كيف يمكننا توديع عام 2021م يا ترى؟ البعض منا قد ودعه بكثير من الخسائر والفقد، والبعض الآخر قد يكون حقق نجاحات ووُفِق في مساعيه في الحياة، وهناك من سار عامه بشكل رتيب من دون تغيّر أو تغيير، هذه التساؤلات داهمتني وحركت شهيتي للتأمل بعد سؤال خاطف من صديقتي المقربة، حيث سألتني عن مخططاتي للعام الجديد، وهل حققت ما تمنيت في العام المنصرم؟

هذا السؤال مع بساطته وتكراره كل عام إلا أنه بالنسبة لكاتبة مثلي يأتي مدججاً بالكثير من المشاعر، فلقد نشأت وأنا أكتب، أكتب مشاعري العاشقة والغاضبة، أكتب انكساراتي وانتصاراتي، أكتب وهاجس يلح علي لأترك أثراً بعد رحيلي، أكتب من أجل التغيير والتأثير، من أجل الحب والسلام، فالكتابة تصف الناس بأفضل مما هم عليه. لنتفق بداية على أن هناك اختلافاً حول مفهوم الكتابة والكاتب، فهناك كاتب شغوف ينفث روح الحياة فيما يكتب، فهو تعبير عن الرؤى الشخصية، وما تحتويه من انفعالات، وما تكشف عنه من حساسية خاصة تجاه التجارب الإنسانية. والأكيد أن الكتابة هي مخرج ومتنفس للتعبير، وهي حاجز ضد ما يحيط بنا من إحباطات وألم، فالكاتب من وجهة نظري يمتلك قوتين إبداعيتين هما: الوعي والتخيل، ومتى ما نفذ الكاتب إليهما يحقق هنا شروط الإبداع.

مثلاً التخيل صنع لنا شخصيات، أمثال: دونكيشوت، وفرانكشتاين، ونموذج فاوست، وهذه الشخصيات مهما اختلفنا معها سواء بالسلب والإيجاب إلا أن من صنعها هو خيال كاتب عظيم استنطق ما ورائيات العقل. فهي تمرد على كل فكر مدجن مُجهّل، هي انقلاب على ضبابية الواقع، فالكاتب يضع أمامه الشخصية أو الموقف تحت مكبر يكبرها عشرات المرات ثم يختزلها بصيغات معينة ويجمعها مع بعض ثم يكون قد صنع النموذج. فالكاتب من مهامه رصد المجتمع والظروف والسلوكيات، وغنى التجربة الحياتية تزود الكاتب بأفكار وقدرة على التحليل، والتأمل هو الذي يعد الكاتب ويدله نحو الحقيقة، وقد تخيلت سؤال صديقتي وكيف ستكون إجابتي عليها حيث عامي الماضي 2021م كان عاماً ممتلئاً بكل أنواع المشاعر مثل "حفلة شاي" بعد الظهيرة، حيث انطباعاتي مباشرة من كل ما حولي من البشر، والكتب، والمواقف الحزينة والسعيدة المكللة بنجاحات صغيرة أضفت على روحي السعادة.