بطرس غالي

عودة للموسوعة

بطرس غالي

هذه الموضوعة عن بطرس باشا نيروز غالي، رئيس وزراء مصر السابق. إذا كنت تبحث عن بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة، انظر بطرس بطرس غالي.
بطرس باشا نيروز غالي

بطرس باشا نيروز غالي (و. 1846 - ت. 20 فبراير 1910)، رئيس وزراء مصر من 1908 حتى 1910.

حياته

ولد في بلدة الميمون بمحافظة بني سويف سنة 1846، وكان والده غالي بك نيروز ناظرًا للدائرة السنية لشقيق الخديوإسماعيل في الصعيد.


تعليمه

التحق بطرس غالى في صغره بأحد الكتاتيب كغيره من المصريين حيث تفهم مبادئ القراءة والكتابة ثم التحق بالمدرسة القبطية بالقاهرة، ثم انتقل إلى مدرسة البرنس مصطفى فاضل، وكانت تلك المدرسة تهتم بتدريس اللغات فأتقن الإنجليزية والهجرية. تلقى تعليمه في كلية البابا كيرلس الرابع.

عُين مدرسًا بالمدرسة القبطية بالقاهرة، لكنه سافر بعد ذلك في بعثة إلى أوروبا لتلقى تعليمه العالى هناك. عندما عاد بطرس من أوروبا عمل في الترجمة بالإسكندرية، وعندما قامت الثورة العرابية في مصر بقيادة أحمد عرابى كان بطرس من أنصارها ومن المنادين بالتفاوض مع الخديو، ولذا اختير ضمن وفد المفاوضة للتفاوض مع الخديوباسم العرابيين.

نشأ محبا للإنجليز مما مهد لعمله في وزارة مصطفى فهمي باشا الذي وصفه الإنجليز بأنه "إنجليزي أكثر من اللازم ومصري أقل من اللازم".

المناصب التي تولاها

كان بطرس غالى هوأول من يحصل على رتبة الباشاوية من الأقباط. صعد نجم بطرس غالى سريعًا. في عام 1893 تولى نظارة المالية في بداية عهد الخديوعباس حلمى الثانى في نظارة رياض باشا التى استمرت حوالى عام، ثم لم يلبث حتى أصبح ناظرًا للخارجية، في النظارة الثالثة التى شكلها مصطفى فهمى باشا الذى كان يعتبر رجل الإنجليز في مصر، واستمر في نظارة الخارجية ثلاثة عشر عامًا من 12 نوفمبر1885 حتى 11 نوفمبر 1908 وهى أطول فترة يشغلها ناظر في هذا المنصب الكبير. كوزير للخارجية صاغ وسقط على إتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري للسودان عام 1899. كرئيس وزراء، وافق على تمديد إمتياز شركة قناة السويس 40 عاماً إضافية من 1968 إلى 2008 في نظير أربعة مليون جنيه تدفع على أربع أقساط. تمكن محمد فريد من الحزب الوطني من الحصول على نسخة من المشروع في أكتوبر 1909 ونشرها في جريدة اللواء،

وطالبت اللجنة الإدارية للحزب الوطني بعرض المشروع على الجمعية العمومية، فاضطر المسئولون تحت الضغط إلى دعوة الجمعية التي رفضت المشروع.

رئاسته الوزارة

حكومته

"تشكيل الحكومة من 12 نوفمبر ١908 - 21 فبراير 1910"
الوزير الوزارة
اسماعيل سري نظارة الأشغال العمومية، نظارة المعارف العمومية
بطرس باشا غالي نظارة الخارجية
حسين باشا رشدي نظارة الحقانية
سعد باشا زغلول نظارة المعارف العمومية
محمد سعيد باشا نظارة الداخلية

اتهامه

اتهم بمحاباة الإنجليز حين صادق، كوزير العدل المؤقت، على أحكام محكمة دنشواي بإعدامستة فلاحين مصريين تحرشوا بجنود بريطانيين كانوا قد قتلوا عجوز مصرية أثناء صيدهم للحمام.

كان بطرس باشا غالى رجل دولة تحمل على عاتقه فترة من أصعب فترات التاريخ المصرى في ظل غطرسة الاحتلال البريطانى، فقد فاوض الإنجليز على تخفيف أحكام دنشواى وحمل أوزار قدرته على لقاءة الإنجليز بالتفاوض أوالمراوغة، طبقًا لما أشارت له الوثائق الإنجليزية التى جرى الإفراج عنها، إلا حتى تصدره المشهد السياسى جعله في قابلة الحياة السياسية، وتعاون معه وطنيون كسعد زغلول، وشُهد له بالكفاءة في إدارة النظارات (الوزارات) التى أسندت له، وبالكفاءة كرجل دولة تولى رئاسة الوزارة، ولم يلق اختياره كرئيس للوزراء أى اعتراض بوصفه قبطيا بل لقى ترحيباً من جميع المصريين،

عندما عهد الخديوعباس حلمى الثاني لبطرس باشا غالى برئاسة النظارة في 12 نوفمبر1908، نوقش في كونه قبطيًا وهذا قد يثير اعتراض المسلمين، فأجاب الخديوعلى الفور بأن مصر شهدت نوبار باشا رئيسًا للوزارة وقد كان مسيحيًا وأجنبيًا، أما بطرس غالى فهوعلى الأقل مصرى، كما كان بطرس غالى رجل سلم وعمل، نشط في مجال السلم والوساطة. لكن شابت علاقته بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطنى شوائب أثرت بالسلب على صورته منها اضطراره لتوقيع اتفاقية السودان في 19 يناير 1899، وترؤسه لمحكمة دنشواى الخاصة التى انعقدت يوم 23 نوفمبر عام 1906، بعث قانون المطبوعات 20 مارس 1909، دوره في مشروع أعطى امتيازقناة السويس.


اغتياله

إبراهيم الورداني يغتال رئيس النظار، بطرس غالي.

مع تنامي الحركة الوطنية بمصر تحت شعار "مصر للمصريين"، أصبحت سياسات بطرس غالي شديدة الولاء لبريطانيا بؤرة لنقمة الوطنيين المصريين. وفى الساعة الواحدة بعد الظهر يوم 20 فبراير 1910، خرج بطرس غالى من غرفته في ديوان الخارجية بصحبة حسين باشا رشدى ناظر الحقانية، وفتحى باشا زغلول (وكيل الحقانية)، وعبدالخالق ثروت (النائب العمومى)، وأرمولى بك التشريفاتى بالخارجية، ثم فارق من كانوا معه عند السلم الخارجى، وبينما هويهم بركوب عربته اقترب منه هذا الفتى ابراهيم نصيف الورداني، الصيدلي الشاب العائد حديثا من انجلترا بإغتيال بطرس غالي، متظاهرًا بأنه يريد حتى يحمل له عريضة وأطلق عليه رصاصتين أصابته إحداهما في صدره، وما كاد يلتفت خلفه ليرى صاحب هذه العملة حتى أطلق عليه الفتى ثلاث رصاصات أخرى أصابت عنقه من الخلف واثنتين في كتفه، وأطلق رصاصة سادسة أصابت ثيابه.

علاجه

استدعى الدكتور سعد بك الخادم فأخذ يسعفه ويخرج الرصاصات من العنق والكتف، وأفاق قليلاً وكان في النزع الأخير، فحمل إلى مستشفى الدكتور ملتون بباب اللوق، وفور وصول بطرس باشا غالى إلى المستشفى اجتمع حوله 15 طبيبًا من كبار الأطباء في مصر، وقد رأوا في بادئ الأمر عدم إجراء عملية له لكن في النهاية تم إجراؤها لإخراج الرصاصات الباقية.

ولما وقف الخديوعباس حلمى الثانى على هذا النبأ بلغ منه التأثر ومن رجال الحاشية مبلغه نظرًا لما كان يتمتع به بطرس باشا من ثقة الجناب العالى ومحبته له، وأصدر سموه أوامره في الحال تليفونيًا إلى فتحى باشا زغلول باتخاذ جميع الوسائل الممكنة بكل سرعة للعناية به، وقد زار سموه بطرس غالى، ودخل عليه في غرفته وقبله في وجهه والدموع تملأ عينيه، وكان بطرس باشا قد تنبه قليلاً، فجعل يقول: «العفويا أفندينا.. متشكر.. العفويا أفندينا.. متشكر». وأمر الخديوحتى تبلغ له الأخبار لحظة بلحظة.

وفاته

بعد انتهاء العملية لإخراج الرصاص ارتاح بطرس غالى نوعًا ما، ولكن الألم ازداد بعد قليل وارتفعت حرارته، وأصبح في خطر قريب، ولم تأت الساعة الثامنة والربع مساء حتى أسلم الروح بين بكاء الحاضرين في الساعة السابعة والدقيقة 45 من صباح يوم الاثنين 21 فبراير سنة 1910 ثم عقد مجلس النظار برئاسة الجناب العالى في سراى عابدين وقرر تعطيل نظارات الحكومة وجميع مصالحها والمدارس الأميرية إلى أجل غير مسمي. وكذلك تنكيس الأعلام على الثكنات العسكرية ودور الحكومة حدادًا على فقيد مصر العظيم.

ظروف الحادث ودوافع الاغتيال

يعد حادث اغتيال بطرس غالى هوالأول من نوعه في مصر منذ أكثر من قرن عندما اغتال سليمان الحلبى كليبر، ولذلك لابد حتى نشير إلى الأحداث السياسية التى مرت بها مصر قبل وقوع الحادث وأدت إلى توتر علاقته بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطنى، وكان لها عميق الأثر على وقوع حادث الاغتيال منها اضطراره لتوقيع اتفاقية السودان 19 يناير 1899، ودوره في محكمة دنشواى الخاصة التى انعقدت يوم 23 نوفمبر عام 1906، وبعث قانون المطبوعات 25 مارس 1909، بالإضافة إلى دوره في مشروع أعطى امتياز قناة السويس.

وكان الحزب الوطنى يرى حتى بطرس غالى هوعضد الخديوالأيمن في سياسته الجديدة. فهوالذى سافر معه إلى لندن في صيف سنة 1908 حين كان وزيرًا للخارجية في وزارة مصطفى فهمى، وتفاهم مع الإنجليز على السياسة الجديدة. وقد كان من قبل مستشاره وسفيره فيما كان ينشب بينه وبين كرومر من خلاف.

وقد رشحه الخديوعباس لرئاسة الوزارة، وضمنه عند جورست حين سأله: «ألا يحصل انتقاد من الأهالى بتعيين رئيس قبطى؟»، فرد عليه عباس قائلاً: «إنه قبطى ولكنه مصري، أما نوبار فلم يكن مصريًا». وسقط حادث الاعتداء على بطرس باشا غالى أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع امتياز قناة السويس واضطرت وزارة بطرس باشا غالى إلى دعوة الجمعية العمومية للانعقاد لإحالة مشروع أعطى امتياز قناة السويس إليها.


اعتراف إبراهيم ناصف الوردانى

اعترف الجانى (إبراهيم الوردانى) بجرمه، وبرر إقدامه على اغتال بطرس باشا غالى بأنه سقط اتفاقية السودان في 19 يناير عام 1899، بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها، وكان ضمن تشكيل محكمة دنشواى، وإعادته العمل بقانون المطبوعات القديم في 25 مارس عام 1909، وقانون النفى الإدارى في ٤ يوليومن نفس العام، كان له دور في محاولة أعطى مشروع امتياز قناة السويس. كما اعترف أنه قصد اغتال بطرس باشا غالى منذ زمن.

أسباب أغتياله

سقط بطرس باشا غالى اتفاقيتى الحكم الثنائى للسودان في 19 يناير عام 1899 بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها، واللورد كرومر بالنيابة عن الحكومة الإنجليزية، وبموجب تلك الاتفاقية أصبح لانجلترا رسميًا حق الاشتراك في إدارة شؤون الحكم بالسودان، وحمل الفهم الإنجليزى إلى جانب الفهم المصرى في أرجائه كافة، وتعيين حاكم عام للسودان بناء على طلب الحكومة البريطانية، وأصبح المصريون غرباء عنه أوخداما للإنجليز فيه.

ولم يذع أمر الاتفاقية إلا عقب إمضائها، وكانت الصحف تجهل أمرها، ولم تنشر شيئًا عن مقدماتها، ولم تحصل مفاوضات ما بصددها، وإنما هى إرادة اللورد كرومر أملاها على وزارة مصطفى فهمى، فقبلتها بلا مناقشة، جميع ما حصل من المفاوضة بشأنها حتى اللورد كرومر سلم بطرس باشا غالى مشروع الاتفاقية كما وضعته وزارة خارجية انجلترا، فأبلغ بطرس باشا غالى الوزراء بالأمر، فقبلوا المشروع دون حتى يطلع أكثرهم عليه.

هذه الاتفاقية جعلت لبريطانيا حقًا مشروعًا وأعطتها نفوذًا لم تكن تحلم به، فمن الناحية العملية فصل هذا الاتفاق السودان عن مصر، وأصبحت جميع السلطات في يد حاكم عموم السودان وهوبريطاني، كما حتى موافقة الحكومة المصرية عليه تتم في صورة شكلية، وتشريعات القطر المصرى لا تسرى على السودان.

غير حتى الواقع بالنسبة للاتفاق الثنائى يخالف الجانب الرسمى له جميع المخالفة، فقد انفردت بريطانيا وحدها بمهمة وضع الاتفاق، وكان دور مصر شكليًا بحتًا، لم يزد على توقيع الاتفاق حين قدم لها.

وفى 13 يونيوعام 1906، كانت جماعة من الضباط الإنجليز تقوم برحلة صيد حمام بجوار قرية دنشواى بالمنوفية بدعوة من عبدالمجيد بك سلطان أحد أعيان القرية، وفى أثناء الصيد شب حريق في أحد الأجران بعمل البارود المشتعل، فهاج الفلاحون وهجموا على الشباب الإنجليز، وفى الهرج أطلق أحد الضباط الإنجليز خرطوشة أصابت امرأة فسقطت جريحة، فهجم أهلها على الضباط وأوسعوهم ضربًا، وفى أثناء فرار أحدهم أصيب بضربة شمس ولقى مصرعه واتهم أحد الفلاحين بقتله.

وطبقًا للقانون العهدى الصادر في عام 1895 لحماية أرواح قوات الاحتلال البريطانى، وبناء على قرار الاتهام المقدم من محمد شكرى باشا مدير المنوفية، شكلت محاكمة خاصة يوم الأحد 23 نوفمبر عام 1906، كان قضاتها بطرس باشا غالى ناظر الحقانية بالنيابة، وفتحى بك زغلول رئيس المحاكم الأهلية، ومستر هيتر المستشار القضائى بالنيابة، ومستر بوند نائب رئيس المحاكم، وكان القاضى العسكرى الكولونيل لدلويمثل جيش الاحتلال، أما سلطة الاتهام المصرية، فكان يمثلها إبراهيم بك الهلباوى.

وقد صدر الحكم بإعدام أربعة من أهالى دنشواى وهم (حسن محفوظ، يوسف سليم، السيد عيسى سالم، محمد درويش زهران)، كما قضت بالأشغال الشاقة مددًا مختلفة على 12 متهمًا وبالجلد خمسين جلدة لكل منهم.

بعض الحقائق

كانت رئاسة بطرس باشا غالى لتلك المحكمة من الأمور التى أخذت عليه، وكانت ذريعة لمهاجمته واتهامه بممالأة الإنجليز، وبنظرة متمعنة في الحادث وتفاصيل المحاكمة تتضح الكثير من الحقائق التى غابت عن دور بطرس باشا غالى في المحاكمة، أهمها حتى دور بطرس غالى كان شكليًا حيث عقدت المحكمة المخصوصة برئاسة بطرس باشا غالى بصفته قائمًا بعمل ناظر الحقانية، فإن القدر وضعه في رياسة هذه المحكمة نتيجة لظروف إدارية بحتة وهى غياب ناظر الحقانية آنذاك إبراهيم فؤاد باشا الموكل إليه أساسًا رئاسة المحاكمة بحكم قانون عام 1895،

وهذا ما جعل بطرس غالى المسؤول عن المحاكمة، وكان من الممكن حتى يلعب نفس الدور أى ناظر يتولى أى نظارة أخرى في تلك الفترة. أضف إلى ذلك، حتى الحكم الصادر هوحكم سياسى أملته السلطة الإنجليزية التى أمرت بإرسال المشانق إلى دنشواى قبل حتى يصدر الحكم. ولم يكن دور هيئة الدفاع عن المتهمين نفى التهمة عن المتهمين أوالتقليل من عددهم وإنما حاولت تخفيف حدة الاتهام من القتل العمد إلى ضرب أدى إلى الوفاة.

ونطق المستر بوند- وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والعضوبالمحكمة المذكورة- إذا هيئة المحكمة كانت مصممة على إعدام خمسة لولا إصرار بطرس غالى الذى لم يوافق على إعدام أحدهم، ونطق إذا ضميرى غير مرتاح لإعدامه، ولذلك فقد سعى عقب الحادثة في مفاوضة الحكومة الإنجليزية، ووافقت الحكومة الإنجليزية على العفوالذى أصدره الجناب العالى الخديورسميًا يوم عيد جلوسه عام 1907، افترض الوطنيون حتى هياجهم وحده هوالذى أرجف الإنجليز فأصدروا أمرهم بالعفوعن المسجونين مع حتى الفضل الأكبر في العفوعنهم يرجع إلى تدخل الخديوعباس حلمى الثانى ووزيره بطرس باشا غالى كما يستدل على ذلك من الوثائق البريطانية والمصرية التى لم ينشر منها سوى القليل إلى اليوم.

وفى 25 مارس 1909 أصدر مجلس النظار قرارًا بإعادة العمل بقانون المطبوعات، وكان الهدف منه مصادرة الحريات ومصادرة الصحف الوطنية وإغلاقها خاصة بعد حتى أخذت تهاجم الخديوعباس حلمى الثانى نتيجة لسياسة الوفاق التى اتبعها مع الإنجليز، فضاق الخديوبهذه الحملات، وكلف بطرس غالى بإعادة إصدارقانون المطبوعات 1881 الصادر في 26 نوفمبر عام 1881 إبان الثورة العرابية.

واعتبر هذا الإجراء بمثابة لطمة كبيرة وجهت إلى الحركة الوطنية، وهوأحد الدوافع المهمة التى اعترف الوردانى بأنه أقدم بسببها على اغتياله لبطرس غالى حيث اعتبره البعض بمثابة وضع القيود على الأقلام وتكميم أفواه الصحافة، وعم الدوائر الوطنية الغضب خاصة الشباب الذى نظم مظاهرات صاخبة، وكانت هذه المظاهرات شيئًا جديداً في الحياة السياسية المصرية منذ الاحتلال البريطانى.

وقد زاد هذا القانون من سخط الوطنيين على الحكومة، ولذا اعتبر البعض حتى بطرس غالى مسؤول مسؤولية تاريخية عما حل بالصحافة الوليدة من كبت لحرياتها ومصادرة للصحف، وبلغ من غضب الوطنيين على هذا القرار حتى قام «محمد فريد» زعيم الحزب الوطنى بالذهاب إلى الخديوعباس حلمى في نفس اليوم الذى صدر فيه ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به نظارة بطرس غالى، وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت لحريتها.

وفى أواخر سنة 1909 وأوائل سنة 1910، شغلت الرأى العام مسألة كبرى، تتصل بحياة البلاد المالية والسياسية، ونعنى بها مشروع أعطى امتياز قناة السويس، والذى حاول به الاستعمار تثبيت أقدامه في البلاد، وإطالة عمر الاستعمار الاقتصادى والاستراتيجى، وفحوى هذا المشروع حتى المستشار المالى البريطانى مستر بول هارفى أخذ يفكر في وسيلة يسد بها حاجة الحكومة إلى المال، فدخل في مفاوضة مع شركة قناة السويس، لمد امتيازها أربعين عامًا، تلقاء أربعة ملايين من الجنيهات تدفعها الشركة للحكومة، وجانب من الأرباح من سنة 1921 إلى سنة 1968.

وبذلك ارتبط اسم بطرس غالى بمشكلة أعطى امتياز قناة السويس، فلقد تحدد للجمعية العمومية يوم ٩ فبراير 1910 للاجتماع والنظر في مشروع أعطى الامتياز الذى تقدمت به شركة قناة السويس إلى الجمعية العمومية المصرية، فنادى بطرس كلاً من سعيد ورشدى إليه وأطلعهما على المذكرة الموضوعة بشأن القناة، وتضمنت توزيع الأرباح بين الحكومة والشركة مناصفة، وأن تكون المناصفة في بداية الامتداد التالى لنهاية الامتياز الحالى.

وقد كان بطرس باشا غالى خلال مناقشة المشروع في الجمعية العمومية من مؤيدى المشروع على الرغم من اعتراض الكثير من الشخصيات السياسية المصرية، خاصة قيادات الحزب الوطنى بزعامة محمد فريد، وبالتالى ظل هذا المشروع محل تكتم مدة عام تام حتى استطاع الزعيم الوطنى محمد فريد الحصول على نسخة من مشروع القانون، وقام بنشرها في جريدة اللواء في أكتوبر 1909، ثم قفى على إثرها ببيان أسرار المشروع وأسبابه، ومبلغ الضرر الذى سيصيب مصر من ورائه، خاصة حتى إعطاء الامتياز كان يعنى حتى تهجر الشركة القناة لمصر سنة 2008.

وبدأت حملة من الحركة الوطنية وعلى رأسها الحزب الوطنى في تعبئة المصريين ضد هذا القانون، وربما يرجع تأييد بطرس باشا غالى للمشروع لحاجة الحكومة المصرية الحصول على أربعة ملايين جنيه على أربعة أقساط متساوية من ديسمبر 1920إلى ديسمبر عام 1913.

كما كان لهذا الحادث الخطير أثره في تاريخ الحزب الوطنى ذاته، فقد خفت حدة أقلام كتابه في الصحف نظرًا لهول الحادث وخوفًا من لصق تهمة تدبيره بالحزب، إلا حتى الصحف القبطية والأجنبية اعتبرت حتى تحريض صحف الحزب المستمر قد ساهم على الأقل في تهيئة مسببات الاغتيال.

ولذلك زادت مطاردة الحكومة لنشاط الحزب ومبادئه. ونطقصحيفة الايجيبسيان في عددها بتاريخثمانية يناير 1911 أن: «الوردانى وهويقتل بطرس غالى كان يجهز في الوقت نفسه على الوطنية المصرية في مصر». كما اندفعت الحكومة المصرية تقبض على الناس وتفتش البيوت لاستكشاف جمعيات ومؤامرات سرية، لذلك لم تبدأ محاكمة الوردانى إلا بعد شهرين من وقوع الحادث، أي في 21 أبريل.

حياته الشخصية

حفيده بطرس بطرس غالي أصبح نائب رئيس وزراء لمصر ثم أصبح سكرتيرا عاما للأمم المتحدة.

المصادر

  • جريدة المصري اليوم
سبقه
مصطفى فهمي باشا
رئيس وزراء مصر
1908-1910
تبعه
محمد سعيد باشا
تاريخ النشر: 2020-06-05 16:17:21
التصنيفات: وزراء خارجية مصر, مواليد 1846, وفيات 1910, جرائم 1910, أقباط, رؤساء وزراء مصر, وزراء دفاع مصر, سياسيون مصريون مغتالون, وفيات بإطلاق النار في مصر, باشوات مصر, أشخاص مقتلوون في مصر, رؤوس حكومة مغتالون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

كل ما تريد معرفته عن الإسباني ألفارو غونزاليس مدافع النصر الجديد

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:25:47
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

وزير المالية يوضح حقيقة تجاوز الديون مرحلة الأمان

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:12
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

فيديو| الرئيس السيسى يستجيب لعلاج مواطن يعاني من مشاكل في القلب

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:09
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

زلزال بقوة 5.8 درجة يهز جزيرة بنيوزيلندا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:25:49
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

وزير المالية يكشف عن العنصر المقلق في ظل الأزمة الحالية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:10
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

حاليا بالمغرب.. 418 حالة حرجة منها 17 حالة حرجة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-30 00:15:40
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 45%

رئيس الوزراء العراقي يدعو لفتح تحقيق عاجل بشأن أحداث المنطقة الخضراء

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

حصري.. والي جهة مراكش يستجيب لمطالب منخرطي الكوكب المراكشي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-30 00:15:49
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 44%

التموين: مد فترة تسجيل رقم الهاتف على البطاقات

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:11
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

وزير الخارجية يشارك فى أسبوع المناخ لأفريقيا بالجابون

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:26:13
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

سكوب.. الكوكب المراكشي يعود أخيرا لملعب الحارثي

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-30 00:15:51
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 36%

عمور تؤكد: آفاق السياحة الوطنية “جد واعدة”

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-30 00:15:43
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 45%

موجز العاشرة 29 أغسطس 2022

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-29 21:25:46
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

تحميل تطبيق المنصة العربية