تنظيم الدولة الإسلامية: هل لا تزال الجماعة المتشددة تتمتع بالجاذبية؟

صدر الصورة، AFP

تتلاحق الأزمات في لبنان وتتعاظم التهديدات بسرعة قياسية.

وفي ظل الكارثة المعيشية التي يعيش الناس تحت وطأتها، يبدو الحديث عن تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان قبل بضعة أعوام فقط يعتبر مصدر التهديد الأكبر، وكأنه بحث في فصل من فصول التاريخ الحديث.

لكن الحديث عن تجنيد التنظيم لعناصر لبنانية عاد إلى المشهد العام في الأيام الأخيرة ليبدو وكأن خلية نائمة استيقظت في واقع البلاد وفي أذهان الناس.

ولكن هل فعلا نحن أمام تهديد أمني داهم قديم٬ جديد؟

بعض الوقائع

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

القوات العراقية قالت قبل أيام إنها قتلت مجموعة من عناصر تنظيم الدولة بينهم لبنانيون

أعلنت القوات الأمنية العراقية قبل أيام استهداف مجموعة قالت إنها تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة ديالى، مضيفة أنها قتلت أفراد المجموعة الذين تبيّن، بحسب تصريحات رسمية، أن ستة من بينهم لبنانيون يتحدرون من شمالي البلاد.

تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءة
مواضيع قد تهمك
  • سجن غويران: هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في الحسكة يقرع ناقوس الخطر
  • تنظيم الدولة الإسلامية "لا يزال نشطا ويمثل مصدر تهديد" – في الإندبندنت
  • تنظيم الدولة الإسلامية: ما هي "جماعة أنصار بيت المقدس" وما علاقتها بأحكام الإعدام التي صدرت في مصر؟
  • قصة الحظر الذي يتعرض له حزب الله في مختلف أنحاء العالم

مواضيع قد تهمك نهاية

أعيد بعد ذلك فتح ملف تنظيم الدولة الإسلامية في لبنان، في وقت اختلفت فيه قراءة السياقات التي رافقت خبر مقتل اللبنانيين الستة.

فقبل أيام من الإعلان العراقي كانت مصادر أمنية لبنانية قد سرّبت معلومات بأن ما بين أربعين وستين شابا من شمالي لبنان غادروا البلاد في الأشهر الأخيرة، بعضهم بصورة شرعية وآخرون بصورة غير شرعية، ليلتحقوا بالتنظيم الإسلامي المتشدد في العراق.

ماذا يعني هذا الرقم؟

بالنسبة للصحفي المتخصص بشؤون الجماعات الجهادية، رضوان مرتضى، هذا الرقم ليس عاديا.

إذ يرى مرتضى أنه وبينما لا يقارن هذا الرقم "بالمئات من اللبنانيين الذين التحقوا بالتنظيم في ذروة صعوده، لكنه أيضا مختلف عما شهدنهاه في الفترة الأخيرة التي تلت انهيار التنظيم". يبدو الأمر كما لو أن "هناك مرحلة تحضير جديدة"، يضيف مرتضى.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

شكل هجوم التنظيم على سجن غويران في الحسكة أجرأ هجوم له منذ خسارته عام 2019

يستند هذا التحليل أيضا إلى تطورات الأسبوعين الأخيرين، ولا سيّما عملية الهجوم على سجن غويران (الصناعة) في مدينة الحسكة السورية الذي يضم أشخاصا يشتبه في أنهم من قيادات التنظيم، فيما بدا وكأنه شرارة عودة التنظيم الى العمل والاستقطاب، بعد أن ساد انطباع بأنه انتهى.

  • 11 قتيلا من الجيش العراقي في هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية
  • هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في الحسكة يقرع ناقوس الخطر
  • بعد أربع سنوات من هزيمته، تنظيم الدولة الإسلامية يصعّد هجماته في العراق

يمضي الصحفي المتخصص بشؤون الجماعات الجهادية بالقول: "لا شك أن التنظيم، الذي تلقى عددا كبيرا من الضربات، يحاول إعادة بناء هيكليته. وبحسب استراتيجية التنظيم٬ فإن مرحلة ما يُسمى بالتمكين، تسبقها بالعادة مرحلة "هدم الأسوار"، وهي التي قد تُترجم بهجوم على سجن أو محاولة فرار لقيادات التنظيم من أحد السجون، ليقوموا بعدها بإعادة تموضعه".

تشابك سياقات

لكن تشابك الأحداث قد لا يكون كافيا وحده للخروج بخلاصات دامغة.

فبحسب د. نهلة الشهّال، رئيسة تحرير موقع السفير العربي، فإن التحاق عدد من الشبان اللبنانيين بتنظيم الدولة الإسلامية، "أمر محدود وظرفي، وإن كان خطيرا". إذ تضيف أن "هؤلاء بضعة شبان فقط في مدينة تضم نحو سبعمئة ألف شخص".

وتلفت الشهّال الى أن أهالي هؤلاء الشبان متديّنون ولكنهم غير متطرفين وأعلنوا صراحة أنهم ضد الإرهاب.

كما تشير إلى وجوب التوقف عند الظروف التي رافقت خروج هؤلاء الشبان من البلاد، ومن بينها ما حُكي عن اتصالات تلقاها هؤلاء تحثهم على الهروب لورود أسمائهم في ملفات أمنية وقضائية إضافة الى وجود من سهّل خروجهم ووصولهم الى العراق، بحسب قولها.

من هنا تعتبر الشهّال أنه "سيكون من المرعب والسخيف العودة الى شعار أن طرابلس هي قندهار لبنان وموئل للإرهاب".

ظروف بائسة

صدر الصورة، JOSEPH EID

التعليق على الصورة،

تعد مدينة طرابلس من أفقر المدن اللبنانية

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.

الحلقات

البودكاست نهاية

يبرز في هذا الإطار، السياق الاجتماعي لكل ما يدور في تلك المدينة.

فمن المعروف أن طرابلس هي من أفقر المدن اللبنانية وأنها تضم أحياء كثيرة تفيض بالبؤس، من بينها وادي النحلة الذي خرج منه عدد من الشبان الذين التحقوا بالتنظيم المتطرف في العراق.

فهؤلاء الشبان كانوا بمعظمهم عاطلين عن العمل ويعيشون في ظروف بائسة للغاية.

وترى الشهال أن "هذا هو أيضا حال الكثير من شبان المدينة الذي يرمون بأنفسهم في قوارب متهالكة للهروب من واقعهم البائس والذين لا يثيرون نفس المقدار من الإثارة التي نالها بضع شبان ذهبوا الى العراق وقُتلوا هناك".

وتضيف: "صحيح أن طرابلس فقيرة ومهملة ومهمّشة ولكن هناك مبالغة وتضخيم في قراءة ما حدث" مشيرة إلى أن الواقع معقد جدا، وأن هذا "ليس تبريرا لما حدث، ولكن هذا لا يسمح بالتعميم".

من المؤكد، بحسب الشهّال، أن هاجس الهروب من الواقع موجود وحقيقي في تلك المنطقة.

في هذه النقطة، تتقاطع القراءات.

إذ يقول مرتضى إن "العامل الأهم والأشد في دفع هؤلاء الشباب الى الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية هو عامل فقدان الأمل".

بحسبه، يريد هؤلاء الشباب "التمسك بأي خيط أمل يخرجهم بحسب رأيهم٬ من الجحيم الذين يعيشون فيه في لبنان".