فرانسوا الأول

عودة للموسوعة

فرانسوا الأول

فرانسيس الأول
ملك فرنسا
الحكم 1 يناير 1515 – 31 مارس 1547
(&&&&&&&&&&&&&032.&&&&&032 سنة, &&&&&&&&&&&&&089.&&&&&089 يوم)
فرنسا 25 يناير 1515
سبقه لويس الثاني
تبعه هنري الثاني
Consort كلود، دوقة بريتاني
إلينور من النمسا
الأنجال
among others...
Francis III, Duke of Brittany
هنري الثاني من فرنسا
Madeleine, Queen of Scots
Charles, Duke of Orléans
Margaret, Duchess of Savoy
البيت الملكي أسرة ڤالوا
الأب Charles, Count of Angoulême
الأم Louise of Savoy
وُلِد 12 سبتمبر 1494
Château de Cognac, France
توفي 31 مارس 1547
Château de Rambouillet, France
الدفن Saint Denis Basilica، فرنسا
الديانة كاثوليكية رومانية
التوقيع

فرنسيس الأول (بالفرنسية: François Ier) (12 سبتمبر 1494 – 31 مارس 1547)، هوملك فرنسا من 1515 حتى وفاته.


السنوات الأولى

ولد تحت شجرة في كوفياك في اليوم الثاني عشر من سبتمبر عام 1494، وجده هوشارل أورليان الشاعر، وربما كان الغناء وحب الجمال في دمه، وأبوه شارل أوير فالوا وأورليان، كونت أنجوليم، الذي توفي بعد حتى اقترف الكثير من الآثام، وكان فرانسيس لم يتجاوز بعد العام الثالث من عمره، وأمه لويز أميرة سافوي، وهي امرأة على جمال واقتدار وطموح، تتعشق الثراء والسلطة. وقد ترملت في السابعة عشرة من عمرها، وأبت الزواج من هنري السابع ملك إنجلترا، ووقفت جهدها - إذا استثنينا بعض العلاقات المحرمة - على إعداد ابنها ليكون ملكاً على فرنسا، ولم تشعر بالأسى عندما وضعن آن أميرة بريتاني، زوجة لويس الثاني عشر، ولداً ميتاً، وهجرت لفرانسيس ولاية العهد. وعين لويس، وقلبه مفعم بالحزن، فرانسيس دوقاً لفالوا، ورتب له المربين لتلقينه فن تدبير الملك، وأسبغت عليه لويز، وكذلك أخته مرجريت، من عاطفة الأمومة ما وصل إلى درجة الوله، وأعداه ليكون ملكاً على قلوب النساء. وكانت لويز تناديه "مليكي" مولاي، قيصري، وغذته بقصص الفروسية وتباهت بمغامراته الغرامية، وكان يغمى عليها عندما ترى الضربات تكال له في المبارزات التي شغف بها. وكان شاباً وسيماً مرحاً أنيساً شجاعاً، يقابل الأخطار بصدر رجب وكأنه رولان أوأماديس، وعندما أفلت خنزير بري من قفصه، وانطلق يعيث فساداً في فناء قصر فرانسيس، قابل الأمير الوحش، وذبحه في بطوله رائعة، في الوقت الذي فر فيه الآخرون لا يلوون على شيء.

وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره (1506) خطبوا له كلود أميرة فرنسا، ابنة لويس الثاني عشر، البالغة من العمر سبع سنوات. وكانت موعودة بأن تكون خطيبة للصبي الذي قدر له حتى يصبح الإمبراطور شارل الخامس، إلا حتى الخطبة فسخت لكي تتجنب فرنسا الوقوع في براثن أسبانيا، وكان هذا موضوعاً واحداً من مئات موضوعات الاستفزاز التي حفزت إلى الصراع بين بيتي هابسبورج وفالوا من الفتوة إلى الموت. وعندما بلغ فرانسيس الرابعة عشرة من عمره، أمر بأن يهجر والدته وأن ينضم إلى لويس في شينون، وتزوج كلود عندما بلغ العشرين، وكانت فتات بدينة بليدة عراتى، ولوداً صالحة، وأنجبت منه أطفالاً في أعوام 1515، 1516، 1518، 1520، 1522، 1523 وماتت عام 1524.

وفي غضون ذلك أصبح ملكاً (أول يناير عام 1515)، وغمرت السعادة قلوب الجميع، وعلى رأسهم أمه التي أنعم عليها بدوقيتي أنجوليم وأنجو، وكونتيتي ماين وبوفور، وبارونية أمبواز. بيد أنه لم يكن أقل كرماً مع الآخرين - النبلاء والفنانين والشعراء والوصفاء العشيقات. وكان صوته المرح ودماثته وهدوء طبعه وحيويته المتدفقة وجاذبيته، وجمعه بين سمات الفروسية ومزايا عصر النهضة جميع ذلك جعله أثيراً لدى أبنا جلدته، بل وحاشيته. واغتبطت فرنسا وعلقت عليه آمالاً عريضة. كما وقع في إنجلترا إبان تلك السنوات التي حكم فيها هنري الثامن، وفي الإمبراطوريّة إبان عهد شارل الخامس، وبدا العالم فتياً من حديث منتعشا بشباب الملك، وصمم فرانسيس، وكان في تصميمه أقوى من ليوالعاشر، على حتى ينعم بعرشه.

ترى ماذا كان في الواقع ذلك الرجل الذي يجمع بين صفات آرثر ولانسلوت،يا ترى؟ إنه كان رائع التكوين من الناحية البدنية، لولم يكن أنفه كبيراً على ذلك النحو. وقد أطلق عليه بعض معاصريه الذين يفتقرون إلى الاحترام لقب "الملك الأنف الكبير". وكان فارع القامة، طوله ست أقدام، عريض المنكبين، خفيف الحركة قوي البنية. وكان في وسعه حتى يجري ويقفز، ويصارع ويبارز أمهر الخصوم، وكان يستطيع حتى يستعمل سيفاً بمقبضين أورمحاً ثقيلاً. وكانت لحيته الخفيفة وشاربه الرفيع لا يخفيان شبابه، فقد كان في الحادية والعشرين عندما توج ملكاً. وكانت عيناه الضيقتان تنمان على التيقظ وخفة الروح، وإن كانتا لا تدلان على الدهاء أوالعمق. وإذا كان أنفه يشير على الفحولة، فإنه كان يطابق شهرته. وقد خط برانتوم، الذي لا يعد كتابه "نسوة عاشقات" مصنفاً تاريخياً، في ذلك الوقت يقول: "لقد عشق الملك فرانسس الكثيرات، وأحب الكثيرات إلى حد الافراط، ولما كان شاباً فتياً حراً فقد كان يحتضن الواحدة حيناً، والأخرى أحياناً بلا اكتراث... ومن أجل ذلك أصيب بسقم الجدري الذي عجل بنهايته"(1). ويروى حتى أم الملك نطقت إنه لقي جزاءه حيث اقترف خطيئته . وربما بالغ التاريخ في تنوع غرامياته. ومهما كان عددها، فإنه ظل وفياً مخلصاً في الظاهر أولاً لفرانسواز دي فوا، كونتيسة دي شاتوبريان، ثم لآن دي بسليوالتي أنعم عليها بلقب دوقة ديتامت، وذلك من عام 1526 إلى حتى قضى نحبه. ونشرت عنه الشائعات الباطلة مئات من الحكايات التي تدور حول مغامراته الغرامية - وأنه حاصر ميلان لا حباً في ميلان، ولكن من أجل سواد عيني فتاة لا تنسى، رآها هناك(3)، أولأن امرأة لعوباً في بافيا أغرته وقادته إلى محور مأساته(4). ولا يسعنا على أية حال إلا حتى يخالجنا شيء من العطف على ملك مرهف الحس إلى هذا الحد. لقد كان قادراً على الحنان والوله إلى درجة الخيال: وعندما رأى حتى يطلق ابنه من كاترين دي مديتشي بعد حتى ثبت أنها عاقر أثنته دموعها عن عزمه(5). وفي هذا نطق أرازموس "لا يمكن حتى يتخيل امرؤ وجود إنسان أقل عاطفة من فرانسيس(6)) وإذا كان قد نطق ذلك بسبب العطف لبعد المسافة، فإن بودس عالم الإنسانيات المتخصص في شئون فرانسيس وصفه بأنه "مهذب رقيق من السهل الحصول على رضاة(7)".

وكان معجباً بنفسه لدرجة لا تنتظر من رجل، وكان ينافس هنري الثامن في فخامة ثيابه الملكية وفي إهمال فراء قلنسوته. واتخذ السمندل رمزاً له، مما يشير على الإصرار على البعث من جميع احتراق، بيد حتى الحياة لسعته مع ذلك بشواظها. وكان يحب حتى يقابل بمظاهر التبجيل والامتياز والتملق، ويضيق ذرعاً بالنقد، وأمر بجلب ممثل لأنه هجا الحاشية، وقد قابل لويس الثاني عشر لذعات نفس الملاحظات الساخرة فاكتفى بالابتسام(8)، وكان جاحداً للجميل، كما وقع مع آن دي مونمورنسي، وظالماً كما كان مع شارل البوربوني، وقاسياً كما كان مع سمبلانساي، ولكنه كان على الجملة معروفاً بالصفح والكرم. وكان الإيطاليون يتعجبون من سخائه(9). ولم يظهر في التاريخ حاكم يفوقه في الرفق بالفنانين، وكان يعشق الجمال عشقاً يتسم بالقوة والفطنة، وكان على استعداد لأن ينفق على الفن كما ينفق على الحرب، وقدم نصف ما أنفق من مال في عصر النهضة الفرنسية.

ولم تكن قدرته الذهنية تضارع جاذبية شخصيته، وكان يعهد القليل من اللاتينية، ولا يعهد شيئاً من اليونانية، بيد أنه أدهش الكثيرين بتنوع معارفه ودقتها عن الزراعة والصيد والجغرافية والعلوم الحربية والأدب والفن، وكانت الفلسفة تلذ له عندما لا تتعارض مع الحب أوالحرب. وكان شديد التهور والاندفاع إلى درجة لا يصلح معها قائداً عظيماً، خفيف الروح يعشق المتعة إلى حد لا يصلح معه لأنقد يكون سياسياً كبيراً، وكانت تسحره المظاهر فلا ينفذ إلى جوهر الأمور. ويتأثر في لطف بالخلان والحظايا فلا يستطيع حتى يختار أصلح مَن لديه من القادة والوزراء، وكان شديد الصراحة لا يخفي أمراً إلى حد لا يصلح معه لأنقد يكون دبلوماسياً قديراً. وحزنت أخته مرجريت بسبب عجزه عن الحكم، وتنبأت بأن الإمبراطور الداهية العنيد يفترض أن يزيحه عن فرسه في مقارعتهما التي دامت مدى الحياة، أما لويس الثاني عشر الذي كان يعجب به "بوصفه شاباً شهماً رقيقاً". فقد رأى في توجس إفراط خلفه في الملذات، ونطق: "لا فائدة من جميع ما نعمل، إذا هذا الولد العظيم يفترض أن يفسد جميع شيء"(10).


في لقاءة شارل الخامس

منذ هذه الفترة ركز "فرنسوا" جميع جهوده لمحاربة طموحات شارل الخامس وأسرة هبسبورگ، اندلعت أولى اللقاءات بيت الطرفين، وفقد "فرانسوا الأول" قائد جيشه الذي فضل حتى ينتقل إلى المعسكر الآخر، فتوالت الهزائم، وكانت أشدها في "بافي" (إيطاليا) عام 1525 م، والتي سقط الملك نفسه على أثرها أسيرا في أيد أعدائه، فأوفد مقيدا إلى العاصمة الإمبراطورية (مدريد)، وأجبر على التوقيع على معاهدة (1526 م) يقوم فيها بتسليم تام منطقة ميلانوومقاطعة بورگونيا إلى الأسبان. أطلق سراحه، فأعرب أنه في حِل من العهود السابقة، قام بالتحالف مع البابا "كليمينت السابع" (1523-1534 م) والذي ولج في نزاع هوالآخر مع الإمبراطور شارل لخامس، اشتعلت اللقاءات من حديث بين فرنسا والهبسبورگ على إثر هذا التحالف، إلا حتى أطراف داخلية تدخلت وتم التوقيع على معاهدة كامبريي (Cambrai) عام 1529 م والتي تخلت فرنسا بموجبها عن مطالبتها بشمال إيطاليا في لقاء اعتراف إسبانيا بسيادتها على منطقة بورغونيا.

انتهاء الحروب الإيطالية

أصبح الجوهادئا بين الخصمين أثناء هذه الفترة، فقام الملك فرنسوا الأول -كانت زوجته الأولى قد توفيت- بالزواج من أخت الإمبراطور: "إليانور من هبسبورگ" (1529 م). إلا حتى زقابل الجديد لم يشغله عن التفكير في عقد تحالفات جديدة: مع الأمراء البروتستانت داخل الإمبراطورية الجرمانية، والذين خرجوا عن طاعة شارل الخامس، ثم مع الأتراك العثمانيين، والذين كانوا يخوضون صراعا عنيفا مع إسبانيا للسيطرة على البحر المتوسط. تواصلت الحرب من جديد، وحاولت الجيوش الإمبراطورية حتى تستولى على "إقليم بروفانس"، إلا أنها هزمت على يد القوات الفرنسية (1544 م). انتهت هذه الفترة بتوقيع معاهدة كريبي (1544 م) والتزم فيها فرنسوا الأول، بإعادة مقاطعتي "سافوا" (بين إيطاليا وفرنسا) و"بييمونتي" (حاضرتها مدينة "تورنو")، كما تخلى عن مطالبته بأراضي: "فلاندر" (في بلجيكا وهولندا)، أرتوا (في فرنسا) ومملكة نابولي. أما الإمبراطور شارل خامس فقد تخلي بدوره عن "مقاطعة بورغونيا" لصالح الملك الفرنسي. كانت هذه المعاهدة آخر الأحداث في مسلسل الحروب الإيطالية، والتي اندلعت بسبب محاولة جميع طرف (فرنسا والهبسبورگ) السيطرة على شمال إيطاليا نظرا لغناها المادي والثقافي.

راعي الفنون والآداب

فرانسوا الأول يلتقط آخر أنفاس ليوناردودا ڤنشي في 1519، بريشة آنگر، مرسومة في 1818.

قام "فرنسوا الأول" عام 1539 م باستبدال الفرنسية باللاتينية في دواوين الدولة، قرارات المحاكم وسجلات الحالات المدنية. شجع حركة الآداب والفنون، وساهم في الدفع بحركة النهضة في فرنسا، جلب إلى بلاطه الكثير من الرسامين، (وبالأخص من إيطاليا، وعلى رٍأسهم ليونادودافينشي). من أعماله الأخرى تأسيس الـ"كوليج دوفرانس" ( Collège de France)، والمطبعة الوطنية. أبدى الملك تسامحا تجاه الحركات الپروتستانتية في بداية الأمر، وكان يهدف من وراء ذالك التقرب من الأمراء الجرمانيين، إلا حتى حادثة الملصقات (1534 م)، جعلته يغير رأيه ، فأطلق يد البرلمان في استصدار قوانين تعسفية ضد أتباع هذا الممضى.

الملكية الفرنسية-
الأسرة الكاپتية، آل ڤالوا
(فرع ڤالوا-أنگولم)

فرانسوا الأول
الأنجال
   فرانسوا، دوفان ڤيينوا
   هنري الثاني
   ماگدالين، ملكة الاسكوت
   شارل من ڤالوا
   مارگرِت، دوقة ساڤوا
هنري الثاني
الأنجال
   فرانسوا الثاني
   إلزابث، ملكة إسپانيا
   كلود، دوقة لورين
   لوي، دوق اورليان
   شارل التاسع
   هنري الثالث
   مارگريت، ملكة ناڤاره
   فرانسو، دوق أنجو
   جوان من ڤالوا
   ڤيكتوريا من ڤالوا
فرانسوا الثاني
شارل التاسع
هنري الثالث


البناء

فرانسوا الأول، بريشة يوس ڤان كلڤه، حوالي 1530.
فرانسوا الأول، مرسوماً في 1515.


العمل العسكري

عملة لفرانسوالأول. خزانة الأوسمة Cabinet des Médailles.
وسام فرانسوا الأول بعد معركة مارينيانوفي 1515.
Grand culverin لفرانسوا الأول بشعار سلمندر وكتابة باللغة العربية، استولى عليها العثمانيون في حصار رودس (1522). متحف الجيش (فرنسا).


العلاقات مع العالم الجديد وآسيا

رحلة جوڤاني دا ڤرازانوفي 1524.
رمز للاستكشافات الفرنسية في عهد فرانسوا الأول: السفير الفرنسي لدى إنگلترة جان دى دينتڤيل في "السفراء"، بريشة هانز هولباين الأصغر، 1533.


الأمريكتان

الشرق الأقصى آسيا

مثال من خرائط دييپ يُظهر سومطرة. نيكولا ڤايار، 1547.


الدولة العثمانية

فرانسوا الأول (يسار) وسليمان القانوني (يمين) افتتحا التحالف العثماني الفرنسي. كلاهما رُسِما على حدة من الفنان تيتيان حوالي 1530.


تطبيق إصلاح البيروقراطية

Ordinance of Villers-Cotterêts في أغسطس 1539، أمر بإستخدام اللغة الفرنسية في الوثائق الرسمية.


الدين

عملة فرانسوا الأول، 1529.
لقاء فرانسوا الأول مع الپاپا حدثنت السابع في مارسيليا، 13 أكتوبر 1533.
مذبحة ميراندول في 1545.

فرنسا في عام 1515

كانت فرنسا وقتذاك تنعم برخاء تجود به تربة سخية، ويتحقق على يد شعب ماهر يحسن التدبير وحكم خير، وكان عدد السكان زهاء 16.000.000 نسمة في لقاء 3.000.000 نسمة في إنجلترا و7.000.000 في أسبانيا. وكانت باريس بسكانها البالغ عددهم 300.000 نسمة تعد أكبر مدينة في أوربا بعد القسطنطينية. وكان البناء الاجتماعي نصف إقطاعي: فكل الفلاحين تقريباً كانوا يملكون الأرض التي يفلحونها، ولكنهم كانوا يحتفظون بها عادة في إقطاع من الأرض - وكانوا يدفعون مكوساً أويؤدون خدمات - لسادة وفرسان مهمتهم تنظيم الزراعة وتقديم الحماية العسكرية لإقليمهم وللأمة. وأدى التضخم الناتج من تكرار خفض العملات والتعدين أواستيراد المعادن الثمينة إلى تيسير دفع المكوس المالية التقليدية، وأتاحت للفلاحين إمكان شراء الأرض رخيصة من الملاّك الأثرياء والنبلاء الفقراء، ومن ثم انتشر في الريف رخاء أشاع المرح في نفس الفلاح الفرنسي وجعله يتشبث بعقيدته الكاثوليكية، بينما كان الفلاح الألماني يقوم بثورة اقتصادية ودينية، وحفزت الملكية الطاقة الفرنسية فجنت من الأرض أفضل أنواع القمح والكروم في أوربا، وسمنت الماشية وتضاعف عددها، وكان اللبن والزبد والجبن يقدم على جميع مائدة، والدجاج وغيره من الدواجن تربى في جميع فناء تقريباً، وتقبل الفلاح الرائحة المنبعثة من حظيرة خنازيره كما لوكانت شذى مباركاً من أعراف الحياة. أما العامل في المدينة - وهوفي الغالب صانع ماهر يعمل في حانوته - فلم يكن له نسبياً نصيب من هذا الرخاء، لقد أدى التضخم إلى سرعة ازدياد الأسعار بصورة تفوق زيادة الأجور، وساعدت التعريفات الجمركية التي فرضت لحماية السلع المحلية والاحتكارات الملكية، مثل استخراج الملح، على ازدياد نفقات المعيشة. وأضرب العمال المتذمرون، ولكنهم جميعاً، على وجه التقريب، لم يظفروا إلا بالفشل والخيبة. وحرم القانون على العمال الاتحاد لأغراض اقتصادية. وكانت القوافل التجارية تنتقل متراخية على طول النهار الفياضة وتسير بصعوبة على طول الطرق السيئة، وتدفع لكل سيد ضريبة للمرور في أملاكه، وكانت ليون التي تلتقي فيها تجارة البحر الأبيض المتوسط القادمة صعوداً من الرون بسيل البضائع القادمة من سويسرة وألمانية، تعد ثاني مدينة بعد باريس في الصناعة الفرنسية، والثانية بعد أنتورب باعتبارها سوقاً للأوراق المالية أومركزاً للاستثمار والتمويل. وكانت التجارة تنطلق من مارسيليا، وتجوب البحر الأبيض المتوسط، وتجني الربح بفضل العلاقات الودية التي جرؤ فرانسيس على الاحتفاظ بها مع سليمان والأتراك.


وغنم فرانسيس من هذا الاقتصاد، على غرار ما كانت تعمله الحكومات، دخولاً وصلت إلى الحد الذي يدفعه إلى التسامح. وكانت ضريبة الملك أوالسيد، التي تفرض على الرءوس والأموال، تثقل كاهل الجميع، ما عدا النبلاء ورجال الدين، وكان الأخيرون يدفعون للملك ضرائب عشور ومنحاً كنسية، أما النبلاء فكانوا يقدمون الفرسان ويجهزونهم، وكان هؤلاء الفرسان لا يزالون عماد الجيوش الفرنسية وقوتها الضاربة. وتلقى فرانسيس درساً من البابوات فباع - وأنشأ من أجل البيع - ألقاباً للنبلاء ومناصب سياسية. وبهذا كون الأغنياء الجدد على الأيام طبقة أرستقراطية جديدة (كما وقع في إنجلترا)، وأسس المحامون بشرائهم للمناصب، بيروقراطية قوية كانت تدير حكومة فرنسا - وأحياناً بغير فهم الملك.

ولم يجد الملك بسبب انهماكه في الملذات وقتاً كافياً يدير فيه شئون الحكم، فأناب عنه في تولي مهامه، حتى في رسم سياساتها، رجالاً مثل أمير البحر بونيفيه وآن دي مونمورنسي والكردينالين دوبرا ودي تورنون والفيكونت دي لوتريك. وكانت هناك ثلاثة مجالس تعاون هؤلاء الرجال والملك وتشير عليهم بالرأي، وهي: مجلس خاص من النبلاء، ومجلس أخص للشئون، ومجلس موسع ينظر في طلبات الاسترحام المقدمة إلى الملك. وفيما عدا هذا كان المجلس النيابي في باريس، ويتألف من 200 عضومن الفهمانيين ورجال الدين، يعينهم الملك مدى الحياة، بمثابة محكمة عليا. وكان له الحق في الاعتراض عليه عندما يرى حتى مراسيمه تتعارض مع قوانين فرنسا الأساسية، وكانت مراسيمه تظل تفتقر إلى قوة القانون إلى حتى تقوم هذه الهيئة القديمة بـ "تسجيلها"- بل بالتصديق عليها في واقع الأمر.

ولما كان المحامون والشيوخ يغلبون على المجلس النيابي في باريس، فقد أصبح الجهاز القومي السياسي للطبقات الوسطى وأضحى- بعد السوربون- أكبر هيئة محافظة في فرنسا. وكانت المجالس النيابية المحلية والمحافظون الذين يعينهم الملك، يديرون شئون الحكم في المقاطعات. وتجاهل الجميع حيناً مجلس الطبقات، وحلت جباية الضرائب محل المنح التي تقدم على سبيل المساعدة، وتضاءل دور طبقة النبلاء في الحكومة.

وكان النبلاء يقومون بوظيفة مزدوجة: تنظيم الجيش وخدمة الملك في البلاط. وكانت الحاشية التي تتألف من الرؤساء الإداريين ورؤوس النبلاء وزوجاتهم وأبناء الأسرة وأصفياء الملك، قد أصبحت وقتذاك على رأس فرنسا وفي الصدر منها، ومرآة تعكس البدع والمهرجان الملكي الدائم المتحرك، وعلى قمة هذه الدورة كان مدير قصر الملك الذي كان ينظم جميع شيء ويرعى البروتوكول، ثم الحاجب المكلف بغرفة نوم الملك، ثم أربعة من السادة الموكلين بمخدع الملك، أوكبار الوصفاء الذين كانوا دائماً رهن إشارة الملك لتلبية رغباته، وكان هؤلاء الرجال يستبدل بهم آخرون جميع ثلاثة أشهر، وذلك لمنح غيرهم من النبلاء فرصة يحل فيها الدور عليهم للقربى البهيجة من الذات الملكية. ولكيلا يتعرض أحد للإغفال كان هناك عدد من السادة يتراوح بين عشرين وأربعة وخمسين لمخدع الملك يخدمون الأربعة الكبار، يضاف إلى هؤلاء اثنا عشر وصيفاً للمخدع، وأربعة حجاب للمخدع، وكانت أجنحة نوم الملك تلقى العناية المناسبة. وكان هناك عشرون سيداً يعملون مشرفين على مطبخ الملك، وينظمون أعمال جماعة تتألف من خمسة وأربعين رجلاً وخمسة وعشرين من سقاة الخمر. وكان هناك نحوثلاثين غلاماً من وصفاء الشرف - أولاد لهم نسب جليل - يعملون وصفاء للملك، ويتألقون في زي مفضض خاص، وجمع من أمناء السر يضاعفون من طاقة الملك على التدوين الرقمي والتذكر، وكان القس الأكبر للكنيسة الملكية كردينالاً، ويشرف أسقف على المحراب أوالمصلى، وسمح لخمسين من الأساقفة الأبروشيين بإسباغ البركة على البلاط، وبذلك يزدادون شهرة، وأنشئت مناصب شرف مثل: "خدم الغرفة الخاصة" بمرتب قدره 240 جنيهاً، وقد منحت للقيام بمهام مختلفة، كالتي أنعم بها على فهماء مثل بوديه وشعراء مثل مارو. ولا يفوتنا حتى نذكر سبعة أطباء وسبعة جراحين وأربعة حلاقين وسبعة مرتلين وثمانية صناع ماهرين وثمانية خطة للطبخ وثمانية حجاب بقاعة الاجتماعات. وكان لكل ولد من أبناء الملك خدمه الخاصون به... مشرفون وكتاب سر ومربون ووصفاء وخدم. وكان لكل واحدة من الملكتين في البلاط - كلود ومرجريت - بطانة خاصة تتألف من خمس عشرة سيدة أوعشر سيدات يعملن وصيفات وست عشرة أوثمان من وصيفات الشرف - آنسات. ومن أعظم ما اشتهر به فرانسيس أنه جعل للنساء مكانة عليا في بلاطه، وأنه كان يغمز بعين الخبير إلى علاقاتهن غير الشرعية، ويشجع ويستمتع باستعراض حليهن ومفاتنهن الرقيقة. ونطق: "أي بلاط يخلومن السيدات حديقة مجردة من الأزهار(11)". ولعل النساء - اللاتي وهبهن جمال الفن، الذي لا تلحقه الشيخوخة - هن اللاتي أضفين على بلاط فرانسيس الأول رونقاً جميلاً وحافزاً على البهجة لا نظير لها حتى في لقصور الإمبراطوريّة بروما. وكان جميع الحكام في أوربا يفرضون المكوس على شعوبهم ليهيئوا لأنفسهم صورة مصغرة لهذا الحلم الباريسي.

وتحت هذا السطح المصقول كانت هناك قاعدة عريضة من الخدم: أربعة من الطهاة وستة من مساعدي الطهاة، وطهاة متخصصون في أطباق الحساء أوالمرق المتبل أوالشواء، وعدد لا يحصى من الأشخاص، لتقديم الطعام إلى الملك وخدمته على المائدة، وفي المطبخ المشهجر للحاشية، وتلبية احتياجات السيدات والسادة والسهر على راحتهم، وكان هناك موسيقيوالبلاط يقودهم أشهر المغنين والملحنين والعازفين على الآلات في أوربا خارج روما. ويشرف على الحظائر الملكية مدرب للخيل، وخمسة وعشرون من رؤساء الركائب النبلاء، وحشد من الحوذية والسواس، وهناك رؤساء يشرفون على الصيد، ومائة كلب و300 صقر يدربها ويعنى بها مائة مدرب للصقور تحت إشراف كبير مدربي الصقور. وتألف حرس الملك من أربعمائة من الرماة، يضيئون البلاط بأزيائهم الملونة.

ولم يكن هناك مبنى في باريس يكفي لمآدب البلاط وحفلاته الراسيرة وحفلات الاستقبال الدبلوماسية. وكان قصر اللوفر وقتذاك حصناً كئيباً، فانصرف عنه فرانسيس إلى القصور المنسقة المعروفة باسم ليه تورنل (الأبراج الصغيرة) قرب الباستيل، أوإلى القصر الفسيح الذي اعتاد المجلس النيابي حتى ينعقد فيه، ومع أنه كان لا يزال يعشق الصيد فقد انتقل إلى فونتنبلوأوإلى قصوره الممتدة على نهر اللوار في بلوا أوشامبور أوأمبواز أوتور - ساحباً معه نصف الحاشية وثروة فرنسا. وقد وصف شليني بمبالغته المعهودة ولي نعمته الملك بأنه كان يسافر ومعه بطانة مكونة من 18.000 إنسان و12.000 جواداً(12). واحتج السفراء الأجانب على ما يتكبدونه من نفقات ومشقة، في سبيل لقاء الملك أومسايرته، وإذا وجدوه فإنهقد يكون على الأرجح، نائماً في فراشه حتى الظهر، يفيق من المتع التي نعم بها في الليلة الماضية، أومنصرفاً إلى ما يلزم لرحلة صيد أومباراة للفروسية. وكانت نفقات هذا المجد الطواف باهظة. وكانت الخزانة دائماً على شفا الإفلاس، والضرائب ترتفع على الدوام، والمصرفيون في ليون يكرهون على تقديم قروض للملك، يتعرضون فيها للمخاطر. وعندما استوعب الملك عام 1523 حتى نفقاته تتجاوز موارده، وعد بوضع حد لإشباع رغباته الشخصية "وهي لا تضم على أية حال المطلب العادي لاحتياجاتنا ومتعنا القليلة(13"). وكان يلتمس لنفسه عذراً في تبذيره بحاجته إلى التأثير في المبعوثين والتغلب على النبلاء الطموحين، وإدخال البهجة على قلوب العامة، ورأى حتى الباريسيين يتعطشون للعروض، وأن إعجابهم بأبهة ملكهم يفوق استياءهم منه.


وأصبحت حكومة فرنسا آنذاك مزدوجة الجنس. فكان فرانسيس يحكم في الظاهر حكماً مطلقاً، بيد أنه كان يعشق النساء إلى درجة جعلته يخضع لأمه وشقيقته بل وزوجته. ولابد أنه كان يحب كلود إلى حد ما لأنها ظلت على الدوام حاملاً منه. وقد تزوجها لأسباب تتعلق بمصلحة الدولة، وشعر بأنه من حقه حتى يقدر نساء أخريات خلقن في صورة فنية أجمل منها. وحذت الحاشية حذوالملك في ممارسة فن فحش ظريف. ووطن رجال الدين أنفسهم على قبول هذا الوضع بعد إبداء الاعتراض المناسب، أما الشعب فلم يبدِ أي اعتراض، ولكنه قلد شاكراً سنة الحاشية الدمثة - ما عدا فتاة واحدة، قيل لنا إنها شوهت جمالها عمداً لتنجومن الفسق الملكي (1524)(14).

وكانت أقوى النساء نفوذاً في البلاط والدة الملك، ونطقت لويز أميرة سافوي إلى قاصد رسولي: "وجه خطابك لي، وسوف نسير في طريقنا، وإذا شكا الملك فإننا سنهجره يتحدث كما يشاء(15)"، وكثيراً ما كانت على صواب في نصيحتها. وعندما تولت الحكم كنائبة للملك، أصبحت البلاد خيراً مما كانت عليه بين يديه المتراخيتين. ولكن أطماعها دفعت دوق بوربون إلى خيانة الوطن، وأدت إلى هلاك جيش فرنسي جوعاً في إيطاليا. وغفر لها ابنها جميع شيء، وشعر بالشكر لأنها جعلت منه إلهاً.

هابسبورگ وڤالوا 1515-1526

لم يكن من المتسقط حتى يرضى ملك متقلب مثل هذا بالتخلي عن جميع الآمال التي كانت قد أثارت أسلافه إلى ضم ميلان، ونابلي إذا أمكن، ليكونا ذرتين في التاج الفرنسي. وقد قبل لويس الثاني عشر الحدود الطبيعية لفرنسا - أي أنه اعترف للألب بالسيادة. وسحب فرانسيس الاعتراف وتحدى حق الدوق مكسمليان سوفورزا في ميلان. وفي غضون المفاوضات التي دارت بينهما بضعة شهور حشد قوة هائلة وجهزها، وفي أغسطس عام 1515 سار على رأسها وسلك طريقاً جديداً محفوفاً بالمخاطر - واقتحم طريقه عبر جبال صخرية - فوق الألب وانحدر منها إلى إيطاليا - والتقى الفرسان والمشاة الفرنسيون في مارينيانوعلى مسيرة تسعة أميال من ميلان، بجنود سوفورزا من السويسريين المرتزقة، واستمر بينهما القتال يومين (13-14 سبتمبر سنة 1515) وقع فيهما مقتلة كبيرة لم تعهدها إيطاليا منذ الغزوات البربرية، وهجرت جثث 10.000 رجل مطروحة على الأرض. وخيل في فترة ما حتى الفرنسيين قد هزموا وعندئذ اندفع الملك إلى الأمام وهاجم ونظم صفوف جنوده وجعل من نفسه مثالاً للجرأة. وجرى العهد حتى يكافئ الحاكم المنتصر مَن يظهرون شجاعة خاصة بتنصيب طبقة جديدة من الفرسان في الميدان، ولكن فرانسيس قبل حتى يعمل هذا أقدم على حركة لها مغزاها لم يسبقه إليها أحد. فقد ركع أمام بيير، سنيور دي بايار، وطلب تنصيبه فارساً على يد الفرس المشهور، الذي لم يتطرق إليه الخوف، ولم يوجه إليه اللوم، فاحتج بايار بأن الملك، بحكم وظيفته، فارس الفرسان ولا حاجة به إلى تشريف إلا حتى الملك الشاب، كان لا يزال في الحادية والعشرين من عمره، أصر على ذلك ومضى بايار يقوم بالمراسيم التقليدية بجلال، ثم طرح سيفه وهويهتف "لا شك يا سيفي العزيز أنك يفترض أن تحفظ كأي أثر، وتنال من التشريف فوق ما تناله السيوف الأخرى جميعاً، لأنك في هذا اليوم أضيفت على ملك وسيم قوي صفة الفروسية، وإني لن أحملك قط بعد ذلك إلا لمحاربة الأتراك والمغاربة والعرب(51"). ودخل فرانسيس بصفته صاحبها وبعث بدوقها المعزول إلى فرنسا وخصص له مرتباً مجزياً واستولى أيضاً على بارما وبياتشنزا وسقط مع ليوالعاشر، في احتفالات رائعة في بولونيا، معاهدة واتفاقية يخولان البابا والملك على السواء حتى يدعيا الحصول على نصر دبلوماسي. وعاد فرانسيس إلى فرنسا معبودا لمواطنيه بل ولأوروبا تقريباً، فقد سحر جنوده بمشاطرته إياهم ما لاقوه من مشاق وتفوقه عليهم في الشجاعة، وعلى الرغم من أنه في غمرات فوزه قد انغمس في التيه بنفسه، فإنه خفف من غلوائه، بالثقة بآخرين وتلطيف حدة جميع أنانية بحدثات الثناء والتمجيد. وارتكب وهوثمل بالشهرة أكبر خطأ في حياته. ذلك أنه رشح نفسه للتاج الإمبراطوري. وانزعج، وهوعلى حق، باحتمال حتى يصبح شارل الأول، ملك أسبانيا ونابلي وكونت الفلاندرز وهوهولندة على رأس الإمبراطوريّة الرومانية المقدسة - بكل تلك المطالب في لومباردي ومن ثم ميلان، التي غزا مكسمليان من أجلها إيطاليا مراراً، وسوف تكون فرنسا، في نطاق إمبراطورية جديدة مثل هذه، محاطة بأعداء لا يقهرون في الظاهر.

وقدم فرانسيس الرشا، وخسر أمام شارل الذي قدم من الرشا أكثر منه وفاز (1519)، وبدأت المنافسة المريرة التي جعلت غربي أوروبا يعج بالاضطرابات إلى ما قبل وفاة الملك بثلاث سنوات.

ولم يعدم شارل وفرانسيس من الأسباب ما يدعوإلى تبادل العداء، فقد زعم شارل، حتى قبل حتى يصبح إمبراطوراً حتى له الحق في حتى يطالب بورغنديا لأنه حفيد ماري ابنة شارل الجسور، وأبى حتى يعترف باتحاد بورغنديا مع التاج الفرنسي. وكانت ميلان من الوجهة الرسمية إقطاعية في الإمبراطوريّة، واستمر شارل في فرض الاحتلال الإسباني لنافار، وأصر فرانسيس على حتى تعود إلى هنري دلبريه. وطرحت بواعث الحرب هذا السؤال العويص: مَن هوسيد أوروبا: شارل أم فرانسيس،يا ترى؟ وأجاب الأتراك بل سليمان. ووجه فرانسيس الضربة الأولى، فعندما لاحظ حتى شارل مشغول بثورة سياسية في أسبانيا وثورة دينية في ألمانيا أوفد جيشاً عبر جبال البرانس للاستيلاء على نافار من جديد، فهزم في حملة أبرز حادث فيها هوإصابة أجناسيوس لويولا بجرح (1521). وانطلق جيش آخر جنوباً للدفاع عن ميلان، وتمرد الجند بسبب عدم دفع المرتبات، وهزمتهم الجنود الإمبراطوريّة المرتزقة هزيمة منكرة في لابيكوكا، وسارعت ميلان ترتمي في أحضان شارل الخامس (1522) وانطلق قائد الجيوش الفرنسية للقاءة الإمبراطور لكي يتغلب على هذه الحوادث.

وكان شارل، دوق أف بورمبون رأس أسرة قوية قدر لها حتى تحكم فرنسا من عام 1589 إلى عام 1792. وكان أغنى رجل في البلاد بعد الملك وبين تابعيه 500 نبيل، وكان آخر البارونات العظام الذين يستطيعون حتى يتحدوا ملك الدولة المتمركزة وقتذاك. وقدم لفرانسيس خدمة جليلة في الحرب، وقاتل بشجاعة في مارنينيانو، أما في الحكم فلم يخدمه بهذا القدر إذ دفع أهالي ميلان إلى النفور منه بسبب حكمه الجائر، ولما عثر حتى الملك لم يزوده بالأموال الكافية 100.000 من ماله الخاص، وهويتسقط حتى تسدد له، ولكنه لم يتسلم شيئاً. وكان فرانسيس ينظر بعين الارتياب والحسد إلى هذا القيل الذي يوشك حتىقد يكون ملكاً، فاستنادىه من ميلان ووجه إليه إهانات حمقاء أومقصودة تسببت في حتىقد يكون بوربون خصمه اللدود، وكان الدوق قد تزوج سوزان أميرة بوربون التي أوصت أمها بأن تعود ضياعها الشاسعة إلى التاج إذا ماتت سوزان دون حتى تعقب ذرية. وماتت سوزان (عام 1521) ولكن بعد حتى حررت وصية هجرت فيها جميع أملاكها لزوجها. وطالب فرانسيس وأمه بالأملاك باعتبارهما أقرب سليلين لدوق بوربون السابق. وعارض شارل هذا الانادىء وأصدر المجلس النيابي في باريس قراراً ضده. واقترح فرانسيس عقد صلح بمقتضاهقد يكون للدوق الحق في ربع الأملاك حتى وفاته؛ بيد أنه رفض الاقتراح. وعرضت لويز، وكانت وقتذاك في الحادية والخمسين على الدوق البالغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً حتى يتزوجها مع صك ملكية صريح بالأملاك كبائنة لها، فرفض. وقدم له شارل الخامس عرضاً يبز العرض السابق: هوحتى يزود شقيقته اليونورا وأن يؤيد مطالبه تأييداً كاملاً بجنود الإمبراطوريّة، وقبل الدوق وفر ليلاً عبر الحدود، وعين قائداً برتبة لفتنانت جنرال للجيش الإمبراطوري في إيطاليا (1523).

وأنفذ فرانسيس ضده لونيفيه. وأثبت عشيق مرجريت أنه غير كفء وسحق الدوق جيشه في رومانيانو، وفي اثناء تقهقر الجيش أصيب الشيفاليه دي بابار، قائد حرس المؤخرة الخطيرة بجرح قاتل بطلقة من سلاح ناري (30 أبريل سنة 1524) ووجده بوربون الظافر يحتضر تحت شجرة، فقدم له بعض عبارات الثناء على سبيل المواساة فرد عليه بايار "مولاي إني أستحق الرثاء، أنا أموت بعد حتى أديت واجبي، ولكني أرثي لك إذ أراك تعمل ضد مليكك وبلدك وتحنث بقسمك(52)". وتأثر الدوق ولكنه كان قد أحرق خلفه جميع الجسور وعقد اتفاقاً مع شارل الخامس وهنري الثامن ينص على حتى يقوم الثلاثة بغزوفرنسا في آن واحد، وأن يتغلبوا على جميع القوات الفرنسية، ويقسموا البلاد بينهم. وكان نصيب الدوق من الصفقة حتى يدخل بروفانس، ويأخذ إكس ويضرب حصاراً على مرسيليا، ولكن حملته كانت تفتقر إلى المؤن وقوبلت بمقاومة عنيفة غير متسقطة وانهارت فتراجع إلى إيطاليا (سبتمبر سنة 1524).

ورأى فرانسيس حتى من الحكمة حتى يطارده، ويستولي من حديث على ميلان وأشار عليه بونيفيه، وهوأحمق حتى النهاية، بأن يستولي أولاً على بافيا ثم بنقض على ميلان من الجنوب، فوافق الملك وضرب عليها الحصار (26 أغسطس سنة 1524)، ولكن الدفاع هناك أيضاً كان أقوى من الهجوم، وظل الجيش الفرنسي محجوزاً عند الخليج أربعة اشهر، وفي غضونها جمع بوربون وشارل أمير لانوي (نائب الملك في نابلي) والمركيز دي بسكارا (زوج فتوريا كولونا) جيشاً جديداً قوامه 27.000 رجل. وفجأة ظهرت هذه القوة خلف الفرنسيين. وفي اليوم نفسه (24 فبراير سنة 1525) عثر فرانسيس قواته يهاجمها هذا الحشد غير المتسقط من جانب، وقوات المحاصرين في بافيا من جانب آخر. وحارب كالعادة في طليعة المشتبكين، وقتل بسيفه الكثيرين من الأعداء، حتى افترض حتى النصر قد تحقق، ولكنه ضحى بقيادته العسكرية في سبيل إظهار شجاعته، وكانت قواته موزعة توزيعاً سيئاً، ومشاته يسيرون بين مدفعيته والعدو، وبهذا جعلوا المدفعية الفرنسية المتفوقة عديمة الجدوى. وتفشى الاضطراب في صفوف الفرنسيين، وفر دوق النسون، وسحب معه حرس المؤخرة، وصاح فرانسيس في جيشه الذي دبت فيه الفوضى حتى يسير وراءه إلى ساحة القتال، ولكن لم يرافقه إلا أعظم نبلائه شهامة. وأعقب هذا مذبحة في الفرسان الفرنسيين، وأصيب فرانسيس بجروح في وجهه وذراعيه وساقيه، ولكنه ظل يضرب بلا كلل، وتهاوى فرسه تحته ومع ذلك ظل يقاتل. وسقط فرسانه المخلصون واحداً إثر الآخر إلى حتى هجر وحيداً، وأحدق به جنود الأعداء، وكان على وشك حتى يلقى مصرعه، عندما تعهد عليه ضابط فأنقذه واقتاده إلى لانوي، الذي تقبل سيفه، وهويقوم بانحناءات خفيفة للدلالة على الاحترام.

واعتقل الملك في قلعة بيزيجيتون بالقرب من كريمونا، حيث جاز له بأن يرسل إلى أمه التي كانت تحكم فرنسا أثناء غيابه رسالته التي كثيراً ما نقلت كما هي، وكثيراً ما نقلت محرفة:

"إلى نائبة الملك في فرنسا: سيدتي، بودي حتى تعهدي مدى معاندة البقية الباقية من سوء حظي. لم يبقَ لي في لعالم سوى الشرف وحياتي التي أنقذت، ولكي تحمل إليكِ هذه الأنباء، وأنتِ في بؤسكِ، القليل من العزاء، توسلت إليهم حتى يسمحوا لي بكتابة هذه الرسالة إليكِ... وأنا أتوسل إليكِ ألا تقدمي على أي عمل طائش، وأنتِ تباشرين ما عهدت به من فطنة معتادة، لأني أرجو، بعد جميع شيء ألا يتخلى عني الله(53)".

وبعث برسالة مماثلة إلى مرجريت التي ردت على الخطابين:

"مولاي: إذا الفرحة التي مازلنا نشعر بها عندما تلقينا خطابيك الكريمين، اللذين أسعدك حتى تخطهما لي ولأمك، تجعلنا نحس بالسعادة لاطمئناننا على صحتك التي تتوقف عليها حياتنا، ويخيل إلي أننا ينبغي ألا نفكر في شيء سوى حتى نحمد الله وأن نتوق إلى حتى تصلنا باستمرار أنباؤك الطيبة، وهي خير زاد نستطيع حتى نعيش عليه. وبما حتى الخالق قد من علينا بأن يبقى ثالوثنا متحداً أبداً فإن الاثنين الآخرين يتوسلان إليك حتى تتقبل هذا الخطاب، عندما يقدم إليك، وأنت الثالث، بنفس المودة القلبية التي تقدمها إليك خادمتاك المتواضعتان المطيعتان والدتك وشقيقتك". لويز، مرجريت(54).

وخط فرانسيس إلى الإمبراطور في مدريد رسالة جد متواضعة يقول له فيها "إذا كان يسرك حتى ينطوي قلبك على قدر قليل من العطف، فتأخذ على عاتقك مهمة إنقاذ حياة ملك فرنسا الأسير إنقاذاً يستحقه عن جدارة... ففي وسعك حتى تكون على ثقة من الحصول على كسب بدلاً من أسير لا نفع منه، وبهذا تجعل ملك فرنسا عبدك إلى الأبد"، ولم يكن فرانسيس قد تدرب على احتمال المأساة(55). وتلقى شارل أنباء فوزه بهدوء ورفض حتى يحتفل به، كما اقترح كثيرون في مهرجان رائع. وانسحب إلى مخدعه (كما ينطق لنا) وركع يصلي. وأوفد إلى فرانسيس ولويز ما خيل له أنها شروط معتدلة لتحقيق السلام وتحرير الملك:

(1) على فرانسيس حتى يتخلى عن بورغنديا وأن يتنازل عن جميع مطالبه في الفلاندرز وأرتوا وإيطاليا. (2) يجب تسليم الدوق بوربون جميع الأراضي والمناصب التي يطالب لها. (3) يجب منح الاستقلال لكل من بروفانس ودوفيني. (4) يجب حتى تعيد فرنسا إلى إنجلترا جميع الأراضي الفرنسية التي كانت تابعة فيما تجاوز لبريطانيا - أي نورماندي وأنجووغسقونيا وجين. (5) على فرانسيس حتى يسقط حلفاً مع الإمبراطور وينضم إليه في حملة توجه ضد الأتراك. فأجابت لويز بأن فرنسا لن تتنازل عن قيراط واحد من الأراضي، وأنها مستعدة للدفاع عن نفسها حتى آخر رجل. وتصرف نائبة الملك وقتذاك بقوة وعزم وذكاء مما حمل شعب فرنسا على حتى يصفح عن أخطائها التي ركبت فيها رأسها. وعملت في الحال على تنظيم وإعداد جيوش جديدة وأقامتها لحراسة جميع المراكز المحتمل حتى تتعرض للغز ولكي تصرف ذهن الإمبراطور عن فرنسا حثت سليمان عاهل هجريا على أراتى هجومه على بلاد الفرس وأن يقوم بدلاً من ذلك بحملة تتجه غرباً، ولا نعهد الدور الذي لعبه توسلها في القرار الذي اتخذه السلطان، ولكنه زحف عام 1526 إلى هنغاريا وألحق هزيمة منكرة بجيش المسيحيين في موهاكس، بلغت من الشدة حداً جعل قيام شارل بأي غزولفرنسا بمثابة خيانة للعالم المسيحي. وفي الوقت نفسه أوضحت لويز لهنري الثامن وكليمنت السابع حتى إنجلترا والبابوية على السواء يفترض أن تنحدران إلى مرتبة العبودية إذا جاز للإمبراطور بالحصول على جميع الأراضي التي طلبها. وتردد هنري فألحت لويز وعرضت عليه تعويضاً قدره 2.000.000 كراون فسقط حلفاً دفاعياً هجوميا jumiaً مع فرنسا (30 أغسطس سنة 1525) وفتحت هذه الدبلوماسية الأنثوية عيون الرجال وحطمت ثقة شارل بنفسه.

ونقل الملك الأسير إلى أسبانيا بمقتضى اتفاقية بين لويز ولانوي والامبراطور، وعندما وصل فرانسيس إلى بلنسية (2 يوليوسنة 1525) بعث إليه شارل برسالة رقيقة، ولكن معاملته لأسيره لم ترتفع إلى مقام الفروسية. وخصصت لفرانسيس غرفة ضيقة في قلعة قديمة في مدريد ووضعت عليه حراسة مشددة، وكانت الحرية الوحيدة التي منحت له هي حتى يمتطي ظهر بغل بالقرب من القلعة تحت رقابة حراس مسلحين راكبين، وطلب لقاءة شارل ولكن شارل أجل هذه اللقاءة وسمح بسجن فرانسيس أسبوعين سجناً أثار قلقه وغيظه، حتى يخضع فرانسيس لدفع ثمن باهظ منطق الحصول على حريته. وعرضت لويز حتى تقابل الإمبراطور وتتفاوض معه ولكنه رأى من الأفضل حتى يلعب على سجينه بدلاً من حتى يتعرض لفتنة امرأة تجعله يجنح إلى التساهل. فأبلغته بأن ابنتها مرجريت، وهي أرملة وقتذاك يفترض أن يسعدها حتى تجدها جلالته الإمبراطوريّة، مناسبة له، ولكنه آثر عليها إزابلا أميرة البرتغال، بصداقها البالغ قدره 900.000 كراون. فهي تستطيع ان تزوده في الحال بالمخدع والمأوى، وبعد حتى أمضى فرانسيس شهرين في سجنه يتلهف فيه على حريته سقط صريع سقم خطير. وانطلق الأسبان إلى كنائسهم يصلون من أجل الملك الفرنسي آسفين لقسوة الإمبراطور. وصلى شارل أيضاً، لأن الملك إذا توفي فلنقد يكون له أهمية كرهينة سياسية، وزار فرانسيس زيارة قصيرة ووعده بقرب إطلاق سراحه وبعث لمرجريت يأذن لها بالحضور ومواساة أخيها.

وسافرت مرجريت بحراً من ايجسمورت (27 أغسطس سنة 1525) إلى برشلونه وهناك حملت في هودج بطيء ملتوٍ اخترق بها نصف طول أسبانيا إلى مدريد، ووجدت السلوى في قرض الشعر وبعث رسائل حارة متميزة إلى الملك، ونطقت "مهما يطلب مني، حتى ولوكان حتى أنثر رماد عظامي في مهب الريح لأؤدي لك خدمة، فليس فيه أمر غريب أوقاسي أوشاق بالنسبة لي، وحسبي حتى أجد فيه السلوى والراحة والطمأنينة والشرف(56)". وعندما وصلت بعد لأي إلى مخدع أخيها وجدته يتعافى بشكل ملموس، بيد أنه أصيب بنكسة يوم 25 سبتمبر ودخل في غيبوبة، وخيل لمن حوله أنه يحتضر. وركعت مرجريت هي والأسرة يصلون، وناوله أحد القساوسة القربان المقدس. وتلت هذا فترة نقاهة مضنية. ولبثت مرجريت شهراً مع فرانسيس ثم انطلقت إلى طليطلة لتطلب من الإمبراطور الرحمة، فتلقى توسلاتها بفتور، وكان قد فهم بحلف هنري مع فرنسا وتلهف على معاقبة حليفه الأخير على ريائه ولويز على جرأتها.

ولم تبقَ في يد فرانسيس إلا ورقة واحدة يلعب بها، ولوحتى من المحقق أويكاد أنها قد تعني سجنه مدى الحياة، وبعد حتى أنذر شقيقته بمغادرة أسبانيا بأسرع ما يمكن سقط (نوفمبر سنة 1525) خطاباً رسمياً أعرب فيه تنازله عن العرش لابنه الأكبر، ولما كان فرانسيس الثاني هذا صبياً لا يتجاوز عمره ثماني سنوات، فقد عين لويز - وتحل محلها في حالة وفاتها - مرجريت وصية على عرش فرنسا، وأدرك شارل في الحال حتى ملكاً بلا مملكة، لا يملك شيئاً يتنازل عنه، لا فائدة ترجى منه، بيد حتى جلد فرانسيس من الناحية البدنية كان أقوى من شجاعته المعنوية، ففي يوم 14 يناير سنة 1526 سقط مع شارل معاهدة مدريد وكانت شروطها في جوهرها هي بعينها التي عرضها الإمبراطور على لويز، بل كانت أقسى منها، لأنها اقتضت أم يسلم أكبر ابنين للملك إلى شارل رهينتين لضمان تطبيق الاتفاقية بإخلاص، وفضلاً عن هذا فإن فرانسيس وافق على حتى يتزوج إليونورا شقيقة الإمبراطور ملكة البرتغال الأرملة، وأقسم على أنه سيرجع إلى أسبانيا ليعود للسجن إذا لم ينفذ بنود المعاهدة(57). ومهما يكن من شيء فإنه أودع في يوم 22 أغسطس سنة 1525 مع مساعديه وثيقة رسمية تلغي مقدماً جميع العهود والاتفاقيات والتنازلات والمخالصات وكل إلغاء وانتقاص وقسم يمكن حتى يتعارض مع شرفه وصالح تاجه. وفي عشية توقيع المعاهدة ردد هذه العبارة للمفاوضين معه من الفرنسيين وأعرب أنه سقط بطريق الإكراه، والقسر والاعتنطق وطول السجن، وأن جميع ما تضمنته الوثيقة كان، ويجب حتى يظل باطلاً ولا أثر له(58).

وفي يوم 17 مارس 1526 سلم نائب الملك لانوي وفرانسيس إلى المارشال لوتريك على ظهر ننطقة مليئة في نهر بيداسوا، الذي يفصل إيرون الأسبانيّة عن هنداي الفرنسية، وتسلم لانوي بدلاً منه الأميرين فرانسيس وهنري. ومنحهما أبوهما بركة ودمعة، وهرع إلى الأرض الفرنسية. وهناك قفز على ظهر جواد وصاح في ابتهاج "ها أنذا ملك من جديد؟" وركب إلى بايون حيث كانت لويز ومرجريت في انتظاره وأمضى في بوردووكونياك ثلاثة شهور قضاها في اللهووالرياضة ليسترد صحته وشغل نفسه بحب صغير. ولم لا،يا ترى؟ ألم يعش عاماً عيشة الرهبان،يا ترى؟ وكانت لويز التي اشتجر النزاع بينها وبين الكونتيسة دي شاتوبريان قد أحضرت معها وصيفة شرف جميلة شقراء الشعر، تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً هي آن دي هيلي دي بسسليوالتي أصابت بسهامها، كما كان مقدراً، عيني الملك الجائعتين، فتودد إليها في اندفاع، وسرعان ما ظفر بها حظية له. وشاركت الحظية الجديدة منذ تلك اللحظة إلى حتى فرقهما الممات لويز ومرجريت قلب الملك. وتحملت في صبر زقابل بإليونورا وعلاقاته غير الشرعية العارضة. ومنحها لإنقاذ المظاهر زوجاً هوجين دي بروس، وأنعم عليه بلقب دوق كما أنعم عليها بلقب دوقة ديتامب، وابتسم في إعتزاز عندما انسحب جين إلى ضيعة نائية في بريتاني.

الحرب والسلام 1526-1547

عندما عهدت شروط معاهدة مدريد بصفة عامة أثارت تقريباً عداء عالمياً لشارل، فقد ارتجف البوتستانت الألمان عندما تسقطوا لقاءة عدوعزز قواه إلى هذا الحد. واستاءت إيطاليا من انادىئه الحق في السيادة على لومباردي، وأحل كليمنت السابع فرانسيس من قسمه الذي كان قد ارتبط به فرانسيس في مدريد، وانضم إلى فرنسا وميلان وجنوا وفلونا والبندقية في تكوين حلف كونياك للدفاع المشهجر (22 مايوسنة 1526)، ووصف شارل، فرانسيس بأنه "ليس بالسيد المهذب"، وأمره حتى يعود إلى سجنه الإسباني، وأصدر أوامره بتشديد اعتنطق ابني الملك، وأطلق العنان لقواده لتأديب البابا. وتدفق جيش إمبراطوري، احتشد في ألمانيا وأسبانيا، إلى إيطاليا وتسلق بالسلالم أسوار روما (مات الدوق بوربون في العملية)، ونهب المدينة نهباً كاملاً أكثر مما عمل بها القوط أوالوندال من قبل، وقتل 4.000 روماني وسجن كليمنت في سان أنجيلو. وأكد الإمبراطور، الذي كان قد بقي في أسبانيا لأوربا المذعورة حتى جيشه الجائع قد تجاوز تعليماته، ومع ذلك فإن ممثليه في روما احتفظوا بالبابا سجيناً في سان أنجيلومنستة مايوإلىسبعة ديسمبر سنة 1527، وأكرهوا بابا يكادقد يكون مفلساً على دفع تعويض قدره 368.000 كراون.

واستغاث كليمنت بفرانسيس وهنري وطلب منهما العون، فبعث فرانسيس إلى إيطاليا لوتريك على رأس جيش نهب بافيا منتقماً منها في تهور لمقاومتها له عامين قبل ذلك، وتساءل الإيطاليون هل الأصدقاء الفرنسيون أفضل من الأعداء الألمان. ومر لوتريك على روما مرور الكرام وحاصر نابولي وبدأت المدينة تعاني من المجاعة. وفي غضون ذلك كان فرانسيس قد أغضب أندريا دوريا قائد بحرية جنوا، فاستدعى دوريا أسطوله من حصار نابولي وانضم إلى جانب الإمبراطور ومون المحاصرين. وهلك جيش لوتريك جوعاً بدوره، ومات لوتريك نفسه وذاب جيشه (1528).

ولا تكاد ملهاة الحكام تفرج كرب الشعب، وعندما ظهر مبعوثوا فرانسيس وهنري في بورجوس لإعلان الحرب بصفة رسمية، رد شارل على المبعوث الفرنسي رداً فاجعاً بقوله "إن ملك فرنسا ليس في موقف يسمح له بتوجيه مثل هذا الإعلان إلّي، إنه أسيري. إذا مولاكم قد تصرف مثل أي جبان أفاق بعدم محافظته على وعده الذي ارتبط به في معاهدة مدريد، وإذا راقه حتى يقول ما يخالف هذا فإني يفترض أن أحافظ على وعدي له بحياتي لقاء حياته(59)".

وقبل فرانسيس تواً هذا التحدي إلى البراز وبعث إليه رسولاً يقول له: "لقد قلت إفكاً وبهتاناً مبيناً": واستجاب شارل بعظمة، وعين مكان للنزال وطلب من فرانسيس حتى يحدد موعد اللقاء، بيد حتى النبلاء الفرنسيين اعترضوا طريق الرسول وأدت إجراءات التأخير المستأنية إلى تأجيل المباراة إلى ما لا نهاية. فقد بلغت الأمم درجة من النمولا يمكن عندها تسوية خلافاتها الاقتصادية أومصالحها السياسية بنزال فردي أوبجيوش صغيرة من المرتزقة التي كانت تقوم بلعبة الحرب في إيطاليا إبان عصر النهضة، ولا شك حتى الطريقة الحديثة لحسم الأمور بالتنافس في التدمير قد اتخذت شكلها في هذا النزاع بين آل هامسبورج وفالوا . واقتضى الأمر حتى تتصدى امرأتان لتلقين الحاكمين فن السلام وحكمته، فقد اتصلت لويز أميرة سافوي بمرجريت النمسوية نائبة الملك في الأراضي المنخفضة، واقترحت عليها حتى يتخلى فرانسيس، المتلهف على عودة ابنيه، عن جميع مطالبه في الفلاندرز وارنوا وإيطاليا وأن يدفع فدية قدرها 2.000.000 كارون مضىي، لإطلاق سراح ولديه، على ألا يتنازل أبداً عن بورغنديا، وأقنعت مرجريت ابن أخيها بإراتى مطالبته ببورغنديا وأن ينسى مطالب الدوق بوربون، الذي توفي وقتذاك في الوقت المناسب.

وفي ثلاثة أغسطس عام 1529 سقطت المرأتان ومعاونوهما الدبلوماسيون معاهدة صلح السيدات في كامبراي، وحصلت الفدية من التجارة والصناعة ودم فرنسا، ونعم بالحرية من حديث أميرا البيت المالك بعد أربع سنوات من الأسر، وعادا بقصص تروى عن المعاملة القاسية التي أثارت فرانسيس وفرنسا. وبينما وجدت المرأتان القديرتان سلاماً دائماً- مرجريت عام 1530 ولويز عام 1531- أخذ الملكان يعدان العدة لاستئناف الحرب بينهما.

وتلفت فرانسيس حوله في جميع مكان يطلب العون، فأوفد إلى هنري الثامن مبلغاً من المال للتهدئة لأنه تجاهله تقريباً في تسوية كامبراي، وتعهد هنري، وقد أغضبه شارل لمعارضته في "طلاقه"، بتأييد فرنسا. وفي عام أونحوه تفاوض فرانسيس للدخول في أحلاف مع الأمراء البروتستانت الألمان ومع الأتراك ومع البابا. ومهما يكن من أمر فإن الحبر الأعظم المتذبذب سرعان ما عقد صلحاً مع شارل وتوجه إمبراطوراً (1530)- هوآخر تتويج لإمبراطور في الإمبراطوريّة الرومانية المقدسة قام به بابا. ثم ارتاع كليمنت من ملك كان في الواقع قد حول إيطاليا إلى مقاطعة في ملكه، فسعى إلى عقد رابطة جديدة مع فرنسا بعرضه زواج ابنه أخيه كاترين دي مديتشي من ابن فرانسيس، هنري دوق أورليان، والتقى الملك والبابا في مارسيليا (28 أكتوبر سنة 1533)، وقام البابا بنفسه بمراسيم الزواج ذي المغزى التاريخي. ومات كليمنت بعد عام، ولم يكن قد استقر رأيه بعد على أي شيء.

وكان الإمبراطور، الذي شاخ وهوفي الخامسة والثلاثين، يحمل أعباءه الملقاة على عاتقه في عزم واهن. وذعر عندما فهم- من حدثة وزير السلطان إلى فرديناند ملك النمسا- حتى حصار الأتراك لفيينا عام 1529، إنما تم استجابة لاستغاثة فرانسيس ولويز وكليمنت السابع لمساعدتهم ضد الإمبراطوريّة التي كانت تطوقهم(60). وفضلاً عن هذا فإن فرانسيس تحالف مع الزعيم التونسي خير الدين بارباروسا الذي كان يكدر صفوالتجار المسيحيين في غربي البحر الأبيض المتوسط، ويغير على المُدن الساحلية ويسوق الأسرى من المسيحيين إلى أسواق النخاسة. وحشد شارل جيشاً آخر وأسطولاً ثانياً وعبر البحر إلى تونس (1535)، واستولى عليها، وحرر 10.000 عبد مسيحي وكافأ جنوده الذين لم تدفع رواتبهم بإطلاق العنان لهم لنهب المدينة وذبح السكان المسلمين.

وعاد شارل إلى روما (5 أبريل سنة 1536) بعد حتى هجر حاميات في بونا ولاجوليتا عودة المدافع المظفر للعالم المسيحي ضد العالم الإسلامي وملك فرنسا. وفي غضون ذلك كان فرانسيس قد جدد مطالبته بميلان، وفي مارس عام 1536 غزا دوقية سافوي لإزالة العقبة التي تعترض طريقه إلى إيطاليا. واستشاط شارل غضباً، وفي خطاب حار ألقاه أمام بول الثالث البابا الجديد ومجمع الكرادلة بأسره أخذ يعدد مرة أخرى جهوده من أجل السلام. وانتهاك الملك الفرنسي لمعاهدتي مدريد وكامبواي و"الأحلاف التي عقدها جلالته نصير المسيحية العظيم" (كما كان يسمى فرانسيس) مع أعداء الكنيسة في ألمانيا وأعداء المسيحية في هجريا وإفريقية، وأنهى خطابه بتحدي فرانسيس مرة أخرى إلى البراز قائلاً: "دعونا لا نستمر في المجازفة بسفك دماء رعايانا الأبرياء، دعونا نحسم النزاع بالنزال رجلاً أمام رجل بأي أسلحة يروقه أويختارها. وبعد ذلك دعوا القوات المتحدة لألمانيا وإسبانيا وفرنسا تستخدم لكسر شوكة الأتراك واستئصال الهرطقة من العالم المسيحي".

كان خطاباً بارعاً لأنه أجبر البابا على حتى ينحاز إلى صف الإمبراطور، ولكن أحداً لم يأخذ عرضه الخاص بالمبارزة محمل الجد، فقد كان القتال بالتفويض أسلم، وغزا شارل بروفانس (25 يوليوسنة 1536) بجيش قوامه 50.000 رجل وكان يأمل حتى يهاجم جناح الفرنسيين أويشغلهم في سافوي بالزحف أعلى الرون. ولكن القائد آن دي مونمورانس أمر القوات الفرنسية الضعيفة بأن تحرق أثناء انسحابها جميع شيء يمكن حتى يتزود به جنود الإمبراطور، وسرعان ما تخلى شارل عن الحملة وكان دائماً يعوزه المال ولا يستطيع حتى يقدم الطعام لرجاله. وكان بولس الثالث يتلهف على إطلاق يد شارل للقيام بهجوم على الأتراك أواللوثريين فأقنع العملاق المشلول بالاتقاء معه- في حجرات منفصلة تثير الحماسة ت بمدينة نيس وتوقيع هدنة لمدة عشر سنوات (17 يونيه 1538). وبعد شهر قامت اليونورا، وهي زوجة أحدهما، وشقيقة الآخر، بتدبير لقاء شخصي بين الملك والإمبراطور في إيجسمورت. وهناك نسيا أنهما ملكان وأصبحا إنسانين، وركع شارل يحتضن أصغر أولاد الملك، وأعطاه فرانسيس ماسة ثمينة مركبة علة خاتم نقشت عليه عبارة: "شاهد ورمز للحب"، وخلع شارل من جيده طوق الجزة المضىية، وانطلقا معاً لسماع القداس، وابتهج أهل المدينة لشيوع السلام وهتفوا: "الامبراطور! الملك"، وعندما ثارت غنت ضد شارل (1539) وانضمت إلى بروجس وإيبرس في عرض نفسها على فرانسيس، قاوم الملك الإغراء، وعندما عثر شارل، في أسبانيا حتى سفن المتمردين أوخشية الإبحار تسد الطرق البحرية، أجاب فرانسيس طلبه المرور في فرنسا. وأشار على الملك مشيروه بأن يكره الإمبراطور وهوفي الطريق، على توقيع تنازل عن ميلان للدوق أورليان، ولكن فرانسيس رفض ونطق: "عندما تقوم بشيء كريم يجب حتى تعمله كاملاً وبجرأة". ووجد مهرج البلاط يخط في "يوميات مهرج" اسم شارل الخامس، لأنه كما نطق تريبوييه أنهقد يكون أشد بلاهة مني لوأتى ليمر من خلال فرنسا" فساله الملك: "وماذا تقول إذا هجرته يمر؟" فنطق: "سوف أمحواسمه وأدون اسمك مكانه"(61). وهجر فرانسيس، شارل يمر دون حتى يعوقه أحد وأمر جميع مدينة في الطريق حتى تستقبل الإمبراطور بما يستحق من تكريم ملكي واحتفالات.

وانتهت الصداقة المقلقلة عندما أسر الجنود الأسبان بالقرب من بافيا المبعوثين الفرنسيين وهم يحملون عروضاً جديدة من فرانسيس إلى سليمان للتحالف معه (يوليوسنة 1541). وفي هذه الفترة كان بارباروسا يغير مرة أخرى على المُدن الساحلية في إيطاليا. وسافر شارل بحراً من مالوركا مع أرمادا أخرى للقضاء عليه، ولكن الأسطول قابل عواصف شديدة أجبرته على العودة خاوي الوفاض إلى أسبانيا. وكان حظ الإمبراطور في هبوط، فقد ماتت زوجته الشابة (1639) التي كان قد تفهم حتى يحبها وكانت صحته تتدهور، وأعرب فرانسيس الحرب عليه عام 1542 بسبب ميلان، وكان حلفاء الملك وقتذاك السويد والدانمارك وجلدرلاند وكليف وسكوتلندة والأتراك والبابا، ولم يؤيد شارل إلا هنري الثامن في لقاء ثمن ما، ورفض المجلس التشريعي الإسباني الموافقة على إعانات مالية إضافية من أجل الحرب، وانضم الأسطول الهجري إلى الأسطول الفرنسي في ضرب الحصار على نيس، وكانت وقتذاك أرضاً تابعة للإمبراطور (1543)، وفشل الحصار، إلا حتى بارباروسا وجنوده المسلمين جاز لهم بقضاء الشتاء في طولون حيث باعوا علناً عبيداً من المسيحيين(62). واسترد الإمبراطور في صبر زمام الموقف فوجد وسيلة لإصلاح ذات البين مع البابا، وكسب إلى صفه فيليب الهسي بالتغاضي عن زقابل من اثنتين، وهاجم دوق كليف وتغلب عليه، ووثق صلته بحلفائه الإنجليز وقابل فرنسا بقوة عظيمة جداً حملت فرانسيس على الانسحاب والتسليم له بأمجاد الحملة (أكتوبر سنة 1543).

ورحب شارل مرة أخرى، بعد حتى عثر أنه فقير جداً إلى حد لا يستطيع معه حتى يزود جيشه بالميرة، بعرض للسلام وسقط مع فرانسيس معاهدوكريبي (18 سبتمبر سنة 1544). وتخلى الملك عن مطالبه في الفلاندرز وارتوا ونابلي ولم يعد شارل يطالب ببورغندا، وسوف تتزوج أميرة، من آل هايسبورج، من أمير فرنسي، وتقدم إليه ميلان صداقاً لها. (كان يمكن تدبير معظم ذلك سلمياً عام 1525).

وكان شارل وقتذاك مطلق اليد في التغلب على البروتستانت في ملبرج وقد صوره نيسيان هناك، وهولا يشكومن داء النقرس، فخوراً منتصراً، منهوكاً متعباً بعد ألف من التقلبات ومائة من انقلابات عجلة الحظ الساخرة.

أما فرانسيس فقد انتهى أمره وانتهت معه كذلك فرنسا أوكادت، وهوإلى حد ما لم يفقد شيئاً سوى الشرف، وقد حافظ على بلادة بتعجل هجر المثل العليا للفروسية، ومع ذلك فقد كان يمكن قدوم الأتراك دون حتى يوجه الدعوة إليهم، وقد أعان مجيئهم فرانسيس على كبح جماح الإمبراطور الذي لولم يجد مقاومة، لنشر محكمة التفتيش الأسبانيّة في الفلاندرز وهولندة وسويسرا وألمانيا وايطاليا، وقد عثر فرانسيس فرنسا تنعم بالسلام والرخاء، وهجرها مفلسة على حافة حرب أخرى. وقبل وفاته بشهر، وبينما كان يقسم مؤكداً صدقاته لشارل، أوفد 200.000 كراون إلى البروتستانت في ألمانيا لتأييدهم ضد الإمبراطور(63)، وهو- وأقل درجة من ذلك شارل- يتفق في الرأي مع مكيافيلي بأن رجال السياسة الذين من واجبهم الحفاظ على بلادهم، يمكنهم مخالفة القانون الأخلاقي الذي يطالبون به مواطنيهم الذين لا هم لهم إلا الحفاظ على أرواحهم. وقد يغتفر له الشعب الفرنسي حروبه ولكنه لم يستسغ حلاوة أبهة مناهجه وبلاطه عندما استوعب فداحة الثمن. وكان قد فقد شعبيته عملاً عام 1535.

وواسى نفسه بالاستمتاع بالجمال حياً وميتاً، وقد اتخذ في أواخر سني حياته من فونتنبلومقراً أثيراً له وأعاد بناءه وابتهج بالفن الأنثوي الرشيق الذي كان الإيطاليون يزينونه به، وأحاط نفسه بفرقة صغيرة من النسوة الصغيرات اللاتي كن يمتعنه بطلعاتهن البهية ومرحهن. وأصيب عام 1538 في عاصمته بسقم وبدأ منذ ذاك يتلعثم تلعثماً مخجلاً، وحاول حتى يعالج ما كان على الأرجح سقم الزهري بأقراص الزئبق، التي وصفها له بارباروسا، ولكنها لم تنجح معه(64). وحطم روحه دمل عنيد كريه الرائحة، وأضفى على عينيه، التي كانتا حادتين يوماً نظرة شوهاء باكية، ودفعته إلى الاعتصام بورع لا يناسبه. وكان عليه حتى يراقب طعامه لأن الشك خامره في حتى بعض رجال الحاشية الذين يتسقطون حملة شأنهم في عهد خلفه، يسعون إلى تسميمه. ولاحظ في حزن حتى الحاشية تدور وقتذاك حول ابنه الذي كان بالعمل يوزع المناصب وينتظر في صبر حلول دوره في التحكم في موارد فرنسا. واستدعى وريثه الوحيد وهوعلى فراش الموت في رامبوييه وحذره من حتى تسيطر عليه امرأة- لأن هنري كان مخلصاً بالعمل لديان دي بواتييه- واعترف الملك بخطاياه في تلخيص متعجل، ورحب بالموت وهويلتقط أنفاسه بصعوبة وهمس فرانسيس، دوق دي جيز، وكان واقفاً عند الباب، إلى الذين كانوا في الحجرة المجاورة، حتى العاشق العجوز يحتضر(65)، ومات وهويردد اسم يسوع. وكان في الثالثة والخمسين من عمره ولقد حكم اثنتين وثلاثين عاماً. وشعرت فرنسا بأن حكمه دام طويلاً، ولكن عندما استردت حريتها منه، غفرت له جميع شيء، لأنه كان لبقاً حتى في ارتكاب آثامه، ولأنه عشق الجمال وكان فرنسا مجسدة.

ومات هنري الثامن في ذلك العام نفسه، ولحقت به مرجريت بعد عامين، وقد كانت بعيدة جداً عن فرانسيس، بل كانت أبعد من حتى تدرك حتى الموت يترقبه. وعندما وصلتها حدثة، وهي في دير بأنجوليم، تنبئها بأنه مصاب بسقم خطير كادت تفقد رشدها. ونطقت: "إن مَن يأتي إلى عتبة بابي، كائناً مَنقد يكون، ويعلن لي حتى شقيقي الملك قد أبل من سقمه، ولابد حتى مثل هذا الرسول سيكون متعباً منهوك القوى تغطيه الأوحال والأوشاب، ومع ذلك فسوف أمضى إليه وأقبله وأحتضنه كما لوكان أعظم الأمراء والسادة أناقة في فرنسا، وإذا كان في حاجة إلى فراش، فسوف أمنحه فراشي، وأرقد على الأرض مبتهجة لما حمله إلي من أنباء طيبة(66). وبعثت بالرسل إلى باريس فعادة وكذبوا عليها، وأكدوا لها حتى الملك سليم معافى، إلا حتى الدموع المختلسة التي انثالت من عيني راهبة كشفت عن الحقيقة، ولبثت مرجريت أربعين يوماً في الدير وهي تعمل رئيسة له، تردد الأناشيد المقدسة القديمة مع الراهبات. وعندما عادت إلى بوأونيران أسلمت نفسها للتقشف الشديد، وخيانات زوجها، وأهواء ابنتها المتقلبة، ووجدت السلوى، بعد السنوات التي أمضتها في شجاعة نصف بروتستانتية، في الشعيرة الكاثوليكية بألوانها وبخورها وموسيقاها الجذابة، وأسقمتها الكالفينية التي كانت تأسر جنوبي فرنسا، وأفزعتها، فعادت إلى تقواها التي عهدت بها في الطفولة.

وفي ديسمبر عام 1549، وبينما كانت ترقب مذنباً في السموات، أصيبت بحمى أثبتت أنها كانت عنيفة، إلى حد أنها حطمت هيكلاً وروحاً أوهنتهما قساوات الحياة. وكانت قبل ذلك بسنوات قد خطت سطوراً وكأنها نصف عاشقة لخدر الموت:

رباه متى يأتي الموت

الذي طالما اشتقت إليه

والذي أجد نفسي بقوة الحب

منجذبة إليك،يا ترى؟

ألا فلتجفف دموع عيني الحزينتين

وسط تنهدات الفراق

وامنن علي بخير أنعمك على الإطلاق

وهي نعمة النوم اللذيذ

زيجاته

الاسم صورة الميلاد الوفاة ملاحظات
Louise, 19 أغسطس 1515 21 سبتمبر 1517 Died aged two, of convulsions. Engaged to Infante Charles of Castile from birth to death, no issue.
Charlotte, 23 أكتوبر 1516 18 سبتمبر 1524 Died aged seven of measles. Engaged to Infante Charles of Castile between 1518 and 1524, no issue.
Francis, Duke of Brittany 28 February 1518 10 August 1536 Poisoned at the age of eighteen, no issue.
Henry II, King of France 31 March 1519 10 July 1559 Married Catherine de'Medici, had issue.
Madeleine, Queen Consort of Scotland 10 August 1520 7 July 1537 Married James V of Scotland, but died of tuberculosis at age sixteen. No issue.
Charles, Duke of Orléans 22 January 1522 9 September 1545 Died of the plague aged twenty-three, no issue.
Margaret, Duchess of Berry (since 1550) 5 June 1523 15 September 1574 Married Emmanuel Philibert, Duke of Savoy and had one son.

نسله

وفاته

Francis I and Charles V entering Paris in January 1540.

الإرث

فرانسوا الأول في الأفلام، والمسرح، والأدب

أساليب المحاورة الملكية
{{{royal name
أسلوب الإشارة His Most Christian Majesty
أسلوب المخاطبة Your Most Christian Majesty
الأسلوب البديل Monsieur Le Roi
أمثولة تصور شارل الخامس (في الوسط) جالساً على عرشه فوق أعدائه المهزومين (من اليسار إلى اليمين): سليمان القانوني، الپاپا حدثنت السابع، فرانسوا الأول، دوق كليڤ، دوق ساكسونيا ولاندگراف هسن.


المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

للاستزادة

  • Cholakian, Patricia Francis and Cholakian,Rouben Charles (1826). Marguerite de Navarre: mother of the Renaissance. Sherwood, Gilbert and Piper.CS1 maint: uses authors parameter (link)
  • Clough, C.H., "Francis I and the Courtiers of Castiglione’s Courtier." European Studies Review. vol viii, 1978.
  • Denieul-Cormier, Anne. The Renaissance in France. trans. Anne and Christopher Fremantle. London: George Allen and Unwin Ltd., 1969.
  • Grant, A.J. The French Monarchy, Volume I. New York: Howard Fertig, 1970.
  • Guy, John. Tudor England. Oxford: Oxford University Press, 1988.
  • Jensen, De Lamar. Renaissance Europe. Lexington: D.C. Heath and Company, 1992.
  • Knecht, R.J. Renaissance Warrior and Patron: The Reign of Francis I. Cambridge: Cambridge University Press, 1994.
  • Plats, John (1826). A New Universal Biography: Forming the first volume of series III. Sherwood, Gilbert and Piper.CS1 maint: uses authors parameter (link)
  • Major, J. Russell. From Renaissance Monarchy to Absolute Monarchy. Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 1994.
  • Seward, Desmond. François I: Prince of the Renaissance. New York: MacMillan Publishing Co., 1973.
فرانسوا الأول
House of Valois, Orléans-Angoulême branch
فرع أصغر من Capetian dynasty
وُلِد: 12 سبتمبر 1494 توفي: 31 مارس 1547
ألقاب ملكية
سبقه
لويس الثاني عشر
ملك فرنسا
1 يناير 1515 – 31 مارس 1547
تبعه
هنري الثاني
سبقه
Maximilian Sforza
Duke of Milan
1515–1521
تبعه
Francis Maria Sforza
نبيل فرنسي
سبقه
Claude
Duke of Brittany
18 مايو1514 – 20 يوليو1524
مع Claude
تبعه
Francis III / IV
سبقه
لويس الثاني عشر
Dauphin of Viennois
Count of Valentinois and Diois

1 يناير 1515 – 28 سبتمبر 1518
Count of Provence and Forcalquier
1 يناير 1515 – 31 مارس 1547
تبعه
Henry II of France
شاغر 1498 – 1 يناير 1515 شاغر
سبقه
Charles
Count of Angoulême
1 يناير 1496 – 1 يناير 1515
شاغر
Merged in the crown
تاريخ النشر: 2020-06-06 11:13:27
التصنيفات: Portal templates with all redlinked portals, Pages with citations using unsupported parameters, CS1 maint: uses authors parameter, Persondata templates without short description parameter, مواليد 1494, وفيات 1547, People from Cognac, ملوك كاثوليك, آل ڤالوا-أنگولم, ملوك فرنسا, دوفانات ڤيينوا, دوفانات فرنسا, Dukes of Milan, Dukes of Valois, Counts of Angoulême, فرسان الوشاح, فرسان الوبر الذهبي, French people of Cypriot descent, Grand Masters of the Order of Saint Michael, صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, Articles containing non-English-language text

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

درجات الحرارة الأحد فى مصر.. طقس حار نهارا على القاهرة الكبرى والدلتا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:19
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 45%

البرازيل تكتسح غينيا برباعية وسط تألق نجوم ريال مدريد.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:25
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

قادة أفارقة يحثون بوتين على بدء محادثات سلام مع أوكرانيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:47
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

بعد وفاته.. من هو مُسرب أوراق البنتاغون عن حرب فيتنام؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:39
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

ما سر ارتداء المنتخب البرازيلي للزي الأسود في مباراة غينيا؟

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:23:32
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 79%

تسجيل هزة أرضية بقوة 5.7 درجات على مقياس ريختر قبالة سواحل دولة ساموا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:18
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 37%

قطار الحرمين السريع.. خدمات متميزة لراحة ضيوف الرحمن بموسم الحج.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:15
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 49%

موعد مباراة الزمالك وفاركو فى كأس مصر والقناة الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:21
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 42%

"بوتين أبدى اهتمامه".. الكرملين: المبادرة الأفريقية لتسوية ا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:23:00
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

منتخب مصر يختتم تدريباته استعدادا لودية جنوب السودان

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:21:55
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

لمدة «72» ساعة .. توقيع هدنة جديدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:23:20
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

السلطة الفلسطينية تدين دعوة وزير إسرائيلي لتوسيع الاستيطان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:34
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

الأولى منذ 7 سنوات.. إقلاع رحلة جوية من مطار صنعاء إلى السعو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:52
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

هدنة جديدة في السودان بوساطة سعودية تبدأ غدا وتستمر 3 أيام

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:56
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

الجيش الملكي على بعد انتصار واحد من اللقب والوداد يواصل المطاردة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:23:31
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 82%

بن فرحان: العلاقات الطبيعية بين السعودية وإيران هي الأصل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-18 00:22:43
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية