ابن العسال

أبومحمد عبد الله بن فرج اليحصبي المعروف بابن العسال (ت. 1095/487 هـ) شاعر من طليطلة اشتهر بالزهد والكرامات واجابة الدعوات. وقد تشبه بأبي إسحق الألبيري وعلى طريقته جرى، وكانا معا فرسي رهان في ذلك الزمان صلاحا وعبادة. ليس كثيرا ما وصلنا من شعره الزهدي ولكن من الممكن كان من أقوى نماذجه قوله:


انظر الدنيا فان أبصرتها شيئا يدوم		فاغد منها في أمان إذا يساعدك النعيم
وإذا أبصرتها منك على كره تهيم		فاسل عنها واطرحها وارتحل حيث تقيم

ومن اللافت للنظر حتى هذين الزاهدين كانا من أشد الناس إحساسا بسوء الأوضاع السياسية في وطنهما، فبكى ابن العسال سقوط بريشتر ثم سقوط طليطلة.

وصف حال العرب في الأندلس وما يهدد وجودهم فيها من مخاطر محذراً وناصحاً بالهجرة إلى بلدان أخرى حينما نطق:

شدّوا رواحلَكم يا أهلَ أندلس فما المقامُ بها إلاَّ من الغَلَطِ

الثَّوب ينسلُّ من أطرافه وأرى ثوبَ الجزيرة منسولاً من الوسطِ

ولما سقطت طليطلة رحل عنها وسكن غرناطة وتوفي بها ( - 487 هـ). وكان قبره فيها مكرما والناس يزورونه في عصر ابن سعيد.

تفهمه

روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأبي عمروالمقرئ، وأبي محمد بن عباس، وأبي عمر بن عبد البر، وابن شق الليل، وابن احمل رأسه، وأبيه فرج بن غزلون، والقاضي أبي زيد الحشا، ومكي بن أبي طالب، وأبي الوَلِيد البَاجِيّ وغيرهم.

حاله

نطق ابن الصيرفي:

«كان، رحمه الله، فذّا في وقته، غريب الجود، طرفا في الخير والزهد والورع، له في جميع جومتنفّس، يضرب في جميع فهم بسهم، وله في الوعظ تواليف كبيرة، وأشعاره في الزهد مشهورة، جارية على ألسنة الناس، أكثرها كالأمثال جيّدة الرّصعة، سليمة المباني والمعاني. وكان يحلّق في الفقه، ويجلس للوعظ.»

ونطق الغافقي:

«كان فقيها جليلا، زاهدا، متفنّنا، فصيحا لسنا، الأغلب عليه حفظ الحديث والآداب والنحو، حافظا، عارفا بالتفسير، شاعرا مطبوعا. كان له مجلس، يقرأ عليه فيه الحفظ والتفسير، ويتكلّم عليه، ويقصّ من حفظه أحاديث. وألّف في أنواع من العلوم، وكان يعظ الناس بجامع غرناطة، غريبا في قوته، فذّا في دهره، عزيز الوجود.»

شعره

من أمثل ما روي منه قوله:

		[من مخلع البسيط]
لست وجيها لدى إلهي		في مبدإ الأمر والمعاد
لوكنت وجها لما براني		في عالم الكون والفساد

لما استرد الإفرنج أول مدينة من مدن الأندلس، وهي مدينة طليطلة، من يد ابن ذي النون عام 475 هـ، نطق ابن العسال في ذلك:


يَا أَهْلَ أَنْدَلُسِ حُثُّوا مَطِيَّكُمْ		فَمَا المُقَامُ بِهَا إِلَّا مِنَ الغَلَطِ
الثَّوْبُ يَنْسُلُ مِنْ أَطْرَافِهِ وَأَرَى		ثَوْبَ الجَزِيرَةِ مَنْسُولًا مِنَ الوَسَطِ
وَنَحْنُ بَيْنَ عَدُوٍّ لَا يُفَارِقُنَا		كَيْفَ الحَيَاةُ مَعَ الحَيَّاتِ فَي سَفَطِ

ويروى صدر البيت الثالث هكذا:


ومن جاور الشر لا يأمن بوائقه		كيف الحياة مع الحيات في سفط

وتروى الأبيات هكذا:


حثوا رواحلكم يا أهل أندلس		فما المقام بها إلا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه، وأرى		سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه		كيف الحياة مع الحيات في سفط

وروى آخر:


يا أهل أندلس ردوا المعار		فما في العهد عارية إلا مردات
ألم تروا بيدق الكفار فرزنه		وشاهنا آخر الأبيات شهمات