أخبارنا المغربية- ياسين أوشن

قالت سندس صبري، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، إن "ظاهرة "الجنس مقابل النقط" أو "الابتزاز الجنسي"، التي تفجّرت في الأسابيع الأخيرة وبلغ مداها المؤسسة التشريعية والقضاء على حد سواء، (الظاهرة) أدانت من مختلف الجوانب مقترفيها، ولن تمس بسمعة الجامعاتٍ المغربيةٍ التي سوف تظل فضاءً للعلم ومرتعًا للمعرفة، وسوف يبقى أساتذتُها قدوةً للطلبة ونبراسَ القيم والأخلاق، لا كابوسًا يؤرق بال طالبات ذنبهن الوحيد اختيارهن الجامعة للتحصيل الدراسي والأكاديمي، ليجدن أنفسهن دون سابق إشعار بين مطرقة الانصياع لنزوات أستاذ شغله الشاغل الجنس مستغلا سلطته، وسندان مغادرة مدرجات الجامعة والبحث عن قِبلة أخرى يغيب عنها الابتزاز والانبطاح لسياسة الأمر الواقع".

وزادت صبري، في تصريح خصّت به موقع "أخبارنا"، أن "هذا التنديد الواسع سوف ينظف الجامعات المغربيات من الشوائب والطفيليات الدخيلة عليها"، مبرزة أن "الابتزاز الجنسي يمكن تصنيفه ضمن قائمة العنف المبني على النوع السائد داخل الجامعات".

أستاذة علم الاجتماع كشفت أن "الظاهرة ليست جديدة على الجامعات المغربية"، مستدلة على ذلك بـ"واقعة أكادير سنة 2009، التي ستبقى وصمة عار في جبين كل من خولت له نفسه الشطط في استعمال السلطة ضد الطلبة، لَمّا أجهز أستاذ جامعي على إحدى الطالبات التي كانت تحضر أطروحة الدكتوراه وأرداها قتيلة في حرمة المختبر"، مشيرة إلى أن "دمقرطة مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة سهّل استنكار هذه الممارسات المشينة".

وأضافت صبري أن "الجديد اليوم يكمن في دخول قانون حيز التنفيذ منذ 2018 عدد 13/130 المرتبط بالقضاء على العنف ضد النساء"، مسترسلة بالقول إنه "رغم ذلك، تعرضت زهاء 57 في المائة من النساء للعنف المبني على النوع سنة 2019، بل وتفاقمت نسبة العنف ضد النساء بوجود هذا القانون"، مقرة أن "هذه الإحصائيات حديثة العهد وتعود إلى أكتوبر من السنة المنصرمة"، موضحة أن "الوسط التربوي، كان مدرسيا أو جامعيا، يأتي في المرتبة الثانية لتفشي العنف ضد النساء بعد الوسط الزوجي حسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط".

ولم تفوت أستاذة السوسيولوجية الفرصة دون الحديث عن "المجهودات التي بذلتها وتبذلها الدولة في هذا الصدد"، مشددة على أن "آليتي 'الرقم الأخضر' و'خلايا الاستماع' اللتين وضعتهما وزارة التعليم العالي سوف لن تعطيا النتيجة المتوخاة منهما"، مستدلة على ذلك بـ"نتائج دراسة أجرتها هي نفسها أكدت أن الطلاب، ذكورا وإناثا، كانوا يتحدثون عن جميع أنواع العنف الذي يمارس عليهم عدا العنف الجنسي".

صبري أردفت، أيضا، أن "العنف الجنسي يصعب على 'الناجي من العنف' الحديث عنه، على اعتبار أنه يرى أن هذا الموضوع يدخل ضمن قائمة الطابوهات، والاعتراف بكونه ناجٍ سيضعه أمام سيل من الانتقادات وأحكام المجتمع التي لا ترحم، وبالتالي يتحول 'الناجي من العنف' من الضحية إلى المذنب؛ سواء كان ذكرا أو أنثى".

 وكشفت الأستاذة عينها أن "خلايا الاستماع غير مجدية ما دام يسيرها أساتذة، على اعتبار أن دفاع الأستاذ يعطي الأولوية لمصلحة زميله على حساب الطالب في المتخيل المجتمعي المشترك، وبالتالي فإن عنصر الثقة مفقود لدى هذا الأخير"، موردة أن "التحري في موضوع التحرش الجنسي داخل الجامعات ليس من مهام الأساتذة؛ بل من اختصاص الشرطة القضائية والنيابة العامة".

سندس صبري اقترحت لتجاوز هذه الآفة "خلق صلة وصل بين الخلايا المذكورة والشرطة القضائية والنيابة العامة"، داعية، في السياق نفسه، إلى "احترام مقاربة النوع داخل الخلايا نفسها؛ إذ يستحيل لطالبة أنثى الحديث مع أستاذ ذكر عن حميميتها، وبالتالي وجب إشراك الأستاذات ضمن هذه الخلايا".

كما دعت أستاذة علم الاجتماع إلى "تكوين المستمعين والمستمعات، لما تتطلبه عملية الاستماع من مهارات وكفايات مهنية"، مشددة على ضرورة "احترام مقاربة النوع"، مقترحة، في ختام تصريحها، "الاستعانة أيضا بالطلبة لتيسير العملية وإنجاحها على أمل القضاء على الظاهرة".