أمام تفاقم الأزمة والتراجع الحاد للثقة في البرلمان: استقـالـة الغنــوشي خطوة في الاتجاه الصحيح


أوسع وشفافية أكبر وازدهارا اقتصاديا واجتماعيا لجموع التونسيات والتونسيين..

بعد عشر سنوات تحولت جلّ هذه الآمال والأحلام إلى خيبات أمل بل وإلى يأس من قدرة الانتقال الديمقراطي على تحقيق الحدّ الأدنى المطلوب لاستقرار البلاد وتقدمها، ولقد ازدادت خيبة الأمل هذه خلال هذه السنة الأخيرة بحكم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي زادتها أزمة الكوفيد 19 تفاقما ونتيجة للأداء السياسي السيء لمجلس نواب الشعب وغلبة الصراعات فيه وصولا إلى التبجح بالخطاب الظلامي وبتحول العنف اللفظي إلى اعتداءات جسدية بما يجعل عددا متزايدا من التونسيين يحملون هذا البرلمان وكتله الحاكمة الوزر الأعظم للازمة العامة في البلاد ..

ونحن نلاحظ الآن تكاثر الدعوات لحل البرلمان ولحث رئيس الدولة على الإقدام على ذلك بالاعتماد على قراءة مبتورة للفصل 80 من الدستور المتعلق بالخطر الداهم ..بل ويذهب بعضهم – وهم من نخبة البلاد – إلى دعوة رئيس الجمهورية لوضع الدستور بين قوسين وحلّ البرلمان وتغيير القوانين الأساسية التي تحكم العملية الانتخابية ثم الدعوة إلى الانتخابات تشريعية جديدة، وفيهم من يرى ضرورة تغيير النظام السياسي وتوحيد السلطة التنفيذية تحت إشراف رئيس الدولة ودعوة الشعب إلى الاستفتاء على هذه التعديلات الدستورية الجوهرية ثم إجراء انتخابات تشريعية وفق هذا النظام الجديد..

ولكن قبل فتح هذا الباب بكل المخاطر الظاهرة والخفية ألا يحق لنا التفكير في حلول أخرى لبداية الخروج من هذه الأزمة دون أن نربك المؤسسات الديمقراطية ودون أن نعوض إرادة الناخبين بما يبدو لنا انه إرادة الشعب اليوم ؟
إن المسؤولية تقتضي منا جميعا أن نسعى الى تجاوز أفضل لهذه الأزمة الخانقة دون أن ندخل في مغامرات غير مضمونة العواقب ..

في السياسة ، كما في كل شيء ، الأساسي هو انطباع الناس وتمثلاتهم حول موضوع ما والواضح هنا منذ اليوم الأول لهذه العهدة البرلمانية الجديدة أن هناك مشكلا كبيرا في حوكمة المجلس وأن أهم عنصر تأزيم فيها هو انتخاب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على كرسي رئاسة البرلمان اثر تحالف انتهازي مع قلب تونس وترضية لتيار متطرف : ائتلاف الكرامة وما زاد الطين بلّة أن راشد الغنوشي شخصية جدالية وخلافية إلى أقصى حدّ بينما المفترض في رئيس(ة) المجلس أن يـ(ت)كون شخصية مجمعة تتعالى عن الصراعات الإيديولوجية والحزبية وان تكون ميسِّرة لعمل المجلس لا معطلة له ..

نعتقد أن الوقت قد حان لكي يغادر راشد الغنوشي رئاسة المجلس من تلقاء نفسه وأن تتوافق جلّ الكتل على شخصية وفاقية من خارج الكتل المتصارعة اليوم تحت قبة باردو وأن يصاحب هذا الاتفاق على تغيير الرئاسة اتفاق آخر على حوكمة العمل وسير الجلسات العامة وإصدار ميثاق أخلاقي يضبط حدود التعامل بين النواب والكتل وهياكل مجلس نواب الشعب .
لسنا ندري هل سيكون بإمكان مجلس نواب الشعب ورئيسه الحالي الإقدام على هذه التغييرات الهامة في رئاسته وفي طريقة عمله أم لا ، ولكننا نعتقد ان هذه التغييرات – لو حصلت –ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح وستسمح بخفض منسوب الاحتقان داخل المجلس وخارجه حتى نرى أن مشاكل البلاد الأساسية كالمديونية والإصلاحات الهيكلية وعودة النمو

وغيرها لا تتعلق أساسا بأداء مجلس النواب بل بعدم توافق جلّ القوى الفاعلة في البلاد على نهج إصلاحي موحد..وان الحلّ الحقيقي لا يكمن في حلّ المؤسسات المنتخبة بل في جرأة الإصلاح وعمقه واستعداد المجتمع لهذا البناء الجماعي.. هذا لو أردنا ألا يهدم البيت على كل ساكنيه ..

تاريخ الخبر: 2020-12-10 11:17:45
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

المغرب – فرنسا: فتاح تدعو إلى أشكال تعاون جديدة تستشرف المستقبل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 00:25:37
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية