تقييد السعرات الحرارية

عودة للموسوعة

تقييد الثمنات الحرارية


تقييد السُّعرات Calorie restriction وعلاقته بالشيخوخة

قلل مما تأكله، ولكن تأكد أنك تحصل على كمية كافية من البروتين

والدهن (الدسم) والفيتامينات والمعادن. إذا لهذه الوصفة مفعولاً عجيبًا

في صحة القوارض وطول عمرها.

فيا تُرى هل بإمكانها مساعدة البشر أيضا؟

< R .ويندرتش>

قبل ستين عاما توصل الفهماء في جامعة كورنيل إلى اكتشاف رائع. فبتقييد الجرذان بنظام غذائي ذي ثمنات ضئيلة جدا، تمكن <M .C .ماك كي> وزملاؤه من إطالة المدى الأقصى (الأعظمي) لعمر هذه الحيوانات بنسبة 33%، أي إطالة أعمارها من ثلاث إلى أربع سنوات. ووجدوا فيما بعد حتى الجرذان التي أُلزمت نُظُما غذائية قليلة الثمنات بقيت فتية مدة أطول، كما عانت في أواخر حياتها أمراضا أقل مما عانته مثيلاتها التي أُعطيت طعاما اعتياديا. ومنذ عقد الثلاثينات كان تقييد الثمنات caloric restriction هوالمداخلة الوحيدة التي أظهرت، وعلى نحومقنع، أنها تُبطئ حدوث الهَرم aging لدى القوارض (وهي حيوانات ثديية مثلنا)، وفي المخلوقات التي تمتد من الحيوانات الأَواليّ protozoans وحيدة الخلية حتى الديدان المدورة (حيات البطن) وذباب الفاكهة والأسماك.

ومن الطبيعي حتى تثير القوة الهائلة التي تتمتع بها الطريقة المذكورة سؤالا عما إذا كان بوسعها حتى تُطيل مدة البقاء على قيد الحياة (البُقْيا) واستمرار الصحة الجيدة لدى البشر. إذا هذه المسألة عرضة لنقاش واسع، بيد حتى الحقيقة المتمثلة في نجاح هذه المقارنة لدى عدد كبير من الكائنات الحية لأمر يوحي بأن الإجابة قد تكون بتفاؤل كبير «نعم». وهناك بعض المعلومات الموثوقة المثيرة للاهتمام، المستمدة من دراسات أُجريت على القرود والبشر، تدعم هذه الفكرة أيضا.

وبالطبع، وحتى إذا ما ثبت في النهاية حتى التشدد الصارم في تحديد الثمنات هوينبوع الشباب للبشر، فقد لا يصبح مطلبا شعبيا مطلقا؛ إذ مازال سجلنا التتبّعي عن التزام الحمية الغذائية الشديدة ضعيفًا. ولكن من الممكن تمكن الفهماء يوما ما من كشف وتطوير عقاقير تضبط شهيتنا على المدى الطويل وبشكل آمن، أوتحاكي (تقلد) التأثيرات النافعة لضبط الثمنات في نُسُج (أنسجة) الجسم. وقد تسمح هذه المقاربة الأخيرة للناس بالاستمتاع بالأغذية العادية إلى حد ما، وفي الوقت نفسه الاستمرار في جني ثمار التأثيرات الصحية النافعة الناجمة عن تحديد مدخولهم الغذائي. ويقوم الكثير من المختبرات الآن، بما فيها مختبرنا في جامعة وسكنسن-ماديسون، بالعمل ابتغاء التوصل إلى فهم الأساس الخلوي والجُزَيْئي للكيفية التي يؤخر بها تقييد الثمنات عمليات التشيّخ (التهرم) لدى الحيوانات. وقد تؤدي جهودنا إلى إيجاد بدائل مفيدة تقوم مقام التزام النظام الغذائي الصارم، مع حتى أغلبيتنا هجرز جهودها الأساسية في الوقت الحالي على فهم سيرورة (أوسيرورات) الهرم ذاتها.

لقد أمكن ـ إلى حد كبير في معظم الأحيان ـ إطالة أعمار بعض الحيوانات (كتلك التي تظهر في الصورة) بإنقاص شديد لمدخولاتها من الثمنات. ولكن انطباق ذلك على البشر مازال قيد البحث. وهذا التقييد في المدخول من الثمنات لا ينجح إلا عندما تحصل الحيوانات على تغذية ملائمة.. لقد أمكن ـ إلى حد كبير في معظم الأحيان ـ إطالة أعمار بعض الحيوانات (كتلك التي تظهر في الصورة) بإنقاص شديد لمدخولاتها من الثمنات. ولكن انطباق ذلك على البشر مازال قيد البحث. وهذا التقييد في المدخول من الثمنات لا ينجح إلا عندما تحصل الحيوانات على تغذية ملائمة.

في القوارض، الثمنات الأقل هي الأكثر نفعا

لقد أظهرت البحوث، التي أُجريت في مجال تحديد الثمنات، عددا هائلا من الفوائد لدى الحيوانات ـ بشرط ضمان مراقبة الحاجات الغذائية للحيوانات التي تتبع الحمية الغذائية مراقبةً محكمة دقيقة. وفي معظم الدراسات تستهلك حيوانات الاختبار، وهي عادة الفئران أوالجرذان، قدرا من الثمنات يقل عما تستهلكه الحيوانات الضابطة (الشاهدة) بنسبة 30 إلى 50 في المئة، كما حتى وزنها أقل بنسبة 30 إلى 50 في المئة أيضا. ولكنها تحصل في الوقت ذاته على ما يكفي من البروتين والدهن (الدسم) والفيتامينات والمعادن اللازمة كلها للحفاظ على عمل نُسُجها الفعال. وبعبارة أخرى: تُلْزَم هذه الحيوانات اتّباع شكل صارم من الحمية الغذائية الحكيمة الذي تستهلك فيه الحد الأدنى من الثمنات من غير حتى تصاب بسوء التغذية. فإذا ما تمت تلبية الحاجات الغذائية للحيوانات، فلن يقتصر عمل تقييد الثمنات على الزيادة الثابتة في متوسط مدى عمر الأفراد ولكن سيحمل أيضا المدى الأقصى للأعمار ـ أي عمر أطول أعضاء الزمرة بقاء على قيد الحياة. وتعني هذه النتيجة الأخيرة حتى تحديد الثمنات يتدخل ويعبث ببعض جوانب سيرورة الهرم الأساسية. إذا جميع ما من شأنه حتى يمنع الموت المبكر، كذاك الذي يسببه سقم يمكن توقّيه أومعالجته أوذاك الناجم عن حادث طارئ، سيحمل متوسط مدى حياة مجموعة ما. ولكن من الواجب حقا إبطاء سرعة حدوث الشيخوخة حتى يتمكن الأفراد الأشد قدرة على التحمل من تجاوز الحد الأقصى المعروف الآن.

وفضلا عن تغيير مدة البقاء على قيد الحياة (البُقْيا)، فقد استطاعت الحمية الغذائية المنخفضة الثمنات حتى تؤجل عند القوارض حدوث معظم الأمراض الخطرة الشائعة في أواخر الحياة [انظر ما مؤطر في الصفحة اللقاءة]، بما فيها سرطانات الثدي والموثة (البُرُسْتاة) والجهاز المناعي والسبيل المعِدي المعوي. وعلاوة على ذلك، فمن بين نحو300 مقياس للشيخوخة تمت دراستها، عثر حتى نحو90% من القوارض التي حصلت على غذاء مقيد الثمنات تظل «محافظة على شبابها» مدة أطول مما في القوارض التي تم إطعامها جيدا. وعلى سبيل المثال، تتناقص بعض الاستجابات المناعية في الفئران السوية حينما تبلغ سنة واحدة من العمر (أوائل أواسط عمرها)؛ إلا حتى هذه الاستجابات لا تضعف في الفئران الأشد نحافة والمماثلة للمجموعة السوية وراثيا، إلا عند بلوغها سنتين من العمر. وشبيه بذلك ما يحدث حينما تتقدم القوارض في السن فتقوم عموما بتصفية الگلوكوز ـ وهوسكر سهل ـ من دمها على نحوأقل فعالية مما كانت تعمله وهي فتيّة (وهوتغير قد يتعاظم ويصبح داء سكريا)، كما أنها تصطنع وهجرب البروتينات اللازمة ببطء أشد، وتقع تحت وطأة الارتباط التصالبي cross-linking (وهوالذي يؤدي إلى التصلب) في البروتينات ذات الحياة المديدة في النسج، وتفقد من كتلتها العضلية، ويغدوتفهمها أبطأ. أما في الحيوانات التي تحصل على ثمنات محددة، فإن هذه التغيرات كلها يتأخر حدوثها.

وليس من المستغرب حتى يتساءل القائمون بالاستقصاءات عما إذا كان تقييد الثمنات (الطاقة) في حد ذاته هوالمسؤول عن المزايا التي تُجنى من اتباع النظم الغذائية ذات الثمنات القليلة، أم حتى الحد من الدهن (الدسم) أومن مكون آخر في النظام الغذائي هوالذي يعلل هذا النجاح ويفسره. ويبدوحتى الإمكانية الأولى هي السليمة. إذا تقييد كمية الدهن (الدسم) والبروتين والكربوهِدْرات (السكريات) من غير إقلال الثمنات لا يحمل مدى العمر الأقصى لدى القوارض. إذا الاقتصار على إضافة الفيتامينات المتعددة ـ أوالجرع العالية من مضادات التأكسد (المؤكسدات) ـ ليس بالأمر الناجع، كما لا يجدي تغيير نمط الدهن أوالكربوهدرات أوالبروتين في الغذاء.

ومن الأمور المشجعة ما توحي به الدراسات أيضا من حتى تقييد الثمنات قد يحدث ذا نفع حتى وإن لم يتم البدء به إلا في أواسط العمر. وفي الواقع، إذا أشد ما اكتشفْتُه إثارة في عملي هوحتى تقييد الثمنات الذي ابتُدِئ في اتباعه لدى الفئران في أوائل أواسط عمرها أمكنه حتى يطيل مدى عمرها الأقصى بنسبةعشرة إلى 20 في المئة، كما أمكنه حتى يقاوم نشوء أونموالسرطان. إضافة إلى ذلك، فمع حتى إنقاص المدخول من الثمنات إلى قدر يعادل تقريبا نصف ما تستهلكه الحيوانات التي تأكل على شكل غير مقيد هوالأكثر زيادة لمدى الحياة الأقصى، فإن تقييد الثمنات الأقل صرامة له بعض الفوائد أيضا، سواء ابتدئ به في مقتبل الحياة أوفي أواخرها.

ومن الطبيعي حتى يغدوالفهماء أكثر ثقة في حتى تقييد النظام الغذائي يمكنه حتى يؤجل روتينيا حدوث الهرم عند الرجال والنساء إذا أمكن تأكيد النتائج التي تم الحصول عليها بالنسبة للقوارض في دراسات على القرود (وهي الأشد شبها بالبشر)، أوعلى البشر بالذات. ولكي تكون مثل هذه الاستقصاءات أغنى بالمعلومات، يجب تتبع الأفراد الخاضعين للدراسة سنوات عديدة ـ وهي مهمة مكلفة وشاقة من الوجهة المنطقية (اللوجستية). ومع ذلك، هناك تجربتان مهمتان واسعتان تُجريان حاليا على القرود.

فأران لهما العمر نفسه وهو40 شهرا؛ ومع ذلك فإن المقارنة بين الفأر الذي تناول طعاما عاديا ـ ويظهر في يمين الصورة ـ والفأر الذي تغذى بقوت قليل الثمنات منذ حتى بلغ 12 شهرا من العمر (أوائل أواسط العمر) ـ وهوفي يسار الصورة ـ تبين حتى الثاني يظهر أصغر سنا وأكثر صحة.


فوائد تقييد الثمنات

أدى التقدم في الممارسات الصحية بدءا من عام 1900 إلى زيادات كبيرة في مدى العمر المتوسط بين الأمريكيين (وهوما يظهر في المخطط البياني a)، وقد تم ذلك بصفة أساسية عن طريق تحسين الوقاية من الأمراض التي تسبب موت الإنسان المبكر ومعالجتها. ولكن تلك المداخلات لم تؤثر على نحوجوهري في مدى العمر الأقصى (أقصى اليمين في المخطط البياني a)؛ الأمر الذي يُعتقد حتى تحديده مرتبط بعمليات هرم (شيخوخة) تحدث داخل الجسم. (تُظهر منحنيات المخطط وبياناته بروزات تعبّر عن الأشخاص المولودين في السنوات المشار إليها وتفترض حتى الشروط التي تؤثر في البقاء على قيد الحياة لا تتغير). وباللقاء، أدى تقييد الثمنات إلى زيادة واضحة في مدى العمر الأقصى إضافة إلى زيادته متوسط مدى العمر في القوارض (b) وهو، في الواقع، المداخلة الوحيدة التي يظهر حتى الآن أنها تبطئ حدوث الشيخوخة في الثدييات ـ وهي إشارة تدل على إمكان تأخير الهرم في البشر أيضا.

وعلى الرغم من حتى اتباع نظم غذائية صارمة يطيل مدة البقاء إلى درجة تفوق ما يعمله اتباع نظم معتدلة، فإن دراسة الفئران التي أعطيت غذاء قلت فيه الثمنات ابتداء من مقتبل الحياة (في عمر ثلاثة أسابيع) توضح حتى تقييد الثمنات ـ ولوكان بسيطا ـ يقدم بعض الفوائد (c). وهذه النتيجة هي خبر يكمن فيه الخير للناس. كما حتى من الأمور المشجعة اكتشاف حتى تحديد الثمنات لدى القوارض يفضي إلى أكثر من إطالة العمر؛ فهويسمح للحيوانات بالبقاء شابة مدة أطول (الجدول). إذا الفأرة التي تبدوفي الزاوية تناولت غذاء محدد الثمنات وعاشت فترة طويلة بشكل غير مألوف. إذا أغلب بنات نوعها التي تتناول الطعام الاعتيادي تعيش 40 شهرا. وقد كان عمر تلك الفأرة 53 شهرا حينما أُخذت الصورة لها، ونفقت لأسباب مجهولة بعد نحوشهر واحد.

تقييد الثمنات لدى القوارض: تأثيرات منتقاة

يؤجل النقصان المرتبط بتقدم العمر من:

ضبط گلوكوز الدم؛ قدرة التوالد عند الإناث؛ إصلاح الدنا؛

المناعة؛ القدرة على التفهم؛ الكتلة العضلية؛ هجريب البروتينات

تبطئ الزيادات المرتبطة بتقدم العمر من:

الارتباط المتصالب في البروتينات المعمّرة؛ إنتاج المتقدرات للجذور الحرة،

الضرر التأكسدي الذي يصيب النسج ولا يمكن إصلاحه

يؤخر ظهور أمراض أواخر العمر، بما فيها:

اضطرابات المناعة الذاتية(1)؛ السرطانات؛ أشكال الساد cataract؛

الداء السكري؛ فرط ضغط الدم؛ الفشل الكلوي

بيانات ضئيلة عن الرئيسات ولكنها مدهشة

مازال الوقت مبكرا جدا للحكم على قدرة الحميات الغذائية ذات الثمنات المنخفضة على إطالة الحياة أوفترة الشباب عند القرود مع مرور الزمن. غير حتى الدراسات تمكنت من قياس تأثيرات تحديد الثمنات فيما يسمى بالواسمات (العلامات) الحيوية biomarkers للشيخوخة: وهي خاصيات تتغير بصفة عامة مع تقدم السن، وقد تساعد على التنبؤ بمدى الصحة أوالعمر في المستقبل. وكمثال على ذلك، إذا ضغط الدم يرتفع عند الرئيسات primates مع تقدمها في العمر، كما ترتفع مستويات الأنسولين والگلوكوز في دمها، وتتناقص في الوقت نفسه الحساسية للأنسولين (وهي قدرة الخلايا على التعامل مع الگلوكوز ومعالجته استجابة لإشارات من الأنسولين). وينطوي تأجيل حدوث هذه التغيرات على دلالة ضمنية تشير إلى احتمال قدرة النظام الغذائي التجريبي على إبطاء حدوث بعض مظاهر الشيخوخة على أقل تقدير.

وفي عام 1987 ابتدأت إحدى الدراسات على القرود بإشراف S.G. روث من المعهد الوطني للشيخوخة. ويتم في هذه الدراسة تفحُّص قرود الرَّيْص rhesus التي تعيش نمطيا نحو30 سنة وتصل أحيانا إلى 40 سنة، والقرود السنجابية التي يندر حتى تظل حية مدة تزيد على 20 سنة. وقد بوشر بتحديد النظام الغذائي لبعض هذه الحيوانات وهي لمّا تزل فتية (في عمر سنة أوسنتين)، كما بُدئ لدى بعضها الآخر بعد فترة البلوغ . أما المشروع الثاني الذي يضم دراسة قرود الرَّيْص فحسب، فقد استهله B .W. إرشلر وW .J. كمنتز وB .E. رويكر من جامعة وسكنسن-ماديسون عام 1989، وقمتُ بالانضمام إلى هذا الفريق بعد سنة. لقد ابتدأ تقييد الثمنات في غذاء قرود دراستنا وهي في بداية سن البلوغ، أي في عمرثمانية إلى 14 سنة. وتفرض جميع من الدراستين مستوى من تقييد الثمنات يقل بنسبة 30% تقريبا عن مدخول الحيوانات الضابطة التي تتغذى بشكل اعتيادي.


نظرية في الشيخوخة (الهرم)

إن التفسير الأول لسبب شيخوختنا يضع الكثير من اللوم على الجذور الحرة المخرِّبة (الأحمر) المتولدة في المتقدرات وهي مصانع لتزويد الخلية بالطاقة. وتتشكل الجذور (في اليسار) حينما تستخدم آلة إنتاج الطاقة في المتقدرات (ضمن إطار أسود) الأكسجين والغُذَيّات لهجرب ATP (ثالث فسفات الأدينوزين) ـ وهوالجزيء (الأخضر) الذي يزود معظم النشاطات الأخرى للخلية بالطاقة. وتهاجم تلك الجذور الآلة ذاتها ودنا DNA المتقدرات اللازمة لإنشاء أجزاء منها، وقد تلحق بها أذى مستديما. وبوسعها أيضا حتى تُلحِق ضررا بمكونات أخرى في المتقدرات وفي الخلايا.

وترى هذه النظرية حتى الضرر المتراكم الذي يصيب المتقدرات يُحدث مع مرور الزمن (في اليمين) هبوطا في إنتاج ATP، كما يولّد أيضا إنتاجا متزايدا في الجذور الحرة؛ الأمر الذي يفضي إلى تسارع تخرب مكونات الخلية. وحينما تغدوالخلايا بحاجة ماسة إلى الطاقة ويعتريها الضرر، فإنها تقوم بوظيفتها على نحوأقل كفاءة. وحينئذ تبدأ النُّسُج التي تشكلها هذه الخلايا بالضعف، كما يصاب الجسم بأكمله بالوهن. ويرتاب الكثير من الباحثين في حتى السبب الرئيسي لإبطاء الشيخوخة عن طريق تقييد الثمنات هوتقليل إنتاج الجذور الحرة في المتقدرات.

تتألف آلة إنتاج الطاقة في المتقدرات بشكل أساسي من سلسلة نقل الإلكترونات: وهي سلسلة من أربعة معقّدات جزيئية كبيرة (الرمادي) ومن معقديْن جزيئيين صغيرين (الأخضر الفاتح). إذا المعقدين I وII (أقصى اليسار) يلتقطان الإلكترونات (الأسهم المضىية) من الطعام ويوصلانها إلى اليوبيكوينون ubiquinone، وهوالموضع الذي يتم فيه توليد معظم الجذور الحرة (الأحمر). ويرسل اليوبيكوينون هذه الإلكترونات عبر بقية أقسام السلسلة إلى المعقد IV، حيث تتفاعل مع الأكسجين والهِدْروجين لتشكل الماء. إذا تدفق الإلكترونات يحرض البروتونات (H+) على الجريان (الأسهم الزرقاء) إلى معقد آخر أيضا ـ سنتاز ATP (الأرجواني) ـ يجتذب الطاقة التي تولدها البروتونات لتصنيع ATP (الأخضر الغامق). وتتشكل الجذور الحرة حينما تهرب الإلكترونات من سلسلة النقل وترتبط بالأكسجين الواقع إلى جوارها.

ن النتائج الأولية التي تم التوصل إليها حتى الآن مشجعة. فالحيوانات التي تتبع النظام الغذائي في جميع من الدراستين تبدوفي صحة جيدة وسعيدة، ولوأنها تواقة إلى وجباتها؛ كما يظهر حتى أجسامها تستجيب لهذا النظام تماما كما تستجيب القوارض. إذا ضغط دمها ومستويات الگلوكوز فيه أقل مما هي في الحيوانات الضابطة، وحساسيتها للأنسولين أعظم، كما حتى مستويات الأنسولين في دمها أقل أيضا.

ولم يقم أحد حتى الآن بدراسات دقيقة الضبط حول أثر تحديد الثمنات الطويل الأمد عند الناس ذوي الوزن المتوسط وعلى امتداد الزمن. إذا البيانات المستمدة من مجموعات سكانية أجبرها الفقر على العيش على ثمنات قليلة نسبيا لا تقدم معلومات موثوقة يُعتمد عليها؛ لأن مثل هذه الزمر عاجزة بصفة عامة عن حتى تتوصل إلى الحصول على المقادير الكافية من الغُذَيّات (المواد الغذائية) nutrients الأساسية. ومع ذلك، فبعض الدراسات على البشر تزود بأدلة غير مباشرة على حتى تقييد الثمنات قد يحدث ذا فائدة. ولنتأمل شعب أوكيناوا الذي يستهلك الكثير من أفراده غذاء قليل الثمنات، إلا أنه يمده بالغُذَيّات اللازمة. إذا نسبة المعمّرين المئويين (أي الذين بلغت أعمارهم 100 عام أوأكثر) فيه مرتفعة؛ إذ تصل إلى 40 ضعف النسبة الموجودة في أي من الجزر اليابانية الأخرى. إضافة إلى ذلك، تشير المسوح الوبائية التي أُجريت في الولايات المتحدة وفي مناطق أخرى إلى حتى سرطانات معينة، ونخص منها بالذكر سرطانات الثدي والقولون والمعدة، تحدث بتواتر ومعدلات أقل بين الناس المعروف عنهم قلة مدخولهم من الثمنات.

وقد تم الحصول أيضا على نتائج مثيرة للاهتمام حينما أُجبر ثمانية أشخاص يعيشون في بيئة منغلقة مكتفية ذاتيا ـ هي المحيط الحيوي 2، في أريزونا ـ على تقليص مدخولهم الغذائي بشكل حاد وعلى امتداد سنتين بسبب محاصيلهم التي اتىت أفقر وأقل مما تسقطوه من ثمار جهودهم في إنتاج الغذاء. وقد كانت الجدارة والمزايا الفهمية للمشروع ككل موضع تساؤل، ولكننا نحن المهتمين بتأثيرات النظم الغذائية ذات الثمنات المنخفضة كنا سعداء لأن L .R .والفورد من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ـ وهوخبير في موضوع تحديد الثمنات وعلاقته بالشيخوخة ـ (والموجه الفهمي لي)، كان طبيب الفريق. وقد ساعد والفورد زملاءه على تحاشي حدوث سوء التغذية، وراقب الكثير من المظاهر الفسيولوجية في تلك الزمرة. وتُظهر تحليلاته حتى تقييد الثمنات أدى إلى انخفاض في ضغط الدم وفي مستويات الگلوكوز ـ تماما كما يحدث عند القوارض والقرود. كذلك انخفض كوليسترول المصل الإجمالي.

إن النتائج المستمدة من التجارب الجارية في مجال تقييد الثمنات لدى قرود الرَّيْص rehuses عاجزة حتى الآن عن إظهار ما إذا كان هذا التقييد سيطيل مدة البقاء. بيد حتى مقارنة مجموعة ضابطة (في اليسار) بحيوانات أُلزمت نظاما غذائيا صارما (في اليمين) مدة خمس سنوات تشير إلى حتى بعض المقاييس البيولوجية التي ترتفع نمطيا مع تقدم العمر تتغير على نحوأشد بطئا في حيوانات التجربة. إذا ضغط الدم الآن أقل بشكل طفيف فقط في المجموعة التي جرى تحديد الثمنات لديها، ولكنه كان أقل بصورة واضحة في معظم فترات الدراسة.

وربما كانت النتائج التي أظهرتها الدراسات عند القرود والبشر أولية، غير حتى البيانات المستمدة من دراسة القوارض تبين بشكل قاطع حتى تحديد الثمنات قادر على حتى يؤدي إلى ظهور الكثير من التأثيرات النافعة. ويطرح التنوع في هذه التأثيرات بعض المشكلات أمام الباحثين: تُرى أي من التغيرات الكثيرة الموثقة (إن وجدت) يسهم على نحوأكبر في زيادة طول العمر وفي الإبقاء على الشباب،يا ترى؟ إذا الفهماء لم يتوصلوا بعد إلى إجماع في الرأي، غير أنهم استبعدوا بعض الأفكار والفروض التي كانت تُعَدّ مقبولة في وقت ما. فمثلا، من المعروف حتى مدخول الطاقة الضئيل يعوق النمو، وكذلك يقلص كمية الدهن (الدسم) في الجسم؛ وكان كلا هذين التأثيرين موضع جدل رئيسي سابقا باعتبارهما التغيرات الأساسية التي تؤدي إلى ازدياد طول العمر، إلا حتى قيمتهما قد تضاءلت الآن وأُسقطا من الحساب.

ومع ذلك، يبقى الكثير من الفرضيات الأخرى قيد الدراسة، وتحظى كلها ببعض الدعم التجريبي على أقل تقدير. وتجد إحدى هذه الفرضيات حتى تحديد الثمنات يُبْطِئ معدل الانقسام الخلوي في نسج عديدة. وبما حتى تكاثر الخلايا غير المنضبط هوسمةٌ مميزة للسرطان، فإن ذاك التغير قادر على إمكانية توضيح السبب الذي يقلل من حالات وقوع الكثير من سرطانات أواخر العمر في الحيوانات التي أُطعمت أغذية قليلة الثمنات. وهناك افتراض آخر يقوم على النتيجة القائلة إذا تحديد الثمنات يميل إلى خفض مستويات الگلوكوز، وإن انخفاض نسبة الگلوكوز في الدوران (الدورة الدموية) يبطئ من تراكم السكر على البروتينات ذات الحياة المديدة، وبذا يعدّل التأثيرات الضارة الناجمة عن استفحال التراكم.


وجبة طعام رئيسة لشخص واحد تعطي نحو2000 ثمنة (في الأعلى) ويمكن تخفيضها بشكل واضح ـ بنحوثلث الثمنات (في الأسفل) ـ لشخص يتبع نظاما غذائيا مقيد الثمنات. وبغية اجتناب سوء التغذية ينبغي على الناس الذين يتبعون برامج كهذه حتى يختاروا أطعمة غنية بالغُذَيّات (المواد الغذائية) كالأطعمة المبينة أعلاه.


تفسير جذري

مع ذلك، فإن وجهة النظر التي لقيت أكبر قدر من الدعم المُقْنع هي التي ترى حتى تقييد الثمنات يطيل أمد البقاء والحيوية، وأن ذلك يتم بصفة أساسية عن طريق الحد من إصابة وتأذي المتقدرات mitochondria بالجذور الحرة (3)free radicals . والمتقدرات هي بنى صغيرة جدا تقع داخل الخلايا وتعمل كمصانع تنتج الطاقة للخلايا. أما الجذور الحرة فهي جُزَيْئات شديدة التفاعل (مشتقة عادة من الأكسجين) تحمل على سطحها إلكترونا غير مزدوج (مشفوع) unpaired. والجزيئات في هذه الحالة ميالة إلى أكسدة الإلكترونات على نحومدمر لها أوإلى انتزاعها من أي مركب تقابله هذه الجزيئات. وقد اتُّهمت الجذور الحرة بالإسهام في حدوث الشيخوخة وذلك منذ عقد الخمسينات حينما نطق <D. هارمان> (من كلية الطب في جامعة نبراسكا) بأن تشكُّل هذه الجذور الحرة في أثناء الأيض (الاستقلاب) الطبيعي يمزق الخلايا تدريجيا ويسقط الفوضى فيها. ولكن في عقد الثمانينات بدأ الفهماء يدركون حتى المتقدرات من الممكن كانت هي الأهداف التي تتلقى أكبر الضربات.

إن فرضية الجذور الحرة للمتقدرات في مسألة الشيخوخة مستمدة جزئيا من فهم كيفية إنتاج المتقدرات لـ ATP (الأتب، أوثالث فسفات الأدينوزين) ـ وهوالجزيء الذي يزود معظم العمليات الخلوية بالطاقة، ومثال ذلك ضخ الأيونات عبر أغشية الخلايا، وتقليص ألياف العضلات، وإنشاء البروتينات. ويتم اصطناع ATP عبر متوالية معقدة جدا من التفاعلات، ولكنها تقتضي بالضرورة نشاطا تقوم به سلسلة من المعقدات الجزيئية molecular complexes منطمرة في غشاء المتقدرات الداخلي. وبمساعدة الأكسجين، تستخلص هذه المعقدات الطاقة من الغُذَيّات وتستخدمها في تصنيع ATP.

ولسوء الحظ، إذا آلية المتقدرات في سحب الطاقة من الغذيات تؤدي أيضا إلى إنتاج جذور حرة كمُنْتَج ثانوي by-product. وفي الحقيقة، يُعْتقد حتى المتقدرات هي المسؤولة عن تكوين أكثر الجذور الحرة في الخلايا. وأحد هذه المنتجات الثانوية هوجذر أكسيد فائق (superoxide radical (O2-. (وتمثل النقطة الموجودة في الصيغة الإلكترونَ غير المزدوج). وهذا الجذر المنحرف عن جماعته مدمِّر بحكم صفاته الخاصة، ولكن بوسعه حتى ينقلب إلى بيروكسيد الهدروجين (H2O2)، الذي لا يُعدّ جذرا حرا من الوجهة التقنية، غير أنه يستطيع حتى يشكل بسهولة وبسرعة جذر الهِدْروكسيل الحر ) ( -.OH )الشديد العدوانية.

وما إذا تتشكل الجذور الحرة حتى تصبح قادرة على إلحاق الأذى بالبروتينات والليپيدات (الشحوم) والدنا DNA في أي موضع في الخلية. بيد أنه من المعتقد حتى مكونات المتقدرات ـ بما فيها آلية هجريب ATP ودنا المتقدرات الذي يسهم في بعض تلك الآلية ـ هي الأسرع تأثرا بالضرر. ومن المفترض حتى تعرَّضها للخطر يعود جزئيا إلى سكناها في ـ أوقرب ـ مسقط «المركز التحتاني»(4) لتولد الجذور الحرة. لهذا فهي تظل على الدوام عرضة لقذائف العوامل agents المؤكسدة. وفضلا عن ذلك، إذا دنا المتقدرات يفتقر إلى التِّرْس البروتيني الذي يساعد على حماية دنا النواة من أذى العوامل المخربة. ومما يتوافق مع وجهة النظر هذه هوحتى دنا المتقدرات يعاني الضرر المؤكسد على نحويفوق كثيرا ما يعانيه الدنا النووي المستمد من النسيج ذاته.

ويرى أنصار فرضية الجذور الحرة للمتقدرات في إحداث الشيخوخة، حتى الضرر الذي يصيب المتقدرات عن طريق الجذور الحرة يتدخل في نهاية المطاف في فعالية إنتاج ATP ويزيد من إنتاج الجذور الحرة. وهذه الزيادة في الجذور الحرة تقوم بدورها بتسريع الإصابة المؤكسِدة لمكونات المتقدرات، والتي تثبط إنتاج ATP إلى درجة أكبر. وفي الوقت نفسه، تهاجم الجذور الحرة المكونات الخلوية خارج المتقدرات مؤدية بذلك إلى إضعاف أداء الخلية لوظيفتها. وما إذا تصبح الخلايا أقل كفاءة حتى تتبعها في ذلك النُّسُج والأعضاء المؤلفة منها، ويغدوالجسم ذاته أقل قدرة على دحر التحديات التي تقابله للحفاظ على استقراره. ويحاول البدن جاهدا إبطال التأثيرات المؤذية للعوامل المؤكسدة. وتملك الخلايا إنزيمات مضادة للمؤكسدات تزيل سمية الجذور الحرة، كما أنها تصنع إنزيمات أخرى تُصلح ما يفسده الضرر التأكسدي. ولكن ليس أي من هذه النُّظُم فعالا 100%، لذا يحتمل حتى تتراكم إصابة كهذه مع مرور الزمن.

الدعم التجريبي

إن الاقتراح القائل بأن الشيخوخة تنشأ إلى حد بعيد عن الضرر الذي تحدثه الجذور الحرة وتلحقه بالمتقدرات وبالمكونات الخلوية الأخرى لقي في الآونة الأخيرة دعما مستمدا من نتائج عديدة. ففي أحد الأمثلة اللافتة للنظر قام S .R. سوهال وC .W.أور وزملاؤهما بجامعة Southern Methodist في دالاس باستقصاء قوارض وكائنات حية أخرى، بما فيها ذباب الفاكهة وذباب المنازل والخنازير والأبقار. وقد لاحظوا لديها مع التقدم في العمر زيادات في توليد المتقدرات للجذور الحرة، وفي التغيرات المؤكسدة لغشاء المتقدرات الداخلي (حيث يتم اصطناع ATP) ولبروتينات المتقدرات ودناها DNA. كما لاحظوا أيضا حتى ازدياد معدلات إنتاج الجذور الحرة مترابط بقصر مدى العمر المتوسط وبقصر المدى الأقصى له في أنواع عديدة.

وينتج من ذلك أيضا حتى خلق ATP يتناقص مع التقدم في العمر في الدماغ والقلب والعضلات الهيكلية؛ وهوالأمر الذي يمكن تسقط حدوثه إذا كانت بروتينات المتقدرات ودناها في تلك النُّسُج قد بلغ التلف منها بسبب الجذور الحرة حدًّا لا يمكن إصلاحه. وتقع أيضا تناقصات مماثلة في النسج البشرية من الممكن ساعدت على فهم سبب شيوع الأمراض التنكسية degenerative diseases في الجهاز العصبي وفي القلب في أواخر الحياة والسبب الذي يجعل العضلات تفقد بعضا من كتلتها وتضعف.

ومن فريق سوهال يأتي أقوى الدعم المؤيد للفرضية القائلة إذا تقييد الثمنات الحرارية يؤخر الشيخوخة عن طريق إبطاء ضرر المتقدرات التأكسدي. وحينما نظر الباحثون إلى المتقدرات التي جُمعت من دماغ الفئران ومن قلبها وكليتيها، اكتشفوا حتى مستويات جذر الأكسيد الفائق وبيروكسيد الهدروجين كانت أقل بشكل ملحوظ عند الحيوانات التي خضعت لتقييد طويل الأمد في الثمنات، مما هي في الحيوانات الضابطة التي تم إطعامها على نحواعتيادي. إضافة إلى ذلك، لوحظ حتى الزيادة الواضحة في إنتاج الجذور الحرة مع تقدم العمر، وهي التي ظهرت في المجموعات الضابطة، قد ضعفت في مجموعة التجربة بسبب تقييد الثمنات المقدَّمة لها. وهذه الزيادة التي ضعفت كانت، فضلا عن ذلك، مترافقة بنقصان في مقدار الأذى التأكسدي الذي أصاب بروتينات المتقدرات ودناها. وتشير دراسة أخرى إلى حتى تقييد الثمنات يساعد على منع حدوث التغيرات المرتبطة مع تقدم العمر بنشاطات بعض الإنزيمات المضادة للتأكسد (المؤكسدات) ـ مع حتى الكثير من الباحثين، وأنا منهم، يرتابون في قدرة الالتزام بنظام غذائي صارم على تخفيف الضرر المؤكسِد عن طريق إبطاء إنتاج الجذور الحرة كعامل أساسي.

تُرى ما الآلية التي قد يفلح تقييد الثمنات من خلالها في الإقلال من توليد الجذور الحرة،يا ترى؟ لا أحد يعهد حتى الآن. وتدّعي إحدى الفرضيات حتى بوسع نقصان المدخول من الثمنات حتى يُنقص إلى حد ما من استهلاك الأكسجين من جانب المتقدرات ـ وذلك إما في أنماط الخلايا كلها أوفي أنماط منتقاة منها. وبدلا من ذلك، يمكن القول إذا النُّظُم الغذائية ذات الثمنات المنخفضة يمكنها حتى تزيد من فاعلية المتقدرات في استخدام الأكسجين، وبذا يقل عدد الجذور الحرة التي يتم صنعها لكل وحدة من الأكسجين المستهلَك. ومن المفترض حتى الاستهلاك الأقل من الأكسجين أواستهلاكه بشكل أكثر كفاءة سيؤدي إلى تشكل جذورٍ حرة أقل. كما تشير النتائج الحديثة إلى حتى تحديد الثمنات يستطيع حتى يقلل إلى الحد الأدنى من توليد الجذور الحرة في المتقدرات عن طريق إقلال مستويات هرمون الدرقية الجائل والمعروف باسم ثالث يود التيرونين triidothyronine أوما يرمز له اختصارا T3، بوساطة آليات مجهولة.


ما تطبيقات ذلك على الإنسان؟

وبانتظار الوقت الذي تحقق فيه البحوث في مجال الرئيسات خطوات تقدم أكثر، فإن قلة من الفهماء سيكونون على استعداد للنصح بأن تباشر أعداد ضخمة من الناس اتّباع نظام غذائي صارم تُقَيَّد فيه الثمنات. ولكن هذا لا يمنع من القول إذا النتائج المتراكمة تقدم حقا بعض الدروس الواقعية لأولئك الذين يعجبون ويتساءلون عن كيفية تطبيق مثل هذه البرامج في البشر.

إن أحد المعاني الضمنية هوحتى التقليص الشديد للمدخول الغذائي قد يحدث ضارا بالأطفال، ذلك إذا أُخذت بالحسبان إعاقته لنموالقوارض الصغيرة. ومادام الأطفال أيضا لا يستطيعون تحمل الجوع الشديد كما يتحمله الكبار، فمن المفترض إذًا أنهم أكثر قابلية للإصابة بأي من التأثيرات السلبية التي لم يُدرَك كنهها بعد والتي قد تحدث نتيجة لتناول غذاء قليل الثمنات (ولوحتى تقييد الثمنات ليس مكافئا للمجاعة). إذا البدء بتقييد الثمنات حول سن العشرين كفيل بأن يبعد مثل هذه العوائق وربما تمكن من تحقيق أعظم إطالة للحياة.

ومن الواجب أيضا دراسة السرعة التي يتم تقليل الثمنات بحسبها. لقد كان الباحثون الأوائل عاجزين عن إطالة مدة بقاء الجرذان حية عندما باشروا ضبط قوتها وهي في سن البلوغ. ويتراءى لي حتى سبب الإخفاق كان في إخضاع الحيوانات للنظام الغذائي على نحوفجائي جدا، أوفي إعطائها ثمنات قليلة جدا، أوفي الأمرين معا. وحينما أجريت مع زملائي دراسة على فئران تبلغ سنة واحدة من العمر وجدنا حتى إنقاص الثمنات بشكل تدريجي وحتى نحو65% من المقدار الاعتيادي أدى في الحقيقة إلى إطالة مدة البقاء حية (البُقْيا).

كيف يمكن تحديد مدخول الثمنات الملائم للإنسان،يا ترى؟ إذا من الصعوبة بمكان الاعتماد على الاستنباط من القوارض، إلا حتى بعض النتائج تتضمن حتى الكثير من الناس يمكنهم تحقيق أفضل النتائج عن طريق استهلاكهم كمية تجعل أوزانهم أقل بنسبة 10-%20 من نقطة استقرار set point وزنهم الشخصية. إذا نقطة استقرار الوزن هي أساسا الوزن الذي جرت «برمجة» الجسم على الحفاظ عليه، إذا لم يأكل الفرد تجاوبا مع ما تريده تلميحات خارجية، كالإعلانات التلفزيونية مثلا. والمشكلة في هذا النهج هي حتى تقرير نقطة الاستقرار الخاصة بفرد ما أمر مخادع. فعوضا عن السعي إلى تعرّف نقطة الاستقرار الخاصة يستطيع الملتزمون بالقوت المحدد (بمساعدة من مستشاريهم الصحيين) الاشتغال بنوع من التجربة والخطأ كي يتوصلوا إلى مستوى الثمنات الذي ينقص گلوكوز الدم أومستوى الكوليسترول أوبعض القيم الصحية الأخرى تبعا لمقادير مسبقة التحديد.

وتدل الأبحاث التي أجريت على الحيوانات أيضا على حتى النظام المعقول ذا الثمنات المقيدة والملائم للإنسان قد يقتضي مدخولا يوميا يعادل نحوغرام واحد (0.04 أونس) من البروتين وما لا يزيد على نصف غرام من الدهن (الدسم) لكل كيلوغرام (2.2 پاوند) من وزن الجسم الحالي. ويضم النظام الغذائي أيضا تناول ما يكفي من الكربوهدرات المعقدة (السلاسل الطويلة من السكاكر الموجودة بغزارة في الفواكه والخضر) من أجل الوصول إلى المستوى المرغوب في الثمنات. ولكي يحصل الإنسان على الحصص اليومية الموصى بها من الغُذَيّات الضرورية كلها، عليه حتى يختار أطعمته بعناية فائقة وربما كان عليه حتى يتناول فيتامينات ومكملات أخرى.

إن من واجب جميع من اعتزم اتباع نظام غذائي مقيد الثمنات حتى يفكر أيضا في المساوئ الكامنة وراء معاناة ألم وغصة الجوع، وأن عليه بكل تأكيد اتباع البرنامج تحت إشراف الطبيب. إذا هبوط الوزن الذي لا مناص من حدوثه على نحوٍ يعتمد على شدة تحديد الغذاء قد يعوق الخصوبة في الإناث. وكذلك، إذا ترافقت الحالة المديدة من اللاإباضة بنقصان في إنتاج الإستروجين فقد تزيد من خطورة حدوث تخلخل العظام osteoporosis ونقصان الكتلة العضلية مع التقدم في العمر. ويمكن القول أيضا إذا تقييد الثمنات قد يعرض للخطر قدرة الإنسان على مقاومة الكرب (الضائقة الصحية) stress كالإصابة أوالخمج أوالتعرض لدرجات الحرارة الشديدة. ومن الغريب حقا حتى مقاومة الكرب لم تُدرس إلا قليلا في القوارض التي أُلزمت نظاما غذائيا ذا ثمنات قليلة، ولهذا لم تقدم دراسة القوارض إلا معلومات ضئيلة حول هذه المسألة.

وقد يستغرق الأمر مرورعشرة أو20 سنة أخرى قبل حتى يكوّن الفهماء فكرة ثابتة عما إذا كان بوسع تقييد الثمنات حتى يعود بالنفع على البشر، كما هوواضح في الجرذان والفئران والكثير من المخلوقات الأخرى. وفي غضون ذلك، على الباحثين الذين يقومون بدراسة هذه المداخلة التأكد من أنه لا بد لهم حتى يتفهموا الكثير عن طبيعة الشيخوخة وأن يكوّنوا ويكتسبوا أفكارًا ومعلومات حول كيفية إبطائها ـ سواء أكان ذلك عن طريق تحديد الثمنات الحرارية، أم بوساطة العقاقير التي تنتج تأثيراتِ اتباع نظامٍ غذائي أم من خلال سبلٍ تنتظر الاكتشاف.


المؤلف

  • Richard Weindruch

حصل على الدكتوراه في المَرَضيات التجريبية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. وهوأستاذ مشارك في الطب بجامعة وسكنسن-ماديسون، ومدير مشارك في معهد الشيخوخة التابع للجامعة؛ كما أنه باحث في إدارة المتمرسين في بحوث الشيخوخة بالمركز التربوي والسريري في ماديسون. ولقد كرس جهوده لدراسة موضوع تقييد الثمنات (الكالوريات) وتأثيراته في الجسم. وهويمارس في حياته الشخصية تقييدا معتدلا في الثمنات، ولكنه لم يحاول إلزام أسرته أوقِطّتيْه اتباع هذا النظام الغذائي.

انظر أيضاً

  • CR Society International
  • صوم
  • Resveratrol
  • Starvation
  • Very Low Calorie Diet
  • Okinawa diet
  • Mitohormesis
  • Life extension
  • Lloyd Demetrius
  • CRON-diet
  • Luigi Cornaro
  • hara hachi bu

Notes

== المراجع ==*Gavrilova NS, Gavrilov LA (August 2011). "Comments on Dietary Restriction, Okinawa Diet and Longevity". Gerontology. 58 (3): 221. doi:10.1159/000329894. PMID 21893946.

  • Koubova, J.; Guarente, L (2003). "How does calorie restriction work?". Genes & Development. 17 (3): 313–21. doi:10.1101/gad.1052903. PMID 12569120.
  • The Retardation of Aging and Disease by Dietary Restriction Richard Weindruch, Roy L. Walford (1988). ISBN 0-398-05496-7
  • Ageless Quest. Lenny Guarente, Cold Spring Harbor Press, NY. 2003. ISBN 0-87969-652-4.
  • Weindruch, R; Walford, RL; Fligiel, S; Guthrie, D (1986). "The retardation of aging in mice by dietary restriction: longevity, cancer, immunity and lifetime energy intake". The Journal of nutrition. 116 (4): 641–54. PMID 3958810.
  • Caloric Restriction and Aging Richard Weindruch in Scientific American, Vol. 274, No. 1, pages 46–52; January 1996.
  • 2-Deoxy-D-Glucose Feeding in Rats Mimics Physiological Effects of Caloric Restriction. Mark A. Lane, George S. Roth and Donald K. Ingram in Journal of Anti-Aging Medicine, Vol. 1, No. 4, pages 327—337; Winter 1998.
  • Roth, G. S.; Lane, MA; Ingram, DK; Mattison, JA; Elahi, D; Tobin, JD; Muller, D; Metter, EJ (2002). "Biomarkers of Caloric Restriction May Predict Longevity in Humans". Science. 297 (5582): 811. doi:10.1126/science.1071851. PMID 12161648.
  • Eat more, weigh less, live longer, New Scientist, January 2003. http://www.newscientist.com/article.ns?id=dn3303
  • Bluher, M.; Kahn, BB; Kahn, CR (2003). "Extended Longevity in Mice Lacking the Insulin Receptor in Adipose Tissue". Science. 299 (5606): 572–4. Bibcode:2003Sci...299..572B. doi:10.1126/science.1078223. PMID 12543978.
  • Interview, "I want to live forever", Cynthia Kenyon, Professor of Biochemistry and Biophysics at the University of California, San Francisco, by James Kingsland. New Scientist online, 20 October 2003. http://www.newscientist.com/channel/opinion/mg18024175.300
  • Kaeberlein, Matt; Kirkland, Kathryn T.; Fields, Stanley; Kennedy, Brian K. (2004). "Sir2-Independent Life Span Extension by Calorie Restriction in Yeast". PLoS Biology. 2 (9): e296. doi:10.1371/journal.pbio.0020296. PMC 514491. PMID 15328540.
  • Kaeberlein, M.; McDonagh, T; Heltweg, B; Hixon, J; Westman, EA; Caldwell, SD; Napper, A; Curtis, R; et al. (2005). "Substrate-specific Activation of Sirtuins by Resveratrol". Journal of Biological Chemistry. 280 (17): 17038–45. doi:10.1074/jbc.M500655200. PMID 15684413.
  • Interview, Longevity and Genetics, Matt Kaeberlein, Brian Kennedy. SAGE Crossroads
  • Kaeberlein, Matt; Hu, Di; Kerr, Emily O.; Tsuchiya, Mitsuhiro; Westman, Eric A.; Dang, Nick; Fields, Stanley; Kennedy, Brian K. (2005). "Increased Life Span due to Calorie Restriction in Respiratory-Deficient Yeast". PLoS Genetics. 1 (5): e69. doi:10.1371/journal.pgen.0010069. PMC 1287956. PMID 16311627.
  • Kaeberlein, M.; Powers Rw, 3rd; Steffen, KK; Westman, EA; Hu, D; Dang, N; Kerr, EO; Kirkland, KT; et al. (2005). "Regulation of Yeast Replicative Life Span by TOR and Sch9 in Response to Nutrients". Science. 310 (5751): 1193–6. Bibcode:2005Sci...310.1193K. doi:10.1126/science.1115535. PMID 16293764.
  • Panowski, Siler H.; Wolff, Suzanne; Aguilaniu, Hugo; Durieux, Jenni; Dillin, Andrew (2007). "PHA-4/Foxa mediates diet-restriction-induced longevity of C. elegans". Nature. 447 (7144): 550–5. Bibcode:2007Natur.447..550P. doi:10.1038/nature05837. PMID 17476212.
  • Fasting fosters longevity in rats. Science News, Vol. 116, No. 22: 375, 1 December 1979.

وصلات خارجية

  • Calorie Restriction and Longevity - Gerontology, 2011
  • المصدر :مجلة العلوم الأميريكية أبريل 1996 / المجلد 12
تاريخ النشر: 2020-06-06 11:09:42
التصنيفات: أنظمة غذائية, سلوكيات الأكل, طب الشيخوخة, Life extension, مقالات مجلة العلوم الأميريكية, شيخوخة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تعرف على أحوال الطقس.. وموعد انتهاء الموجة الحارة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:17
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

السجن 6 سنوات لشخصين يتاجرا في المخدرات بقنا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:37
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

المشدد 3 سنوات لمتهم بحيازة نصف كيلو هيروين بمدينة نصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

«الكونتينر» داخل مصنع «عرفة» لتصميم البدل «فيديو جراف»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

رسميًا.. السد القطري يعلن تعاقده مع المغربي أيوب الكعبي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:24
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

كلوب يتحدث عن مستقبله مع ليفربول بعد نهاية الموسم الحالي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:25
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

ليفربول ببحث عن المركز السادس أمام وولفرهامبتون اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:26
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 59%

البورصة تحقق مكاسب 8 مليارات جنيه بختام أول تعاملات مارس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:14
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

رابط تحميل كتاب الجغرافيا للصف الأول الثانوي الترم الثاني 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:22
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

موعد عودة التوقيت الصيفي وتاريخه في مصر منذ الحرب العالمية الثانية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:19
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

موعد إجازة عيد الفطر 2023 للعاملين في القطاع الحكومي والخاص

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:21
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

رابط تحميل كتاب الأحياء للصف الأول الثانوي الترم الثاني 2023 pdf مجانًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:21
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

قائمة ريال مدريد.. مشاركة رودريجو وغياب ميندي وألابا أمام برشلونة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:25
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

رامي جمال يحيي حفلًا غنائيًا بالإسكندرية.. 11 مارس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:46
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 53%

تأجيل إعادة محاكمة 11 متهما في «فض اعتصام رابعة» لـ13 مايو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:39
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

حلمي عبدالباقي ضيف شيرين سليمان في «سبوت لايت»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:45
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

جعفر العمدة.. محمد رمضان يسابق الزمن للانتهاء من مسلسله الرمضاني

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:44
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

«علاج الإدمان»: ورش تدريب طلاب التمريض للتعريف بخدمات الخط الساخن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-01 15:21:20
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية