بعد الجدل الذي أثارته تصريحات الممثل المصري حسن الرداد عن أمنيته العيش في السعودية لكونها "أصبحت بلد الفن"، لم تنطفئ جذوة السجال المشتعل بين الفنانين المصريين ونظرائهم السعوديين، حول ما اعتبره الأولون تقليلاً من شأن القاهرة التي تعد العاصمة التاريخية للفنون العربية. فيما زادت اشتعال السجال مناكفة بين الممثل المصري الكبير، محمد صبحي، والمستشار السعودي تركي آل شيخ، اعتبر السعوديون فيه أن تصريحات صبحي تحمل إهانة لبلاده.

وبين هذا وذاك، تعرف السعودية خلال السنوات الأخيرة طفرة في مجال الترفيه والفنون، أصبحت بفعلها قبلة لوجوه فنية عديدة من العالم العربي والعالم، كما تشق الطريق لتصبح إحدى الوجهات الترفيهية الرائدة في المنطقة، ساحبة البساط من تحت أقدام عواصمها التاريخية؛ بيروت والقاهرة.

سجال محتدم

تداولت وسائل الإعلام المصرية بداية الأسبوع تصريحات للممثل حسن رداد على هامش حفل "Joy awards" الذي استضافته العاصمة الرياض، قال فيها: "استقبال الناس هنا كله حب ودفا، الواحد لا يحس بالبرد، أنا أريد أعيش في السعودية بسبب هذا الحب كله، والنشاط الفني في الرياض أصبح مكان استراتيجي وتخرج منه أعمال فنية كبيرة".

تصريحات اعتبرها المصريون إهانة لبلادهم وتقليلاً من دورها التاريخي في الصناعة الفنية العربية، ما أشعل جدلاً كبيراً وضجة إعلامية، لدرجة تدخل فيها السفير السعودي بالقاهرة، أسامة بن أحمد نقلي، الذي كتب، قائلاً: "الحضور المصري الكبير للفنون و الثقافة في المهرجانات والفعاليات التي تُقيمها ⁧‫السعودية‬⁩، يحمل معه تقدير بلادي لريادة ⁧‫مصر‬⁩ في هذه المجالات، ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين التي تسودها المحبة في ظل روابط الدين واللغة وصلة الرحم".

لكن تلك التهدئة أصبحت بعيدة عن التحقق، خصوصاً بعد تصريحات الفنان محمد صبحي، الذي قال بأنه رفض عرضاً بـ"ملايين الدولارات" لتقديم عمل مسرحي على هامش موسم الرياض الترفيهي، ذلك لاعتراضه لأن يندرج فنه تحت خانة الترفيه. وأردف مستنكراً: "أنا لست مرفهاتي!".

وأثارت تصريحات صبحي استهجاناً سعودياً لما اعتبروه إهانة لبلادهم. وردَّ عليها رئيس هيئة الترفيه السعودية، الأمير تركي آل الشيخ، ساخراً بأنه "لا يعرف من هذا الذي عرض على صبحي ملايين الدولارات". كما وصف محمد صبحي بـ "المشخصاتي"، واستنكرت نقابة الفنانيين المصريين، التي ينتمي إليها صبحي، ما ورد على لسان آل الشيخ، مؤكدة في بيان نشرته: أن "الفنان محمد صبحي قيمة فنية كبيرة وأعماله جزء مهم من تاريخ الإبداع المصري ولا يمكن المساس بقيمته".

قفزة السعودية الترفيهية

هذا وتعرف المملكة السعودية قفزة نوعية في مجال الترفيه، وتطمح إلى أن تصبح وجهة عالمية بارزة له في المنطقة، ذلك ضمن برنامج تحرير اقتصادها من الاعتماد على البترول. الأمر الذي يخلق إقبالاً كبيراً على الاستثمار في الترفيه، حيث كشفت وزارة التجارة السعودية عن "تسجيل السجلات التجارية المصدرة لقطاع الترفيه والفنون في المملكة أكبر نسبة نمو لها خلال ست سنوات (2021/2015) بنسبة 906%".

وأوضحت الوزارة أن "الزيادة في قطاع الترفيه والفنون تأتي تحقيقاً لأهداف برامج رؤية المملكة 2030 وبرنامج تحسين جودة الحياة الذي اعتنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة وخلق الفرص الوظيفية وتنويع النشاط الاقتصادي".

ويعد "مهرجان الرياض" أحد أهم تلك الفعاليات التي تنظمها الهيئة، حيث كسر ومنذ نسخته الأولى سنة 2019 عتبة الـ10 ملايين زائر، وحصد عائدات بقدر 266.5 مليون دولار. فيما يتوقع المنظمون أن تحقق نسخته الحالية التي انطلقت في الـ20 من أكتوبر/كانون الأول الماضي عائدات بـ1.6 مليار دولار.

هذا وشملت فعاليات النسخة الأولى من مهرجان الرياض نحو 10 معارض عالمية، وأكثر من 350 عرضاً مسرحياً، إضافة إلى معرض ومزاد سيارات عالمية، وأكثر من 70 مقهى و200 مطعم، وبطولة ألعاب إلكترونية، وأكثر من 100 تجربة تفاعلية، وقد توزعت على مساحة تصل إلى 5.4 مليون متر مربع، وعلى 14 منطقة ترفيهية موزعة في أرجاء مدينة الرياض، الأمر الذي يثبت مدى قوة الترسانة الترفيهية للرياض، وأنها أصبحت تقدم نفسها بديلاً للقاهرة وبيروت في ريادة الشأن الفني.

TRT عربي