رئيس الحزب الليبرالي: على «قوى جوبا» دفع ثمن مساندتها للانقلاب


قال رئيس الحزب الليبرالي السوداني د. إبراهيم النجيب في حوار مع «التغيير» إنه يصعب التكهن بزمان سقوط البرهان، لكنه نوه إلى أن أيام بقاء الانقلابيين في السلطة قد انتهت.

التغيير – حوار فتح الرحمن حمودة

هل يكفي الحراك الحالي لانتزاع البلاد من قبضة الانقلاب، أم هناك حاجة لآليات وتدابير أخرى مساندة؟

لا يكفي الحراك وحده في انتزاع أي شيء، بالتأكيد هناك حاجة لمزيد من العمل والتجويد في الحياة العامة، كما يجب استخدام آليات تثوير تستصحب معها الناس في القرى والفرقان، المتعلم وغير المتعلم، ويجب الانتباه لعدم تجريم عرق أو قبيلة أو جهة ما، وأظن أن علينا جميعا بدلاً من الدعوات الكثيرة لتحسين السياسة والسياسيين والقدح في الأشخاص عبر الكلام،  أن نحتكم إلى منهج، وهنا أعني الديموقراطية والانتخابات والاعتماد على إنسان السودان في تحديد مصيره.

ما هي خريطة الطريق لتشكيل هياكل الحكم المدني ما بعد سقوط النظام الانقلابي؟

للأسف، مواثيق وإعلانات بعض القوى السياسية تحمل في طياتها عيوبًا كثيرة واستنساخاً لتجارب سابقة تم تجربتها في ثورتين سابقتين.

وأظن أنّ التأسيس الدستوري علي السلطة القضائية أولى لنا جميعاً من الجيش، بمعني أن يتم العمل والترتيب للانتقالية مع السلطة القضائية باعتبارها المؤسس للفترة الانتقالية لاستبعاد الجيش من العملية السياسية وإبقاء دوره محصوراً على الأمن والدفاع، لكن يجب التنبه لعدم تشكيل حكومة انتقالية لأمدٍ طويل كما يقترحها البعض بل يجب قصرها زمانها، وإقامة الانتخابات المحلية في فترة لا تتجاوز العام الواحد من سقوط البرهان.

لا أحد يستطيع بناء الوطن منفرداً

 هل هناك توافق وتنسيق سياسي قوي بين مكونات الثورة والتغيير في الوقت الحالي؟

لا، لا يوجد. معسكر المجلس المركزي يعمل بنفس الطريقة السابقة عندما كان منفرداً بقراره بعض الأشخاص. ومعسكر قحت الثانية يعمل بنفس طريقة الأول.

كيف تنظرون إلى مبادرة فولكر بيرتس والمبادرات الأخرى التي طرحت لطي ملف الأزمة السودانية؟

السيد بيرتس موظف أممي يهمه تقدمه في السلم الوظيفي، إذا نجحت مبادرة الأمم المتحدة ستكون من المبادرات القلائل التي حققت فيها الأمم المتحدة أي سلام أو حل سياسي. لكن هذا الأمر بعيد، أضف لذلك أن الأشخاص الذين أنتجوا هذا التعقيد السياسي هم نفس الأشخاص الذين يتفاوضون الآن عبره، ومن الثلاثة جوانب (العسكر، قحت 1، وقحت ٢).

ومن ناحية سياسية، فإن مبادرة فولكر تعقد المشهد الحالي بشكلٍ أكبر، وكي نتناولها من ناحية جودتها وظروفها فإن هنا حديث طويل يصعب الانتهاء منه خلال هذه الجلسة الحوارية.

 كيف تنظرون لشعارات للاءات لجان المقاومة الثلاث “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”؟

أتفهم الشعار الرافض لكل شيء من شباب اللجان، وأتفهم الظروف التي أنتجته، إذ يصعب الثقة في العسكر مرة أخرى وقد ولغوا في الدم أكثر من مرة.الذي يصعب على تفهمه هم السياسيين والنشطاء الذين يكيلون للجان المقاومة السباب بسبب هذا الشعار، فما الذي يتوقعه الصادق من النقاد من شباب يحلمون بدولة جديدة وحياة عصرية بوقتٍ تتكسر مقاديفهم كل يوم بواسطة جيش بلادهم. هل كنتم تنتظرون شعاراً أكثر تسامحاً أمام القاتل.

ما تقييمكم وتفسيركم لزيارات الوفدين الإسرائيلي والأمريكي إلى الخرطوم في ظل التطورات الحالية؟

واضح أن النظام ساعي لتثبيت أركانه باستخدام حلفائه الجدد في المنطقة، لكنهم ينسون أن المخلوع البشير سقط مباشرة بعد أن ذهب لروسيا وطلب حمايتها ونفذ طلباتها بزيارة دمشق.. البقاء بالسلطة يحتاج موافقة العموم لإرضاء البعيدين.

حل الأزمة يعتمد على رؤية تنهض على عدة مستويات

 ما هو دور قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي في ظل الحراك الحالي؟

على قوى المجلس المركزي الاعتذار عن فشلها السابق، وتنحية قادتها السابقين، حتى يمكنهم دعوة الناس من جديد لأي نشاط مشترك.

 هل من مخرج واضح وسهل للأزمة الحالية؟

  لا يوجد مثل هذا المخرج السهل، خاصة وأن الوضوح مستحيل في عصر الدوران.

ما هو مصير اتفاق سلام جوبا لسلام السودان حال سقوط انقلاب البرهان؟

الإجابة القصيرة على هذا السؤال هي أن المصير غير معروف.

والإجابة الأكثر شمولاً؟

الإجابة المطولة هي أن اتفاق جوبا تم بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح بولاية وضمانات دولية، وفي الغالب تحافظ عليه كل الأطراف بعد سقوط النظام، لكن لحركات جوبا إسهام مقدر في الوضع القائم الآن، ويجب عليها دفع ثمن مساندتها للانقلاب. للأسف هذا الثمن يحاولون القفز عليه بادعاء إنهم طرف ثالث وليس أول ولا ثانٍ في الوضع السياسي ككل، رغم أنهم نشطون فيه بشكل يومي ومباشر.

سوف يواصل اتفاق جوبا شكلياً.. لكن إجراءات بناء الثقة يجب أن تشمل الحركات المسلحة إذا كانت تطمح في حياة سياسية بعد الانتخابات، فلن يغفر الناس لها مشاركتها في دماء الأبرياء.

مبادرة فولكر بيرتس تزيد تعقيد المشهد السوداني

لنعود لسؤالنا عن المخرج من الأزمة؟

يمكن إجمال الرؤية في ثلاثة نقاط كبيرة. أولا الحل السياسي: وهذا في رؤيتنا يجب أن يستند علي تراضي واسع بين المكونات السياسية للبلاد، وهنا نقصد أن تحصل نوع من أنواع المساومة التي تنتهي بسلام دائم بين أطراف العملية السياسية، تنتهي فيها أشكال الانقلابات العسكرية والتراضي علي التحاكم إلى الصندوق مهما اختلفت وتباينت الرؤى، وهنا لا نعني المصالحة القائمة علي التحاصص الحزبي ولا القبلي والديني والجهوي وإنما نقصد التراضي علي الوسائل العلمية والمجربة واعتماد أنظمة إدارية تعلي من قيمة الدراسة في العمل والتطبيق، لا الفهلوة وصناعة الكلمات. نقصد العمل تجاه سيادة القانون وتخطيط الاقتصاد والتنمية بأسس علمية مؤطرة بالقوانين لا محاصصتها حسب المناطق والثقل القبلي وغيره. كذلك لا يمكن إهمال الحل السياسي بدون عدالة انتقالية تحقق للمفقودين والشهداء وأصحاب الحقوق حقهم وأول وأشد حق هو حق التذكر، أن نتذكر الذي ضحوا من أجل هذا الوطن بحياتهم، وأن تحرس القوانين والدساتير مطلبهم بأن تقف حاجزاً أمام أي تكرار للفعاليات التي تنتجها.

وبشأن الاقتصاد؟

 مسألة الاقتصاد طبعا غير مفصولة من كل هذا، وهنا يطول الحديث لكن دعني أؤكد ضرورة التوافق علي مدى ونوع التطور والتقدم الذي يقصده الجميع، فالعلو السياسي الفلسفي لاتجاه وحزب غير ضروري مقارنة بما يريده الناس من حياة كريمة، وهنا نقصد أن يكون المواطن وسبل الحياة الأفضل له هي المهمة لا رؤية السياسي لكيفية أن يعيش المواطن حياته.

ثم هناك جانب عملي وهو أن تعمل القوي السياسية بنوع من الوحدة في اتجاه صناعة الأساسيات التي يجب أن تقف عليها هذه الروئ السياسية التي يجب أن تنفذ بشكل فعال وسريع ومرن.

ومتى يمكن أن نصل لصندوق الاقتراع؟

يجب إجراء انتخابات في أسرع فرصة ممكنة بعد سقوط النظام حتى يستند النظام السياسي علي مشروعية واسعة من الرضا الشعبي والقانوني، ولتكن في الحد الأدنى انتخابات محلية تتيح حكما قاعديا دستوريا، وعلى كل الذين يخافون الانتخابات لكونها لن تأتي بهم أن يتجهزوا للانتخابات التي تليها، لأن الانتخابات متكررة وليست واحدة فقط كما يحاول أن يتعامل معها بعض الخصوم.

هل تجد دعوات الأمل في ظل هذا الوضع البيئس؟

يجب أن يخلق أفق سياسي نتراضي جميعنا عليه، ورغم سهولة ذلك إجرائيا فهو الأصعب من ناحية تنفيذية فإن صناعة الأمل صناعة مستحيلة.

وضمن حزمة الحلول المعتمدة على تقسيمات سياسية وقانونية ونوع من الدافعية ورغبتنا في تحريك بلادنا للأمام، وأن نتواضع ونتحلي بكثير من المسئولية ونكران الذات فلا أحد استطاع بناء وطن منفرداً.

تاريخ الخبر: 2022-01-31 12:52:00
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية