نفى اليوم الأربعاء، وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم وجود أي خلاف مع إسپانيا على الحدود البحرية.

"التقارير التي زعمت حتى البلدين المتوسطيين لديهما مشاكل على الحدود البحرية والجزر هي مجرد أكاذيب."، صرح بوقادوم في مؤتمر صحفي مع نظيرته الإسپانية الزائرة، أرانچا گونزاليث لايا.

وكانت وزيرة الخارجية الإسپانية، أرانچا گونزاليث لايا قد صرحت، في 21 فبراير 2020، حتى مدريد غير متفقة مع الجزائر بشأن ترسيم الحدود البحرية للبلدين في البحر الأبيض المتوسط، قبل زيارتها الجزائر يوم الأربعاءخمسة مارس 2020. وأعربت الجزائر بشكل أحادي في أبريل 2018، ترسيماً حدودياً لمياهها الإقليمية في البحر المتوسط، يلامس جزر الباليار الإسبانية، وفق ما نطقت الوزيرة لإذاعة "كادينا سر" الجمعة.

من جانبها، نطقت صحيفة "إل پايس" الإسبانية إنّ هذا الترسيم الجديد يضم أيضاً جزيرة كابريرا الواقعة على بعد نحوعشرة وقع جنوب جزيرة مايوركا. وأضافت لايا إنّه منذ تسلم حكومة الاشتراكي پدروسانشيز مهامها في يونيو2018، فإنّها "ردّت على الإنادىء، لأنّه حتى الآن مجرد إنادىء جزائري".

وتابعت أنّه وفقاً لقانون البحار الدولي "حين تتداخل مياهك الإقليمية مع مياه جارك، فإنّ هذا الأمر يجب حتى يحل بالمفاوضات، ويتضح بالممارسة أنّ مثل تلك المفاوضات تستغرق وقتاً طويلاً جداً جداً". وأوضحت "ما قمنا به هوأننا أعربنا عن رفضنا لإجبار الطرف الآخر على البدء بمفاوضات. وهذه المفاوضات لم تبدأ منذ 2018".

وستكون هذه الزيارة الأولى للوزيرة الإسبانية إلى الجزائر التي تزود مدريد بنصف حاجاتها من الغاز الطبيعي.

خلافات حدودية مغربية-إسپانية

وتعدّ مسألة الحدود البحرية نقطة خلاف إسبانية مع المملكة المغربية أيضاً التي زارتها گونزاليث لايا في نهاية يناير 2020.

خلافات حدودية إيطالية-جزائرية

وقبلها بأيام إيطاليا اتهمت الجزائر بالتوسع بحريا على حسابها بشكل أحادي الجانب فيما يعهد أيضا بالمنطقة الاقتصادية الخالصة Zone économique exclusive اللقاءة لجزيرة سردينيا، وسيصل محرر الدولة الإيطالي للشؤون الخارجية مانوليودي ستيفانوفي قادم الأيام إلى الجزائر في زيارة رسمية من أسبابها قضية الحدود البحرية.

لكن من الواجب طرح بعض التساؤلات على علاقة بهذه القضية، ولعل أهمها هو: لماذا سكتت إيطاليا وإسپانيا جميع هذه المدة وتحدثتا الآن بالتحديد، رغم حتى ترسيم الحدود البحرية من الطرف الجزائري كان في شهري مارس وأفريل 2018 على التوالي.

وبالعودة للجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية فقط سقط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مرسوما رئاسيا لتحديد معالم جديدة للمنطقة البحرية الاقتصادية الخاصة قبالة سردينيا الإيطالية في 21 مارس 2018، وتلك اللقاءة لجزر الباليار الإسبانية في أفريل من العام ذاته.

وقد حدد المرسومين إحداثيات هذا التوسع البحري مع تغيير في الإحداثيات، إذ يشير إلى "تأسيس منطقة اقتصادية خالصة في عرض السواحل الجزائرية، ويتم تعيين الحدود الخارجية لهذه المنطقة انطلاقاً من تحديد الأساس الصادر في مرسوم سابق عام 1984 من طريق الإحداثيات الواردة في المنظومة الجيوديسية العالمية".

لكن الملفت في المرسومين أنهما يبقيان المجال لتعديلهما "ثنائياً" ضمن مواد تشير إلى إمكان حتى "تكون الحدود الخارجية للمنطقة الاقتصادية الخالصة، عند الاقتضاء، محل تعديل في إطار اتفاقات ثنائية مع الدول التي تكون سواحلها متلاصقة أومتقابلة مع السواحل الجزائرية". ويشير المرسومان إلى "أن الجمهورية الجزائرية تمارس حقوقها السيادية الخالصة طبقاً لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، لاسيما الجزء الخامس منها".

وخلال تام هذه الفترة لما لم تتحرك روما ومدريد للاحتجاج وطرح القضية للتفاوض مع السلطات بشكل علني وبالخصوص مع السلطات الجزائرية التي سقطت حينها على المرسوم أي الرئيس السابق وحكومة أحمد أويحيى، لكن الواقع يقول إذا القضية بقيت وبشكل غريب تحوم حوله الشكوك، بعيدة عن التناول الإعلامي في كلا البلدين (إسپانيا وايطاليا).

وبعبارة أخرى لما سكتت ايطاليا وإسپانيا زمن بوتفليقة بخصوص المعالم الجديدة للحدود البحرية رغم الزيارات الكثيرة المتبادلة في الاتجاهين، وتحدثتا الآن وفي هذه الظرف بالذات بعد مرور عامين على صدور مرسوم الحدود البحرية الجزائرية مع هذين البلدين.

والتساؤل الأخير هوكيف من الممكن أن سيكون رد وتعاطي الجزائر مع هذا الامتعاض والرفض الايطالي الإسباني لترسيم الحدود البحرية، خاصة حتى هذين البلدين يعتبران من أكبر شركاء الجزائر خارجيا، وخاصة ما تعلق بتصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب.

نطق الناشط الجزائري مصطفى الصغير، الذي يرأس جمعية محلية تعنى بالجالية الجزائرية في مورسيا الإسبانية لـ "اندبندنت عربية"، إذا "هذا الملف انطلق من العدم وفق اعتقادي. إذ أثارته برلمانية إسبانية عن منطقة مايوركا تمثل اليمين الإسباني".

ويضيف الصغير "من المحال حتى تمتد الإحداثيات الجزائرية إلى جزيرة كابريرا، وهي جزيرة من بضعة أمتار مربعة حولتها السلطات الإسبانية إلى محمية يزورها السياح بعدما كانت سابقاً سجناً معزولاً".

ويروي الناشط الجزائري "كابريرا تقع بعد المياه الإقليمية الجزائرية وفي عمق المياه الإقليمية الإسبانية. أعتقد حتى وزارة الخارجية في إسبانيا تحاول استغلال هذه الورقة على أمل تحصيل مزاياً اقتصادية مع السلطة الجزائرية الجديدة".

ويتابع "قبل فترة أثارت البرلمانية الإسبانية ما سمته تحول كابريرا إلى شبه جزيرة جزائرية في إشارة إلى وصول عدد كبير من المهاجرين السريين إليها عبر قوارب بحرية. لكن حتى هؤلاء المهاجرين يقصدونها خطأ، اعتقاداً منهم أنها جزيرة مايوركا".

ومن الشائع حتى عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تنطلق قواربهم من مناطق الوسط (دلس في محافظة بومرداس أوتيبازة)، تكون وجهتهم في العادة جزر الباليار الإسبانية لقربها من الساحل الجزائري، لذلك يمكن تصنيف هذا "التصعيد" الإسباني ضمن سياسات تتخذها مدريد في العادة مع الجارة الجنوبية لفرض رقابة أكبر على الشريط الساحلي الذي يمتد على مسافة 1600 كيلومتر من الشرق إلى الغرب.

الحدود البحرية الجزائرية-التونسية

بعد مفاوضات طويلة بدأت عام 1995، وانتهت في عام 2011 بتوقيع الأتفاق بين وزراء الخارجية، أصدر عبد العزيز بوتفليقة في اكتوبر 2013 مرسوم يقضي بالتصديق على الحدود الحرية بين تونس والجزائر.

وتضمنت الاتفاقية تسعة مواد تتعلق بتحديد إحداثيات ووضع خطوط مائية افتراضية، تمتد بين مدينتي طبرقة التونسية والطارف الجزائرية المطلتين على البحر الأبيض المتوسط.

وتنص الاتفاقية أيضا على تبادل المعلومات طالما التنقيب لاستكشاف أواستثمار الموارد الطبيعية على مقربة من خط الحدود البحرية، وفي حال إمكانية استثمار هذه الموارد كلياً أوجزئياً انطلاقاً من الجانب الآخر لخط الحدود، يضبط الطرفان باتفاق مشهجر الترتيبات المتعلقة بذلك.

وتطرقت الاتفاقية ذاتها إلى تسوية جميع خلاف ينشأ بين الطرفين بخصوص تفسير هذه الاتفاقية، أوتطبيقها عن طريق المفاوضات، مبرزة أنه إذا تعذر ذلك يتم اللجوء إلى أية طريقة سلمية أخرى يقبلها الطرفان وفقاً للقانون الدولي.

وكان وزير الخارجية الجزائري السابق مراد مدلسي قد صرح بأن هذه الاتفاية التي صادق عليها البرلمان في شهر يناير الماضي تعد "أول اتفاقية تبرمها الجزائر مع دولة مجاورة في مجال ضبط حدودها البحرية، كما تعد "خطوة مرحلية ستتبعها خطوات مماثلة مع دول أخرى، ومنها المغرب".

وجدير بالذكر حتى كلا من تونس والجزائر سقطتا، عام 1983، اتفاقية لترسيم حدودهما البرية المشهجرة التي تمتد بطول 965 كم.

المراجع