نبيء المرحمة: يا رسول الله اعْفُ عنه وأصفح (2)


"وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا" آل عمران: 186، وقال الله: "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ" البقرة: 109، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول صلى الله عليه وسلم بدراً فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد تُوجِّه (ظهر فلا مطمع في إزالته)، فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإِسلام فأسلموا" رواه البخاري .

قال القاضي عياض: "وتسليم النبىء صلى الله عليه وسلم عليهم ووقوفه ثم نزوله كما جاء في الحديث، ودعاؤهم إلى الله سبحانه، وتلاوته عليهم القرآن، كل ذلك استئلافاً لهم، وطمعاً في إسلامهم، وتبليغاً لما أمره الله تعالى به من ذلك. وفيه من الصبر على الأذى والحلم والإغضاء ما كان من خُلُقه صلى الله عليه وسلم وأدب الله تعالى له بقوله: "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُون" المزمل: 10"فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَح" المائدة: 13 .. وقد قيل: إن ابن أبي لم يكن حينئذ بعد إلا ّعلى شركه، لم يظهر الإسلام بعد، وهو دليل لفظ الحديث ومساقه، ولقوله: "لاتؤذنا به" يعنى: القرآن .. وقوله: "فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم": أي يسكنهم ويسهل الأمر بينهم".

وقال ابن بطال: "قال المهلب: وقد كان عليه السلام يستألف بالمال، فضلا عن التحية والكلمة الطيبة، ومن استئلافة أنه كنَّاه أي: كنى عبد الله بن أبي عند سعد بن عبادة، فقال له سعد: اعف عنه واصفح. أي: لا تناصبه العداوة، كل هذا رجاء أن يراجع الإسلام".

لقد كانت المواجهة الأولى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ابن أُبَيّ ـ زعيم المنافقين ـ والمشركين واليهود في المدينة المنورة في هذا الموقف المذكور، وقد صبر وحلم النبي صلى الله عليه وسلم على إيذائهم له، وعفا عنهم، ولو أنه صلى الله عليه وسلم لم يعف عنهم، وترك الأمر لعواطف وغضب أصحابه ـ وقد كان غضبهم لله ورسوله ـ لوقع القتال، مع ما فيه من مخاطر على المسلمين وعلى دولة الإسلام الجديدة التي كانت في مراحلها التأسيسية الأولى .

إن عبد الله بن أُبَيّ بن سلول لم يتأذّ من الغبار، ولم يُخَمِّر أنفه من أذاه، فهو من بيئة ليس غريباً عليها الغبار، لكنه خمَّر عقله وقلبه عن نور النبوة والإسلام، ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم حقداً وحسداً، لأنه كان سيصبح زعيماً على المدينة المنورة فزال عنه ذلك، كحال اليهود تماما، لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ـ حسداً واستكباراً ـ لأنهم كانوا يتطلعون أن يكون نبي آخر الزمان منهم، فحملهم الحقد والجحود والاستكبار على عدم الإيمان به، قال الله تعالى: "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" البقرة:109، قال ابن كثير: "مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ} من بعد ما تبين لهم أن محمداً رسول الله يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حسداً وبغياً، إذْ كان من غيرهم".. ومع علمه صلى الله عليه وسلم بحقدهم ومكرهم فقد صبر عليهم وعفا عنهم، حتى جاء الإذن الإلهي بإجلاء اليهود عن المدينة المنورة، ومعاقبة ناقضي العهد منهم، ولذلك قال أسامة بن زيد رضي الله عنه: "وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَأْوَّلُ العفوَ ما أمَرَه اللهُ به، حتى أَذِنَ اللهُ

فيهم".

تاريخ الخبر: 2021-04-23 14:16:54
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

بوطويل وسليم يتطلعان لبلوغ نهائي دوري أبطال أفريقيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:28
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

بوطويل وسليم يتطلعان لبلوغ نهائي دوري أبطال أفريقيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:25
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:57
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:35
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

أخنوش يحسم الجدل بخصوص التعديل الحكومي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 15:26:58
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية