راجح باكريت

عودة للموسوعة

راجح باكريت

راجح باكريت
وُلـِد 1975
القومية يمني
المهنة محافظ المهرة السابق
الديانة مسلم

راجح سعيد باكريت (و.1975)، هومحافظ المهرة من 17 نوفمبر 2017 حتى 23 فبراير 2020.

سيرته

ينتمي راجح باكريت إلى أسرة قبلية عريقة في محافظة المهرة، وهي قبيلة باكريت التي تتخذ من مديرية حوف (شرقي محافظة المهرة) مكانا لها، وهي المديرية التي تنحدر إليها أشهر الشخصيات القبلية والسياسية والأمنية التي تبوأت مناصب مختلفة في إدارة محافظة المهرة، وفي مجلس الشورى والنواب بالعاصمة صنعاء.

وكان والده سعيد علي باكريت يعمل في الجبهة القومية، وعُين مديرا لمديرية حوف في سبعينيات القرن العشرين، ثم أقيل وتم تعيينه ملحقا لشؤون الثقافية في البحرين، إبان فترة الحكم في الشطر الجنوبي من اليمن سابقا.

وفقاً لسيرة ذاتية نشرها مقربون من باكريت عندما عين محافظا للمهرة، فقد ولد في عام 1975، وتخرج من الثانوية العامة في عام 1994، وحصل على بكالوريوس جامعي في إدارة الأعمال، (لم يحدد من أي جامعة)، وتحدثت شخصيات محلية للمسقط بوست حتى تلك الشهادة كانت مزورة، وأن الرجل كان يعمل ضمن عملية تزوير للشهادات، ولديه أختام متنوعة لعدة جهات حكومية محلية، وأخرى عربية، وهوما كان سببا في تعرضه للمتاعب، كما سيأتي لاحقا.

عمل باكريت في مطلع حياته مفهماً في إحدى المدارس الحكومية بمديرية الغيضة عاصمة المهرة، وتشير سيرته الذاتية المذكورة أنه عمل في سلك التعليم كمدرس من العام 1996، حتى العام 2000، لكن مقربين منه يؤكدون أنه عمل في التعليم لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، قضى فيها شهرين في التدريس، ثم هجر تلك الوظيفة، التي يعتقد أنه فُصل منها، وانخرط في عدة أعمال تجارية خاصة، منها تجارة السيارات المستخدمة، التي كان يجلبها من عدة دول خليجية كالإمارات وقطر وسلطنة عمان، ويقوم ببيعها في المهرة، لكنه كان يعمل على توريد تلك السيارات التي كانت ممنوعة من دخول اليمن كالسيارات والشاحنات المحولة، بسبب مخالفتها للمواصفات والمقاييس.

مثلت تلك التجارة بالنسبة لراجح باكريت مدخلا لنسج علاقات واسعة مع رجال أعمال محليين، وآخرين في تلك الدول التي تعامل معها ماليا، وقذفته بشكل سريع إلى ميدان الشهرة، وبدأ من خلالها تقديم نفسه كرجل أعمال، وشخصية قبلية كممثل لقبيلته، لدى جميع من تعامل معهم، وأدى ذلك لحمل أحد أقاربه (بن عمه) قضية متهما له بانتحال وصف شيخ القبيلة، وجرى لاحقا، تسوية تلك القضية، وإغلاقها، ثم عمل لاحقا على استصدار حكم يفيد بأنه شيخ لمشايخ محافظة المهرة.

من خلال الأحاديث والشهادات التي استمعنا لها عن باكريت، والتي سردتها عدة شخصيات كانت متصلة به، أوعملت معه في مواقع مختلفة قبل تعيينه محافظا، تظهر شخصيته كرجل عاشق للشهرة، وطامح للمال، ويسعى بكل طاقته، لتحقيق مكانة اجتماعية، وخلق مركز نفوذ لنفسه، بشتى الوسائل، سالكا في ذلك الكثير من الوسائل لتحقيق تلك الغايات، رغم إجماع الكثير من هؤلاء على كثير من الصفات الإيجابية التي يتميز بها على الصعيد الشخصي.

دفعه ذلك الطموح لسلوك جميع القنوات والطرق التي تمكنه من تحقيق النفوذ، والحصول على المال، مهما كانت الوسائل التي يسلكها، والأعمال التي اشتغل بها، وهي أعمال ومشاغل كثيرة، سعينا قدر الإمكان للتحقق منها والتحري عنها، قدر الإمكان، من خلال الشبكة المقربة منه، والجهات التي تعامل معها، والتي لا زال بحوزتها الكثير لتتحدث عنه، مفضلة الوقت المناسب، وفق تعبيرها.

ذات يوم من ربيع عام 2012 تعرض أحد القيادات الشابة من أبناء المهرة (شرقي اليمن) وهورجل أعمال للاختطاف أثناء عودته من وداع أهله في مطار العاصمة اليمنية صنعاء. كان الخاطفون الذين اعترضوا سيارته في النقطة الثانية قبل مطار صنعاء مجموعة من الملثمين، ونطقوا حينها إنهم ينتمون لأحد أجهزة الاستخبارات في صنعاء، وجرى توقيفه، ومن ثم نقله إلى غرفة محصنة بأحد المنازل في صنعاء معصوب العينين، وظل فيها قرابة الشهرين.

بدأ أهله بالبحث عنه، دون حتى يجدوا لمكانه أي أثر، وبعد مرور قرابة الشهر على اختطافه، ظهر أحد الأشخاص عارضاً خدمة أهل المختطف في تحديد مصير ابنهم، الذي ينتمي لأحدى القبائل الشهيرة في محافظة المهرة، وبعد أيام من حديثه، عاد ذاك الشخص ليعلن أنه توصل لمكان الاختطاف، مدعيا حتى المختطفين طلبوا فدية مالية مقدارها مليوني ريال سعودي. لم يكن أمام عائلة الشخص المختطف سوى التسليم بالأمر، ودفع المبلغ، وهوما تم، وجرى تبعا لذلك الإفراج عن الشخص المختطف وعودته لأهله، لكن الشكوك بدأت تثار حول الشخص الوسيط، ووقدرته على الوصول للخاطفين، والتفاوض معهم، والعلاقة التي تجمع الجانبين.

كان ذلك الوسيط هوراجح باكريت، والذي ادعى حينها حتى لديه علاقة بجهاز الأمن القومي الاستخباراتي في العاصمة صنعاء، وهوما ساعده في عملية الوصول للمختطف، والتفاوض مع المختطفين. بعد تلك الحادثة بأيام، وصل إلى المهرة مجموعة من المسلحين، ومضىوا إلى عائلة الشاب المختطف، وسردوا عليهم سيرة وتفاصيل عملية الاختطاف.

وفقا لأحد المقربين من تلك القبيلة والذي روى السيرة مطالباً بالتحفظ على هويته، خشية الحساسية في مجتمع كالمهرة، فإن أولئك الأشخاص الذين حضروا كانوا هم من نفذ عملية الاختطاف بناء على تعليمات من باكريت، وأن السيرة هومن اختلقها، وحبكها، وبدا الأمر -وفقا للراوي في حديثه- حتى دوافع حضور هؤلاء للمهرة وكشفهم تفاصيل السيرة بسبب عدم حصولهم على حصتهم من المال، بناء على الوعد الذي تلقوه من باكريت، وهوما دفعهم لكشف السيرة، والبوح بتفاصيلها.

عندما فهمت القبيلة بتلك التفاصيل، تجمع مجموعة من أبنائها، وشنوا هجوما على باكريت في أحد أحياء الغيضة، وأطلقوا وابلا من الرصاص على سيارته، لكنه نجا من الموت، وساعده أحد الأشخاص على الهروب، ولذلك سيرة أخرى، سيأتي الحديث عنها لاحقا.

تمكن باكريت من الإفلات من الموت، وأصيب بجروح طفيفة، أسعف على إثرها إلى سلطنة عمان لتلقي العلاج، وظل فيها لأشهر، ونطق حينها إذا استهدافه كان من قبل مجموعة من المنتمين لتنظيم القاعدة، وهوالحديث الذي لم يكن مقبولا حينها في المهرة، لعدم تواجد تنظيم القاعدة هناك.

في 21 مايو2013 تعرض عضومجلس الشورى اليمني وعضومؤتمر الحوار الوطني محمد سالم عكوش لعملية اختطاف في منطقة نهم، أثناء عودته من العاصمة صنعاء إلى مسقط رأسه في محافظة المهرة. أعرب الخاطفون، وهم مسلحون ينتمون لقبيلة آل الجرادي في منطقة نهم، أنهم من نفذ عملية الاختطاف، وطالبوا بالإفراج عن أحد مشايخهم ويدعى راجح الجرادي، الذي كان محتجزا لدى الأجهزة الأمنية. أفرج عن بن عكوش لاحقا، بأوامر من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، الذي استجاب لمطالب الخاطفين، وأفرج عن الشيخ الجرادي، لقاء الإفراج عن بن عكوش، الذي يعد من أبرز الشخصيات الاجتماعية والسياسية المخضرمة في محافظة المهرة.

يحكي مقربون من عائلة عكوش الذي توفي مطلع هذا العام، حتى راجح باكريت كان وراء عملية الاختطاف، مستندين لعدة قرائن، أبرزها وفق حديثهم لـ"المسقط بوست" حتى باكريت كان أول من اتى وعرض عليهم التدخل للإفراج عن عكوش، وكان أول من وصل إلى مكان اختطاف بن عكوش، وأنه أدعى لاحقا حتى جهوده وتواصله مع رئيس الجمهورية أثمرت عن إطلاق بن عكوش، وهوما لم يحدث إطلاقا.

كانت تجارة السيارات هي المهنة الأبرز التي اشتغل بها أولا كما أسلفنا، وجلبت له تلك المهنة الكثير من المتاعب، أبرزها أنه بات مطلوبا لدولة قطر التي كان يجلب منها السيارات المستخدمة إلى اليمن بعد فراره منها سرا، عقب تمكنه من الحصول على أموال كقروض باسم زوجته القطرية، وأغرقها في الديون، بينما جرى سجن المرأة، بعد عجزها عن تسديد الديون، وأفرج عنها لاحقا بعد تدخل أقاربها، وتدخلت شخصيات يمنية لدى الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أبرزهم المرحوم محمد سالم عكوش للتوسط لدى الجهات القطرية للإفراج عن باكريت.

لكن أبرز الأعمال التي مارسها باكريت ويهجرز الحديث عنها في محافظة المهرة هي تورطه في عملية التهريب للمخدرات أولا ثم السلاح ثانيا (كما سيأتي)، وهي القضايا الأكثر حساسية في محافظة المهرة، وظلت تؤثر على مكانتها وسمعة أبنائها، ومثلت ذريعة للتواجد السعودي فيها، كما سيأتي تفصيل ذلك لاحقا في عمل صحفي منفصل.

في سرده لهذه التفاصيل يقول أحد المقربين من باكريت، طالبا التحفظ على هويته ووظيفته، إذا باكريت عمل في تهريب المخدرات إلى السعودية، وارتبط بشخصية محلية تعد من أبرز الشخصيات العاملة في مجال التهريب داخل المهرة، وجرى تعيينها عند تولي باكريت وحضور السعودية للمهرة مسؤولية إدارة مكافحة المخدرات بالمحافظة، وهي ذاتها التي احتمى بها باكريت بعد تعرضه لإطلاق النار، كما أسلفنا.

يشرح هذا الشخص تفاصيل عن عمل باكريت في هذا الجانب، مؤكدا احتفاظه بما يثبت صحة أقواله، قائلا إذا باكريت كان ضالعا في عملية التهريب لنوع من أنواع الحبوب التي يطلق عليها "حبوب الهلوسة" إلى المملكة العربية السعودية، ثم انتقل إلى الداخل السعودي، واستعان بشخصية سورية جلبها معه، مع آلات لتجهيز تلك الحبوب، وبعد انكشاف أمره، فر من السعودية، وأصبح أحد الشخصيات المطلوبة أمنيا لأجهزتها الأمنية.

شخصية محلية رفيعة المستوى في المهرة تحدثت هي الأخرى قائلة بأن باكريت متورط في التهريب قبل حتىقد يكون محافظا، وتذكر بأنه قام بتهريب السلاح للحوثيين، وهناك ملف في النيابة موجود عن هذه القضية، وفق تعبيرها.

وتضيف: "بعد تعيينه محافظا للمهرة شكل شبكة لتهريب المخدرات، وترحيل اليمنيين من المهرة إلى الرياض، ثم إلى افغانستان كرهائن، وبنفس الوقت كلف من السعوديين بنهب الأموال العامة، وإنهاء المؤسسات الحكومية".

قدم باكريت نفسه للمجتمع في المهرة بأنه يعمل في مجال الاستخبارات لصالح جهاز الأمن القومي في العاصمة صنعاء، وهي ذات الشهادة التي أدلت بها عدة شخصيات عن الرجل عند إعداد هذه المادة، بأنه كان يرددها على مرتاديه، وبعد عملية درس واستقصاء لأنشطة راجح بواسطة محرك البحث "جوجل" عثرنا على السيرة الذاتية التي نشرها المسقط المذكور أنفا، بعد تعيين باكريت محافظا للمهرة في الـ27 من نوفمبر 2017م.

تشير تلك السيرة الذاتية إلى حتى باكريت عين مستشارا لمحافظ المهرة لشوون الأمن في عام 2013، كما كلف من قبل وزير الدفاع الأسبق محمد ناصر أحمد كمسؤول لمكافحة التهريب في المهرة في عام 2014، إضافة لتكليفه كمدير لفرع الأمن القومي في المهرة في عام 2015.

تنفي شخصية محلية عملت في المهرة على رأس أحد الأجهزة التطبيقية تولي راجح أي مسؤولية كمستشار لشؤون الأمن في المحافظة خلال عام 2013، وهي الفترة التي كان يدير المحافظة المحافظ السابق علي محمد خودم، ولم تكن حينها المحافظة تعاني من أي اختلالات أمنية تستدعي تعيين شخصية كمستشار في مجال الأمن، وفق تعبير المسؤول المحلي.

ذات النفي اتى من ضابط عسكري متقاعد، والذي سخر في حديثه للمحرر -طالبا التحفظ على هويته- من مزاعم تعيين باكريت كمسؤول عن مكافحة التهريب في المهرة من قبل وزير الدفاع الأسبق محمد ناصر أحمد في العام 2014، قائلا بأن عملية مكافحة التهريب لا يمكن حتى يصدر فيها قرار تكليف من مؤسسة عسكرية كالدفاع لشخص مدني، ولم يلتحق بالسلك العسكري، وليس له أي صفة أورتبة، تؤهله لمثل هذه المهمة، التي تستدعي تظافر جميع الجهات الحكومية كالجيش والأمن والسلطة المحلية وأجهزة الاستخبارات للتصدي لها، وفق قوله.

وتظهر الأحداث والمواقف التي عاشها باكريت، وجرى رصدها من قبل المحرر، شخصيته الحقيقية التي تتصف بالانتنطق من مكان لآخر بحثا عن الجهة والوظيفة التي بإمكانها حتى تحقق له دورا مهما في حياته الشخصية، وتوفر له النفوذ في مجتمعه بالمهرة، ولذلك كان يتنقل من اليمين إلى الشمال، غير عابئ بأي مآخذ يمكنها حتى تظهر شخصيته المتقلبة، وتشير المعلومات التي تم التوصل لها إلى سيرة ذاتية مليئة بالمواقف المتناقضة وفقا للمتغيرات السياسية التي شهدتها اليمن خلال السنوات الماضية.


الحياة السياسية

كانت المحطة السياسية الأولى له تعيينه عضوا في اللجنة التأسيسية لحزب التضامن الوطني الذي أسسه حسين الأحمر ثم عضوا في مجلسه الأعلى، وممثلا للحزب في محافظة المهرة، وهوالمنصب الذي ظل فيه حتى الخامس من نوفمبر 2014 حينما أعرب عن استنطقته من الحزب، وانضم لما سمى بالثورة الجنوبية، داعيا لفك ارتباط الشمال عن الجنوب، والاعتذار للجنوبيين، وإدانة حرب 1994 والفتاوى التكفيرية لشعب الجنوب، وفق تصريحات صحفية أدلى بها آنذاك.

اتى إعلان تلك الاستنطقة مستبقة قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي بتعيين عضومجلس النواب محمد علي ياسر محافظا للمهرة في الـ24 من ديسمبر 2014، بعد حتى ظلت المهرة بلا محافظ منذ وفاة محافظها وقتذاك علي محمد خودم.

كان هادي حينها يعمل تحت ضغط جماعة الحوثي التي كانت قد بدأت بنسج علاقتها مع شخصيات في أكثر من محافظة يمنية، بما في ذلك المهرة، ومن تلك الشخصيات راجح باكريت التي وافقت استنطقته من حزب التضامن فترة سقوط العاصمة صنعاء بيد جماعة الحوثي، وكان ذلك إيذانا لفترة جديدة خاضها الرجل في مسيرته الشخصية.

يقول أحد الأشخاص الذي يصف نفسه بالمقرب من باكريت، في تصريحه للمسقط بوست طالبا عدم الكشف عن اسمه، إذا باكريت انضم بعد ذلك لجماعة الحوثي، عبر شخصية قيادية في جماعة الحوثي تدعى "عيسى المراني"، وهوتاجر سيارات كان يتردد على الإمارات من قبل، وحضر حفل الإعلان الدستوري الذي نظمته الجماعة في السادس من يناير 2015م بالعاصمة صنعاء كممثل عن المهرة مع شخصيات أخرى، جرى جلبها بطائرة خاصة حطت في مطار الغيضة، وكان على متنها راجح، وصعد إليها أولئك الأشخاص.

يواصل الرجل حديثه بحذر، كاشفا حتى العلاقة بين باكريت والحوثيين ظلت ممتدة لفترة طويلة عقب ذلك، وأن جماعة الحوثي كانت قد وعدته بتعيينه محافظا للمهرة أووزيرا في الحكومة التي كانت تعتزم تشكيلها لاحقا، وتعذر ذلك.

بعد عاصفة الحزم

عندما انطلقت العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن تحت وصف "عاصفة الحزم" كانت محافظة المهرة حينها بعيدة عن مجمل الأحداث التي شهدتها عدة محافظات يمنية، عقب الانقلاب الذي نفذه الحوثيون، وتمددهم نحوالمحافظات اليمنية. كانت علاقة باكريت حينها مع جماعة الحوثي لا تزال قائمة، وفقا لتصريح شخصية أمنية للمحرر، لكن الوضع لاحقا بدأ يتغير بشكل غير مفهوم، ولم نستطع الوصول لحقيقته بسبب حساسية الوضع، وامتناع الكثير من الشخصيات والأطراف عن الإدلاء بأي تفاصيل عن تلك الأحداث، تحسبا لردود العمل المتسقطة. لكن شخصيات أمنية أخرى ذكرت حتى باكريت عمل مع الإماراتيين الذين وصلوا للمهرة بعد تحرير محافظة عدن، وتولى الكثير من المهام، مرجحة أنه من الممكن كان يعمل كعميل مزدوج بين الجانب الإماراتي والحوثيين، بحكم علاقته السابقة بجماعة الحوثي.

تشير تلك الشخصيات في أحاديثها إلى القبض على شحنة من أجهزة الاتصالات كانت قادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة في طريقها لجماعة الحوثي، وتم القبض عليها في منفذ صرفيت بالمهرة، واعترف سائقها، بتبعيتها لراجح باكريت، والذي نطق لاحقا إذا تلك الشحنة كانت تعبير عن طعم للحوثيين، حيث سيستخدمونها، لكنها ستكشف مناطق تواجد مستخدميها، الأمر الذي يسهل عملية استهدافهم من قبل التحالف العربي.

تعمقت الشكوك أكثر حول علاقة راجح بالحوثيين، عندما عرض على إحدى الدول الخليجية (نتحفظ على ذكر اسمها) بأنقد يكون وسيطا بينها وبين الحوثيين في صنعاء، لتهريب السلاح إليها، لكن المسؤولين في تلك الدولة فطنوا للأمر، وأدركوا أنه يريد الإيقاع بهم وتوريطهم خدمة لدولة أخرى، رغم عدم وجود أي نوع من أنواع التعاون في هذا الجانب بين تلك الدولة والحوثيين، ورد عليه المسؤولون في تلك الدولة بطرده من أراضيها، ورفض التعاون معه بشكل تام، بعد اكتشاف تواصله مع الجانب الإماراتي.

وبشكل تدريجي بدأ راجح بالظهور كأحد الشخصيات المؤيدة والمساندة للتحالف العربي في اليمن، وأبرز المسهلين لتواجدها في محافظة المهرة، بدءًا من تواجد الجانب الإماراتي في المهرة، ثم الجانب السعودي، الذي يظهر أنه ورث راجح كيد طولى له من دولة الإمارات التي غادرت المهرة نهاية عام 2017، وهي الفترة التي تواجدت فيها السعودية بشكل مكثف في المهرة، من خلال قواتها التي وصلت المحافظة، وأعقب ذلك تعيين باكريت محافظا للمهرة.

محافظ المهرة

راجح باكريت (يمين الصورة) والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (يسار).

تلك القطوف من شخصية راجح المتقبلة في عدة اتجاهات، والمتنقلة لدى أكثر من طرف مثلت عوامل كافية لاختياره كمحافظ للمهرة، لسهولة السيطرة عليه، وتمرير الأجندة من خلاله، خاصة لدى السعودية، التواقة إلى السيطرة على المهرة، والحصول على موطئ قدم فيها، فتناسبت خططها في السيطرة والبقاء في المهرة، مع شخصية راجح وسيرته الذاتية الماضية، والتي انعكست على أدائه كمحافظ للمهرة، وخدمت في مجملها الحضور السعودي في المهرة.

في 27 نوفمبر 2017 أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قرارا بتعيين راجح باكريت محافظا للمهرة، وفي اليوم التالي أدى راجح اليمين الدستورية أمام هادي، لتبدأ رحلة جديدة من مشوار طويل لا يزال يلقي بظلاله على الأوضاع التي تعيشها محافظة المهرة حتى اليوم.

اتى تعيين راجح خلفا للمحافظ السابق محمد عبد الله كدة الذي عمل محافظا للمهرة خلال الفترة (من 2015 إلى 2018)، وهوشخصية تنتمي لإحدى قبائل المهرة الكبرى (بيت كدة)، وكان أحد أبرز قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، قبل تحقيق الوحدة اليمنية، وكان ضمن المطلوبين لنظام علي عبد الله صالح بعد حرب 1994م، بسبب اشتراكه مع الحزب الاشتراكي اليمني في إعلان الانفصال.

عين كدة محافظا للمهرة لثلاث مرات، كانت الأولى بعد تحقيق الوحدة اليمنية بين الشطرين، وظل فيها لفترة، ثم جرى نقله إلى محافظة الجوف، وتعيين حسن مقبول الأهدل خلفا له، وبعد احتجاجات شهدتها المحافظة ضد المحافظ الأهدل أعيد كدة إلى عمله كمحافظ للمهرة، وغادرها بعد فوز نظام صالح في حرب 1994م.


في السابع من نوفمبر 2015 جرى تعيين كدة للمرة الثالثة محافظا للمهرة، بقرار من الرئيس هادي، بعد حتى أصبح كدة محسوبا على التيار الجنوبي المؤيد لهادي والذي يتزعمه مستشار الرئيس حيدر أبوبكر العطاس، ومستشاره الثاني ياسين مكاوي، في إطار التقارب مع الحراك الجنوبي.

عمل كدة خلال إدارته للمحافظة على تفعيل مؤسسات الدولة، والحفاظ على أمنها، وبدأ يتطلع لبعض المشاريع التي يرى حتى المهرة جديرة بها، ومن ذلك المؤتمر الاستثماري الأول، والذي أعرب عنه بعد زيارة قام بها للسعودية.

جرى التحضير لهذا المؤتمر بعناية، ووجهت الدعوة لشركات عالمية من دول أوروبية وأسيوية لحضور المؤتمر، الذي كان الغرض منه تحويله لمناسبة تقدم المهرة للعالم، وما تمتلكه من مؤهلات سياحية واقتصادية، وكان مؤملا حتى يحقق المؤتمر نهضة في المحافظة، من خلال الاستثمارات الضخمة التي كان يجري التحضير لها، والشركات التي كانت ستساهم فيه وتحضره، وكان هذا واضحا من الشركات المشاركة، فواحدة من تلك الشركات كانت قد وعدت بإنشاء ميناء خلفوت على حسابها، لقاء استثمارها فيه لمدة ثلاثين سنة، ثم يصبح ملكا للمحافظة والدولة في اليمن، ووعدت أخرى بمشاريع لإصلاح وشق الطرق على حسابها أيضا، وفقا لما كشف عنه أحد المنسقين للمؤتمر.

يضيف هذا المنسق في حديثه للمحرر بأن السعودية في حينها أوفدت شخصا من قبلها، وهويمني يحمل الجنسية السعودية للإشراف على هذا المؤتمر بحجة حتى لديه شركة تعمل في مجال المؤتمرات الدولية، بينما في الحقيقة كان أحد أفراد المخابرات التابعين للسعودية، وكان الغرض من حضوره هوفهم ماذا يريد حتى يعمل المحافظ وغرض المؤتمر، ونوعية الاستثمارات والدول المساهمة فيه، ويؤكد في حديثه قائلا: "تم إعطاؤه العموميات، والتحفظ على المعلومات الأساسية خشية تسربها، وتعثر انعقاد المؤتمر".

استمرت التحضيرات للمؤتمر بشكل طبيعي، وقبل انعقاده بثلاثة أسابيع، أسرع السعوديون في استصدار قرار لتعيين راجح باكريت محافظا للمهرة، وإنطقة محمد عبد الله كدة، وكان أول قرار أصدره راجح بعد أدائه اليمين الدستورية هوتأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى، وأعرب عن ذلك في السادس عشر من ديسمبر 2017م، من خلال منشور له في حسابه على فيسبوك، بحجة الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد عامة والمهرة على وجه الخصوص، مما سيقف عائقاً أمام انعقاد المؤتمر وحضور الشركات الاستثمارية ورجال المال والأعمال إلى المحافظة، وفق تعبيره، وبالتالي تجمد جراء ذلك جميع أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر وأنشطتها المتصلة بالتحضير له.

ويردف المنسق في تصريحه: "كان التخوف السعودي من هذا المؤتمر كبيرا، وانزعجت الرياض من هذه المستوى، وأطاحت بكدة الذي كان له دور في التحضير لهذا المؤتمر، واتىت براجح الذي ألغى المؤتمر، وحقق للسعودية ما تريد، وهذه المستوى تفسر مسببات ترشيح راجح كمحافظ من قبل السعوديين، وتعجيل السعودية بالتواجد السعودي في المهرة". كان الملفت في قرار تعيين راجح محافظا للمهرة، حتى راجح نفسه كان يفهم بقرار تعيينه قبل أشهر من صدور القرار بشكل رسمي، ويحكي أحد الذين تدربوا على يد القوات السعودية في مدينة الطائف للمحرر أثناء فترة المحافظ كدة حتى باكريت كان يتواصل بهم أثناء فترت التدريب، وأبلغهم بقرب تعيينه كمحافظ، وأنهم سيعملون معه لاحقا.

اتى تعيين راجح محافظا للمهرة بعد وصول أولى طلائع القوات السعودية إلى المهرة، وتمركزها في مطار الغيضة، (ولذلك سيرة أخرى ستنشر لاحقا)، وشروعها في التمدد نحوإنشاء المعسكرات والثكنات العسكرية، وهوما لم يكن راضيا عنه المحافظ السابق "كدة"، والذي صدر قرار إنطقته أثناء تواجده داخل السعودية، كما صدر قرار تعيين باكريت وهومقيم أيضا في الرياض.

يقول مصدر وثيق الاطلاع في حديثه للمحرر طالبا التحفظ على هويته إذا تعيين راجح كمحافظ للمهرة كان منسقا له من قبل بينه وبين السعوديين، وكان القرار جاهزا منذ مدة، مؤكدا حتى العامل الأهم في اختيار وتعيين راجح محافظا للمهرة هي علاقته بالمخابرات السعودية.

شخصية مسؤولة أكدت في حديثها للمحرر حتى اللجنة الخاصة السعودية طلبت من الرئيس هادي إصدار قرار بتعيين باكريت محافظا للمهرة، لكن هادي لم يستجب للأمر، وأهمل الطلب، وبعد ضغوط مكثفة وافق هادي، وأصدر قرار التعيين، رغم وجود معارضة في رئاسة الجمهورية لذلك القرار، وهونفس التصريح الذي تحدث به هادي أمام وفد من مشايخ المهرة عندما زاروه في مكان إقامته بعدن بشهر أغسطس من العام 2017م، حين نطق بأن السعوديين هم من فرض عليه تعيين باكريت محافظا للمهرة.

وتتحدث شخصية أخرى للمحرر قائلة إذا باكريت عندما طُلب من الجانب السعودي لزيارة العاصمة السعودية الرياض، بغرض التباحث معه في قرار تعيينه كمحافظ، تردد ولم يستجب لطلب الزيارة، مخافة حتى يتم اعتنطقه هناك، بسبب سجله السابق في عملية التهريب، لكن -الحديث لتلك الشخصية- جرى التواصل معه من قبل شخصيات في رئاسة الجمهورية على صلة بالجانب السعودي، وأعطته تطمينات وضمانات بعدم تعرضه لأي أذى، فوافق وسافر إلى الرياض. يعلق المسؤول الأمني على هذه المعلومات بالقول: "كانت هناك أخبار تتردد في المهرة عن تعيين راجح محافظا للمحافظة، لكن لم يكن أحد يصدقها، فالناس هنا لم يكن يدر بخلدهم أبدا حتى هذا الشخص عملا سيكون محافظا للمحافظة".


إنطقته

في 23 فبراير 2020، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مرسوماً بإنطقة راجح سعيد باكريت، وعين البرلماني السابق محمد علي ياسر خلفاً له. وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتنطقي الجنوبي، سقطا، برعاية سعودية، فيخمسة نوفمبر 2019، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن فيعشرة أغسطس 2019، عقب لقاءات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلاً و260 جريحاً. بحسب الأمم المتحدة.

مرئيات

الإحتفالات في المهرة بإنطقة محافظها راجح باكريت، فبراير 2020.


المصادر

  1. ^ "راجح باكريت.. من مطلوب لدى السعودية إلى رجلها الأول في المهرة (1-2)". المسقط پوست. 2019-03-20. Retrieved 2020-02-24.
  2. ^ الانتنطقي الجنوبي" في اليمن ينتقد إنطقة محافظ المهرة ويعتبره خرقا لاتفاق الرياض". سپوتنيك نيوز. 2020-02-23. Retrieved 2020-02-24.
تاريخ النشر: 2020-06-09 02:40:01
التصنيفات: Articles with hCards, محافظو المهرة, سياسيون يمنيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رئيس وزراء كندا يجدد تأكيد استعداد بلاده لمساعدة تركيا في أع

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:56
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

خدمة وشوشة: "تزوجت لأهرب من قسوة أسرتى وبعد 9 سنوات ما زلت أفتقد الحب"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:21
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 47%

لماذا وجهت فرنسا سهامها نحو الجزائر والمغرب؟

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:06
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 71%

قضية مصفاة "لاسامير" قد تعرف حلا بعد دخول شركات عالمية على الخط

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:58
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 78%

تسجيل 23 هزة ارتدادية جديدة بعد الزلزال في تركيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:44
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

القناة الوثائقية تعرض "ألوان حقيقية" و "مغامرو البرارى"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:14
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 48%

إمام عاشور يسجل ويحتفل على طريقة محمد صلاح بالدوري الدنماركي.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:23
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 38%

الرباط.. مغاربة يُخلدون ذكرى 20 فبراير بطعم "غلاء الأسعار"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:41
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

محمد صلاح يتصدر أبرز أرقام مباراة ليفربول ضد ريال مدريد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:26
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 48%

ضبط “400” لفة قمر الدين مغشوش بمصنع غير مرخص بالقناطر الخيرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:27
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

الجزائر ... "دبلوماسية الشيكات" لكسب "محاباة" الدول

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:52
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 72%

كورونا: إصابة واحدة جديدة وعدم تسجيل أي وفاة خلال ال 24 ساعة الأخيرة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:25:04
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 68%

عاجل..هزة أرضية جديدة تضرب تركيا و3 دول عربية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:09
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 78%

يفصلنا شهر عن رمضان الكريم .. وزارة الأوقف تكشف عن موعد فاتح شهر شعبان

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:49
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 76%

تكفير المجتمع.. توقيف شخص في قضية تتعلق بالإشادة بالإرهاب

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:23:43
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

الدفاع المدنى السورى: 130 مصابا كحصيلة غير نهاية نتيجة زلزال اليوم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:24:05
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية