باتريس لومومبا

عودة للموسوعة

پاتريس لومومبا (2 يوليو1925-17 يناير 1961) كان مناضلا كونغوليا ذوميول اشتراكية، أصبح أول رئيس وزراء منتخب في تاريخ الكونغوما بين آخر أيام الاحتلال البلجيكي لبلاده وأول أيام الاستقلال.

ميلاده، تعليمه وعمله

ولد باتريس ايمري لومومبا عام 1925 في قرية كاتاتا كوركومبي في إقليم ستانليفيل (كيسانغاني أوكاساي) بمقاطعة الكونغوالشرقية، وينتمي إلى قبيلة باتيليلا وهي جزء من قبيلة المونغو.

وهومن أبناء النخبة الكونغولية التي حظيت بالتعليم في فترة الاستعمار البلجيكي حيث تلقى التعليم الأولي بالمدارس التبشيرية، ثم التحق بمدرسة لتدريب عمال البريد في ليوبولدفيل، وفي التاسعة عشرة من عمره عمل موظفا للبريد بمدينة ستانلي فيل وشهد خلالها بأم عينه الفصل العنصري ضد السود. في الوقت نفسه تفهم القانون والاقتصاد واجتاز عدة دورات دراسية، وعقد خلال عمله علاقات وثيقة مع القبائل الإفريقية المتنوعة.

بعد 11 عاما اتهم بالسرقة فسجن، وبعد خروجه عمل في عدة أعمال لإعالة أسرته.

العمل السياسي

قبل الاستقلال

شارك في مؤتمر أكرا الممهد لمنظمة الوحدة الإفريقية في ديسمبر عام 1958 وبعد سماح سلطات الاحتلال بالنشاط السياسي الوطني أسس حزب الحركة الوطنية الكونغولية الذي يهدف للاستقلال والوحدة الوطنية وكانت أقوى الحركات السياسية في الكونغو، كما رأس تحرير جريدة الاستقلال، وقام بالاتصال بعدة أطراف إقليمية ودولية لتأييد حق بلاده في الاستقلال وكان يحث الجماهير بخطبه النارية وبمنطقاته الحماسية في الصحف المحلية والخارجية يشرح فيها جرائم البلجيك ضد شعبه وبلده معتمداً على البراهين والادلة المستقاة من ملاحظاته والتقارير والاحصاءات الصادرة من الأوساط البلجيكية حول الأموال الطائلة التي هربها المستعمر إلى بلجيكا، فحظي لومومبا بشعبية واسعة وقاد مظاهرات ولقاءات مع الإستعمار البلجيكي عام 1959 أدت إلى اعتنطقه لمدة ستة أشهر، وأفرج عنه لإنجاح مفاوضات مؤتمر المائدة المستديرة التي كانت تجري في بروكسل لبحث مستقبل الكونغو، ونقل من السجن إلى بروكسل بالطائرة، على إجراء استفتاء شعبي عام في الكونغوتحت إشراف دولي لفهم رغبة الشعب أورأيه في الاستقلال، وتم الإتفاق على استقلال الكونغووإنهاء ثمانين عاما من الاستعمار البلجيكي، وإجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد.

الانتخابات

أجريت انتخابات نيابية في مايو/ أيار 1960 تنافس فيها أكثر من مائة حزب، وحققت الحركة الوطنية بقيادة لومومبا نجاحا ساحقا وحصل على حوالي 90% من الأصوات. وحاولت بلجيكا التي كانت تدير البلاد إخفاء النتائج وإسناد الحكم إلى حليفها جوزيف إليوخاصة حتى منصب رئيس الوزراء هوالمتحكّم في شئون البلاد؛ حيث يُعتبر منصب الرئيس منصبا شرفيا، وكان الرئيس آنذاك يُحابي الاحتلال على حساب شعبه، ولكن الضغط الشعبي وحفاظاً على ماء وجههم أمام الرأي العام الأوربي، أجبرت بلجيكا على تكليف لومومبا بتشكيل الحكومة في 21 يونيو1960.

الاستقلال

لومومبا رئيسا للوزراء

شكل لومومبا أول حكومة كونغولية منتخبة في 23 يونيو/ حزيران 1960 وحرص على حتى تضم حكومته جميع القوي الوطنية وأصدر عدة قرارات عشية استقلال البلاد لإبعاد البلجيكيين عن إدارة شئون البلاد.

حادثة حفل الاستقلال

حدثت أزمة سياسية بين الكونغووبلجيكا يوم الاستقلال، ففي 30 يونيو1960 جاء ملك بلجيكا بودوان ورئيس وزرائه وكذلك من الدول الأفريقية وبعض الشخصيات الاوربية إلى الكونغولحفل إعلان الاستقلال.

تقدم رئيس وزراء البلجيك لإلقاء حدثتة فمنعه لومومبا بحجة حتى اسمه غير وارد في قائمة المتحدثين فامتعض رئيس الجمهورية كازا فوبومن هذا التصرف، فقام ملك بلجيكا وألقى حدثة نطق فيها "ان بلجيكا ضحت بشبابها وأموالها الطائلة من أجل تعليم الشعب الكونغولي وحمل مستوى اقتصاده، وحذر الوطنيين الكونغوليين بعدم اتخاذ إجراءات متسرعة أوغير مدروسة تؤدي إلى تدمير المدنية التي خلفها البلجيكيون لهم".

فأغضب ذلك الكونغوليين واعتبروا حديثه مهينا ويفتقر إلى اللياقة، فقام لومومبا واتجه إلى المنصة فقاطع الملك البلجيكي بخطاب أطلق عليه خطاب "الدموع والدم والنار" قائلا :"أيها المناضلون من أجل الاستقلال وأنتم اليوم منتصرون، أتذكرون السخرية والعبودية التي فرضها علينا المستعمر،يا ترى؟ أتذكرون إهانتنا وصفعنا طويلا لمجرد أننا زنوج في نظره؟ لقد استغلوا أرضنا، ونهبوا ثرواتنا، وكان ذلك بحجج قانونية . قانون وضعه الرجل الأبيض منحازا انحيازا كاملا ضد الرجل الأسود.

لقد تعرضنا للرصاص والسجون وذلك لمجرد أننا نسعى للحفاظ على كرامتنا كبشر".

وهنا ساد صمت مطبق ما عدا همس بين ملك البلجيك ورئيس وزرائه الذين عزموا على اغتال لومومبا، فبعد ثلاثة أيام فقط بعد هذه الحادثة ولج جيش بلجيكي إلى الكونغوعن طريق مصب نهر زائير ووصل إلى العاصمة كينشاسا وفي نيته تطبيق خطة مبيتة ضد لومومبا.

ما بعد الاستقلال

لم تنعم الكونغوبالاستقلال سوى أيام معدودة، فقد دخلت في سلسلة من الأزمات لم تتوقف حتى اليوم. ووجدت حكومة لومومبا نفسها تقابل أزمات كبرى بدأت بتمرد عسكري في الجيش، وانفصال إقليم كاتانغا الغني بالثروات في الكونغوبدعم من بلجيكا، واضطرابات عمالية.

انفصال إقليم كاتانغا

في يوليو1960 قام مويز تشومبي حاكم إقليم كاتانغا، الغني بالمعادن الثمينة، بالثورة على الحكومة الكونغولية وأعرب الحرب عليها كما أعرب انفصال الإقليم عن الكونغوفي دولة مستقلة.

استنجد لومومبا بالاتحاد السوفيتي ولكن السوفيت رفضوا طلبه، ثم طلب منهم فقط إعارته بضعة طائرات حاملة الجنود لنقل ما بقي من جيش إلى كاتانجا لتحريرها، ورفض هذا الطلب أيضاً. اضطر لومومبا إلى اللجوء إلى هيئة الامم المتحدة واستجابت لطلبه ظاهرياً وأوفدت (200) ألف جندي إلى الكونغو، ولكنها تدخلت ضده. وانفض عن لومومبا عدد من حلفائه الأساسيين، وساءت علاقته مع رئيس الجمهورية كازافوبو.

إنطقة لومومبا

رغم حتى منصب رئيس الجمهورية شرفي والسلطة العملية بيد رئيس الوزراء، فإن الرئيس كازافوبوبعد ثلاثة أسابيع فقط أصدر أمراً بعزل لومومبا وتجريده من جميع صلاحياته وإنطقة الحكومة، رغم حتى مجلس الشيوخ صوت بأغلبية كبيرة ضد القرار، وتم تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة جوزيف إليوالموالي لبلجيكا.

هروبه واغتياله

الهروب

أدرك لومومبا أنه عرضة للاغتيال في أيّة لحظة حتى أنه نقل عنه قوله "إذا مت غداً فسيكون السبب حتى أبيض قد سلح أسود. توفي لومومبا شاباً في سبيل الدفاع عن أمة عصرية"، فطلب الحماية والحراسة من قوات هيئة الأمم ولكنها تجاهلت طلبه، وبقي وحيداً في المعركة. فاضطر لومومبا إلى اللجوء إلى معقل أنصاره في شمال البلاد قرب الغابة الممطرة ولكن العقيد موبوتورئيس هيئة الأركان الذي كان حليفاً للومومبا سابقاً -وتحت التأثير القوي لسفير بلجيكا في الكونغوآنذاك- قد انقلب ضده، واتهمه أمام كاميرات التلفزيون بأنه متعاطف بل مؤيد للشيوعية، كان موبوتويريد بذلك التأييد والدعم من الولايات المتحدة.

إلقاء القبض عليه

حاول لومومبا الهرب من معتقله لكن قبض عليه في الطريق مع اثنين من أبرز رفاقه هما: نائب رئيس مجلس الشيوخ جوزيف أوكيتو، ووزير الإعلام موريس موبولو، بعد ذلك أمر موبوتوبسجن لومومبا ثم سلمه إلى عدوه تشومبي - الذي أعرب استقلال إقليم كاتانغا- بدل تسليمه إلى الحكومة الجديدة وتشومبي سلمه فوراً إلى الجيش البلجيكي ونقلوا إلى سجن بلجيكي في سيارة جيب يقودها ضابط بلجيكي.

قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتوفاحتلوا بسرعة ثلثي الكونغولكن سيسيسيكوهزمهم بفضل الدعم الغربي واستولى على السلطة عام 1965 في انقلاب عسكري هوالأول من نوعه في أفريقيا في ذلك الوقت.

الإغتيال

في تاريخ 17 يناير 1961 حوالي الساعة العاشرة ليلاً، دُفع بالسجناء-لومومبا ورفاقه- في سيارة من الموكب المؤلف من أربع سيارات أمريكية وسيارتي جيب.

في السيارات الثلاث الأولى كان الرئيس تشومبي وعدة وزراء من حكومة كاتانغا، وفي السيارة الرابعة اللفتننت البلجيكي غات ويقودها المفوض فرشير. والسجناء في الخلف مقيدون بالسلاسل، وفي السيارة الخامسة عناصر من الشرطة العسكرية. انعطف الموكب نحواليمين تجاه مفرق الطريق القريب، وبعد عدة مئات من الأمتار، أخذ مساراً ضيقاً إلى اليسار، يؤدي إلى الطريق الذي يصل لوانوباليزابتفيل. انطلقت السيارات الأمريكية بسرعة، ووصلوا إلى مفترق طرق، وتابعوا في درب إلى اليمين تؤدي إلى موادينغوشا المشهورة بشلالاتها، وهي منطقة مستنقعية وموطن لأسراب الطيور. وعلى بعد ثلاثمائة متر منها، وصل الموكب إلى فسحة في الأراضي المشجرة. كانت الساعة العاشرة وخمسة وأربعين دقيقة ليلاً؛ استغرقت مسافة الخمسين كيلومتراً أقل من 45 دقيقة.

كانت البقعة منارة بالأضواء الأمامية لسيارة الشرطة التي كان يسوقها المفوض فرشير، والتي وصلت أولاً. كانوا ينتظرون بقية الموكب. جرى اختيار تسعة من رجال الشرطة إضافة إلى الجنود التسعة للتطبيق. كانت هناك شجرة مهيبة ترتفع إلىعشرة أمتار ويبلغ قطرها 80 سنتيمتراً. لم يجد الجنود كثيراً من المشقة في حفر القبر لأن التربة كانت رملية ومفككة. خرج الجميع من سياراتهم وانضموا إلى الشرطة، ما عدا السجناء. تبادل اللفتننت غات بضع حدثات مع وزراء كاتانغا الذين كانوا واقفين أمام القبر، كانوا في مزاج جيد وأطلقوا عدة نكات. كان أحدهم عصبياً يدخن السيجارة تلوالأخرى.

أُخرج السجناء من السيارة. كانوا حفاة لا يرتدون سوى بناطيلهم وستراتهم. أزال فرشير قيودهم، وسار وراء لومومبا الذي سأله: ستقتلوننا، أليس كذلك،يا ترى؟ رد فرشير ببساطة: نعم. تقبل لومومبا بجرأة إعلان موته الوشيك. وقف السجناء الثلاثة على الممر يحيط بهم الجنود ورجال الشرطة، كانوا قد تحملوا الضرب في الساعات السابقة. أبلغهم فرشير بأنهم سيطلقون عليهم الرصاص، وأعطاهم الوقت ليتلوا صلواتهم. لومومبا رفض العرض. في تلك الأثناء، استعدت فرقة إطلاق النار الأولى المكونة من جندين يحملان بندقيتين وشرطيين برشاشين، ويبدوحتى أحداً ترنم بلحن محلي.

أخذ فرشير جوزف أُكيت إلى الشجرة، وأوقف عندها. نطق أُكيت: أريد حتى تعتنوا بزوجتي وأولادي في ليُبُلدفيل. أجابه: نحن في كتنغا ولسنا في ليو. اتكأ أُكيت على الشجرة ووجهه نحوفرقة القتل المستعدة على بعد أربعة أمتار. وانهمر وابل قصير من الرصاص، سقط على أثره نائب رئيس مجلس الشيوخ السابق ميتاً. واتى دور موريس مُبُل، أُسند إلى الشجرة، وكانت جولة جديدة من الرصاص من فرقة أخرى أسقطته أرضاَ. وأخيراً أقتيد لومومبا إلى طريق القبر، كان صامتاً مذهولاً تماماً وعيناه زائغتان، ولم يبد أية مقاومة، قابل زمرة القتل الثالثة ووابل هائل من الرصاص، وأصبح جسد رئيس الوزراء السابق كالغربال لكثرة ثقوب الرصاص.

بعد التطبيق، كانت الأرض قد امتلأت بنحونصف كيلوغرام من الرصاصات الفارغة. بعد سبع وعشرين سنة، كانت الشجرة لا تزال مثقبة بالرصاص. أنجزت العملية كلها بحوالي خمس عشرة دقيقة .

وتم التخلص نهائيا من الجثث بعد أربعة أيام بتقطيعها إلى بتر صغيرة وإذابتها في حمض الكبريتيك. ونفذ هذه المهمة ضابط شرطة بلجيكي اسمه جيرارد سويت، وكان الحمض في شاحنة مملوكة لشركة تعدين بلجيكية. وقد اعترف سويت بذلك في لقاء تلفزيوني أجري معه عام 1999، ونطق إنه احتفظ باثنين من أسنان لومومبا كـ"تذكار" لسنوات عدة، ثم تخلص منهما بإلقائهما في بحر الشمال.

قتله البلجيكيون في يناير 1961 بعد سنة واحدة من توليه الحكم لتأثيره على مصالحهم في الكونغو

باتريس لومومبا على طابع بريد سوفيتي

مصير عائلته

توفرت الحماية لعائلة لومومبا بواسطة الفوج المصري التابع للأمم المتحدة والذي ساعدهم وهربهم بأوامر من جمال عبد الناصر وكان هذا قبل إلقاء القبض على لومومبا.

الحصار والتهريب

حاصرت قوات موبوتومنزل لومومبا قبل هربه فمضى عبد العزيز إسحاق وهوصديق شخصي للومومبا في بداية العام 1961 إليه بسيارة جيب تابعة للأمم المتحدة، يرافقه سعد الدين الشاذلي وكان قائد الفرقة المصرية في قوات حفظ السلام، كانت الساعة حوالى السابعة مساءا، وفي غفلة من هذه القوات تم تهريب أبناء لومومبا جميعا في السيارة الجيب، وتوجهوا إلى أحد المباني التي كانت تابعة لمصر في الكونغووقضوا الليلة هناك.

ولم تلتفت قوات سيسيسكوالتي كانت تحاصر البيت لعدة أيام إلى حتى أولاد لومومبا قد هربوا رغم أنهم لاحظوا أنهم لم يخرجوا إلى حديقة البيت كالعادة، إلا حتى الجنود ظنوا بأن الأطفال يلتزمون البيت خوفا على حياتهم، مطمئنين أنه طالما الأب موجود فالأولاد موجودون.

كان مع عبد العزيز إسحاق جواز سفر مزور على أنه متزوج من إفريقية، وكان مثبت في جواز السفر حتى أبناء لومومبا هم أولاد عبد العزيز، وأطلق عليهم أسماء عربية فكان اسم باتريس الابن مثلا هوعمر، كما حتى صور أبناء لومومبا في الجواز كانت مهزوزة قليلا، وكان ذلك مقصودا حتى لا تتضح معالم وجوههم بالضبط، وأمر إسحق أبناء لومومبا حتى يمثلوا بأنهم نائمون حتى إقلاع الطائرة وتوجهت السيارة إلى المطار.

في المطار

رتب سعد الدين الشاذلي فرقتين صاعقة ووضعهما في المطار باعتبارهما من قوات الأمم المتحدة التي تشارك فيها مصر، ومنح الشاذلي أوامره بأن يهربوا عن طريق المطار -الذي كان خاضعا لسيطرة الأمم المتحدة وقوات موبوتو- مهما كلف الأمر.

في المطار كان أحد من المفتشين في المطار يدقق في جواز سفر عبد العزيز إسحاق "وأبنائه"، فساوره الشك وصاح: "محال حتىقد يكون هؤلاء أولاد هذا الرجل"، وطلب رؤيتهم قبل صعودهم إلى الطائرة، فرد عليه عبد العزيز إسحاق، بأن الأولاد ناموا ولا يمكن حتى يتم إيقاظهم، كان إسحاق يتحدث بثقة كبيرة، وحوله ضباط مصريون مما ساعد في إرباك الموظف وأخلى سبيلهم، ومر الموقف وأقلعوا بالطائرة، ومع الإحساس بالأمان استيقظ الأطفال من تمثيلية النوم.

واصل باتريس سرد سيرة تهريبه وإخوته من الكونغوإلى مصر قائلا: طارت الطائرة من الكونغوونحن لا نعهد إلى أي مكان نحن ذاهبون إليه، وكنا نطمئن فقط إلى وجود عبد العزيز إسحق، لأنه صديق الوالد، وأذكر حتى الرحلة استمرت طويلا، ونزلنا إلى الجزائر ترانزيت حوالى ساعتين أوثلاثة، ومن الجزائر واصلنا الرحلة إلى برشلونة في أسبانيا وفيها استمر الترانزيت حوالى يوم، ثم مضىنا إلى سويسرا يومين إلى ثلاثة، ومن سويسرا أخذنا الطائرة إلى المصرية.

في مطار القاهرة هبط أبناء لومومبا الثلاثة، فرانسووباتريس وجوليانا، وبقيت الأم إلى جوار الوالد، بالإضافة إلى ابن رابع هورولا وكان عمره عامين، وبعد مرور سنة تقريبا اتىت الأم ومعها رولا إلى القاهرة، ويستكمل باتريس سرد باقى سيرة تهريبهم إلى مصر قائلا، أنهم وفور نزولهم إلى أرض المطار جاء مندوبون من رئاسة الجمهورية وصحفيون، ويضيف: "توجهنا على الفور إلى منزل عبد العزيز إسحق لأننا لا نعهد لغة عربية، ولا نعهد أحدا في مصر، وفضل الرئيس جمال عبد الناصر حتى نبقى عند إسحق حتى نتفهم العربية، وطبعا هوكان صديق الوالد".

في جلستنا كانت شخصية عبد العزيز إسحق هي الطرف المصري الأصيل في السيرة، فهوالذي قاد عملية التهريب وصاحب خطتها، وهوالذي استضاف أبناء لومومبا في منزله، وعنه نطق باتريس: "هوكان صديق والدي وعمل الرابطة الأفريقية الموجودة في الزمالك، كان بيسافر أفريقيا كتير، وكانت علاقته قوية بقادة حركات التحرر الأفريقية، وفي الفترة التي قضيناها في منزله شاهدت عنده الكثير من هؤلاء القادة أذكر منهم جوش نكومو، وكنا نمضى معه أحيانا إلى الرابطة الأفريقية فنشاهد عشرات اللاجئين السياسيين من أفريقيا وهم يلتقون به، وبقينا على هذا الوضع عامين حتى استأجر لنا الرئيس جمال عبد الناصر فيلا مستقلة انتقلنا إليها للعيش فيها.

قلت لباتريس، أصبحتم هنا في مصر في رعاية أب ثانٍ هوجمال عبد الناصر، فهل استطاع رغم مشغولياته الكبيرة حتى يتابع معكم دور الأب؟

قبل حتى يجيب باتريس على سؤالي، دق جرس التليفون الأرضي، وكان عبد الحميد جمال عبد الناصر هوالذي يتحدث مع شقيقه خالد ليخبره أنه في الطريق للانضمام إلينا ولرؤية باتريس، وبعد انتهاء المكالمة التفت خالد إلى باتريس: "جاوب يا عم باتريس على سؤال سعيد" فأجاب باتريس: "كان جمال عبد الناصر يعاملنا معاملة أب لأبنائه، يسألنا عن جميع شئ يقول لنا، اتفرجوا ياولاد سينما، إلعبوا الكرة ياولاد، وبعدين لما كان خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم وهدى ومنى يروحوا المعمورة في الصيف نروح معاهم، وأمنا السيدة العظيمة تحية (زوجة عبد الناصر) تجهز لنا الأكل والسندويتشات، وترعانا مفيش فرق بين الكل، وبالمناسبة كان أخي فرنسوا يلعب الكرة في فريق الزمالك في جيل فاروق جعفر لكنه لم يستمر، المهم حتى معاملة الرئيس عبد الناصر كانت معاملة أب بجد، وفي متابعته لدروسنا كان عنده اهتمام قوى بأن نتفهم لغة عربية، ولوعثر أحد من إخوتى ضعيف في اللغة العربية أوأي مادة أخرى، كنا نجد على الفور مدرس يأتي إلى المنزل للشرح، لكن كان هوحريصا بالذات على اللغة العربية.

كان تأكيد باتريس لومومبا على حتى عبد الناصر كان حريصا جدا على تعليمهم اللغة العربية لافتا مما أغراني بسؤاله: "هل كان لك تفسير لما كان اهتمام عبد الناصر بتعليمكم اللغة العربية؟" رد باتريس: "لا أعتقد أنها كانت فقط لأننا نعيش في مصر، وهذا ما كنت أتصوره وقتها، لكن لما كبرت وعدت إلى بلادي فهمت حتى تعليمنا اللغة العربية وحرص جمال عبد الناصر على ذلك من الممكنقد يكون له مسببات أخرى مهمة، ففي بلادي تقربني اللغة من جميع ما مصري، وأكيد كان الرئيس عبد الناصر عنده بعد نظر في أنه هومتأكد أننا سنعود في يوم من الأيام إلى بلدنا، ويا سلام لما نعود واحنا بنتحدث عربي، أكيد أنها ستعود بالفائدة في العلاقات مع مصر".

التقط خالد عبد الناصر خيط الحوار، حين سألت باتريس عما إذا كانت هناك تفاصيل أخرى لم يذكرها في سيرة تهريبهم، وبينما كان التأثر واضحا وبقوة على وجه باتريس، وهويستعد للكلام وقف خالد قائلا: "أنا مش هقدر أحضر اللى هيقولوا باتريس لأني أعهده وهوشيء مؤلم، وعلى فكرة هولا يذكره كثيرا" قلت لخالد: "إذا كان ما سيذكره باتريس مؤلم له فلا داعي رغم حتى السيرة كلها مؤلمة عليه" فالتفت خالد إلى باتريس ليمسك بيده قائلا: "لا بأس يا باتريس وأنا رأيي تقول جميع اللي تعهده لأنها شهادة للتاريخ وللناس اللى ما تعهدش الحقيقة" فتحدث باتريس... يستكمل

https://www.youm7.com/story/2010/10/2/أبناء-لومومبا-عند-عبد-العزيز-إسحق/285399

نطق الشاذلي إذا مهمته كانت هي الأولى من نوعها بالنسبة لمصر، وإنه تم توزيع الكتيبة المصرية في أقصى الشمال الغربى للكونغوبمسافة تبعد عن العاصمة نحوألف كيلو، وكان هذا البعد مقصودا حتى لا تكون الكتيبة المصرية بالقرب من الأحداث، يضيف الشاذلي، رغم هذا البعد إلا أننا كنا نقوم ببعض الأمور التي تصب في مصلحة هدفنا الأصلي، سليم أنا كنت في مهمة تابعة للأمم المتحدة، لكني لم أنسَ أبداً أنني مصري، وقمت بدوري في عملية إنقاذ أطفال لومومبا.

مازلت على التليفون مع الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي سألته عن طبيعة الدور الذي قام به في عملية إنقاذ أطفال لومومبا، فرد: "كل ما أستطيع قوله أنني قمت بدوري في هذه العملية، وزرتهم فيما بعد في منزل عبد العزيز إسحق، كما زارني ابنه الأكبر فرنسوا أثناء إقامتي في الجزائر(فترة الثمانينات من القرن الماضيى، وعاش الشاذلي في الجزائر على إثر خلافات بينه وبين القيادة السياسية في مصر)، أضاف الشاذلى: "لولا وجودنا في الكونغوما تمت عملية التهريب".

سألت الشاذلي: حدثتنى عن حتى وجودكم بعيدا عن الأحداث كان مقصودا، راتى حتى تعطى لنا توضيحا أكثر حول هذه النقطة، وكيف كانت نظرة الشعب الكونغولي لكم؟

رد الشاذلي: كانت القوى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا لا يريحها أي تواجد مصري في أفريقيا، ولهذا لم يستريحوا لوجود مصريين في الكونغوحتى وإن كانت تحت لافتة الأمم المتحدة، ونطقوا كلاما ضدنا مثل حتى مصر تسعى إلى الهيمنة على أفريقيا، وكان هذا الكلام مدعوما من أمريكا وبلجيكا باعتبارها دولة الاستعمار في الكونغو، المهم أنني كنت أحمل معى خطا مصرية كثيرة، وأحمل معى نسخ من المصاحف، وليعهد الجميع حتى الوضع هناك كان متخلفا إلى أبعد مدى، فلم تكن هناك هياكل دولة ولا يوجد تعليم، وفي هذه الأجواء كنت أقوم بتوزيع الخط التي معي والتي تأتيني من مصر بطريقة ما، وأذكر حتى هناك من ولج الإسلام بفضل تعاملنا، وبالرغم من وجود كتيبة أندونيسية معنا، وكان جميع جنودها من المسلمين إلا حتى الكتيبة المصرية كان لها عمل السحر، فأي مجموعة من الكونغوليين كانت تجلس معنا كانت تتعامل على أساس أننا من عند جمال عبد الناصر، ومهما وصفت لن أستطيع حتى أنقل مدى السحر الذي كان يحدثه اسم جمال عبد الناصر في أفريقيا، وأذكر حتى وسائل التحرش ضدنا كانت متنوعة، فنحن كنا في منطقة لقاءة لبلدة بانجي في أفريقيا الاستوائية، وكان الاستعمار الفرنسي قائما هناك، وكان المرور بين أفريقيا الاستوائية والكونغويمر عبر المعبر الذي توجد فيه فرقتنا، وكان الفرنسيون يطلقون الطائرات على ازدياد منخفض علينا بحجة مسح المكان، لكنه في الحقيقة كان نوعا من استعراض القوة خاصة وأن هذا الإجراء كان يتم على الكتيبة المصرية فقط، وليس كتائب أخرى موجودة معنا.

سألت الشاذلي:"ماذا كان رد العمل بعد فهم عملية هروب أوتهريب أبناء لومومبا؟".

رد الشاذلي: في المراحل الأولى، تعاملنا وكأننا لا نعهد شيئا عن السيرة.

قبل حتى أُنهي مكالمتي مع الفريق سعد الدين الشاذلي، طلب مني التحدث إلى باتريس لومومبا، وتحدث معه سائلا عما قيل وقتها عن حتى بلجيكا اعتذرت لحكومة الكونغوعن عملية اغتيال لومومبا، فنطق باتريس، بلجيكا قررت الاعتذار لحكومة الكونغووأسرة لومومبا، وقرروا عمل مؤسسة تحمل اسم لومومبا للديمقراطية، وتعطى منحا دراسية، ونحن لم نقبل الاعتذار ولم نتنازل.

التقط أمين إسكندر هذه النقطة ليسأل باتريس: هل تعتزمون مقاضاة بلجيكا، وهل هي كانت الطرف الوحيد في اغتيال الوالد؟

أجاب باتريس: لم نقرر بعد مقاضاة بلجيكا أم لا، لكن ما وقع حتى الاغتيال كان طرفه المخابرات البلجيكية والمخابرات الأمريكية، وتم بضرب الوالد بالرصاص هوواثنين معه ووضعوهم في حفرة، وفي اليوم التالي لاحظ أحد أفراد الحراسة حتى هناك يد إنسان تظهر من حفرة، فاتصل برؤسائه ليسألهم وكانوا هم يعهدون ما فيها فأبلغوه بالقيام بحفر الحفرة، واستخراج الجثث منها وتقطيعها ووضعها في محلول "الأسيد" حتى يختفى جميع أثر لها، والشخصان اللذان كانا مع الوالد في الحفرة هما رئيس البرلمان ووزير في وزارته، وكان من حزب "الحركة الوطنية الكونغولية"، وأخي يتولى رئاسته الآن، وظهر فيما بعد حتى المخابرات الأمريكية دخلت على خط عملية الاغتيال، وكانت فشلت من قبل في اغتياله عبر وضع سم في معجون الأسنان... يستكمل

https://www.youm7.com/story/2010/10/4/الشاذلى-يوزع-المصاحف-فى-الكونغو/286261

نطق باتريس: "بعد حتى وصلنا إلى القاهرة، خرج الوالد من العاصمة، واعتزم التوجه إلى بلدة اسمها "ستا نليفيل"، وكان له أتباع كثيرون في هذه البلدة، وعن طريق أنصاره استطاع الخروج بسلام من العاصمة، لكن الناس في البلاد التي كان يمر عليها في طريقه إلى "ستانليفيل"، كانت تستوقفه فيخطب فيهم ويشعل حماسهم، مما أدى إلى تعطيله وتأخيره عن الوصول بسرعة إلى بلدة "ستانليفيل"، وفي نفس الوقت منح الفرصة للإبلاغ عن جميع تحركاته، ويضيف باتريس، "لم تكن لدى موبوتو(رئيس الكونغوفيما بعد) طائرات فأمده الأمريكان بطائرة هليوكوبتر وطائرات أخرى لنقل قواته، ووضعوا خطة قامت على تحديد مكان يفترض أن يعبر منه لومومبا بواسطة "معدية" إلى مكان لقاء، وفي الناحيتين تقف قوات لموبوتوبحيث أنه لوفلت من ناحية سيجد قواتاً من الناحية الأخرى تعتقله على الفور، وهذا ما وقع بالعمل حيث تم القبض عليه في هذا المكان، وتم اقتياده إلى الطائرة المهداة من الأمريكان لموبوتولتعود به إلى العاصمة، وفي العاصمة حبسوه في معسكر جيش، ورأى موبوتوحتى استمرار لومومبا في المعسكر خطر، لأنه من الوارد حتى يتحدث مع حراسه فيتحولوا إلى تأييده، وبالتالي من الممكن حتى يقوم الحراس بتهريبه، وعلى هذا الأساس اتى التفكير بضرورة التخلص من لومومبا".

واصل باتريس كلامه، "كان تشومبي، الذي تحالف مع موبوتو، عدوا لدودا للومومبا وهوصاحب فكرة التخلص منه، وهوالذي أعرب انفصال إقليم كتانغا وتنصيب نفسه رئيسا عليه، وكان حول تشومبي مستشارون بلجيكيون يضعون له الخطط وهوعليه التطبيق، وبعد فترة قصيرة قضاها الوالد في معسكر الجيش تم نقله إلى فيلا سكنية خالية، لكنه كان شبه ميت من شدة التعذيب، وتقرر التخلص منه نهائيا خوفا من حتى استمرار سجنه سيؤدي حتما إلى إحداث قلاقل في البلاد، وبالعمل تم تطبيق عملية الاغتيال بالرصاص، وتم تطبيقها أيضا ضد جوزيف أوكيتو، رئيس مجلس الشيوخ، وضد وزير الإعلام، موريس موبولو، وتم دفن الثلاثة في حفرة، وخلع الضابط البلجيكى الذي نفذ عملية القتل سنتين مضىيتين من فم الوالد تذكارا لما عمل، وبتروا الجثث ووضعوها في حمض كبريت لإذابتها، والهدف طبعا كان إخفاء أي معالم للجثث ظنا منهم أنهم يخفون بذلك معالم جريمتهم.

توجه أمين إسكندر إلى باتريس بسؤال، أين كانت الوالدة؟ فأجاب باتريس: بعد اغتيال الوالد خرجت الوالدة من العاصمة إلى ستانليفيل، وذلك بحماية من الأمم المتحدة، كانت البلد انقسمت نصفين، حكومة شرعية في ستانليفيل، وموبوتويعمل حكومة ثانية، وأذكر شيئا لم يأت عنه الحديث في هذه الجلسة، وهوأنه كانت لي شقيقة طفلة ولدت بعد تهريبنا من الكونغوإلى مصر أي أنني لم أرها أنا وفرنسوا وجوليانا، وتوفيت وفاة طبيعية، وحزن الوالد كثيرا لموتها، والحزن لم يكن فقط على الموت وإنما لعجزه عن دفنها، ظلت الجثة أمامه وهولا يستطيع دفنها، وعندما مضىت أمي إلى ستانليفيل أخذت الجثة معها ودفنتها.

هذا فوق طاقة البشر يا باتريس، هكذا علق أمين إسكندر، فرد باتريس، نعم فوق طاقة البشر، فسيدة اغتيل زوجها بوحشية، وأطفالها في بلد آخر بعيدين عنها، ولديها جثة طفلة رضيعة احتفظت بها كثيرا لكي تدفنها حسب معتقداتنا، كما أنها لا تعهد مصيرها، يعني هل سيقتلها الذين قتلوا الوالد أم لا،يا ترى؟ وبعد حتى مضىت الأم إلى ستانليفيل ودفنت أختي الرضيعة، واستمرت فيها لفترة تدخل خلالها جمال عبد الناصر من أجل حتى تأتي إلى مصر ومعها شقيقي الرابع رولا وكان عمره عامين، ولم يتم تهريبه معنا، ولما اتىت إلى مصر لأول مرة بقيت معنا مدة شهرين، ثم عادت إلى ستانليفيل ولم تكن تحت سيطرة موبوتوبعد، ثم اتىت إلى مصر لتستقر معنا نهائيا، وأي حد في هذا الوقت في الكونغوكان يحمل صورة لومومبا يتم قتله.

سألت باتريس، "هل عهد الناس في الكونغوأنه تم تهريبكم إلى مصر،يا ترى؟ وكيف عهدتم هنا في مصر خبر اغتيال الوالد؟ أجاب: "الناس في الكونغولم تعهد سيرة تهريبنا، فالعملية سرية ولم يعهد بتفاصيلها أحد، الناس عهدت فقط أننا في مصر، وتلقينا خبر اغتيال الوالد من عبد العزيز إسحق، وعهدناه منه بالتدريج، ولم يحدثنا في تفاصيل وإنما في عموميات.

https://www.youm7.com/story/2010/10/6/يوم-أن-عهد-أبناء-لومومبا-بموت-أبيهم/287126

بعد حتى تحدث باتريس عن تفاصيل عملية الاغتيال الوحشي لوالده لومومبا والتحاق والدته بهم في مصر، وقع تبادل للذكريات في الجلسة بين خالد وعبد الحميد وباتريس، نطق باتريس، "أخذنا من جمال عبد الناصر حباً وحناناً مهما تحدثت عنه لن أعطيه حقه، كان يداعبني دائما فيناديني باسم عتريس.. يا عتريس.. يا عتريس، فنضحك وأنا أجرى إليه فيأخذني في أحضانه، بالضبط كما يعمل أبى، كنت أقضي أياما كثيرة أنا وإخوتي في بيت الرئيس مع خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم وهدى ومنى، هوطبعا كان دائم الانشغال لكن في وقت الغذاء يناديني لأجلس بجواره".

يتحدث خالد، "كنا عائلة واحدة، لا يشعر أحد منا حتى الآخر غريب عنه، أخوات يعني، لما كنا نمضى للبحر في الإسكندرية، وفي البحر ننسى جميع شيء، فتنادي أمي الله يرحمها، "يا باتريس جوعتم ولا لسه، ولما نتشاقى نتعاقب جميعا، كنا نعهد أننا أخوات، وحكاية الأخوات أخذت وقتا علشان نعهد إحنا أخوات ليه".

يضحك عبد الحميد وهويقول، "لما اتى تشومبي إلى مصر لحضور مؤتمر عدم الانحياز ورفض جمال عبد الناصر دخوله، وتم حجزه في أحد القصور حتى عودته، وبعدها بيومين ونحن على الغذاء"، نطق لباتريس ضاحكا، "مرحتش ليه يا عتريس تموت تشومبي".

تنوعت حكايات الذكريات لتضم أشياءً كثيرة، كان من بينها ما ذكره خالد حول أنه بعد دخوله الجامعة طلب من جمال عبد الناصر حتى يتم تخصيص مصروف له، فطلب منه الوالد حتى يسأل زملاءه عن مصروفهم، فمضى خالد إلى صديقه إسماعيل ليسأله، فنطق له إنه يحصل علىثمانية جنيهات في الشهر، وأراد خالد حتى يزودها شوية فنطق له إذا زملاءه يحصلون على 2 جنيه في الأسبوع، ولأن الشهر فيه أربعة أسابيع، يعني هيبقى فيه يومان في الشهر يمكن يحملوا قيمة المصروف جنيها مثلا أوأقل حاجة بسيطة، كان خالد يحكي وضحكته تجلجل، لكن عبد الحميد نقلها إلى سيرة أخرى، نطق عبد الحميد، "أسرة لومومبا كان لها مخصصات تابعة لرئاسة الجمهورية، وظلت كما هي حتى تقلصت تدريجيا في عصر السادات"، التفت عبد الحميد إلى خالد قائلا، "فاكر يا خالد لما موبوتو(رئيس الكونغو، وكانت تسمى في عهده زائير) اتى لزيارة مصر في أواخر السبعينيات أيام السادات، أيه اللي حصل؟، يرد خالد، حصل فرض إقامة جبرية على أسرة لومومبا طول فترة الزيارة، فقمنا أنا وعبد الحميد وعبد الحكيم بشراء وجبة طعام فاخرة لإرسالها لهم حتى لا يشعروا بأن هناك تقصيرا في حقهم".

انتقلت جلستنا، والتي استمرت من الساعة العاشرة صباحا وحتى الرابعة عصرا، إلى مناقشات أخرى في قضايا سياسية متنوعة، وتحدث باتريس عن عودتهم إلى بلادهم واستقرارهم فيها، وتولى شقيقه قيادة حزب، وشقيقته وزارة الثقافة، وهوعلى ما أذكر في مجال سياسي بارز.

عاد الأبناء إلى مناصب رفيعة في بلادهم، وفي وجدانهم وعقلهم مصر التي أعطتهم، وإذا وضعنا ذلك إلى جوار ما ذكره مفتش الشرطة الأوغندية الذي اتى إلى مصر منذ أسبوعين حتى يجمع ذكريات والده الذي قاد حركة تحرير أوغندا من الاستعمار، واتى إلى مصر عبد الناصر سائرا على قدمه وساعدته مصر، وإذا وضعناه أيضا إلى جوار ما ذكره رئيس الوزراء الكيني الذي عاش مع والده في حي الزمالك أثناء قيادة الوالد للنضال من أجل استقلال كينيا ومنحه عبد الناصر المساعدات، والمفارقة حتى جميع هذا التراث وغيره في دول حوض النيل التي تفجرت معها المشاكل في الآونة الأخيرة، فكيف نستفيد به،يا ترى؟ من لديه الإجابة فليخطها.

https://www.youm7.com/story/2010/10/7/كيف-نستفيد-من-أبناء-الزعماء-الأفارقة؟/287596

دور المخابرات البلجيكية والأمريكية في تخريب استقلال الكونغوواغتيال لومومبا

فقد بين المحرر حتى الحكومة البلجيكية حينذاك هي من أفسح المجال القانوني في البرلمان أمام الذي عينته الجالية البلجيكية قابلة لها، وتم ذلك بمساعدة واسناد الجيش البلجيكي من اتباع لومومبا الذي لديه خبرة عسكرية عينه لومومبا رئيس اركان الجيش الكونغولي. تم اعتنطق الرئيس باتريس لومومبا في 1960. كان لدى لومومبا شعبيه كبيرة في البلاد لكن كانت مشاكله كثيره مع بلجيكا. كانت هذه بداية العلاقة بين البلجيكيين وموبوتو. . لكن المحرر تمكن عبر متابعة تفاصيل مهمة منشورة في الوثائق المفرج عنها أخيرا وعبر متابعة وثائق الأمم المتحدة ذات العلاقة إضافة إلى اعترافات بعض الضباط البلجيكيين المشاركين من الكشف عن بعض جوانب دور الحكومة البلجيكية برئاسة غستن آيسكنز في الأحداث. ووفقا لكتاب نشر في هولندا مؤخرا ألفه لودوديفيت بعنوان "اغتيال لومومبا"، واعتمادا على وثائق بلجيكية سرية حصل عليها المؤلف، فإن لومومبا اعتقل عام 1961 في مطار إليزابثفيل لدى هبوطه من الطائرة على يد درك كتانغا بقيادة خصمه تشومبي المتحالف مع موبوتو، وكان ستة جنود سويديين تابعين لقوات الأمم المتحدة حاضرين لحظة الاعتنطق.

أفكار سياسية

لم يتبن لومومبا موقفا شاملا في السياسة ولا الاقتصاد، إنما كان أول كونغولي يقدم رواية لتاريخ الكونغوتعارض الآراء البلجيكية الاستعمارية التقليدية، وكما أنه أبرزَ معاناة السكان الأصليين تحت حكم الأوروبيين. كان فريدا بين زملائه في أخذه جميع الكنغوليين في الاعتبار في خطابه (بينما اقتصرت روايات الآخرين على شعوبهم أومناطقهم الخاصة) وقدم هوية قومية أساسها الصمود في لقاءة الاستعمار إضافة لكرامة الناس الطبيعية وإنسانيتهم وقوتهم ووحدتهم. ضم مفهوم لومومبا للإنسانية مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية والاعتراف بالحقوق الأساسية.

اعتبر لومومبا الدولة ناصرا إيجابيا للرفاه العام كما اعتبر تدخل الدولة في مجتمع الكونغوضروريا لضمان المساواة والعدالة والانسجام الاجتماعي.

انظر أيضا

  • موبوتوسيسيسيكو

روابط خارجية

  • باتريس لومومبا على مسقط IMDb (الإنجليزية)
  • باتريس لومومبا على مسقط Munzinger IBA (الألمانية)
  • باتريس لومومبا على مسقط قاعدة بيانات الأفلام السويدية (السويدية)
  • باتريس لومومبا على مسقط المخطة المفتوحة (الإنجليزية)

مراجع

  1. ^ http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12963694s — تاريخ الاطلاع:عشرة أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
  2. ^ أسرار اغتيال باتريس لومومبا ، منطقة في "عرب ريم" - الجمل ـ سعيد زكريا نسخة محفوظة 25 يوليو2018 على مسقط واي باك مشين.
  3. ^ باتريس لومومبا.. حلم الجماهير نسخة محفوظة 12 أبريل 2009 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ خطة تهريب أبناء لومومبا إلى مصر ، منطقة في صحيفة "اليوم السابع" المصرية - سعيد الشحات - بتاريخ 01 أكتوبر 2010 نسخة محفوظةثمانية مايو2017 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ Stack, James (11 July 1964). " (PDF). The New African. London: 141–142. ISSN 0142-9345. مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 مارس 2018. CS1 maint: ref=harv (link)
  6. ^ Goff, P., المحرر (2004). (الطبعة illustrated). Springer. صفحة 29. ISBN . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020. CS1 maint: ref=harv (link)
  7. ^ Goff, P., المحرر (2004). (الطبعة illustrated). Springer. صفحة 30. ISBN . مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020. CS1 maint: ref=harv (link)
  8. Kayembe, Don (2 July 2013). "Analyse de L'Héritage Politique et Idéologique de Patrice Emery Lumumba". LAVD Congo (باللغة الفرنسية). مؤرشف من الأصل في 1 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخعشرة أبريل 2018.
تاريخ النشر: 2020-06-07 01:15:16
التصنيفات: وفيات 1961, مواليد 1925, أشخاص قتلوا في جمهورية الكونغو الديمقراطية, أشخاص من أزمة الكونغو, إنهاء استعمار, تاريخ جمهورية الكونغو الديمقراطية, ثوريون أفارقة, جرائم قتل في أفريقيا 1961, رؤساء الأنظمة الذين سُجنوا فيما بعد, رؤساء وزراء جمهورية الكونغو الديمقراطية, سياسيون معدمون, قادة خلعوا من السلطة عن طريق انقلاب, قادة دول مغتالون, قوميون, كونغوليون, كونغوليون ديمقراطيون حسب المهنة, معاداة الإمبريالية, معدمون رميا بالرصاص, ناشطو استقلال, وفيات بإطلاق النار في جمهورية الكونغو الديمقراطية, وفيات بسبب الأسلحة النارية, وفيات في مقاطعة كاتانغا, أعلام كونغوليون ديمقراطيون معدمون, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, CS1 maint: ref=harv, صفحات بها مراجع بالفرنسية (fr), مقالات تحتوي نصا بالفرنسية, صفحات تستخدم خاصية P1559, مواليد 2 يوليو, صفحات تستخدم خاصية P509, صفحات تستخدم خاصية P27, صفحات تستخدم خاصية P106, صفحات بها مراجع ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P1412, صفحات تستخدم خاصية P607, صفحات تستخدم خاصية P166, صفحات تستخدم خاصية P345, صفحات تستخدم قالب:صندوق معلومات شخص مع وسائط غير معروفة, مقالات تستعمل روابط فنية ببيانات من ويكي داتا, صفحات تستخدم خاصية P1284, صفحات تستخدم خاصية P2168, صفحات تستخدم خاصية P648, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, بوابة أفريقيا/مقالات متعلقة, بوابة بلجيكا/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة جمهورية الكونغو الديمقراطية/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فريق على أبو جريشة يتوج بلقب "كابيتانو مصر" فى الموسم الأول

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:32
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 44%

"رونو" تكشف بالدار البيضاء عن طرازها الجديد "داسيا جوغر"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:53
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 70%

الزمالك يخسر من شباب بلوزداد ويودع بطولة دوري أبطال إفريقيا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:22:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

الزمالك يخسر من بلوزداد بثنائية فى الجزائر ويودع دورى أبطال أفريقيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:34
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 46%

نص كلمة الرئيس السيسى خلال احتفالية "كتف فى كتف" باستاد القاهرة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:40
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 40%

جلسته غدًا.. والدة الطفل شنودة تناشد التضامن معها لعودة طفلها

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:22:51
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

مصدر: المغرب لن يهتم بعد الآن بشراء "فرقاطة فريم" الإيطالية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:50
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 76%

إكسون الأمريكية تسعى إلى استئناف مشروع موزمبيق للغاز الطبيعي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

ترشح المغرب لاحتضان مونديال 2030.. لقجع يكشف عن الخطوة المقبلة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:23:58
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 73%

تدشين أواني وأيقونات وشمامسة جدد بأبو قرقاص

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:22:55
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

مظاهرات وسط باريس لليوم الثاني بسبب نظام التقاعد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:24:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

يد الزمالك يفوز على البنك الأهلي في دوري المحترفين

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:22:49
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

معرض فنى على هامش يوم التراث القبطى الثامن

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:22:53
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

ثلاثة مقررين أمميين يسائلون الجزائر

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-18 00:24:01
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 71%

تحميل تطبيق المنصة العربية