الدار/ تحليل: هل قطع بنكيران العلاقة مع التوحيد والإصلاح من باب التقيّة؟


الدار/ تحليل
تصريحات عبد الإله بنكيران التي أدلى بها في اللقاء الحزبي الأخير تضمنت الكثير من القفشات والنكات والطرائف، لكنها عكست أيضا كثيرا من جوانب الجدل الداخلي الذي يعيش حزب العدالة والتنمية على إيقاعه منذ الهزيمة الانتخابية القاصمة التي تعرض لها في اقتراع 8 شتنبر الماضي. لقد نزل الحزب من القمة إلى السفح في ليلة واحدة وتلقى ضربة سياسية تكاد تكون قاضية، وأكثر من تلك التي تعرضت لها أحزاب سياسية أخرى في الماضي تشبه تجربتها تجربة العدالة والتنمية في كثير من الجوانب. لقد أسهب بنكيران في اللقاء الذي تم تداوله مقاطعه المصورة في مناقشة الكثير من القضايا والنتائج التي تمخضت عنها الانتخابات الأخيرة محاولا تفسير الهزيمة وتقديم إجابات عمّا جرى في الماضي القريب والبعيد، مثلما هي عادته في الاستطراد والحديث بدون قيود.

لكن السؤال الأهم الذي طُرح في هذا اللقاء على عبد الإله بنكيران وأجاب عليه بقدر كبير من الذكاء وربما التّقية دونما مبالغة، هو ذلك الذي همّ علاقة حزب العدالة والتنمية بحركة التوحيد والإصلاح، وإمكانية عقد شراكة جديدة بينها وبين الحزب. الشخص الذي طرح هذا السؤال على عبد الإله بنكيران لم يكن صحفيا، وإنما هو أحد أعضاء الحزب، الذي يعبر بشكل أو آخر عن تيار سياسي واسع داخل حزب العدالة والتنمية يفسر الهزيمة التي تعرّض لها الحزب والانهيار الصارخ الذي عرفته شعبيته بفك الارتباط بين الحركة الدعوية التي كانت دائما تمثل خزانا للمرجعية الدينية الموجهة ولرصيد المناضلين والمتعاطفين والأتباع الأوفياء. هذه الرؤية هي التي تفسر إعادة طرح سؤال العلاقة بين الحركة الدعوية والحزب السياسي في تجربة العدالة والتنمية.

ومردّ هذا الطرح هو تصاعد دعوات إصلاحية وتصحيحية عقب الهزيمة الانتخابية من أجل الحسم نهائيا في هذه العلاقة وقطعها بشكل رسمي وعلني، وكان من دعاة هذه القطيعة المقنّنة عضو الكاتب الجهوي للحزب بجهة الرباط سلا ونائب رئيس المجلس الوطني عبد العالي حامي الدين. لقد قدم هذا النائب البرلماني السابق عن الحزب طرحا يعتقد أنه من الممكن أن ينقذ الحزب من نتائج الهزيمة ويعيد إليه شعبيته المهدورة، لكن صوته ظل مجرد قراءة شخصية داخل حزب لا يزال لم يتخلص بعد من جذوره الدينية والإسلاموية المعلنة والخفية. ولكن هل يقصد بنكيران فعلا ما قاله في تصريحه الأخير عندما أعلن رفضه عن عقد شراكة جديدة مع حركة التوحيد والإصلاح؟

من الصعب الوثوق بهذا التصريح الرسمي لقيادي يريد أن يجمع شتات حزب يسير في طريق قد تؤدي به إلى الانقسام أو الذوبان وربما العيش على هامش الصراع السياسي والانتخابي في المستقبل. لن نبالغ إذا قلنا إن ما ذكره بنكيران عن رفض هذه الشراكة لا يعدو أن يكون تقيّة سياسية معهودة لدى الأحزاب الإسلامية عامة، ولدى قيادات حزب العدالة والتنمية خاصة. إن إثارة السؤال وطريقة الجواب يؤكدان أن الشراكة التي يطالب بها بعض أعضاء الحزب قائمة بشكل غير معلن، ولم تنته أبدا. والدليل على ذلك هو أن ما تم إعلانه سابقا من قطيعة بين حركة التوحيد والإصلاح وإخراج أعضائها من قيادة الحزب لم ينهِ أبدا الجدل بخصوص هذه العلاقة ولم يمنع من إثارة هذا الموضوع بل والطلب في لقاء حزبي رسمي. استمرار الحديث عن شراكة بين الحركة والحزب دليل صارخ على أن العلاقة لا تزال قائمة، وأن بنكيران إنما يستغيث بالحركة الدعوية التي أفرزت جيلا عريضا من قيادات الحزب، من أجل إنقاذه ودعمه خصوصا أن رفع الدعم في الانتخابات الأخيرة كان على ما يبدو من بين الأسباب التي ساهمت في الهزيمة الانتخابية.

بعبارة أوضح إن استمرار الحديث عن حركة التوحيد والإصلاح بعد كل ما تم ادعاءه في السابق من قطيعة يؤكد بالملموس أن حزب العدالة والتنمية وقياداته الرسمية ومناضلوه والمتعاطفون معه يدركون أن لا رصيد سياسيا للحزب غير مرجعيته الدينية، وأن هذه المرجعية التي تمنحها له الحركة في شكل توجيهات وبرامج وربما حملات تعبئة سياسية في أوساط المتعاطفين لا يمكنه أن يستغني عنها في المستقبل من أجل استرجاع الشعبية التي خسرها خصوصا في أوساط الأتباع الذين كانوا محسوبين عليه تنظيميا ووجدانيا.

تاريخ الخبر: 2022-01-10 11:33:21
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

الأرصاد: استمرار فرص هطول الأمطار على بعض المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-19 06:23:57
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-19 06:24:00
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية