لو أُقيمت مسابقة تشمل ربوع الوطن، للجهات والأفراد، بشأن الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا ومتحوّراته المتتابعة التي دوّخت العالم، لربّما حاز جائزتها الأولى -من وجهة نظري الشخصية- المساجد وأسراب المُصَلِّين.
نعم، المساجد وأسراب المُصَلِّين، رغم أنّ المساجد تكاد تكون الجهة الوحيدة التي يُسمح بالدخول فيها دون إبراز الناس لتطبيق «توكّلْنا» الذي يُبيّن الحالة الصحية لكلّ مواطن ومقيم، بسبب أعداد المساجد الكثيرة والتي تبلغ مئات الألوف، وصعوبة وضع حراسة عند أبوابها للتأكّد من التطبيق في الهاتف الجوّال لكلّ مُصلِّ، وبالطبع دون قياس درجة حرارة المُصلِّين التي هي أولى مؤشّرات الإصابة بالفيروس، مثلما يجري في الجهات الأخرى بصرامة محمودة، فما السبب يا تُرى؟.
أعتقد أنّه توفيق من ربِّ العالمين أولاً وأخيراً، وليس معنى هذا أنّ التوفيق لا يلازم رُوّاد الجهات الأخرى، فتوفيق الله ورحمته يسعان كلّ شيء، بل هي فقط طبيعة الصلاة التي يتوضّأ لها الإنسان، بما في الوضوء من خصال مُفيدة للروح وصحة الجسد خصوصاً للأيدي والوجوه الأكثر نقلاً للفيروس، وبما يصاحب الذهاب المتكرّر للمساجد من أذكار يحفظ الله بها النّاس من الشرور والأمراض والآفات، وبالتزام المُصلِّين المُدهِش بالتباعد الجسدي خلال الصلاة، وعند الدخول والخروج من المساجد، بلا إشراف من أحد، بل أنّ كثيراً من أهل الخير وفّروا في المساجد وعلى حسابهم الخاص كمّامات وسُجّادات بلاستيكية لمن يأتي إليها ناسياً لِبْس كمّامته واصطحاب سُجّادته، وترى المُصلِّين ملتزمين بذلك التزاماً عجيباً، وهم يعلمون جيّداً أنّ من يذهب للمساجد وقد أكل بصلاً أو ثوماً فسوف يؤذي المُصلِّين فما بال من يذهب إليها وهو قد خالط مُصاباً بفيروس كورونا أو شعر بأعراض المرض، ولعلّ هذه التقوى وتلك الحيطة هما السبب الرئيس لقلّة انتشار الفيروس بسبب المساجد.
مبروك للمساجد، بيوت الله في أرضه، ومبروك لحمائمها المواظبين على الصلاة فيها هذه الجائزة، وحفظ الله الوطن من كلّ مكروه، ومن مُسبّبات انتشار هذا الفيروس الخطير.
*نقلا عن المدينة
