مصطفى بن بولعيد

عودة للموسوعة

مصطفى بن بولعيد

مصطفى بن بولعيد
مصطفى بن بولعيد، "أبوالثورة الجزائرية".
وُلـِد 5 فبراير 1917
آريس، ولاية باتنة، الجزائر
توفي 22 مارس 1956 (39 عاماً)
آريس، ولاية باتنة، الجزائر
سبب الوفاة
قُتل في المعركة
المثوى آريس، ولاية باتنة، الجزائر
المنظمة جيش التحرير الوطني
الحركة جبهة التحرير الوطني،
اللجنة الثورية للوحدة والعمل،
المنظمة الخاصة

مصطفى بن بولعيد (و. خمسة فبراير 1917 - ت. 22 مارس 1956)، هوسياسي وثوري وقائد عسكري جزائري، اشتهر بلقب "أسد الأوراس"، و"أبوالثورة الجزائرية". كقائد عسكري أثبت جدارته في الميدان في لقاءة الاستعمار الفرنسي، وهومع ذلك قائد سياسي يحسن التخطيط والتنظيم والتعبئة يملك رؤية واضحة لأهدافه ولأبعاد قضيته وعدالتها، وكان يتحلى بأبعاد إنسانية إلى جانب تمرسه في القيادة العسكرية والسياسية.

كان مدركاً لشمولية الصراع ولأبعاد المعركة التي فرضها العدوالاستعماري عليهم، فلم ينحبس عند حدود الشخصية العسكرية التي عهد بها أويكتف بمميزات الرجل السياسي التي اتصف بها، بل كان متعدد الأبعاد متكامل الجوانب في شخصيته، ولم يرتهن للظروف القاسية والصعبة التي حاول العدوفرضها عليهم وحصارهم بها بل كان دائما واسع الأفق يحسن الخروج من أصعب الظروف وإيجاد الحلول لأعوص المشكلات.

فقد أسس جمعية خيرية في بواكير عمره وساهم في إنشاء المسجد وترأس لجنته إدراكا منه لدوره الروحي التوجيهي والإصلاحي والتعبوي كقلعة، كما حول محله التجاري إلى ما يشيه النادي في الالتقاء وتناول الأوضاع.

وكان له وعي نقابي حيث أسس نقابة وترأسها عند سفره إلى فرنسا للدفاع عن حقوق العمال الجزائريين الذين كانوا يعانون الظلم والتعسف والحرمان. وكان مدركا للبعد الدولي لقضيته الجزائرية ومطلعا على القوانين الدولية والاتفاقيات الخاصة بأسرى الحرب حيث راسل رؤساء الدول عن أوضاع المسجونين الجزائريين وشن مع مجموعة من رفقائه الإضراب عن الطعام عندما كان سجيناً.

محطات في حياته

الشهيد مصطفى بن بولعيد من مواليدخمسة فبراير 1917 بقرية "اينركب" بأريس ولاية باتنة من عائلة ميسورة الحال. تلقى تعليمه الأولي على أيدي مشايخ منطقته فحفظ ما تيسر له من القرآن الكريم وبعد هذا التحصيل تحول إلى مدينة باتنة للالتحاق بمدرسة الأهالي الابتدائية لمواصلة دراسته، ثم انتقل إلى الطور الإعدادي.


الوعي المبكر

وهنا لاحظ بن بولعيد سياسة التفرقة والتمييز التي تمارسها الإدارة الاستعمارية بين الأطفال الجزائريين وأقرانهم من أبناء المعمرين. وخوفا من تأثره وذوبانه في الشخصية الاستعمارية أوقفه والده عن الدراسة، لكن طموح الفتى وإرادته في تحصيل المزيد من العلوم دفعه إلى الالتحاق بمدرسة جمعية الفهماء المسلمين الجزائريين في أريس وكان يشرف عليها آنذاك مسعود بلعقون والشيخ عمر دردور، وفي هذه الأثناء كان يساعد والده في خدمة الأرض والتجارة غير حتى وفاة الوالد فيسبعة مارس 1935 قلبت حياة الشهيد الذي أصبح المسؤول الأول عن عائلته وهوفي الثامنة عشر من عمره. ونظرا لمشاهد البؤس اليومية التي كانت تعيشها الفئات المحرومة أسس بن بولعيد جمعية خيرية كان من أول ما قامت به هوبناء مسجد بآريس للمحافظة على الشخصية الجزائرية وليكون محورا للتعاون والتضامن بين المواطنين، خاصة التصدي لروح التفرقة والتناحر بين العروش التي كانت تغذيها الإدارة الاستعمارية وأذنابها للتحكم في العباد والأوضاع وكان نشاط بن بولعيد الاجتماعي عملا إستراتيجيا يرمي من ورائه إلى توثيق اللحمة والأواصر التي تربط بين أبناء المنطقة للتمسك بها عند الشدائد. في سنة 1937 سافر إلى فرنسا واستقر بمنطقة «ميتز» التي تكثر بها الجالية الجزائرية من العمال المحرومين من جميع الحقوق وقد مكنته مواقفه في حل مشاكلهم والدفاع عنهم إلى ترأس نقابتهم. لكن غربته لم تدم أكثر من سنة حيث عاد بعدها إلى مسقط رأسه وإلى نشاطه الأول والمتعلق بالفلاحة والتجارة. ومع الوقت تحول محله التجاري إلى شبه ناد يتردد عليه شباب المنطقة من أمثال مسعود عقون،ابن حاية وغيرهم للخوض في الأوضاع التي كانت تعيشها البلاد. في بداية 1939 استدعي بن بولعيد لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية وتم تسريحه في 1942 نتيجة الجروح التي أصيب بها ثم تم تجنبده ثانية ما بين سنتي 1943 و1944 بخنشلة. بعد تسريحه نهائيا برتبة مساعد عاد إلى الحياة المدنية وتحصل على رخصة لاستغلال خط نقل بواسطة الحافلات يربط بين أريس­ وباتنة. وفي هذه الأثناء انخرط بن بولعيد في صفوف حزب الشعب تحت قيادة مسعود بلعقون وقد عهد بالقدرة الكبيرة على التنظيم والنشاط الفائق مما دفع بالحزب إلى ترشيحه لانتخابات المجلس الجزائري في 4-04-1948 والتي فاز بالدور الأول منها لكن الإدارة الفرنسية لجأت إلى التزوير كعادتها لتزكية أحد المواليين لسياستها. وقد تعرض بن بولعيد إلى محاولتي اغتيال من تدبير العدووذلك في 1949 و1950. يعتبر بن بولعيد من الطلائع الأولى التي انضمت إلى المنظمة السرية بمنطقة الأوراس كما كان من الرواد الأوائل الذين أنيطت بهم مهمة تكوين نواة هذه المنظمة في الأوراس التي ضمت آنذاك خمسة خلايا نشيطة واختيار العناصر القادرة على جمع الأسلحة والتدرب عليها والقيام بدوريات استطلاعية للتعهد على تضاريس الأرض من جهة ومن جهة ثانية تدبر امكانية إدخال الأسلحة عن طريق الصحراء

دوره في التحضير لثورة نوفمبر

"مجموعة الستة"، قادة جبهة التحرير الوطني. الصورة اُخِذت قبيل اندلاع القتال في 1 نوفمبر 1954. الوقوف، من الشمال إلى اليمين: رابح بيطاط، مصطفى بن بلعيد، ديدوش مراد ومحمد بوضياف.
الجلوس: كريم بلقاسم إلى اليسار، والعربي بن مهيدي إلى اليمين.

بعد اكتشاف المنظمة السرية من قبل السلطات الاستعمارية في مارس 1950 برز دور بن بولعيد بقوة لما أخذ على عاتقه التكفل بايواء بعض المناضلين المطاردين وإخفائهم عن أعين العدووأجهزته الأمنية، وقد أعقب اكتشاف المنظمة حملة واسعة من عمليات التمشيط والاعتنطق والاستنطاق الوحشي بمنطقة الأوراس على غرار باقي مناطق الوطن. ولكن بالرغم من جميع المطاردات والمضايقات وحملات التفتيش والمداهمة تمكن بن بولعيد بفضل حنكته وتجربته من الإبقاء على المنظمة الخاصة واستمرارها في النشاط على مستوى المنطقة. وبالموازاة مع هذا النشاط المكثف بذل مصطفى بن بولعيد جميع ما في وسعه من أجل احتواء الأزمة بصفته عضوقيادي في اللجنة المركزية للحزب. وقد كلف بن بولعيد في أكتوبر 1953 وبتدعيم من نشطاء LصOS بالاتصال بزعيم الحزب مصالي الحاج الذي كان قد نفي في 14 ماي 1954 إلى فرنسا ووضع تحت الإقامة الجبرية، وذلك في محاولة لإيجاد حل وسطي يرضي المركزيين والمصاليين.

وبعد ذلك توصل أنصار العمل الثوري المسلح وفي طليعتهم بن بولعيد إلى فكرة إنشاء «اللجنة الثورية للوحدة والعمل» والإعلان عنها في 06 مارس 1954 من أجل تضييق الهوة التي تفصل بين المصاليين والمركزيين من جهة وتوحيد العمل والالتفاف حول فكرة العمل الثوري من جهة ثانية.

وبعد عدة اتصالات مع بقايا التنظيم السري OS تم عقد اللقاء التاريخي لمجموعة الـ22 بدار المناضل المرحوم الياس دريش بحي المدنية في 24 جوان 1954 الذي حسم الموقف لصالح تفجير الثورة المسلحة لاسترجاع السيادة الوطنية المغتصبة منذ أكثر من قرن مضى. ونظرا للمكانة التي يحظى بها بن بولعيد فقد أسندت إليه بالإجماع رئاسة اللقاء الذي انجر عنه تقسيم البلاد إلى مناطق خمس وعين على جميع منطقة مسؤول وقد عين مصطفى بن بولعيد على رأس المنطقة الأولى: الأوراس كما كان أحد أعضاء لجنة «الستة» «بوضياف، ديدوش، بن بولعيد، بيطاط، بن مهيدي، كريم». ومن أجل توفير جميع شروط النجاح والاستمرارية للثورة المزمع تفجيرها، تنقل بن بولعيد رفقة: ديدوش مراد، محمد بوضياف ومحمد العربي ين مهيدي إلى سويسرا خلال شهر جويلية 1954 بغية ربط الاتصال بأعضاء الوفد الخارجي «بن بلة، خيضر وآيت أحمد» لتبليغهم بنتائج اجتماع مجموعة الـ22 من جهة وتكليفهم بمهمة الإشراف على النادىية لصالح الثورة. ومع اقتراب الموعد المحدد لتفجير الثورة تكثفت نشاطات بن بولعيد من أجل ضبط جميع كبيرة وصغيرة لإنجاح هذا المشروع الضخم، وفي هذا الإطار تنقل بن بولعيد إلى ميلة بمعية جميع من محمد بوضياف وديدوش مراد للإجتماع في ضيعة تابعة لعائلة بن طوبال وذلك في سبتمبر 1954 بغرض متابعة النتائج المتوصل إليها في التحضير الجاد لإعلان الثورة المسلحة ودراسة احتياجات جميع منطقة من عتاد الحرب كأسلحة والذخيرة.

وفيعشرة أكتوبر 1954 التقى بن بولعيد، كريم بلقاسم ورابح بيطاط في منزل مراد بوقشورة بالرايس حميدووأثناء هذا الاجتماع تم الاتفاق على:

1- إعلان الثورة المسلحة باسم جبهة التحرير الوطني.

2- إعداد مشروع بيان أول نوفمبر 1954.

3-تحديد يوم 22 أكتوبر 1954 موعدا لاجتماع مجموعة الستة لمراجعة مشروع بيان أول نوفمبر وإقراره.

4- تحديد منتصف ليلة الاثنين أول نوفمبر 1954 موعدا لانطلاق الثورة المسلحة.

وطيلة المدة الفاصلة بين الإجتماعين لم يركن بن بولعيد إلى الراحة بل راح ينتقل بين مختلف مناطق الجهة المكلف بها "الأوراس" ضمن الكثير من الزيارات الميدانية للوقوف على الاستعدادات والتحضيرات التي تمت وكذا التدريبات التي يقوم بها المناضلون على مختلف الأسلحة وصناعة القبائل والمتفجرات التقليدية. وفي التاريخ المحدد التأم ضم الجماعة التي ضمت: بن بولعيد، بوضياف، بيطاط، بن مهيدي، ديدوش وكريم وذلك بمنزل مراد بوقشورة أين تم الاتفاق على النص النهائي لبيان أول نوفمبر 54 إثر مراجعته والتأكيد بصورة بترية على الساعة الصفر من ليلة فاتح نوفمبر 54 لتفجير الثورة المباركة وأجمع الحاضرون على التزام السرية بالنسبة للقرار النهائي التاريخي والحاسم ثم توجه جميع واحد إلى المنطقة التي كلف بالإشراف عليها في انتظار الساعة الصفر والإعداد لإنجاح تلك العملية التي ستغير مجرى تاريخ الشعب الجزائري. إلى غير ذلك عقد بن بولعيد عدة اجتماعات بمنطقة الأوراس حرصا منه على انتقاء الرجال القادرين على الثبات وقت الأزمات والشدائد، منها اجتماع بلقرين يوم 20-10-1954 الذي حضره الكثير من مساعديه نذكر منهم على الخصوص: عباس لغرور، شيهاني بشير، عاجل عجول والطاهر نويشي وغيرهم وخلال هذا اللقاء أفهم بن بولعيد رفاقه بالتاريخ المحدد لتفجير ثورة التحرير كما وزع على الحضور بيان أول نوفمبر وضبط حصة جميع جهة من الأسلحة والذخيرة المتوفرة. وقبل مرور أسبوع على هذا اللقاء عقد بن بولعيد اجتماعين آخرين في 30 أكتوبر 1954 أحدهما في دشرة «اشمول» والآخر بخنقة الحدادة التقى أثناءهما بمجموعة من المناضلين وألقى حدثة حماسية شحذ فيه همم الجميع. وفي الغد عقد اجتماعا قبل الساعة صفر، وقد ضم هذا الأخير قادة النواحي والأقسام وفيه تقرر تحديد دشرة أولاد موسى وخنقة لحدادة لالتقاء أفواج جيش التحرير الوطني واستلام الأسلحة وأخذ آخر التعليمات اللازمة قبل حلول الموعد التاريخي والانتنطق إلى العمل المسلح ضد الأهداف المعنية. وفي تلك الليلة نطق بن بولعيد قولته الشهيرة: "إخواني سنجعل البارود يتحدث هذه الليلة" وتحدث البارود في الموعد المحدد وتعرضت جل الأهداف المحددة إلى نيران أسلحة جيش التحرير الوطني وسط دهشة العدووذهوله. وفي صبيحة يوم أول نوفمبر 54 كان قائد منطقة الأوراس مصطفى بن بولعيد يراقب ردود عمل العدومن جبل الظهري المطل على أريس بمعية شيهاني بشير، مدور عزوي، عاجل عجول ومصطفى بوستة. وقد حرص بن بولعيد على عقد اجتماعات أسبوعية تضم القيادة ورؤساء الأفواج لتقييم وتقويم العمليات وتدارس ردود العمل المتعلقة بالعدووالمواطنين. وفي بداية شهر جانفي 1955 عقد هذا الأخير اجتماعا في تاوليليت مع إطارات الثورة تناول بالأخص نقص الأسلحة والذخيرة، وقد فرضت هذه الوضعية على بن بولعيد اعلام المجتمعين بعزمه على التوجه إلى بلاد المشرق بهدف التزود بالسلاح ومن ثم تعيين شيهاني بشير قائدا للثورة خلال فترة غيابه ويساعده نائبان هما: عاجل عجول وعباس لغرور.


الاعتنطق والعودة لقيادة الثورة

صورة التقطت بعد القبض على بولعيد في تونس (11 فبراير 1955).

وفي 24 جانفي 1955 غادر بن بولعيد الأوراس باتجاه المشرق وبعد ثلاثة أيام من السير الحثيث وسط تضاريس طبيعية صعبة وظروف أمنية خطيرة وصل إلى « القلعة « حيث عقد اجتماعا لمجاهدي الناحية لاطلاعهم على الأوضاع التي تعهدها الثورة وأوفد بعضهم موفدين من قبله إلى جهات مختلفة من الوطن. بعد ذلك واصل بن بولعيد ومرافقه عمر المستيري الطريق باتجاه الهدف المحدد. وبعد مرورهما بناحية نقرين «تبسة « التقيا في تامغرة بعمر الفرشيشي الذي ألح على مرافقتهما كمرشد. وعند الوصول إلى « أرديف « المدينة المنجمية التونسية، وبها يعمل الكثير من الجزائريين، اتصل بن بولعيد ببعض هؤلاء المنخرطين في صفوف الحركة الوطنية، وكان قد تعهد عليهم عند سفره إلى ليبيا في منتصف أوت 1954، وذلك لرسم خطة تمكن من إدخال الأسلحة، الذخيرة والأموال إلى الجزائر عبر وادي سوف. وانتقل بن بولعيد من أرديف إلى المتلوي بواسطة القطار ومن هناك استقل الحافلة إلى مدينة قفصة حيث بات ليلته فيها رفقة زميليه. وفي الغد اتجه إلى مدينة قابس حيث كان على موعد مع المجاهد حجاج بشير، لكن هذا اللقاء لم يتم بين الرجلين نظرا لاعتنطق بشير حجاج من قبل السلطات الفرنسية قبل ذلك. وعند بلوغ الخبر مسامع بن بولعيد ومخافة حتى يلقى نفس المصير غادر مدينة قابس على جناح السرعة على متن أول حافلة باتجاه بن قردان. وعند وصول الحافلة إلى المحطة النهائية بن قرادن طلب هؤلاء من جميع الركاب التوجه إلى مركز الشرطة، وحينها استوعب بن بولعيد خطورة الموقف فطلب من مرافقه القيام بنفس المراحل التي يقوم بها، وكان الظلام قد بدأ يخيم على المكان فأغتنما الفرصة وتسللا بعيدا عن مركز الشرطة عبر الأزقة. ولما اقترب منهما أحد أفراد الدورية أطلق عليه بن بولعيد النار من مسدسه فقتله. وواصلا هروبهما سريعا عبر الطريق الصحراوي تام الليل وفي الصباح اختبأ، وعند حلول الظلام تابعا سيرهما معتقدين أنهما يسيران باتجاه الحدود التونسية­الليبية لأن بن بولعيد كان قد أضاع البوصلة التي تحدد الإتجاه، كما أنه فقد إحدى بتر مسدسه عند سقوطه.

وما حتى طلع النهار حتى كانت فرقة الخيالة تحاصر المكان وطلب منهما الخروج وعندما حاول بن بولعيد استعمال مسدسه وجده غير صالح وإثر ذلك تلقى هذا الأخير ضربة أفقدته الوعي إلى غير ذلك تم اعتنطق بن بولعيد يوم 11 فيفري 1955. وفي ثلاثة مارس 1955 قدم للمحكمة العسكرية الفرنسية بتونس التي أصدرت يوم 28 ماي 1955 حكما بالأشغال الشاقة المؤبدة بعدها نقل إلى قسنطينة لتعاد محاكمته من حديث أمام المحكمة العسكرية في 21 جوان 1955 وبعد محاكمة مهزلة أصدرت الحكم عليه بالإعدام.ونقل إلى سجن الكدية الحصين.وفي السجن خاض بن بولعيد نضالا مريرا مع الإدارة لتعامل مساجين الثورة معاملة السجناء السياسيين وأسرى الحرب بما تنص عليه القوانين الدولية. ونتيجة تلك النضالات ومنها الإضراب عن الطعام مدة 14 يوما ومراسلة رئيس الجمهورية الفرنسية تم نزع القيود والسلاسل التي كانت تكبل المجاهدين داخل زنزاناتهم وتم السماح لهم بالخروج صباحا ومساء إلى فناء السجن. وفي هذه الفترة واصل بن بولعيد مهمته النضالية بالحمل من معنويات المجاهدين ومحاربة الضعف واليأس من جهة والتفكير الجدي في الهروب من جهة ثانية. وبعد تفكير متمعن تم التوصل إلى فكرة الهروب عن طريق حفر نفق يصلها بمخزن من البناء الاصطناعي وبوسائل جد بدائية شرع الرفاق في عملية الحفر التي دامت 28 يوما كاملا. وقد عهدت عملية الحفر صعوبات عدة منها الصوت الذي يحدثه عملية الحفر في حد ذاتها ثم الأتربة والحجارة الناتجة عن الحفر.

وقد تمكن من الفرار من هذا السجن الحصين والمرعب جميع من مصطفى بن بولعيد، محمد العيفة، الطاهر الزبيري، لخضر مشري، علي حفطاوي، إبراهيم طايبي، رشيد أحمد بوشمال، حمادي كرومة، محمد بزيان، سليمان زايدي وحسين عريف. وبعد مسيرة شاقة على الأقدام الحافية المتورمة والبطون الجائعة والجراح الدامية النازفة وصبر على المحن والرزايا وصلوا إلى مراكز الثورة. وفي طريق العودة إلى مقر قيادته انتقل إلى كيمل حيث عقد سلسلة من اللقاءات مع إطارات الثورة ومسؤوليها بالناحية، كما قام بجولة تفقدية إلى الكثير من الأقسام للوقوف على الوضعية النظامية والعسكرية بالمنطقة الأولى "الأوراس". وقد تخلل هذه الجولة إشراف بن بولعيد على قيادة بعض أفواج جيش التحرير الوطني التي خاضت معارك ضارية ضد قوات العدووأهمها: معركة إيفري البلح يوم 13-01-1956 ودامت يومين كاملين والثانية سقطت بجبل أحمر خدويوم 18-01-1956.

ضريح سي مصطفى على اليمين ورفيقه عرماني على اليسار في نارة، ولاية باتنة.

وقد عقد آخر اجتماع له قبل استشهاده يوم 22 مارس 1956 بالجبل الأزرق بحضور إطارات الثورة بالمنطقة الأولى وبعض مسؤولي جيش التحرير الوطني بمنطقة الصحراء. ومساء اليوم نفسه أحضر إلى مكان الاجتماع جهاز إرسال واستقبال ألقته قوات العدووعند محاولة تشغيله انفجر الجهاز الذي كان ملغما مخلفا استشهاد ستة مجاهدين على رأسهم قائد المنطقة الأولى مصطفى بن بولعيد وخمسة من رفاقه.

في الثقافة العامة

تمثال مصطفى بن بولعيد، في أريس، ولاية باتنة

في 2008، أنتجت وزارة المجاهدين الجزائرية بالتعاون مع مؤسسة ميسان بلقس فيلم ووالتلفزيون الجزائري فيلماً روائياً وثائقياً بعنوان مصطفى بن بولعيد. الفيلم من إخراج أحمد راشدي، وبطولة حسان قشاش.

وفي 2010، عُرض مسلسلاً بعنوان مصطفى بن بولعيد، والذي تم إنتاجه بالتزامن مع الفيلم السابق ذكره، لوجود مشاهد فائضة لم يتسن عرضها من خلال الفيلم. المسلسل من إخراج أحمد راشيد، وبطولة حسان قشاش.


المصادر

  1. ^ مصطفى بن بولعيد".. من فيلم سينمائي إلى مسلسل تلفزيوني". جزايرس. 2010-08-18. Retrieved 2019-10-27.
  • مسقط المجاهدين

خط ومراجع

  • Au forgeron de Batna, De Jean-Pierre Marin - Préface de Jean Deleplanque; apercu sur google books

وصلات خارجية

  • Biographie sur Algérie-Monde.com
  • Gallerie photo Elias Filali Pbase
  • site consacré au Front de libération nationale
تاريخ النشر: 2020-06-06 18:32:38
التصنيفات: Articles with hCards, Persondata templates without short description parameter, أشخاص من الثورة الجزائرية, ثوريون جزائريون, شاوية, عسكريون جزائريون, جبهة التحرير الوطني الجزائرية, شهداء حرب التحرير الجزائرية, مواليد 1917, وفيات 1956

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

قادة انقلاب الغابون: إعادة فتح الحدود "بأثر فوري"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:51
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 98%

قاسم مشترك واحد بانقلابات إفريقيا.. ما علاقة فرنسا؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:54
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 87%

بيبو: سمة واضحة على لاعبي الأهلي في معسكر النمسا

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:47
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 41%

عبد الصمد الزلزولي يرحل عن برشلونة رسميا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:27
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 94%

رئيس الصومال يؤكد عزم بلاده "على ملاحقة الإرهاب شبرا بشبر"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:21
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 99%

بورصة مصر تربح 85 مليار جنيه ومؤشرها يقفز 7% في أغسطس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:16
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 95%

كيف صعد معدل البطالة في أميركا رغم إضافة 187 ألف وظيفة؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:00
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 99%

النيجر: السفير الفرنسي لم يعد دبلوماسياً ولا يملك إقامة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:53
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 98%

فضيحة فساد تلاحق رجل أعمال أوكرانياً.. ما علاقة زيلينسكي؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:51
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 93%

بأمر من كولر .. راحة سلبية وجولة حرة للاعبي الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:48
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 36%

بعد توقيف بيترو أتليتيكو.. هل يشارك الرجاء في السوبر الإفريقي؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:10:19
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 82%

منتخب مصر يعلن عدم مشاركة محمد صلاح في مباراته ضد إثيوبيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:28
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

لماذا اختار لامين يامال المنتخب الاسباني على حساب المنتخب المغربي؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:10:11
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 79%

بنزيمة بعد الخسارة من الهلال: سنعود أقوى

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:03
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 96%

أين تقع مصر على خارطة الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:09:13
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 85%

تأهب في طرابلس.. وطوق أمني حول منازل المسؤولين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:08:44
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 99%

سوريا.. إصابة مدير ناحية بتفجير سيارته في ريف دمشق (صورة)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:20
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 98%

سباليتي يشعر أنه تصرف بشكل جيد مع نابولي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:08:57
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 98%

اشتباكات جنوب أم درمان.. وقصف بقذائف المدفعية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:07:52
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 99%

السوبر الإفريقي.. الموعد والقنوات الناقلة لقرعة الدور الأول

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-02 15:10:08
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 84%

تحميل تطبيق المنصة العربية