رغم ظروف جائحة كورونا التى يمر بها العالم منذ عامين، إلا أن عام ٢٠٢١ شهد زخمًا ثقافيًا ملحوظًا، ولم تتوقف قطاعات وزارة الثقافة والعديد من دور النشر عن إصدار العديد من الكتب والروايات والمجموعات القصصية ودواوين الشعر، بالإضافة إلى ترجمات مختلفة، ما أثرى المشهد الثقافى بشكل ملحوظ.

ومع انتهاء ٢٠٢١، حرصت «الدستور» على إجراء استفتاء لأهم الأعمال الأدبية التى قرأها عدد من الكتّاب والمثقفين خلال العام، مع الكشف عن حيثيات ذلك الاختيار وأسباب تميز تلك الأعمال التى تم اختيارها.

ضحى عاصى:«همس العقرب» و«عودة عوليس»

أشارت الكاتبة عضو مجلس النواب، ضحى عاصى، إلى أن إصدارات عام ٢٠٢١ وإن كانت أقل من الأعوام السابقة، نظرًا لظروف جائحة كورونا، إلا أن إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب كانت حدثًا عظيمًا، فى ظل المشاركة الواسعة من دور النشر، متوقعة أن يشهد عام ٢٠٢٢ زخمًا كبيرًا وأن يضم «تحويشة» العامين الماضيين.

وأوضحت أن قراءتها اختلفت فى عام ٢٠٢١، بحكم كونها أصبحت نائبة فى البرلمان، لذا أصبحت قراءاتها الأدبية أقل من المعتاد، لافتة إلى أنها حرصت رغم ذلك على قراءة بعض أعمال الأصدقاء والكتّاب المتميزين.

وأضافت: قرأت عدة روايات، مثل رواية «همس العقرب» لمحمد توفيق، الصادرة عن دار العين، و«عودة عوليس» لشريف العصفورى عن مركز المحروسة، و«أنا ذئب كان» لمحمد رفيع عن بتانة للنشر، و«شارع نوبار» لشريف عارف، و«يعقوب» للدكتور محمد عفيفى عن دار الشروق، و«بالحبر الأزرق» لهشام الخشن عن الدار المصرية اللبنانية، إلى جانب عدة أعمال غير أدبية، مثل الأعمال التى تدور حول البرلمان المصرى. وأوضحت أن جميع الأعمال التى قرأتها خلال العام أسهم فى توسيع آفاقها لتتعرف على أطروحات وأفكار مختلفة، إذ قدم جميع الكتّاب نصوصًا مبدعة، لأن لكل كاتب أسلوبه الخاص، مؤكدة أنها استمتعت بكل النصوص، رغم أن هناك من بينها ما يختلف مع أفكارها، لكنها تتعامل مع أى نص أدبى على أنه عمل يُحترم، خاصة إذا كان كاتبه متمكنًا من أدواته. 

نورا ناجى: «جنازة السيدة البيضاء» و«ماكيت القاهرة»

الكاتبة الروائية نورا ناجى قالت إن هناك ٣ أعمال أدبية كانت الأكثر تميزًا فى قراءتها خلال عام ٢٠٢١. وأضافت: «على رأس الأعمال المتميزة التى قرأتها يأتى (إخضاع الكلب) لأحمد الفخرانى»، مشيرة إلى أنها رواية مكثفة رغم صغر حجمها، وتعتبر بمثابة ورشة مصغرة عن كيفية كتابة الفقرة، إذ إن بها جزءًا تعليميًا على مستوى تقنيات الكتابة.

وأوضحت أن ما خفى فى «إخضاع الكلب» أكثر مما ظهر، إذ تجعل القارئ يفكر كثيرًا فى التفاصيل، معربة عن إعجابها بموضوع الراوى غير الموثوق فيه، إذ طرح فى الرواية بشكل مبتكر، فحتى نصف الرواية يشك القارئ فيما يقوله الكاتب أو الراوى، ويبدأ حينها فى التركيز والتفكير، كما أن الرواية مليئة بالألاعيب النفسية. وأشارت إلى أن العمل الثانى الأكثر تميزًا كان رواية «جنازة السيدة البيضاء» للكاتب عادل عصمت، لافتة إلى أنه يستكمل ما بدأه فى روايته «الوصايا»، وذلك بتناول قصص عن شخصيات تبدو حقيقية، لكنها تحمل دراما الحياة وتأملاتها، مثل قصة الحياة والموت التى تناولها الكاتب بشكل بسيط وسلس ومؤثر وقوى. وأضافت أنها تأثرت كثيرًا بتلك الرواية، ففى بدايتها تعرف البطلة أنها ستموت، كما أن أحداثها تدور فى يوم واحد، وما أثار إعجابها استدعاء قصة المقبرة العائلية، وكيف يختار الإنسان موته أكثر من حياته. وتابعت: رواية «ماكيت القاهرة» للكاتب طارق إمام تعد من الأعمال المهمة التى صدرت فى عام ٢٠٢١، فهى رواية شاملة، تضم الرمزية التى تجعل القارئ يفكر فى أسئلة كثيرة والتابوهات حول السياسة والدين والحياة، وفى نفس الوقت هى رواية ممتعة، من حيث تتبع مصائر أبطالها وماذا حدث لهم.

عادل عصمت:«إخضاع الكلب» و«تيار الوعى»

قال الكاتب عادل عصمت إن أهم الأعمال التى قرأها خلال عام ٢٠٢١، من وجهة نظره، كانت رواية «إخضاع الكلب» للكاتب أحمد الفخرانى، معتبرًا أنها تعد من أهم الروايات التى صدرت خلال العام، من حيث لغتها الممتازة، كما أن الروائى كان قادرًا على التحكم فى أدواته وموضوع روايته.

وأوضح أن العمل الثانى الذى أثار اهتمامه كان كتاب «تيار الوعى فى الرواية الحديثة»، من تأليف روبرت همفرى، وترجمة محمود الربيعى، مشيرًا إلى أنه كتاب قديم لكنه يرجع إليه دائمًا، لأنه كتاب مهم جدًا لأى باحث.

وأشار إلى أن «المخلص دومًا فنسنت.. الجواهر من رسائل فان جوخ» يعد من الكتب المهمة جدًا التى قرأها خلال العام، خاصة أنه يعتبر فان جوخ رفيقًا دائمًا له، ويعطيه شحنة إيجابية فى الحياة بشكل عام.

إبراهيم داود:تاريخ «الإنفلونزا العظمى» ومذكرات محمد سلماوى

أكد الشاعر إبراهيم داود أنه يحرص دائمًا على التنوع فى قراءاته ولا يكتفى بمجال معين، فيقرأ فى العلم والتاريخ والأدب والشعر، ومن بين أهم الأعمال الأدبية التى قرأها فى ٢٠٢١ يأتى كتاب «الإنفلونزا العظمى» الصادر عن دار «ذات السلاسل» فى الكويت، وهو عمل مترجم لإيهاب عبدالحميد، ومن تأليف الأمريكى جون م. بارى، ويكشف عن التأثير العميق للجائحة، وذلك على مدار التاريخ. 

أما الكتاب الثانى فهو «مذكرات بونويل» للمخرج الإسبانى لويس بونويل، الذى يعد أحد رواد السيريالية فى السينما العالمية، ويتطرق المخرج خلال صفحات الكتاب إلى حياته فى الطفولة والشباب، والعجائب التى انعكست على أعماله السينمائية، كما يسرد مرحلة العجز، خاصة أن والدته عانت من فقدان الذاكرة، مسلطًا الضوء على كيف يمكن أن يعيش الإنسان فاقدًا ذاكرته، مشيرًا إلى أنه يستمتع بكتب المذكرات بشكل عام.

الكتاب الثالث هو «معجم تاريخ مصر» من تأليف جوان فوتشر كينج، وترجمة الدكتور عنان على الشهاوى، ويركز هذا المعجم التاريخى على مصر منذ الفتح الإسلامى، ويضم ٦٢٥ مدخلًا، تبدأ من الفتح الإسلامى لمصر حتى نهاية عصر الرئيس السادات، وتتوزع مواده على أهم الشخصيات السياسية والتاريخية والاجتماعية ومن لعبوا أدوارًا ثقافية بارزة، كما يتناول الأحداث التى مرت بالبلاد من غزوات وحروب وثورات وانتصارات وانكسارات، ويعرض للاتفاقيات والأحزاب السياسية والجمعيات وخطط الزراعة والتصنيع والتعليم والدساتير والاتحادات والأسر الحاكمة والولاة والوزراء، والمؤتمرات والمؤسسات والمباحثات والمجالس والمعاهدات. 

وأضاف «داود» أنه قرأ أيضًا مذكرات محمد سلماوى بجزءيها «يوم أو بعض يوم» و«العصف والريحان»، معربًا عن إعجابه الشديد بها واستمتاعه بما تحتويه من أحداث وكواليس عديدة.

رضا عطية: «صدى الذاكرة» و«حين أردت أن أنقذ العالم» 

أوضح الناقد الدكتور رضا عطية أن أهم ٣ كتب قرأها فى ٢٠٢١ هى «صدى الذاكرة» للدكتور صلاح فضل، لأنه يضم فصولًا من سيرته الذاتية، وبوعى فلسفى يطرح رؤية للعالم من خلال تجاربه الواسعة خارج مصر وداخلها، ويقدم الكتاب فى فصله الثانى طرح رؤى حول الشعر بأفق متسع يتجاوز الصراع بين الأنواع الشعرية، أما فى فصله الثالث فيقدم شهادته حول الجهود التى بذلها المثقفون مع مؤسسة الأزهر للوصول إلى وثيقة تكفل حرية الإبداع. 

أما العمل الثانى فهو ديوان «حين أردت أن أنقذ العالم» للشاعرة جيهان عمر، مشيرًا إلى أنه أحد النماذج الناصعة والمختلفة فى قصيدة النثر المصرية، ويتميز بجدة فى صوره الشعرية وكثافة لغوية محملة بنسق من الرؤى الوجودية، ولقصائده إيقاع نفسى متزن. وأضاف أن العمل الثالت هو رواية «المحبوبات» للكاتبة العراقية عالية ممدوح، فهى من بين أبرز كتّاب الرواية العربية حاليًا، وتعد صوتًا مهمًا فى تمثيل المأساة العراقية عبر تاريخ ممتد، وكذلك التعبير عن الشتات العراقى للعراقيين فى المنافى.

محمد سليم شوشة:«جماليات الحضور الفرعونى عند نجيب محفوظ»

قال الدكتور محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربى بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، إن أهم ٣ كتب قرأها فى ٢٠٢١ هى رواية «رصاصة فى الرأس» لإبراهيم عيسى، وهى من أهم الأعمال الأدبية التى تواجه وتجابه الرجعية الدينية والجماعات الظلامية مواجهة حاسمة وتفكيكية لأفكارها وأسسها النظرية، بالإضافة لكونها ذات مقومات أدبية وجمالية عديدة، وتتناول الإرهاب والحوادث الكبرى مثل مقتل الشيخ الذهبى، هى رواية ثرية معرفيًا ومشوقة وممتعة برغم كونها تتأسس على حادثة تاريخية مأساوية. 

أما الكتاب الثانى فهو «جماليات الحضور الفرعونى فى روايات نجيب محفوظ» للدكتور محمد حسن عبدالله، الذى يمثل قراءة جديدة فى أدب نجيب محفوظ، بها أبعاد تأويلية مختلفة عما ساد فى نقد نجيب محفوظ، وكذلك لكون هذه الدراسة تزامنت فى صدورها مع مناسبات كبرى ترتبط بالتاريخ الفرعونى، مثل احتفالية نقل المومياوات، وهو كتاب نقدى ثرى ومهم وجدير بالقراءة الموسعة مصريًا وعربيًا. 

وأضاف أن الكتاب الثالث هو «أعوام نجيب محفوظ: البدايات والنهايات» لمحمد شعير، وهو كتاب استكشف نصوصًا جديدة ينشرها لأول مرة وهو مخطوط «الأعوام» لأديب نوبل، وهو واحد من الأعمال النادرة التى كشفت عن عمق علاقة نجيب محفوظ بعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، كما أن الكتاب مهم فى تاريخ الأدب، ويكشف عن أمور عدة تتعلق بنشأة محفوظ وطفولته والسياق الاجتماعى والمعرفى والثقافى الذى مهد لتجربته. 

سيد ضيف الله:«سبيل الغارق» و«أولاد الناس» و«عقلانية جابر عصفور» 

كشف الناقد الأدبى الدكتور سيد إسماعيل ضيف الله عن أن قراءاته أصبحت شبه منظمة، موضحًا: «اتضح لى أن متابعة كل جديد من أجل إجراء مراجعات شبه أسبوعية عن الكتب ليست مهمتى الأساسية التى حددتها لنفسى، وأظن أننى لا أقرأ كثيرًا الآن لكنى أقرأ بعمق وبهدف التفاعل الفكرى والإنسانى مع النصوص التى أخصص لها قسطًا من عمرى». وأضاف: «انشغلت هذا العام بكتابات المرأة المصرية، فقرأت لريم بسيونى (سبيل االغارق) و(أولاد الناس) وبدأت فى رواية (القطائع)، وأظن أن ريم بسيونى بجديتها فى التعامل مع فن الرواية، سواء على مستوى الأفكار أو اللغة والتشكيل، تفرض على الناقد أن يتعامل معها بنفس الجدية، وهو مستوى لا تتحمله الصحافة الثقافية فيما تقدمه من مراجعات سريعة للكتب». 

وأضاف: «على مستوى الكتب الفكرية والنقدية أظن أنه لا يمر عام دون أن أكون قد قرأت فيه كتابًا للناقد الكبير جابر عصفور، شفاه الله، سواء كان حديث الصدور أو من كتبه القديمة لأنه قادر على تحفيز عقلى نقديًا بشكل مثمر، وقرأت هذا العام كتابه عن العقلانية، وما خلصت منه بعد القراءة هو أن عصفور، المثقف الإصلاحى التنويرى، لديه مشروعه الثقافى الذى لن يستطيع السياق السياسى، الذى تعايش معه، أن يتحمله إذ إنه كان امتدادًا، بل وصياغة أوضح وأكثر حداثة من مشروع طه حسين نفسه الأب الروحى الذى ينتمى له». 

ياسر عبداللطيف:«دوار أحاسيس» و«الوداع فى مثلث صغير»

أكد الكاتب ياسر عبداللطيف أن كتاب «دوار أحاسيس»، للكاتب الألمانى ف. ج. زيبالد، من ترجمة أحمد فاروق، هو من أفضل ما قرأ فى ٢٠٢١، موضحًا أن الكتاب يمكن اعتباره رحلة أدبية فى عوالم اثنين من أهم الكُتاب الأوروبيين، وهما ستاندال وفرانس كافكا، إضافة لرحلة حقيقية يقوم بها المؤلف بنفسه إلى البلدة التى وُلِد بها فى الريف الألمانى، وهو الذى عاش معظم عمره فى إنجلترا التى عمل أستاذًا للأدب بجامعاتها.

وأوضح أن المؤلف يتماس بالأخص مع كافكا، ويزور منطقةً على الحدود النمساوية الإيطالية كان قد زارها كافكا بصفته الوظيفية فى مطلع القرن العشرين، ويُطالع تجليات تلك الرحلة فى كتابات الأديب الكبير، وتظهر بين ثنايا السرد إشارات تبدو خفية حينًا وواضحة حينًا آخر لتفاصيل وشخصيات من عوالم ذلك الكاتب الغامضة.

وأضاف: «فى الشعر كان أفضل ما قرأت ديوان (الوداع فى مثلث صغير)، وهو الديوان السابع للشاعر المصرى المقيم فى إسبانيا أحمد يمانى، وقد صدر الديوان فى طبعتين، مصرية وعربية».

وتابع: «يواصل (يمانى) فى هذا الكتاب حفر المجرى الشعرى الذى بدأه عام ١٩٩٥ بديوانه (شوارع الأبيض والأسود)، فى قصائد نثر تتأرجح بين السرد الحكائى والغنائية، وتراوح بين مكان النشأة الأولى وعوالم المهجر، مع تجربة جديدة فى صنع أساطير شخصية صغيرة، تتماس مع تراث شعرى إنسانى متسع، وأكمل: «من القراءات اللطيفة أيضًا كتاب (روح الفراشة)، سيرة الملاكم الأمريكى المحبوب محمد على كلاى، كما أملاها على ابنته، ويستند العنوان إلى جملة (كلاى) الشهيرة التى كان يعتمدها منهجًا فى ممارسته للّعبة العنيفة (أرقص كفراشة وألدغ كنحلة)».