الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي.

وقد أقدم الزعماء اليابانيون على عملية حسابية مماثلة في ستينيات القرن الماضي، عندما منحوا الإذن للبحرية الأميركية حتى ترسوسفنها المسلحة نوويا في الموانئ اليابانية، وهوشرط لتطبيق عمليات إستراتيجية الردع الأميركية. ولكنهم أدركوا حتى هذا القرار إذا أعرب للجمهور فإنه سيثير الكثير من الجدل في بلد مناهض للأسلحة النووية، بحيث أنه قد يتعين عليهم التراجع عنه.

إلى غير ذلك، وعلى مدى نصف قرن فإنهم ظلوا ينفون الاتفاق. وفي 11 مارس 2010 فقط، استطاعت الحكومة حتى تقر نهائيا حتى الإدارات السابقة قد كذبت على الجمهور الياباني لعقود بشأن وجود أسلحة ذرية على أرضهم.

وأكدت الحكومة اليابانية لأول مرة على وجود اتفاقات سرية منذ حقبة الحرب الباردة تم فيها السماح للولايات المتحدة بجلب أسلحة نووية للبلاد، في انتهاك فاضح لسياسات اليابان غير النووية.

إن إستراتيجية التستر واحدة فقط من فئات الأكاذيب، التي جرى تصنيفها في هذا الكتاب. ومثل تعلق الفراشات بالرغوة، ظل ميرشايمر يجمع ويصنف الأنواع المتنوعة من الأكاذيب في السياسة الدولية، ويقوم باختراع هذه التصنيفات بنفسه.

فوجد حتى البلدان تكذب على بعضها بعضا للمبالغة في قدراتها العسكرية الخاصة. فقد هدد هتلر بإرسال ست شعب إضافية في منطقة الراين والحقيقة أنه لم يكن لديه سوى أربعة ألوية، أوحتى تقلل منها كما عملت بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى عندما ادعت حتى المقصود من عمل دباباتها هوفقط نقل المياه بدلا من اغتال المشاة.

كانوا يكذبون حفاظا على عنصر المفاجأة قبل مهاجمة عدو، كما عمل الاتحاد السوفياتي في 1945 عندما نطق إنه ليست لديه نية لغزواليابان، أولخلق انطباع زائف عن هجوم وشيك كما عملت إدارة الرئيس ريغان عندما كانت تضغط على معمر القذافي قائلة إذا القاذفات الأميركية كانت على وشك مهاجمة ليبيا.

دبلوماسية الرياء

لقد أبانت وثائق ويكيليكس بجلاء ما حاول ميرشايمر حتى يثبته في كتابه، إذ أبلغنا عن صور الأكاذيب بين الأمم. وكيف يمكن لـ"إستراتيجية التستر" أو"دبلوماسية الرياء" حتى تعمل، فمثال الحكومة اليمنية وحده يكفي.

فعندما دمرت صواريخ كروز الأميركية معسكر تدريب لتنظيم القاعدة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2009، أسرع الرئيس علي عبد الله صالح لتحمل المسؤولية عن الضربات، التي زعم حتى حكومته وحدها قد "خططت ونفذت".

بل زاد صالح بأن نطق: "سنواصل القول إذا القنابل لنا، ولا يناسبك" مخاطبا الجنرال ديفد بترايوس. وكانت هذه كذبة، لأن الهجمات قد أمر بها الرئيس باراك أوباما، ونفذتها الولايات المتحدة. ولكن "التستر" صار هوالسياسة الرسمية، ويهدف إلى إخفاء حقيقة حتى اليمن قد أطلق لواشنطن العنان لقتل "الإرهابيين" داخل الحدود اليمنية.

الخاتمة

اتى هذا الكتاب بميزة أنه أول عمل عن مسألة أساسية في العلاقات الدولية، هي الكذب. إذ لم يجد العالم تحليلا جادا حول كذب القادة من قبل. ولكن الآن وفّر لنا خبير بارز عملا بالغ الغنى، واحتج بأسلوب من شأنه حتى يغير فهمنا حول لما يكذب هؤلاء القادة. ورغم استنتاج الكتاب حتى الكذب بين الدول حالة نادرة، فإنه أقر بأنه أكثر شيوعا داخل البلدان، حيث تستسهل الحكومات الكذب على شعبها، خاصة وأن الشعب يميل إلى الثقة في حكومته أكثر من ثقة الحكومات في بعضها بعضا.

فمن كان منا يفترض حتى الكذب بين الأمم أمر نادر الحدوث، في حين حتى الكذب من جانب الحكومات الديمقراطية لشعوبها هوأكثر شيوعا من خلال المقارنة.

المصادر