تاريخ صقلية

عودة للموسوعة

تاريخ صقلية

أطلال معبد في سولونتو.

صقلية جزيرة عهدها الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ كما تظهر ذلك الرسوم والأدوات المكتشفة في الكهوف. واشتقت صقلية اسمها من أحد الشعوب التي وفدت إليها منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وهم الصنطقبة Sicelis لكي يـُنشئوا فيها مستوطنات APOIKIAN، وكانت تـُعهد قبل ذلك باسم (تريناكريا) Trinacria، ومعناها الأرض المثلثة الشكل.

قبل التاريخ

گرافيتي أدّاورا.

السكان الأصليون في صقلية، الذين ذابوا في الهجرات المتتالية، كانت قبائل تُعهد لدى الكتاب اليونانيين بإسم إليميون، سيكاني وسيكولي وسيكل (ومنها اتى اسم الجزيرة.)

ازدهرت في هذه الجزيرة ثقافة من ثقافات العصر الحجري الجديد في الألف الثالث من السنين التي قبل ميلاد المسيح، وأخرى من ثقافات العصر البرونزي في الألف الثاني منها؛ وحتى في الأيام المينوية كانت التجارة الخارجية تربط الجزيرة بكريت وبلاد اليونان(57). وفي أواخر الألف الثاني من السنين تكسرت ثلاث أمواج من الهجرة على سواحل صقلية: وهي موجة السكانيين Sicans من أسبانيا، وموجة الإليميين Elymi من آسية الصغرى، وموجة الصقليين Sicels من إيطاليا(58). واستقر الفينيقيون حوالي عام 800 ق.م في متيا Motya وبنورموس Panormus (بالرمو) في غربي الجزيرة. ثم تدفق اليونان عليها من سنة 735 وما بعدها ، وسرعان ما أسسوا ناكسوس، وسرقوسة، وليونتيني Leontini، ومسانا (مسينا)، وقطانا Catana، وجيلا، وهميرا Himera، وسلينس، وأكروجاس. وكان أهل الجزيرة الأصليون في جميع هذه الهجرات يُطردون من السواحل نحوالداخل بقوة السلاح. وقد انسحبت كثرتهم إلى الأصقاع الجبلية الداخلية تفلحها وتستغلها، ومنهم أقلية أصبحت عبيداً للغزاة. وتزاوج عدد منهم مع الفاتحين بلغ من الكثرة حداً أصبح معه للدم والعادات والأخلاق اليونانية في صقلية الغلبة على طباع الأهلين، فاتصفوا بما كان يتصف به اليونان من ثورة عاطفية وانهماك في العلاقات الجنسية(59). ولم يفتتح اليونان الجزيرة في وقت من الأوقات بالمعنى السليم للفظ الفتح، بل بقي الفينيقيون والقرطاجنيون أصحاب السلطة العليا على ساحلها الغربي، ودامت الحرب بينهم وبين اليونان خمسمائة عام، رمزاً للكفاح بين اليونان والساميين، وبين أوربا وإفريقية، للاستيلاء على صقلية وبدأ هذا النزاع من حديث في العصور الوسطى بين أهل الشمال (النورمان) والعرب بعد حتى ظلت رومة مسيطرة على الجزيرة ثلاثة عشر قرناً من الزمان.

أسس تجار البحر الفينيقيون مراكز تجارية ومستعمرات على طول ساحل المتوسط في أثناء بحثهم عن التجارة وتبادل السلع ومنها صقلية، وأشهر المستعمرات الفينيقية في صقلية ليليبة ودريبان وبالرم. وأنشأ اليونانيون مدينة سيراكوزة Syracusa في القرن الثامن قبل الميلاد سنة 723 ق.م.

ظل تاريخ صقلية مدة عصور يدور حول النزاع بين اليونانيين من جهة وبين الفينيقيين بزعامة قرطاجة، التي تولت مهمة إيقاف التوسع الاستعماري اليوناني في الغرب، من جهة أخرى.


الحكم اليوناني

نطقب:صقلية اليونانية

معبد يوناني في سلينونته. (المعبد مكرس لهيرا، ومبني في القرنخمسة ق.م.)

أغنى الأصقاع التي استعمرها اليونان. ونقول أغناها لأن الطبيعة وهبت صقلية ما حرمت منه بلاد اليونان في القارة الأوربية - ونعني بذلك تربتها التي لا يكاد ينفذ خصبها بفضل أمطارها وحمم بركانها - ولذلك كانت تنتج من القمح والحبوب الأخرى ما جعل أهلها يعتقدون أنها إذا لم تكن مسقط رأس دمتر نفسها فلا أقل من حتى تكون ملجأها المفضل المحبوب. لقد كان فيها بساتين وكروم، وآجام من أشجار الزيتون مثقلة كلها بالثمار؛ وكان فيها شهد لا يقل حلاوة ولذة عن جني همتوس Hymettus، وأزهار تتفتح طائفة بعد طائفة من بداية العام إلى نهايته. كان فيها سهول كلئة ترعى فيها الماشية والضأن، وتنموعلى منحدرات تلالها أشجار لا يحصها عد، وسمك البحار المحيطة بها يتوالد وينموأسرع مما يستطيع أهل صقلية حتى يأكلوه.

وامتازت قطانا بشرائعها، كما اشتهرت جزائر ليباري Lipari بشيوعيتها، وميرا بشاعرها سيجستا Segesta سلينس وأكروجاس بهياكلهما، وسرقوسة بقوتها وثرائها. وأضحت الشرائع التي سنها كارنداس Charondas لقطانا قبل صولون بجيل تام أنموذجاً تحتذيه كثير من المدن في صقلية وإيطاليا، وكانت عاملاً قوياً في استتباب النظام العام وكبح الشهوات الجنسية في مجتمعات لا تحميها التنطقيد القديمة ولا السوابق المقدسة المرعية. ومن أقوال كارنداس في هذا المعنى حتى في وسع الرجل حتى يطلق زوجته، كما حتى في مقدور الزوجة حتى تطلق زوجها، ولكن ينبغي للرجل ألا يتزوج أصغر من مطلقته كما حتى عليها هي الأخرى ألا تتزوج برجل أصغر ممن طلقها(60) وتروي قصية يونانية الطابع نصادفها كثيراً في القصص اليوناني حتى كرنداس حرَّم على المواطنين حتى يدخلوا الجمعية مسلحين. على أنه وقع في يوم من الأيام حتى اتى هوإلى اجتماع عام يحمل سيفه سهواً منه، ولما حتى لامه أحد الناخبين على مخالفته لشريعته أجابه بقوله: "سأؤيد هذا القانون" ثم اغتال نفسه(61).

وإذا شئنا حتى نتصور ما كان يكتنف الحياة من صعاب في هذه المستعمرات التي نشأت عن طريق الفتح العنيف، فما علينا إلا حتى نستعرض النزعة الشيوعية العجيبة التي كانت تسود جزائر ليبازي (أي المجيدة) الواقعة إلى الشمال من شرق صقلية. فقد أقام فيها حوالي عام 580 ق.م جماعة من المغامرين اتىوا من نيدس Cnidus جنة القراصنة. وكان هؤلاء يهاجم المتاجر المارة حول المضيق، ويأتون بغنائمهم إلى أوكارهم في الجزيرة ويقتسمونها فيما بينهم قسمات تعد مضرب المثل في العدالة. وكانت الأرض ملكاً للأهلين مجتمعين، يخصصون عدداً منهم لفلحها، ويوزعون غلتها على المواطنين توزيعاً عادلاً خالياً من الظلم والإجحاف. بيد حتى النزعة الفردية عادت إلى الظهور على مدى الأيام، فقسمت الأرض أقساماً امتلكها الأفراد، وعادت تجري في مجراها المألوف خالية من المساواة، مليئة بالتنافس والتطاحن.

وعلى ساحل صقلية الشمالي كانت تقوم مدينة هيمارا، وقد شاءت الأقدار حتى تجعل منها بلاتية في الغرب، وفيها صاغ ستسيكورس Stecichorus "صانع الأناشيد الجماعية" خرافات بني جنسه في صورة أغانٍ جماعية في الوقت الذي أخذ فيهِ اليونان يملون الملاحم الطوال؛ وحتى هلن وأخيل نفسهما لم ينجوا من هذا التجديد القصير الأجل بل اكتسيا على يدهما بهذا "الثواب الجديد". وكأنما أراد استسيكورس حتى يسد الثغرة بين الملحمة الميتة، والرواية القصصية المقبلة، فألف قصصاً شعرية؛ روى في إحداها كيف من الممكن أن ماتت فتاة طاهرة لأن من أحبته لم يستجب لحبها، وكان الأسلوب الذي روي به هذه السيرة شبيهاً بأسلوب أغاني الحب البروفنسالية Provencal في فرنسا أوقصص العصر الفكتوري في إنجلترا. هذا إلى أنه قد مهد في الوقت نفسه الطرق أمام ثيوقريطس Theocritus بأن خط قصيدة في حياة الرعاة روى فيها موت الراعي دافنيس Daphnis الذي كان حبه لكلوChloe موضوع الروايات اليونانية في العصر الروماني. وقد خط استسيكوروس نفسه رواية غرامية كانت بطلتها هلن نفسها. ولما فقد استسيكوروس بصره افترض حتى هذه الكارثة لم تحل به إلا لأنه نقل إلى الخلق سيرة خيانة هلن؛ وأراد حتى يكفر لها عن ذنبه (لأنها أصبحت وقتئذ إلهة) فألف قصيدة أخرى أنكر فيها ما نطقه في أغنيته الأولى، وأكد للعالم حتى هلن اختطفت من بيتها قوة واقتداراً، وأنها لم تسلم نفسها قط لباريس؛ ولم تمضى إلى طروادة، بل بقيت سالمة في مصر حتى اتى منلوس لينقذها من محنتها. وقد حظر الشاعر في شيخوخته هيمرا من سلطة فلارس Phalaris الأكرجاسي المطلقة ، فلما أصم فلارس أذنيه عن سماع نصحه انتقل إلى قطانا، حيث كان قبره الأثري من المناظر الرائعة في صقلية في العصر الروماني.

وإلى غرب هيمرا كانت سگستا Segesta، التي لم يبقَ منها إلا رواق ذوعمد دورية ناسيرة تقوم الآن وسط ما يحيط بها من الأعشاب البرية. وإذا شئنا حتى نتبين طراز فن العمارة الصقلية في أحسن صوره، كان علينا حتى نخترق الجزيرة إلى الجنوب حيث كانت المدينتان العظيمتان سلينس وأكروجاس. فأما سلينس فقد شادت للآلهة الصامتة، في أثناء حياتها المحزنة منذ تأسيسها في عام 651 إلى حتى دمرها القرطاجنيون عام 409، سبعة هياكل دورية الطراز، ضخمة ولكنها تعوزها الدقة وحسن الصناعة، يغطيها الجص المزين بالرسوم وعليها نقوس بارزة فجة. وقد دمر شيطان الزلازل هذه الهياكل في وقت غير معروف، ولم يبقَ منها سوى أعمدة محطمة وتيجان ملقاة على الأرض.

وأما أكروجاس-أجرجنتم الرومانية - فقد كانت في القرن السادس أكبر مدائن صقلية وأعظمها ثروة. وفي وسعنا حتى نتخيلها ممتدة من أرصفتها الشديدة الحركة، إلى سوقها الصاخبة، وإلى بيوتها القائمة على جانب التل، ثم إلى قلعتها الحصينة الفخمة التي تكاد أضرحتها لعلوها الشاهق حتى تحمل المتعبدين فيها إلى السماء. وفي هذه المدينة رضي الأشراف ملاك الأراضي حتى يسلموا زمام الحكم إلى دكتاتورية تمثل الطبقة الوسطى بنوع خاص، شأنها في هذا شأن معظم المدن اليونانية. وفي عام 570 اغتصب فلارس زمام الحكم، وخلد اسمه على مر الأزمان بأن شوى أعداءه في داخل ثور من النحاس الأصفر؛ ولقد سره بنوع خاص حتى استطاع صانعوا هذا الثور حتى يستحدثوا فيه كيفية تجعل عويل الضحايا يخرج من طائفة من الأنابيب كأنه خوار الثور نفسه(62). لكنه رغم هذا كان هووطاغية آخر من بعده يدعى ثرون Theron الرجلين الذين تمتعت المدينة في عهدهما في النظام السياسي والاستقرار، وبفضلهما بترت شوطاً بعيداً في سبيل تقدمها الاقتصادي، حتى أصبح تجار أكروجاس كما أصبح تجار سلينس، وكرتونا، وسيبارس أصحاب الملايين في تلك الأيام، وكان ذووالمال الأقل منهم شأناً في بلاد اليونان القديمة، يحسدونهم شراً على ثرائهم العظيم، وينتقمون لأنفسهم منهم بازدرائهم، ويقولون إذا الأثرياء الجدد مولعون بالضخامة والمظهر، ولكنهم يعوزهم الذوق وجمال الفن. وما من شك في حتى هيكل زيوس في أكروجاس كان يمتاز بضخامته، فقد وصفه بولبيوس بأنه "لا يعلوعليه هيكل آخر في حجمه أوتصميمه" (63)؛ وليس في مقدورنا حتى نقدر ما كان عليه من جمال، لأن الحروب والزلازل دمرته تدميراً، ثم سادت أكروجاس بعد جيل من ذلك الوقت؛ أي في عصر بركليز، هياكل أخرى أقل من هذا حجماً. وقد بقي أحدها وهوهيكل الوفاق Concord بكامل أجزائه تقريباً، كما بقي من هيكل هيرا طائفة من العمد تؤثر في النفس بروعتها. ويكفي ما بقي من المعبدين للدلالة على حتى الذوق اليوناني لم يكن مقصوراً على أثينة وحدها، وعلى حتى الغرب التجاري نفسه قد استوعب حتى "الرقي ليس في الضخامة". وفي أكروجاس ولد إمبدقليز العظيم، ولا يبعد حتىقد يكون قد توفي فيها أيضاً لا في فوهة بركان إتنا Etna.

وبدأت سرقوسة بالصورة التي هي عليها اليوم- قرية محتشدة على لسان اورتگيا Ortygia الجبلي الممتد في البحر. وكانت كورنثة قد أوفدت في القرن الثامن جماعة من المستعمرين مسلحين بأخلاق قوية وأسلحة متفوقة للاستيلاء على شبه الجزيرة الصغيرة. ولعلها كانت وقتئذ جزيرة، فبنوا أووسعوا الطريق الذي يصلها بأرض صقلية، وطردوا معظم الصقليين إلى داخل الجزيرة. وازداد أبناؤهم كما يزداد أبناء الشعب القوي في الأرض الكثيرة الموارد، حتى أصبحت مدينتهم على مر الأيام أكبر المدن في بلاد اليونان كلها، فكان طول محيطها أربعة عشر ميلاً، وسكانها نصف مليون. وقام العامة من سكانها الذين لم يكن لهم ما لسائر الأهلين من حقوق سياسية، ومعهم الصقليون المسترقون، بثورة على الأشراف ملاك الأراضي واستولوا منهم على أزمة الحكم في عام 495. ولكن الدمقراطية الجديدة- إذا جاز لنا حتى نصدق أرسطاطاليس(64). عجزت عن حتى تقيم مجتمعاً منظماً، وما زالت كذلك حتى قام گيلون من گيلا Gelon of Gela في عام 485 واستبدل بها دكتاتورية مستعيناً على ذلك بخطة من الغدر المستنير. وكان كالكثيرين من أمثاله حاكماً قديراً لا يرعى عهداً ولا ذمة، يسخر من جميع المبادئ الأخلاقية والقيود السياسية، وجعل من أرتيجيا حصناً منيعاً لحكومته، وفتح نكسوس، وليونتيني، ومسانا؛ وفرض الضرائب على شرقي صقلية كله ليستعين بها على جعل سرقوسة أجمل العواصم اليونانية. ويقول عنه هيرودوت متحسراً: "وبهذه الطريقة أصبح جيلون ملكاً عظيماً".

ثم صلح حاله وصار بابليون صقلية المعبود، حين بعث خشيارشاي أسطوله ليهاجم أثينة، فسير القرطاجنيون عمارة بحرية يكاد عدد سفنها يساوي عدد مراكب الأسطول الفارسي؛ لتنتزع جنة الجزائر كلها من أيدي اليونان. وكان مصير الجزيرة هونفس المصير الذي لاقته بلاد اليونان حين قابل جيلون هملكار في هيمرا في نفس الشهر- أوفي نفس اليوم كما تقول الرواية المتواترة- الذي قابل فيه ثمستكليز خشيارشاي في سلاميس.


الحكم الروماني

وفي القرن الثالث قبل الميلاد كانت جزيرة صقلية مجال تنافس دولي كبير بين الرومان الذين أصبحوا أسياد إيطاليا الوسطى والجنوبية وتطلعوا بأنظارهم نحومضيق مسينا وشواطئه الصقلية، وبين القرطاجيين الذين كانت سفنهم تسد طرفي مضيق مسينا وتمنع الرومان من الوصول إلى صقلية، فأعربت روما الحرب على قرطاجة سنة 265ـ264ق.م، وانضمت بعض مدن صقلية الغربية إلى روما للتخلص من وطأة القرطاجيين.

انتصرت روما، وعقد القائد القرطاجي «أميلكار» مع القائد الروماني لوتاتيوس اتفاقية. تخلت قرطاجة بمقتضاها عن صقلية، وتعهدت ألا تحارب روما ولا حلفاءها، وأن تعيد الأسرى الرومان، وأن تدفع نفقات الحرب، وأن تخلي جميع الجزر بين صقلية وإفريقيا، وعندما حاول القائد حنبعل بن أميلكار (247ـ نحو182ق.م) حتى يستعيد صقلية، أخفق في مسعاه وخضعت جميع المدن الصقلية للرومان؛ وفي سنة 42 ق.م. أصبح أوكتافيوس الرئيس الشرعي للجيوش الرومانية وتقاسم مع أنطونيوس وليبدوس الحكم والمقاطعات الأوربية، وكانت صقلية من نصيب أوكتافيوس.

تصوير الحرب القوطية.

بقيت صقلية خاضعة للرومان حتى العقد الرابع من القرن الخامس حينما سيطر عليها الفندال ثم القوط الغربيون فالبيزنطيون فالعرب.

الحكم البيزنطي

وكان تفتت الإمبراطورية البيزنطية وضعفها قد عزز الشعور بالسخط عليها من قبل الصقليين سياسيا وثقافيا فهم يعتبرون أنفسهم أقرب لروما التي تحكمها الإمبراطورية الغربية من القسطنطينية التي تحكمها الإمبراطورية الشرقية .

بين عامي (803-820) بدأت كفاءة البيزنطيين في الإنحدار في منطقة وسط البحر الأبيض بشكل واضح إبان حكم الإمبراطورة إريني وساهمت حادثة تومازوالسلافي في تعزيز حالة ضعف الإمبراطورية .

وسط ذلك انقلب ضد البيزنطيين يوفيميوس قائد الأسطول البيزنطي وهومالك أراضي ثري ، واستولى على حكم صقلية بمساعدة نبلاء صقليين وأعرب نفسه إمبراطورا عام 823 في سيراقوسة، وطلب المساعدة من العرب عام 825 للحفاظ على سيطرته على الجزيرة، فرد البيزنطيون بقسوة بقيادة فوتينو، وبعد هزيمته في سيراقوسة فر يوفيميوس إلى إفريقية لاجئا وطالبا العون من أمير الأغالبة زيادة الله في القيروان عارضا عليه الجزية لقاء جعله حاكما عليها.

ورغم أنهم خرجوا لتوهم من هزة التمرد الذي قاده ضدهم منصور الطنبذي كان ردّهم بإعداد أسطول من مائة سفينة مع عشرة آلاف مقاتل أغلبهم من المتطوعين للجهاد وسبعمائه فارس بخيولهم.

الحكم الإسلامي

سقطت صقلية في يد العرب في عام 652، لكن هذا كان قصير العمر وسرعان ما غادروها بعد ذلك بوقت قصير. بيد حتى هذا شكّل أول اتصال مع العرب الذين أنشأوا لاحقا مراكز تجارية على السواحل الغربية للجزيرة .

حوالي عام 700 غزا المسلمون جزيرة قوصرة Pantelleria، وبقيت صقلية ذات الأهمية الإستراتيجية في السيطرة على المتوسط بيد البيزنطيين. وعقدت العرب معهم اتفاقيات تجارية واستقر التجار العرب في موانئ صقلية.

بدأ سقوط صقلية في يد العرب في 17 يونيو827 تحت قيادة الفقيه المالكي والقاضي أسد بن الفرات مؤلف "الأسدية" وتألف الجيش أساسا من العرب والبربر من شمال أفريقيا والأندلس. اكتسب المسلمون موطئ قدم في مازارا دل فالوومارسالا فتم تحصينهما واستخدموهما كرأس حربة التوسع وكقواعد لرسوالسفن .

كان هدف الحملة التعمق قدر الإمكان في الجزيرة، ولا ينخدعوا بقدرتهم على تخطي الدفاعات الهائلة لعاصمة البيزنطيين الصقلية سيراقوسة، ولكن ضعف البيزنطيين الخارجين لتوهم من صراع مع تومازوالسلافي أظهر لأسد بن الفرات إمكانية ملموسة لتغير الهدف الإستراتيجي للحملة إلى حملة السيطرة الحقيقية والكاملة.

ولكنه بعد سقوط جزء كبير من الجزيرة في يد العرب أصيب بالسقم يعتقد أنه وباء الكوليرا وتوفي وقد جاوز السبعين عاما سنة 213 هـ الموافق 828 للميلاد، وعين خافا له محمد بن أبي الجواري بناءا على رغبة الجنود. وفي 830 عام تلقى المسلمون تعزيزات جزء منها من إفريقية (المشغولة آنذاك لصد هجوم دوق لوكا بونيفاتشوالثاني) والجزء الأكبر أتى من الأندلس، إلى غير ذلك استطاع المسلمون ان يستولوا على باليرموبين أغسطس وسبتمبر من عام 831 بعد حصار طويل واتخذت عاصمة للجزيرة، ومن ثم لحقها غزومسينا عام 843، وموديكا وراغوزا عام 848، وقصريانة (إنا حاليا) عام 859 بقيادة عباس بن الفضل وكان قد ألحق هزيمة نكراء بأسطول بيـزنطي قرب سيراقوسة واعتبر المؤرخون الأوروبيون عباس بن الفضل من أمهر وألمع القادة المسلمين الذين قابلتهم الجيوش الأوروبية. ولكن سيراقوسة المعتمدة على الدعم من مالطا فضلا عن دعم دوقات كالابريا وأوترانتوونابولي صمدت، وتجاوزت الحصار الذي فرضه خفاجة بن سفيان بين عامي 872 و873 وسقطت في 21 مايو878 بعد حوالي من نصف قرن من بداية حملة أسد بن الفرات بعد حصار خانق.

وفي 1 أغسطس عام 902 سقطت طيرمينة Taormina آخر معاقل بيزنطة المهمة التي غزاها إبراهيم الثاني الأغلبي الذي استطاع حتى يجعل جميع صقلية تحت السيطرة الإسلامية، وكانت آخر بؤر البيزنطيين كانت روميتا وسقطت عام 963 .

وكان إبراهيم الثاني قد تخلى عن الملك لابنه عبد الله بعد حتى عزله الخليفة العباسي المعتضد في بغداد سنة 289 هـ ، فاتى إلى صقلية نطقب:مبتر منحاز ، وكان يرمي إلى مواصلة التقدم في إيطاليا شمالاً والوصول إلى روما والقسطنطينية لغزوها مصداقاً للحديث، فبتر مضيق ميسينا متجها شمالا عبر قلورية (كالابريا) ولم يقابل مقاومة تذكر إلا حتى ميسرته توقفت عند على مشارف كوزنسا ولعلها كانت أول مدينة تقاومه ، يعتقد حتى سبب توقف العمليات العسكرية كان قلة التنظيم وقصور الإمتدادات والنتائج الملموسة وأصيب إبراهيم بالزحار ولم يمهله كثيرا فقضى نحبه وعلى حافة التشتت انسحب الجيش ، وانتهى بذلك طموح غزو"الأرض الكبيرة" . وأصبحت باليرموواحدة من أكبر المدن في العالم .


إمارة صقلية

حكمت صقلية من قبل لسلالة الأغالبة من أهل السنة والجماعة في إفريقية، ولما قضى الفاطميون الإسماعيليون على دولة الأغالبة عام (297 هـ/ 909 م)، ورثوا أسطولها وممتلكاتها ودخلت صقلية في فلك الدولة الفاطمية، وصار يحكمها ولاة من قبل الخلفاء الفاطميين سواء في المهدية أوفي القاهرة لاحقا، إلا حتى هذه التبعية كانت اسمية في غالب الأحيان خصوصاً في عهد أسرة الكلبيين (948- 1052 م) التي تمتعت باستقلال ذاتي في حكم الجزيرة.

فبعد قمع تمرد عين الخليفة الفاطمي حسن الكلبي أميرا على صقلية (948-964). بعد نجاحه في صد البيزنطيين أسس سلالة الكلبيين في صقلية. استمرت الغارات على جنوب إيطاليا تحت حكم الكلبيين إلى القرن الحادي عشر، وهزم جيش ألماني في عام 982 بقيادة أوتوالثاني بالقرب من كروتوني في قلورية (كالابريا). شهدت فترة الامير يوسف الكلبي(990-998) بداية عصر الإنحطاط. وتحت حكم الأخال (1017-1037) احتدم الصراع بين الفصائل داخل الأسرة الحاكمة نفسها بأشكال مختلفة من التحالف مع البيزنطيين والزيريين. وبحلول عهد الامير حسن الصمصام (1040-1053) تجزءت الجزيرة إلى اقطاعيات صغيرة متعددة كانت في حكم الإمارات مستقلة، لعبت صقلية دورا متميزا كجسر بين أفريقيا وأوروبا. وازدهرت التجارة والضرائب منخفضة. اتسم نظام الحكم بالتسامح، وبالرغم من حرية العبادة[بحاجة لمصدر] فقد اعتنق المسيحيون الإسلام فوجد مئات من المساجد في باليرمووحدها.

بدأ العرب اصلاح الاراضي الذي أدى إلى زيادة الإنتاجية وتشجيع نموالحيازات الصغيرة إلى عقارات أراضبة كبيرة. وواصل العرب تحسين نظم الري . وقد وصف ابن حوقل باليرمووهوتاجر من بغداد زار صقلية في 950 . لا تزال حي مسور يسمى Kasr (قصر) وسط باليرموحتى اليوم ، مع المسجد الجامع في مسقط الكاتدرائية الرومانية المتاخرة . وحي الخالصة (Kalsa) الذي يحوي قصر السلطان وحمامات ومسجد وممحرر حكومية وسجن خاص . وأحصى ابن حوقل 7،000 جزار يتاجرون في 150 محل .

بالإضافة إلى الاندلسيون العرب والعرب الأخرىن كان هناك البربر والافارقة السود واليونانيين البيزنطيين واليهود والسلافيين واللومبارديون. ازدهر غربى صقلية خاصة مع استقرار البربر في المنطقة أغريجنتومقرونا مع القبائل العربيه والعرب المصريين والسوريين في باليرمو.

ولم تنعم صقلية بالهدوء والاستقرار مدة طويلة خصوصاً بعد انقراض دولة الكلبيين (1052)، إذ دبت فيها النزاعات الداخلية مما أدي إلى قيام فترة شبيهة بفترة ملوك الطوائف بالأندلس ومن ثم كان من السهل على أي فاتح حتى بغزوالجزيرة من الشمال أوالجنوب.

سان جيوڤاني دگلي إرميتي، القباب الحمر تشي بعناصر من العمارة العربية.

حكم المسلمين في صقلية انتهى ببطئ بناء بعد دعوة من مراء كاتانيا وسيراكوزا لغزوالنورمان . فهجموا على صقلية إبان حكم روجر الأول في عام 1061 ، مفحتتحا ثلاثين عاما من الصراع ضد المسلمين . في عام 1068 هزم روجر ورجاله العرب في ميزيلميري ولكن أبرز المعارك كانت حصار باليرموفي 1072 والهزيمة النهائية لأمير نوتوفي عام 1091. عقب غزوالنورمان ظلت تأثير العرب مستمرا فخلق ثقافة هجينة في الجزيرة ساهمت كثيرا في تحديد الطابع الحديث لصقلية .

استولى العرب على تام جزيرة صقلية فترة زمنية قصيرة نسبيا، الا ان التغييرات التي تعرضت لها الجزيرة بعيدة الاثر وطويلة الامد وايجابية من الناحية الاقتصادية . فأعمالهم في تحسين نظام العمليات الزراعية (مثل الري) والعلوم والتجارة والفنون . جزء كبير من قاعدة الجزيرة الزراعية القائمة حتى يومنا هذا تتكون من النباتات التي ادخلها المسلمون إليها ، بما في ذلك البرتنطق والليمون والفستق وقصب السكر . بقيت حوالي 300 حدثة من أصل العربية لا تزال موجودة في اللغة الصقلية أغلبها مصطلحات الزراعية. في أواسط القرن الحادي عشر كانت صقلية على وشك دخول الفترة الأكثر ازدهارا في تاريخها كله بينما كان الغزاة من الشمال على وشك إدخال نظم حكم وقانون و دين ، فورثوا اقتصادا مزدهرا يستند على التجارة والعمليات الزراعية كفوؤة.

العصور الوسطى العليا

النورمان

Detail of the mosaic with Roger II receiving the crown by Christ, Martorana, Palermo. The mosaic carries an inscription Rogerios Rex

واستفاد ملوك النورمان في القرن الحادي عشر من منجزات الفهماء المسلمين فيها وشجعوهم على مواصلة البحث الفهمي ودراسة الظواهر المتنوعة فكانت بذلك معبرًا للحضارة الإسلامية إلى أوروبا . لم ينتهى الوجود العربى في صقلية بخروج العرب فهم لم يخرجوا جميعا بل بقي منهم الكثير بتشجيع النورمان - الذين لم يحاولوا اجتثاث العرب كما عمل الإسبان - على البقاء ؛ فبقيت تأثيرات العرب واضحة في الفنون والعمارة. ولا تزال الكثير من تلك الاثار موجودة خاصة في النقوش الموجودة على القصور والكنائس التي ترجع إلى العصر العربى وما بعدة، بل إذا سكان صقلية الاصليين يختلفون في ملامحهم عن سائر الإيطاليين ويحتفظون ببعض التنطقيد التي ترجع لفترة الوجود العربى كالثأر والحمية والإنتماء إلى العائلة. كانت صقلية رافدا مهما لانسياب الحضارة والمؤثرات العربية إلى أوروبا، ويمكن تمييز الملامح والدماء العربية الواضحة في السكان الأصليين لصقلية حتى اليوم، بل حتى كثيرا من أسماء المدن الصقلية هي في الأصل أسماء عربية مثل مارسالا والتي أصلها مرسى الله أومرسى على، وقد دخلت مفردات عربية كثيرة في اللغة الإيطالية عبر اللهجة الصقلية مثل : حدثة Meschino مسكينووالتي تعني المسكين أوالفقير بالعربية .

أفل نجم العرب السياسي عن صقلية حينما سيطر النورمانديون على الجزيرة، ودام تأثيرهم الثقافي والحضاري بعدها زمناً طويلاً بفضل دراية روجر الثاني وخلفائه الذي عامل العرب بروح من التسامح، وانفتح على الحضارة العربية للأخذ من علومها وفنونها، وكانت مراسيم روجر تـُخط بالعربية واليونانية واللاتينية، وكانت نصف الكتابة في دائرة نقوده بالعربية. وقد أخذ روجر عن العرب المسلمين أساليبهم في إدارة البلاد وفي الدواوين والنظم المالية والضرائبية والوظيفية، طرق حَصْر الأملاك العامة وإدارتها، وتأثر بالتنظيمات العربية العسكرية، فاقتبس الأنظمة الخاصة بالجيوش البرية والبحرية وطبـَّقها على قواته. وحرص على بناء القصور والمظاهر العمرانية على الطراز العربي، فشيـَّد القصور العربية الإسلامية التي ما زالت باقية في صقلية. كما دأب على الاهتمام بالآداب والعلوم والفنون العربية، وكان طبيب بلاطه عربياً. وترى المستشرقة الألمانية «زيغريد هونكة» بأن للعرب الفضل في جعل روجر الثاني أغنى ملك في أوربا، بعد حتى كان أقل ملوكها؛ وذلك بسبب اهتماماته الاقتصادية والعمرانية. ونادى روجر الثاني العالم الجغرافي الأندلسي الشريف الإدريسي «أبوعبد الله محمد» (493ـ548هـ/1100ـ1154م) إلى المجيء إلى بلاطه للاطلاع منه على جغرافية مملكته والعالم. فقضى الإدريسي في بالرموخمسة عشر عاماً، وأنجز للملك خريطة تفوق خريطة بطلميوس الشهيرة في دقتها ووضوحها وقلة أخطائها، ووضع خريطة العالم على دائرة فضية مسطحة planisphere طولها ثلاثة أمتار ونصف المتر وعرضها متر ونصف المتر، وضع عليها مختلف التفصيلات والتوضيحات لمختلف بلدان العالم، وألّف له كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) (الكتاب الروجري) الذي اهتم به المستشرقون، فعملوا على نشر أجزائه وترجمتها إلى لغات عديدة، وساعد روجر الثاني كثيراً على امتزاج الحضارتين العربية والأوربية من خلال صقلية التي سهلت انتنطق الحضارة العربية والإسلامية إلى بلدان عديدة، وأصبحت معبراً مهماً من معابر الحضارة العربية الإسلامية، وقد قيل عن روجر الثاني بأنه «كان سلطاناً عربياً بتاج إفرنجي».

توفي وليم الثاني (آخر ملوك النورمان) من دون عقب، وانتقل الحكم من النورمانديين إلى أسرة الهوهنشتاوفن Hohenstaufen الألمانية، وأصبح فريدريك الثاني Frederick II امبراطوراً على ألمانيا (1212ـ1250) وعلى مملكة الصقليتين (نابولي وجزيرة صقلية)، وكان شغوفاً منذ صغره بتفهم اللغة العربية إضافة إلى اليونانية واللاتينية، وكان للتراث العربي والنورماني أثر بارز في تكوين شخصيته، فأمر بترجمة المؤلفات العربية الفهمية والأدبية.

ومن مظاهر التبادل الحضاري والثقافي واستفادة صقلية من الحضارة العربية والإسلامية الكتاب العربي المعروف باسم «المسائل الصقلية»، وهي المسائل التي وجَّهها فريدريك إلى فهماء المسلمين وأجابه عليها الفيلسوف الأندلسي ابن سبعين، ونشطت حركة الترجمة في عهد فريدريك، فقد ترجم له المترجمون من العربية إلى اللاتينية «كتاب البيطرة» و«شرح ابن رشد».ويذكر بأن فريدريك تدرب مع أولاده على نظم الشعر الغنائي المتأثر بالشعر العربي، وأن جميع ما أنتجوه هواللبنة الأولى التي أنبتت فيما بعد الأدب الإيطالي الكلاسيكي، وفي ذلك نطق الشاعر الإيطالي «بتراركه» Petrarque: «في زمن قصير شاع ذلك النوع من الشعر الذي وُلـِدَ بصقلية، في جميع إيطاليا وتعداها». ونطق دانتي (1265ـ1321م) Dante الشاعر الإيطالي صاحب «الكوميديا الإلهية»La Divina Commedia «لذلك يسمى جميع ما نظمه أجدادنا من أشعار بلغة البلاد بالشعر الصقلي».

وفي عهد فريدريك الثاني استمرت المؤثرات الهندسية العربية واضحة في البناء الصقلي، والواقع إذا صقلية ليست وحدها التي تأثرت بالأنظمة المالية العربية الإسلامية، إنما انتقلت هذه المؤثرات بوساطة النورمان إلى مختلف المناطق الأوربية، وكان ابن عبد الرحمن رئيساً لمالية صقلية كلها، ثم أصبح يملك الصلاحيات للتوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية باللغة العربية؛ لأن اللغة العربية كانت إضافة إلى اليونانية واللاتينية لغة رسمية في صقلية، وبوساطتها تـُدَوَّنُ سجلات الدولة ومختلف دواوين الإدارة.

ولابد من الإشارة إلى المؤثرات اللغوية العربية في اللغة اللاتينية واليونانية التي انتشرت في صقلية وانتقلت منها إلى مختلف مناطق أوربا، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

الفندق Fondoco
عسكري Askari
فواره Favara
النانرج Naranza
المعصرة Mazzara
المحتسب Almotacen

العصور الوسطى المتأخرة

الآنجڤان والڤسپر الصقليون

"Sicilian Vespers" (1846), by Francesco Hayez

ولمّا اعتلى العرش البابوي أوربان الرابع (660 ـ 663هـ/1261ـ 1264م) تابع بحماس شديد مشروع البحث عن ملك فرنسي لعرش صقلية بوصفه فرنسياً، وعرض تاج الجزيرة على «شارل دوق آنجو» Charles of Anjou، وتـُوِّج شارل أنجوملكاً على صقلية بيد البابا كليمنت الرابع، وباركت فرنسا هذا التتويج.

في سنة 681 هـ قامت ثورة شعبية في صقلية وأعرب قادتها استقلال صقلية الجمهورية، فأصدر البابا «مارتن الرابع» قرار الحرمان الكنسي فيسبعة أيار 681هـ/1282م بحق أهالي صقلية جميعاً وضد جميع من يقدم لهم المساعدة.

أقسم شارل أنجوحتى ينتقم من صقلية وأهلها ويحولها إلى صخرة جرداء خالية من السكان، فاستنجد الصقليون ببطرس ملك آراغون، فأوفد أسطوله إلى الجزيرة، ودارت معارك وانتصر الآرغونيون، وتوِّج بطرس ملكاً على صقلية في أيلول 702هـ/1302م. وأدت الثورة الصقلية إلى استقلال صقلية عن مملكة نابولي الفرنسية.

في مؤتمر فيينا (1231هـ/1815م) عملت الدول الكبرى على إبقاء إيطاليا مجزأة إلى إمارات وممالك منها، مملكة الصقليتين وتضم جزيرة صقلية ومنطقة نابولي، ويحكمها ملك من أسرة البوربون، ونشبت الحركة الثورية في صقلية، فنظم گاريبالدي حملة الألف الشهيرة بتأييد سري من كاڤور، وأبحرت قواته من جنوة نحوصقلية، وتم تحريرها في شهر، ودخل نابولي وضمها إلى مملكة البيمونت بعد استفتاء في تشرين الأول 1277هـ/1860م.

لاتزال بالرموإلى اليوم تتميز بالروح العربية والإسلامية في كثير من مظاهرها العمرانية والاجتماعية والثقافية، وهناك حرص الصقليون على إحياء العلاقات الثقافية بينهم وبين البلدان العربية، فمنذ عام 1379هـ/1959م افتـُتِح في جامعة بالرموقسم خاص لتعليم اللغة العربية وآدابها مع الحرص على إحياء التراث الصقلي العربي بالدراسات التاريخية والمؤلفات والأبحاث المتنوعة.

العصر الحديث

انظر أيضاً: تاريخ صقلية (1860-1946) (it)

فترة توحيد إيطاليا

بداية التجريدة في كوارتو.

كانت صقلية مندمجة مع مملكة سردينيا في 1860 إثر تجريدة الألف بقيادة جوزپى گاريبالدي؛ بعد ديكتاتورية گاريبالدي أُقِر الضم باستفتاء شعبي. مملكة سردينيا أصبحت في 1861 مملكة إيطاليا، في سياق الإيطالي.

الهجرة للخارج

في 1894، labour agitation through the radical left-wing Fasci Siciliani (روابط العمال الصقلية) again led to the imposition of martial law.

المافيا

خريطة نزول الحلفاء في صقلية فيعشرة يوليو1943.

مطلع القرن العشرين وفترة الفاشية

فترة ما بعد الحرب


الهامش

  1. ^ وجيه خشفة. "تاريخ صـِقليـَة". الموسوعة العربية.

المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

  • Livius.org: تاريخ صقلية اليونانية
تاريخ النشر: 2020-06-05 20:22:06
التصنيفات: مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر, Interlanguage link template link number, Pages with citations using unsupported parameters, تاريخ صقلية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سلى صيامك مع حكايات رمضان وتفيدة.. سيارة زوج فاطمة ومفتاح السعادة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:22:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

كيف يستعد المنتخب لمواجهة كرواتيا فى نهائى كأس عاصمة مصر؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:54
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 37%

الهلال واتحاد جدة والنصر يتنافسون على خطف تريزيجيه فى الصيف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:22:00
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 41%

ضبط 557 باكت تبغ داخل مخزن غير مرخص بالقاهرة

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:05
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

نص رسالة الصباح لـ عمر الخيام.. من وحى مسلسل الحشاشين الحلقة 14

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:22:05
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 49%

ضبط 2.5 مليون قطعة ألعاب نارية في حملات أمنية

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:02
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

مسلسل كامل العدد +1 الحلقة الأخيرة .. مواعيد العرض والقنوات الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:56
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 48%

مسلسل عتبات البهجة الحلقة الأخيرة .. مواعيد العرض والقنوات الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:22:10
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 35%

رئيس الوزراء يلتقى وفدا من أعضاء مجلس النواب الأمريكى

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:20:59
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

إزالة تعديات على أراضٍ زراعية في الإسكندرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:25
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 65%

حزب الجيل الديمقراطي يكرم الأمهات المثاليات بمناسبة عيد الأم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-25 15:21:23
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية