أبوبكر

هذه الموضوعة عن أبي بكر الصدّيق أوَّل الخلفاء الراشدين. لرؤية صفحة توضيحية بمنطقات ذات عناوين مشابهة، انظر أبوبكر (توضيح).


أبوبكر
أول الخلفاء الراشدين
خليفة رسول الله، الصّدّيق، العتيق، الصاحب، الأتقى، الأوّاه، ثاني اثنين في الغار، سيدنا أبوبكر
أبوبكر الصديق
الحكم 8 يونيو632 – 22 أغسطس 634
محمد كنبي وليس كخليفة
عمر بن الخطاب

قتيلة بنت عبد العزى (تطلقا)
أم رمان
أسماء بنت عميس
حبيبة بنت خارج
الأنجال أبناؤه
  • عبد الله
  • عبد الرحمن
  • محمد
بناته
  • أسماء
  • عائشة
  • أم كلثوم
الاسم الكامل
عبد الله بن أبي قحاف
الأب عثمان أبوقحاف
الأم سلمى بنت صخر
أشقاؤه
  • معتق
  • عتيق
  • قحافة بن عثمان
شقيقاته
  • فدرة
  • قريبة
  • أم عمير
أحفاده الصديقيون
وُلِد ح. أكتوبر 573
مكة، الجزيرة العربية
توفي 22 أغسطس 634(634-08-22) (عن عمر 61 عاماً)
المدينة، شبه الجزيرة
الدفن المسجد النبوي، المدينة

أبوبكر الصديق عبد الله بن عثمان التيمي القرشي (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هوأول الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهووزير نبي الإسلام محمد وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة. يَعدُّه أهل السنة والجماعة خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصحابة إيماناً وزهداً، وأحبَّ الناس إلى النبي محمد بعد زوجته عائشة. عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكر بلقب الصّدّيق، وهولقب لقبه إياه النبي محمد لكثرة تصديقه إياه.

ولد أبوبكر الصديق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قريش في الجاهلية، فلما نادىه النبي محمد إلى الإسلام أسلم دون تردد، فكان أول من أسلم من الرجال الأحرار. ثم هاجر أبوبكر مرافقاً للنبي محمد من مكة إلى المدينة، وشهد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي محمد، ولما سقم النبي سقمه الذي توفي فيه أمر أبا بكر حتى يَؤمَّ الناس في الصلاة. توفي النبي محمد يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبوبكر بالخلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الردة، بدأ أبوبكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشام، ففتح معظم العراق وجزءاً كبيراً من أرض الشام. توفي أبوبكر يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطاب.

حياته قبل الإسلام

تخطيط لاسم أبي بكر الصديق ملحوق بنادىء الرضا عنه

نسبه

  • هو: «عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمروبن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهوقريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التيمي القرشي»، يلتقي مع النبي محمد في الجد السادس مرة بن كعب.
  • أبوه: «أبوقحافة عثمان بن عامر بن عمروبن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي القرشي»، وأم أبي قحافة: «قيلة بنت أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب». أسلم يوم فتح مكة، وعاش بعد ابنه أبي بكر وورثه، وهوأول من ورث خليفة في الإسلام، إلا أنه رد نصيبه من الميراث على ولد أبي بكر، وتوفي سنة 14هـ وله سبع وتسعون سنة.
  • أمه: «أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمية القرشية». أسلمت في مكة قبل الهجرة مع ابنها أبي بكر، وتوفيت قبل أبي قحافة.

مولده ونشأته

منظر عام لمكة، حيث ولد أبوبكر وترعرع.

ولد أبوبكر في مكة سنة 573م بعد عام الفيل الذي وُلد فيه النبي محمد بسنتين وستة أشهر، فكان أصغر عُمراً منه، ولم يختلف الفهماء في حتى أبا بكر وُلد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم نطق بثلاث سنين، وبعضهم نطق بسنتين وستة أشهر، وآخرون نطقوا بسنتين وأشهر ولم يحددوا عدد الأشهر.

وقد نشأ أبوبكر وترعرع في مكة، وكان من رؤساء قريش وأشرافها في الجاهلية، محبباً فيهم، مألفاً لهم، وكان إليه الأشناق في الجاهلية، والأشناق هي الدِّيات، وكان إذا حمل شيئاً صدَّقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيرُه خذلوه ولم يصدقوه. ويُنطق حتى الشرف في قريش في الجاهلية كان قد انتهى إلى عشرة رهط من عشرة أبطن، منهم العباس بن عبد المطلب من بني هاشم، وأبوسفيان بن حرب من بني أمية، وعثمان بن طلحة بن زمعة بن الأسود من بني أسد، وأبوبكر من بني تيم، وخالد بن الوليد من بني مخزوم، وعمر بن الخطاب من بني عدي، وصفوان بن أمية من بني جمح، وغيرهم.

وقد اشتهر أبوبكر في الجاهلية بصفات عدة، منها الفهم بالأنساب، فقد كان عالماً من فهماء الأنساب وأخبار العرب، وله في ذلك باعٌ طويل جعله أستاذ الكثير من النسابين كعقيل بن أبي طالب وجبير بن مطعم وغيرهما، وكانت له صفة حببته إلى قلوب العرب، وهي أنه لم يكن يعيب الأنساب، ولا يذكر المثالب بخلاف غيره، وقد كان أبوبكر أنسبَ قريش لقريش وأفهمَ قريش بها وبما فيها من خير وشر، وقد رُوي حتى النبي محمداً نطق: «إن أبا بكر أفهمُ قريش بأنسابها»».

دير الراهب بحيرى في بصرى في الشام.

وقد كان أبوبكر تاجراً، نطق ابن كثير: «وكان رجلاً تاجراً ذا خُلُق ومعروف، وكان رجالُ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لفهمه وتجارته وحسن مجالسته». وقد ارتحل أبوبكر للتجارة بين البلدان حتى وصل بصرى من أرض الشام، وكان رأس ماله أربعين ألف درهم، وكان ينفق من ماله بسخاء وكرم عُرف به في الجاهلية. ويروى حتى أبا بكر قد رأى رؤيا عندما كان في الشام، فقصها على بحيرى الراهب، فنطق له: «من أين أنت؟» نطق: «من مكة»، نطق: «من أيها؟» نطق: «من قريش»، نطق: «فأي شيء أنت؟» نطق: «تاجر»، نطق: «إن صدق الله رؤياك، فإنه يبعث بنبي من قومك، تكون وزيره في حياته، وخليفته بعد موته»، فأَسرَّ أبوبكر ذلك في نفسه.

وينطق حتى أبا بكر لم يكن يشرب الخمر في الجاهلية، فقد حرمها على نفسه قبل الإسلام، وكان من أعف الناس في الجاهلية، نطقت السيدة عائشة: «حرم أبوبكر الخمر على نفسه، فلم يشربها في جاهلية ولا في إسلام، وذلك أنه مر برجل سكران يضع يده في العذرة، ويدنيها من فيه، فإذا عثر ريحها صرفها عنه، فنطق أبوبكر: إذا هذا لا يدري ما يصنع، وهويجد ريحها فحماها». وقد سأل أحدُ الناس أبا بكر: «هل شربت الخمر في الجاهلية؟»، فنطق: «أعوذ بالله»، فقيل: «ولمَ؟» نطق: «كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، فإن من استهلك الخمر كان مضيعاً لعرضه ومروءته».

كما رُوي حتى أبا بكر لم يسجد لصنم قط، فقد نطق أبوبكر في مجمع من الصحابة: «ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبوقحافة بيدي، فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام، فنطق لي: «هذه آلهتُك الشمُّ العوالي»، وخلاني ومضى، فدنوت من الصنم وقلت: «إني جائع فأطعمني» فلم يجبني، فقلت: «إني عار فاكسني» فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخر لوجهه».


حياته بعد الإسلام في مكة

إسلامه

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

كان إسلام أبي بكر وليد رحلة طويلة في البحث عن الدين الذي يراه الحق، والذي ينسجم برأيه مع الفطرة السليمة ويلبي رغباتها، فقد كان بحكم عمله التجاري كثير الأسفار، بتر الفيافي والصحاري، والمدن والقرى في الجزيرة العربية، وتنقل من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، واتصل اتصالاً وثيقاً بأصحاب الديانات المتنوعة وبخاصة النصرانية، وقد وقع أبوبكر عن ذلك فنطق: كنت جالساً بفناء الكعبة، وكان زيد بن عمروبن نفيل قاعداً، فمر أمية بن أبي الصلت، فنطق: «كيف أصبحت يا باغي الخير؟»، نطق: «بخير»، نطق: «وهل وجدت؟»، نطق: «لا»، فنطق:

كل دين يوم القيامة إلا ما مضى في الحنيفية بورُ

أما إذا هذا النبي الذي يُنتظر منا أومنكم، يقول أبوبكر: ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي يُنتظر ويُبعث، فخرجت أريد ورقة بن نوفل، وكان كثير النظر إلى السماء كثير همهمة الصدر، فاستوقفته، ثم قصصت عليه الحديث، فنطق: «نعم يا ابن أخي، إنا أهلُ الخط والعلوم، ألا إذا هذا النبي الذي يُنتظر من أوسط العرب نسباً -ولي فهم بالنسب- وقومك أوسط العرب نسباً»، قلت: «يا عم، وما يقول النبي؟»، نطق: «يقول ما قيل له، إلا أنه لا يظلم ولا يظلم ولا يظالم»، فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آمنت به وصدقته.

وقد كان أبوبكر يَعهد النبي محمداً فهم عميقة في الجاهلية، وكانت الصلة بينهما قوية، وقد ذكر ابن إسحاق وغيره أنه كان صاحب النبي محمد قبل البعثة، وكان يفهم من صدقه وأمانته وحسن سجيته وكرم أخلاقه ما يمنعه من الكذب على الناس. نطق ابن إسحاق: «ثم إذا أبا بكر الصدِّيق لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنطق: «أحق ما تقول قريش يا محمد،يا ترى؟ مِن هجرك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا، وتكفيرك آبائنا؟»، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بلى، إني رسول الله ونبيه، بعثني لأبلغ رسالته وأدعوك إلى الله بالحق، فوالله إنه للحق، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له، ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعته»، وقرأ عليه القرآن، فلم يقر ولم ينكر، فأسلم وكفر بالأصنام، وخلع الأنداد وأقر بحق الإسلام، ورجع أبوبكر وهومؤمن مصدق». وقد روي عن النبي محمد أنه نطق: «ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته، ولا تردد فيه». كما روي عن النبي أنه نطق: «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، ونطق أبوبكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟» مرتين.

فكان أبوبكر أول من أسلم من الرجال الأحرار، وبذلك نطق إبراهيم النخعي وحسان بن ثابت وابن عباس وأسماء بنت أبي بكر ومحمد بن سيرين، وهوالمشهور عن جمهور أهل السنة. وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن ابن مسعود أنه نطق: «أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبوبكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمنعه الله بعمه، وأما أبوبكر منعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس». وقد جمع الإمام أبوحنيفة بين الأقوال المتنوعة في ذِكر أول من أسلم بأن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبوبكر، ومن النساء خديجة بنت خويلد، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي بن أبي طالب. ويُنطق حتى أبا بكر أول من صلى مع النبي محمد، فعن زيد بن أرقم أنه نطق: «أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبوبكر الصديق».

وعندما أسلم أبوبكر سُرَّ النبيُّ محمدٌ سروراً كبيراً، فعن السيدة عائشة أنها نطقت: «خرج أبوبكر يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان له صديقاً في الجاهلية، فلقيه فنطق: «يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها»، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني رسول الله أدعوك إلى الله»، فلما فرغ كلامه أسلم أبوبكر، فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما بين الأخشبين أحد أكثر سروراً منه بإسلام أبي بكر».


الدعوة إلى الإسلام

بعد إسلام أبي بكر، بدأ يدعوإلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد ومعهم أبوبكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم اتى بعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، كما نادى أبوبكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة.

باب مسجد أبي بكر الصديق في المدينة المنورة.

ولما اجتمع أصحاب النبي محمد، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، ألحَّ أبوبكر على النبي في الظهور، فنطق: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبوبكر يلح حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد جميع رجل في عشيرته، وقام أبوبكر في الناس خطيباً والرسول جالس، فكان أولَ خطيب نادى إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووُطئ أبوبكر وضُرب ضرباً شديداً، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعهد وجهُه من أنفه، واتىت بنوتيم يتعادون، فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنوتيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنوتيم فدخلوا المسجد ونطقوا: والله لئن توفي أبوبكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبوقحافة (والد أبي بكر) وبنوتيم يحدثون أبا بكر حتى أجاب، فتحدث آخر النهار فنطق: «ما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، ونطقوا لأمه أم الخير: «انظري حتى تطعميه شيئاً أوتسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟»، فنطقت: «والله ما لي فهم بصاحبك»، فنطق: «امضىي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى اتىت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فنطقت: «إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فنطقت: «ما أعهد أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين حتى أمضى معك إلى ابنك؟»، نطقت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً، فدنت أم جميل، وأعربت بالصياح ونطقت: «والله إذا قوماً نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجوحتى ينتقم الله لك منهم»، نطق: «فما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟» نطقت: «هذه أمك تسمع»، نطق: «فلا شيء عليك منها»، نطقت: «سالمٌ صالحٌ»، نطق: «أين هو؟»، نطقت: «في دار الأرقم»، نطق: «فإن لله علي حتى لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أوآتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكب عليه الرسولُ فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورق له الرسولُ محمدٌ رقةً شديدةً، فنطق أبوبكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله حتى يستنقذها بك من النار»، فنادى لها النبي محمد ونادىها إلى الله فأسلمت.

مساعدة المسلمين المستضعفين

تضاعف أذى المشركين للرسول محمد وأصحابه مع انتشار الدعوة الإسلامية في مكة، وخاصة في معاملة المستضعفين من المسلمين، وقد تعرض بلال بن رباح لعذاب عظيم، ولم يكن له ظهرٌ يسنده، ولا عشيرةٌ تحميه، ولا سيوفٌ تذود عنه، فعندما فهم سيده أمية بن خلف بأنه أسلم، راح يهدده تارة ويغريه أطواراً، فأبى بلال حتى يهجر الإسلام، فحنق عليه أمية وقرر حتى يعذبه عذاباً شديداً، فأخرجه إلى شمس الظهيرة في الصحراء بعد حتى منع عنه الطعام والشراب يوماً وليلة، ثم ألقاه على ظهره فوق الرمال المحرقة الملتهبة، ثم أمر غلمانه فحملوا صخرة عظيمة وضعوها فوق صدر بلال وهومقيد اليدين، ثم نطق له: «لا تزال هكذا حتى تموتَ أوتكفرَ بمحمد وتعبدَ اللات والعزى»، وأجاب بلال: «أحدٌ أحدٌ»، وبقي أمية بن خلف مدة وهويعذب بلالاً بتلك الطريقة البشعة، فقصد أبوبكر مسقط التعذيب، وفاوض أمية بن خلف ونطق له: «ألا تتقي الله في هذا المسكين،يا ترى؟ حتى متى؟» نطق: «أنت أفسدته فأنقذه مما ترى»، فنطق أبوبكر: «أعمل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك، أعطيكه به»، نطق: «قد قبلت»، فنطق: «هولك»، فأعطاه أبوبكر غلامه ذلك وأخذه فأعتقه. وفي رواية أخرى: اشتراه بسبع أواق أوبأربعين أوقية مضىاً.

واستمر أبوبكر في شراء العبيد والإماء والمملوكين من المسلمين والمسلمات وعتقهم، ومنهم: عامر بن فهيرة، وأم عبيس (أوأم عميس)، وزنيرة، وقد أصيب بصرها حين أعتقها فنطقت قريش: «ما أمضى بصرَها إلا اللات والعزى»، فنطقت: «كذبوا، وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان»، فرد الله بصرها، كما أعتق النهدية وبنتها، وابتاع جارية بني مؤمل وكانت مسلمة فأعتقها.

هجرته وحياته في المدينة

هجرته

منظر عام للمدينة المنورة قديماً، مهجر النبي محمد وأبي بكر، والعاصمة الأولى للدولة الإسلامية.

لما اشتد البلاء على المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، أذن الرسولُ محمد لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، فجعلوا يخرجون ويُخفون ذلك، فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم، وأقام النبي محمد بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر حتى يُؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة إلا من حُبس أوفُتن، إلا علي بن أبي طالب وأبوبكر، وكان أبوبكر كثيراً ما يستأذن النبي محمداً في الهجرة فيقول النبي له: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً»، فيطمع أبوبكر حتىقد يكونه. ولما رأت قريش حتى النبي محمداً قد صار له أصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عهدوا أنهم قد نزلوا داراً وأصابوا منهم مَنعة، فحذِروا خروج النبي محمد إليهم، فاجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيما يصنعون في أمره، فاتفقوا حتى يأخذوا من جميع قبيلة فتى شاباً ليعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، فيتفرَّق دمُه في القبائل جميعها، ولكن النبي محمداً فهم بأمرهم وتمكن من الخروج من بيته سالماً.

كانت هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته، وكان أبوبكر حين استأذن النبي في الهجرة فنطق له: «لا تعجل لعل الله حتى يجعل لك صاحباً»، قد طمع بأنقد يكون النبيُّ إنما يعني نفسه، فابتاع راحلتين، فاحتبسهما في دار يعلفهما إعداداً لذلك، نطقت السيدة عائشة:

«كان لا يخطئ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبوبكر نطق: «ما اتى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث»، فلما ولج تأخر له أبوبكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أخرج عني مَن عندك»، نطق: «يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟»، نطق: «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة»، فنطق أبوبكر: «الصحبة يا رسول الله؟»، نطق: «الصحبة»، نطقت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم حتى أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي.»
غار ثور الذي مكث به النبي محمد وأبوبكر ثلاث ليال أثناء هجرتهما إلى المدينة.

ثم نطق أبوبكر: «يا نبي الله، إذا هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا»، فاستأجرا عبد الله بن أريقط الكناني، رجلاً من بني الدئل بن بكر من كنانة، وكان مشركاً يدلهما على الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما، ولم يفهم بخروج النبي أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبوبكر وآل أبي بكر، فلما أجمع النبي الخروج أتى أبا بكر فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمدا إلى غار بثور، وهوجبل بأسفل مكة فدخلاه، وأمر أبوبكر ابنه عبد الله حتى يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بماقد يكون في ذلك اليوم من الخبر، وأمر مولاه عامر بن فهيرة حتى يرعى غنمه نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى في الغار، فكان عبد الله بن أبي بكرقد يكون في قريش نهاره معهم، يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن النبي محمد وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر، وكان عامر بن فهيرة يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا، فإذا غدا عبد الله بن أبي بكر من عندهما إلى مكة اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم يعفي عليه.

وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما، نطقت أسماء: ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوبكر أتانا نفر من قريش فيهم أبوجهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجتُ إليهم فنطقوا: «أين أبوك يا ابنة أبي بكر؟»، قلت: «لا أدري والله أين أبي»، فحمل أبوجهل يده وكان فاحشاً خبيثاً، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي ثم انصرفوا. ونطقت أسماء بنت أبي بكر: «لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخرج أبوبكر معه، احتمل أبوبكر ماله كله معه: خمسة آلاف درهم أوستة آلاف درهم، فانطلق بها معه، فدخل علينا جدي أبوقحافة وقد مضى بصره، فنطق: «والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه»، قلت: «كلا يا أبت، إنه قد هجر لنا خيراً كثيراً»، نطقت: وأخذتُ أحجاراً فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوباً، ثم أخذت بيده فقلت: «يا أبت ضع يدك على هذا المال»، نطقت: فوضع يده عليه فنطق: «لا بأس، إذا كان قد هجر لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم»، نطقت: ولا والله ما هجر لنا شيئاً ولكن أردت حتى أسكن الشيخ بذلك».

وبدأ المشركون باقتفاء أثر النبي، فلما بلغوا جبل ثور اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فنطقوا: «لوولج ها هنا أحد لم يكن نسج العنكبوت على بابه»، وعن أنس بن مالك حتى أبا بكر حدثه فنطق: قلت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن في الغار: «لوحتى أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه؟»، فنطق: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».

نطق الله تعالى: Ra bracket.png إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْه Aya-40.png La bracket.png
التوبة: 40

ومكث النبي وأبوبكر في الغار ثلاث ليال، ثم خرجا حتى وصلا المدينة المنورة، نطق الإمام البخاري بسنده إلى ابن شهاب:

«فأبلغني عروة بن الزبير حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجاراً قافلين من الشام (إلى مكة)، فكسى الزبيرُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة، فكانوا يغدون جميع غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حرُّ الظهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي حتى نطق بأعلى صوته: «يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون»، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى هبط بهم في بني عمروبن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبوبكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صامتاً، فطفق من اتى من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمسُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل أبوبكر حتى ظلل عليه بردائه، فعهد الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ذلك، فلبث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني عمروبن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ركب راحلته وسار يمشي معه الناسُ حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، وهويصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربداً للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بركت به راحلته: «هذا إذا شاء الله المنزل»، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فنطقا: «بل نهبه لك يا رسول الله»، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجداً، فطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينقل معهم اللبن في بنيانه، وهويقول حين ينقل اللبن:
هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

لا هم إذا الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجره

فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يُسَمَّ لي.»

ونزل أبوبكر على خبيب بن إساف الخزرجي بالسنح، وقيل على خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجي.

جهاده

رسم فارسي يصوّر غزوة بدر التي شهدها أبوبكر.

شهد أبوبكر مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها، ولم يَفُتْه منها مشهد، فقد شارك أبوبكر في غزوة بدر سنة 2هـ، وكانت له فيها مواقف مشهورة، فلما بلغ النبيَّ محمداً نجاةُ القافلة وإصرارُ زعماء مكة على قتال النبي، استشار أصحابه في الأمر، فقام أبوبكر أولاً فنطق وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فنطق وأحسن. وقد ظهرت من أبي بكر شجاعة وبسالة، وقد شارك ابنه عبد الرحمن في هذه المعركة مع المشركين، فلما أسلم نطق لأبيه: «لقد أهدفت لي (أي ظهرت أمامي) يوم بدر، فملت عنك ولم أقتلك»، فنطق له أبوبكر: «لوأهدفت لي لم أمل عنك».

رسم من القرن الرابع عشر يُظهر استسلام بني النضير للمسلمين.

وشهد أبوبكر غزوة أحد سنة 3هـ، ولما تفرق المسلمون من حول النبي محمد، وتبعثر الصحابة في أراتى الميدان، وشاع حتى الرسولَ محمداً قد قُتل، شقَّ أبوبكر الصفوف، وكان أولَ من وصل إلى الرسول محمد، وقد اجتمع إلى الرسول محمد آنذاك كلُّ من: أبوبكر، وأبوعبيدة بن الجراح، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب، والحارث بن الصمة، وأبودجانة، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.

وشهد أبوبكر غزوة بني النضير سنة 4هـ، وغزوة بني المصطلق سنة 5هـ، وكانت معه فيها راية المهاجرين، وشهد غزوة الخندق سنة 5هـ، وغزوة بني قريظة سنة 5هـ، وكان فيهما مرافقاً للنبي محمد، كما شهد صلح الحديبية سنة 6هـ، وشهد غزوة خيبر سنة 7هـ، وكان أولَ قائد يرسله النبي محمد، كما شهد سرية نجد، وكان الأمير على المسلمين فيها، وكان الأمير على المسلمين في غزوة بني فزارة أيضاً، وكان أبوبكر من المسلمين الذين مضىوا مع الرسول محمد ليعتمروا عمرة القضاء سنة 7هـ، كما شهد سرية ذات السلاسل سنة 8هـ.

ولما نقضت قريش صلح الحديبية، وتجهز النبي محمدٌ مع صحابته للخروج إلى مكة، خرج أبوسفيان بن حرب من مكة إلى الرسول محمد فنطق: «يا محمد، اشدد العقد، وزدنا في المدة»، فنطق النبي محمد: «ولذلك قدمت،يا ترى؟ هل كان من وقع قبلكم؟»، فنطق: «معاذ الله، نحن على عهدنا وصلحنا يوم الدية لا نغيّر ولا نبدّل»، فخرج من عند النبي محمد يقصد لقاءة الصحابة، فطلب من أبي بكر حتى يجدد العقد ويزيدهم في المدة، فنطق أبوبكر: «جواري في جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله لووجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم». ولما ولج النبيُّ محمدٌ مكة في عام الفتح سنة 8هـ، كان أبوبكر بجانبه، وقد تمت النعمة على أبي بكر في ذلك الوقت بإسلام أبيه أبي قحافة. وشهد أبوبكر غزوة حنين سنة 8هـ، وكانت قد صبرت مع النبي فئةٌ من الصحابة يتقدمهم أبوبكر، ثم انتصروا بعد ذلك.

كما شهد أبوبكر غزوة تبوك، ولما اختار الرسولُ الأمراء والقادة وعقد الألوية والرايات لهم، منح لواءه الأعظم لأبي بكر، وحث الرسولُ محمدٌ الصحابة في غزوة تبوك على الإنفاق، فأنفق جميع حسب مقدرته، وكان عثمان بن عفان أكثر من أنفق في هذه الغزوة. وقد نطق عمر بن الخطاب في ذلك: أمرَنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً حتى نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: «اليوم أسبق أبا بكر إذا سبقته يوماً»، فجئت بنصف مالي، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟»، قلت: «مثله»، وأتى أبوبكر رضيَ الله عنه بكل ما عنده، فنطق له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟»، نطق: «أبقيت لهم الله ورسوله»، قلت: «لا أسابقك إلى شيء أبداً». وفي سنة 9هـ، أوفد النبي محمد أبا بكر أميراً على الحج، فخرج أبوبكر أميراً بركب الحجيج، كما شهد أبوبكر حجة الوداع سنة 10هـ.

سقم النبي محمد ووفاته

تخطيط لاسم أبي بكر الصديق.

ابتدأ سقم النبي محمد الذي تُوفي فيه في أواخر شهر صفر سنة 11 هـ بعد حتى أمر أسامة بن زيد بالمسير إلى أرض فلسطين، لمحاربة الروم، فاستبطأ الناسُ في الخروج لوجع النبي محمد، وكان من شدّة وجعه حتى كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة. وفي أحد الأيام، خطب النبي محمد الناس ونطق: «إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله»، فبكى أبوبكر، نطق أبوسعيد الخدري: فعجبنا لبكائه حتى يخبر رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم عن عبد خُيِّر، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم هوالمُخيَّر، وكان أبوبكر أفهمَنا، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولوكنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر»، ونطقت السيدة عائشة: نطق لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سقمه: «ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك، حتى أخط كتاباً، فإني أخاف حتى يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر». ولما ثقُل على النبي محمد السقم، أمر أبا بكر حتى يصلي بالناس، نطقت السيدة عائشة: لما سقم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سقمه الذي توفي فيه فحضرت الصلاة فأذن بلال، فنطق: «مروا أبا بكر فليصل بالناس»، فقيل له: «إن أبا بكر رجل أسيف (أي رقيق القلب)، إذا قام مقامك لم يستطع حتى يصلي بالناس»، وأعاد فأعادوا له فأعاد الثالثة، فنطق: «إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس»، فخرج أبوبكر، فوجد النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه خفة، فخرج يهادى بين رَجُلَين كأني أنظر إلى رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبوبكر حتى يتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه.

ولما كان يوم الاثنين الذي توفي فيه، بعد ثلاثة عشر يوماً على سقمه، خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم عاد فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، فتُوفي وهويقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الاثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافقثمانية يونيوسنة 632م وقد تّم له ثلاث وستون سنة. فلما توفي قام عمر بن الخطاب، فنطق «والله ما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليبعثنه الله فليبترنّ أيدي رجال وأرجلهم»، واتى أبوبكر مسرعاً فكشف عن وجهه وقبّله، ونطق «بأبي أنت وأمّي، طبتَ حياً وميتاً»، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلاً:

ألا من كان يعبد محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، وقرأ Ra bracket.png وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ Aya-144.png La bracket.png.

نطقت السيدة عائشة: «فوالله لكأن الناس لمقد يكونوا يفهمون حتى الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبوبكر رضيَ الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يُسمع بشر إلا يتلوها». ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على تجهيز النبي محمد، فقام علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقرآن مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه.

مبايعته بالخلافة

سقيفة بني ساعدة والبيعة الخاصة

لما فهم الصحابة بوفاة الرسول محمد، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه، وهويوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده، والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة، ولما بلغ خبرُ اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين، وهم مجتمعون مع أبي بكر لترشيح من يتولى الخلافة، نطق المهاجرون لبعضهم: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيباً.

نطق عمر بن الخطاب: فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلين صالحين، فذكر ما تمالأ عليه القوم، فنطقا: «أين تريدون يا معشر المهاجرين؟» قلنا: «نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار»، فنطقا: «لا عليكم حتى لا تقربوهم، اقضوا أمركم»، فقلت: «والله لنأتينهم»، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم، فقلت: «من هذا؟»، فنطقوا: «هذا سعد بن عبادة»، فقلت: «ما له؟»، نطقوا: «يوعك»، فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هوأهله، ثم نطق: «أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشرَ المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم (أي عدد قليل)، فإذاً هم يريدون حتى يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر (أي يخرجونا من أمر الخلافة)»، فلما سكت أردت حتى أتحدث، وكنت قد زورت منطقة أعجبتني أريد حتى أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت لفي منه بعض الحد، فلما أردت حتى أتحدث نطق أبوبكر: «على رسلك»، فكرهت حتى أغضبه، فتحدث أبوبكر، فكان هوأحلم مني وأوقر، والله ما هجر من حدثة أعجبتني في تزويري إلا نطق في بديهته مثلها أوأفضل منها حتى سكت، فنطق: «ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعهد هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم»، فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهوجالس بيننا، فلم أكره مما نطق غيرها، والله حتى أقدَّم فتُضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من حتى أتأمر على قوم فيهم أبوبكر، اللهم إلا حتى تسول إلي نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن، فنطق قائل من الأنصار: «أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش»، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف فقلت (لأبي بكر): «ابسط يدك»، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار. وفي رواية أخرى نطق عمر: «يا معشر الأنصار، ألستم تفهمون حتى رسول الله قد أمر أبا بكر حتى يؤم الناس، فأيكم تطيب نفسه حتى يتقدم أبا بكر رضيَ الله عنه؟» فنطقت الأنصار: «نعوذ بالله حتى نتقدم أبا بكر».

وفي رواية أخرى: فتحدث أبوبكر رضيَ الله عنه، فلم يهجر شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شأنهم إلا وذكره، ونطق: «ولقد فهمتم حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نطق: «لوسلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار»، ولقد فهمت يا سعد (يعني سعد بن عبادة الخزرجي) حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نطق وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم»»، فنطق له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء.

وخطب أبوبكر معتذراً من قبول الخلافة فنطق: «والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلةً قط، ولا كنت فيها راغباً، ولا سألتها الله عز وجل في سر وعلانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمراً عظيماً ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت حتى أقوى الناس عليها مكاني». وقد ثبت أنه نطق: «وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: أبي عبيدة أوعمر، فكان أميرَ المؤمنين وكنت وزيراً»، كما نطق: «أيها الناس، هذا أمركم إليكم تولوا من أحببتم على ذلك، وأكون كأحدكم»، فأجابه الناس: رضينا بك قسماً وحظاً، وأنت ثاني اثنين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد قام باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته، واستحلفهم على ذلك فنطق: «أيها الناس، أذكركم الله أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه»، فقام علي بن أبي طالب ومعه السيف، فدنا منه حتى وضع رجلاً على عتبة المنبر والأخرى على الحصى ونطق: «والله لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله فمن ذا يؤخرك؟».

البيعة العامة وخلافته

بعد حتى تمت بيعة أبي بكر البيعة الخاصة في سقيفة بني ساعدة، اجتمع المسلمون في اليوم التالي للبيعة العامة، نطق أنس بن مالك: لما بويع أبوبكر في السقيفة وكان الغد، جلس أبوبكر على المنبر، فقام عمر فتحدث قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هوأهله، ثم نطق: «أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس منطقة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكني قد كنت أرى حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدبر أمرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم: صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه»، فبايع الناس أبا بكر بعد بيعة السقيفة.

ثم تحدث أبوبكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هوأهله، ثم نطق:

أما بعد أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إذا شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إذا شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
المسجد النبوي، حيث تقع قبورُ جميع من النبي محمد وأبي بكر وعمر بن الخطاب في المبنى ذي القبة الخضراء.
"خوخة أبي بكر" في المسجد النبوي.

ونطق عمر لأبي بكر يومئذ: «اصعد المنبر»، فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة. وقد سأل عمروبن حريث سعيد بن زيد فنطق له: «أشهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟»، نطق: «نعم»، نطق له: «متى بويع أبوبكر؟»، نطق سعيد: «يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كره المسلمون حتى يبقوا بعض يوم، وليسوا في جماعة»، نطق: «هل خالف أحد أبا بكر؟» نطق سعيد: «لا، لم يخالفه إلا مرتد أوكاد حتى يرتد، وقد أنقذ الله الأنصار، فجمعهم عليه وبايعوه»، نطق: «هل قعد أحد من المهاجرين عن بيعته؟»، نطق سعيد: «لا، لقد تتابع المهاجرون على بيعته».

وقد وردت أخبار كثيرة في شأن تأخر علي بن أبي طالب عن مبايعة أبي بكر، وكذا تأخر الزبير بن العوام، نطق ابن عباس: إذا علياً والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد انشغلت جماعة من المهاجرين وعلى رأسهم علي بن أبي طالب بأمر جهاز الرسول من تغسيل وتكفين، وقد روى الصحابي سالم بن عبيد حتى أبا بكر نطق لأهل بيت النبي وعلى رأسهم علي: «عندكم صاحبكم»، فأمرهم يغسلونه.

وقد والىالزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب أبا بكر في اليوم التالي لوفاة الرسول محمد، وهويوم الثلاثاء، نطق أبوسعيد الخدري: لما صعد أبوبكر المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير الزبير بن العوام فنادى بالزبير فاتى، فنطق له أبوبكر: «يا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحواريه، أتريد حتى تشق عصا المسلمين؟»، فنطق الزبير: «لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»، فقام الزبير فبايع أبا بكر، ثم نظر أبوبكر في وجوه القوم، فلم ير علياً بن أبي طالب، فنادى بعلي فاتى، فنطق له أبوبكر: «يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وختنه على ابنته، أتريد حتى تشق عصا المسلمين؟»، فنطق علي: «لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»، فقام علي فبايع أبا بكر. وفي رواية حبيب بن أبي ثابت نطق: كان علي بن أبي طالب في بيته، فأتاه رجل، فنطق له: «قد جلس أبوبكر للبيعة»، فخرج علي إلى المسجد في قميص له، ما عليه إزار ولا رداء وهومتعجل، كراهة حتى يبطئ عن البيعة، فبايع أبا بكر ثم جلس، وبعث في ردائه، فجاؤوه به فلبسه فوق قميصه.

إدارة شؤون الدولة

بدأ أبوبكر إدارة شؤون الدولة بعد مبايعته بالخلافة، واتخذ من الصحابة أعواناً يساعدونه على ذلك، فأسند إلى أبي عبيدة بن الجراح شؤونَ بيت المال، وتولى عمر بن الخطاب القضاء، وباشر أبوبكر القضاءَ بنفسه أيضاً، وتولى زيد بن ثابت الكتابة (البريد)، وأحياناً يخط له منقد يكون حاضراً من الصحابة كعلي بن أبي طالب أوعثمان بن عفان.

الولاية والولايات

استخدم أبوبكر الولاة في البلدان المتنوعة، وكان ينظر إلى حسن اختيار النبي محمد للأمراء والولاة على البلدان فيقتدي به في هذا العمل، ولهذا فقد أقر جميع عمال الرسول الذين توفي الرسول وهم على ولايتهم، ولم يعزل أحداً منهم إلا ليعينه في مكان آخر أكثر أهمية من مسقطه الأول ويرضاه، كما حدث لعمروبن العاص. وكانت مسؤوليات الولاة في عهد أبي بكر بالدرجة الأولى امتداداً لصلاحياتهم في عهد النبي محمد، أما أبرز مسؤولياتهم في عهد أبي بكر فهي: إقامة الصلاة وإمامة الناس، والجهاد، وإدارة شئون البلاد المفتوحة، وتعيين القضاة والعمال عليها، وأخذ البيعة للخليفة، وبعض الأمور المالية كالزكاة والجزية، وإقامة الحدود، وتأمين البلاد، وكان لهم دور في تعليم الناس أمور دينهم، وفي نشر الإسلام في البلاد التي يتولَّون عليها، وكان الكثير من هؤلاء الولاة يجلسون في المساجد يفهمون الناس القرآن والأحكام.

الدولة الإسلامية في ذروة اتساعها خلال عهد أبي بكر.
صورة أخرى للدولة الإسلامية في عهد أبي بكر.

وقد قُسمت الدولة الإسلامية في عهد أبي بكر إلى عدة ولايات، وهذه أسماء الولايات والولاة:

  1. المدينة المنورة: عاصمة الدولة الإسلامية، وبها الخليفة أبوبكر.
  2. مكة المكرمة: وأميرها عتاب بن أسيد الأموي القرشي، ولاه الرسول محمد، واستمر مدة حكم أبي بكر.
  3. الطائف: وأميرها عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولاه الرسول محمد، وأقره أبوبكر عليها.
  4. صنعاء: وأميرها المهاجر بن أبي أمية المخزومي القرشي، وهوالذي فتحها ووليها بعد انتهاء أمر الردة.
  5. حضرموت: وأميرها زياد بن لبيد الخزرجي.
  6. زبيد ورقع: وأميرها أبوموسى الأشعري.
  7. خولان: وأميرها يعلى بن أبي أمية.
  8. الجند: وأميرها معاذ بن جبل الخزرجي.
  9. نجران: وأميرها جرير بن عبد الله البجلي.
  10. جرش: وأميرها عبد الله بن ثور الغوثي.
  11. البحرين: وأميرها العلاء بن الحضرمي.
  12. العراق والشام: كان أمراء الجند هم ولاة الأمر فيها.
  13. عُمان: وأميرها حذيفة بن محصن القلعاني.
  14. اليمامة: وأميرها سليط بن قيس الخزرجي.

القضاء

يعد عهدُ أبي بكر بدايةَ العهد الراشدي القريب من العهد النبوي، فكان العهدُ الراشدي عامة والجانبُ القضائي خاصة امتداداً للقضاء في العهد النبوي، مع المحافظة الكاملة والتامة على جميع ما ثبت في العهد النبوي، وتطبيقه بحذافيره وتطبيقه بنصه ومعناه. وقد كان أبوبكر يقضي بنفسه إذا عرض له قضاء، ولم تُفصَل ولاية القضاء عن الولاية العامة في عهده، ولم يكن للقضاء ولايةٌ خاصة مستقلة، كما كان الأمر في عهد الرسول محمد، ففي المدينة عهِدَ أبوبكر إلى عمر بن الخطاب بالقضاء ليستعين به في بعض الأقضية، ولكن هذا لم يُعطِ لعمر صفة الاستقلال بالقضاء. وأقر أبوبكر معظم القضاة والولاة الذين عينهم الرسول محمد، واستمروا على ممارسة القضاء والولاية أوأحدهما في عهده.

وأصبحت الأحكام القضائية في عهد أبي بكر موئلاً للباحثين، ومحطاً لأنظار الفقهاء، وصارت الأحكام القضائية لتلك الفترة مصدراً للأحكام الشرعية والاجتهادات القضائية والآراء الفقهية في مختلف العصور. وقد ساهمت فترة خلافة أبي بكر في ظهور مصادر جديدةٍ للقضاء في العهد الراشدي، فقد صارت مصادرُ الأحكام القضائية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والسوابق القضائية أوالتقليد، والرأي الاجتهادي مع الشورى.

حروب الردة وجيش أسامة بن زيد

إرسال جيش أسامة بن زيد إلى الشام

ندب النبي محمد المسلمين لغزوالروم بالبلقاء وفلسطين سنة 11هـ، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد، ولكن النبي سقم بعد البدء بتجهيز هذا الجيش بيومين، فلم يخرج الجيش وظل معسكراً بالجُرْف، وهي موضع على بعد ثلاثة أميال من المدينة نحوالشام، ورجع إلى المدينة بعد وفاة النبي. ولما تولى أبوبكر الخلافة أمر حتى يُبعث أسامة بن زيد الكلبي، وألا يبقى بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف، واقترح بعض الصحابة على أبي بكر بأن يبقي الجيش فنطقوا: «إن هؤلاء جلُّ المسلمين، والعربُ على ما ترى قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك حتى تفرق عنك جماعة المسلمين»، فنطق أبوبكر: «والذي نفس أبي بكر بيده، لوظننت حتى السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولولم يبق في القرى غيري لأنفذته». ثم خرج أبوبكر حتى أتى الجيش فنطق:

يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تبتروا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منه شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها، وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وهجروا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً، اندفعوا باسم الله.

وأوصى أبوبكر أسامة فنطق: «اصنع ما أمرك به نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ابدأ ببلاد قضاعة ثم إيت آبل (منطقة جنوب الأردن)، ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تعجلن لما خلفت عن عهده». ومضى أسامة بجيشه، فبثّ الخيول في قبائلِ قضاعة وأغار على آبل، فسلِم وغنِم، وكان مسيره ذاهباً وقافلاً أربعين يوماً، فزادت هيبة المسلمين في نفوس أعدائهم ونطقوا: «لولم يكن لهم قوةٌ لما أوفدوا هذا الجيش»، فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون حتى يعملوه، وأصاب القبائلَ العربيةَ في الشمال الرعبُ والفزعُ من سطوة الدولة الإسلامية.

حروب الردة

بعد وفاة النبي محمد ارتدت بعض القبائل العربية عن الإسلام، وكان المرتدون على ثلاثة أقسام: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان، وصنف تبعوا الذين ادعوا النبوة كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي، وصنف ثالث استمروا على الإسلام ولكنهم جحدوا الزكاة، وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي محمد. فلما تولى أبوبكر الخلافة قام في الناس خطيباً فنطق: «والله لا أدعُ حتى أقاتلَ على أمر الله حتى ينجزَ الله وعده ويوفيَ لنا عهده، ويُقتل من قُتل منا شهيداً من أهل الجنة، ويبقى من بقي منها خليفته وذريته في أرضه، قضاء الله الحق، وقوله الذي لا خلف له، وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض»»، ونطق أيضاً: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لومنعوني عناقاً (الأنثى من ولد المعز) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعها»، وفي رواية: «والله لومنعوني عنطقاً (الحبل الذي يعقل به البعير) كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه»، نطق عمر: «فوالله ما إلا حتى قد شرح الله صدر أبي بكر فعهدت أنه الحق».

محاولة المرتدين غزوالمدينة

حاول المرتدون الهجوم على المدينة للقضاء على الدولة الإسلامية، ولكن أبا بكر استعد لحماية المدينة، فألزم أهل المدينة بالمبيت في المسجد حتىقد يكونوا على أكمل استعداد للدفاع، ونظم الحرس على أنقاب المدينة لدفع أي غارة قادمة، وعين على الحرس أمراءهم: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وبعث إلى القبائل القريبة التي ثبتت على الإسلام من أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وكعب يأمرهم بجهاد أهل الردة، فاستجابوا له حتى امتلأت المدينة بهم. ولما اقترب المرتدون وهم بعض قبائل أسد وغطفان وعبس وذبيان وبني بكر بن عبد مناة من المدينة ليلاً، خرج أبوبكر في أهل المسجد إليهم فانهزموا، فأتبعهم المسلمون على إبلهم، ولكن المرتدين تمكنوا من صد إبل المسلمين فعادت بهم إلى المدينة، ولم يُصرع مسلم ولم يُصَب، ثم تهيأ أبوبكر وجهز الناس ثم خرج، فما طلع الفجر إلا وهم والعدوفي صعيد واحد، فما سمعوا للمسلمين همساً ولا حساً حتى وضعوا فيهم السيوف فاقتتلوا أعجاز ليلتهم، فما ذرَّ قرنُ الشمس حتى ولوهم الأدبار، وغلب المسلمون المرتدين ورجعوا إلى المدينة. وخلال ذلك عاد أسامة بن زيد بجيشه ظافراً، فاستخلفه أبوبكر على المدينة ونطق له ولجنده: «أريحوا وأريحوا ظهركم»، ثم خرج أبوبكر بنفسه حتى هبط على أهل الربذة بالأبرق، فهزم قبيلتي عبس وبني بكر بن عبد مناة، وأقام على الأبرق أياماً.

إرسال الجيوش الإسلامية إلى المرتدين

خرج أبوبكر بالصحابة لقتال المرتدين، فعرض عليه الصحابة حتى يبعث غيره على القيادة وأن يرجع إلى المدينة ليتولى إدارة أمور الأمة، واتى علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فنطق: «إلى أين يا خليفة رسول الله،يا ترى؟ أقول لك ما نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد (يقصد قول الرسول لأبي بكر): شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لاقد يكون للإسلام بعدك نظام أبداً»، فرجع. وقد قسم أبوبكر الجيش الإسلامي إلى أحد عشر لواءً، وجعل على جميع لواء أميراً، وأمر جميع أمير باستنفار من مر به من المسلمين، وهذه الجيوش هي:

  1. جيش خالد بن الوليد (وهوالقائد العام للجيوش) إلى بني أسد، ثم إلى تميم، ثم إلى اليمامة.
  2. جيش عكرمة بن أبي جهل إلى مسيلمة الكذاب في بني حنيفة، ثم إلى عُمان والمهرة، فحضرموت فاليمن.
  3. جيش شرحبيل بن حسنة إلى اليمامة في إثر عكرمة، ثم حضرموت.
  4. جيش طريفة بن حاجر إلى بني سليم وهوازن.
  5. جيش عمروبن العاص إلى قضاعة.
  6. جيش خالد بن سعيد بن العاص إلى مشارف الشام.
  7. جيش العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
  8. جيش حذيفة بن محصن الغلفائي إلى عُمان.
  9. جيش عهدجة بن هرثمة إلى المهرة.
  10. جيش المهاجر بن أبي أمية إلى اليمن، صنعاء ثم حضرموت.
  11. جيش سويد بن مقرن إلى تهامة اليمن.

وخط أبوبكر كتاباً عاماً لنشره في أوساط من ثبتوا على الإسلام ومن ارتدوا عنه جميعاً قبل تسيير جيوشه لمحاربة الردة، وبعث رجالاً إلى القبائل وأمرهم بقراءة كتابه في جميع مجتمع، وناشد من يصله مضمون الكتاب بتبليغه لمن لم يصل إليه، واتى في الكتاب:

وقد بلغني رجوعُ من عاد منكم عن دينه بعد حتى أقر بالإسلام وعمل به اغتراراً بالله وجهالة بأمره وإجابة للشيطان، نطق الله تعالى: Ra bracket.png وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا Aya-50.png La bracket.png، ونطق تعالى: Ra bracket.png إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوحِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ Aya-6.png La bracket.png. وإني بعثت إليكم فلاناً في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وأمرته ألا يقاتلَ أحداً ولا يقتلَه حتى يدعُوَه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقر وكف وعمل صالحاً قَبل منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرت حتى يقاتله على ذلك ثم لا يُبقي على أحد منهم قَدِر عليه، وأن يحرقَهم بالنار ويقتلَهم جميع قتلة، وأن يسبيَ النساء والذراري ولا يقبلَ من أحد إلا الإسلام، فمن تبعه فهوخير له، ومن هجره فلن يُعجزَ الله.

محاربة الردة في اليمن

في عهد النبي محمد ظهر رجل في اليمن يُسمى الأسود العنسي ادعى النبوة، وتبعه أبناء قبيلته وهم عنس، وتبعته قبيلة مذحج وبنوالحارث بن كعب وغيرهم، فاحتل منطقة نجران ثم صنعاء، وقتل واليها شهر بن باذان الفارسي، ولكن المسلمين تمكنوا من قتله، فخاف أصحابه وفروا هاربين، ووصل الخبر إلى النبي محمد. ولما تولى أبوبكر الخلافة، عين فيروز الديلمي والياً على صنعاء، وقيس بن مكشوح المرادي مساعداً لفيروز، ولكن قيس بن مكشوح انقلب على فيروز الديلمي، فهرب فيروز، ومحرر قيس بن مكشوح فلول الأسود العنسي، وطلب منهم الالتقاء ليتوحدوا، فتمكنوا من محاصرة صنعاء، فخط أبوبكر إلى زعماء القبائل القريبة من صنعاء وأمرهم حتى يقاتلوا المرتدين، وجعل فيروز الديلمي أميراً عليهم، فتوجهوا نحوصنعاء، وقاتلوا قيس بن مكشوح حتى اضطر إلى هجر صنعاء، وعاد إلى التذبذب بين نجران وصنعاء ولحج، إلا أنه انضم إلى عمروبن معد يكرب الزبيدي، وبهذا عادت صنعاء للمرة الثانية إلى الهدوء والاستقرار.

وتوجه جيش عكرمة بن أبي جهل نحوالمهرة، وكان معه سبعمئة فارس، فوق ما جمع حوله من قبائل عُمان، وحينما ولج منطقة المهرة وجدها مقسمة بين زعيمين متناحرين: "شخريت" و"المصبح"، فنادىهما عكرمة إلى الإسلام فاستجاب شخريت وأبى المصبح، فصادمه عكرمة ومعه شخريت، فلحقته الهزيمة وقُتل ومعه الكثير من أصحابه، ثم أقام عكرمة فيهم يجمعهم حتى بايعوا على الإسلام وآمنوا واستقروا، وكان قد تلقى كتاباً من أبي بكر يأمره بالاجتماع مع المهاجر بن أبي أمية القادم من صنعاء ليتوجها معاً إلى قبيلة كندة، فخرج من المهرة حتى هبط أبين وبقي هناك ينتظر المهاجر، وعمل وهوهناك على جمع قبائل النخع وحمير وتثبيتهم على الإسلام. وأما جيش المهاجر بن أبي أمية فقد كان آخرَ من خرج من المدينة من الجيوش الأحد عشر، ولما وصل نجران قسم جيشه إلى فرقتين: فرقة تولت القضاء على فلول الأسود العنسي المتناثرة بين نجران وصنعاء، وكان المهاجر نفسه على هذه الفرقة، وفرقة عليها أخوه عبد الله مهمتها القضاء على بقية المرتدين في تهامة اليمن. واستقر المهاجر في صنعاء حتى تلقى الأمر بالتوجه لملاقاة عكرمة، وأن يسيرا معاً إلى حضرموت لمعاونة زياد بن لبيد الأنصاري (والي كندة بحضرموت)، فقد كان الأشعث بن قيس قد هاجم زياداً، فأوفد زيادٌ إلى المهاجر وعكرمة يستعجلهما النجدة، فما كان من المهاجر إلا حتى هجر عكرمة إلى الجيش وأخذ أسرعَ الناس ليكونا بجانب زياد، فاستطاع حتى يفك الحصار عنه، وهربت قبائل كندة إلى حصن من حصونها يسمى النجير، فنزل زياد والمهاجر عليه، ثم قدم عكرمة فنزل عليه فحاصروهم من جميع الجهات، ثم بعث المهاجر الطلائع إلى قبائل كندة والمتفرقين يدعوهم إلى الإسلام ومن أبى قاتلوه، فلم يبقَ منهم إلا مَن في الحصن المحاصر، وعمل جيشا زياد والمهاجر على التضييق على من في الحصن، فاتفق زعماؤهم على حتى يقوم الأشعث بن قيس بطلب الأمان والنزول على حكم المسلمين، ولكن الأشعث غدر بهم ولم يطلب الأمان لجميع من في الحصن، فكان من جراء ذلك حتى قُتل من قبائل كندة في الحصن سبعمائة قتيل.

محاربة طليحة الأسدي

ادعى طليحة بن خويلد الأسدي النبوة في آخر عهد النبي محمد، وعسكر في منطقة تسمى سميراء واتبعه العوام وقويت شوكته، فبعث النبي محمد ضرار بن الأزور الأسدي لمقاتلته، وتوفي النبي محمد ولم يُحسم أمر طليحة، فلما تولى أبوبكر الخلافة وجه إليه جيشاً بقيادة خالد بن الوليد، وكان طليحة الأسدي في قومه بني أسد وفي غطفان، وانضم إليهم بنوعبس وذبيان، وبعث إلى بني جديلة والغوث من طيء يستدعيهم إليه، فبعثوا أقواماً منهم ليلحقوهم على أثرهم سريعاً، واتى خالد في الجنود، وعلى مقدمة الأنصار الذين معه ثابت بن قيس بن شماس، والتقى خالد مع طليحة الأسدي بمكان ينطق له بزاخة، فكانت معركة بزاخة، واتى طليحة فيمن معه، وقد جاء معه عيينة بن حصن في سبعمائة من قومه بني فزارة، واصطف الناس، وجعل عيينة يقاتل حتى انهزم وانهزم الناس عن طليحة، فلما اتىه المسلمون ركب على فرس كان قد أعدها له وأركب امرأته النوار على بعير له، ثم انهزم بها إلى الشام وتفرق جمعه. وبعد ذلك أسلم عيينة بن حصن وطليحة الأسدي وحسن إسلامهما، وندم طليحة على ما عمل.

محاربة سجاح التغلبية

ادعت امرأة تسمى سجاح بنت الحارث النبوة، وهي من نصارى العرب، وكان معها جنودٌ من قومها ومن التف بهم، وقد عزموا على غزوالخليفة أبي بكر، فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم، وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي، وتخلف آخرون منهم عنها، ثم أقنعها بنوتميم بقصد اليمامة لتأخذها من مسيلمة الكذاب، فلما سمع مسيلمة بمسيرها إليه خافها على بلاده، فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها حتى يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لوعدلت، فقبلت ذلك، ثم نطق لها: «هل لك حتى أتزوجَك وآكلَ بقومي وقومِك العربَ؟»، نطقت: «نعم»، وأقامت عنده ثلاثة أيام ثم رجعت إلى قومها، ثم انثنت راجعة إلى بلادها، فرجعت إلى الجزيرة بعدما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه، فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية بن أبي سفيان، فأجلاهم منها عام الجماعة.

محاربة الردة في عمان والبحرين

كان أهل عُمان قد استجابوا لدعوة الإسلام، ولكن بعد وفاة النبي محمد ادعى منهم رجل ينطق له "ذوالتاج" لقيط بن مالك الأزدي النبوة، وتابعه بعض أهل عمان فتغلَّب عليها، وكان عليها جيفر وعباد ابنا الجلندي، فألجأهما إلى أطرافها من نواحي الجبال والبحر، فبعث أبوبكر إلى جيفر أميرين هما: حذيفة بن محصن الغلفاني وعهدجة بن هرثمة البارقي، وأوفد عكرمة بن أبي جهل القرشي مدداً لهم، وبلغ لقيطَ بن مالك مجيءُ الجيش، فخرج في جموعه فعسكر بمكان ينطق له دبار، وهي مصر تلك البلاد وسوقها العظمى، واجتمع جيفر وعباد ابنا الجلندي بمكان ينطق له صحار، فعسكروا فيه وبعثا إلى أمراء أبي بكر فقدموا، فتقابل الجيشان هناك وتقاتلوا قتالاً شديداً، وابتلي المسلمون وكادوا حتى يُولوا، فبُعث إليهم مددٌ من بني ناجية وعبد القيس في جماعة من الأمراء، فلما وصلوا إليهم كان النصر للمسلمين، فولى المشركون مدبرين، ولحقهم المسلمون فقتلوا منهم عشرة آلاف مقاتل، وسبوا الذراري وأخذوا الأموال والسوق بحذافيرها.

وأما أهل البحرين فقد أسلموا بعدما أوفد النبيُّ محمدٌ العلاء بن الحضرمي إلى ملكها وحاكمها المنذر بن ساوي العبدي، وقد أسلم هووقومه وأقام فيهم الإسلام والعدل، فلما توفي النبي محمد وتوفي المنذر بعده بمدة قصيرة، ارتد أهل البحرين وملَّكوا عليهم المنذر بن النعمان الغرور، وبقيت بلدة جواثا على الإسلام، وكانت أول قرية أقامت الجمعة من أهل الردة، فحاصرهم المرتدون وضيقوا عليهم ومنعوا عنهم الأقوات وجاعوا جوعاً شديداً حتى فُرِّج عنهم، وبعث أبوبكر بجيش إلى البحرين بقيادة العلاء بن الحضرمي، فلما دنا من البحرين انضم إليه كثير من المسلمين، فاجتمع إليه جيش كبير قاتل به المرتدين، وتم النصر للمسلمين.

مسيلمة الكذاب ومعركة اليمامة

«'يَا مُحمّدَاه'» شعار المسلمين في معركة اليمامة بقيادة خالد بن الوليد.

ادعى مسيلمة بن حبيب الحنفي النبوة في عهد النبي محمد، وكان قومه بنوحنيفة في اليمامة قرب العيينة بوادي حنيفة في نجد، فلما تولى أبوبكر الخلافة أمر خالد بن الوليد إذا فرغ من بني أسد وغطفان حتى يقصد اليمامة، فسار خالد إلى اليمامة وجهَّز معه المسلمين، وكان على الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، فسار لا يمر بأحد من المرتدين إلا نكل به، وسيَّر أبوبكر جيشاً كثيفاً ليحمي ظهر خالد، فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد عسكر بمكان ينطق له عقرباء في طرف اليمامة، وجعل على مجنبتي جيشه: المحكم بن الطفيل، والرجال بن عنفوة. والتقى خالد بعكرمة وشرحبيل، فتقدم وقد جعل على مقدمة الجيش شرحبيل بن حسنة وعلى المجنبتين زيد بن الخطاب وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة. ومرت مقدمة جيش خالد بنحومن أربعين أوستين فارساً عليهم مجاعة بين مرارة الحنفي، وكان في طريق عودته إلى قومه، فأسرهم المسلمون، فلما جيء بهم إلى خالد نطق لهم: «ماذا تقولون يا بني حنيفة؟»، نطقوا: «نقول منا نبي ومنكم نبي»، فقتلهم، وينطق أنه استبقى مجاعة بن مرارة وقتل الآخرين. وتقدم خالد بالمسلمين حتى هبط بهم على كثيب يشرف على اليمامة فضرب به عسكره، واصطدم المسلمون والمرتدون فكانت جولة، وانهزمت الأعراب حتى دخلت بنوحنيفة خيمة خالد بن الوليد، وقاتلت بنوحنيفة قتالاً لم يُعهد مثله، وحمل خالد حتى جاوزهم وسار لقتال مسيلمة، وجعل يترقب حتى يصل إليه فيقتله، ثم عاد ووقف بين الصفين ونادى البراز ونطق: «أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد»، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: «يا محمداه»، وجعل لا يبرز له أحد إلا قتله، وصبر الصحابة في هذه المواطن صبراً لم يُعهد مثله، ولم يزالوا يتقدمون إلى نحور عدوهم حتى انتصروا، وولى المرتدون الأدبار، واتبعهم المسلمون حتى ألجأوهم إلى "حديقة الموت"، وقد أشار عليهم محكم بن الطفيل بدخولها، فدخلوها وفيها مسيلمة الكذاب، وأدرك عبدُ الرحمن بن أبي بكر محكمَ بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهويخطب فقتله، وأغلقت بنوحنيفة الحديقة عليهم وأحاط بهم الصحابة، فنطق البراء بن مالك: «يا معشر المسلمين، ألقوني عليهم في الحديقة»، فاحتملوه فوق الجحف (أي التروس) وحملوها بالرماح حتى ألقوه عليهم، فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه، ودخل المسلمون الحديقة من الباب الذي فتحه البراء وفتحوا الأبواب الأخرى وحوصر المرتدون، وخلص المسلمون إلى مسيلمة الكذاب، فتقدم إليه وحشي بن حرب فرماه بحربته فأصابه وخرجت من الجانب الآخر، وسارع إليه أبودجانة سماك بن خرشة فضربه بالسيف فسقط، فنادت امرأة من القصر: «وا أمير الوضاءة قتله العبد الأسود»، فكانت جملةُ من قُتلوا في الحديقة وفي المعركة قريباً من عشرة آلاف مقاتل وقيل إحدى وعشرون ألفاً، وقُتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة، ثم بعث خالد الخيول حول اليمامة يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبي.

فتوحات العراق في عهد أبي بكر

لما انتهت حروب الردة واستقرت الأمور في الجزيرة العربية، بدأ أبوبكر بتوجيه الجيوش لفتح البلاد، فجيَّش لفتح العراق جيشين:

  • الجيش الأول بقيادة خالد بن الوليد، وكان يومئذ باليمامة، فخط إليه يأمره بأن يغزوالعراق من جنوبه الغربي، ونطق له: «سر إلى العراق حتى تدخلها وابدأ بفرج الهند (يقصد مدينة الأبلة)»، وأمره بأن يأتي العراق من أعاليها، وأن يتألف الناس ويدعوهم إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا أخذ منهم الجزية، فإن امتنعوا عن ذلك قاتلهم، وأمره حتى لا يُكره أحداً على المسير معه، ولا يستعين بمن ارتد عن الإسلام وإن كان عاد إليه، وأمره حتى يستصحب جميع امرئ مر به من المسلمين، وشرع أبوبكر في تجهيز السرايا والبعوث والجيوش إمداداً لخالد. كان تاريخ بعث خالد إلى العراق في شهر رجب وقيل في المحرم سنة 12هـ.
  • الجيش الثاني بقيادة عياض بن غنم، وكان بين النباج (قرية في منتصف الطريق بين مكة والبصرة) والحجاز، فخط إليه بأن يغزوالعراق من شماله الشرقي بادئاً بالمصيخ، وهي موضع على حدود الشام مما يلي العراق، ونطق له: «سر حتى المصيخ وابدأ بها، ثم ادخل العراق من أعلاها حتى تلقى خالداً».

وخط أبوبكر إلى خالد وعياض: «ثم يستبقان إلى الحيرة، فأيهما تجاوز إلى الحيرة أمير على صاحبه»، ونطق: «إذا اجتمعتما إلى الحيرة وقد فضضتما مسالح فارس وأمنتما حتى يؤتى المسلمون من خلفهم، فليكن أحدكما ردءاً للمسلمين ولصاحبه بالحيرة، وليقتحم الآخرُ على عدوالله وعدوكم من أهل فارس دارَهم ومستقرَّ عزهم: المدائن». كان هدفُ الخليفة أبي بكر السيطرةَ على الحيرة لأهميتها العسكرية، فقد كانت قلب العراق وأقرب منطقة مهمة إلى المدائن عاصمة الإمبراطورية الفارسية، كما كانت مهمة للقوات الإسلامية في قتالها الروم في بلاد الشام.

كان المثنى بن حارثة قد قدم على أبي بكر وحثه على محاربة الفرس ونطق له: «ابعثني على قومي»، فعمل أبوبكر ذلك، فشرع المثنى في الجهاد بالعراق، ثم بعث إلى أبي بكر يستمده فخط إليه أبوبكر: «أما بعد، فإني قد بعثت إليك خالد بن الوليد إلى أرض العراق، فاستقبله بمن معك من قومك، ثم ساعده ووازره وكانفه، ولا تعصين له أمراً ولا تخالفن له رأياً، فإنه من الذين وصف الله تبارك وتعالى في كتابه: «محمدٌ رسولُ الله والذين معه أشداءُ على الكفار رحماءُ بينهم تراهم ركعاً سجداً»، فما أقام معك فهوالأمير، فإن إنسان عنك فأنت على ما كنت عليه». لم يلبث خالد حتى قدم العراق ومعه ألفا رجل ممن قاتل المرتدين، وحشد ثمانية آلاف رجل من قبائل ربيعة، وخط إلى ثلاثة من الأمراء في العراق قد اجتمعت لهم جيوش لغرض الجهاد فاستجابوا وضموا جيوشهم التي بلغ تعدادها مع جيش المثنى ثمانية آلاف، فأصبح جيش المسلمين ثمانية عشر ألفاً. وقد اتفقوا على حتىقد يكون مكان تجمع الجيوش الأبلة، وقبل حتى يسير خالد إلى العراق خط إلى هرمز صاحب ثغر الأبلة كتابَ إنذار يقول فيه: «أما بعد، فأسلم تسلم أوافترض لنفسك وقومك الذمة وأقرر بالجزية، وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة». وحين قارب خالد العدوجعل الجيش ثلاث فرق، وأمر حتى تسلكَ كلُّ فرقة طريقاً، فجعل المثنى على فرقة المقدمة، ثم تلتها فرقة عليها عدي بن حاتم الطائي، وخرج خالد بعدهما وواعدهما الحضير، ليجتمعوا به ويصمدوا لعدوهم.

معركة ذات السلاسل

سمع هرمز بمسير خالد بن الوليد، وفهم حتى المسلمين تواعدوا الحضير، فسبقهم إليه وجعل على مقدمته القائدين "قباذ" و"أنوشجان"، فلما بلغ خالداً أنهم يمموا الحضير عدل عنها إلى كاظمة، فسبقه هرمز إليها ونزل على الماء، واتى خالد فنزل على غير ماء، فنطق لأصحابه: «حطوا أثنطقكم ثم جالدوهم على الماء، فلعمري ليصيرن الماء لأصبر الفريقين وأكرم الجندين». وحط المسلمون أثنطقهم والخيل وقوف، وتقدم الراجلون وزحفوا إلى الفرس، واتىت سحابة فأمطرت وراء صفوف المسلمين فنهلوا من غدرانها وتقوَّوا، وقابل المسلمون هرمز، فاتفق هرمز مع حاميته على حتى يبارز خالداً ثم يغدروا به ويهجموا عليه، فبرز بين الصفين ونادى خالداً إلى البراز فبرز إليه، والتقيا فاختلفا ضربتين، واحتضنه خالد فحملت حامية هرمز على خالد وأحدقوا به، فما شغله ذلك عن اغتال هرمز، وما حتى لمح ذلك القعقاع بن عمروحتى حمل بجماعة من الفرسان على حامية هرمز، وكان خالد يجالدهم فأناموهم، وحمل المسلمون من وراء القعقاع حتى هزموا الفرس. وقد كان الفرس قد ربطوا أنفسهم بالسلاسل حتى لا يفروا، فلم تغن عنهم شيئاً أمام المسلمين، وسميت هذه المعركة بذات السلاسل. وغنم المسلمون من الفرس حمل ألف بعير، وبعث خالد سرايا تفتح ما حول الحيرة من حصون فغنموا أموالاً كثيرة، ولم يعرض خالد لمن لم يقاتلوه من الفلاحين بل أحسن معاملتهم كما أوصاه أبوبكر، وأبقاهم في الأرض التي يفلحونها.

معركة الثني ومعركة الولجة

خريطة تبين معارك خالد بن الوليد في فتح العراق.

كان هرمز قد خط إلى كسرى بأمر خالد، فأمده كسرى بجيش بقيادة "قارن"، ولكن هرمز استخف بجيش المسلمين فسارع إليهم قبل وصول قارن، فنُكب ونُكب جيشه، وهرب فلول المنهزمين فالتقوا بجيش قارن، وعسكروا بمكان يسمى المذار، وكان خالد قد بعث المثنى بن حارثة وأخاه المعني في آثار الفرس ففتحا بعض الحصون، وفهما بمجيء جيش الفرس فأبلغا خالداً الخبر، فسار خالد حتى التقى بهم في المذار فاقتتلوا، وخرج قائدهم قارن ونادى إلى البراز، فبرز إليه خالد ولكن سبقه إليه معقل بن الأعمش بن النباش فقَتل قارن، وكان قارن وضع على ميمنته "قباذ" وعلى ميسرته "أنوشجان" وهما من القواد الذين حضروا اللقاء الأول وفرُّوا من المعركة، فأما قباذ فقتله عدي بن حاتم الطائي، وأما أنوشجان فقتله عاصم بن عمروالتميمي، واشتد القتال بين الفريقين، ولكن الفرس انهزموا بعد مقتل قادتهم، وقُتل منهم ثلاثون ألفاً، ولجأ بقيتهم إلى السفن فهربوا عليها، وأقام خالد بالمذار. وصل نبأ نكبة الفرس في المذار إلى كسرى، فبعث "الأندرزغر" على رأس جيش عظيم، وأردفه بجيش آخر عليه "بهمن جاذويه"، وتحرك "الأندرزغر" حتى انتهى إلى الولجة، وخرج "بهمن جاذويه" يريد حتى يحشر جيش المسلمين بينه وبين "الأندرزغر"، وتجمعت القوة الفارسية في الولجة، ولما بلغ خالداً وهوبالثني قرب البصرة تجمعُ الفرس ونزولُهم الولجة، رأى حتى من الأفضل للمسلمين حتى يهاجموا هذه الحشود الكبيرة من ثلاث جهات حتى يفرقوا جموعهم ويفاجئوهم، ولكي يؤمِّن خطوطه الخلفية أمر سويد بن مقرن بلزوم الحفير، وتحرك بجيشه حتى وصل الولجة، فبعث بفرقتين لمهاجمة حشود الفرس من الخلف والجانبين، وبدأت المعركة واشتد القتال بين الفريقين، وشدد خالد بهجومه من المقدمة، وفي الوقت المناسب انقض الكمينان على مؤخرة جيش العدوفحلت به الهزيمة المنكرة، وفر "الأندرزغر" مع عدد من رجاله ولكنهم ماتوا عطشاً.

فتح أليس وأمغيشيا والحيرة

انضم بعض نصارى العرب وعليهم عبد الأسود العجلي إلى الفرس وعليهم "جابان"، فلما بلغ خالداً تجمعُ نصارى العرب وعرب الضاحية من أهل الحيرة سار إليهم، ولا فهم له بانضمام الفرس لجموع العرب، فلما أقبلت جنود المسلمين طلب جابان من جنده مهاجمتهم، فأظهروا عدم الاكتراث بخالد والتهاون بأمره وتداعوا إلى الطعام، إلا حتى خالداً قاتلهم أشد القتال، وقد زاد في شدة الفرس ومن معهم ما يتسقطون من لحاق "بهمن جاذويه" بهم في مدد كبير، وصبر المسلمون على هذا القتال العنيف، وانتهت المعركة بفوز المسلمين. وبعد حتى فرغ خالد من أليس نهض حتى أتى منطقة تسمى أمغيشيا، وقد جلا عنها أهلُها وتفرقوا في السواد، فأمر بهدمها، وأصاب المسلمون بها ما لم يصيبوا مثله، فقد بلغ سهم الفارس ألفاً وخمسمائة درهم سوى أنفال أهل البلاء، ولما وصلت أخماس الغنائم وأخبار النصر إلى أبي بكر وما صنعه خالد والمسلمون نطق: «يا معشر قريش، عدا أسدُكم على الأسد فغلبه على خراذيله، أعجزت النساء حتى ينسلن مثل خالد؟».

وفهم مرزبان الحيرة بما خلق خالد بأمغيشيا فأيقن أنه آتيه، فاستعد لذلك وأوفد جيشاً بقيادة ابنه ثم خرج في إثره، وأمر ابنه بسد الفرات ليعطل سفن المسلمين، وفوجئ المسلمون بذلك واغتموا له، ونهض خالد في خيل يقصد ابن المرزبان، فلقي خيلاً من خيله ففاجأهم فأنامهم بالمقر، ثم نهض قبل حتى تصل أخباره إلى المرزبان حتى لقي جنداً لابنه على فم الفرات فقاتلهم وهزمهم، وسد الأنهار وسلك الماءُ سبيله، ثم طلب خالد عسكره واتجه إلى الحيرة، وفهم المرزبان بموت ابنه فهاله الأمر فعبر الفرات هارباً من غير قتال، فعسكر خالد مكانه وأهل الحيرة متحصنون، وأدخل خالد الخيل من عسكره، وخطط لمحاصرة قصور الحيرة، فأوفد ضرار بن الأزور الأسدي لمحاصرة القصر الأبيض، وأوفد ضرار بن الخطاب لمحاصرة قصر العدسيين، وأوفد المثنى بن حارثة الشيباني لمحاصرة قصر ابن بقيلة، وعهد خالد إلى أمرائه حتى يدعوا القوم إلى الإسلام، فإن أجابوا قبلوا منهم وإن أبوا أجلوهم يوماً، وأمرهم حتى لا يمكنوا عدواً منهم بل عليهم حتى يناجزوهم ولا يمنعوا المسلمين من قتال عدوهم فعملوا، واختار القوم المنابذة، وعمدوا لرمي المسلمين بالحصى عن جانب والضرب عن جانب، فرشقهم المسلمون بالنبل، وشنوا غاراتهم، وفتحوا الدور والديارات، فنادى أهل القصور: «يا معشر العرب قبلنا واحدة من ثلاث فكفوا عنا»، وخرج رؤساء القصور فقابلهم خالد، جميع أهل قصر على حدة، وتصالحوا مع خالد على الجزية، وصالحوه على مائة وتسعين ألفاً، وبعث خالد بالفتح والهدايا إلى أبي بكر، فقبل الهدايا وعدها لأهل الحيرة من الجزية تعففاً عما لم يأذن به الشرع.

فتح الأنبار وعين التمر

استخلف خالد على الحيرة القعقاع بن عمروالتميمي، واتجه بتعبئة لإغاثة القائد عياض بن غنم، فوصل خالد إلى الأنبار، فوجد القوم قد تحصنوا وخندقوا على أنفسهم وأشرفوا على أعلى الحصون، فضرب المسلمون عليهم الحصار، وأمر خالد جنوده حتى يصوبوا إلى عيون أهل الأنبار، فلما نشب القتال أصابوا في أول رمية ألف عين من عيونهم، ولذلك سميت هذه السقطة "ذات العيون". واخترق خالد الخندق الذي حول الأنبار بفطنة وذكاء، حيث عمد إلى الضعاف من الإبل بجيشه فنحرها، وملأ الخندق في أضيق نقطة فيها بجثث الإبل، واقتحم المسلمون الخندق وجسرُهم جثث الإبل، وصاروا مع عدوهم داخل الخندق، فالتجأ العدوإلى الحصن، واضطر "شيراز" قائد جند الفرس إلى قبول الصلح بشروط خالد، على حتى يخرج من الأنبار في عدد من الفرسان يحرسونه، فقبل خالد منه ذلك بشرط ألا يأخذ معه من المتاع أومن الأموال شيئاً.

واستخلف خالد الزبرقان بن بدر على الأنبار وسار إلى عين التمر، فوجد عقة بن أبي عقة في جمع عظيم من قبائل النمر وتغلب وإياد ومن حالفهم، ومعهم من الفرس "مهران" بقواته، وطلب عقة من مهران حتى يهجره لقتال خالد فنطق مهران له: «دونكم وإياهم، وإن احتجتم إلينا أعناكم». وسار خالد فتلقاه عقة، فلما تقابلوا نطق خالد لمجنبته: «احفظوا مكانكم فإني حامل»، وأمر حماته حتىقد يكونوا من ورائه، وحمل على عقة وهويسوّي الصفوف فاحتضنه وأسره، وانهزم جيش عقة من غير قتال، فأكثروا فيهم الأسر. وقصد خالد حصن عين التمر، فلما بلغ "مهران" هزيمةُ عقة وجيشه هبط من الحصن وهرب وهجره، ورجعت فلول نصارى الأعراب إلى الحصن فوجدوه مفتوحاً فدخلوه واحتموا به، فاتى خالد وأحاط بهم وحاصرهم أشد الحصار، فاضطر أهل الحصن حتى ينزلوا على حكم خالد، فأمر بضرب عنق عقة ومن كان أُسر معه والذين نزلوا على حكمه أجمعين. ثم أوفد أبوبكر الوليد بن عقبة إلى عياض مدداً له وهويحاصر دومة الجندل، فلما قدم عليه وجده في ناحية من العراق يحاصر قوماً، وهم قد أخذوا عليه الطرق فهومحصور أيضاً، فنطق عياض للوليد: «إن بعض الرأي خير من جيش كثيف، ماذا ترى فيما نحن فيه؟»، فنطق له الوليد: «اخط إلى خالد يمدك بجيش من عنده»، فخط إليه يستمده، فقدم كتابه على خالد عقب سقطة عين التمر وهويستغيث به، فخط خالد إليه: «من خالد إلى عياض، إياك أريد، البث قليلاً تأتك الحلائب، يحملن آساداً عليها القشائب، كتائب تتبعها كتائب».

فتح دومة الجندل

رحل خالد بجنده من عين التمر بعد حتى خلف عليها عويم بن الكاهل الأسلمي، ووصلت أنباؤه إلى أهل دومة الجندل، فاستنجدوا بحلفائهم من قبائل بهراء وكلب وغسان وتنوخ، وكان أمر أهل دومة الجندل إلى زعيمين هما: أكيدر بن عبد الملك والجودي بن ربيعة، فاختلفا، وخرج أكيدر مفارقاً قومه، وبلغ خالداً خبرُه فأوفد إليه عاصم بن عمرومعارضاً له فأخذه، فأمر خالد بقتله. ونزل خالد على دومة الجندل، وجعل أهلَها وحلفاءَهم بين فكي كماشة ذراعُها الأولى عسكرُه والثانيةُ عسكرُ عياض بن غنم، وتقدم الجودي بن ربيعة بجنوده نحوخالد، وتقدم ابن الحدرجان وابن الأيهم بجنودهما ناحية عياض، ودارت المعركة، وأنزل خالد الهزيمة بالجودي وأتباعه، وانتزع عياض النصر من ابن الحدرجان ومن معه بصعوبة، وحاولت فلول المنهزمين الاحتماء بالحصن، ولكنه كان قد عج بمن فيه فأغلقوه عليهم وهجروا أصحابهم حوله في العراء، ولم يلبث خالد حتى هاجم من بداخل الحصن بعد حتى اقتلع بابه فقتل منهم جموعاً كثيرة.

ثم أمر خالد الأقرع بن حابس بالرجوع إلى الأنبار وأقام بدومة الجندل، فظن الفرس وعرب المنطقة ذلك فرصة لهم، فخرج "زرمهر" من بغداد ومعه "روزبة" يريدان الأنبار، وتواعدا في الحصيد والخنافس، فوصل خبرهم الزبرقان بن بدر التميمي وهوعلى الأنبار، فاستمد القعقاع بن عمروخليفة خالد على الحيرة، فأمده بأعبد بن فدكي السعدي وأمره بالحصيد، وبعروة بن الجعد البارقي وأمره بالخنافس. وعندما فهم خالد بتحرك بعض القبائل ورغبتهم بالانضمام إلى "روزبة" في الحصيد، جعل القعقاعَ أميراً على المسلمين في الحصيد بعد حتى هجر مكانَه عياض بن غنم على الحيرة، فلما فهم "روزبة" بتوجه القعقاع إليه استمد "زرمهر" فانضم إليه، والتقى المسلمون بجموع الفرس، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة من بينهم "زرمهر" و"روزبة"، وغنموا غنائم كثيرة. وبعد حتى وصلت أخبار المسلمين في الحصيد إلى خالد، واعد قادة جيوشه في ليلة وساعة يجتمعون فيها عند المصيخ قرب حوران، فلما توافوا في موعدهم بيتوا بعض القبائل ومن آوى إليهم من ثلاثة أوجه، فأسقط بهم خسائر كبيرة، ثم فهم خالد بتحشد بعض القبائل في "الثني" قرب ديار بكر استعداداً لقتال المسلمين، فباغتهم في "الثني" من عدة اتجاهات فشتت جموعهم، وكذلك هاجم المتحشدين في "الزميل" فأسقط بهم خسائر هائلة.

معركة الفراض

بعد حتى بسط خالد راية الإسلام على العراق واستسلمت له قبائل العرب، قصد منطقة الفراض، وهي تخوم الشام والعراق والجزيرة، حتى يحفظ ظهره ويأمن من حتى تكون وراءه عورة عند اجتيازه أرض السواد إلى بلاد فارس، فلما اجتمع المسلمون بالفراض غضب الروم وهاجوا واستعانوا بمن يليهم من مسالح الفرس، فلبس الفرس سراعاً لأنهم كانوا حانقين على المسلمين، كما استمدوا العرب من تغلب وإياد والنمر بن قاسط فأمدوهم، فاجتمعت جيوش الفرس والروم والعرب على المسلمين في تلك المسقطة، فلما بلغوا الفرات نطقوا للمسلمين: «إما حتى تعبروا إلينا وإما حتى نعبر إليكم»، فنطق خالد: «بل اعبروا إلينا»، نطقوا: «فتنحوا حتى نعبر»، فنطق خالد: «لا نعمل ولكن اعبروا أسفل منا»، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة 12هـ، فنطقت الروم وفارس بعضهم لبعض: «احتسبوا ملككم، هذا رجل يقاتل على دين وله عقل وفهم، والله لينصرن ولنخذلن»، ثم لم ينتفعوا بذلك، فعبروا أسفل من خالد، فلما تتاموا اقتتلوا قتالاً شديداً طويلاً، ثم انتصر المسلمون، ونطق خالد للمسلمين: «ألحوا عليهم ولا ترفهوا عنهم»، فجعل صاحب الخيل يحشر منهم الزمرة برماح أصحابه، فإذا جمعوهم قتلوه، وقُتل من أعداء المسلمين عشرات الألوف، وأقام خالد في الفراض عشرة أيام، ثم أمر بالرجوع إلى الحيرة.

وتعد هذه المعركة خاتمة المعارك التي خاضها خالد بن الوليد في العراق، وانكسرت شوكة الفرس بعد هذه المعركة، ولم تقم لهم قوة حربية يخشاها الإسلام بعد هذه المسقطة.

فتوحات الشام في عهد أبي بكر

كان اهتمام المسلمين بالشام منذ عهد النبي محمد، فقد خط إلى هرقل عظيم الروم وغيره من أمراء الشام خطاً يدعوهم فيها إلى الإسلام، كما أوفد جيشاً إلى مؤتة في الشام فكانت معركة مؤتة، ثم قاد غزوة تبوك بنفسه. ولما تولى أبوبكر الخلافة، استمر على المنهج الذي وضعه النبي محمد، فأصر بعد وفاة النبي على إنفاذ جيش أسامة بن زيد، ثم أوفد خالد بن سعيد بن العاص بجيش لفتح الشام.

جيش خالد بن سعيد بن العاص

بعث أبوبكر خالد بن سعيد بن العاص إلى مشارف الشام، وأمره حتىقد يكون ردءاً للمسلمين بتيماء، وهي بلدة في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى، وأمره ألا يفارقها إلا بأمره، ولا يقاتل إلا من قاتله، فبلغ خبرَه هرقل ملكُ الروم، فجهز جيشاً من العرب التابعين للروم من قبائل بهراء وسليح وكلب ولخم وجذام وغسان، فسار إليهم خالد بن سعيد فلقيهم على منازلهم فافترقوا، فأمره أبوبكر بالإقدام والزحف على الروم قبل تنظيم صفوفهم، ونصحه حتى يحافظ على خط رجعته وألا يتوغل كثيراً في بلاد العدو، فتقدم خالد حتى بلغ القسطل في طريق البحر الميت، فهزم جيشاً من الروم على الشاطئ الشرقي للبحر، ثم تابع مسيرته، فجمع الروم قوات تزيد على ما جمعوا في تيماء، فخط خالد إلى الخليفة يستمده ليتابع تقدمه، فبعث إليه عكرمة بن أبي جهل بجيش البدال والوليد بن عقبة بجموع أخرى، فلما وصلت هذه القوات إلى خالد بن سعيد أمر بالهجوم على الروم، وأخذ طريقه إلى مرج الصفر (شرقي بحيرة طبرية)، وانحدر القائد الرومي ماهان بجيشه يستدرج جيوش المسلمين التي وصلت إلى مرج الصفر، فأسقطوا بالمسلمين الهزيمة، وصادف ماهان سعيد بن خالد بن سعيد في كتيبة من العسكر فقتلهم وقتل سعيداً في مقدمتهم، وبلغ خالد مقتل ابنه ورأى نفسه قد أحيط بالروم، فخرج هارباً في كتيبة من أصحابه على ظهور الخيل، ونجح عكرمة في سحب بقية الجيش إلى حدود الشام. عند ذلك، أمر أبوبكر المسلمين بالنفير إلى الجهاد، وأمر بلالاً بن رباح فنادى في الناس: «أن انفروا إلى جهاد عدوكم الروم بالشام»، وخط إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الجهاد، فانساح أهل اليمن من جميع أرجائها بأعداد هائلة، كلهم خرجوا طواعية غير مكرهين.

إرسال الجيوش الإسلامية إلى الشام

بعد حتى نادى أبوبكر الناس إلى الجهاد، عقد الألوية لأربعة جيوش أوفدها لفتح الشام، وأمر جميع أمير حتى يسلك طريقاً غير طريق الآخر، وهذه الجيوش هي:

خريطة توضح خط سير الجيوش الإٍسلامية الفاتحة للشام.
  • جيش يزيد بن أبي سفيان: وهوأول الجيوش التي تقدمت إلى بلاد الشام، وكانت مهمته الوصول إلى دمشق وفتحها ومساعدة الجيوش الأربعة عند الضرورة، وكان جيش يزيد أول الأمر ثلاثة آلاف، ثم عززه الخليفة بالإمدادات حتى صار معه بحدود سبعة آلاف رجل.
  • جيش شرحبيل بن حسنة: حدد أبوبكر لمسير شرحبيل بن حسنة ثلاثة أيام بعد مسير يزيد بن أبي سفيان، وكان جيش شرحبيل ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف، وأمره حتى يسير إلى تبوك والبلقاء ثم بصرى، وهي آخر فترة، فتقدم شرحبيل نحوالبلقاء حيث لم يلق مقاومة تُذكر، وكان يسير على الجناح الأيسر لجيش أبي عبيدة بن الجراح، والجناح الأيمن لجيش عمروبن العاص في فلسطين، فأوغل في البلقاء حتى بلغ بصرى، فأخذ يحاصرها، فلم يوفق في فتحها لأنها كانت من المراكز الحصينة.
  • جيش أبي عبيدة بن الجراح: وكان يتراوح ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف مجاهد، وهدف ذلك الجيش حمص. سار أبوعبيدة من المدينة ماراً بوادي القرى إلى الجابية، وكان هذا الجيش الجناح الأيسر لجيش يزيد، والجناح الأيمن لجيش شرحبيل، وكان في صحبة أبي عبيدة فارس من فرسان العرب المشهورين هوقيس بن هبيرة بن مسعود المرادي، فأوصى به أبوبكر أبا عبيدة قبل سفره.
  • جيش عمروبن العاص: وجهه أبوبكر إلى فلسطين، وكان تعداده يتراوح من ستة آلاف إلى سبعة آلاف مجاهد، فسلكت طريقاً لساحل البحر الأحمر حتى وادي عربة في البحر الميت، ونظم عمروبن العاص قوة استطلاع مؤلفةً من ألف مجاهد يقودها عبد الله بن عمر بن الخطاب، ودفعها باتجاه محور تقدم الروم، فاصطدمت هذه القوة بقوة للروم، ولكنها انتصرت عليهم، وعادت ببعض الأسرى فاستنطقهم عمروبن العاص، وفهم منهم حتى جيش العدوبقيادة "رويس" يحاول مباغتة المسلمين بالقيام بالهجوم، فنظم عمروقواته، وشن الروم هجومهم، واستطاع المسلمون صده ونجحوا في رد قوات الروم، وبعد ذلك شنوا هجومهم المضادَّ ودمروا قوة العدووأرغموهم على الفرار وهجر ميدان المعركة، وتابع الفرسان المطاردة، وانتهت بسقوط ألوف القتلى من الروم.

لاقت الجيوش الإسلامية صعوبة في لقاءة جيوش الإمبراطورية الرومانية لقوتها وكثرة عددها، وقد كان للروم في الشام جيشان كبيران: أحدهما في فلسطين والآخر في أنطاكية، وعندما شهد قائد الروم هرقل توغل الجيوش الإسلامية، أصدر أوامره لقواته بالتوجه لتدمير الجيوش الإسلامية الأربعة جميع على حدة. فراسل قادةُ المسلمين أبا بكر يخبرونه بأمر الروم، فشرع بإمدادهم بالرجال والسلاح والخيول وما يحتاجونه، فأوفد هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ومعه ألف مقاتل إلى أبي عبيدة، وأوفد سعيد بن عامر بن حذيم ومعه سبعمائة رجل إلى يزيد بن أبي سفيان. وقرر قادة المسلمين الانسحاب من جميع الأراضي التي فتحوها والتجمع في مكان واحد ليتمكنوا من إحباط خطة الروم وإجبارهم على خوض معركة فاصلة تخوضها جميع الجيوش الإسلامية، فاتفقوا حتىقد يكون التجمع باليرموك، وأن يتم الانسحاب مع تجنب الاشتباك مع العدو، فانسحب أبوعبيدة من حمص، وانسحب شرحبيل بن حسنة من الأردن، وانسحب يزيد بن أبي سفيان من دمشق، وأخذ عمروبن العاص في الانسحاب تدريجياً من فلسطين.

وقرر أبوبكر حتى ينقل خالد بن الوليد بجيشه إلى الشام وأن يتولى قيادة الجيوش بها، لأن الأمر بالشام يحتاج إلى قائد صاحب قدرة عسكرية فائقة، وصاحب تجربة طويلة في المعارك، فحشد خالد جنوده وانطلق ليعبر إلى الشام عبر صحاري رهيبة، وبعد خمسة أيام من الترحال وصل جيش خالد إلى الشام، ففتح منطقة "أدك" صلحاً، ثم هبط "تدمر" فصالح أهلها، ثم أتى "القريتين" فقاتله أهلها فظفر بهم، ثم قصد "حوارين" وصار إلى موضع يعهد بالثنية، فنشر رايته وهي راية العقاب، فسمي ذلك الموضع بثنية العقاب، ثم سار حتى وصل إلى قناة بصرى، فوجد الصحابة تحاربها فصالحه صاحبها وسلمها إليه، ثم سار خالد وأبوعبيدة ومرثد وشرحبيل إلى عمروبن العاص وقد قصده الروم، فكانت معركة أجنادين.

معركة أجنادين

كان عمروبن العاص ينسحب بمحاذاة ضفة نهر الأردن لكي يلتقي بجيوش المسلمين الأخرى، فقرر خالد بن الوليد حتى يسرع وينضم إلى جيش عمروبن العاص، ويخوض وإياه معركة فاصلة فيقضي على قوة الروم الكبيرة، فيتعزز الموقف العسكري للجيش الإسلامي، ويصون خط رجعته، ويحمي جناحه الأيسر، ويثبت أقدام المسلمين في فلسطين، فانحدر من اليرموك إلى سهل فلسطين بعدما أصدر أمره إلى عمروبن العاص بأن ينسحب متدرجاً جيش الروم حتى يصل جيش خالد فيطبقان عليه، فارتد عمروبن العاص إلى أجنادين، وعندما وصلت قوات خالد أصبح جيش المسلمين بحدود ثلاثين ألف مقاتل، وكان وصول خالد في الوقت المناسب، فما حتى اصطدمت قوات عمروبن العاص بالروم حتى انقض خالد بقواته الرئيسة، وجرت معركة عنيفة، وكان لمهارة القائدين خالد وعمروالعسكرية دور كبير في تحقيق النصر الحاسم، حيث وُجِّهت قوة اقتحامية اخترقت صفوف العدوحتى وصلت إلى قائد الروم فقتلوه، وبمقتل القائد انهارت مقاومة الروم وهربوا في اتجاهات مختلفة.

معركة اليرموك

الأرض التي دارت عليها معركة اليرموك شمال الأردن.

بعد فوز المسلمين في أجنادين اجتمعوا في اليرموك، وتحركت جيوش الروم بقيادة "تيدور" ونزلت في منزل واسع الطعن واسع المطرد ضيق المهرب، وكان عدد المسلمين أربعين ألف مقاتل أوخمسة وأربعين ألفاً يقودهم خالد بن الوليد، وأما عدد الروم فيُقدَّر بمائتين وأربعين ألفاً بقيادة "تيدور"، وقسم خالد جيشه، فجعل على فرقة القلب أبا عبيدة بن الجراح ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وعلى فرقة الميمنة عمروبن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة، وعلى فرقة الميسرة يزيد بن أبي سفيان. ونزلت الرومُ الواقوصة قريباً من اليرموك، وصار الوادي خندقاً عليهم، وبدأ القتال وحميت الحرب، وتقدمت صفوف الروم فحملت ميسرتهم على ميمنة المسلمين فانكشف قلب الجيش الإسلامي من ناحية الميمنة، واستطاع الروم إحداث ثغرة في صفوف المسلمين والتسلل إلى مؤخرتهم، فثبت المسلمون حتى صدوا الروم، ثم ركبهم الروم فزال المسلمون من الميمنة إلى القلب، وانكشف طائفة من الناس إلى العسكر، وثبت سور من المسلمين عظيم يقاتلون تحت راياتهم، ثم تنادوا فتراجعوا حتى نهنهوا مَن أمامهم من الروم وأشغلوهم عن اتباع من انكشف من الناس. ثم حملت ميمنة الروم على ميسرة المسلمين حملة شديدة، فانكشف قلب المسلمين من ناحية الميسرة وركب الروم أكتاف من انهزم من المسلمين، وتبعوهم حتى دخلوا معسكر المسلمين، فاستقبلتهم نساء المسلمين بالحجارة وأعمدة الخيام يضربنهم على وجوههم ويقلن لهم: «أين عز الإسلام والأمهات والأزواج،يا ترى؟ أين تفرون وتدعوننا للعلوج؟»، فإذا زجرنهم خجل أحدهم من نفسه ورجع إلى القتال، وقتلوا من الروم خلقاً كثيراً. وحاولت ميسرة الروم مرة أخرى شن الهجوم على ميمنة المسلمين، فشدوا على عمروبن العاص وجنده في محاولة اختراق الصفوف لكي يطوِّقوهم، وقاتل عمرووجنده عن مواضعهم، إلا حتى الروم تمكنوا من دخول معسكرهم، ونزلت المسلمات من التل وأخذن يضربن وجوه الرجال المراجعين، وبذلك ارتدت إلى المسلمين عزائمهم، ودخلوا للقتال مرة أخرى، وحمل المسلمون على الروم من حديث حتى أزاحوهم عن المواضع التي كسبوها.

وحمل خالد بمن معه من الخيالة على الميسرة التي حملت على ميمنة المسلمين فأزالوهم إلى القلب، فقُتل من الروم في حملته هذه ستة آلاف، ثم اعترضهم فحمل بمائة فارس معه على نحومن مائة ألف، فما وصل إليهم حتى انقض جميعهم، وحمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد فانكشفوا، وتبعهم المسلمون لا يمتنعون منهم. وقامت ميمنة المسلمين بإغلاق المنافذ والثغرات في وجوه الروم، وحصروا بين وادي اليرموك ونهر الزرقاء، واستطاع المسلمون حتى يفصلوا فرسان الروم عن مشاتهم، فحملوا على الروم وركبوا أكتافهم حتى أرهقوهم، وبذلك أراد فرسانُ الروم مخرجاً لهم للفرار منه، فأمر خالد عمروبن العاص بفسح المجال لهم فعمل ذلك وهرب فرسان الروم، وبذلك تحرك مشاة الروم دون غطاء من خيالتهم، فاتى المشاة إلى الخنادق وهم مقيدون بالسلاسل، واتىهم المسلمون إلى خندقهم في ظلال الليل، وأخذ معظم مشاة الروم ينهارون بالوادي، فإذا منهم إنسان قُتل سقط معه جميعُ الذين كانوا مقيدين معه، وقَتل منهم المسلمون في هذه الفترة خلقاً كثيراً قُدِّر عددهم بمائة وعشرين ألفاً، والناجون منهم قد انسحب قسم منهم إلى فحل، والقسم الآخر إلى دمشق داخل بلاد الشام. وقُتل أحد قادة الروم "تذارق"، وكان له ثلاثون سرادقاً وثلاثون رواقاً من ديباج بما فيها من الفرش والحرير، فلما كان الصباح حاز المسلمون ما كان هنالك من الغنائم، وكان عددُ قتلى المسلمين ثلاثةَ آلاف منهم: عكرمة بن أبي جهل، وابنه عمرو، وسلمة بن هشام، وعمروبن سعيد، وأبان بن سعيد. وكان عدد قتلى الروم مائة وعشرين ألفاً، منهم ثمانون ألفاً مقيدون بالسلاسل وأربعون ألفاً مطلقون سقطوا جميعهم في الوادي.

وفاته

في شهر جمادى الآخرة سنة 13هـ، سقم الخليفة أبوبكر واشتد به السقم، فلما ثقل واستبان له من نفسه، جمع الناس إليه فنطق: «إنه قد هبط بي ما قد ترون، ولا أظنني إلا ميتاً لما بي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم، فأمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إذا أمَّرتم في حياة مني كان أجدر حتى لا تختلفوا بعدي»، فتشاور الصحابة، ثم رجعوا إلى أبي بكر فنطقوا: «رأيُنا يا خليفة رسول الله رأيُك»، نطق: «فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده»، ثم سقط اختيار أبي بكر بعد حتى استشار بعض الصحابة على عمر بن الخطاب، ثم خط عهداً مكتوباً يُقرأ على الناس، وكان نص العهد:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبوبكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عَدَلَ فذلك ظني به وفهمي فيه، وإن بَدّلَ فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أفهم الغيب: «وسيفهم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».

وقد روت السيدة عائشة خبر وفاة أبيها أبي بكر فنطقت: «أول ما بُدئ سقم أبي بكر أنه اغتسل وكان يوماً بارداً، فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألزمهم له في سقمه»، ونطقت السيدة عائشة: نطق أبوبكر: «انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي»، فنظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح (البعير الذي يُستقى عليه) كان يسقي بستاناً له، فبعثنا بهما إلى عمر، فبكى عمر، ونطق: «رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً».

شباك الحجرة النبوية في المسجد النبوي حيث دُفن النبي محمد وأبوبكر وعمر.
قابلة قبور النبي محمد وأبي بكر وعمر داخل المسجد النبوي.

واستمر سقم أبي بكر مدة خمسة عشر يوماً، حتى توفي يوم الاثنين ليلة الثلاثاء 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، نطقت السيدة عائشة: إذا أبا بكر نطق لها: «في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟»، نطقت: «في يوم الاثنين»، نطق: «إني لأرجوفيما بيني وبين الليل، ففيم كفنتموه؟»، نطقت: «في ثلاثة أثواب بيض سحولية يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة»، فنطق أبوبكر: «انظري ثوبي هذا فيه ردع زعفران أومشق فاغسليه واجعلي معه ثوبين آخرين»، فقيل له: «قد رَزَقَ الله وأحسن، نكفنك في جديد»، نطق: «إن الحي هوأحوج إلى الجديد ليصون به نفسه عن الميت، إنما يصير الميت إلى الصديد وإلى البلى». وقد أوصى حتى تغسله زوجه أسماء بنت عميس، وأن يدفن بجانب النبي محمد، وكان آخرَ ما تحدث به أبوبكر قولَ الله تعالى: «توفني مسلماً وألحقني بالصالحين». وتوفي أبوبكر وهوابن ثلاث وستين سنة، استوفى سن النبي محمد، وغسلته زوجه أسماء بنت عميس، ودفن جانب النبي محمد، وقد جعل رأسه عند كتفي النبي، وصلى عليه خليفته عمر بن الخطاب، ونزل قبره عمر وعثمان وطلحة وابنه عبد الرحمن، وألصق اللحد بقبر النبي محمد.

وارتجت المدينة لوفاة أبي بكر، ولم تر المدينة منذ وفاة الرسول يوماً أكثر باكياً وباكية من ذلك المساء، وأقبل علي بن أبي طالب مسرعاً باكياً مسترجعاً، ووقف على البيت الذي فيه أبوبكر، فنطق: «رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلفَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنيسه، ومستراحه وثقته، وموضع سره ومشاورته»، إلى حتى نطق: «والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبداً، كنت للدين عزاً وحرزاً وكهفاً، فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك»، فسكت الناس حتى قضى كلامه، ثم بكوا حتى علت أصواتهم، ونطقوا: «صدقت».

ألقابه

لُقب أبوبكر بألقاب عديدة منها:

الصّدّيق

لقَّبه به النبي محمد، وذلك حتى النبي محمداً كان قد صعد جبل أحد ومعه أبوبكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، فرجف بهم الجبل فنطق النبي محمد: «اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان»، وأما سبب تسميته بالصديق فهولكثرة تصديقه للنبي محمد، نطقت السيدة عائشة: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال إلى أبي بكر، فنطقوا: «هل لك إلى صاحبك،يا ترى؟ يزعم حتى أسري به الليلة إلى بيت المقدس»، نطق: «وقد نطق ذلك؟»، نطقوا: «نعم»، نطق: «لئن نطق ذلك فقد صدق»، نطقوا: «أوتصدقه أنه مضى الليلة إلى بيت المقدس، واتى قبل حتى يصبح؟» نطق: «نعم، إني لأصدقه فيما هوأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أوروحة»، فلذلك سمي أبوبكر الصديق.

العتيق

لقَّبه به النبي محمد، فقد نطق له: «أنت عتيق الله من النار»، فسمي عتيقاً، ونطقت السيدة عائشة: «دخل أبوبكر الصديق على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنطق له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أبشر، فأنت عتيق الله من النار»»، وقد ذكر المؤرخون أسباباً كثيرةً لهذا اللقب، فقد قيل: «إنما سمي عتيقًا لجمال وجهه»، وقيل: «لأنه كان قديمًا في الخير»، وقيل: «سمي عتيقًا لعتاقة وجهه»، وقيل: إذا أمَّ أبي بكر كان لا يعيش لها ولد، فلما ولدته استقبلت به الكعبة ونطقت: «اللهم إذا هذا عتيقك من الموت فهبه لي».

الصاحب

لُقب به في القرآن الكريم، وذلك في قول الله تعالى: Ra bracket.png إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْه Aya-40.png La bracket.png، وقد أجمع الفهماء على حتى الصاحب المقصود في الآية هوأبوبكر، ونطق الإمام ابن حجر العسقلاني في تفسير هذه الآية: «فإن المراد بصاحبه هنا أبوبكر بلا منازع».

الأتقى

لُقب به في القرآن الكريم، وذلك في قول الله تعالى: Ra bracket.png وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى Aya-17.png La bracket.png. وسبب ذلك حتى أبا بكر عندما كان يشتري العبيدَ المسلمين ويعتقهم، نطق له أبوه أبوقحافة: «يا بني، إني أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلوأنك إذا عملت أعتقت رجالاً جلداً يمنعونك ويقومون دونك؟»، فنطق أبوبكر: «يا أبت، إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل»، فنزلت فيه آيات منها: Ra bracket.png وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى Aya-17.png الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى Aya-18.png وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى Aya-19.png إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى Aya-20.png وَلَسَوْفَ يَرْضَى Aya-21.png La bracket.png.

الأوّاه

لُقب أبوبكر بالأواه، وهولقب يشير على الخشية والوجل من الله تعالى، نطق إبراهيم النخعي: «كان أبوبكر يسمى بالأواه لرأفته ورحمته».

زوجاته وذريته

زوجات أبي بكر وذريته.

زوجاته

تزوج أبوبكر من أربع نسوة، أنجبن له ثلاثة ذكور وثلاث إناث، وهن على التوالي:

  1. قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وهي أم عبد الله وأسماء.
  2. أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة الكنانية، وهي أم عائشة وعبد الرحمن، توفيت في ذي الحجة سنة 4هـ أو5هـ أو6هـ.
  3. أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم الشهرانية الخثعمية، وهي أم محمد، كانت زوج جعفر بن أبي طالب، فلما اغتال جعفر تزوجها أبوبكر، ثم توفي عنها فتزوجها علي بن أبي طالب.
  4. حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجية الأنصارية، وقيل: مليكة بنت خارجة، وهي أم أم كلثوم.

ذريته

لأبي بكر ستة أولاد، ثلاثة ذكور وثلاث إناث وهم:

  1. عبد الرحمن بن أبي بكر، أمه أم رومان، وهوشقيق عائشة، توفي سنة 53هـ أو55هـ أو56هـ.
  2. عبد الله بن أبي بكر، أمه قتيلة بنت عبد العزى، وهوشقيق أسماء، وهوالذي كان يأتي النبيَّ وأباه أبا بكر بالطعام وبأخبار قريش إذ هما في الغار جميع ليلة، توفي أول خلافة أبي بكر في شوال سنة 11هـ.
  3. محمد بن أبي بكر، أمه أسماء بنت عميس، وهوأخوعبد الله بن جعفر لأمه، وأخويحيى بن علي لأمه.
  4. أسماء بنت أبي بكر، أمها قتيلة بنت عبد العزى، وهي زوج الزبير بن العوام وأم عبد الله بن الزبير، لقبت بذات النطاقين.
  5. عائشة بنت أبي بكر، أمها أم رومان، وهي زوج النبي محمد وأشهر نسائه، لقبت بالصديقة بنت الصديق وأم المؤمنين، وهي أحب الناس إلى النبي محمد، توفيت سنة 57هـ أو58هـ ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، ودفنت بالبقيع.
  6. أم كلثوم بنت أبي بكر، أمها حبيبة بنت خارجة، وقد ولدت بعد وفاة النبي محمد.

الآراء والمواقف حوله

نظرة أهل السنة والجماعة

تخطيط لاسم أبي بكر الصديق على إحدى جدران مسجد آيا صوفيا.

يُعدّ أبوبكر أحد أكثر الشخصيات تبجيلاً عند أهل السنة والجماعة، فهوعندهم خيرُ الناس بعد الأنبياء والرسل، وذلك نقلاً عن علي بن أبي طالب، فعن محمد بن الحنفية (وهومحمد بن علي بن أبي طالب) أنه نطق:

«قلت لأبي: "أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟"، نطق: "أبوبكر"، قلت: "ثم من؟"، نطق: "ثم عمر"، وخشيت حتى يقول عثمان، قلت: "ثم أنت؟"، نطق: "ما أنا إلا رجل من المسلمين".»

ويعتبر أهلُ السنة أبا بكر أول من أسلم من الرجال الأحرار، وأول مسلم أوذي في الله بعد النبي محمد، وأول من دافع عن النبي محمد، وأول من نادى إلى الإسلام من الصحابة، وأول من بذل ماله لنصرة الإسلام، وهوعندهم أتقى الأمة بالكتاب والسنة، وأشجع الناس بعد النبي محمد، وأحب الخلق إلى النبي بعد السيدة عائشة، وأرجح الأمة إيماناً، وأكثر الصحابة زهداً، وقد وردت أحاديث وآثار عديدة تبين فضل أبي بكر ومكانته، وتدل على أنه أحق الصحابة بالخلافة، ومنها:

  • عن عائشة أنها نطقت: نطق لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سقمه: «ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك، حتى أخط كتاباً، فإني أخاف حتى يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» - حديث سليم.
  • عن ابن عباس، عن النبي أنه نطق: «'لوكنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي'» - حديث سليم.
  • عن عمروبن العاص حتى النبي محمداً بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتاه فنطق: «أي الناس أحب إليك؟»، نطق: «عائشة»، فقلت: «من الرجال؟»، فنطق: «أبوها»، قلت: «ثم من؟»، نطق: «ثم عمر بن الخطاب» فعد رجالاً - حديث سليم.
  • عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، نطق: «أتت امرأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمرها حتى ترجع إليه، نطقت: «أرأيت إذا جئت ولم أجدك؟»، كأنها تقول: الموت، نطق صلى الله عليه وآله وسلم: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر»» - حديث سليم.
  • عن أبي هريرة أنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟»، نطق أبوبكر: أنا، نطق: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟»، نطق أبوبكر: أنا، نطق: «فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟»، نطق أبوبكر: أنا، نطق: «فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟»، نطق أبوبكر: أنا، فنطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا ولج الجنة» - حديث سليم.
  • عن ابن عمر أنه نطق: «كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم».
  • قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُوبَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُوذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".

نظرة الشيعة

يؤمن الشيعة الإثنا عشرية حتى الخلافة أوالإمامة لا تجوز إلا لأهل البيت، وأن علي بن أبي طالب كان أحق بالخلافة من أبي بكر، ولكن أبا بكر غصبها من علي بن أبي طالب غصباً، وبالغ بعضُ متشددي الشيعة حتى زعموا حتى أبا بكر لم يدخل الإسلام إلا طمعاً في الحكم والسلطة، ويرى الشيعة حتى بيعة أبي بكر لم تكن بالنص من النبي محمد، وهم يتفقون في ذلك مع أهل السنة، فقد نطق ابن كثير: «إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينص على الخلافة عيناً لأحد من الناس، لا لأبي بكر كما قد زعمه طائفة من أهل السنة، ولا لعلي كما يقوله طائفة من الرافضة». ولكن الشيعة الإثنا عشرية يختلفون مع أهل السنة في حتى بيعة أبي بكر لم تكن بالشورى بين المسلمين، ولم تكن بإجماع المسلمين، وإنما كانت "فلتة" كما وصفها فهماؤهم. وقد استعاروا هذا التعبير من حدثة الخليفة عمر بن الخطاب عن بيعة أبي بكر حيث نطق: « فلا يغترن امرؤ حتى يقول إذا بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة، ألا وإنها كانت كذلك، ألا وإن الله عز وجل وقى شرها ...».

وأما الشيعة الزيدية فهم كإمامهم وصاحب ممضىهم زيد بن علي بن الحسين يرون صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقل أحدٌ منهم بتكفير أحد من الصحابة، ومن ممضىهم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، ومعظم الزيدية المعاصرين يُقرُّون خلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهما كما تعمل بعض فرق الشيعة الأخرى، بل يترضون عنهما.

نظرة الغرب

يقول المؤرخ والمحرر الأمريكي واشنطن إيرفينج في كتابه "محمد وخلفاؤه" عن أبي بكر:

لقد كان رجلاً حُكمه عظيم، يقظاً حذراً، إدارياً بارعاً، أهدافه ومقاصده صادقة وغير أنانية، وموجهة نحومصلحة القضية وليس نحومصلحته الشخصية، وخلال فترة حكمه لم يخن شيئاً من أمور الدنيا الخسيسة، وكان لا يبالي بالثراء والبذخ والرفاهية، ولم يَقبل أي أجر لقاء خدماته، إلا مبلغاً زهيداً كافياً ليعيش حياة عربية من أبسط أنواع الحياة، حيث كانت حاشيته تتكون من جمل وعبد أسود، وأما الدخل الفائض الذي كان يدخل خزينته فقد كان يوزعه جميع يوم جمعة، جزء منه يمنحه مكافأةً وتقديراً، والباقي يمنحه للفقراء، وكان دائماً على استعداد بأن يساعد المفجوعين والمكروبين من ماله الخاص.

وقد ورد في الموسوعة البريطانية "بريتانيكا" ترجمة موسَّعة لأبي بكر، خلاصتها:

أبوبكر، يسمى أيضاً: "الصديق"، هوالصاحب الأقرب للنبي محمد ومستشاره، وهوالذي خلف النبي بوظائفه السياسية والإدارية، وبالتالي هومن أنشأ نظام الخلافة. يُزعم حتى أبا بكر هوأول ذكر اعتنق الإسلام، ولكنَّ كثيراً من المؤرخين المسلمين يشكون في وجهة النظر هذه. برز أبوبكر في المجتمع المسلم الأول بسبب زواج محمد من ابنته عائشة، ثم بسبب اختيار محمد له ليكون رفيقه في الهجرة إلى المدينة المنورة سنة 622م. في المدينة المنورة، كان أبوبكر المستشار الرئيسي لمحمد (622م-632م)، ومن أبرز وظائفه آنذاك: إمارة الحج إلى مكة المكرمة سنة 631م، وإمامة الناس في الصلاة في المدينة المنورة أثناء سقم محمد. بعد وفاة محمد (8 يونيو632م)، استطاع المسلمون في المدينة حل أزمة الخلافة باختيار أبي بكر خليفةً للنبي محمد. وخلال حكمه (632م-634م)، تمكن من قمع الانتفاضات القبلية السياسية والدينية المعروفة باسم "الردة"، وبالتالي إخضاع الجزيرة العربية تحت الحكم الإسلامي. وبعد ذلك، شرع بالفتوحات الإسلامية في العراق وسوريا.

المصادر

  1. ^ فتح الباري (7/9)
  2. ^ الإصابة (2/341)
  3. ^ أسد الغابة في فهم الصحابة، ابن الأثير الجزري، دار الخط الفهمية، الطبعة الأولى 1415هـ-1994م، ج3 ص310
  4. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، 4/ 144-145
  5. ^ سيرة وحياة الصديق، مجدي فتحي السيد، ص27
  6. ^ إكمال الكمال - ابن ماكولا، ج7 ص 30
  7. ^ نسب قريش - مصعب الزبيري ، ج1 ص122
  8. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج3 ص575
  9. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص314
  10. ^ فتح الباري (7/9)، الإصابة (2/341)
  11. ^ سيرة وحياة الصديق، مجدي فتحي السيد، ص29
  12. ^ تاريخ الخلفاء، للإمام جلال الدين السيوطي، تحقيق إبراهيم صالح، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1417هـ- 1997م، ص56
  13. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج3 ص310
  14. ^ أشهر مشاهير الإسلام، 1/ 10
  15. ^ التهذيب، 2/ 183
  16. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، 4/ 146
  17. ^ البداية والنهاية، أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م، ج3 ص39
  18. ^ سليم مسلم، رقم: 2490
  19. ^ الطبراني في الكبير، رقم: 3582
  20. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص39
  21. ^ أبوبكر الصديق، علي طنطاوي، دار المنارة، جدة، السعودية، 1406هـ-1986م، ص66
  22. ^ التاريخ الإسلامي، الخلفاء الراشدون، محمود شاكر، المخط الإسلامي، 1411هـ، ص30
  23. ^ الخلفاء الراشدون، محمود شاكر، ص34
  24. ^ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص48
  25. ^ سيرة وحياة الصديق، مجدي فتحي السيد، ص34
  26. ^ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص49
  27. ^ أصحاب الرسول، محمود المصري، مخطة أبي حذيفة السلفي، 1420هـ-1999م، 1/ 58
  28. ^ الخلفاء الراشدين، محمود شاكر، ص31
  29. ^ مواقف الصديق مع النبي بمكة، عاطف لماضة، ص6
  30. ^ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص52
  31. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص37
  32. ^ دلائل النبوة للبيهقي 2 / 163-164 عن ابن اسحاق
  33. ^ صفة الصفوة، 1/ 237
  34. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص38
  35. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص38-39، سليم الإسناد
  36. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص37، ونطق: رواه أحمد والترمذي والنسائي
  37. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص40
  38. ^ السيرة الحلبية، 1/ 442
  39. ^ السيرة النبوية لابن كثير، أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، تحقيق مصطفى عبد الواحد، دار الفكر بيروت، الطبعة الثانية 1398هـ، 1/ 439-441
  40. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص40-41
  41. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص39
  42. ^ عتيق العتقاء أبوبكر الصديق، محمود البغدادي، ص39-40
  43. ^ السيرة النبوية لابن هشام، دار إحياء التراث، الطبعة الثانية، 1417هـ-1997م، 1/ 394
  44. ^ التربية القيادية، 1/ 140
  45. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص40
  46. ^ السيرة النبوية لابن هشام، 1/ 393
  47. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص224-238، دار صادر بيروت
  48. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص214
  49. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص214-216
  50. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص218
  51. ^ في سليم البخاري: إنما هما أهلك.
  52. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص218-219
  53. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص219
  54. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص219-220
  55. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص221، ونطق: وهذا إسناد حسن.
  56. ^ سليم البخاري، كتاب فضائل الصحابة، رقم: 3653
  57. ^ سورة التوبة، الآية: 40
  58. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص228-229
  59. ^ سليم البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة
  60. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3 ص242
  61. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، 1/ 124
  62. ^ صفة الصفوة، 1/ 242
  63. ^ سليم البخاري، رقم: 3952
  64. ^ السيرة النبوية لابن هشام، 2/ 447
  65. ^ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص94
  66. ^ مواقف الصديق مع النبي في المدينة، عاطف لماضة، ص27
  67. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص74
  68. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص77
  69. ^ تاريخ الدعوة الإسلامية، ص142
  70. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص78
  71. ^ التاريخ السياسي والعسكري، علي معطي، ص365
  72. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، دار الفكر بيروت، 1407هـ-1987م، 3/ 43
  73. ^ تاريخ الدعوة الإسلامية، ص145
  74. ^ تاريخ الدعوة الإسلامية، ص147
  75. ^ مواقف الصديق مع النبي في المدينة، ص43
  76. ^ السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص615
  77. ^ سنن أبي داود، كتاب الزكاة، رقم: 1678، وحسنه الألباني
  78. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص87-89
  79. ^ السيرة النبوية لابن هشام، ج6 ص55-93
  80. ^ السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي الصلابي، ج4، ص281
  81. ^ سليم البخاري، رقم: 3654
  82. ^ سليم مسلم، 4/ 1857
  83. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج5 ص253
  84. ^ الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية، يوسف النبهاني، ص575-595
  85. ^ الروض الأنف، السهيلي، ج4 ص432-447
  86. ^ ‏الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج2، ص308
  87. ^ سليم البخاري، رقم: 3667
  88. ^ سورة آل عمران، الآية: 144
  89. ^ سليم البخاري، كتاب الجنائز، رقم: 1241، 1242
  90. ^ سنن أبي داود، رقم: 3141
  91. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 21
  92. ^ عصر الخلافة الراشدة للعمري، ص40
  93. ^ سليم البخاري، كتاب الحدود، رقم: 6830
  94. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص118
  95. ^ مسند أحمد، 1/ 21، وصحح إسناده أحمد شاكر، 1/ 213، رقم: 133
  96. ^ مسند أحمد، 1/ 5
  97. ^ الخلافة والخلفاء، البهنساوي، ص50
  98. ^ المستدرك، 3/ 66، نطق الحاكم: حديث سليم وأقره المضىي
  99. ^ الأنصار في العهد الراشد، حامد محمد الخليفة، ص108
  100. ^ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص91
  101. ^ الخلافة الراشدة للعمري، ص13
  102. ^ الأنصار في العصر الراشدي، ص108
  103. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص138
  104. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 305-306، إسناد سليم
  105. ^ سليم البخاري، الأحكام، رقم: 7219
  106. ^ الخلفاء الراشدون للخالدي، ص56
  107. ^ سليم التوثيق في سيرة الصديق، ص98
  108. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 5/ 249، ونطق ابن كثير: هذا إسناد سليم محفوظ، وفيه فائدة جلية.
  109. ^ في التاريخ الإسلامي، شوقي أبوخليل، ص218
  110. ^ سيرة أبي بكر الصديق، على الصلابي، ص151
  111. ^ الولاية على البلدان، عبد العزيز إبراهيم العمري، 1/ 55
  112. ^ سيرة أبي بكر الصديق، على الصلابي، ص164-165
  113. ^ سيرة أبي بكر الصديق، على الصلابي، ص167-168
  114. ^ الدول العربية الإسلامية، منصور الحرابي، ص 96-97
  115. ^ سيرة أبي بكر الصديق، على الصلابي، ص159-160
  116. ^ وقائع ندوة النظم الإسلامية، أبوظبي، 1/ 366
  117. ^ تاريخ القضاء في الإسلام، د.محمد الزحيلي، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1995م، ص134
  118. ^ سيرة أبي بكر الصديق، على الصلابي، ص163
  119. ^ تاريخ القضاء في الإسلام، ص157-158
  120. ^ سيرة بعث جيش أسامة، فضل إلهي، ص8
  121. ^ السيرة النبوية السليمة، 2/ 552
  122. ^ السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص685
  123. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 307
  124. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 308
  125. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 45
  126. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 46
  127. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 47
  128. ^ تاريخ خليفة بن خياط، ص101
  129. ^ سيرة بعث أبي بكر جيش أسامة، فضل إلهي، ص14
  130. ^ الكامل في التاريخ، أبوالحسن علي بن أبي المكارم الشيباني الجزري (ابن الأثير)، تحقيق علي شيري، دار إحياء التراث العربي بيروت، 1408هـ-1989م، 2/ 227
  131. ^ تاريخ الدعوة إلى الإسلام، ص270
  132. ^ فتح الباري، 12/ 276
  133. ^ سورة النور، الآية 55
  134. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 316
  135. ^ سليم البخاري، رقم: 1400
  136. ^ سليم مسلم، رقم: 20
  137. ^ تاريخ الدعوة إلى الإسلام، ص280
  138. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 64
  139. ^ الثابتون على الإسلام أيام فتنة الردة، مهدي رزق الله، ص21
  140. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 65
  141. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 66
  142. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 37
  143. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص204
  144. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 319
  145. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 86
  146. ^ دراسات في عصر النبوة، ص321
  147. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 70-71
  148. ^ تاريخ الردة للكلاعي، ص151-152
  149. ^ البدء والتاريخ، 5/ 229
  150. ^ اليمن في صدر الإسلام، ص273
  151. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص222
  152. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 140
  153. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 142
  154. ^ تاريخ الردة للكلاعي، ص177
  155. ^ تاريخ الردة للكلاعي، ص155
  156. ^ اليمن في صدر الإسلام، ص281
  157. ^ تاريخ الردة للكلاعي، ص54-58
  158. ^ طبقات فقهاء اليمن، ص36
  159. ^ اليمن في صدر الإسلام، ص283
  160. ^ اليمن في صدر الإسلام، ص284
  161. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 152
  162. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 3/ 152
  163. ^ اليمن في صدر الإسلام، ص286
  164. ^ تاريخ الردة للكلاعي، ص167
  165. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص236
  166. ^ حركة الردة للعتوم، ص78
  167. ^ ترتيب وتهذيب كتاب البداية والنهاية، خلافة أبي بكر، محمد بن صامل السلمي، ص101
  168. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 2/ 322
  169. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص244-245
  170. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 326
  171. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 334
  172. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 335
  173. ^ التراتيب الإدارية، 1/ 19
  174. ^ حروب الردة، أحمد سعيد، ص146
  175. ^ الثابتون على الإسلام، ص63
  176. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص261
  177. ^ حروب الردة، شوفي أبوخليل، ص80
  178. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 328
  179. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 106
  180. ^ الصديق أول الخلفاء، عبد الرحمن الشرقاوي، دار الكتاب العربي، 1410هـ - 1990م، ص105
  181. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 329
  182. ^ حروب الردة، لشوقي أبوخليل، ص92
  183. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 330
  184. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 347
  185. ^ الفن العسكري الإسلامي، ياسين سويد، ص83
  186. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 162
  187. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 163
  188. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص307-308
  189. ^ معارك خالد بن الوليد ضد الفرس، عبد الجبار السامرائي، ص35
  190. ^ الوثائق السياسية، حميد الله، ص371
  191. ^ أبوبكر الصديق، د.نزار الحديثي، د.خالد جاسم الجنابي، دار الشئون الثقافية العامة، العراق، الطبعة الأولى 1989م، ص46
  192. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 164
  193. ^ أبوبكر الصديق، خالد الجنابي، ص46
  194. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير الجزري، 2/ 51
  195. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 165
  196. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 163-165
  197. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 133
  198. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص312
  199. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 168
  200. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 134
  201. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير الجزري، 2/ 52
  202. ^ أبوبكر الصديق، خالد الجنابي، ص48
  203. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 173
  204. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 175
  205. ^ تاريخ الدعوة إلى الإسلام، ص348
  206. ^ تاريخ الدعوة إلى الإسلام، ص350
  207. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 353
  208. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 191
  209. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 354
  210. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 6/ 355
  211. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 195
  212. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 163
  213. ^ خالد بن الوليد، صادق إبراهيم عرجون، الدار السعودية، 1407هـ-1987م، ص231
  214. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 196
  215. ^ أبوبكر الصديق، خالد الجنابي، ص54
  216. ^ أبوبكر الصديق، خالد الجنابي، نزار الحديثي، ص55
  217. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 199-200
  218. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 201
  219. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 173
  220. ^ خالد بن الوليد، ص36
  221. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص336
  222. ^ أبوبكر الصديق، نزار الحديثي، خالد الجنابي، ص58
  223. ^ تاريخ دمشق لابن عساكر، 2/ 63-65
  224. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص341-342
  225. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص343-344
  226. ^ أبوبكر الصديق، نزار الحديثي، ص62
  227. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير الجزري، 2/ 66
  228. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص349
  229. ^ العمليات التعرضية والدفاعية عند المسلمين، الرائد نهاد عباس شهاب الجبوري، دار الحرية، بغداد، ص143
  230. ^ تاريخ فتوح الشام، لأبي زكريا يزيد بن محمد الأزدي، تحقيق عبد المنعم عبد الله عامر، مؤسسة القاهرة، 1970م، ص33-35
  231. ^ فتوح الشام للأزدي، ص35-38
  232. ^ العمليات التعرضية والدفاعية عند المسلمين، ص148
  233. ^ تاريخ الدعوة إلى الإسلام، ص359-360
  234. ^ أبوبكر الصديق، نزار الحديثي، خالد الجنابي، ص68
  235. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 7/ 6-7
  236. ^ أبوبكر الصديق، نزار الحديثي، ص70
  237. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 7/ 8
  238. ^ فتوح الشام للأزدي، ص222
  239. ^ العمليات التعرضية والدفاعية، ص176
  240. ^ فتوح البلدان للأزدي، ص171
  241. ^ العمليات التعرضية والدفاعية، ص175
  242. ^ ترتيب وتهذيب البداية والنهاية، خلافة أبي بكر الصديق، د.محمد بن صامل السلمي، دار الوطن، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ-1997م، ص173
  243. ^ العمليات التعرضية والدفاعية، ص179
  244. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 7/ 18
  245. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، 4/ 238
  246. ^ التاريخ الإسلامي، 9/ 258
  247. ^ سورة الشعراء، الآية: 227
  248. ^ تاريخ الإسلام للمضىي، عهد الخلفاء الراشدين، دار الكتاب العربي، 1407هـ، ج3 ص116-117
  249. ^ أصحاب الرسول، محمود المصري، 1/ 104
  250. ^ صفة الصفوة، 1/ 265
  251. ^ أصحاب الرسول، 1/ 106
  252. ^ التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، الخلفاء الراشدون، ص104
  253. ^ سورة يوسف، الآية: 101
  254. ^ الشيخان أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب برواية البلاذري في أنساب الأشراف، تحقيق إحسان صدقي العمد، ص69
  255. ^ الطبقات لابن سعد، 3/ 203-204، وإسناده سليم
  256. ^ تاريخ الإسلام للمضىي، عهد الخلفاء الراشدين، ص120
  257. ^ أصحاب رسول الله، 1/ 106
  258. ^ التبصرة لابن الجوزي، 1/ 477-479
  259. ^ أصحاب الرسول، 1/ 108
  260. ^ سليم البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب فضل أبي بكر، 5/ 11
  261. ^ أخرجه الحاكم، 3/ 62-63، وصححه وأقره المضىي
  262. ^ الإحسان في تقريب سليم ابن حبان، 15/ 280، إسناده سليم
  263. ^ رواه الترمذي في المناقب، رقم: 3679، وصححه الألباني في السلسلة 1574
  264. ^ المعجم الكبير للطبراني، 1/ 52
  265. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، 1/ 146
  266. ^ المعجم الكبير، 1/ 53
  267. ^ الكني والأسماء للدولابي، 1/ 6
  268. ^ سورة التوبة، آية: 40
  269. ^ تاريخ الدعوة في عهد الخلفاء، يسري محمد هاني، 39
  270. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، 4/ 148
  271. ^ سورة الليل، آية: 17
  272. ^ سورة الليل، الآيات 17-21
  273. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص42
  274. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، 20
  275. ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، 3/ 171
  276. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص21-22
  277. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص320
  278. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص12
  279. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص61
  280. ^ سيرة أبي بكر الصديق، علي الصلابي، ص22-24
  281. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج3 ص462
  282. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج5 ص97
  283. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج3 ص300
  284. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص7
  285. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص186
  286. ^ أسد الغابة، ابن الأثير، ج7 ص373
  287. ^ سليم البخاري، رقم: 3395
  288. ^ سنن أبي داود، رقم: 4013
  289. ^ المعجم الأوسط، الطبراني، رقم: 822
  290. ^ أبوبكر الصديق أفضل الصحابة وأحقهم بالخلافة، محمد بن عبد الرحمن العاصمي الحنبلي، ص18-20
  291. ^ أبوبكر الصديق، محمد بن عبد الرحمن العاصمي الحنبلي، ص23-25
  292. ^ أبوبكر الصديق، محمد بن عبد الرحمن العاصمي الحنبلي، ص37-49
  293. ^ سليم مسلم، رقم: 2387
  294. ^ سليم البخاري، رقم: 3656
  295. ^ سليم البخاري، رقم: 3662
  296. ^ سليم البخاري، رقم: 3659
  297. ^ سليم مسلم، رقم: 2386
  298. ^ سليم مسلم، رقم: 1028
  299. ^ سليم البخاري، رقم: 3655
  300. ^ مسند الإمام أحمد بن حنبل رقم الحديث: 1219 (حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُونُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ نَافِعٍ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُلَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُوبَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُوذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".
  301. ^ الصديق بين السنة والشيعة، أحمد كمال شعت، نقلاً عن كتاب "حملة حيدرى" لبازل إيراني
  302. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 5/ 219
  303. ^ شبكة الشيعة العالمية، ما المصحح لخلافة أبي بكر
  304. ^ مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 1، ص 55؛ تحت عنوان: حديث السقيفة.
  305. ^ الزيدية، إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
  306. ^ Mahomet and his successors, Washington Irving ص21-22
  307. ^ موسوعة بريتانيكا

وصلات خارجية

  • أبوبكر الصديق نسبه وحياته من مسقط 'رسول الله'.
  • سيرة أبي بكر الصديق، من مسقط صيد الفوائد.
  • مجموعة منطقات عن أبي بكر الصديق، من مسقط سيرة الإسلام.
  • نبذة عن شخصية الخليفة أبي بكر الصديق، من مسقط إسلام ويب.
  • فضل الصحابة - أبوبكر الصديق، من مسقط إسلام هاوس.
  • أبوبكر الصديق أول الخلفاء الراشدين، من مسقط أهل السنة والجماعة.
  • خليفة رسول الله أبوبكر الصديق.
مناصب سياسية
سبقه
-
خليفة المسلمين الراشدي

11 هـ - 13 هـ
تبعه
عمر بن الخطاب


اقرأ اقتباسات ذات علاقة بأبوبكر، في فهم الاقتباس.

تاريخ النشر: 2020-06-07 17:25:58
التصنيفات: العشرة المبشرون بالجنة, وزراء الرسول, Portal templates with redlinked portals, Commons category link is locally defined, علماء مسلمون, أبو بكر الصديق, أشخاص دخلوا في الإسلام, أشخاص عرب, أشخاص من شبه الجزيرة العربية, أشخاص من مكة المكرمة, بنو تيم, خلفاء راشدون, رواة الحديث, شخصيات ذكرت في القرآن, صحابة, صحابة شهدوا غزوة أحد, صحابة شهدوا غزوة الخندق, صحابة شهدوا غزوة بدر, صحابة شهدوا غزوة خيبر, عائلة أبي بكر الصديق, مواليد 50 ق هـ, مواليد 573, مواليد 574, وفيات 13 هـ, وفيات 634, صفحات تستعمل قالبا ببيانات مكررة, صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

جهة الداخلة تسجل أعلى نسبة نجاح على المستوى الوطني في الباك

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:15:54
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 49%

وست هام يونايتد يعلن عن خضوع نايف أكرد لعملية جراحية ناجحة في كاحله

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:34
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

بريطانيا تستضيف مسابقة "يوروفيجن" 2023 عوضا عن أوكرانيا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:49
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 87%

تونس.. نسبة المشاركة في التصويت على الدستور الجديد تبلغ 27.54%

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:55
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 92%

"ليكيب"/ بريست يعرض على سليماني العودة للعب في الدوري الفرنسي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:31
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

ليز تراس: أنا غير مستعدة لتدخل بريطاني مباشر في أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:56
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 97%

كندا: إطلاق نار في لانغي قرب فانكوفر يسفر عن سقوط ضحايا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:50
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

أحد السعودي يعلن تعاقده مع اللاعب بدر بولهرود

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:32
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

عقوبات صارمة بحق مثيري الشغب في ملاعب إنكلترا الموسم المقبل

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:49
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 93%

اليونان: فرق الإطفاء تكافح لإخماد حريق هائل مستعر منذ خمسة أيام

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-26 00:16:48
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 96%

تحميل تطبيق المنصة العربية