جعفر الديري
السيد جعفر على حسن إبراهيم (15 فبراير 1973) شاعر وصحافي من البحرين. صحافي وشاعر ومحرر. له كتابات عدة في الثقافة والفنون والآداب والتراث الشعبي في مختلف الصحف البحرينية. وهومعد برامج تلفزيونية ومحرر دراما تلفزيونية.
قرض الشعر وخط السيرة القصيرة منذ وقت مبكر، ونشر في معظم الصحف البحرينية. وله اهتمام بالقصيدة العمودية والقصيدة الحسينية وقصيدة التفعيلة والسيرة القصيرة وأدب الأطفال.
ولد في قرية الدير، مملكة البحرين في 15 فبراير (شباط) 1973. خريج الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب – دولة الكويت: دبلوم علوم إدارية 1998 .
الاصدارات
- وديعة وابني مسلم بن عقيل: سيرة أطفال ملونة، طباعة ونشر دار العصمة 2009
- أعمال جاهزة للطباعة: أ- يكاد يفرّ من عنقي – مجموعة شعرية ب- ثم راح يخالط الأحجار – مجموعة شعرية ج- المارد الأسود – مجموعة قصص اجتماعية فكاهية د- مطحون ابن مطحون – مجموعة قصص اجتماعية فكاهية
المشاركات
- 23/6/2008 أمسية شعرية مشهجرة في أسرة الأدباء والكتاب – البحرين مع الشاعر السعودي أحمد اللهيب
- 10/11/2008 أمسية شعرية مشهجرة في أسرة الأدباء والكتاب مع مجموعة من شعراء التسعينات
الجوائز
- الجائزة الأولى في الشعر في مسابقة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب – دولة الكويت
- 1997 الجائزة الثانية في السيرة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب – دولة الكويت - 1997
خط عنه الشاعر والناقد البحريني علي الستراوي في صحيفة الوطن البحرينية ما نصّه: "الشاعر البحريني جعفر الديري الذي بهدوئه وبتأمله المتنسك في كل الخلوات وفي كل المساءات، يتوسد قصيدته عبر حلم طويل لايتمنى أن يوقظه أحد منه. تطير حروفه على أجنحة من تلك الذكريات التي ما زالت طفلة صغيرةً يهدهدها، ويرخي لها بسملات خوفه من ضياعها. الديري في شعر لا تخونه الحدثات يحن إلى ذلك البيت الذي يتذكر فيه طفولته وصباه. حين يقول في قصيدة تحت عنوان "دعوت مع الليل شكل الرمال" حيث يشكل هذا النشيد الديري في جهة من الحب لاتفصلها ريح عن ريح أخرى "سأدفع للظل وجهي وأخفيه بين الجدار/ وأرقب هذا المساء على راحتي يتفيأ/ وعند انتصاف يميني سيغدوالزمان اتجاهي نبوءة صيف/ مولعة الخطوتمشي إلى حيث لا شيء من راحتي يتعرى". بهذا التنسك من الهدوء تتلاقى مسبحته مرة بالزمان وأخرى براحتيه التي يتوسد عليها جميع أحلامه وانشغالاته وعندما يعتريه السهاد يحلم بظلها، فيحن لكل النبوءات ولكل الصلوات التي عبر سجادتها يتأمل. وفي قصيدة أخرى تحت عنوان "لم أكسر لذيذ النوم" يقول الديري: "اني أني عهدت على امتداد النخل بيتاً ها هنا/ وسبيل ليل لم يراوغ في مداي نبوءة الماضي ولا وجع الفؤاد/ ولقد عهدت على دروب الحي هاتيك السواقي". هوالشاعر حينما تكون جميع ذكرياته ذلك البيت وتلك السواقي ، يعني له ذلك الحنين الذي لم تطفأ ذكرياته.يسافر مرة على أحلامها وأخرى على شواطئها ونخلها، عبر حكايات الوطن الذي قد تتمثل عند الديري بالبيت الكبير وبأحلام سيرته".
نماذج للشاعر
الماء الماء..
نص – جعفر الديري
الكوفة "المتنبي"
الماء الماء أصيح الماء وأسكب منه على قدمي قلبي الماء بعيد عن شفتيّ وليل يضحك في قلمي موتا.. ألما.. نافوة وجه كنت أراه على الطرقات بجنب الكوفة يصغر في عيني الماء الماء وشيء مثل النخلة حين تجوع تدك صدى صوتي وأصيح الماء.
دمشق "أبونوأس"
لواحدة من خلال الضباب تريني نوافذها لا تلّوح يديّ بماء الشباب... دع الكون يصغر في ظلها ثم عرّج على ما هجرت "دمشق" وليل تسمّر من تحت ظلّين.. يختطفان الشذا في متون التراب.
"الكنانة" ابن سناء الملك
عيناك.. لم يعد لدي في الظلام ما أراه سكبت من أقلامي الخضراء ما توشحت به الظنون وكدت لا أراك غير حتى بحرا يشبه الجنون يموج في "الكنانة" السمراء مثل زورق على ضفاف النيل يوقظ الشجون حدثته بالأمس عن عينيك حين تنظران عن لون أفعى تخطف الأبصار في تشابك الغصون.
نخلة الروح
هنا كساك الشيب يا مجتلى *** ظلّي ويا أمسي ويا حاضري/ يا نخلة الروح التي أينعت *** تروي بقايا الهاطل الماطر/ أشفقت من نفسي غداة انبرى *** في ظل قلبي وتر الشاعر/ وكنت أرتاع متى يرتمي *** ضوء من التذكار في خاطري/ يا ربّة البحر وأشباحه *** يا طيفه يا رعشة الساحر/ يا زهوعمر طاف في لجة *** يدعوأماسيه إلى الساهر/ هنا هنا كنت وكنت المنى *** تلعب فوق الشط كالطائر/ أفياؤها لم يطوها حادث *** ولم تبارح في المدى ناظري/ يا طالما أنزلتني في شذى *** أمس دنى وجداً من الذاكر/ وكنت كالطفل الذي جاورت *** أحلامه وجه الصبا العاثر/ كأنني منك وفي مهجتي *** ما يشبه النور إلى السائر
كومة حصى
أمام بناء تهدّم حتى أصبح كومة من الحصى، أنت مجبر على حتى تعيد ترتيب ذكرياتك وأيامك الماضية.
ولّت تلك الأيام وها أنت تشيخ رغم انك في شرخ الشباب. الى الدرجة التي أصبحت فيها لا تشعر بشيء حواليك. كأنما الحياة بما رحبت مجرد أوهام لا تقوم على أساس.
بلا.. كنت هنا تلعب وتمرح وتصرف ساعات من يومك وأنت تفكر كيف من الممكن أن تغرس هذه الأرض أوتقيم فيها مشروعا يدرّ عليك ربحا حقيقيا. كنت دائم التفكير بلا عمل!.
أما جيرانك، فلم يعهدوك. تطلعوا إليك في حذر، وانصرفوا عنك إلى أشغالهم ولقمة عيش أولادهم.
لماذا تقف هكذا وتثير التساؤلات حولك،يا ترى؟ لقد تهدّم البيت، وانتهى الأمر. بل ان البيت أساسا لم يعد يصلك به سوى الذكريات. لقد بيع بعد حتى كان سببا في خصام وتمزق عائلة لم يكن يخطر ببال أحد حتى تتفرق.
رحم الله أبوك. كان رجلا طيبا. كان يحسب حتى أبنائه مثله، ان بعدت بهم أنانيتهم فلن تجور على اخوتهم. لكن ما وقع كان فوق ما تصوره أحد في القرية.
إنقضوا عليكم في لحظة، كأنما هي فرصة لا تعوض، وسلبوكم البيت وطردوكم شر طردة. ولولا خالك الذي ضمّكم جميعا في بيته وتصدّى لاخوتك ولم يدخر جهدا حتى نلتم حقوقكم لما كان لكم مكان. كيف من الممكن أن وأمك مريضة، وأنت أكبر الأبناء، لا يتجاوز عمرك الثالثة عشرة؟!.
بلى كانت أياما لوقيست بحرارة النار، لفاقتها في شدّتها. كنت في بيت خالك غريب لا مكان لك بينهم. كانت زوجة خالك تعامل أمك وكأنها صاحبة فضل عليها. كيف من الممكن أن تحملت أمك هذه النظرة المتعالية في عين زوجة خالك؟!.
ما معنى حتى يسرق ابن خالك، المال من جيب أمك، وتقابله أمك. فتكشف كذبه، ثم تقف زوجة خالك لتعنفها على اتهامها ولدها؟!. سبحان الله كانت النقود لا تزال في يد ولدها، ومع ذلك تتهم أمك بالكذب والافتراء!.
غير أنه لا مندوحة لك عن الاقرار بفضل خالك، رغم ضعفه أمام زوجته. ألم يفتح لكم البيت، في وقت طردكم فيه اخوتك؟! ألم تكن عيناه تغرقان في الدموع حدثا جلس مع والدتك، في حين تجده في منتهى الشجاعة حدثا وقف أمام اخوتك؟!.
أحسب حتى ما سقطت فيه أنت واخوتك أشبه بمسلسل تلفزيوني. كيف من الممكن أن انتهى الأمر الى بيع البيت؟! كيف من الممكن أن رضي اخوتك بذلك، فاستلمتم مبلغا من المال اقتنى به خالك بيتا لكم، تعيشون فيه في قريتكم الأم؟! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ولولا فضل الله عليك وعلى أخواتك لكنتم في الشارع.
أنظر.. ان أحدهم يتقدم منك في نظرات تشي بالتساءل. لكنك عهدت الرجل، فيما هولا يزال يبحث في ذاكرته عن من تكون. لكنه وحالما وقف أمامك ابتسم ابتسامة طيبة.
أحمد خميس. لم تعهد أحدا في الحي أكثر منه طيبا وتدينا. هوجدير بأن تعانقه، وتسأل عن أحواله...
- كيف من الممكن أن حالك أبوياسر - بخير والحمد لله.. كيف من الممكن أن حالك؟ - كما ترى في أحسن حال - ما شاء الله لقد كبرت.. أصبحت شابا قوي البنية - الحمد لله. بفضل الله وفضل نادىئكم - كيف من الممكن أن حال أمك واخوتك - إنهم جميعا بخير والحمد لله - سمعت أنكم رجعتكم الى قريتكم منذ زمن - بلى.. لقد اقتنى لنا خالي رحمه الله بيتا عشنا فيه طوال هذه السنوات العشر.
تطلع أبوياسر الى الحصى، وهزّ رأسه أسفا. تمتم بحدثات لم أفهم منها شيئا. غير اني عاجلته بما في قلبه..
- لا تخفي شيء مما في نفسك أبوياسر. ان ما قام به اخوتي، جدير باثارة مشاعر أكثر الناس بلادة، فكيف بانسان طيب مثلك - لم أخل يوما حتى يحدث لكم ما وقع - لا حد لجبروت الانسان - هل يمكن حتى يجور أخ على أخيه بهذا الشكل - حب الدنيا والعياذ بالله - لا أزال حتى هذه الساعة لا أصدق ما حدث - لكنه سقط والعوض على الله - كان أخوك متدينا لا يهجر فرضا دون أدائه في المسجد - الله أفهم بما في القلوب - هل تحقد عليه،يا ترى؟
بماذا تجيب على هذا السؤال،يا ترى؟ ان قلت انك لا تحقد عليه، تكذب على رجل ليس هناك من هوأطيب منه. وان قلت انك تحقد عليه، تظلم نفسك فأنت لاتزال تحب أخوك وبقية اخوتك غير الأشقّاء.
- هل كنت تحقد عليه لوكنت مكاني،يا ترى؟
لم يجبك أبوياسر بحدثة. انها لحظات أكبر من حتى تعالج بحدثات تلوكها الألسن. حسب الرجل ما في قلبه من الحزن لأجلك ولأجل اخوتك، في زمن تنكر فيه الأخ لأخيه.
إن عليك حتى تتطلّع الى المكان بأجمعه. لا يأخذنك أسفك على ما سقط الى غض النظر عن ما يحيط بالبيت. ان جميع الأمور تتغير، بسرعة عجيبة. بيت الجار اللقاء لبيتكم. تغير هوالآخر. لقد أصبح عمارة ذات طوابق ثلاثة. والمغرسة الواسعة الى يمين البيت أضحت مساحة من الأرض فارغة ممتدة، بانتظار من يشتري قسائمها. المقبرة وحدها والطريق اليها لم يتغير، ولاتزال سيارات البحارة تغرق الأسفلت بماء البحر. لما تلوم الناس ان تغيرت مشاعرهم وانسانيتهم. ولماذا تلوم أقرب الناس اليك.. اخوتك لما بدر منهم؟! لقد سقط ما سقط، وأنت اليوم شاب، غيرك بالأمس، متفهم ومثقف وتستطيع العمل في أي شيء.
ها هوأخوك يتسار في الطريق الى المقبرة في هذا الصباح. انه يتحرك ببطء. رغم انه ليس متقدما في السن، ان من يراه يحسبه ابن سبعين فيما هولم يتجاوز الخمسين. لقد أصيب بالسكر، منذ زمن، كما أنه فقد ولده البكر في حادث سيارة. ألا تعذره فيما بدر منه بحقكم؟! ان الناس يخطئون لكن العافين عن الناس يحبهم الله تعالى. ألا يستطيع قلبك الغفران له ولاخوتك؟!.
بلى.. تقدم ناحية أخيك، بادره بالسلام، كفاك عناء السنين الماضية. اقترب منه هكذا. انه يلتفت اليك، ويقف متأملا فيك في وجوم...
- أنت علي - عهدتني إذن - على رغم أنك أصبحت شابا الا حتى ملامحك لم تتغير - كيف من الممكن أن حالك يا أخي؟ - بخير والحمد لله.
إياك حتى تهجر أخاك، حتى لوأراد ذلك. عليك حتى لا تدع ما في قلبك من تسالات تتحول الى ورم دون اجابة، لقد آن أوان المصارحة.
- أخي هل تسمح لي بسؤال - أعهد السؤال الذي ستطرحه لذا سأجيبك عليه، عملت جميع ذلك حقدا على أبيك.
يا لهول ما تسمع. ان أخيك ليس حاقدا عليك فقط، بل حتى على أبيك. - لماذا.. ماذا عمل بكم أبي،يا ترى؟ - ماذا عمل،يا ترى؟ لقد هجر أبوك أمنا وكانت في شدّة من السقم. وتزوج بأمك، ابنة العشرين. حتى عندما أنشأ بيته الجديد ونقلكم اليه، رفض حتى تسكن فيه أمنا، أوأحد منا. - جميع الآباء من جيل أبوك هم على هذه الشاكلة، يعاملون النساء وكأنهم جوار لهم. وحتى لوسقط ذلك من أبيك، فما ذنبنا نحن؟! - ذنبكم أنكم عشتم في ظروف غير ظروفنا. لقد عشنا مع أبيك حياة الشظف والقسوة، ثم جئتم في وقت كان أبوك فيه قد تقدم في العمر، فأحس بحاجته الى الأبناء، فاستأثرتم بحنانه دوننا. أما نحن الذين قاسينا منه الأهوال. اكتشفنا حتى أبوك لا يملك من مال، سوى البيت الذي ربينا، فيه وسوى البيت الذي نشأتم فيه. - ولذا عزّ عليكم حتى تهجرونا في بيت أبينا - هوبيتنا أيضا. ولا أزال حتى هذه الساعة غير راض عما حصلتم عليه. ولوكان بيدي لهجرتكم الى الشوارع.
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، تراجع يا علي، اهجر أخاك، لما هوفيه من حقد ملأ قلبه، لا فائدة ترجى من هذا الأخ. أنظر اليه انه ينظر اليك نظرات هي نفسها التي عهدتها فيه من أيام الطفولة. حسبك حتى حاولت حتى تحيي في قلب أخيك مودة، هي أجمل ما خلق الله تعالى في قلب الانسان.
الثلاثاء 29/3/2011
وصلات خارجية
- مسقط الشاعر جعفر الديري
