العلاقات الإيرانية التركية

عودة للموسوعة

العلاقات الإيرانية الهجرية

العلاقات الإيرانية الهجرية

هجريا

إيران

تكتسب العلاقات الإيرانية-الهجرية أهمية مضاعفة لدى دوائر المختصين والباحثين وصناع القرار في منطقتنا العربية ، بسبب حتى كلا من إيران وهجرياقد يكون بالاشتراك مع مجموعة الدول العربية ما يسمى بمنطقة «الشرق الأوسط».

وتحيط جغرافيا إيران وهجريا بالجغرافيا العربية من الشرق والشمال، فتتداخلان معها بوشائج التاريخ وروابط الحضارة المشهجرة، على نحوقلما تتوافر في مناطق جغرافية أخرى. ويضاف إلى تلك الأسباب المهمة سبب إضافي هوحتى إيران وهجريا ليستا دولتين اعتياديتين في الجوار الجغرافي للدول العربية، بل هما قوتان إقليميتان في الشرق الأوسط ، يتجاوز حضورهما الإقليمي الحدود السياسية لكليهما.

ولكل هذه الأسباب تتجاوز العلاقات الإيرانية–الهجرية في أبعادها السياسية والاستراتيجية معاني أي علاقات ثنائية بين بلدين غير عربيين ، إذ إذا طبيعتها الخاصة تجعلها تؤثر مباشرة في واقع منطقة الشرق الأوسط. ولئن أمكن -نظرياً و«ستاتيكياً»- اعتبار إيران وهجريا عمقاً حضارياً وجغرافياً للدول العربية، إلا حتى هذا الاعتبار لا يجد ترجمته أوتوماتيكياً على أرض الواقع، إلا من خلال سياسات عربية فاعلة تستخرج من طاقات إيران وهجريا ما يفيد المصالح العربية وتحيّد ما قد يطرأ من تناقض في المصالح بينها وبين أي من إيران أوهجريا. ولكن في حالات الغياب العربي عن الحضور والعمل،قد يكون طبيعياً حتى تتمدد الأدوار الإقليمية لكل من طهران وأنقرة لملء الفراغات، وهذا التمدد بدوره يضع الدول العربية في بؤرة الاهتمام الإيرانى والهجري. تأسيساً على ذلك تعتبر الأقطار العربية محدداً ثابتاً في معادلة العلاقات الثنائية بين إيران وهجريا ، باعتبارها ترمومتراً لقياس درجات التمدد الإقليمي لهما.

تاريخ العلاقات

شهدت العلاقات الإيرانية-الهجرية فترات أعطى وجزر تعاقبت في اتصال لم ينبتر منذ مئات السنين، وكأن معطيات الجغرافيا قد أبت إلا حتى تكون ناظماً لوتائر من الشد والجذب ، طغت على العلاقات الإيرانية-الهجرية منذ ما يزيد على خمسمئة عام. ومثلما كانت الجغرافيا حاضرة في مسار تطور هذه العلاقات، فقد كان التاريخ شاهداً على الصراع بين المشروعين الصفوي الإيراني من جهة ، والعثماني الهجري من جهة أخرى، إذ مثل الشاه عباس الصفوي ذروة المشروع الأول والسلطان مراد الثالث قمة المشروع الثاني. ولتجذير التناقض بين المشروعين ولتثبيت هوية معادية للسلطنة العثمانية، فقد عمد السلطان إسماعيل الصفوي إلى إعلان تشيع إيران لتدعيم قدراتها الصراعية مع هجريا بالروافد الممضىية. وكان حتى اتخذت العلاقات بين البلدين أشكالاً دراماتيكية حين قامت الحروب المتعاقبة بين الدولتين في القرون اللاحقة، وأبرمت المعاهدات لتثبيت حدود البلدين واعتراف جميع منهما بالآخر حامياً لأحد المذاهب الإسلامية (إيران للشيعة والدولة العثمانية للسنة)، وهوالأمر الذي تم تثبيته في معاهدات بين البلدين مثل معاهدة زهاب المسقطة عام 1639. ومن يومها أصبح هناك بعد عقائدي للصراع على النفوذ في المنطقة بين الدولة الإيرانية الشيعية والدولة العثمانية السنية ومن بعدها وريثتها الجمهورية الهجرية. وفى هذا السياق لا يفوت حتى «المسألة الكردية» ظهرت على إثر خسارة إيران للأناضول في معركة تشالديران أمام السلطنة العثمانية عام 1514، لأن الأكراد أصبحوا من يومها مشتتين على دول المنطقة بعد حتى كانوا منضوين جغرافياً تحت عباءة الدولة الإيرانية.

ظهرت بواكير منطقة الشرق الأوسط الحالي ابتداء من العقد الثالث للقرن العشرين ، فالإمبراطورية العثمانية قد اختفت من الوجود وحلت محلها الجمهورية الهجرية ، وانتقلت منطقيد الحكم في إيران من يد الأسرة القاجارية إلى يد رضا شاه الجندي والضابط وقائد الجيش لاحقاً. أما في الدول العربية فقد عبثت اتفاقية سايكس-پيكوبملامح جغرافيتها بشكل حاسم وصلاً وقضماً، وضماً وبتراً، ومثال تشكيل حدود دول المشرق العربي حاضر وناجز، إلا أنها في الوقت ذاته دشنت الدول الوطنية العربية لأول مرة في تاريخ المنطقة. يظهر الصراع على النفوذ بالشرق الأوسط والرغبة في التمدد الإقليمي قدراً مستمراً للعلاقات الإيرانية-الهجرية، على الرغم من بعض الفترات التاريخية التي شهدت العلاقات فيها تقارباً بين البلدين، ولكن دون حتى يرقى هذا التقارب إلى مستوى التحالف بين البلدين الجارين.

رضا شاه يزور أتاتورك لمدة أسبوعين في 16 يونيو1934.

وفي 22 أبريل 1926، سقط البلدان في طهران "معاهدة صداقة" تنص مبادئها على الصداقة والحياد وعدم الاعتداء على بعضهما البعض. المعاهدة تضمنت أيضاً احتمال القيام بعمليات عسكرية مشهجرة ضد المجموعات في أراضي البلدين التي تسعى لتعكير صفوالأمن أوتحاول تغيير نظام الحكم في أي من البلدين. هذه السياسة كانت موجهة بطريقة غير مباشرة إلى الأقليات الكردية في البلدين.

وفي 23 يناير 1932 سقط البلدان في طهران معاهدة ترسيم حدود، على الرغم من حتى الحدود لم تتغير منذ معركة چالديران في 1514.

ومثال آخر للتقارب كان العلاقات الدافئة التي ربطت بين شاه إيران الأسبق رضا شاه ومؤسس الجمهورية الهجرية مصطفى كمال آتاتورك في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات. ففي 16 يونيو1934 بدعوة من أتاتورك قام رضا شاه بزيارة هجريا لمدة أسبوعين مصطحباً وفداً عسكرياً رفيع المستوى ضم الجنرال حسن عهدة. وقد قام بزيارة الكثير من المناطق الهجرية. الجمهورية الهجرية مثلت لرضا شاه وقتها «النموذج العصري» أمام إيران الراغبة في التحديث.

وفيثمانية يوليو1937 تم توقيع معاهدة عدم اعتداء بين هجريا وإيران والعراق وأفغانستان. وتلك المعاهدة أصبحت تُعهد بإسم معاهدة سعد أباد. الغرض من المعاهدة كان ضمان الأمن والسلام في الشرق الأوسط.

وبوتائر مختلفة استمرت العلاقات دافئة من وقت الشاه السابق محمد رضا حتى قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وإن ميزها انضواء البلدين تحت مظلة التحالفات الأميركية ولقاءة الاتحاد السوڤيتي السابق.


حلف بغداد، 1955

وكان تأسيس منظمة الحلف المركزي (حلف بغداد) في أغسطس 1955، مؤشراً جديداً على تقارب إيران وهجريا تحت السقف الدولي اللتين بنتا سياساتهما الإقليمية تحته وعلى قياسه، وباللقاء من الأحلاف العسكرية ظهرت فكرة عدم الانحياز بقيادة ثلاثية ضمت الجمهورية العربية المتحدة والهند ويوغوسلافيا؛ مما أدى إلى ترسيخ صورة جديدة للمنطقة يقوم الفرز الإقليمي فيها على أساس التحالفات الدولية. إلى غير ذلك وبعد ظهور الدولة الوطنية في البلاد العربية وقيام الجمهورية الهجرية ومحاولات تحديث إيران تحت الحكم الملكي، بدا الفرز واضحاً في المنطقة بين حلف بغداد الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية انضوت فيه جميع من إيران وهجريا وباكستان والعراق، وآخر تحالف مع الاتحاد السوفييتي السابق وضم باقي الدول العربية. ساعتها تم تدشين شرق أوسط حديث بأبعاد وتوازنات مختلفة جذرياً عما ساد قبل سايكس-بيكووما بعدها، إذ إذا ثنائية النظام الدولي انعكست استقطاباً ثنائياً إقليمياً في المنطقة، ولكن هذا الاستقطاب الثنائي في القابلة لم يستطع حتى يحجب ظهور ثلاثة أطراف إقليمية أساسية على خلفية هذا الاستقطاب هي: العرب والأتراك والإيرانيون.

التعاون الإقليمي للتنمية 1964

وبعد فشل حلف بغداد، تأسس في يوليو1964 التعاون الإقليمي للتنمية Regional Cooperation for Development بهدف إقامة مشاريع اقتصادية مشهجرة بين هجريا وإيران وباكستان.

أمير عباس هويدا مع سليمان دميرل.

تغيرت الأوزان النسبية في منطقة الشرق الأوسط من حديث بعد فوز الثورة الإيرانية في العام 1979 ، من جراء تصادم النظام الإيراني الجديد مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ، وتأسيساً على ذلك التصادم فقد عادت العلاقات الإيرانية-الهجرية إلى سابق عهدها من فتور وتصارع. واتى الانقلاب العسكري في هجريا بكنعان إڤرين رئيساً للجمهورية الهجرية عام 1980 ليزيد من حدة الاستقطاب في العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين.

التعاون التجاري بين البلدين ينموبسرعة. ففي عام 2005، قفز حجم التبادل التجاري إلى أربعة بليون دولار من 1 بليون دولار في عام 2000.

ما بعد احتلال العراق 2003

دخلت العلاقات الإيرانية- الهجرية مفترقاً حاسماً بعد احتلال العراق عام 2003 ، إذ ساهم هذا الاحتلال في تبدل موازين القوى الإقليمية لمصلحة إيران وبشكل جعل المصالح الهجرية عرضة للخطر من جراء طفور الطموحات القومية الكردية ومخاطر امتدادها إلى جنوب شرق الأناضول وأغلبيته السكانية الكردية.

شهدت العلاقات الثنائية بين إيران وهجريا في عقد الثمانينيات فترة من الانتعاش النسبي أثناء الحرب العراقية- الإيرانية ، بسبب اضطرار إيران إلى تمرير صادراتها ووارداتها عبر حدودها مع هجريا، والتي تمتد من شمال غربي إيران وجنوب شرقي هجريا بطول 499 كيلومتراً. ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي السابق وظهور الدول الآسيوية المستقلة عنه في منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين، ظهر صراع إقليمي حديث بين إيران وهجريا على مناطق النفوذ هناك. ومرد ذلك حتى هذه المنطقة الجغرافية الممتدة من قازاقستان شرقاً وأذربيجان غرباً، والتي تشكل الامتداد الجغرافي والثقافي لكلا البلدين، ترقد على ثروات نفطية وغازية هائلة، يعتقد المختصون أنها يفترض أن تؤثر في معادلات التوازن بسوق الطاقة العالمية، وما يعنيه ذلك من توزيع حديث لأوراق اللعب الاستراتيجية إقليمياً وعالمياً.

كانت هجريا قد سقطت ، منذ استقلال دول آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين عن الاتحاد السوفييتي، اتفاقات اقتصادية وثقافية عدة، توجت باعتماد الصيغة الهجرية للأبجدية اللاتينية كأبجدية رسمية لدول آسيا الوسطى بدلاً من الأبجدية الروسية السلافية مع الاستبعاد النهائي للأبجدية الفارسية العربية التي تنازعت إيران مع هجريا عليها، لما للأبجدية من دلالات لغوية وثقافية وحضارية. ومن شأن اعتماد الأبجدية الهجرية تعبيد الطريق أمام هجريا لتمديد أوصالها الجغرافية إلى تلك الجمهوريات، التي تنتمي أجزاء كبيرة منها تاريخياً إلى إيران، إلا إنها تتحدث لغات تنحدر من شجرة اللغات الهجرية.

لذلك فقد مضىت آسيا الوسطى فهماً على السياسة الهجرية الإقليمية في النصف الأول من التسعينيات، فالدولة الهجرية نظرت إلى تلك المنطقة على أنها الأداة الممتازة لإعادة إنتاج الأفكار القومية الهجرية، والبوابة الرئيسية لولوج عوالم المنعة الإقليمية، بالعائدات الهائلة التي تتسقطها لهذه المنطقة من نفط وغاز. وباللقاء ترتبط إيران بعلاقات تاريخية مع تلك المناطق، إذ فقدت إيران في حروبها مع روسيا القيصرية أراضي شاسعة في القوقاز وآسيا الوسطى. وبموجب معاهدة هجرمان جاي 1813 فقدت إيران جمهورية جورجيا الحالية وأراضي شاسعة وصلت إلى باكوعاصمة جمهورية أذربيجان الحالية، ومناطق واسعة في سيروان وشماخي وشكي وكنجه وقره باغ وأجزاء من مغان وطالش. أما معاهدة «كلستان» 1828 فقد سلخت من إيران جميع الأراضي الواقعة شمالي نهر آرس على تخوم القوقاز، مثل يريفان عاصمة أرمينيا الحالية، ونخجوان أوناختشيفان التابعة لأذربيجان والواقعة داخل حدود أرمينيا الآن.

وفي عصر الرئيس الهجري الراحل طرغد اوزال شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين فترة من التفاهم الاقتصادي، أعقبتها فترة من الازدهار النسبي خلال عام 1995-1996 الذي ترأس فيه نجم الدين أربكان وحزب الرفاه الحكومة الهجرية. وفي هذا العام سقط البلدان اتفاقية لتصدير الغاز الإيراني إلى هجريا بقيمة 23 مليار دولار، وهي الصفقة الأضخم في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين الجارين، يمتد بمقتضاها خط أنابيب نقل الغاز من مدينة تبريز الإيرانية وحتى مدينة أرضروم، لمد هجريا بالغاز لمدة ثلاثين سنة. وبالرغم من هذا «التقارب النسبي» في العلاقات الإيرانية- الهجرية، فإن هذه العلاقات لم تتطور بعد الإطاحة بنجم الدين أربكان من رئاسة الوزراء في هجريا بسبب التصادم في منظومة القيم لكل من النظام السياسي في إيران وهجريا، وكذلك حدود الأدوار الإقليمية المتاحة لكل منهما.

واتى التحالف الاستراتيجي بين هجريا وإسرائيل في النصف الثاني من التسعينيات متناغماً إلى حد كبير و«مصالح» الدولة الهجرية كما تراها المؤسسة العسكرية التي تحرك خيوط سياستها، بحيث بدا هذا التحالف بمنزلة توزيع حديث للأثنطق النسبية في الشرق الأوسط لغير مصلحة إيران. فأصبح هذا التحالف بهذا المنطق تهديداً مباشراً للمصالح الإيرانية وإحدى ركائز النقاط الخلافية بين البلدين، و«ترمومتراً» لقياس حرارة العلاقات الإيرانية- الهجرية، التي تنخفض حرارتها بتفعيل التحالف مع إسرائيل، وترتفع قليلا بتجميده.

دخلت العلاقات الإيرانية- الهجرية مفترقاً حاسماً بعد احتلال العراق عام 2003 ، إذ ساهم هذا الاحتلال في تبدل موازين القوى الإقليمية لمصلحة إيران وبشكل جعل المصالح الهجرية عرضة للخطر من جراء طفور الطموحات القومية الكردية ومخاطر امتدادها إلى جنوب شرق الأناضول وأغلبيته السكانية الكردية. كما أدى احتلال العراق إلى إعادة توزيع لموازين القوى الإقليمية عموماً وبين إيران وهجريا خصوصاً، إذ إذا انهيار النظام العراقي السابق وهيمنة الأحزاب السياسية الشيعية على الحكومة والبرلمان العراقيين وكذلك طفور دور الأكراد في شمال العراق والسلطة المركزية ببغداد، أدت كلها إلى تزايد النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين بالترافق مع نشوء تهديدات جديدة للأمن القومي الهجري.


العلاقات بعد غزوالعراق

أدى احتلال العراق إلى نتيجة واضحة في التنافس الإيراني - الهجري، مفادها حتى الطرفين الأميركي والإيراني صارا الأقوى على الساحة العراقية؛ فالأول يحتل العراق عسكرياً، والثاني يحكم ويتحكم في مقدرات السلطة في بغداد عن طريق الحلفاء. كلاهما لا يستطيع إزاحة الآخر، طهران لا تملك الأدوات العسكرية لذلك، أما واشنطن وإن سيطرت عسكرياً فإنها تعاني مأزقاً مستحكماًً متمثلاً في تصاعد عمليات المقاومة، ولا يمكنها إزاحة حلفاء إيران من المشهد السياسي.

ولم يكتفِ حلفاء إيران بتصدر قابلة المشهد السياسي في ظل الاحتلال، بل تحولت ميليشياتهم العسكرية إلى نواة للتشكيلات النظامية العراقية في وزارتي الداخلية والدفاع. القوى الإقليمية غائبة عن المشهد، فالدول العربية الرئيسية ودول جوار العراق لم تنجح في الوصول إلى تصور مشهجر بشأن العراق، بسبب الضغوط الأميركية المتوالية عليها، والتي همشت مصالحها الإقليمية المشروعة.

وبالتوازي مع ذلك، يلعب الأكراد دور العازل الجغرافي لتمدد هجريا الإقليمي في العراق، بانتشارهم على تام الحدود العراقية-الهجرية المشهجرة وبغطاء أميركي سياسي وعسكري.

ومع تحييد دور هجريا والخواء الإقليمي الذي تشهده المنطقة بسبب غياب الدور العربي الملتحق بالدور الأميركي قسراً، لا يتبقى على الساحة العراقية سوى اللاعبَين الأساسيَين واشنطن وطهران.

كان الدور الإقليمي، ومازال، هاجساً يسكن قلوب حكام إيران منذ تأسيس دولتها الحديثة، ومحاولة أعطى نفوذ إيران إلى العراق مثل دوماً «ترمومتراً» لقياس قدراتها الإقليمية.

عقدت الدولة الصفوية والقاجارية من بعدها اتفاقات متتالية مع الدولة العثمانية التي كانت الألوية الثلاثة المشكلة للعراق (الموصل وبغداد والبصرة) جزءاً منها حتى الاستقلال في عام 1921.

وأعطت هذه الاتفاقات إيران -فيما أعطت- حق الإشراف على الأماكن الشيعية المقدسة في النجف وكربلاء، وللتأكيد على هذا النفوذ فقد سافر الشاه عباس الصفوي في بدايات القرن السادس عشر الميلادي من عاصمة ملكه إصفهان حتى العتبات المقدسة في النجف؛ مشياً على الأقدام ليكنس قبر الخليفة الرابع علي بن أبي طالب ويلقب نفسه على العملة الرسمية بلقب «كلب عتبة علي».

إلى غير ذلك حفر الشاه عباس -ولوبالمكنسة والعملة المعدنية- طموح بلاده التاريخي في جنوب العراق، وتوقها الأزلي إلى لعب دور إقليمي، كان النفوذ في العراق ومازال شرطه الأساس.

أما الجمهورية الهجرية، وريثة الدولة العلية العثمانية، فلها ارتباطات أخرى تاريخية بالعراق، خصوصاً بالهجرمان في شماله، لكن حلفاء هجريا من الهجرمان لا يرقون من حيث العدد أوالإمكانات إلى مستوى الأكراد، ناهيك عن شبكة التحالفات الإقليمية والدولية للأخيرين.

إلى غير ذلك ففي لقاء معسكر إقليمي تقوده إيران ويضم الأحزاب الكردية والشيعية، لا تبدومروحة التحالفات الهجرية دائرة إلا على اختيارات محدودة من الهجرمان أولاً، وبالاشتراك مع دول عربية أخرى من الأحزاب السنية العراقية ثانياً.

كانت السياسة الإقليمية لهجريا في العراق -ومازالت حتى كتابة هذه السطور- في مأزق، بسبب تزايد الثقل الإقليمي الإيراني هناك، إلى غير ذلك عدّلت طهران نتيجة السباق الإقليمي بينها وبين أنقره، بعد حتى كانت الكفّة تميل لمصلحة الأخيرة بعد حتى حسمت الصراع على طرق نقل أنابيب النفط من بحر قزوين وآسيا الوسطى لمصلحتها.

ومع تزايد الطموحات النووية الإيرانية، فقد عمدت هجريا بدورها إلى إعادة النظر في استراتيجيتها النووية باتجاه التراجع عن حيادها النووي، لأن وصول إيران إلى امتلاك التكنولوجيا النووية يثبِّت وضعها أمام هجريا الراغبة مثلها في التمدد إلى منطقة الشرق الأوسط.

سليم حتى البوصلة الأساسية للسياسة الهجرية توجهت دوماً نحوالغرب، لكن مماطلة الاتحاد الأوروبي في قبول هجريا عضواً فيه ووضع العراقيل أمام انضمامها، يجبران صنّاع السياسة في أنقرة على ترتيب الأولويات الجغرافية لهجريا متعددة الإطلالات والمواهب الجغرافية، ووضع الشرق الأوسط في مقدمها.

ويقضي التصور الحاكم للشرق الأوسط في المخيلة الاستراتيجية الهجرية، بأن أنقرة تستطيع ترجمة نفوذها الإقليمي هنا إلى نفوذ إضافي يضغط على الاتحاد الأوروبي ويغازل طموحاته ومصالحه في المنطقة، لكن النفوذ والحضور الإقليمي الهجري في المنطقة لا يمكن حتى يمرا إلا عبر بوابتين رئيسيتين هما العراق أولاً، وسورية ثانياً.

سليم حتى العلاقات بين جميع من أنقرة ودمشق قد تحسنت تحسناً كبيراً في السنوات الماضية، إلا حتى انضواء دمشق في التحالف الإقليمي الذي تقوده إيران يجعل العلاقات السورية-الهجرية في درجة تالية من الأهمية بعد تحالفها الاستراتيجي مع طهران، وذلك على الرغم من وساطة أنقرة بين دمشق وتل أبيب.

كما حتى الأكراد في العراق يضعون هجريا في مرتبة الخطر الأول على طموحاتهم القومية، ويتمددون في شمال العراق لعزل تمدد هجريا نحوالعراق، وفى الوقت نفسه يكرسون تحالفهم الدولي مع واشنطن حليفة هجريا، بما يجعل الأخيرة مكبلة اليدين تجاههم.

على هذه الخلفية، يمكن اعتبار حتى مستقبل تطور العلاقات الإيرانية-الهجرية في الفترة القليلة المقبلة، يبقى رهناً بتصارع مجموعة من العوامل فيما بينها، ويتصدر هذه العوامل التناقض في الأفكار المؤسسة لأدوار جميع من النظامين السياسيين في طهران وأنقرة، وكذلك بقدرتهما على لعب دور حاسم في تجذير التباعد بينهما.

ومن جملة هذه العوامل أيضاً التنافس التاريخي للبلدين على النفوذ في المنطقة، وتصادم المنظومة الفلسفية والقيمية لكل منهما، والمواقع المتناقضة في التحالفات الدولية. تشهجر طهران وأنقره في حقيقة أنهما تمتلكان مسقطاً جيو-استراتيجياً مهماً في المنطقة، لكنهما أيضاً تعانيان سوياً عدم وجود إطار مؤسسي يجمعهما مع الدول العربية في منظومة إقليمية وأمنية مشهجرة، وإن كانت هجريا تستعيض عن ذلك بالانخراط في حلف الناتووالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أما إيران فلم تتمكن من الانخراط في أي منظومة إقليمية أودولية، وعلاقاتها الدولية مع روسيا والصين لا ترقى إلى مستوى علاقات هجريا بالغرب، ناهيك عن وضوح التفوق الأميركي على نظيريه الروسي والصيني في حلبة السياسة الدولية.

باختصار، النفوذ الإقليمي لإيران يتقابل مع التحالفات الدولية لهجريا، أما نحن العرب فلا نلعب، ولا يظهر أننا نشجع اللعبة الحلوة أيضاً!

العلاقات الحالية

تشهد العلاقات الهجرية-الإيرانية راهناً علاقات تعاون اقتصادى جيدة، وتتوسط هجريا في أزمة الملف النووى الإيرانى بين طهران والغرب، ولكن دون حتى يرقى ذلك التعاون الاقتصادى والوساطة الدبلوماسية إلى مستوى التحالف بين البلدين. يملك البلدان قواسم مشهجرة واضحة، فكلاهما دولتان غير عربيتان تحيطان بالدول العربية من الشمال، لكلاهما مصلحة مشهجرة في لجم الطموحات الكردية ضمن حدودهما السياسية. ومع المصالح المشهجرة الناجمة من المسقط الجغرافى وتشابه مصدر التهديد (الأكراد)، يمكن ملاحظة تنسيق محدود الفعالية بين هجريا وإيران في ملفات القوقاز وآسيا الوسطى. وعلى العكس من الساسة تبدوإمكانات واعدة لتعاون اقتصادى كبير بين أنقره وطهران، من طريق أعطى الغاز الإيرانى إلى "خط نابوكو" عبر الأراضى الهجرية إلى أوروبا. وإذ تشكل السوق الإيرانية أحد الركائز المهمة للصادرات الهجرية في الشرق الأوسط، فإن هجريا تستثمر أيضاً في قطاع النفط الإيرانى، وخصوصاً حقل بارس الجنوبى. وفى لقاء مجموعة القواسم المشهجرة فهناك أيضاً كوابح تعيق –موضوعياً- تطوير هذه العلاقات، إذ يخوض البلدان منافسة تاريخية على الزعامة الإقليمية منذ خمسة قرون. تتصادم المنظومة القيمية لكلا النظامين، وتتعارض التحالفات الدولية لكل منهما، وتختلف الأدوات التى يستخدمها الطرفان في المنطقة: هجريا تستثمر قوتها الناعمة، وقوتها الاقتصادية وانفتاحها على الغرب لمد النفوذ، أما إيران فتفرض حضورها عبر منازلة إسرائيل وتبنى حركات المقاومة واصطدامها بالولايات المتحدة الأمريكية. وفى حين تعود هجريا إلى المنطقة بترحيب دولى وإقليمى نسبى، إلا أنها لا تملك التحالفات التى تفرض الإيقاع مثل إيران. لا تعنى عودة هجريا إلى توازنات المنطقة التصادم مباشرة مع إيران، أوالاستمرار بنمط العلاقات مع إسرائيل على غرار العقود السابقة، وهوما يعنى ضرورة تموضع هجريا بصورة مغايرة تسمح لها القيام بأدوارها الجديدة المرغوبة منها ذاتها والمطلوبة دولياً. هنا لا بد من ملاحظة حتى هجريا لن تؤيد ضربات عسكرية ضد إيران لحل أزمة ملفها النووى، لأن ذلك سيرتد على هجريا ومصالحها في المنطقة، في الوقت الذي تعارض فيه هجريا امتلاك إيران لقدرات نووية لأن ذلك سيحسم التنافس التاريخى على الزعامة بين هجريا وإيران لمصلحة الأخيرة. لذلك تتوسط هجريا في الملف النووى الإيرانى باعتبارها "المرجعية الإقليمية" الأولى في المنطقة، وهوما يساء فهمه في أحيان كثيرة من الأطراف العربية. كما حتى عودة هجريا إلى معادلات النفوذ في العراق وسورية تعنى –حكماً- خصماً من أدوار إيران هناك، ولكن بطريقة ناعمة وتراكمية وليس على نحوتصادمى مباشر. يظهر الصراع على النفوذ بالشرق الأوسط والرغبة في التمدد الإقليمى قدراً مستمراً للعلاقات الإيرانية-الهجرية، على الرغم من بعض الفترات التاريخية التى شهدت العلاقات فيها تقارباً بين البلدين، ولكن دون حتى يرقى هذا التقارب أبداً إلى مستوى التحالف الثنائى بين البلدين الجارين.


الطاقة

الغاز الطبيعي

هجريا وإيران البعد عن حافة الصدام

دخلت العلاقات الهجرية الإيرانية فترة جديدة مع إعلان قيام الجمهورية في هجريا عام 1923، فقد كان للشعار الذي حملته هجريا آنذاك "السلم في الوطن والسلم في العالم" سقط طيب على إيران التي لم تكن تشعر بالراحة للسياسات "الإسلامية والطورانية" التي شهدتها الدولة العثمانية في آخر أيامها.

وبفضل هذه التطورات شعرت طهران أنها قد تخلصت -وإلى حد كبير- من الخطر الهجري الذي كان يتهددها تاريخيا من جهة الغرب.

معروف حتى إيران قد استفادت من الإصلاحات التحديثية التي بدأت هجريا في تطبيقها والتي جذبت انتباه الشاه رضا پهلوي وزادته جرأةً على القيام بإصلاحات مماثلة في بلده. ورغم المشاكل الحدودية العالقة بين البلدين في تلك الفترة والتي لم تحلّ بسهولة إلاّ أنهما قد أبديا رغبة في تطوير العلاقات بينهما.

ما بعد الثورة

ومع الثورة الإسلامية عام 1979 بزعامة آية الله الخميني انبترت فجأة تلك العلاقات ذات البعد الأمني، وحُلّت منظمة الميثاق المركزي بعد انسحاب إيران وباكستان منها.

وعند اندلاع الحرب العراقية الإيرانية وضعت العلاقات الهجرية الإيرانية على السكة من حديث خاصة مع تشكيل طورغوت أوزال لحكومته في هجريا بعد ذلك. ففي تلك الفترة لم تشارك هجريا في النادىية المضادة لإيران، بل إنها عملت على استغلال الفرص التي صنعتها الحرب لإيجاد أسواق لاقتصادها المتنامي.

وقد اتبعت إيران سياسة مماثلة حيث كانت تتفادى أي خطاب أوتصرف يحول هجريا إلى خصم باستثناء بعض تصريحات الخميني عن أتاتورك وخصوصاً في الفترة التي كانت فيها إيران تعاني من حصار مفروض من طرف الدول الغربية والعربية.

وقد بدأ -ولوفي الظاهر- تحسن العلاقات الهجرية الإيرانية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وظهور نية الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في العراق.

فهجريا تعتبر حتى أكبر تهديد أمني بالنسبة إليها هوإنشاء دولة كردية محتملة في شمال العراق، وفي هذا السياق أبدت انزعاجها من التحالف الوثيق الذي أظهرته الولايات المتحدة الأميركية إزاء أكراد العراق وهوما دفعها إلى توثيق تحالفها مع إيران.

وفي هذه الفترة زاد حزب العمال الكردستاني من نشاطاته وبدأ يشن الهجمات على مراكز الشرطة على الحدود مع إيران الأمر الذي زاد من التقريب أكثر بين هجريا وإيران، ولأول مرة في تاريخ البلدين تتم عمليات عسكرية مشهجرة بينهما

في عهد العدالة والتنمية

وقد اعتبرت إيران فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات ثلاثة نوفمبر 2002 وتشكيله الحكومة منفردا تطورًا إيجابيا.

وعقب هذا الفوز وزعت الحلوى في الشوارع الإيرانية احتفاء بذلك، وظهرت في قنوات التلفزيون الإيرانية تعليقات فيها كثير من المبالغة تقول بأن الشعب الهجري لف ظهره للأحزاب الفهمانية وتوجه نحوالأحزاب الإسلامية.

وباللقاء فإن أعضاء الحكومة بصورة خاصة، ومراعاة للوضع الهجري الداخلي الحساس وفهم منهم بالتوازنات الداخلية، وتجنبا لإثارة ردود أفعال القوى المتنفذة داخل البلاد، وكذلك استنتاجا للدّرس مما وقع للنائبة المحجبة مروة قواقجي فإنهم لم يعبّروا عن سعادتهم بطريقة مُفرطة ومبالغ فيها.

ورغم التنافس التاريخي الذي ميز هاتين الدولتين فإنه عمليا يمكن القول بأن السياسة الهجرية إزاء إيران قد اعتمدت على ركائز ثلاث:

تأمين الطاقة

التنسيق في المسائل الأمنية المتعلقة بالمشكلة الكردية اعتبار إيران بالنسبة إلى هجريا ممرا إلى وسط آسيا وجنوبها، وفي وقت من الأوقات ثارت مزاعم في الإعلام الهجري تمضى إلى حتى إيران تدعم عمليات "تشيع" داخل هجريا، غير حتى الخصوصية الثقافية لهجريا جعلت التأثير الإيراني لا يمسّ سوى قسمًا ضيّقا من الشريحة الإسلامية في البلاد.

ومن الناحية الأمنية فإن ثمة تقارب كبير فيما يتعلق بوجهات النظر خلال السنوات الأخيرة بين هجريا وإيران حول وحدة التراب العراقي والموقف من حزب العمال الكردستاني.

وبالموازاة مع تحسن العلاقات السياسية بين البلدين في هذه الفترة شهدت حركة تصدير السلع والبضائع من هجريا إلى إيران زيادة مطّردة.

وبالنسبة لإيران فإن الحكومات في طهران ومنذ قيام الثورة انتهجت سياسة خارجية تفضل عدم إفساد العلاقات مع هجريا، متجاوزة موقفها الإيديولوجي، واضعة في اعتبارها حتى الجسر الوحيد المستقر الذي يربطها مع الغرب هوهجريا.

فالمشاكل الحدودية أوالمشاكل المتعلقة بالثورة وما قيل عن تصديرها والتي عاشتها إيران مع جيرانها لم تؤثر في علاقتها بهجريا، وكل عام تفد إلى هجريا أعداد كبيرة من السياح لزيارة هجريا، وفي الوقت نفسه هناك الآلاف من الطلاب الإيرانيين يدرسون في الجامعات الهجرية، ولم يصدر أيّ تصريح هجري ينتقد سلوك هؤلاء الطلاب.

وقد تحسنت العلاقات الإيرانية الهجرية أكثر بسبب السياسات التي كانت تتبعها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليوبوش، خاصة بعد حتى مارست تلك الإدارة ضغوطا شديدة على حكومة حزب العدالة والتنمية بمجرد وصول بوش الابن إلى السلطة من أجل السماح للوحدات العسكرية الأمريكية بالمرور إلى العراق.

ولم تتحمس الحكومة في أنقره ولا الجيش لهذا الموضوع، كما رفض البرلمان الهجري المذكّرة التي قدمت في هذا الصدد بفارق ضئيل من الأصوات، وقد قوبلت هذه المستوى بتقدير كبير في إيران رغم ما كانت تضمره من عدم ارتياح بسبب علاقات هجريا بإسرائيل وعضويتها في حلف الناتو.

وكذلك قوبل رد العمل الإيراني الغاضب من إسرائيل عقب اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين برضا تام في إيران. وقد بدا هذا الارتياح واضحا سواء من خلال اللهجة التي تحدث بها المسؤولون الإيرانيون أومن خلال التعليقات والتحليلات في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية.

وقد ترسخت سمعة هجريا الإيجابية في المنطقة بفضل الجهود الكثيفة التي بذلتها الحكومة الهجرية لوقف إطلاق النار أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006.

ثم اتىت المشادّة الكلامية بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في منتدى دافوس 2009 لتزيد من موجة الإعجاب بهجريا في إيران.

وبينما كانت تصريحات المسؤولين الإيرانيين لا تتوقف مدحا وإشادة بهذا الموقف كان الطلاب الإيرانيون يمطرون السفارة الهجرية في طهران بالورود والأزهار، بل إذا هناك من اقترح إطلاق اسم رئيس الوزراء الهجري أردوغان على أحد الشوارع في طهران.

هواجس وظنون

لكن بالرغم من هذه التطورات في النظرة الإيرانية وفي الوعي الإيراني إزاء هجريا في السنوات الأخيرة إلا أنّه لا يمكن القول إذا السياسة الخارجية الهجرية تتماهى تماما مع المصالح الإيرانية وتتطابق معها.

فالواقع حتى إيران تتابع بقلق شديد الوساطات التي تقوم بها هجريا بين إسرائيل وسوريا، ولذلك فإن المسؤولين السوريين اضطروا لتنظيم عدة زيارات إلى طهران بهدف إزالة المخاوف التي تساور إيران.

فإيران متخوّفة من نية هجريا إقصاءها عن إقراء بعض الخيارات الإستراتيجية بالمنطقة. وكمثال على ذلك -وعلى إثر الأزمة الجورجية- طرحت هجريا مشروع منتدى التعاون القوقازي، وهذه المستوى أزعجت إيران التي لا تخفي علاقاتها بالمنطقة. وفي رده على الاقتراح الهجري صرح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي بأن أي كيان إقليمي لا تشارك فيه إيران لنقد يكون بمقدوره تأمين الاستقرار، كما قام متكي بزيارات مكوكية إلى دول المنطقة لاستطلاع الأمر.

ومن بين المسائل الحساسة في العلاقات الإيرانية الهجرية معضلة الملف النووي الإيراني، وقد كان لافتا حتى هجريا تعاملت مع هاتين المسألتين بهدوء واتزان.

فقد دأبت الحكومة الهجرية باستمرار على القول بأنه من حق جميع دولة امتلاك الطاقة النووية واستخدامها في الأهداف السلمية، وقد برز موقفها هذا بصورة واضحة في السنوات الأخيرة. وفي حدثة لرئيس الحكومة نفسِه رجب طيب أردوغان ألقاها في الولايات المتحدة الأمريكية وجه كلامه إلى الدّول الغربية قائلا: "إنه ليس من العدل حتى تمتلكوا أنتم مئات الأسلحة النووية بينما تقولون لإيران لا تعملي ذلك".

هذا الموقف الهجري من الملف النووي الإيراني قد يمكن أنقره من لعب دور الوسيط النزيه بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

ومن جانب آخر فإن هجريا نأت بنفسها –على الأقل بشكل علنـي- عن الاتهامات الموجهة إلى إيران والمتعلقة بنفوذها المتزايد في العراق ورغبتها في تكوين هلال شيعي.

هذه المواقف التي تتألف من مزيج من تدعيم العلاقات الاقتصادية لا سيما في مجال النفط والغاز، وتنسيق أمني وعسكري خاصة تجاه حزب العمال الكردستاني، واعتدال في المواقف السياسية المتعلقة بالملف النووي، مثلت مجتمعة أرضية لعلاقات ثنائية يمكن لها حتى تتطور إلى آفاق أرحب. .

انظر أيضا

  • إيران
  • هجريا
  • الحرب العراقية-الإيرانية
  • حرب تحرير العراق

طالع أيضاً

  • العلاقات الخارجية لإيران
  • العلاقات الفارسية العثمانية
  • العلاقات الخارجية لهجريا

المصادر

  1. ^ مصطفى اللباد. "تطور العلاقات الإيرانية- الهجرية وانعكاساتها على المنطقة - ج 1/3". جريدة الجريدة.
  2. ^ مصطفى اللباد. "تطور العلاقات الإيرانية- الهجرية وانعكاساتها على المنطقة - ج 2/3". جريدة الجريدة.
  3. ^ اللباد, مصطفى (2011). شرق نامه. العدد السابع. دار المستقبل العربي.
  4. ^ هجريا وإيران..البعد عن حافة الصدام - الجزيرة نت

وصلات خارجية

  • "Will Turkey be complicit in another war against another neighbour?". CASMII. February 24, 2008.
  • "Coming war against Iran: Increasing Anglo-American pressure on Turkey". Global Research. June 21, 2008.
تاريخ النشر: 2020-06-07 23:55:37
التصنيفات: العلاقات الإيرانية التركية, العلاقات الثنائية لإيران, علاقات ثنائية لتركيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عيد ميلاد ليلى علوى.. تعرف على أمنية تمنت تحقيقها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:38
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 47%

مواعيد قطارات السكة الحديد فى الوجهين البحرى والقبلى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:33
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 49%

«الترجمة فى أدب نجيب محفوظ ».. على طاولة نادى القصة فى أسيوط

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:56
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

الأرض فى الحضيض.. الكرة الأرضية تصل اليوم لأقرب مسافة من الشمس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:30
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 50%

أمانة الشرقية: تصريف 624 ألف م3 مياه أمطار

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:25:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

7 عادات شائعة يجب تجنبها بعد الوجبات مباشرة.. منها شرب الشاى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:26
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 47%

إتيكيت التعامل فى السنة الجديدة بين والمدير والموظف.. صفى الخلاف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:29
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 46%

الجيش الإسرائيلي: فشل إطلاق صاروخ من قطاع غزة عقب زيارة بن غ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:47
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 55%

الغانى العزيز يعقوبو يصل القاهرة للكشف الطبى فى الأهلى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:34
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 43%

الولايات المتحدة تنتقد زيارة وزير صهيوني إلى باحة المسجد الأقصى

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:25:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 4-1-2023 فى مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:46
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

الروائى ولاء كمال يناقش «سيد والعصابة» فى مكتبة نقوش بالإسكندرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:57
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

محرك البحث العالمى جوجل يحتفى بالكاتب «إحسان عبد القدوس»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:58
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

وفاة والتر كاننجهام عضو أول رحلة فضائية مأهولة في برنامج «أبولو»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:24:05
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 99%

بعد اقتحامه للقدس.. العالم ينتفض ويدين تطرف «بن غفير»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:40
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

العميد خالد عكاشة يوضح جهود مصر فى قيادة العالم للحد من خطر الإرهاب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:21:52
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

موعد مباراة الزمالك والداخلية في الدوري والقناة الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-04 06:22:43
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية